أضطراب تفاصيل أشهر قصتين للرجم في كتب الصحاح
هناك قاعدة أصولية هامة جدا تقول:
الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال
فهيا بنا أيها القارئ معا لنتابع الأدلة التي وردت في هذا الموضوع:
القصة الأولي: رجم رجل اسمه ماعز:
فقد روي البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم أن رجلا اسمه ماعز بن مال الأسلمي زنا بعد إحصان، فاعترف، فرجمه النبي صلي الله عليه وسلم، وتفاصيل هذه الحادثة (المفتراة) تمتلئ بالتناقض والاضطراب، نذكر من ذلك:
الجزئية الأولي: علم النبي بماعز:
تفصيل الرواية:
فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825) ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143-
ح4419).
"أتي رجل رسول الله وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت"
وتكرر اعتراف ماعز (أربع مرات)، وفي كل مرة يعرض عنه النبي!
إذن فماعز هو الذي بادر النبي صلي الله عليه وسلم باعترافه!!
تفاصيل التناقص:
وروي مسلم بصحيحه أيضا (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281- ح1693/19) هو وأبو داود (سنن أبي داود 4/145- ح4425)، وأحمد (مسند أحمد 1/245، 328-ح2203،3020)، وغيرهم، كلهم من طريق سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعزاً، فقال النبي لماعز:
"أحق ما بلغني عنك؟"، قال ماعز: وما بلغك عني؟ قال بلغني أنك وقعت بجارية ال فلان، قال فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم.
إذن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي بادر ماعز بسؤاله.
والتناقض هنا هو: كيف سيبدأ النبي ص بسؤال ماعز بينما ماعز هو الذي بدأ بالاعتراف؟
تعليق الأئمة:
النووي: الذي قال (قال العلماء: لا تناقض بين الروايات......)!
ثم راح يتخيل كيف يمكن الجمع بين المتضاد، فقال:
"...فيكون قد جئ به إلي النبي صلي الله عليه وسلم من غير استدعاء من النبي وقد جاء في غير مسلم (أن قومه أرسلوه إلي النبي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم للذي أرسله: لو سترته بثوبك يا هزال لكان خيراً لك، وكان ماعز عند هزال، فقال النبي بعد أن ذكر له الذين حضروا معه ما جري له: أحق ما بلغني عنك) إلي آخره" (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: 11/282)
الاستدراك في التعليق:
تغافل النووي عن الروايات بالصحيح الذي يشرحه (وسيأتي بعضها)، وفيها أن ماعزا ذهب للنبي، واعترف علي نفسه أربع مرات والنبي صلي الله عليه وسلم يُعرض عنه في كل ذلك!
فلو كان ماعزاً اعترف علي نفسه لما قال له النبي صلي الله عليه وسلم:
أحق ما بلغني عنك؟
إذ إن هذا السؤال يظهر منه (بداهة):
• مبادرة النبي صلي الله عليه وسلم لماعز، لا بالعكس
• انتفاء اعتراف ماعز للنبي صلي الله عليه وسلم!!
ثم لو كان كلام الرواة حقا لكان معني ذلك هو أن الستر علي الزاني عبادة، وهو ضد نص القرآن.
وكلام النووي فيه أن النبي يعلم هزال الستر علي الزاني يثوبه مع أن واقعة زنا ماعز (بفرض صحتها) هي واقعة اعتراف، ولم يُذكر في أيها أن ماعز ضبطه هزال، أو حتي صحبه عند النبي
الجزئية الثانية: مكان و كيفية الاعتراف
تفصيل الرواية:
فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وغيرهما:
"أن ماعزاً ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، فناداه...."الرواية!
إذن فماعز هو الذي ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد.
تفصيل التناقض:
وروي أحمد بن حنبل في مسنده (1/245،328- ح 2203،3020) ومسلم (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: (11/281- ح1693/19) وأبو داود (انظر سنن أبي داود 4/145- ح4425) والترمذي (سنن الترمذي 4/27- ح1427) والنسائي، وأبو يعلي، والطبراني وغيرهم:
أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعز بن مالك فقال:
"أحق ما بلغني عنك؟"
إذن فالنبي صلي الله عليه وسلم هو الذي سأل ما عزا عندما لقيه!
والتناقض هنا هو:
هل ذهب ماعز إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، أم أن النبي ص هو الذي سأل ماعزا عندما لقيه؟!
تعليق أهل الحديث: لا يوجد!!!!
الجزئية الثالثة: شخصية المرأة المزني بها:
تفصيل الرواية:
فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281- ح1693/19)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/145- ح4425)، وأحمد (مسند أحمد 5/216- ح21383)، وغيرهم: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعلم بشخص المرأة التي زنا بها ماعز، ولذا قال صلي الله عليه وسلم (كما زعموا):
"بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان"!
*فالمرأة المزني بها معروفة هنا للنبي صلي الله عليه وسلم.
تفصيل التناقض:بينما روي مسلم (صحيح مسلم ح 1693)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143- ح4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/216- ح21383)، وغيرهم (كما صححه الألباني) أن النبي ص كان يجهل شخص المرأة التي زنا بها ماعز، ولذا قال له بعد أن شهد علي نفسه بالزنا أربعا:
"إنك قد قلتها أربع مرات، فبمن؟
قال: بفلانة"
*فالمرأة المزني بها غير معروفة هنا للنبي صلي الله عليه وسلم!!
والتناقض هنا هو:لو كان النبي صلي الله عليه وسلم صرح لماعز باسم المرأة لما قال له: بمن؟!!
ولو كان النبي سأل ماعزاً عن شخصية المرأة لما قال لماعز
"بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان"!
وهذا يعمق حقيقة كذب الرواة علي النبي صلي الله عليه وسلم ويكشف كيف أنهم قد ألصقوا له صلي الله عليه وسلم قيامه بالرجم المفتري!
الجزئية الرابعة: اعتراف ماعز بالزنا:
تفصيل الرواية:
فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143- ح4419)، وغيرهم أن ماعزاً قد اعترف بالزنا من المرة الأولي:
"فناداه، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فاعرض عنه حتي ردد عليه أربع مرات......"الرواية!
• إذن فالنبي صلي الله عليه وسلم يعرف جريمة ماعز من أول مرة!
تفصيل التناقض:
بينما روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/284- ح1695/22)، وأحمد وغيرهم:
أن ماعزا جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم أربع مرات كل مرة يقول للنبي: أنه زني!
وفي المرة الرابعة قال له النبي ص : فيم أطهرك؟
فقال: من الزنا
• إذن فالنبي ص لم يعرف بجريمة ماعز إلا بعد المرة الرابعة!!
والتناقض هنا هو:
هل عرف النبي ص بجريمة ماعز من أول مرة، أم أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يعرف بجريمة ماعز إلا بعد المرة الرابعة!!
ولو قال ماعز من المرة الأولي بوقوع الزنا منه لما قال له النبي صلي الله عليه وسلم بعد المرة الرابعة: "فيم أطهرك؟.
الجزئية الخامسة: مجئ ماعز للنبي:
تفصيل الرواية:
فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح 6814،6815،6820،6823،6824،6825)، ومسلم (شرح النووي(11/284- 281- 276- ح1691/1694- 16/1695-20/22)، وغيرهما أن ماعزاً هو الذي أتي النبي ص: "أتي رجل من المسلمين رسول الله صلي الله عليه وسلم"
"جاء ماعز بن مالك إلي النبي صلوات ربي وسلامه عليه"
"أن ماعز بن مالك الأسلمي أتي رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه"
تفصيل التناقض:
بينما روي البخاري، ومسلم (انظر صحيح مسلم بشرح النووي 11/280- 279- ح1692)، وغيرهما أن ماعزا جئ به وأتي به:
"جئ به إلي النبي صلي الله عليه وسلم" ، "أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم برجل قصير"!
وواضح أن هناك من أتي بماعز إلي النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء عند النووي مصرحاً به.
والتناقض هو:
أنه لو جاء ماعز لما قيل جئ به، ولو جئ به لما قيل جاء وأتي وقد مر آنفاً أنه لا جاء، ولا جئ به!!!!
الجزئية السادسة: رد النبي لماعز:
فقد روي مسلم (علي سبيل المثال) في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/280- ح1692/18):
أن النبي صلي الله عليه وسلم رد ماعزاً مرتين ثم أمر به فرجم
تفصيل التناقض الأول:
بينما روي مسلم (أيضا علي سبيل المثال):
أن ماعزا اعترف بالزنا، وأن النبي صلي الله عليه وسلم رده ثلاث مرات (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288- ح1695/23)
تفصيل التناقض الثاني:وبينما روي مسلم في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/275- ح1691/15)
أن النبي صلي الله عليه وسلم ردٌ ماعزاً أربع مرات! وفي رواية أنه رده مراراً.
والتناقض هو:هل كان الرد مرتين أم ثلاثاً أم أربعاً؟
الجزئية السابعة: اعتراف ماعز:
تفصيل الرواية:
فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح 6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276 – ح1691/16)، وغيرهما،
أن ماعزاً اعترف علي نفسه بالزنا أربع مرات في يوم واحد، يُعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم فيتنحي ماعز تلقاء وجهه ويعترف بالمرة التالية وهكذا.
تفصيل التناقض:بينما روي مسلم في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح1695/23)، وغيره أن كل اعتراف كان في يوم بخلاف اليوم الآخر:
"...فرده، فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد زنيت، فرده الثانية"، ثم: "فأتاه الثالثة"، وهكذا
والتناقض هنا هو:
هل كان الاعتراف مجزءاً علي أربعة أيام أم كان في يوم واحد؟!
الجزئية الثامنة: ماذا قال ماعز للنبي:
تفصيل الرواية:
فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/284 – ح1695/22)، وأحمد والدارقطني، وغيرهم أن بعض الصحابة قالوا:
"ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فوضع يده ثم قال: اقتلني بالحجارة....."
تفصيل التناقض:وروي أبو داود (سنن أبي داود 4/144 – ح4420)، وأحمد والدارقطني، وغيرهم أن ماعزاً لما وجد مس الحجارة صرخ براجميه قائلا:
يا قوم ردوني ألي رسول الله فإن قومي قتلوني، وغروني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صلي الله عليه وسلم غير قاتلي"!
والتناقض هنا هو:لو كان ماعز قال: "اقتلني بالحجارة "لما قال إن قومه غروه، ولو كان قومه غروه لما كان قال للنبي صلي الله عليه وسلم "اقتلني بالحجارة"!
وقد حسن الألباني رواية صراخ ماعز براجميه
الجزئية التاسعة: حفروا لماعز أم لم يحفروا له:
تفصيل الرواية
فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281 – ح1694/20) وغيره عن أبي سعيد الخدري قوله:
"فما أوثقناه ولا حفرنا له"
وروي البخاري، ومسلم، وغيرهما هرب ماعز أثناء الرجم، وإدراك راجميه له!
تفصيل التناقض:
وروي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح 1695/23)، وغيره:
"فلما كان الرابعة حفر لهُ ثم أمر به فرُجِم"!!
والتناقض هنا هو:
هل حفروا لماعز وأوثقوه أم لم يحفروا له ولم يوثقوه؟!
وواضح هنا التناقض الرهيب بين الروايات الصحيحة بالصحيحين، والتي ترتب عليها تفرق الخلف:
• فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم: لا يحفر للمرجوم والمرجومة
• وقال أبو حنيفة في رواية أخري (والظاهر أنه بعد أن بلغه الحديث الآخر) هو قتادة وأبو يوسف، وأبو ثور: يحفر لهما!..فعلي المذهب الحنفي: يُحفر للمرجوم، ولا يُحفر للمرجوم!!
• وقال بعض المالكية "يحفر لمن يرجم بالبينة ولا يحفر لمن يرجم بالإقرار".
• وقال الشافعية: لا يحفر للرجل سواء أقر أم أقيمت عليه البينة!
أما المرأة فقد صاروا فيها ثلاثة مذاهب:
الأول: "يستحب الحفر لها إلي صدرها"
الثاني: "متروك الحفر وعدمه لاختيار الإمام"
الثالث: إن ثبت زناها بالبينة استحب الحفر لها، وإن ثبت بالإقرار فلا يستحب الحفر لها"
"فمن قال بالحفر لهما احتج بأنه حفر للغامدية وكذا لماعز في رواية...،ثم:
"وأما من قال لا يحفر فاحتج برواية من روي(فما أوثقناه ولا حفرنا له)"
وعقب النووي بقوله: "وهذا المذهب ضعيف"، ونقله عنه ابن حجر دون إعلان!
تعليق مؤلف البحث: بل مذاهبكم (في قبول الرواية مع إغفال آيات القرآن) هي الضعيفة، بل والباطلة، فإن شرط الأول والأخير لقبول الرواية هو موافقتها لكتاب الله تعالي.
الجزئية العاشرة: كيف مات ماعز:
تفصيل الرواية:
فقد روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281 – ح 1694/20)، وأبو داود، وأحمد، وغيرهم:
أن رجمة ماعز رجموه بجلاميد الحجارة حتي سكت، وذلك بعد أن جري واشتد في الجري وأدركوه!
تفاصيل التناقض:
بينما روي أبو داود (سنن أبي داود 4/143 – ح 4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/721 – 21383)، وابن أبي شيبة، وغيرهم:
أن ماعزا جري واشتد حتي أعجز أصحابه، فلقيه عبد الله بن أنيس فنزع له بوظيف بعير، فرماه به فقتله.
والتناقض هو:
لو كان كما جاء في صحيح مسلم، ماعز حُفر له فكيف جري؟!............
وبمعني أوضح: حفر له أم جري؟!!....أم ماذا جري يا هل تري؟!
الجزئية الحادية عشرة: موقف النبي من التنفيذ
تفصيل الرواية:فقد روي البخاري ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/279 -281 –ح 1692/17 – 1694/21)، وغيرهما أن النبي قال بعد أن رجم ماعز:
"إن الله لا يمكنني من أحد منهم (الزناة) إلا جعلته نكالاً"
تفصيل التناقض:
بينما روي أبو داود (سنن أبي داود 4/143 – ح 4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/721 – ح 21383)، وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال بعد أن علم بمحاولة ماعز الهرب من الرجم:
"هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه"
والتناقض هنا هو:
واقع بين ما نُسِبَ للنبي ص (بزعم الرواة)، علما بأن رواة رواية تمني النبي ص ترك ماعز هم رجال مسلم علي قول الألباني وغيره!!
عزيزي القارئ:
هذه (جملة) من المتناقضات، وتركت الكثير غيرها مما هو علي نفس الشكل والنمط حتي لا تصاب بالملل، وأعلم أن من يصدق روايات معاذ فهو يصدق بالشئ وعكسه، ويصدق وهماً وخيالاً، واشتري من الرواية بضاعة مزجاة!!!
وقد يدرك اللبيب علي الفور أثر ما قلناه، ما تركه لنا بعض الخلف من تزوير وتحريف في شرائع الله وفي أقوال رسوله صلي الله عليه وسلم، فكانت كل الأقوال المتضاربة التي سبقت ما هي إلا نتيجة طبيعية للباطل الذي تركه بعضهم وليس جميعهم لنا، والذي ألصقوه ظلما وبهتانا لرسوله الكريم.
واعلم أن هؤلاء في هذه الحادثة فقط قالوا:
* اعترف ماعز بالزنا ابتداءً، واستدرجه النبي ابتداءً!!
* وأتي ماعز النبي بالمسجد فاعترف له، واعترف عندما لقيه في الطريق!!
* وكان النبي يعلم المرأة المزني بها وكان لا يعلمها!!
* واعترف بماعز بعد المرة الرابعة، واعترف من المرة الأولي!!!
* وأتي به، ورده النبي مرتين، ورده ثلاثاً، ورده أربعاً!!!
* واعترف ماعز أربع مرات متتالية في يوم واحد، واعترف أربع مرات كل يوم
مرة
• وكان ماعز يعلم أن عقوبته بجلاميد الحجارة، ولم يكن يعلم!!
• ومات بصخور الرجمة، ومات بعظمة بعير ضربه بها عبد الله بن أنيس!!
• وتمني النبي هرب ماعز، ولم يتمن!
هذا وقد قام الشُراح بتلفيق جل هذه البلايا!!
عزيزي القارئ: نعود إلي القاعدة الأصولية التي أوردناها من قبل، فكم عدد الإحتمالات التي تقوم علي فساد تلك الروايات وبطلانها؟؟....ألم يسقط بها الإستدلال ألف مرة ومرة علي أن كون هذا التشريع المفتري من عند الله؟... ..بلي وحاشي لله.
ولو اقتصر الخلف علي الروايات التي لا تخالف الكتاب، ولا تشرع، ولا تأتي بها عقائد مع عدم إلزام الرسول بها.
ولو أنهم قد اقتصروا علي المعاني الطيبة في بعض الروايات، والتي هي من جنس الحكم، وفضائل الأعمال مثل قول:
النطافة من الإيمان
وقول: المسلم أخو المسلم
وقول: إن المرء يكذب ويكذب ويتعمد الكذب حتي يُكتب عند الله كذاباً.
وقول: النساء شقائق الرجال....
وما إلي ذلك من أقوال تُساهم في جمع شمل فئات المواطنين، ولا تخالف آيات الله، وتندرج تحتها، وتكون الهيمنة في جيمع الأحوال لكلام الله. فلو كان ذلك قد حدث لما حدث تناقض أبدا، ولا تضاد مع كتاب الله.
إلا أن القوم أبوا سلفاً وسيأبون إلا الإيمان بكل ما يصح سنده بحسب مذاهبهم في القبول والرفض، وسيؤمنون بها مع نهي الله لهم، ثم سيلصقونها للنبي ص، وهي كما يبدو وبدا وسيبدو مما زاده اليهود، والشيعه والبدو، والمنافقون، وأرباب السياسة....الخ.
وسيفرح بها أعداء الإسلام ليشنأوا بها علي الإسلام، وبعداً لهم.
هذا وقد جاء بالروايات كما عند البخاري ومسلم أن النبي ص قال:
"أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس"
وهكذا من أفسد من قبل، فهو يصور الزنا علي أنه كان فاشياً في كل غزوة، وهذا غير صحيح، ويصور النساء المؤمنات (عيالنا) بصورة تليق بعقلية الرواة، فهن جاهزات دوماً للانحراف..حاشى لله ثم كلا ثم نستغفر الله ثم حسبنا الله ونعم الوكيل!
وقد يقول لنا بعض قراء هذه المقالة (إسكُتْ هُسْ!)، يبدو أنك تنكر سنة حبيبك الرسول صلي الله عليه وسلم!!!.....
حسنا فليتهمونا!!..فلن نأبه بكلامهم ولن نسكت ولن نهُسْ، ولسوف نري من فينا هو المنكر الحقيقي لسنة الرسول صلي الله عليه وسلم، فإن قرآننا فوق كل الكتب وسنة نبينا الحقيقية فوق كل السنن الزائفة، والحق فوق كل إعتبار.
القصة الثانية: رجم امرأة يطلق عليها الغامدية:
لقد سردت مثالب قصة ماعز بالتفصيل ولكنني سوف أذكر علي عجالة بعضا من قصة ما يطلق عليها بالغامدية!! وللقارئ أن يجتهد ويبحث إذا طلب المزيد من التفاصيل، فهذا يعتبر من حقه بل من واجبه أيضا.
1- هل ماتت الغامدية قبل فطام الصبي أم بعده؟
تفصيل الرواية:
فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح 1695/23)، وغيره أن النبي ص قال للغامدية:
"إذهبي فأرضعيه حتي تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلي رجل من المسلمين،...."!
إذن فالنبي ص ترك الغامدية حتي كبر ابنها وفطمته!!
تفصيل التناقض:
بينما روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/291 – ح 1696/24)، هو وغيره أن النبي ص لم يهمل الغامدية حتي تفطم طفلها:
"لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعة يا نبي فرجمها"
والتناقض هنا هو:
هل ترك النبي الغامدية حتي أرضعت ابنها وكبر وفطمته؟!
أم ان النبي لم يُمهل الغامدية حتي ترضع طفلها وتفطمه وأسلمه للأنصاري ليكفل رضاعته؟!
وباختصار: من الذي أرضع الصبي؟!!
تلفيق الشراح:
النووي
"فهاتان الروايتان ظاهرهما الإختلاف فإن الثانية صريحة في أن رجمها كان بعد فطامه وأكله الخبز والأولي ظاهرها أنه رجمها عقب الولادة ويجب تأويل الأولي وحملها علي وفق الثانية لأنها قضية واحدة والروايتان صحيحتان والثانية منهما صريحة لا يمكن تأويلها والأولي ليست صريحه فيتعين تأويل الأولي ويكون قوله في الرواية الأولي قام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه إنما قاله بعد الفطام وأراد بالرضاعة كفالته وتربيته وسماه رضاعا مجازا"
وليس بعد هذا أيها القارئ من ظهور لمذهب التبرير الذي حدا بالنووي إلي وجوب التأويل، ويتعين التأويل، وَلي أعناق الكلمات والجمل للوصول إلي حل للإشكال القائم بتضاد الروايات....فتأمل!
2- هل حفروا للغامدية أم لا..؟!
تفصيل الرواية:
فقد روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288- ح 1695/23)، وغيره أن النبي ص قد حفر للغامدية إلي صدرها وأمر الناس فرجموها:
"ثم أمر بها فحفر لها إلي صدرها وأمر الناس فرجموها!
تفصيل التناقض:بينما روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/291- ح 1696/24) هو وغيره أن النبي ص لم يحفر لها إلي صدرها وإنما أمر بشك ثيابها عليها ثم أمر الناس فرجموها!
"ثم أمر نبي الله ص فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرُجمت"
والتناقض هنا هو:
هل حفر النبي ص للمرجومة إلي صدرها وأمر الناس فرجموها، أم أن النبي لم يحفر للمرجومة وإنما اكتفي بشك ثيابها عليها؟
هذا وقد تباينت أقوال أهل الرواية في الحفر من عدمه، فنجد مثلا:
• تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي: "يحفر للمرأة لا للرجل، إلي أن قال: "...ولأنهما ربما تضطرب إذا أصابتها الحجارة فتبدو أعضاؤها وهي كلها عورة فكان الحفر أستر لها بخلاف الرجل ولا بأس بترك الحفر لها لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك...".
• نسب الرواية للزيلعي الحنفي: "قوله: وإن ترك الحفر لا يضره، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك قلت: هذا ذهول من المصنف وتناقض، فإنه تقدم في كلامه أنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية، وهو في مسلم".
• العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي: وإن حفر لها في الرجم جاز، لأنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية إلي ثندوتها، وحفر علي رضي الله عنه لشراحة الهمدانية وإن ترك لا يضره لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك وهي مستورة بثيابها، والحفر أحسن، لأنه أستر ويحفر إلي الصدر لما روينا"
• الجوهرة النيرة للعبادي الحنفي: "وأما المرأة فإن شاء الإمام حفر لها، لأنه عليه الصلاة و السلام حفر للغامدية إلي ثندوتها، وحفر علي رضي الله عنه لشراحة الهمدانية وإن ترك لا يضره لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك وهي مستورة بثيابها، والحفر أحسن، لأنه أستر ويحفر إلي الصدر لما روينا".
• الجوهرة النيرة للعبادي الحنفي: "وأما المرأة فإن شاء الإمام حفر لها لأن النبي ص حفر للغامدية لأن الحفر استر لها مخافة أن تنكشف وإن شاء لم يحفر لها لأنه يتوقع منها الرجوع بالهرب".
• فتح القدير لأبن الهمام الحنفي: "وإن حفر لها في الرجم جاز، لهذا ولذلك حفر عليه الصلاة والسلام للغامدية..." إلي أن قال: "...وإن ترك الحفر لم يضره...إلي أن قال: "...وذكر الطحاوي صفة الرجم أن يصفوا ثلاثة صفوف كصفوف الصلاة كلما رجمه صف تنحوا...."
أرأيت عزيزي القارئ ما مدي التباين والإختلاف، وإلي أي حد وصل؟ ألم يكف كل هذا لدحض هذه الفرية العظيمة؟..ولكن سوف نستمر حتي نكون قد أرحنا ضمائرنا وبلغنا هذه الرسالة حق تبليغها.....