الحلم بالحوار/ مصطفى ابراهيم
5/2/2013
أصبح حوار المصالحة بالطريقة القائمة عليه والمواعيد غير المقدسة مسألة خارقة نركض خلفها كأنها ستقدم لنا المن والسلوى، وستجمعنا على “قلب رجل واحد”، وننتظر تفاصيله الكاذبة منذ نحو ستة اعوام، ونحن نعلم انهم يبحثون عن مستقبل غامض، وعندما يبدأ الحوار من جديد يكتشف الناس انهم أمام تحديات كبرى، وفي مواجهة حقائق مرة أولها عدم قناعة الطرفين بحق الاخر في الشراكة، وبرغم وجود كل المبررات للتحاور الجدي وإعادة اللحمة ولملمة ما تبقى من نسيج مجتمعي مفكك، ووطن ينهب من احتلال عنصري فاشي، ورسم خارطة جديدة مختلفة عن ما يجري من تفرد وإقصاء وعدم قبول الاخر.
كل مرة احاول أن أقنع نفسي بعدم جدوى الكتابة عن الحوار الواقع بين عديد التصريحات المحبطة، وبين الكلمات المنمقة والجميلة، وبين الشروط والاملاءات ونقاط الاختلاف أكثر من نقاط الالتقاء، ولا اجد سوى اللون ” الفحلقي” (هذا لون لا وجود له، هو مصطلح تهكمي يستخدمه دائما احد الاصدقاء للتعبير عن أي شيئ لا يعجبه)، الذي يسعى لان يصنع من الحوار مادة لتقطيع الوقت وللمناكفات، وصولا للمحاصصة ومأسسة الانقسام. هذا امتداد لعشرات الجلسات والمؤتمرات واللجان التي بدأت عملها منذ عدة سنوات وربما ستبقى إلا ما لا نهاية، فنحن خلقنا مفهوما منذ زمن للحلم بالحوار، للعب بالناس والمصلحة الوطنية، ونكتشف كل مرة كيف اعدنا كتابة تاريخنا بطريقة تتناسب مع مصلحة كل طرف لخدمة مشروعه ورؤيته مع استمرار بؤس وشقاء الناس وهمهم اليومي. ونحن من اخترع حوار ممتد على قياس مساحة حكم كل “إمارة” من الامارتين، ويحاول كل طرف تنفيذ مشروعه على حساب مشروع الوطن، ورسم تكتيكات حزبية جديدة بدلا من رسم استراتيجية وطنية تضم الكل الفلسطيني، فالحوار لن يكون خروجا من الازمة بل هو تكريس للازمة، لأنه يجمع رؤى مختلفة ومتناقضة تهدف كل واحدة منها على ايهام الناس بان انهاء الانقسام يكون بالانتخابات وتشكيل الحكومة. هو حوار من دون أفاق لمشروعنا الوطني التحرري للتخلص من الاحتلال وإقامة الدولة، فكيف نستمر بعبثية الحوار والاحتلال ماض في تشديد الحصار والخنق و القتل وتهويد القدس وبناء المستوطنات وتنفيذ مشاريعه وسياساته وإملاء شروطه، وعرقلته لأي تقدم في المصالحة، وينفذ ما يسمى حملة قص العشب واعتقال النواب في المجلس التشريعي، ويهدد بالمزيد، والحوار يظل من دون أمل. نحن مطالبون بالبحث في نوايا وتفكير كل طرف من اطراف الانقسام، ربما سنبحث من جديد في مرجعية الطرفين، وملامح التحولات الاقليمية في ما يسمى بدول الربيع العربي، فلا الرئيس محمود عباس قادر على اقناعنا ببرنامجه ورؤيته وعبثية مشروعه القائم على المفاوضات حتى النهاية، ولا حركة حماس وطموحها بالاستئثار بالنظام السياسي الفلسطيني وفشلها بتقديم نموذج الحكم الصالح. من يريد الحوار من اجل انهاء الانقسام بشكل استراتيجي وليس تكتيكي، عليه مغادرة رؤيته الخاصة وحوار الفنادق الفارهه بالقاهرة، ويحضر الى ارض فلسطين الى غزة المحاصرة والمخنوقة بالفقر والظلم والبطالة والموت اليومي والمهددة بالعدوان في كل لحظة، وتحدي المحتل والاستيطان في الضفة الغربية، والتحاور في رام الله ونابلس والخليل، وعقد مؤتمرات المصالحة الوطنية والمجتمعية. لا تنتظروا انتهاء ازمة مصر، ولا الضوء الاخضر الامريكي وموافقة الرباعية الدولية والاقتراب من شروطها، ورضا دولة الاحتلال وضماناتها لإجراء الانتخابات، فالحوار يبدأ على ارض الواقع بمؤتمر وطني عام، اشعروا الناس في الوطن والشتات انكم معهم وجادون من اجل اتمام المصالحة الوطنية القائمة على الشراكة، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني والثوابت الوطنية. Mustafamm2001@yahoo.com
mustafa2.wordpress.com