خانوا أسماءهم ..!
" جريدة الرؤية العمانية "
إننا في عصر الدروس والعظات والعبر بامتياز ، للعاقل الذي يتعظ ، لضمائر تعتبر من حركة التاريخ وسقوط وقيام مماليك ليس في غمضة عين بل بهمّة شعب ، في زمن احتشدت فيه قيم ومبادئ حية وأخرى ميتة كانت تصول وتجول بمرأى من الجميع ..
في خبر قصير عن صحة الرئيس إسرائيل الأسبق " آرئيل شارون " التي هي من تدهور إلى تدهور ؛ حيث اضطر الأطباء الإسرائيليون إلى استئصال أجزاء من أمعائه بعد إصابتها بالعفن والغرغرينا ، والمعروف أن شارون أصيب بجلطة دماغية ، وشلل تام ، لا يستطيع معه أن يحرك حتى جفون عينيه ، وينتظر أن يتم استئصال أجزاء جسده الواحد تلو الآخر وهو حي ..!
أليس هو ذات الجسد الذي كان في زمن مضى يستمتع بشهوة دموية وهو يتفرج على جثث الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الفلسطيني وهي أشلاء متناثرة طرية الدماء والحزن ، ولكن في الزمن الآني على ما يبدو لقد خانه جبروت جسده ، خانه حتى الحياة ؛ تنفيذا لعدالة الرب ..!
و لكل من يتابع نتائج " الثورة المصرية " سيحتشد دروسا مستفادة ، عن ممالك تعلو ومن ثم تسقط ، عن التاريخ الذي يخلد من يخلد بشرف ويطعن من يطعن بانكسار لا يبرأ ، ووحدهم من زجوا بأنفسهم في قلب التاريخ بطرق ملتوية سيدفعون أثمان وجودهم بطريقة أو بأخرى ، في زمن يثبت لنا أن ليسوا وحدهم الأحرار والمعدمين يدفعون ضرائب كرامتهم بل من داسوا على كرامتهم وسلبها منهم دون وجه حق ، هم من سيُدفعهم الزمن الثمن النفيس ، الزمن العادل ، الحي ، إن آجلا أم عاجلا ..!
لكل من يحدق إلى " أصحاب البشوات " خاصة ؛ أولئك الذين نهبوا مصر وثرواتها طوال تلك الحقب التي خلت تنتابه مشاعر عدة ، منها أن الطيور على أشكالها تقع ، وأن من كانت جيوبه ثقيلة ستكون مرقعة يوما ، والدرس الأهم أن الله يمهل ولا يهمل ..
لفت نظري وأنا أتابع كالآخرين آخر تطورات محاكمة الرئيس السابق " حسني مبارك " وحرمه ونجليه وحاشيته من الوزراء الذين لعبوا في ثروات مصر وخيراتها بلا أدنى وخز للضمير ، قضية " الأسماء " خاصة تلك التي يحملها تابعي الرئيس المتنحي وهم : " أحمد نظيف " وهو رئيس الوزراء المصري السابق ، و" حبيب العادلي " وزير الداخلية السابق و" يوسف بطرس غالي " وزير المالية السابق ، وأمين التنظيم الأسبق في الحزب الوطني " أحمد عز " ورئيس مجلس الشورى السابق " صفوت الشريف " ووزير البترول الأسبق " سامح أمين " .. وعند التدقيق نجد أن أسماؤهم كالتالي " نظيف " ، " العادلي " ، " غالي " ، " عز " ، الشريف " ، " أمين " ..!
يقال في معاجم اللغة العربية أن " لكل امرئ من اسمه نصيب " ؛ ولكن ما حدث لحاملي تلكم الأسماء أعلاه سيحرضّنا على سؤال مهم : هل من الممكن أن تخون الأسماء حامليها ؛ تخونها لدرجة الخذلان ..؟!
وبالتأمل سندرك بأن الأسماء براء ، ومن أطلق على هؤلاء هذه الأسماء أيضا براء ، بل هم من شوّهوا الأسماء التي يحملونها ، أسماء آبائهم وأجدادهم ، وسيذكر التاريخ جيدا هذا التشويه ..!
والمدهش حقا ؛ أن كل واحد من هذه الجوقة بأسمائهم الملتصقة بهم كأنما وضعوا في مكان جُرم المناسب ، فعلى سبيل المثال وزير الداخلية " حبيب العادلي " الذي وضع في مركز حساس جدا من أجهزة الدولة ؛ فلا كان عادلا يوما ولا حبيبا من قائمة الشعب ..!
و" أحمد عزّ " الذي تلاعب مع من تلاعب في ترشيحات الشأن الوطني لم يكن ذا عز وأنفة يوما تجاه وطنه وأبنائه ..! و" صفوت الشريف " الذي خان الشرف ، " وأحمد نظيف " الذي كان تضاد اسمه كليا ، و" سامح أمين " الذي خان الأمانة بسماحه لـ " حسين سالم " رجل الأعمال الهارب من الحصول على منافع مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار ..!
في متابعتي لقوائم هذه الأسماء لهؤلاء الأشخاص ، تكونت لدي حساسة غريبة من الأسماء ، التي قد يخونها أصحابها ويلطخها بمستنقع مرير لا خلاص له منها ..
خانوا أسماؤهم ، وخانوا أوطانهم ، وخانوا ضمائرهم ، ومن خان لا يخون الآخر بل يخون نفسه ؛ فما أكثر خياناتهم في حق أنفسهم ..!
أقول هذا .. وأنا أتأمل اسم " عصام شرف " ؛ فعسى من رشحته " الثورة " أن يكون حاملا الشرف إلى أهل مصر الكرام بعدما نسوا مذاقه ..!
ليلى البلوشي
__._,_.___