موضوع للمناقشة / بين الحب والصداقة
الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
عن هذا الموضوع قرأت الكثير مما قيل وكتب عنه ، ومع تجربتي الشخصية في هذين المجالين يمكن اختصار الحديث عنه بالاتي :
يرى البعض أن هناك فروقا بين الحب والصداقة ويتساءلون هل يمكن أن يكون الحبيب صديقا .... والصديق حبيبا ؟ هناك آراء حول هذه الموضوع :
فهناك من يعتقد أن الصداقة الحقيقية الصافية الخالصة والتي تصل إلى مرحلة الحب في الله ، هي نبع دائم لا ينتهي ، أما الحب – وان كان صادقا - قد يخفت أو يتوقف أو ينتهي ، وإذا عاد قد لا يعود إلى سابق عهده من النقاء والصفاء والصدق والإخلاص والعمق ..
ويشبه البعض الآخر الصداقة بأنها شجرة عميقة الجذور بينما الحب غصنا من شجرة أو زهرة في غابة من شجر ..
وهناك آخرون يرون احتمال تحول الصداقة إلى حب ولا يعتقدون بتحول الحب إلى صداقة معللين ذلك بأنه لا يمكن أن يصبح الحبيب مجرد صديق لان من نحبه نريده لنا وحدنا بينما الصديق هو ملك للجميع ، وأنا شخصيا لا اتفق تماما مع هذا الرأي ولدي تحفظ عليه تاركا التفاصيل لأرائكم وأفكاركم ..
الرأي الرابع يصنف الصداقة إلى درجات من حيث صدقها وعمقها وجديتها فنرى صديقا مقربا نأتمنه حتى على أسرارنا ونضع ثقتنا فيه بشكل مطلق وهكذا تتدنى المستويات الأخرى تبعا لصدقها ودرجة الثقة فيها ، ويضيف أصحاب هذا الرأي بان القريب اليوم قد يصبح بعيدا غدا أو العكس تماما ، بينما في عشيرة الحب – على حد تعبيرهم – لا نجد مثل هذا التصنيف لان الحب درجة واحدة فإما أن تحب أو لا تحب ، ولا يمكن أن تحب إنسانا ثم يخفت هذا الحب تدريجيا ، وإما أن يكون الحب صادقا قويا أو لا يكون أطلاقا .. أي لا أنصاف في الحب أو أرباع أو أجزاء .. ولنا رأي أيضا حول هذا التصنيف ، لكني ساترك ذلك لزملائي فهو متروك للمناقشة والرأي ..
أما أنا فأحبكم جميعا بلا رتوش أو تبرج أو تظاهر ، بل هو إيمان متجذر في القلب والروح وأنا صديقكم أيضا من دون درجات أو هوامش بل هي نزعة متأصلة في دمنا وأخلاقنا وروحنا والتجربة اكبر برهان .. فعندي الحب واحد والصداقة واحدة لأنه حب في الله ولأنها صداقة في الله .. ومثل هذا الحب ومثل هذه الصداقة لا يمكن أن يخفقا أو يخفتا ما دامت جذورهما متأصلة في أعماق الضمير وهاماتهما مرتفعة إلى عنان السماء ...
في اعتقادي أن مثل هذه القيم إذا ما سادت قوما أو جماعة فانه الله سيأخذ بأيديهم نحو الرفعة والرقي والتوحد والقوة وسعينهم على غلبة الــــشر في كل زمان ومكان ..
دعائي لكم ولكل إنسان محب أو صديق أن يلبسنا الله جميعا رداء التقوى والأيمان والصحة والحب الصادق وان يمنحنا القوة وصفاء النفوس والقلوب والضمائر كي نسير على درب واحد وإرادة واحدة وننتصر على الشر بإذنه تعالى ..
حلب في 13 نيسان 2009