التجديد والتيسير الذي يقدمه المنهج القياسي/د. عبد العزيز غانم
============================

السلام عليكم

لم أكن لأفكر أن أكتب هذه الورقة لولا ما أثاره الأستاذ الفاضل غالب الغول من ملاحظات حول مصطلحات القياسي التي بدت وكأنها كثيرة ومعقدة بينما هي في حقيقتها قليلة وسهلة وبسيطة.

وبالطبع فإنني أشكر له هذه الملاحظة الهامة لأنها تتيح لي الفرصة لرؤية بعض الجوانب التي قد تبدو للناظر في غير صورتها الحقيقية وبالتالي تتيح لي الفرصة لتوضيح ذلك وإزالة هذا اللبس وهذه الغيوم حول الصورة لإظهارها بصورتها الحقيقية الواضحة.

ونستطيع أن نتساءل : ما هو الجديد الذي يضيفه المنهج القياسي وما هو التيسير الذي يقدمه؟؟

أما الجديد فهو تنظير اشتقاق البحور بطريقة تجعل العروض الخليلي واضحا خاليا من اللبس والغموض بحيث إذا ما جاء أحد بنظرية تخالف منهج الخليل يتم اكتشاف المخالفة على الفور ويتعسر على صاحبها تمريرها وكأنها تتفق مع منهج الخليل وعندئذ فليس لصاحبها من بد للاعتراف بالمخالفة.

كذلك فإن النهج القياسي يعمل على تنظير التغييرات التي يجوز دخولها إلى التفعيلات بطريقة واضحة يتعسر معها اختراع تغييرات جديدة وإقحامها في منهج الخليل وكأنها تتفق معه.

وتفصيل هذا الجديد قد نتناوله في ورقة مستقلة إن شاء الله.

أما في هذه الورقة فسوف نتناول جوانب التيسير في المنهج القياسي الذي يقدمه للدارس الذي يرغب أن يبتدئ بدراسة العروض وأن يتقنه.

المنهج يقدم تيسيرات كبيرة في أهم نواحي العروض التي يكثر فيها اللبس والتي يتعسر فيها الحفظ فتيسره وتجعله سهل الاستنباط وهذه المجالات هي :

أولا - استدعاء أوزان البحور : فهذه تعتبر واحدة من أهم مشكلات المبتدئين في دراسة العروض إذ تختلط عندهم الأوزان فلا يستطيعون التيقن من صحة الأوزان التي يحفظونها إذ قد تخونهم الذاكرة في كثير من الأحيان وبخاصة في دائرة المشتبه التي يتم خلط التفعيلات فيها بطريقة تحتاج إلى ذاكرة قوية , وإلى تركيز شديد.

أما في القياسي فيستطيع استنباط وزن البحر فورا مع التيقن من صحة الوزن وذلك من خلال الاسم القياسي للبحر ، إذ يعطي القياسي أسماء نظامية للبحور تيسر استنباط أوزانها بكل يقين وثقة.

ونكتفي بضرب مثالا واحدا :

فمثلا حين يريد الدارس أن يستحضر وزن بحر الخفيف على سبيل المثال ؛ فلا سبيل إلى ذلك تقليديا إلا أن يكون حافظا له عن ظهر قلب ، أما في القياسي فإنه يستنبطه من خلال الاسم ؛ فبحر الخفيف يسمى قياسيا : (القلب مفروق الوسط) وهذ ا يعني الآتي :

منظومة القلب = 232 232 232
ومفروق الوسط = 232 32’2 232
وبالنظر إلى هذه الصورة نستنبط أنها = فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن

وهكذا تستنبط أوزان جميع البحور بمجرد معرفة المنظومات وإجراءاتها.

ثانيا - التغييرات التي تدخل التفعيلات من زحافات وعلل :

هذه أيضا تشكل صعوبة أخرى في المنهج التقليدي ؛ وهنا أدرج المصطلحات التقليدية الخاصة بالتغييرات فقط لندرك ماذا قدم القياسي من تيسير في هذا المجال ، فالتغييرات في التقليدي يجب أن تكون محفوظة عن ظهر قلب حتى يمكن استعمالها وفهم المراد نها وهي كالآتي :

1- القبض
2- الكف
3- الخرم
4- الخزم
5- الثلم
6- الثرم
7- الحذف
8- الخبن
9- الشكل
10- القصر
11- القطع
12- الطي
13- الخبل
14- التذييل
15- العصب
16- العقل
17- النقص
18- العضب
19- القصم
20- العقص
21- الجمم
22- القطف
23- اإضمار
24- الوقص
25- الخزل أو الجزل
26- الحذذ
27- الترفيل
28- الخرب
29- الشتر
30- التسبيغ
31- الكسف أو الكشف
32- الوقف
33- الصلم
34- التشعيث
35- البتر

فهذه خمسة وثلاثون تغييرا تحتاج إلى الحفظ عن ظهر قلب وتحتاج إلى التركيز لعدم الخلط بين مدلولاتها المتقاربة وألفاظها المتشابهة في كثير من الأحيان ، هذا بخلاف التغييرات المركبة من ألفاظ مزدوجة في التقليدي ؛ وهنا يتضح مدى التيسير الذي يقدمه المنهج القياسي ؛ إذ أنه يكفي الدارس أن يلم بالعشرة تغييرات الأساسية في القياسي التي تشمل جميع التغييرات من زحافات مفردة ومزوجة وعلل نقص وزيادة وعلل جارية مجرى الزحاف ؛ فهذه خمسة أقسام من التغييرات تحتويها جميعا العشرة تغييرات الأساسية في القياسي.

وبعد ذلك يمكن التعبير عن عشرات التغييرات المركبة من خلال هذه العشرة التي لن نحتاج إلى غيرها ، ونضرب بعض الأمثلة لذلك :

فمن العشرة الأساسية نجد مثلا بعضها كالآتي :

1- التخفيف (ف) : وتعني تخفيف السبب الثقيل بالتفعيلة.
2- التعجيل (ل) : وتعني مزاحفة أول السببين في التفعيلة.
3- التأخير (ر) : وتعني مزاحفة آخر السببين في التفعيلة.
4- التزويج (ج) : وتعني مزاحفة كلا السببين في التفعيلة.
5- الخصم (م) : وتعني حذف الحرف الأخير من التفعيلة وتسكين ما قبله.
6- الشطب (ط) : وتعني حذف الوحدة الأخيرة من التفعيلة وتسكين ما قبلها.

وهكذا إلى آخر العشرة تغييرات القياسية الأساسية.

أما التغييرات المركبة فلا تحتاج إلى حفظ وإنما يمكن لتلميذ الابتدائي استنباطها من نفس التغييرات الأساسية العشرة هكذا :

فمثلا اجتماع الخصم (م) مع التعجيل (ل) يشتق له اسما من الحرفين الرامزين وهما (م) و (ل) وبذلك يسمى الململة ؛ وكذلك إذا عرفنا أن هناك تغييرا مركبا يسمى الطمطمة مثلا لعلمنا فورا أن حرف (ط) يعني الشطب وحرف (م) يعني الخصم ؛ إذن فتغيير الطمطمة يعني اجتماع الشطب والخصم.

وهكذا إن سمعنا تغيير المرمرة علمنا أنه (م) و (ر) وهذا يعني اجتماع الخصم (م) والتأخير (ر) ؛ وهذا كله يستنبط من العشرة الأساسية لا أكثر.

وهكذا مهما كثرت التغييرات المركبة فلن نحتاج إلى حفظ مدلولاتها ولا ألفاظها لأنها تستنبط كلها بسهولة من العشرة ، وبذلك فلا تعد كثرتها عبئا على الدارس بل تعد بما يشبه التسلية لا أكثر.

ولا أنسى توجيه الشكر لأخي الأستاذ غالب لإثارته هذه الملاحظة الهامة التي دفعتني لإلقاء الضوء على حقيقة الأمر.

وإلى لقاء آخر إن شاء الله

دمتم بخير