[
قاتلة ابن دارة
اسمه سالم بن مُسافع بن يربوع الغطفاني القيسي،
وأُمّه دارة من بني أسد، نسب ابنها إليها، ونسبة الرجل إلى أمه كانت شائعة في القديم،
وهو شاعر مخضرم بين الجاهلية والإسلام، وكان شاعراً هجّاءً،
وكان أخوه عبد الرحمن شاعراً أيضاً.
وقع شر بين ابن دارة وبين مُرّة بن واقع، وكان أحد وجوه بني فزازة،
وسبب وقوع العداوة بينهما أن مُرّة طلّق امرأته ثم أراد أن يعاودها،
ولكن رجالاً ثلاثة تقدموا لخطبتها قبل أن يعاودها، فلجأ إلى معاوية،
وهو يومئذ وال على الشام من قبل عثمان بن عفان، رضي الله عنه،
فقال له معاوية: لقد ذكرت أمراً صغيراً في أمر عظيم، أمر الله عظيم،
وامرأتك أمرها صغير، ولا سبيل لك عليها. ففرّق معاوية بينهما.
واختارت المرأة احد الذين تقدموا لخطبتها فتزوجته،
فقال ابن دارة رجزاً في ذلك يعيّر فيه مرّة بإخفاقه في استعادة زوجه،
ومنه قوله:
يا مُرُّ يا ابن واقعِ يا أنتا
أنت الذي طلّقت لَما جُعتا =فضّمها البدريّ إذ طلّقتا
حتى إذا اصطبحت واغتبقتا =أقبلت مُعتادا لما تركتا
أردت أن تردّها كذب =أودى بنو بدر بها وأنتا
تُقسم وسط القوم ما فارقتا =قد أحسن الله وقد أسأتا
فاضطغنها مُرّة على ابن دارة وأقسم أن يهجوه ما بلّ ريقه لسانه.
ولم يكفّ ابن دارة عن هجاء مُرّة وقومه بني فزازة، ومن هجائه المقذع فيهم قوله:
لا
تأمننّ فزازياً خلوت به =على قلوصك واكتبها بأسيار
فلما لج في هجاء بني فزازة أقسم رجل منهم يدعى زُمَيل بن أبير أن لا يأكل لحماً ولا يغسل رأسه ولا يأتي امرأة حتى يقتل ابن دارة.
وسنحت له الفرصة حتى لقيه في المدينة فاتبعه ثم علاه بالسيف ولكنه لم يجهز عليه،
فحمل إلى عثمان فدفعه إلى طبيب نصراني عالجه وأوشك أن يبرأ من جراحته،
ولكنه وجد عليه لأنه وجده يعابث زوجته أو لأن امرأة شريفة من نساء فزازة رشته بمال،
فدسّ له السم، فمات.
وقد فخر زميل بقتله ابن دارة فقال:
أنا زُميل قاتل ابن داره =وغاسل المخزاة عن فزاره
[
وقد قتل أخوه عبد الرحمن كذلك بسبب هجائه بني أسد، قتله رجل منهم وافتخر بقتله،
فقال:
قَتل ابن دارة بالجزيرة سَبُّنا =وزعمت أن سِبابنا لا يقتلُ
وقال الكميت بن معروف الأسدي:
[
فلا تكثرو فيها الضِّجاجَ فإنه =محا السيف ما قَال ابن دارة أجمعا
[/