الغيبوبة في رواية (آيات رحمانيّة)
للروائي خالد عطية العشوش
بقلم/ محمد فتحي المقداد
غيبوبة الحق ومخرجاته في الواقع المعاش، جاءت غيبوبة بطل الرواية(أبو جمعة)، لتحتل مسرح الرواية أجمع، حينما قامت الزوجة لصلاة الفجر، وهي تحاول جاهدة لايقاظ زوجها، وكانت صرختها العظيمة التي اخترقت سكون الليل، وشقّت الظلمة واستنفرت كلّ من حولها في البيت وجوراه.
استقرّ بطل الرواية في غرفة العناية المركّزة في المستشفى، في غيبوبة تامّة عن الوعي، شخّص الأطباء حالته بالجلطة الدماغية، وكانت التوقعات كلّها تشير إلى نهايته المحتومة، مع وجود من بقيّة بصيص من الأمل القائم في نفس زوجته وابنه بالله ورحمته.
في البداية عرفنا أن بطل الرواية الرّاقد تحت وطأة الأجهزة المساعدة على التنفس وتنشيط القاب و المراقبة لمدة ثلاثة أيام، وهنا غاب الزمان مع غيبوبة البطل، وما يصدر عنه من هذيان وكلام غير مفهوم، فسّره الطاقم الطبي على أنه من الآثار الجانبية للأدوية المعطاة له من خلال الكيس الغذائي المعلق.
استعرضت الرواية عالم الروحانيات في الماورائيّات، سيرة الأنبياء ابتدأت بآدم عليه السلام وهبوطه من الجنّة لعصيانهما آمر الله، بسبب الغواية الشيطانية من خلال شخصية (عزازيل)، وتسليط الضوء على أول جريمة قتل في تاريخ البشرية (قابيل قتل هابيل)، وغواية المرأة كانت السبب المباشر.
بين الفينة السردية لقصص الأنبياء، يعود الراوي لبطله العائم في عالم روحي مليء بوميض سماويّ تنتشي الأرواح بطهريّة السماء، ببعدها وعلوّها عن أرجاس الأرض والبشر وخطاياهم، الأدعية الكثيرة والتسبيح والتهليل، والبطل يكرر مع عالم الصوت المجهول المصدر، أو مؤمّنًا على ما يسمع.
استفاق البطل في آخر الرواية، وفرح غامر سيطر على غرفة العناية المركّزة ومن فيها، الأطباء من حوله والممرضون يقومون بواجباتهم تجاه صحوته التي كانت معجزة ربانيّة، وأسدلت الستارة، وبقيتُ أنا القارئ مستغرقًا في غيبوبتي مُتواريًا خلف فضاء واسع من الاحتمالات والتأويلات.
عمّان – الأردن
28/ 2 / 2018