🌟مذكرات طالبة سورية...
حين كنت أدرس في الجامعة الأمريكية في الشارقة، درّسني مادة الأندلسيات بروفيسور أمريكي مستشرق.
حين دخل الصفّ أوّل مرة وبدأ التعرّف على الطلاب وبلدانهم، وصل دوري فقلت:
My name is "Alaa Alazem" and I am from Syria.
عندها طلب أن أكرر اسمي بالعربية ففعلت.
ففاجأني قائلاً: هل تعنين أنك من عائلة العظم التي بنت قصر العظم؟
فضحكت وأومأت برأسي موافقة.
تبعني ذاك البروفيسور بعد المحاضرة إلى مقهى الجامعة، واستأذن الجلوس معي. وبدأ الحديث:
🔸إذاً أنت من عائلة خالد العظم؟
🔹أنا: نعم، ولكن كيف تعرف كل هذه المعلومات عن عائلتي؟
🔸البروفيسور: لقد عشت في سورية حوالي ثلاث سنوات، وكانت شخصية خالد العظم أحد مواضيع أبحاثي.
🔹أنا: وماذا تعرف أيضاً عن سورية؟
🔸البروفيسور: أعرف الكثير، فقد زرتها شبراً شبراً، وتعلمت العربية هناك.
🔹أنا: لابدّ أن الخليج أعجبك أكثر من بلدي، فهو أقرب لبلدك!
🔸البروفيسور: لا على الإطلاق!!!
🔹أنا: كيف؟ ألا تحب الأبراج العالية والطرق الواسعة، والرفاهية المتاحة هنا؟
🔸البروفيسور: تبقى بلاداً دون حضارة، مصنّعة كعلب الكرتون الفارغة!
أما سورية، فهي تاريخ الحضارة الإنسانية بحدّ ذاتها. يكفي أن أنظر في عينيك، وأرى شموخ قاسيون...
يكفي أن أمشي في شوارع دمشق القديمة لأشمّ رائحة الأجداد...
زرت القلاع السورية وشممت رائحة الدم وعرق الفرسان وسمعت صوت السيوف وصهيل الخيول. ذهبت إلى الحسكة ورأيت بزوغ الشمس عند الفجر، لتلمع سهول القمح ذهباً على امتداد النظر.
🔹أنا: وما الذي درسته عن دمشق أيضاً؟
🔸البروفيسور: أجريت بحثاً كاملاً عن منطقة القنوات، وعن الهندسة المائية التي تمكّن السوريون من تقديمها للعالم من خلال حفر القنوات التي تعبر البيوت وتسقي مدينة كاملة دون أي نوع من التكنولوجيا.
وأنت، ماذا تفعلين هنا؟
🔹أنا: أدرس كما ترى.
🔸البروفيسور: أقصد بعد أن تنهي دراستك؟
🔹أنا: ربما أبحث عن عمل هنا. ففرص التطور المهني هنا أكبر.
🔸البروفيسور: عودي لبلدك، فمن له تاريخ كتاريخ سورية، ليس بحاجةٍ لمالهم. عودي، وافهمي تاريخ بلدك والحضارات المدفونة تحتها، فذاك كفيلٌ ببنائها.
حقيقةً، كان هذا الحوار من المفترقات الأساسية في حياتي أو كما تقول سيدة البرامج الحوارية، أوبرا وينفري:
“It was an Aha moment for me.”
âک†ياسوري .... حافظ على ماتبقى من حضارة وأخلاق بلادك ....ولا تسمح لنفسك ومن حولك بالانجرار خلف دمارها
_*🇸🇾
من صفحة هشام يازجي