شَهَادَاتٌ فِي حَقِّ اللِّسَانِ الْعَرَبي المُبين
المستعرب
شوموفسكي
قصتي مع اللغة العربية بدأت منذ طفولتي
يقول تيودور شوموفسكي العالم اللغوي والمترجم والشاعر الروسي في سانكت بطرسبورغ في لقاء مع برنامج "حديث اليوم" إن قصتي مع اللغة العربية بدأت منذ طفولتي، كنت أعيش في أذربيجان في بلدة صغيرة، وكنا أنا وأخي الأكبر نتمشى في أنحاء البلدة، وغالبا ما كانت تجذب أنظاري المقبرة الإسلامية حيث كانت آيات قرآنية مكتوبة على الأضرحة، وكنت أقف طويلاً أمام تلك الأضرحة لكثرة إعجابي بطريقة الكتابة على شواهد تلك القبور، ومنذ ذلك الحين قررت أن أدرس اللغة العربية، وبدأت بزيارة المسجد للتمعن بفن الكتابة والخطوط العربية وللاستماع إلى آذان الجمعة، وكان ذلك من أحب الأمور بالنسبة لي في طفولتي ... من هنا بدأت قصتي مع اللغة العربية أولاً، ومن ثم مع الشرق عموماً.
بعد أن أنهيت المدرسة، التحقت بالجامعة في مدينة لينينغراد في كلية الاستشراق واللغة العربية ودرست اللغة لدى ابرع الأساتذة وبعد ان تعلمتها زاد إعجابي بها اكثر، ومن ثم تعرفت على قاموس اللغة العربية – الروسية، واطلعت على الثقافة الإسلامية، وقرأت الكثير من الشعر العربي وكنت أهتم كثيراً بأسماء المقدسات الإسلامية، وأسماء المناطق في الشرق عموماً، كالمدينة المنورة التي كانت تسمى يثرب عندها قررت ترجمة معاني القرآن الكريم شعراً، وليس حرفيا مع الحفاظ على المضمون المقدس لهذا الكتاب.
الآن من الصعب أن أتذكر الصعوبات، لكن يمكن القول: إني كنت أحاول تذليل كل الصعوبات، عموماً أنه عمل صعب للغاية، وكانت الصعوبة في البداية مع سورة الفاتحة، وكنت أتلوها بصوت عال على هذا النحو، وقد ترجمتها إلى الروسية.
لم أحص يوماً اللغات التي تعلمتها، لكن يمكن القول: إنني حاولت أن أتعلم قدر المستطاع من اللغات والظروف كانت تفرض ذلك، حتى إنني بدأت بتعلم اللغة الصينية، وذلك إثر تعرفي على شخص صيني، فبدأت أتردد عليه لتعلم لغته، وأعتقد أن أصعب لغة هي تلك التي تدخل عليها لغات أجنبية مما يزيدها صعوبة، على سبيل المثال اللغة الروسية، فقد دخل عليها الكثير من المصطلحات والكلمات من لغات أجنبية متعددة، وهذا ما يجعلها من اللغات الصعبة...
استغرقت ترجمة معاني القرآن الكريم سنة تقريباً، أذكر ترجمات كثيرة لمعاني القرآن الكريم، وأردت أن يكون نقلي لمعانيه بطريقة مختلفة عن الآخرين، عموماً كانت الصعوبة تكمن في السور الصغيرة كسورة الإخلاص التي جاءت على النحو التالي باللغتين.
لقد حاولت بترجمتي أن أنقل معاني القرآن الكريم بطريقة تشبه الطريقة التي أنزل بها على الرسول الكريم، فكما هو معروف إن القرآن الكريم لم يجمع خلال حياة النبي الكريم محمد، بل جمع في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وسؤالك يعيد إلى ذهني أسئلة المحقق، فعندما اعتقلت وقادوني إلى المحقق كان سؤاله الأول: لماذا اعتقلت؟ وجوابي كان على الفور: لا أعرف السَّبب، فقال حينها: أنت تعرف أنه مجرد أن يعتقل شخص ما يجب أن يكون هناك سبب لذلك، فقلت: انا بريء، فقال كلكم تقولون ذلك، وبعدها تتضح الصورة، وتظهر الجرائم والمخالفات، فكررت قولي: أنا بريء ... حينها وبصوت قوي أمر بإخراجي من غرفة التحقيق، وبعد فترة أطلق سراحي ولم أعرف حتى الآن لماذا اعتقلت حينها، ووضعت في مخيم الاعتقال علما أنني كنت تلميذاً جامعياً، وبعد خروجي من المعتقل تابعت دراستي في جامعة لينينغراد في كلية الاستشراق واللغة العربية.
هناك الكثير من الكلمات الروسية مصدرها اللغة العربية وبعض لغات الشعوب المسلمة، ويمكن القول الكثير عن العرب، إنهم شعب رائع وأغنوا الحضارات الإنسانية بالكثير من العلوم.
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
alaghanime@hotmail.com