تنمية الابداع لدى الطفل

يعرّف الإبداع بأنه مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله، وعادة ما يكون الطفل المبدع لديه حب الاستطلاع ،
والرغبة في فحص الأشياء وربطها معاً وطرح الأسئلة باستمرار، واستعمال كل حواسه في استكشاف العالم المحيط من حوله.

وتعتبر السنوات المبكرة في حياة الطفل هي الأكثر حرجاً، ففيها تبدأ عملية تشكيل المراحل الأساسية للجهاز النفسي، وتتضح عناصر التفكير وتكتسب الشخصية قوامها وانسجامها، وتلعب الأسرة والمدرسة والبيئة دوراً كبيراً في تشكيل شخصيته وتفكيره الابداعي عن طريق التعرف على ما يمتلك من قدرات وتوظيفها مستقبلاً في أعمال وأفكار ابداعية.
وإن عملية التعرف على إبداعات الأطفال من قبل الشعوب المختلفة ومن قبل الآباء والأمهات والمدرسة، يلعب دوراً مصيرياً في تنمية قدرات الطفل الإبداعية على النحو الذي يجعلها نقاط انطلاق لبناء شخصيته القادرة على إبداع الحياة في صورها المتطورة بشكل دائم.
البيئة والوراثة
أثبتت الدراسات أن العوامل البيئية تلعب دوراً أهم بكثير من العوامل الوراثية في تكوين الطفل المبدع .. فليس المطلوب أن يكون الطفل عبقرياً حتى يكون مبدعاً .. فالإبداع ليس موهبة محصورة في نخبة من الناس ، بل هي موجودة بصورة كامنة عند كل الأفراد لذلك بمقدورنا التأثير في أطفالنا، ونستطيع أن نصل بهم إلى مستوى إبداعي مناسب.
ولكي يكون الطفل مبدعاً يكفي أن يتمتع بقدر من الذكاء، ومعنى ذلك أن الإبداع لا يعتمد علي الذكاء وحده بل يعتمد علي الكثير من العادات الذهنية والسمات التي تلعب الأسرة والمدرسة دوراً أساسياً في تكوينها.
ويرى عدد من أساتذة التربية وعلم نفس الطفل أن ثمة علاقة إيجابية بين ثقافة الطفل وقدرته على الإبداع، وأن تلك الثقافة لا تفيد في تكوين هويته وشخصيته فحسب، بل تتعداه إلى جعله مبدعاً. ويوصون بضرورة التخلي نهائياً عن نظام مد الطفل بثقافة الذاكرة التي تعتمد على الحفظ والتلقين،
والاهتمام بمتابعة مواهبه وصقل الملكات الإبداعية لديه باعتبارها أساساً للتكوين المعرفي في حياته المستقبلية... فالاعتماد على الممارسة العملية والميدانية ، تتيح للأطفال القدرة على النسج من خيالهم، ذلك لأن الطفل يمتلك موهبة الخلق والتعبير وعلى الأسرة والمدرسة دعم وتشجيع مهاراته بلا قهر أو إجبار.
التسلط والإبداع
حول ظاهرتي التسلط والإبداع في حياة الطفل يرى علماء النفس أنه من الأهمية بمكان معرفة مفاعيل التسلط على مختلف مستوياته، فهو يطفئ الرغبة التي تتعاظم يوماً بعد آخر في التعبير عند الأطفال، بل إنه قادر في كثير من الحالات أن يلغيها ويدمرها ليسير الطفل في مراحل متقدمة من عمره في مسارات تتسم بالمرضية، كما أنها تخلق عنده إحباط روح الاستقلال والتمكن من معرفة العالم المحيط.
وتوصي الدراسات الآباء والمربين بألا يفرضوا آراءهم الفنية على تعبيرات الأطفال، حتى يتسنى لهم حرية التعبير، وإنما يجب تشجيعهم على المحاولة بحيث تفتح لهم مجال المشاهدة التي تشجعهم على التعبير الفني، وإثارة خيالهم، وشد انتباههم.
وكثيراً ما يُمنع الطفل من مزاولة النشاط الفني في المدرسة لضعف الإمكانات، أو لعدم وجود المعلم المتخصص، أو لعدم اهتمام المدرسة بحصص التربية الفنية واستبدالها بمواد أخرى، لذلك يجب على أولياء الأمور إتاحة الفرص للأطفال لممارسة تلك الأنشطة في أثناء العطلات الصيفية، وإجازة نصف العام، وعطلة نهاية الأسبوع، على أن يخصص لممارستها وقت محدد بشكل لا يقل أهمية عن وقت المذاكرة، وذلك لأهمية ممارسة الأطفال التعبير الفني بأشكاله المختلفة على نموهم العقلي، والنفسي.
المعوقات
يتبين لنا مما سبق الدور الذي يمكن أن تلعبه الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل في تنمية الابداع عند الأطفال، إلا أنه في الوقت ذاته هناك العديد من الأمور التي يتم غرسها في نفس الطفل منذ الصغر والتي تعوق إبداعه، نسوق أهمها من أجل تجنبها لأنها تقتل إبداع الطفل وتفتك به:
- التركيز على نواحي الضعف عند الطفل كالقول له، أنت ضعيف، أنت غبي، هذا خطأ..
- عدم ثقة الطفل بذاته نتيجة خبرات الفشل المتكررة التي مرّ بها وعدم تشجيع المحاولة وتعزيز خبرات النجاح
ـ عدم تشجيع الطفل على التعلم والاستكشاف
ـ التعليقات السلبية والاستهزاء بأفكار الطفل ومحاولاته الابداعية
ـ زرع الخوف والخجل من الكبار ورموز السلطة
ـ عدم تشجيع الطفل على إبداء رأيه ووجهة نظره
ـ إتباع الأسلوب التلقيني في التعليم
ـ التعامل مع المعلومات التي تقدم للطفل على أنها مسلمات لا يمكن نقاشها
ـ عدم إعطاء الطفل الفرصة للقيادة والتخطيط
ـ تعويده على الاعتماد على الآخرين والتبعية لهم.
يتحمل المجتمع بمؤسساته التربوية وأولها الأسرة والمدرسة هو الذي يتحمل المسؤولية التربوية في ضياع المواهب المبدعة، لاتباعه في عمليات التربية المتعاقبة إجبار الفرد على قبول مفاهيم وتصورات وآراء اجتماعية تقف كمعادل مضاد للإبداع، فالجهل له آليات قسرية تنبع من خلال التنشئة والتربية والإعلام وسلطة الأسرة والمدرسة التي تشترك جميعها كحلقة تقوم بإخماد جذوة الإبداع عند الأطفال.
التنشئة الاجتماعية
أكدت كثير من البحوث العلمية أن أكثر ما يميز آباء الأطفال المبدعين هو احترام الآباء وثقتهم في قدرة أبنائهم على أداء عمل مناسب، مع إعطاء الأبناء الحرية الكاملة في اكتشاف عالمهم، واتخاذ قراراتهم في ممارسة الأنشطة بأنفسهم دون تدخل من الكبار، كما أكدت الدراسات أهمية أنماط التربية الأسرية في التنشئة، والبُعد عن نمطي التدليل الزائد، والحماية الزائدة، وتوفير الاستقلالية في ممارسة الأنشطة المختلفة.. كل ذلك يساعد على تفجير طاقات الطفل الابتكارية.
وإن التربية الابداعية الخلاَّقة للأطفال، تتيح لهم حل المشكلات التي تجابههم، وتبث فيهم روح الاكتشاف العلمي مع عدم تَقَبُّل الأمور على علاتها وتنمية قدراتهم من خلال الملاحظة، وبذلك نصل إلى إثارة قدرات الطفل الابداعية الكامنة، والتي يجب على المربين استثمارها بأشكالها المختلفة.
تنمية الإبداع عند الأطفال
يوصي التربويون بالابتعاد عن تأنيب الأطفال ولومهم على إبداعاتهم الخاطئة، وبعدم تعرضهم للحماية المبالغ فيها، أو الإسراف في التدليل، والتعامل مع أسئلة وخيال الأطفال باحترام، وإظهار الاهتمام المباشر بما يقدمونه ويطرحونه ويتساءلون حوله، لأجل تنمية إحساسهم بالتذوق الجمالي من خلال توجيه انتباههم إلى كل ما هو رائع ومنسق ومنتظم داخل البيت أو الحضانة والمدرسة والشارع أو في الأماكن العامة.
ويركزون في هذا الصدد على المواد المقدمة في برامج الأطفال وضرورتها لما له من إيجابيات تجعل منه ضرورة لازمة للطفل خاصة في السنوات المبكرة من عمره، فالخيال يوسع من ذهن الطفل، وإذا ما تركناه دون محاولة منا لكي يتفتح فلن يستطيع أن يستوعب الكثير فإذا اتسع عقل الطفل، وكثرت المدركات أصبح من الأمور اليسيرة علينا أن نجد فراغا يملأ بالمعرفة والعلم

جاءني في الإيميل