الإستئناس بالصلاة.
الصلاة، واجب عبادي فرضه الله على المسلمين.
فكل المسلمين الملتزمين دينيا، يصلون بشكل منتظم ورتيب. بمعنى الملتزم دينيا، يحاول الحفاظ على واجباته الدينية، وفي مقدمة كل الواجبات تأتي الصلاة بإعتبارها:
الصلاة عمود الدين، إن قبلت قبل ماسواها، وإن ردت ردماسواها.
لكن وبكل أسف، لانرى أي مردود إيجابي للصلاة!! على معظم الملتزمين دينيا، والمقيمين لصلاتهم بشكل دائم!!!
وعندمانقول لانرى. نعنى به وقع سلوك الملتزم دينيا،على المراقب والدارس لأحوال المسلمين المصلين، ليس ذلك الوقع الناصع الذي يثيرالإعجاب، في نفسية المراقب، ليقول:
نعم. لهؤلاء المصلين، لأنهم يختلفون كثيراعن الذين لايلتزمون بالصلاة.
فقد تلتقي بمقيم للصلاة، ولكن لاتلمس عنده الصدق بالقول!!! ولاتلمس فيه الإمانة على طول!!!
وعندهامن حقي أن أتساءل أناالمراقب:
أين أثرالصلاة في مثل هكذا مصلين ملتزمين؟؟
وبنفس الوقت، قد يلتقي المراقب بشخص لاديني، ولامعيراأية أهمية للدين!! ومع ذلك تلمس فيه الجدية، وزين السجاياالأخلاقية!! ليندهش المسلم فيراجع نفسه ويسائل نفسه متعجبا:
إن كان المقيم للصلاة، حقايؤمن بها!!ويفهم جديالم يقيمها؟؟
هذه الحالة النفاقية التي قد تغشى حياة أغلب المسلمين المقيمين للصلاة، تنبه لهاالإئمة من آل البيت(ع)، ليقول الإمام الصادق(ع):
لاتنظروا إلى طول ركوع الرجل، أوسجوده. فإن ذلك شيئا قد إعتاده!!! ولكن إنظرواإلى صدق قوله، وإمانة بعمله.
فإذن دوام الحال، في إقامة الصلواة، باب واسع من أبواب تحولهاإلى عادة، وليست عبادة!!
ومن هنانفهم معنى عبارة: (إن قبلت قبل ماسواها، وإن ردت رد ماسواها).
بمعنى هناك حالات، وكثيرة تلك الحالات في صلاة تؤدى، لكنها مردودة مصدودة، وغير مرفودة بالقبول من قبل المولى عزوجل.
وهذامايجعلنانحاضرعن الصلاة والإستئناس بها.
المسلم المؤمن الواعي العاقل، من يستئنس بصلاته.
كيف نستئنس بالصلاة؟؟؟؟
للصلاة مقدمات.
بمعنى من ينوي إقامة الصلاة، يجب أن يعرف بإن لهامقدمات، ومالم يتم الحفاظ على تلك المقدمات، لايتحقق إقامتها بصورة مرضية مجزية.
وأول تلك المقدمات، توفرالنية الصادقة عند المصلي، بالتوجه لله في العبادة لإقامة الصلاة.
وهذه النية تضع المؤمن، في موقع المسؤولية الحذرة من كل تصرفاته ومعاملاته مع من حوله. يعني بكلمة أخرى مقيم الصلاة، أيضا ملتزم بنظافة ألإسلام وأخلاقياته. يعني متبعدا عن كل النجاسات المعنوية والمادية، ومحافظاعلى كل القيم التي تميزه مؤمناعابدالوجه الله وحده.
ومادام هومقيم للصلاة بنية خالصة. فهوطاهرمن الأوظاروالأقذار، وهوصادق لايعرف الكذب لقلبه طريق.
وقبل أن يبدأ صلاته يتأكد من طاهرة بدنه وملبسه، وحلية المكان الذي يقيم فيه الصلاة. ثم يتوجه للقبلة، منقطعاعن الدنيا، لأنه في وضعية مقابلة الجبار، ليقول:
(يامحسن قد أتاك المسئ. أنت المحسن، وأناالمسئ، فتجاوزيارب عن قبيح ماعندي بجميل ماعندك).
يؤكد علماء النفس، والدارسين لحالات الشعوربالإحباط ومحاولات الإنتحاروالفشل في الحياة. يؤكد هؤلاء الذين إستقرأواحالات مرضية عديدة، وعلى مستوى عالمي، بإن كل المشاكل النفسية والتوترات العصبية التي تصيب البشر، مصدرها ضغوطات الحياة ومافيها من مشاكل وقلاقل.
لذلك ينصح هؤلاء العلماء والأطباء، بالإسترخاء والهدوء النفسي، وصرف التفكيرلبضع دقائق إلى مايبعد الفردعن هموم الحياة.
وهذالعلاج النفسي الناجع، ضمنه دينناالخالد، بالإنقطاع الروحي المتواصل، في صلواة خمسة كل يوم، تريح الإنسان من كل هم وغم، حينمايستأنس بصلاته، ليفهم ويؤمن بإن الحياة إن طالت وإن قصرت لاتساوي شئ، في وقفة تأملية أمام الجبارخالق الخلق، ومناجات له بقولنا: إياك نعبد وإياك نستعين.
الله أكبر. والله ماأعظمه من تعبير، إن فهمناه بعمق وقوة تدبير.
تذكرسيرة الفلاسفة والعلماء القدامي، قصة وقعت للطبيب والفليسوف، الشيخ الرئيس أبوعلي بن سينا، حينماسأله أحد مريديه والمعجبين بغزارة علمه وفلسفته، إن كان قد أفحم في زمانه من قبل أحدالعلماء والفلاسفة المعاصرين له؟؟
فكان جوابه. لم يفحم من قبل أحد نظرائه من العلماء والفلاسفة. لكن الذي أفحمه طالب مبتدأ!!! لم يطلع بعد على أبجديات العلوم والفلسفة!!!
فدهش السائل لهذاالجواب الغيرمتوقع.
سأل المعجب الشيخ الرئيس، وكيف حصل ذلك؟؟ وهل يعقل أن يفحمك شخص مبتدأفي تعلميه؟؟؟
فقال لسائله: إسمع قصة من أفحمني بحكمته وفطنته، رغم جهالته!!!
الذي أفحمني، مبتدأ!! جاء طالبا مني تعليمه وتوصيله لماوصلت إليه من منزلة علمية وشهرة فلسفية!!
فإستصغرت جهله، وحاولت إخافته بإبعاده عن طريق لم يسلك بداياته.
فأدخلته لخانة كتبي الكبيرة والواسعة، وماحوته من نفائس العلوم وشتى الفنون في الحكمة والمعرفة. لأحذره من صعوبة ومشقة الطريق التي يحاول سلكها. وعليه أن يدرس ويتعلم كثيراقبل أن يبدي طموحه بمنازلة العلماء والفلاسفة، وممن قضوا شطراكبيرامن حياته بالدرس والتحصيل العلمي.
يقول فسألني ذلك المبتدأ، إن كان كل مافي تلك الكتب الكثيرة، يدعو للخيروالإبتعاد عن الشر.
يقول: قلت له نعم، هذا هوهدف كل العلماء، من قراءة تلك الكتب الكثيرة، وهوفي الوصول للب الحقيقة التي تجعل الناس تميل للخيروتبتعد عن الشر.
فعندهاقال المبتدأ للعالم الفيلسوف،والطبيب النطاسي الذي ظل قانونه في الطب، يدرس في أوربالحد القرن السابع عشر!!!
لاحاجة لي بعلمك وكتبك. فصلاتي تأمرني بكل خيروتبعدني عن كل شر.
فأسقط بيد إبن سينا، ليفحم بجواب المبتدأ.
اللهم أجعلنامن المصلين العابدين، والمقيمين للصلاة، إن كانت في حضرأوفلاة.