من سفر الرؤية
شعر: د. حسين علي محمد
ضاقت مركبتُكِ في سفر الرؤيةِ بعنادِ مُحبِّكِ
يا سيِّدةَ البحْرِ الآتي ..
يا سيدةَ الوعْدِ،
أيرْحلُ في الفجْرِ شُعاعُكِ،
في عبَقِ الضوءِ، وفي ألَقِ العشْقِ،
ولا يحْدوكِ الرَّكبْ؟!!
*
ها أنتِ الليلةَ تُغتالينَ، فتُغتالُ الرقةُ
لنْ ترجع للحقْلِ الأخضر خُضرتُهُ،
والشجرِ الوارفِ زُرقتُهُ،
لنْ نجلسَ فوقَ العشبِ نُقلِّبُ أوراقَ الطُّهْرِ
.. وكانتْ في الليْلِ براءتُها تُثْمِرُ ..
(أسْألُ ـ في حزني الجاثمِ ـ عن لحظةِ وجْدٍ
تمتدُّ بعرْضِ الأيّامِ، الأشْهُرِ)
يا أنتٍ!
الماءُ تسرَّبَ يا سيدةَ الأرضِ
ويا سيدةَ الوعْدِ،
وأُسْقِطَ منِّي سهْمي في هذا القَفْرِ
أغوصُ إلى الليلِ
الوحْدةُ قاسيَةٌ، قاتلةٌ،
تُنْبئُ عن زلزلةٍ تجتاحُ مواسمَ خصبي!
… كنتِ هناك تُغنِّين لكلِّ موسمنا المقبلةِ،
فهلْ فقدَ العالمُ روحَ البهجةِ والحُبّْ؟
*
يا داليةَ الخصْبِ ..
مياهُكِ تمتدُّ إلى أعماقي ..
فلماذا تتوقَّفُ عيناكِ على خارطةِ الرَّملِ،
(ويضحكُ وجهُكِ لعنادي):
لوْ كانَ مُعتركي في ليلِ دهشتِها
لفوجئتْ بالرؤى، والحقُّ يعصفُ بي
والصدقُ يدفعُني
لو أنَّني قمرٌ في ليلِ حجرتها
لو أنني عاصفٌ في أفقها .. فمتى ..
يندى الجبينُ ويعلو الحقُّ في أُفُقي؟!
.. ويمورُ الدربْ!
*
يأتي ليلُكِ وربيعي يتآكَلُ
ونسيجي يتمزَّقُ
تغشى آلامي أركانَ الدُّنيا،
تتسلَّلُ في الليلِ برودةٌ ألفاظِ الفقدِ ..
فأدركْني يا نبْضَ فؤادي العاشقٍ
يا نبْضَ فؤادي الأوِّلِ!
…
…
عيشي يا ذات العيْنيْنِ الخضراويْنِ
فصولَ هوايَ الخصبْ!!
ديرب نجم 22/8/1979م