منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789
النتائج 81 إلى 84 من 84
  1. #81
    الشعب الفرعوني !
    بقلم: أـ د . حلمي محمد القاعود
    ...............................................

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي لي صديق عزيز يغضب مني دائما كلما دافعت عن شعبنا المظلوم ، وأبعدت عنه مسئولية المحنة التي يعيشها منذ مئات السنين ، تحت سياط الجلادين والطغاة والمغامرين والأفاقين والمستبدين . إنه يؤمن بالأثر : كيفما تكونوا يولّ عليكم ، فضلا عن الآية الكريمة " إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ " ( الرعد : 11 ).

    يقول صديقي : انظر إلى الشعوب التي كانت تحت الحكم الشيوعي الدموي في بولندة ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي وبلغاريا وألبانيا .. حتى زامبيا وكينيا وجمهوريات الموز ، فضلا عن إيران وأفغانستان وميانمار وتايلاند ؛ كلها شعوب تتحرك ، وتغير بيدها ولسانها وقلبها ، إنها تنهض وتتقدم وتنطلق إلا مصر المحروسة ، فهي مثل "شارون" في غرفة الإنعاش منذ زمان بعيد لا يموت ولا يحيا ، هناك من يطالب بفصل الأجهزة الواصلة إلى قلبه ومخه حتى يموت ويستريح ويريح ، ولكن هناك من يرى ضرورة بقائه ليكون فزاعة مخيفة ولو لم تحدث أثرا ، المهم أن يبقى جثة هامدة لا تتحرك حتى يوقن الآخرون أنها ستنهض في يوم ما وتقف على قدميها ، وربك قادر على كل شيء ..

    أقول لصاحبي : إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، فيزداد غضبا نبيلا ، ويشتعل انفعالا كريما ، ويذكرني بالآية الكريمة " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " ( القصص: 8 ) ، فأقول له : " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا .. " ( القصص: 4 ) ، فيؤكد على أن فرعون ليس هو الحاكم وحده الذي يفرق ويمزق ويستبد ، ولكنه موجود في البيت والمدرسة والجامعة والعمل والشارع ، والحقل والسوق ، في تجارة الحديد والأسمنت والخشب ، وسيارات الميكروباص والنقل ؛ التريلا والمقطورة التي تقتل الألوف كل عام ،وضحاياها أكثر من ضحايا الحروب والمعارك العسكرية ، ومثلها العبارات المتهالكة والطائرات الخردة والقنوات الفضائية التي تبيع الرذيلة والناس تستسلم لها استسلاما كاملا ، ونواب الشعب الذين يصفقون للقوانين الظالمة التي تصادر حرياتهم ، وتقنن الاستبداد ، وتعتصر ناخبيهم وتقلب جيوبهم بحثا عن ملاليم ، وتفسح الطريق أمام اللصوص الكبار كي ينهبوا ثروة البلاد والعباد من أراض ومحاصيل ومنتجات ومصانع ، وأبواق النظام الذين لا يكلون ولا يملون من ترديد الأكاذيب ، وتصوير الأحوال على أنها فل الفل وعال العال..

    وحين أحاول تهدئة صديقي العزيز ، و أقول له إن القرآن الكريم وصف فرعون بأنه كان من المفسدين ، وأطلب منه ألا يتحامل على الشعب البائس المسكين الذي تحمل ما لم يتحمله شعب آخر على ظهر الأرض ؛ ينظر إليّ بعين العتاب والأسى كأنه يتوعدني توعّد المحب الذي يتمنى ألا يقول لحبيبه إلا ما يرضيه ، ولكنه لا يملك ما يقوله ، ثم يفهم صديقي أني أريد أن أهدئ وتيرة الحوار ، أو أغير الموضوع ، ولكنه يرد بحزن شفيف :

    ألم تقرأ قوله تعالى : " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " ( الزخرف : 54 ) ، والفسق كما تعلم وأعلم هو الخروج عن المنهج والتشريع والعقيدة ، وتأمل التوكيد الثقيل المشدد – على وزن السجن المشدد !- بإن المشددة والضمير ، والجملة الاسمية ووجود الموصوف والوصف الظاهرين ، والقوم الفاسقون ، أو الشعب الفاسق ، هو الذي خرج عن الفطرة والاستقامة والمنهج ، وانحرف إلى طريق الفساد والأنانية والهروب من الواجب ، وعدم تحمل المسئولية ، وإلقاء التبعة على الآخرين ، والاكتفاء بالولولة واللطم والصياح ولوم السلطة والاعتقاد أن ما نعانيه من بؤس وتعاسة هو قدر لا مفر منه ، وقضاء نافذ لا حيلة فيه ولا مرد له ، ومؤامرة من الجن والإنس لا قبل له بها ، إنه شعب لا يفكر إلا في بطنه ومصلحته وفائدته . أما الآخرون فليذهبوا إلى الجحيم ...

    أقول لصاحبي : سامحك الله ! كيف تفسر إذا هذه الرغبة العارمة لدى الملايين من شعبنا في العمل والتفوق والتعاون والتراحم ، ولكنهم لا يجدون من يأخذ بيدهم أو يستجيب لهم أو يوجههم إلى طريق السلامة .. أتراهم وهم ينجحون في الخارج ويلمعون وبعضهم يأتي إلينا بجوائز عالمية مرموقة .. يقفون في موضع المتهم الذي تتولى توجيه الاتهام إليه ؟

    يزفر صاحبي زفرات حارة تكاد تحرق ما حولها ، ويقول بأسى عاتب :

    أنت تجادلني ، وإني لواثق أن أعماقك تحوي سخطا أكثر من سخطي ، وغضبا أقوى من غضبي ، ولكنك مشهور بالهدوء والصبر والتحمل ، وكان معروفا عنك في شبابك قدرتك على الامتصاص ، لتطحن الأحداث في رأسك ، وتستخلص منها الدلالات والنتائج بعد أن تهضم الأسباب والمقدمات .. أقول لك إن شعبنا أعطى التفكير إجازة طويلة ، ويريد من يفكر عنه بالنيابة ، ومن يتولى قضاياه بالنيابة ، ومن يدافع عنه بالنيابة . انظر مثلا : نحن نسلم أمورنا للدول الكبرى .. نطلب من أميركا وروسيا حل مشكلاتنا مع الغزاة ، ننسحب إلى أعماقنا ، ونغلق الأبواب ، كي نترك للآخرين مهمة العمل واتخاذ القرار بالنيابة عنا ، ليس في السياسة وحدها ، بل في الاقتصاد والتعليم والصناعة والتجارة والاستثمار ؛حتى الزراعة التي كنا أول شعب في العالم مارسها وقننها ، وصدر خبراته فيها إلى شعوب الأرض ، ننتظر اليوم شذاذ الآفاق الغزاة ليقدموا لنا تجاربهم فيها ، علما أن كليات الزراعة ومعاهد البحوث تمتلئ مخازنها بآلاف الأبحاث ( ماجستير ودكتوراه وغيرها) ، تقتات عليها الفئران وابن عروس والفأر النرويجي ، لأن أحدا لا تعنيه صفحاتها وما تضمه من خبرات وتجارب ونتائج !

    ثم لماذا تذهب بعيدا ، وقد أطلق صاحبك الراحل " يوسف السباعي " – رحمه الله – صيحته الداوية قبل خمسين عاما أو يزيد حين صرخ في مصر : يا أرض النفاق ! .. انظر حولك تجد شعبا يحنو على الغريب والعدو ، ويقسو بعضه على بعض بصورة لا مثيل لها في العالم ، كل من يتعامل في الشارع في المكتب في أي مكان يستخدم قسوة أو فظاظة غير مسبوقة ، كل شخص يسحق الآخر بالكلمة واليد واللسان والفعل ، ومع ذلك انظر حولك تجد النفاق معششا في كل النفوس والأركان ، لأن شعبنا يعبد الأقوياء ، ويدوس الضعفاء ، وقد امتد النفاق ليكون للصوص والمنحرفين والأفاقين والكذابين ، ولم يعد قاصرا على نفاق الأقوياء والكبراء ومن بيدهم مصالح الناس وأقواتهم . قلّب وجهك تر النفاق منهجا له أصوله وقواعده ومخرجاته ، فقد صار بديلا للإخلاص والاستقامة والرشد والجدية ورضا الله . أقول لك : مات كاتب معروف وعالم مشهور قبل أسابيع ، فلم تهتم به الجامعة التي ينتسب إليها ، ولكن ابن أخته الوزير ، وابن أخته رئيس الجامعة الأخرى ، وأقاربه المهمين في جهات عليا هم الذين دار حولهم الاهتمام في سرادق العزاء ، وأعمدة الصحافة ، وبرامج الهواء .. أما الراحل الكريم فكان المناسبة التي أتاحت لجيوش المنافقين أن تدق الكعب وتضرب " تعظيم سلام " للمسئولين الكبار الذين لا يساوون جميعا بعض خالهم الراحل في علمه أو فكره ! ولكن القوم ترجموا المثل الشعبي الذي يتحدث عن كلب العمدة الذي خرجت القرية كلها لتدفنه يوم مات ، أما العمدة نفسه حين توفاه الله فلم يخرج أحد في جنازته ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ...!

    قلت لصديقي وقد أجهده الغضب : لا تغضب مني يا أبا خليل ؛ سأقول لك ما قاله خليل الرحمن : " إني معي ربي سيهدين" (الشعراء :62). "رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين " ( الشعراء : 82 ) ، وأستأذنك لألحق بالطائرة كي أطوف إن شاء الله بالكعبة الزهراء علّ الله ييسر لي الطواف ، ويُسخّر من يأخذ بيدي بعد أن أصبحت ضعيفا مجهدا ، لا أقدر على الكلام أحيانا .. ولله عاقبة الأمور .

    حاشية :

    صبيان الكنيسة في صحافة التعري والسيراميك مازالوا يشنون حملاتهم المغرضة على المساجين الذين يقال إنهم تهربوا من الضرائب ، ولكنهم يتجاهلون عمداً رجال الأعمال النصارى وتهربهم من الضرائب ويتجاهلون جرائم تجارة الأطفال المحرمة دينيا ودوليا ؛ المتهم فيها بعض من ينتسبون إلى الكنيسة ،بل يحللون هذه التجارة الحرام، وسكتوا عن جريمة تسليم الفتاة التي أسلمت واسمها عبير لتلحق بأخرى اسمها وفاء قسطنطين ، خرجت من سيطرة الدولة لتدخل تحت سيطرة الجمهورية الدينية السوبر .. بعض هؤلاء الصبية يريد أن يكون أستاذا جامعيا للأسف !
    ...........................................
    *المصريون ـ في 3/3/2009م.

  2. #82
    أمّنا الغولة .. وتزغيط البط!

    بقلم: أ. د. حلمى محمد القاعود
    ........................................

    أمّنا الغولة ، ليست هذه العجوز الشمطاء ، المنكوشة الشعر ، التى تصادم المجتمع بكلامها وأفكارها وسلوكها ، مع قبح الهيئة وبشاعة المنظر !
    أمنا الغولة كيان هلامى يتكون من أشتات فكرية وأخلاط ثقافية ، تشيع فى حياتنا الراهنة ، وتملؤها زيفاً وتدليساً وتضليلاً ، وتصنع مفارقات غريبة ، تصبّ فى حالة الفساد التى تضرب بجذورها فى أعماق المجتمع المقهور البائس ، الذى تكالبت عليه الأكلة ، بعد أن تحول إلى قصعة مستباحة ، يردها كل وارد وشارد !
    هزيمة الوطن الداخلية فى شتى المجالات بدءاً من السياسة حتى كرة القدم ، مروراً بقضايا التعليم والتصنيع والزراعة والإدارة وغيرها ، أتاحت الفرصة للطابور الخامس ، كى يلعب أدواره غير المقدسة فى استباحة الأمة وثقافتها وفكرها وعقيدتها ، فى سياق ملفوف بالتدليس والتضليل والصلافة وانتفاخ الذات ، وتمثيل دور الشهداء والأبطال !
    عندما تسمع عن وصف الصحابى الجليل أبى هريرة – رضى الله عنه – براوى الأكاذيب ، فماذا تقول عن دين الأمة ؟ هل صار الإسلام قائماً على الأكاذيب والخيالات والاختراعات ؟ وكم يبقى منه ؟
    عندما تنشر مجلة تصدرها الدولة بأموال المسلمين فى العقيدة أو الثقافة ، نصوصاً تطعن فى دين المسلمين ونبى المسلمين – صلى الله عليه وسلم – لليهودى الصهيونى " مكسيم رودنسون " ، ويُقال لك إن هذه حرية فكر ، بينما لا تستطيع بحكم القانون الدولى أن تناقش عدد ضحايا ما يُسمى المحرقة الصهيوينة فى ألمانيا النازية ، فماذا معنى هذا ؟
    عندما تسمع عن عرض شعرى موسيقى فى دولة خليجية ، ينال من الإسلام وتشريعاته ، ثم يُقال لك إن " المتطرفين " – الاسم الكودى للمسلمين – احتجوا على هذا العرض الرخيص ، وصادروا حرية الإبداع والتفكير .. فماذا تقول رداً على ذلك ؟
    عندما تقرأ فى مجلة ، تصدرها السلطة المصرية كلاماً يسميه صاحبه شعراً ، يصور فيه الخالق عز وجل بعبد المأمور ، هو والأنبياء عليهم السلام ، ويستدعيهم المذكور بأسلوب يخلو من الأدب والذوق ، كما يصف الذات الإلهية بعسكرى المرور الذى ينظم السير فى شارع زكريا أحمد ، أو يشبهها بالقروى الذى يزغط البط فى الريف .. ماذا يكون رد فعلك ؟ وماذا تقول لمن يدافعون عن ذلك " الانحطاط " و " الإسفاف " ، ويتهمون الآخرين فى وقاحة ملحوظة بأنهم لا يفهمون قراءة الشعر ، ولا يعرفون اللغة المجازية التى يعتمد عليها الشعراء ؟
    ثم ماذا يكون شعورك عندما تقرأ فى جريدة حكومية أسبوعية ينفق عليها فقراء هذا الوطن لمن سمّى نفسه ناقداً سينمائياً عربيا ، ويتحدث عن رحلاته إلى مصر وعمّان وبغداد ، فيُيشير دون حياء إلى ممارسة اللذة مع المثقفات اللاتى يحضرن المؤتمرات ، ولا يعنيه أمر " الأهرامات " المصرية ولا آثار المصريين ، ولكن الذى يعنيه " كاس التكيلا " فى أحد بارات دمشق والقاهرة ، خاصة بار " الباذنجانة " ، ثم ممارسة الحب مع فتاة سمراء نحيلة تشبه الإغريقيات ، وتعجبه ممثلة لبنانية سمراء تشبه الشيكولا ويضعها تحت مجهره ولكنه يكتشف أنها صديقة مخرج العرض ، فيضطر إلى استعادة موقعه لدى صحافية بدينة كانت ترافقه ، ثم يفكر بكتابة رواية عن الحب فى فنادق المهرجانات ، والوسائل التى يستخدمها المثقفون العرب للإطاحة بالنساء ، ويخبرنا أن كاتبة عربية تعرضت لمحاولات إغواء كثيرة فى المهرجانات ، وكان أغرب عرض تلقته من مثقف كبير هو عبارة مبتكرة على هيئة سؤال يعبر عن رغبة يقول فيه : ما رأيك بقيلولة ؟
    ماذا تقول لهؤلاء الذين يحرصون على الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة والصحابة رضوان الله عليهم من حين لآخر ، ويعدّون ذلك حرية تفكير ، وحرية تعبير ، وحرية إبداع ؟
    ماذا يعنى أن تجد فريقاً من الطابور الخامس متخصصاً فى تشويه الإسلام والمسلمين والإفتاء بغير علم ، وبعضهم لم يقرأ القرآن الكريم ، ولا يحسن قراءة حديث شريف ، ولم يطلع على كتاب فقه أو تفسير ؟
    هل لذلك علاقة برغبات الدولة الصليبية الاستعمارية الأم فى واشنطن ، بما يُسمى تغيير الخطاب الدينى ، وتعديل المناهج التعليمية ، وعدّ التمسك بالإسلام تطرفاً وتشدّداً وظلامية ؟
    لاشك أن " الطابور الخامس " = الذى يضم مثقفى الحظيرة والماسون وكتاب لاظوغلى واليسار المتأمرك والمرتزقة الذين يبحثون عن الرزق الحرام = يقوم بدور مهم مستغّلا الهزيمة الوطنية الداخلية ، وقهر السلطة البوليسية الفاشية للشعب ؛ فى استباحة الإسلام والإغارة عليه ، ومحاولة تغييبه أو استئصاله ، وهو أمر يلقى قبولاً لدى خصوم الإسلام وأعدائه على السواء .
    والعدوان على الإسلام من جانب الطابور الخامس أو " أمنا الغولة " – إذا شئنا تعبيراً أدق – يتم تحت مظلة من التدليس والتضليل يتقن صنعها الواقفون فى هذا الطابور . فهم لا يكفون عن الزعيق والصياح بحرية التفكير والتعبير والإبداع ، وهم أول من يصادر هذه الحرية إذا حاول غيرهم أن يمارسها .. لقد هيمنوا على وسائل الإعلام والصحافة ووسائط التعبير الأخرى ، وحرموا على غير أتباعهم والمنتمين إليهم مجرد الاقتراب من هذه الوسائط وتلك الوسائل ، بل وصلت الخسة ببعضهم إلى حدّ حذف الأسماء التى لا تعجبهم من الأخبار الأدبية والثقافية والاجتماعية ، حتى لو جاء ذلك على حساب الأداء المهنى !
    وقد راودنى سؤال بسيط للغاية ، ملخصه : هل يستطيع أى دعىّ من هؤلاء الذين يزعمون أنهم مبدعون أن يصف رئيس الجمهورية مثلاً بأنه شرطى ينظم المرور ، أو قروى يزغط البط فى الريف ، أو عبدالمأمور ، أو شخص ... ؟
    بلاش رئيس الجمهورية ، هل يمكن وصف وزير الثقافة بالأوصاف السابقة التى وصفت بها الذات الإلهية أو الأنبياء أو الصحابة ؟
    بلاش وزير الثقافة ، هل يمكن وصف ماركس أو لينين أو خالد محى الدين أو اللواء مدير هيئة النشر الرسمية أو رئيس تحرير جريدة " طشة الملوخية " بهذه الأوصاف ؟
    لقد تطاول " الطابور الخامس " مذ أتاحت لهم السلطة البوليسية الفاشية فرصة الهيمنة على الحياة الفكرية والأدبية ، واستخدمتهم لمحاربة الإسلام تحت راية محاربة الإرهاب ، فتمادوا إلى الدرجة التى طالبوا فيها بتجريد الدولة من إسلامها ، وحذف المادة الثانية من دستورها ، وصفقوا لبوليسية الدولة ، وقمعها المتزايد يوماً بعد يوم ، وكانوا فى كل الأحوال أدوات قمع وقهر فى يد السلطة الفاشية !
    ومن المفارقات أن بعض الجهات والمنظمات التى تدعى الدفاع عن حقوق الإنسان ، تملأ الدنيا ضجيجاً ودفاعاً عن الطابور الخامس ، ولا تهتم ، بل تتجاهل القبض على الأبرياء وتحويلهم إلى محاكم عسكرية ، وتعتّم على الممارسات الفاشية ومصادرة الأموال واعتقال الأفراد فى جوف الليل ، لأنهم لا ينتمون إلى مكونات الطابور الخامس : أعنى مثقفى السلطة والماسون واليسار المتأمرك وكتاب لاظوغلى والمرتزقة الذين يأكلون حراماً !
    من المؤكد أن مصر المسلمة بالعقيدة أو الثقافة ستهزم الطابور الخامس فى يوم ما ، وإذا كان عمال مطبعة بسطاء يكتشفون إجرام بعض الأدعياء فى حق الذات الإلهية والأنبياء ، فهو دليل على أن مصر المسلمة ما زالت حية ولن تبيع إسلامها ، وعقيدتها .. لأنها عقل الإسلام ومستقبله العظيم المنتظر ؛ إن شاء الله ، ولن تُخيفها أمنا الغولة مهما تورّمت وتجبرت وتوحشت وتشعّبت !
    ....................................
    *المصريون ـ في 17/4/2007م.

  3. #83
    التفسير الماسونى لتزغيط البط!

    بقلم: أ.د. حلمى محمد القاعود
    ..........................................

    فى أواخر ثمانينيات القرن العشرين كتبت " الورد والهالوك : شعراء السبعينيات فى مصر " ، وأصدرت منه طبعتين ، ورصدت فيه ملامح شعراء الأصالة ، وشعراء الادعاء . يومها كان هناك من يتهمنى بالمغالاة فى الحكم على شعراء الادعاء أو الهالوك . ولكن الأيام أثبتت صحة ما ذهبت إليه وما أيدني فيه يومها ، الناقد الراحل عبد القادر القط – رحمه الله - ، حيث لم يتبق من كتابات هؤلاء شىء يُذكر فى أذهان الناس أو أفئدتهم . لسبب بسيط : أنهم دخلاء على الفن ، فلا موهبة ولا خبرة ولا مضمون ، كانت إمكاناتهم التى سوّغت لهم البقاء على سطح الحياة الثقافية والأدبية هى انتماؤهم للفكر الماركسى الذى تأمرك ، وصار خادماً مأجوراً فى الحرب على الإسلام وعميلاً للنظام البوليسى الفاشى ، ومسوغاً لسلوكياته ، الاستبدادية ، ومصادراً للفكر الإسلامى وعاملاً على استئصاله من الصحافة ووسائط التعبير أو تشويهه والتنديد به عن طريق التدليس والتضليل والأكاذيب المفضوحة .
    كانت صداماتهم مع الإسلام ومشاعر المسلمين بشعة ومتوحشة ، أثارت رجل الشارع فى مصر والأمة الإسلامية ، وأساءت لمستخدميهم قبل أن تُسىء إليهم ، وكشفت عوراتهم الفكرية والثقافية ، وجعلتهم أمثولة للخيانة الفكرية والعمالة السياسية ، ولم تغن عنهم مكاسبهم التى أغدقتها عليهم السلطة البوليسية الفاشية شيئاً !
    كما كانت مشكلة الكلام عن " تزغيط البط " وتشبيه الذات الإلهية بالقروى أو عسكرى المرور ، دليلاً جديداً يُضاف إلى ما سبق من أدلة على الخواء والسطحية والابتذال التى تصم كتاباتهم الرديئة التى لا تخضع لمعايير فنية أو فكرية ..
    ومن المؤسف أن القوم لم يحترموا عقول الناس ، ولم يتوقفوا عن الهرطقات الرخيصة ، والتفسيرات الساذجة لجريمتهم فى حق الذات الإلهية ، وحق الأمة ، ولكنهم راحوا يقنعوننا بمنطق يخلو من المنطق ، وأسلوب ينم عن الفكر الماسونى الخبيث – وبعضهم ينتسب إليه بالفعل – أن ما جرى هو انحياز للجمال وللفن وللحرية .. ويستشهدون بنماذج من التاريخ الأدبى لا صلة بينها وبين جريمتهم واستهتارهم بالذات الإلهية ومشاعر الأمة الإسلامية ، وسفح أموالها دون طائل ( قال اللواء مدير هيئة النشر الرسمية إن عدد المجلة التى نشرت الجريمة بلغت تكاليفه قرابة ستين ألف جنيه مصرى دفعها الفقراء والكادحون ) .
    كيف يمكن أن نقارن بين ما يقوله هالوكى أو متمركس متأمرك ، مع ما يقوله أبو نواس أو ابو العلاء المعرى ؟
    أين الجمال أو الفن فى كلام الهالوكى ، لنقارنه بالجمال الفنى فى أدب أبى نواس وأبى العلاء المعرى وحسان وعمر بن أبى ربيعة .؟
    إن التفسير الماسونى لتزغيط البط ، يدعى أن الجمال هو القيمة التى يجب على المجلة الأدبية أن توفرها لنا ، وأن الحقيقة المؤكدة هى التى تقدمها لنا المجلة العلمية ، كما يدعى أن جماهير الأمة بعلمائها وأدبائها الحقيقيين ونقادها المتخصصين يعيشون طفولة دائمة يفرضها الطغاة !
    وهذا السخف الماسونى يتجاهل أن الأدب على مرّ التاريخ ، يقوم على تقاليد وخصائص وقيم ، تتطور بتطور الزمان والمكان ، ولكنها تبقى معياراً للإنتاج الأدبى ، الذى لا يجوز أن ينفلت من كل معيار وكل قيمة ، كما يذهب الأدعياء وخدّام الاستبداد الرسميون . لقد صادرت الولايات المتحدة – معبودهم الجديد وملهمهم العتيد – فى خمسينيات القرن الماضى ، فن الهوى لأوفيد ، مع أنه نشر فى مصر بترجمة ثروت عكاشة ، كما صادرت الديكاميرون لبوكاتشيو ، وفى عام 1948م أعدت الكنيسة قائمة بحظر أربعة آلاف كتاب منها : سقوط الامبراطورية لجيبون ، ومبادئ الاقتصاد السياسى لجون ستيوارت ميل ، وكتب بلزاك ، ودوماس الأب ، ودوماس الابن ، وأناتول فرانس ، وستندال ، وزولا ، ومورافيا ..
    إن التفسير الماسونى لتزغيط البط ، لا يسعى إلى الدفاع عن الأدب والفن والجمال ، بقدر ما يسعى إلى الدفاع عن مصالحه فى خدمة النظام البوليسى المستبد ، لأنه أول من يعلم أن نبى الإسلام – صلى الله عليه وسلم – كافأ الأدب والفن والجمال الحقيقى ببردته التى ألقاها على كعب بن زهير حين أنشده " بانت سعاد " ، كما يعلم أن أبا نواس وأبا العلاء وحسانا وعمر بن أبى ربيعة ، كانوا أبناء الأمة وثقافتها الحقيقية ، ومن شذّ لسبب ذاتى ، عاد إلى رشده ، واعتذر عن خروجه ، ولعل استغاثات أبى نواس " إلهى ليس لى إلاك عونا .. " كانت وثيقة توبة صادقة عن بعض إنتاجه المخالف للقيم والأعراف .
    أما حكاية أن الجمال هو القيمة التى يجب أن يحتفى بها الأدب ، دون مراعاة للقيم أو اعتبار للأعراف فهى مغالطة لم تعد مقبولة فى زمن توظف فيه الجماعة البشرية على اختلاف أعراقها ومذاهبها وعقائدها ، الفن الأدبى لخدمة أهدافها وأغراضها ومعتقداتها ..ولا أظن أنهم فى الكيان النازى اليهودى الغاصب فى فلسطين المحتلة مثلاً يوافقون على أن يكون أدبهم هجاء للرب الذى خلق الشعب المختار ، أو إهانة للنازية اليهودية التى تقتل الفلسطينيين والعرب والمسلمين على مدار الساعة ، أو شريط " بورنو " يتم تصويره على الورق بحجة حرية التعبير !
    لقد كشفت حادثة " تزغيط البط " عن عالم من العفن فى مجتمع " الهالوك " الخادم للاستبداد ، المعادى للإسلام ، فقد عرفنا أن بعضهم يتعامل يوميا مع المخبرين داخل هيئة النشر الرسمية وخارجها ، وعرفنا أن بعضهم سواء كان لينينى الهوى أو تروتسيكيا ، هو من يكتب التقارير الاستخبارية ، ويشى برفاقه إلى من يعنيهم الأمر ، كى يصل إلى مركز مرموق ، أو يحلّ مكان رفاقه ، وعرفنا أن الهدف الأسمى للهالوك فى السبعينيات وما بعدها ، هو الانطلاق بمشروع التنوير ، أي التغريب الذى يُقاوم الظلامية والسلفية ، أي الإسلام ، وعرفنا أن صراعات المصالح داخل المؤسسة = خدمة السلطة ، وداخل لجنة الشعر هى التى تحكم واقع هؤلاء ، وعرفنا أن مناخ التربص والترصد يفرض حضوره على الواقع الثقافى الرسمى الذى يصنعه هؤلاء ، وعرفنا أن بعضهم يرفض تجربة البعض الآخر التى تمثل فى رأيه نموذجا لشعرية عصور الانحطاط والجمود والسكون والافتعال اللغوى والقدرة الموروثة من القديم ، وعرفنا أن العمل الثقافى بالدولة – كما يرى بعضهم – لا ضرورة له إلا لخداع وتزييف وعى الجماعة البشرية بكل طبقاتها وشرائحها الفاعلة ، مما دفع فريقاً منهم إلى عقد صفقات على المستوى العربى والعالمى من خلال علاقاتهم التى وفرتها لهم الدولة ، وعرفنا أن بعضهم فى عصر الانحطاط الثقافى تحول إلى مملوك جديد وأمير حرب ، يتصارع لبسط النفوذ ونهب الثروات ، مع أن الخراب قد شمل كل شىء، ولم يبق إلا الموتى ، وعرفنا أن الضجة التى أثارها الهالوك حول " تزغيط البط " تساوى عند بعضهم القذارة واللغط والتواطؤ والطفح ، وعرفنا أن بعضهم لا يخافت فى إيمانه بضرورة إهانة المقدس الدينى والعدوان عليه ، ولا يرى ذلك نقيصة شعرية أو أدبية ...
    وهذا الذى عرفناه ، نشرته جريدة أسبوعية حكومية يوم 22/4/2007م فى مقالات عديدة ونسى ( أصحاب !) الجريدة أننا نعيش في دولة دينها الرسمى الإسلام ، وتمنع ازدراء الأديان والمقدسات .. والعجيب أن أحداً ممن يمثلون صوت الإسلام لم يكن له وجود على صفحات هذه الجريدة ، ولو من باب ذرّ الرماد فى العيون !
    المفارقة أن محرر الجريدة المذكورة طالب أجهزة الأمن بالكشف عن التقارير الاستخباراتية أو المباحثية التى كان يكتبها الأدباء والمثقفون ضد بعضهم منذ خمسين عاماً كما تفعل دول أوروبا .. ولو تحقق ذلك فسوف نرى أفلاماً أكثر إثارة من أفلام السينما عن المناضلين الذين صدّعوا رءوسنا بالكلام عن الكفاح ضد الطغمة البرجوازية الحاكمة وفسادها واستبدادها وتبعيتها للإمبريالية العالمية .. وساعتها نهتف :
    - ياويلنا من سلالة هنرى كورييل وأساتذتهم الماسون !
    ولا عزاء للبط الذى لم يجد أحداً يقوم بتزغيطه !
    ....................................
    *المصريون ـ في 24/4/2007م.

  4. #84
    تراث ممتد من القهر والعبودية !

    بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
    .......................................

    هل يمكن أن نضع الإطاحة بوزير الري المصري الدكتور محمود أبو زيد تحت هذا العنوان ؟
    أتصور أن الإجابة بالإيجاب . فالوزير فوجئ بإقالته ، وعرف الخبر بعد معرفة سائقه ، ونُزع كشك الحراسة قبل وصوله إلى منزله، وهو ما يؤكد على أن الشعب المصري يعيش القهر والعبودية منذ الأزل إلى أمد لا يعلمه غير الله .
    لا أعرف وزير الري ، ولا علاقة لي به ، ولكني أعلم مما تنشره الصحف ، ويقوله الناس : أنه عالم جليل ، خبرته نادرة في تخصصه ، وهو واحد من العلماء المعدودين على مستوى العالم ، ويشرف مصر والعرب في العواصم الدولية الكبرى ، ولم يقل أحد عنه سوءاَ ، ولم تشر إليه صحيفة بما يشين في سلوكه أو عمله أو علاقاته ، وهو رب أسرة جيد ، علّم أولاده ورباهم تربية حسنة ، وكانت كفاءته في عمله ، وقدرته الدبلوماسية محل إشادة ممن يعنيهم أمر المياه في مصر وخارجها .
    لماذا تمت الإطاحة به إذاَ؟ واحتشدت الدنيا لتتحدث عن تغيير وزاري ، وهو ليس كذلك ، يرتبط بالرجل الشريف النظيف ؟ لقد أرادوا التغطية على الموقف باختراع وزارة ( ميني وزارة !)مكافأة للسيدة التي أبلت بلاء غير حسن في أمور هامشية مثل الختان والنقاب وما أشبه سعيا لإلغاء الشريعة الإسلامية ، وتمكين المرأة التي تلد سفاحا من نسبة المولود إليها، والتضييق على المسلمين في الزواج والطلاق ، وتقيد أمرهما أكثر مما تقيدهما الأزمة الاقتصادية ، وتخريب العلاقة بين الرجل والمرأة المسلميْن عموما ( لأنها لا تستطيع أن تقترب من غير المسلمين !) ، ثم إنها تريد تغريب المجتمع وثقافته الإسلامية ، لأنها متيمة بالغرب وأهله وثقافته المنافية للشريعة ، وبسيف القانون الذي تصنعه أغلبية مزورة تريد أن تفرض تشريعات مخالفة لمنهج الدين !
    الشعب حتى اليوم لا يعرف الحقيقة التي جعلت " محمود أبو زيد - وحده –طريد الحكومة المصرية التي يتحدث الناس عن فشل أكثر وزرائها فشلا ذريعا .. ثم إن الإصرار غير العادي على الإطاحة لم ينتظر حتى يعود رئيس الدولة من قمة الرياض ، بل تم تأخير سفره – كما قالت بعض الأنباء - حتى يؤدي الوزير الجديد اليمين الدستورية !
    قالوا إن ظروف الوزير الصحية كانت من وراء طرده ، بينما الوزير بدا في صحة ( زى البمب ) . وقال آخرون إن موقفه من مسألة توشكي وانتقاده للحكومة بسبب فشل المشروع كان دافعا لتغييره . وذهب فريق ثالث إلى القول : إن الوزير المطرود لم يرد على مسئول إثيوبي هاجم مصر في مؤتمر للمياه انعقد مؤخرا في شرق إفريقية ،ونُقل الموقف إلى المسئولين الأعلى مما حتم تأديب الوزير وفصله من الوزارة . ونقل فريق رابع تصريحا للوزير وهو يغادر منصبه يقول فيه : إن الوقت غير مناسب للكلام .. .. إلى غير ذلك من تخرصات لم تقنع أحدا من الناس في مصر ولا العالم العربي..
    فهل يليق أن يتم طرد الوزير بهذه الطريقة ؟
    عندما يصرف صاحب مصنع عاملا أو مجموعة عمال " فإنه يلتقي بهم ويشرح لهم الأسباب ، ويشكرهم على ما قدموه ، ويطلب منهم المعذرة لعدم استمرارهم بسبب الأزمة الاقتصادية أو المصاعب التي تعترض مصنعه ، وقد يكافئهم للترضية . فما بالك بعالم كبير في مرتبة وزير له حضوره على مستوى العالم بأسره ؛ يتم طرده بطريقة يصعب وصفها ؟
    نحن نعلم أن المصلحة العليا للبلاد تقتضي اتخاذ قرارات سريعة ومفاجئة ، ولكن الناس لا بد أن تعرف الأسباب وتعلم الضرورات التي حتمت اتخاذ القرار . في الحروب وحدها لا يسأل الناس عن القرارات ، وإن كان من حقهم بعدها أن يجدوا تفسيرا لكل قرار !
    مؤكد أن الإنسان المصري بلا قيمة ، وأنه يعيش حياة العبيد من زمن بعيد ، وحين تنظر أمامك تجد التنكيل بصور شتي لا يتوقف بصفوة الوطن من العلماء والخبراء ، بينما الملوثون والانتهازيون والمنافقون وأشباههم يحظون بالرعاية والعناية والاهتمام ومحاولات تبييض وجوههم التي عليها غبرة ..
    لقد قتل صاحب العبارة أكثر من ألف مصري بائس قبل ثلاث سنوات ، فتم تهريبه من صالة كبار الزوار .وكانت تهمته أنه علم ولم يبلغ !!!وداخ الناس في المحاكم يستجدون حقوقهم ، والقاتل يمرح سعيدا في ربوع لندن ، وقصره الفخم هناك يستقبل الكبار والصغار ، وترسل إليه السلطة محاورا لتحسين صورته تلفزيونيا على حساب الغرقى والمعدمين ،وإظهاره بمظهر التقى النقي الورع الذي يرعي حقوق البلاد والعباد ، أما مجدي أحمد حسين الذي لم يقتل أحدا ؛ فإنه يحاكم بسرعة الصوت أمام محكمة عسكرية ؛ لأنه دخل غزة من فتحات السور الذي قصفته طائرات العدو منتهكة السيادة المصرية ، ويتم حبس الرجل المجاهد سنتين ، مع أن جريمته مفخرة لكل مصري ، وهي التضامن مع أشقائنا في غزة ، وقد كانوا أمانة في أعناقنا فضيعناها !
    إن التراث الممتد من القهر والعبودية يؤكد على وصف القرآن الكريم للأسلاف الذين خلفهم خلْف أسوأ وأضل سبيلا حين قبلوا العبودية لغير الله : " إنهم كانوا قوما فاسقين " !، والفسق هو الخروج عن الفطرة التي تأبى الاستعباد والذل ، وعدم استخدام العقل للحصول على الحرية والكرامة ، ثم الرضا بما يفعله الفاسدون والاستسلام له !
    قبل قرن وربع قرن تقريبا ؛ كتب جمال الدين الأفغاني يخاطب شعبنا التعيس :
    " إنكم معاشر المصريين ، قد نشأتم في الاستعباد ، وربيتم في حجر الاستبداد ، وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك الرعاة حتى اليوم . وأنتم تحملون عبء نير الفاتحين ،وتعنون لوطأة الغزاة الظالمين ، تسومكم حكوماتهم الحيف والجور ، وتنزل بكم الخسف والذل ، وأنتم صابرون ، بل راضون ، وتستنزف قوام حياتكم ، ومواد غذائكم التي تجمعت بما يتحلب من عرق جباهكم بالعصا والمقرعة والسوط ، وأنتم معرضون . فلو كان في عروقكم دم فيه كريات حيوية ، وفي رءوسكم أعصاب تتأثر فتثير النخوة والحمية لما رضيتم بهذا الذل ، وهذه المسكنة . تناوبتكم أيدي الرعاة ثم اليونان والرومان والفرس ، ثم العرب والأكراد والمماليك ، وكلهم يشق جلودكم بمبضع نهمه ، وأنتم كا لصخرة الملقاة في الفلاة لا حس لكم ولا صوت .
    انظروا أهرام مصر وهياكل ممفيس ، وآثار طيبة ، ومشاهد سيوة ، وحصون دمياط ، فهي شاهدة بمنعة آبائكم وعزة أجدادكم . هبوا من غفلتكم ..! أصحوا من سكرتكم ..! عيشوا كباقي الأمم أحرارا سعداء .."
    وواضح أن نداء الأفغاني لن يجد صدى كبيرا لدى المصريين الآن ، فهم مشغولون في طوابير الخبز والمظالم والأحزان ، وليس لديهم وقت لمقاومة العصا والمقرعة والسوط ؛ فهم مُعْرضون عن ذلك ، لأن الغزاة النازيين اليهود في الوطن المحتل يقومون باستخدام العصا والمقرعة والسوط لإلهاب ظهورنا وشق جلودنا ، وفي الوقت نفسه يقولون لعصاباتهم نحن نغير الوزارة بالانتخابات ، ونسقطها بالانتخابات ، ونشكلها بالانتخابات ، وحين يرتكب وزير أو رئيس جريمة تتم محاكمته على رءوس الأشهاد ، بعد استجوابه في الشرطة مثل أي فرد آخر في وطن الاحتلال !
    ينبغي ألا نأسى على وزير الري المقال ، وما جرى له ، فلن يكون الأخير ، كما لم يكن الأول ، لأن العصا والمقرعة والسوط ، تعمل في حقل شديد الاتساع ولا تجد مقاومة ! إنه تراث ممتد من القهر والعبودية !
    ........................
    *المصريون ـ في 17/3/2009م.

صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789

المواضيع المتشابهه

  1. الفنان أحمد حلمي مصاب بالسرطان
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-13-2014, 06:05 AM
  2. كتاب 28 حرف /لـ أحمد حلمي
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-15-2013, 08:19 PM
  3. نرحب بالأستاذ/أحمد حلمي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-15-2012, 05:45 AM
  4. قراءة أ.د / حلمي القاعود ، في محموعة قصصية للشاعر الدكتور / عزت سراج
    بواسطة الدكتور/عزت سراج في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-05-2010, 03:12 PM
  5. الف مبروك أحمد حلمي...
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-12-2009, 11:14 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •