3- عاملُ الحالِ وصاحبُها
تحتاج الحالُ إلى عاملٍ وصاحبٍ.
فعاملُها: ما تَقدَّم عليها من فعلٍ، أو شبههِ، أو مَعناهُ.
فالفعلُ، نحو: (طلعت الشمسُ صافيةً).
والمرادُ بشبهِ الفعلِ: الصفاتُ المشتقةُ من الفعلِ، نحو: (ما مسافرٌ خليلٌ ماشياً).
والمراد بمعنى الفعل تسعةُ أشياء:
أ- اسمُ الفعلِ، نحو: (صَهْ ساكتاً. ونَزَالِ مُسرعاً).
ب- اسمُ الإشارةِ، نحو: (هذا خالدٌ مُقبلاً)، ومنه قولهُ تعالى: {وهذا بَعلي شيخاً}، وقولهُ: {فَتلكَ بُيوتُهُم خاويةً بما ظلموا}، وقولهُ: {إنَّ هذه أُمَّتُكم أُمَّةً واحدةً}.
ج- أدواتُ التّشبيهِ، نحو: (كأنَّ خالداً، مقبلاً، أسدٌ)، قال الشاعر:
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ، رَطْباً ويَابساً
لَدَى وَكْرِها، العُنَّابُ والحَشَف البالي
د ـ أدوات التمني والترجي، نحو (ليت السرورَ دائماً عندنا) و (لعلك مدعياً على حق)
هـ- أدوات الاستفهام، نحو: (ما شأنُكَ واقفاً؟. ما لَكَ مُنطلقاً؟. كيفَ أنتَ قائماً؟. كيفَ بزُهيرٍ رئيساً؟). ومن ذلك قولُه تعالى: {فما لهم عن التّذكرةِ مُعرِضينَ؟}).
و- حرفُ التنبيهِ، نحو: (ها هُوَ ذا البدرُ طالعاً).
ز- الجارُّ والمجرورُ، نحو: (الفرَسُ لكَ وحدَك).
ح- الظرفُ، نحو: (لَدَينا الحقُّ خَفّاقاً لواؤُهُ).
ط- حرفُ النداء، كقوله: (يا أيُّها الرَّبعُ مبكيّاً بساحتهِ).
وصاحبُ الحالِ: ما كانت الحالُ وصفاً له في المعنى. فإذا قلتَ: (رجعَ الجندُ ظافراً)، فصاحبُ الحال هو (الجُندُ) وعاملُها هو (رجعَ).
والأصلُ في صاحبها أن يكون معرفةً، كما رأيتَ. وقد يكونُ نكرةً، بأحدِ أربعةِ شروطٍ:
أ- أن يتأخرَ عنها، نحو: (جاءني مُسرعاً مُستنجدٌ فأنجدتهُ)، ومنه قولُ الشاعر:
(لِمَيّةً مُوحِشاً طَلَلُ).
ب- أن يسبقه نفيٌ أو نهيٌ أو استفهامٌ فالأولُ نحو: (ما في المدرسة من تلميذٍ كسولاً). و(ما جاءني أحدٌ إلاّ راكباً)، ومنه قولهُ تعالى: {وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها مُنذِرُونَ}. والثاني نحو: (لا يَبغِ امروءٌ على امرئ مُستسهِلاً بَغيَهُ، ومنه قولُ الشاعر:
لاَ يَرْكَنَنْ أَحدٌ إِلى الإِحجامِ
يَوْمَ الْوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحمامِ
[الإحجام: التأخر، والحِمام: الموت]
والثالثُ، نحو: (أَجاءكَ أحدٌ راكباً)
ج- أن يتَخصَّصَ بوصفٍ أو إضافةٍ، فالأولُ نحو: (جاءني صديقٌ حميمٌ طالباً مَعونتي)، ومنهُ قوله تعالى: {فيها يُفرَقُ كلُّ أمر حكيمٍ، أمراً من عندِنا}، وقول الشاعر:
يا رَبِّ نَجَّيْتَ نُوحاً واستجَبْتَ لَهُ
في فُلُكٍ ماخِرٍ في الْيَمِّ مَشْحُونَا
والثاني، نحو: (مَرَّت علينا ستةُ أيامٍ شديدةً)، ومنه قولهُ تعالى: {في أربعة أيام سَواءً للسائلين}.
د- أن تكون الحالُ بعدَهُ جملةً مقرونةً بالواو، كقوله تعالى: {أو كالذي مَرَّ على قريةٍ، وهيَ خاويةٌ على عُرُوشها}.
وقد يكونُ صاحبُ الحالِ نكرةً بلا مُسَوِّغٍ، وهو قليلٌ، كقولهم: (عليه مِئَةٌ بيضاً)، وفي الحديث: (صلَّى رسولُ اللهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قاعداً وصلَّى وراءهُ رجالٌ قِياماً).