منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789
النتائج 81 إلى 90 من 162

العرض المتطور

  1. #1
    3- عاملُ الحالِ وصاحبُها

    تحتاج الحالُ إلى عاملٍ وصاحبٍ.


    فعاملُها: ما تَقدَّم عليها من فعلٍ، أو شبههِ، أو مَعناهُ.


    فالفعلُ، نحو: (طلعت الشمسُ صافيةً).


    والمرادُ بشبهِ الفعلِ: الصفاتُ المشتقةُ من الفعلِ، نحو: (ما مسافرٌ خليلٌ ماشياً).


    والمراد بمعنى الفعل تسعةُ أشياء:


    أ- اسمُ الفعلِ، نحو: (صَهْ ساكتاً. ونَزَالِ مُسرعاً).


    ب- اسمُ الإشارةِ، نحو: (هذا خالدٌ مُقبلاً)، ومنه قولهُ تعالى: {وهذا بَعلي شيخاً}، وقولهُ: {فَتلكَ بُيوتُهُم خاويةً بما ظلموا}، وقولهُ: {إنَّ هذه أُمَّتُكم أُمَّةً واحدةً}.


    ج- أدواتُ التّشبيهِ، نحو: (كأنَّ خالداً، مقبلاً، أسدٌ)، قال الشاعر:
    كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ، رَطْباً ويَابساً

    لَدَى وَكْرِها، العُنَّابُ والحَشَف البالي
    د ـ أدوات التمني والترجي، نحو (ليت السرورَ دائماً عندنا) و (لعلك مدعياً على حق)

    هـ- أدوات الاستفهام، نحو: (ما شأنُكَ واقفاً؟. ما لَكَ مُنطلقاً؟. كيفَ أنتَ قائماً؟. كيفَ بزُهيرٍ رئيساً؟). ومن ذلك قولُه تعالى: {فما لهم عن التّذكرةِ مُعرِضينَ؟}).


    و- حرفُ التنبيهِ، نحو: (ها هُوَ ذا البدرُ طالعاً).


    ز- الجارُّ والمجرورُ، نحو: (الفرَسُ لكَ وحدَك).


    ح- الظرفُ، نحو: (لَدَينا الحقُّ خَفّاقاً لواؤُهُ).


    ط- حرفُ النداء، كقوله: (يا أيُّها الرَّبعُ مبكيّاً بساحتهِ).


    وصاحبُ الحالِ: ما كانت الحالُ وصفاً له في المعنى. فإذا قلتَ: (رجعَ الجندُ ظافراً)، فصاحبُ الحال هو (الجُندُ) وعاملُها هو (رجعَ).
    والأصلُ في صاحبها أن يكون معرفةً، كما رأيتَ. وقد يكونُ نكرةً، بأحدِ أربعةِ شروطٍ:


    أ- أن يتأخرَ عنها، نحو: (جاءني مُسرعاً مُستنجدٌ فأنجدتهُ)، ومنه قولُ الشاعر:

    (لِمَيّةً مُوحِشاً طَلَلُ).



    ب- أن يسبقه نفيٌ أو نهيٌ أو استفهامٌ فالأولُ نحو: (ما في المدرسة من تلميذٍ كسولاً). و(ما جاءني أحدٌ إلاّ راكباً)، ومنه قولهُ تعالى: {وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها مُنذِرُونَ}. والثاني نحو: (لا يَبغِ امروءٌ على امرئ مُستسهِلاً بَغيَهُ، ومنه قولُ الشاعر:

    لاَ يَرْكَنَنْ أَحدٌ إِلى الإِحجامِ

    يَوْمَ الْوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحمامِ
    [الإحجام: التأخر، والحِمام: الموت]

    والثالثُ، نحو: (أَجاءكَ أحدٌ راكباً)


    ج- أن يتَخصَّصَ بوصفٍ أو إضافةٍ، فالأولُ نحو: (جاءني صديقٌ حميمٌ طالباً مَعونتي)، ومنهُ قوله تعالى: {فيها يُفرَقُ كلُّ أمر حكيمٍ، أمراً من عندِنا}، وقول الشاعر:


    يا رَبِّ نَجَّيْتَ نُوحاً واستجَبْتَ لَهُ

    في فُلُكٍ ماخِرٍ في الْيَمِّ مَشْحُونَا

    والثاني، نحو: (مَرَّت علينا ستةُ أيامٍ شديدةً)، ومنه قولهُ تعالى: {في أربعة أيام سَواءً للسائلين}.


    د- أن تكون الحالُ بعدَهُ جملةً مقرونةً بالواو، كقوله تعالى: {أو كالذي مَرَّ على قريةٍ، وهيَ خاويةٌ على عُرُوشها}.


    وقد يكونُ صاحبُ الحالِ نكرةً بلا مُسَوِّغٍ، وهو قليلٌ، كقولهم: (عليه مِئَةٌ بيضاً)، وفي الحديث: (صلَّى رسولُ اللهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قاعداً وصلَّى وراءهُ رجالٌ قِياماً).

  2. #2
    4- تَقَدُّمُ الحالِ على صاحِبها وتَأَخُّرُها عنه

    الأصلُ في الحالِ أن تتأخرَ عن صاحبها. وقد تتقدَّمُ عليه جوازاً، نحو: (جاء راكباً سعيدٌ)، ومنه قول الشاعر:


    فَسَقَى دِيارَكِ، غَيْرَ مُفْسِدِها،

    صَوْبٌ الرَّبيعِ و ديمة تَهْمِي
    وقد تتقدَّمُ عليه وُجوباً. وقد تَتأخرُ عنهُ وجوباً.
    فتتقدّمُ عليه وُجوباً في موضعينِ:

    أ- أن يكونَ صاحبُها نكرةً غير مستوفيةٍ للشُّروطِ، نحو: (لخليلٍ مُهذَّباً غلامٌ)، ومنه قولُ الشاعر:


    وهَلاَّ أَعَدُّوني لِمثْلي، تَفَاقَدُوا

    وَفي الأَرْضِ مَبْثُوثاً شُجاعٌ وعَقْرَبُ
    [أي: هلاّ جعلوني عُدة لرجل مثلي. (تفاقدوا: دعا عليهم بأن يفقدوا بعضهم بعضا. و(الشجّاع) الخبيث من الحيّات. وأراد بالشجاع والعقرب من يشبههما طباعا من الناس]

    ب- أن يكونَ محصوراً، نحو: (ما جاء ناجحاً إلا خالدٌ وإنما جاء ناجحاً خالدٌ). تقولُ ذلك إذا أردتَ أن تَحصُرَ المجيء بحالة النجاح في خالد.

    [أي: محصوراً في الحال]

    وتتأخرُ عنه وجوباً في ثلاثة مواضع:


    أ- أن تكونَ هي المحصورة، نحو: (ما جاء خالدٌ إلا ناجحاً. وإنما جاء خالدٌ ناجحاً). تقول ذلك إذا أردت أن تحصُرَ مجيء خالدٍ في حالة النجاح. ومنه قولهُ تعالى: {وما نُرسِلُ المُرسلين إلا مبشّرينَ ومنذِرينَ}.

    [محصوراً في صاحبها]

    ب- أن يكون صاحبُها مجروراً بالإضافة، نحو: (يُعجبُني وُقوفُ عليٍّ خطيباً. وسرَّني عملُك مخلصاً).


    أما المجرور بحرف جرٍّ أصلي، فقد منعَ الجمهورُ تقدُّمَ الحال عليه. فلا يقالُ: (مررتُ راكبةً بسعادَ وأخذتُ عاثراً بيدِ خليلٍ). بل يجب تأخيرُ الحال. وأجاز تقدُّمَهُ ابنُ مالك وغيرهُ. وجعلوا منه قوله تعالى: {وما أرسلناكَ إلا كافَّةً للناس}.

    [ فكافة على قولهم، حال من الناس مقدمة، فهي بمعنى (جميعاً). وقال المانعون: إن كافةً وصف من الكف بمعنى المنع، لحقته التاء التي تلحق الصفات للمبالغة لا للتأنيث، كرجلٍ نابغة وداهية. وجعلوا حالاً من الكاف في أرسلناك. وقولهم هذا أقرب الى الحق. وقد جعل الزمخشري (كافة) صفة لمصدر محذوف أي (أرسلناك إرسالة كافة للناس) ]

    وجعلَ بعضُهم جوازَ تَقدُّمها عليه مخصوصاً بالشعر، كقول الشاعر:

    إذا الْمَرءُ أَعيَتْهُ المُرُوءَةُ ناشئاً

    فَمَطْلَبُها كَهْلاً عَلَيْهِ عَسِيرُ

    أمّا المجرور بحرفِ جرٍّ زائد، فلا خلافَ في جواز تقدُّمِ الحالِ عليه، لأن حرفَ الجرِّ الزائد كالسّاقطِ فلا يُعتدُّ به، نحو: (ما جاء راكباً من أحدٍ. وكفى صديقاً بِكَ).


    ج- أن تكون الحالُ جملةً مقترنةً بالواو، نحو: (جاء عليٌّ والشمسُ طالعة). فإن كانت غيرَ مُقترنة بها جاز تأخيرُها وتقديمها، فالأولُ نحو: (جاء خليلٌ يَحمِلُ كتابهُ)، والثاني نحو: (جاء يحملُ كتابَهُ خليلٌ).
    وأجاز قومٌ تقديمَها وهي مُصَدَّرةٌ بالواو. والأصح ما ذكرناه.

  3. #3
    5- تقَدُّمُ الحالِ على عاملِها وتأَخُّرُها عَنه

    الأصلُ في الحال أن تَتأخرَ عن عاملها. وقد تتقدَّم عليه جوازاً، بشرطِ أن يكون فعلاً مُتَصرفاً، نحو: (راكباً جاء علي) أو صفة تُشبهُ الفعلُ المتصرفَ - كاسمِ الفاعلِ واسمِ المفعولِ والصفة المشبهَةِ - نحو: (مُسرعاً خالدٌ مُنطلقٌ). ومن الفعل المتصرف قوله تعالى: {خُشّعاً أبصارُهم يَخرُجونَ}، وقولهم: (شتّى تؤوبُ الحَلَبةُ)، أي مُتَفرِّقين يرجعون.

    [شتى: جمع شتيت بمعنى متفرق. وتؤوب: ترجع. والحلبة: جمع حالب]

    (فان كان العامل في الحال فعلا جامداً، أو صفة تشبهه - وهي اسم التفضيل - أو معنى الفعل دون أحرفه، فلا يجوز تقديم الحال عليه، فالأول نحو: (ما أجملَ البدرَ طالعاً!). والثاني: (عليّ أفصح الناس خطيباً). والثالث نحو: (كأنّ علياً مُقدماً أسدٌ)، فلا يقال: (طالعاً ما أجمل البدر. ولا علي خطيباً أفصحُ الناس. ولا مقدماً كأن علياً أسدٌ) ويستثنى من ذلك اسم التفضيل في نحو، قولك: (سعيد خطيباً أفصح منه كاتباً. وإبراهيم كاتباً أفصح من خليل شاعراً) ففي هذه الصورة يجب تقديم الحال، كما ستعلم.


    واعلم أن اسم التفضيل صفة تشبه الفعل الجامد، من حيث أنه لا يتصرف بالتثنية والجمع والتأنيث، كما تنصرف الصفات المشتقة، كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة. فهو لا يتصرف تصرّفها إلا في بعض الأحوال، وذلك إن اقترن بأل أو أضيف الى معرفة، فيصرف حينئذ إفرادا وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً.

    كما عرفت في الجزء الأول من هذا الكتاب).

    متى تتقدم الحال على عاملها وجوباً؟


    تتقدمُ الحالُ على عاملها وجوباً في ثلاثِ صُوَرٍ:

    أ‌- أن يكون لها صدرُ الكلامِ، نحو: "كيفَ رجعَ سليمٌ؟"، فإن أسماء الاستفهامِ لها صدرُ جملتها.
    [كيف: اسم استفهام مبني على الفتح، وهو في محل نصب على الحال من سليم، أي: على أية حالٍ جاء؟]



    ب ـأن يكون العاملُ فيها اسمَ تفضيلٍ، عاملاً في حالين، فُضّلَ صاحبُ إحداهما على صاحبِ الأخرى، نحو: (خالدٌ فقيراً، أكرمُ من خليلٍ غنيّاً)، أو كان صاحبُها واحداً في المعنى، مُفضّلاً على نفسه في حالةٍ دونَ أُخرى، نحو: (سعيدٌ، ساكتاً، خيرٌ منه متكلماً). فيجبُ والحالةُ هذهِ، تقديمُ الحال التي للمُفضّل، بحيثُ يتوسطُ اسمُ التفضيلِ بينهما، كما رأَيتَ.


    ج- أن يكون العاملُ فيها معنى التّشبيه، دونَ أحرُفهِ، عاملاً في حالينِ يرادُ بهما تشبيهُ صاحبِ الأولى بصاحبِ الأخرى، نحو: (أنا، فقيراً، كخليلٍ غنيّاً، ومنه قولُ الشاعر:


    تُعَيّرُنا أنَّنا عالةٌ

    ونحنُ، صَعاليكَ، أَنُتمْ مُلوكا
    [أي: ( نحن في صعلكتنا مثلكم، في حال ملككم)]


    أو تشبيهُ صاحبهما الواحد في حالةٍ، بنفسه في حالةٍ أُخرى، نحو: (خالدٌ، سعيداً، مِثلُهُ بائساً). فيجبُ، إذ ذاك، تقديمُ الحالِ التي للمُشبّهِ على الحالِ التي للمُشبّهِ به، كما رأيت. إلا إن كانت أداةٌ التّشبيه (كأنَّ)، فلا يجوزُ تقديمُ الحال عليها مُطلقاً، نحو: (كأنَّ خالداً، مُهرولاً، سعيدٌ بَطيئاً).
    (فإن كان التشبيه العامل في الحالين، فعلاً أو صفة مشتقة منه، جاز تقديم حال المفضل عليه وتأخيرها عنه، فالأول نحو: (خالد ماشياً يشبه سعيداً راكباً). والثاني نحو: (يشبه خالد ماشياً سعيداً راكباً)).


    متى تتأخر الحال عن عاملها وجوبا؟


    تتأخرُ الحال عن عاملها وجوباً في أحدَ عشرَ موضعاً:


    1- أن يكونَ العاملُ فيها فعلاً جامداً، نحو: (نِعْمَ المهذارُ ساكتاً. ما أحسنَ الحكيمَ متكلِّماً. بئس المرءُ منافقاً. أحسِنْ بالرَّجلِ صادقاً).


    2- أن يكونَ اسمَ فعلٍ، نحو: (نَزالِ مسرعاً).


    3- أن يكونَ مصدراً يَصِحُّ تقديرُهُ بالفعلِ والحرفِ المصدري، نحو: (سرَّني أو يَسرُّني، اغترابُك طالباً للعلم).


    (إذ يصح أن تقول: (يسرني أن تغترب طالباً للعلم). فإن كان يصح تقديره بالفعل والحرف المصدري. نحو: (سمعاً كلامَ اللهِ متلوّاً)، جاز تقديمه عليه نحو: (متلوّاً سمعا كلام الله).

    4- أن يكون صِلةً لألْ، نحو: (خالدٌ هو العاملُ مجتهداً).

    5- أن يكون صِلةً لحرفٍ مصدريٍّ، نحو: "يَسُّرني أن تعملَ مجتهداً. سَرَّني أن عملتُ مُخلِصاً، يَسرُّني ما تجتهدُ دائباً. سرَّني ما سَعَيتَ صابراً).
    6- أن يكونَ مقروناً بلامِ الابتداءِ، نحو: (لأَصبِرُ مُعتمِلاً).

    7- أن يكونَ مقروناً بلامِ القسم، نحو: ( لأثابرنّ مجتهداً)

    8ـ أن يكون كلمة فيها معنى الفعل دون أحرفه، نحو (هذا عليٌّ مقبلاً . ليت سعيداً، غنيّاً، كريمٌ. كأنَّ خالداً، فقيراً، غنيٌّ).

    9- أن يكون اسمَ تفضيلٍ، نحو: (عليٌّ أفصحُ القومِ خطيباً)، إلا إذا كان عاملاً في حالين، نحو: (العصفورُ، مغَرداً خيرٌ منه ساكتاً)، فيجبُ تقديمُ حال المفضّل على عامله، كما تقدَّم.


    10- أن تكونَ الحالُ مؤكدةً لعاملها، نحو: (ولّى العدوُّ مدبِراً، فتَبسّم الصديقُ ضاحكاً).


    11- أن تكون جملةً مقترنة بالواو، على الأصحِّ، نحو: (جئتُ والشمسُ طالعةٌ).


    (فان كانت غير مقترنة بالواو جاز تقديمها على عاملها، نحو: (يركب فرسه جاء خالد) وأجاز قوم تقديمها على عاملها وهي مصدرة بالواو، فأجازوا أن يقال: (والشمس طالعة جئت) والأصح ما قدّمناه. وقد سبق أنه لا يجوز تقديم الجملة المصدرة بالواو على صاحبها أيضاً؛ وان قوماً أجازوه).

  4. #4
    6- حَذْفُ الحالِ وحَذْفُ صاحِبها

    الأصلُ في الحال أنه يجوز ذكرها وحذفُها، لانها فضلةٌ. وإن حذفت فإنما تُحذَفُ لقرينة. وأكثرُ ذلك إذا كانت الحالُ قولاً أغنى عنه ذكرُ القَول، كقولهِ تعالى: {والملائكةُ يَدخلونَ عليهم من كل باب سلامٌ عليكم}، أي: (يدخلون قائلين: سلامٌ عليكم)، وقوله: {وإذْ يَرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ وإسماعيلُ ربّنا تَقبّلْ منا}، أي: (يَرفعانِ القواعدَ قائلَينِ: ربّنا تقبّلْ منّا).

    وقد يُحذَفُ صاحبُها لقرينةٍ، كقولهِ تعالى: {أهذا الذي بَعثَ الله رسولاً}، أَي:

    (بعثهُ).

    وقد يَعرِضُ للحال ما يمَنعُ حذفَها، وذلك في أربعِ صورٍ:


    أ- أن تكونَ جواباً، كقولك: (ماشياً) في جواب من قال (كيف جئتَ؟).


    ب- أن تكونَ سادًةَ مسَدَّ خبرِ المبتدأ، نحو: (أَفضلُ صدَقةِ الرجلِ مُستتراً).


    ج- أن تكونَ بَدلاً من التلفُّظِ بفعلها، نحو: (هنيئاً لكَ).


    د- أن يكونَ الكلامُ مَبنيّاً عليها - بحيثُ يَفسُدُ بحذفها - كقوله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تقربُوا الصلاةَ، وأنتم سكارى، حتى تَعلموا ما تقولون}، وقولهِ: {ولا تَمشِ في الأرضِ مَرَحاً} ومن هذا أن تكون محصورةً في صاحبها، أَو محصوراً فيها صاحبُها، فالأولُ نحو: (ما جاءَ راكباً إلاّ علي)، والآخرُ نحو: (ما جاءَ عليٌّ إلاَّ راكباً).


    7- حذفُ عاملِ الحالِ

    يحذَفُ العاملُ في الحال. وذلك على قسمين: جائز وواجب.


    فالجائزُ كقولك لقاصد السفر: (راشداً)، وللقادم من الحجِّ: (مأجوراً)، ولِمن يحدِّثُكَ: (صادقاً)، ونحو: (راكباً) لمن قال لكَ: (كيف جئتَ؟)، وبَلى مسرعاً) في جواب من قال لكَ: (إنَّكَ لم تَنطلق). ومن ذلك قولهُ تعالى: {أيَحسَبُ الإنسانُ أَن لن نجمعَ عِظامَهُ؟ بَلى، قادرينَ على أن نُسوِّي بنَانَهُ}، وقولُهُ: {حافظوا على الصّلواتِ والصلاة الوسطى}، إلى قوله: {فإن خِفتم فَرِجالاً أَو ركباناً}.


    [للمسافر: الاستعاضة عن تسافر راشداً، وللحاج (رجعت مأجوراً، وللمتحدث: تقول صادقاً، وبلى نجمعها قادرين، وصلوا رجالاً أو ركباناً والرجال هنا جمع راجل أي من يمشي على رجليه، وركبان جمع راكب]

    والواجبُ في خمس صوَر:

    أ ـ أن يُبيّن بالحالِ ازديادٌ أَو نقصٌ بتدريجٍ، نحو: (تَصدَّق بدرهمٍ فصاعداً، أَو فأكثرَ)، ونحو: (اشترِ الثّوبَ بدينار فنازلاً، أو فأقلَّ، أَو فسَافِلاً). وشرطُ هذهِ الحالِ أَن تكون مصحوبة بالفاءِ، كما رأيت، أَو بِثمّ. والفاءُ أكثرُ.

    ب- أن تُذكرَ للتّوبيخِ، نحو: (أقاعداً عن العمل، وقد قام الناسَ؟)، ونحو: (أَمتوَانياً، وقد جَدَّ قُرَناؤكَ؟). ومنه قولهم: (أَتَميميّاً مرةً، وقَيسيّاً أُخرَى؟).


    ج- أَن تكون مُؤكدةً لمضمونِ الجملةِ، نحو: (أنت أَخي مواسياً).


    د- أن تسُدّ مسَدّ خبر المبتدأ، نحو: (تأديبي الغلامَ مُسيئاً).


    هـ- أَن يكون حذفُهُ (أَي حذفُ العامل) سَماعاً، نحو: (هنيئاً لك).

  5. #5
    شكرا لك أستاذ عبد الغفور فأنا باللغة العربية احتاج دعما..هل هي حالات الحال كلها؟
    مع الشكر الجزيل
    أٍسامه
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  6. #6
    التمييز


    التَّمييزُ: اسمٌ نكرةٌ يذكرُ تفسيراً للمُبهَم من ذاتٍ أو نِسبةٍ. فالأوّلُ نحو: (اشتريتُ عشرينَ كتاباً)، والثاني نحو: (طابَ المجتهدُ نفساً).

    والمُفسّرُ للمُبهَمِ يُسمّى: تمييزاً ومُميّزاً، وتفسيراً ومُفسّراً، وتبييناً ومُبيّناً، والمُفَسّرُ يُسمّى: مُميّزاً ومُفسّراً ومُبيّناً.

    والتّمييزُ يكونُ على معنى (مِنْ)، كما أنَّ الحال تكون على معنى (في). فإذا قلتَ: (اشتريتُ عشرين كتاباً)، فالمعنى أنكَ اشتريتَ عشرين من الكتُب، وإذا قلتَ: (طابَ المجتهدُ نفساً)، فالمعنى أنهُ طابَ من جِهة نفسهِ.


    والتَّمييزُ قسمانِ: تمييزُ ذاتٍ (ويسمّى: تمييزَ مُفرَدٍ أيضاً)، وتمييزُ نِسبةٍ (ويُسَمّى أيضاً: تمييزَ جملةٍ).


    وفي هذا المَبحث ثمانيةُ مَباحثَ:


    1- تَمْيِيزُ الذَّاتِ وحُكْمُهُ


    تمييزُ الذاتِ: ما كان مُفسّراً لاسمٍ مُبهمٍ ملفوظٍ، نحو: (عندي رِطلٌ زَيتاً).
    والاسمُ المُبهَمُ على خمسة أنواع:


    أ- العَدَدُ، نحو: (اشتريتُ أحدَ عشرَ كتاباً).


    ولا فرقَ بينَ أن يكونَ العدَدُ صريحاً، كما رأيتَ، أو مُبهَماً، نحو: (كم كتاباً عندكَ؟).


    والعددُ قسمانِ: صريحٌ ومُبهمٌ.


    فالعدَدُ الصريحُ ما كان معروفَ الكميّةِ: كالواحد والعشرةِ والأحدَ عشرَ والعشرينَ ونحوِها.


    والعدَدُ المُبهَمُ: ما كانَ كنايةً عن عَدَدٍ مجهولٍ الكميّةِ وألفاظهُ: (كَمْ وكأيِّنْ وكذا)، وسيأتي الكلام عليه.


    ب- ما دلَّ على مِقدارٍ (أي شيءٍ يُقدَّرُ بآلة). وهو إمّا مِساحةٌ نحو: (عندي قَصبَةٌ أرضاً)، أو وزنٌ، نحو: (لك قِنطارٌ عَسَلاً، أو كيلٌ، نحو: (أعطِ الفقيرَ صاعاً قمحاً)، أو مِقياسٌ نحو: (عندي ذراعٌ جوخاً).

    ج- ما دلَّ على ما يُشبهُ المقدارَ - مما يَدُلُّ على غيرِ مُعيّنٍ - لأنهُ غيرُ مُقدَّر بالآلة الخاصّة. وهو إمّا إن يُشبهَ المِساحةَ، نحو: (عندي مَدُّ البصرِ أرضاً. وما في السماء قَدْرُ راحةٍ سَحاباً)، أو الوزن كقوله تعالى: {فمن يعمَلْ مِثقالَ ذَرَّةٍ خيراً يَرَهُ، ومَنْ يعملْ مِثقالَ ذَرَّةٍ شرًّا يَرَهُ}، أو الكيلُ - كالأوعيةِ - نحو: (عندي جَرَّةٌ ماءً، وكيسٌ قمحاً، وراقودٌ خَلاًّ، ونِحْيٌ سَمناً، وحُبٌّ عسلاً"، وما أشبه ذلك، أو المِقياسَ، نحو: (عندي مَدُّ يَدِكَ حبلاً).

    [الراقود: خابية فخارية عظيمة مطلية من الداخل؛ والنِحي: الزق (من جلد السخلة؛ والحُب: إناء فخاري عظيم لحفظ الماء وتبريده بالرشح]

    د- ما أُجرِيَ مُجرَى المقادير - من كل اسمٍ مُبهَمٍ مُفتقرٍ إلى التّمييز والتّفسير، نحو: (لنا مِثلُ ما لَكم خيلاً. وعندنا غيرُ ذلك غَنَماً)، ومنه قولهُ تعالى: {ولو جئْنا بِمثلهِ مَدَداً}.


    هـ- ما كان فرعاً للتّمييز، نحو: (عندي خاتمٌ فِضّةً، وساعةٌ ذهباً، وثوبٌ صوفاً، ومِعطفٌ جوخاً).


    وحكمُ تمييز الذاتِ أنه يجوز نصبُهُ، كما رأيتَ، ويجوزُ جرُّه بمن، نحو: (عندي رِطلٌ من زيتٍ، ومِلْءُ الصّندوقِ من كتب)، وبالإضافة، نحو: (لنا قَصَبةُ أرضٍ، وقِنطارُ عَسَلٍ)، إلا إذا اقتضت إضافتُهُ إضافتْين - بأن كانَ المُمَيّزُ مضافاً - فتمتنعُ الإضافةُ، ويتَعيَّنُ نصبُهُ أو جَرُّهُ بِمِن، نحو: (ما في السّماءِ قدَرُ راحةٍ سَحاباً، أو من سَحابٍ). ويُستثنى منه تمييزُ العدَدِ، فإن له أحكاماً ستُذكر.


    2- تَمْيِيزُ النِّسْبَةِ وحُكمُهُ


    تمييزُ النّسبةِ: ما كان مُفسّراً لجملةٍ مُبهَمةِ النسبةِ، نحو: (حَسُنَ علي خُلُقاً. ومَلأ الله قَلبَكَ سُروراً). فإنَّ نسبةَ الحُسنِ إلى عليٍّ مُبهَمةٌ تحتملُ أشياءَ كثيرة، فأزلتَ إبهامَها بقولك (خلُقاً). وكذا نسبةُ مَلْءِ اللهِ القلبَ قد زال إبهامُها بقولك: (سروراً).

    ومن تمييزِ النسبةِ الاسمُ الواقعُ بعدَ ما يُفيدُ التَّعجُّبَ، نحو: (ما أشجعَهُ رجلاً. أكرمْ بهِ تلميذاً. يا لهُ رجلاً. للهِ درُّهُ بَطلاً. وَيحَهُ رجلاً. حَسبُكَ بخالدٍ شُجاعاً. كفى بالشَّيبِ واعظاً. عَظُمَ عليٌّ مَقاماً، وارتفعَ رتبةً).
    وهو على قسمين: مُحَوَّلٍ وغير مُحوَّل.


    فالمحوَّلُ: ما كانَ أصلُهُ فاعلاً؛ كقوله تعالى: {واشتعلَ الرأسُ شيباً}[فالأصل: اشتعل شيب الرأس]، ونحو: (ما أحسنَ خالداً أدباً!)، أو مفعولاً، كقوله سبحانهُ: {وفجَّرنا الأرضَ عُيوناً}، ونحو: (زَرَعتُ الحديقةَ شجراً)، أو مُبتدأ، كقوله عزَّ وجلَّ: (أنا أكثرُ منكَ مالاً وأعزُّ نفراً)، ونحو: (خليلٌ أوفرُ علماً وأكبرُ عقلاً).


    وحُكمهُ أنهُ منصوبٌ دائماً. ولا يجوزُ جرُّهُ بِمن أو بالإضافة، كما رأيتَ. وغيرُ المحول: ما كان غير محوّل عن شيء، نحو: (أكرمْ بسليم رجلاً. سَمَوتَ أديباً. عظُمت شجاعاً، لله دَرُّهُ فارساً, ملأتُ خزائني كُتُباً. ما أكرَمكَ رجلاً).
    وحُكمُهُ أنهُ يجوز نصبُهُ، كما رأيتَ، ويجوزُ جَرهُ بِمن، نحو: (لله دَرُّهُ من فارس. أكرِمْ به من رجل. سَمَوتَ من أديب).


    واعلم أنَّ ما بعدَ اسم التفضيل ينصَبُ وجوباً على التَّمييزِ، إن لم يكن من جنس ما قبلَهُ، نحو: (أنتَ أعلى منزلاً).


    فإن كان من جنس ما قبلهُ وجبَ جَرُّهُ بإضافتهِ، إلى (أفعل)، نحو: (أنتَ أفضلُ رجلٍ). إلاّ إذا كانَ (أفعَلُ) مضافاً لغير التَّمييز، فيجبُ نصبُ التمييز حينئذٍ، لتعذُّرِ الإضافة مَرتينِ، نحو: (أنتَ أفضلُ الناسِ رجلاً).

  7. #7
    3- حُكمُ تَمْيِيزِ العَدَدِ الصَّريح

    تمييزُ العددِ الصَّريحِ مجموعٌ مجرورٌ بالإضافة وجوباً، منَ الثلاثةِ إلى العشرة، نحو: (جاءَ ثلاثةُ رجالٍ، وعشرُ نِسوةٍ)، ما لم يكن التمييزُ لفظَ مِئَةٍ، فيكون مفرداً غالباً، نحو: (ثلاث مِئَةٍ). وقد يُجمعُ نحو: (ثلاثِ مئينَ، أو مِئاتٍ). أما الألفُ فمجموع البتةَ، نحو: (ثلاثة آلافٍ).

    واعلم أنَّ مُميَّزَ الثلاثةِ إلى العشرة، إنما يُجرُّ بالإضافة إن كان جمعاً كعشرةِ رجالٍ. فإن كان اسمَ جمعٍ أو اسمَ جنس، جُرَّ بمن. فالأولُ: كثلاثةٍ من القوم، وأَربعةٍ من الإبل، والثاني: كستَّةٍ من الطَّيرِ، وسَبعٍ من النَّخلِ. قال تعالى: {فَخُذْ أَربعةً من الطَّير}. وقد يُجرُّ بالإضافة كقوله تعالى:
    {وكان في المدينةِ تسعةُ رَهْطٍ}. وفي الحديثِ (ليس فيما دونَ خَمسٍ ذَوْدٍ صَدَقةٌ)،
    [الرهط: عدد من الرجال بين الثلاثة والعشرة] [الذود: عدد من الإبل ما بين الثلاث الى عشر. واللفظة مؤنثة، ولذلك كان العدد معها مذكراً. والصدقة الزكاة]

    وقال الشاعر:

    ثَلاثَةُ أَنفُسٍ، وثَلاَثُ ذَوْدٍ

    لَقَدْ جارَ الزَّمانُ على عِيالي

    وأما معَ أحدَ عشرَ إلى تسعةٍ وتسعينَ، فالتمييزُ مفردٌ منصوبٌ، نحو: (جاء أحدَ عشرَ تلميذاً، وتسعٌ وتسعونَ تلميذةً). وأما قوله تعالى: {وقَطَّعناهمُ اثنتيْ عشَرةَ أسباطاً}، فأسباطاً: ليس تمييزاً لاثنتيْ عَشرةَ، بل بدلٌ منه والتمييزُ مُقدَّر، أي: قطعناهم اثنتي عشرةَ فِرقةً، لأنَّ التمييزَ هنا لا يكونُ إلا مفرداً. ولو جازَ أن يكون مجموعاً - كما هو مذهبُ بعض العلماءِ - لَمَا جازَ هنا جعلُ (أَسباطاً تمييزاً، لأن الأسباطَ جمعُ سِبطٍ، وهو مُذكَّر، فكان ينبغي أن يُقالَ: وقطَّعناهم اثنتيْ عشرَ أسباطاً، لأنَّ الاثنين تُوافِقُ المعدودَ، والعشرةَ، وهي مركبةٌ، كذلك، كما مرَّ بك في بحث المركبات.


    وأما معَ المئَةِ والألفِ ومُثنَّاهما وجمعِهما، فهو مفردٌ مجرورٌ بالإضافة وجوباً، نحو: (جاءَ مِئَةُ رجلٍ؛ ومِئَتا امرأَةٍ، ومِئاتُ غُلامٍ، والفُ رجلٍ، وأَلفا امرأَةٍ، وثلاثةُ آلافِ غلامٍ). وقد شذَّ تمييزُ المِئَة منصوباً في قوله:


    إذا عاشَ الْفَتى مِئَتَيْنِ عاماً

    فَقَدْ ذّهَبَ الْمَسَرَّةُ وَالفَتاءُ

    4- (كم) الاستِفْهامِيَّة وتَمْيِيزُها


    كم على قسمينِ: استفهاميّة وخَبَريّة.


    فكَمِ الاستفهاميةُ: ما يُستفهَمُ بها عن عددٍ مُبهَمٍ يُراد تَعيينُهُ، نحو: (كم رجلاً سافرَ؟). ولا تقعُ إلاّ في صدر الكلامِ، كجميع أَدواتِ الاستفهام.

    ومُميّزُها مفردٌ منصوبٌ، كما رأَيتَ. وإن سبقها حرفُ جرّ جاز جره - على ضَعفٍ - بِمنْ مُقدَّرةً، نحو: (بكمْ درهمٍ اشتريتَ هذا الكتابَ؟) أَي: بكم من درهم اشتريته؟ ونصبُهُ أَولى على كلِّ حالٍ. وجرُّهُ ضعيفٌ. وأَضعفُ منه إظهارُ (مِنْ).
    ويجوزُ الفصلُ بينها وبينَ مُميِّزها. ويكثرُ وقوعُ الفصل بالظّرف والجارِّ والمجرور، ونحو: (كم عندَك كتاباً؟. كم في الدار رجلاً؟). ويَقِلُّ الفصلُ بينهما بخبرها، نحو: (كم جاءَني رجلاً؟)، أو بالعامل فيها نحو: (كمن اشتريتَ كتاباً؟).
    ويجوزُ حذفُ تمييزِها، مثل: (كم مالُكَ؟) أي: كم درهماً، أو ديناراً، هُو؟.
    وحُكمُها، في الإعرابِ، أَن تكونَ في محلِّ جرٍّ، إن سبقَها حرفُ جرٍّ، أو مضافٌ، نحو: (في كم ساعة بلغتَ دمَشقَ؟)، ونحو: (رأيَ كم رجلاً أّخذتَ؟)، وأن تكونَ في محل نصب إن كانت استفهاماً عن المصدر، لأنها تكونُ مفعولاً مطلقاً، نحو: (كم إحساناً أحسنت؟)، أو عن الظّرفِ، لأنها تكونُ مفعولاً فيه، نحو: كم يوماً غِبْتَ؟ وكم ميلاً سِرتَ؟)، أَو عن المفعول به، نحو: (كم جائزةً نِلْتَ؟) أَو عن خبر الفعلِ الناقصِ، نحو: (كم إخوتُكَ؟).


    فإن لم تكن استفهاماً عن واحدٍ مما ذُكرَ، كانت في محل رفعٍ على أنها مبتدأ أو خبرٌ. فالأولُ نحو: (كم كتاباً عندَكَ؟)، والثاني نحو: (كم كتُبكَ؟). ولك في هذا أيضاً أن تجعل (كم) مبتدأ وما بعدَها خبراً. والأول أولى.

  8. #8
    5- (كم) الخَبَرِيَّة وتَمْيِيزُها

    كم الخبريّةُ: هي التي تكون بمعنى (كثيرٍ) وتكونُ إخباراً عن عدَد كثير مُبهَمِ الكميّةِ، نحو: (كم عالمٍ رأيتُ!)، أي: رأيتُ كثيراً من العلماء ولا تقعُ إلاّ في صدر الكلامِ، ويجوز حذفُ مُميّزها، إن دلَّ عليه دليلٌ، نحو: (كم عَصَيتَ أمري!)، أي: (كم مَرَّةٍ عصيتَهُ!).

    وحكمُ مُميّزها أن يكونَ مفرداً، نكرةً، مجروراً بالإضافةِ إليها أو بِمن، نحو: (كم علمٍ قرأتُ!) ونحو: (كم من كريم أكرمتُ!). ويجوزُ أن يكون مجموعاً، نحو: (كم عُلومٍ أعرِفُ!). وإفرادُهُ أَولى.

    ويجوزُ الفصلُ بينها وبينَ مُميّزها. فإن فُصِلَ بينهما وجبَ نصبُهُ على التَّمييز، لامتناعِ الإضافةِ معَ الفصلِ، نحو: (كم عندكَ درهماً!)، ونحو: (كم لك يا فتى فضلاً!) أو جرُّه بِمنْ ظاهرةً، نحو: (كم عندكَ من درهم!). ونحو: (كم لك يا فتى من فضل!). إلاّ إذا كان الفاصل فعلاً مُتعدّياً متسلّطاً على (كم)، فيجبُ جرُّهُ بمن، نحو: (كم قَرأتُ من كتابٍ)، كيلا يلتبسَ بالمفعول به فيما لو قلت: (كم قَرأتُ كتاباً).


    (وذلك لأن الجملة الأولى تدل على كثرة الكتب التي قرأتها، والجملة الأخرى تدلّ على كثرة المرّات التي قرأت فيها كتاباً. فكم في الصورة الأولى في موضع نصب على أنها مفعول به مقدم لقرأت، وفي الصورة الأخرى في موضع نصب على أنها مفعول مطلق له. لأنها كناية عن المصدر، والتقدير: كم قراءة قرأت كتاباً فيكون تمييزها محذوفاً).


    ويجوز في نحوِ: (كم نالني منك معروفٌ!)، أن تَرفعَهُ على أنه فاعل (نالَ)، فيكون تمييزُ (كم) مقدَّراً، أي (كم مرَّةٍ!). ويجوز أن تنصبَهُ على التمييز، فيكون فاعلُ (نال) ضميراً مستتراً يعود إلى (كم).


    وحكمُ (كم) الخبريّةِ، في الإعراب، كحُكم (كم) الاستفهامية تماماً، والأمثلةُ لا تخفى.


    واعلم أنَّ (كم) الاستفهاميةَ و (كم) الخبريَّةَ، لا يَتقدَّمُ عليهما شيءٌ من متعلَّقاتِ جُملَتيهما، إلا حرفُ الجرّ والمضاف، فهما يَعملانِ فيهما الجرَّ. فالأولى نحو: (بكم درهماً اشتريتَ هذا الكتاب؟)

    ونحو: (ديوانَ كم شاعراً قرأتَ؟)، والثانيةُ نحو: (إلى كم بلدٍ سافرتُ!) ونحو: (خطبةَ كم خَطيبٍ سَمِعتُ فَوَعيتُ!)

    وتشترِكُ (كم) الاستفهاميةُ و (كم) الخبريّة في خمسةِ أمور: كونُهما كنايتَينِ عن عددٍ مُبهَمٍ مجهولِ الجنس والمِقدارِ، وكونُهما مُبنيَّتينِ، وكون البناءِ على السكونِ، ولُزومُ التصديرِ، والاحتياجُ إلى التَّمييز.

    ويفترقانِ في خمسة أُمور أيضاً:


    1- أنَّ مُميزيهما مختلفانِ إعراباً. وقد تقدَّم شرحُ ذلك.


    2- أنَّ الخبريّة تختصُّ بالماضي، كَرُبَّ، فلا يجوزُ أن تقول: (كم كتُبٍ سأشتري!)، كما لا تقولُ: (رُبَّ دارٍ سأبني). ويجوز أن تقول: (كم كتاباً ستشتري؟).


    3- أن المتكلَم بالخبرية لا يستدعي جواباً، لأنه مخبِرٌ، وليس بُمستفهِم.


    4- أنَّ التصديقَ أو التكذيب يتوجَّهُ على الخبرية، ولا يتوجّه على الاستفهاميّة، لأنَّ الكلامَ الخبريّ يحتملُ الصدقَ والكذبَ. ولا يحتملُهما الاستفهاميُّ، لأنه إنشائي.


    5- أنَّ المُبدَل من الخبريةِ لا يقترِنُ بهمزة الاستفهاميّة، تقولُ: (كم رجلٍ في الدار! عَشَرةٌ، بل عشرونَ). وتقولُ: (كم كتابٍ اشتريتَ! عَشَرةً، بل عشرينَ)، أما المُبدَلُ من الاستفهاميةِ فيقترن بها، نحو: (كم كتُبُكَ؟ أعشرَةٌ أم عشرون؟) ونحو: (كم كتاباً اشتريتَ؟ أَعشرةً، أَم عشرين؟).


    6- (كأَيِّنْ) وتَمْيِيزُها


    كأيّنْ: (وتُكتَبُ: كأيٍّ أيضاً) مثل: (كم) الخبريّة معنًى. فهي تُوافقُها في الإبهام، والافتقارِ إلى التمييز، والبناءِ على السكون، وإفادةِ التّكثير، ولُزومِ أن تكونَ في صدر الكلام، والاختصاصِ بالماضي.


    وحكمُ مُميزها أن يكون مفرداً مجروراً بِمِنْ، كقوله تعالى: {وكأيّنْ من نَبيّ قاتلَ معَهُ رِبَيُّونَ كثير}

    [الرِبيون: الألوف من الناس أو الجماعات. وفُسِرَت أيضاً هنا بالعلماء الأتقياء والعابدين والواحد (رِبِّي) نسبة الى الرِبة، وهي الجماعة]
    وقولهِ: {وكأيّنْ من دابّة لا تَحمِلُ رزقَها، اللهُ يَرزقُها وإياكم}
    [كأين: اسم كناية، في محل رفع مبتدأ. وجملة (لا تحمل رزقها): صفة الدابة وجملة (الله يرزقها وإياكم)، من المبتدأ والخبر: في محل رفع خبر (كأين)]
    وقولِ الشاعر:

    وَكائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ، لكَ مُعجبٍ

    زِيادَتُهُ، أَو نَقْصُهُ، في التَّكَلُّمِ!

    وقد يُنصبُ على قِلَّة، كقولِ الآخر:


    وَكائِنْ لَنا فَضْلاً عَلَيْكُمْ ومِنَّةً

    قَديماً! ولا تَدْرُونَ ما مَنُّ مُنْعِمِ؟
    وقول غيره:

    أُطْرُدِ الْيأْسَ بالرَّجا، فَكَأيِّنْ

    آلِماً حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُسْرٍ!

    وحكمها في الإعراب، كحكم أُختها (كم) الخبرية، إلا أنها إن وقعت مبتدأ لا يُخبَر عنها إلا بجملةٍ أو شبهها (أي الظَّرفِ والجارّ والمجرور)، كما رأيتَ ولا يُخبَرُ عنها بمفردٍ، فلا يقالُ: (كأينْ من رجلٍ جاهلٌ طريق الخير!)، بخلاف (كم).


    7- (كَذا) وتَمْيِيزُها


    تكونُ (كذا) كنايةً عن العددِ المبهَمِ، قليلاً كان أو كثيراً، نحو: (جاءني كذا وكذا رجلاً)، وعن الجملةِ، نحو: قلتُ: (كذا وكذا حديثاً) والغالب أن تكونَ مُكرَّرةً بالعطفِ، كما رأيت. وقد تُستعمَلُ مُفردَةً أو مكرَّرةً بلا عَطف.


    وحكمُ مُميّزها أنه مفردٌ منصوبٌ دائماً، كما رأيت. ولا يجوزُ جرهُ. قال الشاعر:


    عِدِ النَّفْس نُعْمى، بَعدَ بُؤْساكَ، ذاكراً

    كَذا وكَذا لُطْفاً بهِ نُسِيَ الجَهْدُ

    وحُكمُها في الإعراب أنها مبنيّةٌ على السكون. وهي تقع فاعلاً، نحو: (سافر كذا وكذا رجلاً)، ونائب فاعل، نحو: (أُكرِمَ كذا وكذا مجتهداً)، ومفعولاً به نحو:

    (أكرمتُ كذا وكذَا عالماً)، ومفعولاً فيه، نحو: (سافرتُ كذا وكذا يوماً. وسرت كذا وكذا ميلاً)، ومفعولاً مطلقاً، نحو: (ضربتُ اللصَّ كذا وكذا ضَربةً)، ومبتدأ، نحو: (عندي كذا وكذا كتاباً)، وخبراً، نحو: (المسافرونَ كذا وكذا رجلاً).

  9. #9
    8- بعضُ أَحكامٍ للتَّمْيِيز

    أ- عاملُ النّصبِ في تمييزِ الذاتِ هو الاسمُ المُبهَمُ المميَّزُ، وفي تمييزِ الجملةِ هو ما فيها من فعل أو شِبههِ.


    ب- لا يَتَقدَّمُ التمييزُ على عامله إن كان ذاتاً: (كرطل زيتاً)، أو فعلاً جامداً، نحو: (ما أحسنَهُ رجلاً. نِعمَ زيدٌ رجلاً. بِئس عَمرٌو امرأً). ونَدَر تَقدُّمُهُ على عاملهِ المتصرّفِ، كقولهِ:


    أَنَفْساً تَطِيبُ بِنَيْلِ المُنى؟

    وداعِي المْمَنُونِ يُنادي جِهارا!

    أمّا تَوسُّطُهُ بينَ العاملِ ومرفوعهِ فجائزٌ، نحو: (طابَ نفساً علي).

    ج- لا يكونُ التمييزُ إلاّ اسماً صريحاً، فلا يكونُ جملةً ولا شِبهَها.

    د- لا يجوز تعدُّدُهُ.


    هـ- الأصلُ فيه أن يكونَ اسماً جامداً. وقد يكونُ مشتقاً، إن كان وصفاً نابَ عن موصوفهِ، نحو: (للهِ دَرُّهُ فارساً!. ما أحسنَهُ عالماً!. مررت بعشرينَ راكباً).

    (لأن الأصل: "لله درّهُ رجلاً فارساً، وما أحسنه رجلاً عالماً، ومررت بعشرين رجلاً راكباً). فالتمييز، في الحقيقة، إنما هو الموصوف المحذوف).


    و- الأصلُ فيه أن يكونَ نكرةً. وقد يأتي معرفةً لفظاً، وهو في المعنى نكرةٌ، كقول الشاعر:


    رَأَيتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجوهَنا

    صَدَدْتَ، وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو

    وقول الآخر:


    (عَلاَمَ مُلِئْتَ الرُّعبَ؟ وَالحَرْبُ لم تَقِدْ).


    فإن (أل) زائدةٌ، والأصل: (طِبتَ نفساً، ومُلِئتَ رعباً)، كما قال تعالى: {لَوَلْيتَ منهم فراراً،، ولُمُلئتَ منهم رُعباً}. وكذا قولهم: (ألِمَ فلانٌ رأسَهُ) أي: (ألِمَ رأساً). قال تعالى: {إلاّ مَنْ سَفِه نَفسَه}، وقال: {وكم أهلكنا من قرية بَطِرَتْ مَعيشَتها}، أي: (سَفِهَ نفساً، وبَطِرَت مَعيشةً). فالمعرفةُ هنا، كما ترى، في معنى النكرة.


    (وكثير من النحاة ينصبون الاسم في نحو: (ألم رأيه، وسفه نفسه، وبطرت معيشتها) على التشبيه بالمفعول به. ومنهم من لم يشترط تنكير التمييز، بل يجيز تعريفه مستشهداً بما مرّ من الأمثلة. والحق أن المعرفة لا تكون تمييزاً إلا اذا كانت في معنى التنكير، كما قدمنا).


    ز- قد يأتي التمييزُ مؤكّداً، خلافاً لكثير من العُلماءِ، كقوله تعالى: {إنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللهِ اثنا عشرَ شهراً} ونحو: (اشتريتُ من الكتبِ عشرينَ كتاباً)، فشهراً وكتاباً لم يذكرا للبيانِ، لأنَّ الذات معروفة، وإنما ذُكرا للتأكيد. ومن ذلك قول الشاعر:


    وَ التَّغْلِبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُم

    فَحْلاً، وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ
    [الزلاَّء: الرسحاء، الخفيفة الوركين. والمنطيق: المرأة تضم الى عجيزتها حشيّةً تكبرها بها]

    ح- لا يجوزُ الفصلُ بينَ التمييزِ والعدَدِ إلاّ ضرورة في الشعر كقوله

    (في خَمْسَ عَشْرَةَ من جُمادَى لَيْلَةً)


    يريدُ: في خَمسَ عَشرَةَ ليلةً من جُمادى.


    ط- إذا جئتَ بعد تمييز العَددِ - كأحدَ عشرَ وأخواتها، وعشرين وأخواتها - بِنعتٍ، صَحّ أن تُفردهُ منصوباً باعتبارِ لفظِ التمييز، نحو: (عندي ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون، رجلاً كريماً)، وصَحَّ أن تجمعهُ جمعَ تكسيرٍ منصوباً، باعتبار معنى التمييز، نحو: (عندي ثلاثة عَشر، أو ثلاثون رجلاً كِراماً، لأن رجلاً هُنا في معنى الرجال، ألا ترى أنَّ المعنى: ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون من الرجال).


    ولكَ في هذا الجمعِ المنعوتِ به أن تحمِلَهُ، في الإعراب، على العَدَد نفسه، فتَجعلهُ نعتاً لهُ، نحو: (عندي ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون رجلاً كِراماً). ولكَ أن تقولَ: (عندي أَربعونَ درهماً عربياً أَو عربيّةً)، فالتذكير باعتبار لفظٍ الدرهم، والتأنيث باعتبار معناهُ، لأنه في معنى الجمع، كما تقدمَ.


    فإن جمعتَ نعتَ هذا التمييز جمعَ تصحيحٍ، وجبَ حملُهُ على نفسه، وجعلُهُ نعتاً لهُ لا للتمييز، نحو: (عندي أَربعةَ عشرَ، أو أَربعونَ، رجلاً صالحونَ).

    ي- قد يضافُ العددُ فيستغنى عن التّمييز، نحو: (هذه عَشَرَتُكَ، وعِشرُو أبيك، وأحدَ عشرَ أَخيكَ)، لأنك لم تُضِف إِلاَّ والمُميّزُ معلومُ الجنس عند السامع. ويستثنى من ذلك (اثنا عشرَ واثنتا عَشْرةَ)، فلم يُجيزُوا إضافتها، فلا يقال: (خُذِ اثنيْ عشرَكَ)، لأنَّ عَشْرَ هنا بمنزلةِ نون الاثنين، ونونُ الاثنينِ لا تجتمعُ هي والإضافة، لأنها في حكم التنوينِ، فكذلك ما كان في حكمها.
    واعلم أنَّ العددَ المركبَ، إذا اضيفَ، لا تُخِلُّ إِضافته ببنائه، فيبقى مبنيّ الجزءَين على الفتحِ، كما كان قبلَ إضافتهِ، نحو: (جاءَ ثلاثةَ عشرَكَ).

    ويرى الكوفيّون أنَّ العددَ المركّب إذا اضيفَ أعرب صدرُهُ بما تقتضيهِ العواملُ، وجرَّ عَجزُهُ بالإضافةِ نحو: "هذه خمسةُ عشَركِ. خُذْ خمسةَ عشرِكَ. أعطِ من خمسةِ عشرِكَ) والمختارُ عند النُّحاة أنَّ هذا العددَ يلزم بناءَ الجزءين، كما قدَّمنا.

  10. #10
    أشكركم أخي أسامة على المرور الكريم

    وعلى حد علمي، رغم أنني أتصرف قليلا بحذف بعض الأمثلة للزيادة في التوضيح، إلا أن هذا ما أورده شيخنا الجليل مصطفى الغلاييني رحمه الله، في موضوع الحال

    احترامي وتقديري

صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة اللغة العربية واللسانيات
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2015, 09:06 PM
  2. الدروس المستفادة من الثورات العربية الحالية
    بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-23-2013, 07:14 PM
  3. موسوعة من الخطوط العربية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-18-2011, 02:17 AM
  4. موسوعة شهداء الأمة العربية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2011, 10:33 AM
  5. موقع التعليم الإلكتروني باللغة العربية يقدم كافة الدروس مجانا
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2008, 10:56 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •