منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 8 من 12 الأولىالأولى ... 678910 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 119
  1. #71

    شرحبيل بن حسنة

    نسب شرحبيل بن حسنة وقبيلته :
    شرحبيل بن حسنة وهي أمه وهي عدوية ، وهو ابن عبد الله بن المطاع بن عمرو من كندة حليف لبني زهرة ، ويكنى أبا عبد الله . أسلم شرحبيل قديمًا بمكة ، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية .


    أهم ملامح شخصية شرحبيل بن حسنة : وكان يتميز بالشجاعة والإقدام ، يشهد له بذلك جهاده مع رسول الله ومع الخلفاء الراشدين من بعده ، ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن ، وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع .وكان صريحًا لا يخشى في الحق أحدًا ، فقد خطب عمرو بن العاص لما انتشر مرض الطاعون بالشام فقال : إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا في هذه الشعاب ، وفي هذه الأودية . فبلغ ذلك شرحبيل فغضب ، وجاء وهو يجر ثوبه معلقًا نعله بيده [1] .وقال شرحبيل بن حسنة لعمرو بن العاص : إن الطاعون وقع. فقال عمرو بن العاص : إنه رجس ، فتفرقوا عنه . قال شرحبيل بن حسنة : إني قد صحبت رسول الله وعمرو أضل من جمل أهله -وربما قال شعبة : أضل من بعير أهله- وإنه قال : " إنها رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه " . قال : فبلغ ذلك عمرو بن العاص ، فقال : صدق [2] .وكان يجيد القراءة والكتابة ، فقد كان من كُتَّاب الوحي .



    من مواقف شرحبيل بن حسنة مع الرسول: حدث موقف يدل على حبه للنبي ، وأنه يفضله على نفسه؛ فعن الشفاء ابنة عبد الله قالت : جئت يومًا حتى دخلت على النبي فسألته وشكوت إليه ، فجعل يعتذر إليَّ وجعلت ألومه قالت : ثم حانت الصلاة الأولى ، فدخلت بيت ابنتي وهي عند شرحبيل بن حسنة ، فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه وقلت : حضرت الصلاة وأنت هاهنا . فقال : يا عمه ، لا تلومني كان لي ثوبان استعار أحدهما النبي . فقلت : بأبي وأمي ، أنا ألومه وهذا شأنه . فقال شرحبيل : إنما كان أحدهما درعًا فرقعناه [3] .وكان شرحبيل هو الذي أخذ أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان من الحبشة بعد أن تزوجها رسول الله ، وقد زوجها إياه عثمان بن عفان وهي بنت عمته أمها ابنة أبي العاص ، زوجها إياه النجاشي وجهزها إليه وأصدقها أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان بن عفان لحمًا وثريدًا ، وبعث إليها رسول الله شرحبيل بن حسنة ، فجاء بها .


    من مواقف شرحبيل بن حسنة مع الصحابة والتابعين : إن أبا بكر الصديق لما حدث نفسه أن يغزو الروم لم يطلع عليه أحد ، إذ جاءه شرحبيل بن حسنة فجلس إليه فقال : يا خليفة رسول الله ، تحدثك نفسك أنك تبعث إلى الشام جندًا ؟ فقال : نعم ، قد حدثت نفسي بذلك، وما أطلعت عليه أحدًا ، وما سألتني عنه إلا لشيء . قال : أجل يا خليفة رسول الله ، إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تمشي في الناس فوق حرشفة (الحرشفة : الأرض الغليظة) من الجبل ، ثم أقبلت تمشي حتى صعدت قنة (قنة : القن بالضم الجبل الصغير) من القنان العالية ، فأشرفت على الناس ومعك أصحابك، ثم إنك هبطت من تلك القنان إلى أرض سهلة دمثة (دمثة : دمث المكان وغيره كفرح سَهُل ولان ، والدماثة سهولة الخلق) فيها الزرع والقرى والحصون ، فقلت للمسلمين : شنوا الغارة على أعداء الله ، وأنا ضامن لكم بالفتح والغنيمة . فشد المسلمون وأنا فيهم معي راية فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ، ثم جئت فأجدك قد جئت إلى حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم ، ووضع الله لك مجلسًا فجلست عليه ، ثم قيل لك : يفتح الله عليك وتنصر فاشكر ربك واعمل بطاعته ، ثم قرأ: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } [ النصر: 1] إلى آخرها ، ثم انتبهت فقال له أبو بكر: نامت عيناك ، خيرًا رأيت ، وخيرًا يكون إن شاء الله .ثم قال : بشرت بالفتح ونعيت إليَّ نفسي ، ثم دمعت عينا أبي بكر، ثم قال : أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس ، فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا ، وأما نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون ، فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب والمعاش، وأما قولي للمسلمين : شنوا الغارة على أعداء الله ، فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة ، فإن ذلك دنوّ المسلمين إلى بلاد المشركين ، وترغيبي إياهم على الجهاد والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم ، وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها واستأمنوا فأمنتهم ، فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك ، وأما الحصن الذي فتح الله لي فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي ، وأما العرش الذي رأيتني عليه جالسًا فإن الله يرفعني ويضع المشركين ، قال الله تعالى ليوسف : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: 100] ، وأما الذي أمرني بطاعة الله وقرأ عليَّ السورة فإنه نعى إليَّ نفسي ، وذلك أن النبي نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة [4] .ومن مواقفه مع التابعين أن شرحبيل بن حسنة أغار على ساسمة مصبحًا ، فقال لمن معه من المسلمين : صلوا على الظهر. فمر بالأشتر يصلي على الأرض . فقال : مخالف خالف الله به . ومضى شرحبيل ومن معه ، فاستحوذ على ساسمة فخربها ، فهي خراب إلى اليوم [5] . استشهاد شرحبيل بن حسنة : قيل : مات شرحبيل بن حسنة يوم اليرموك [6] . ويقال : إنه طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد ، ومات في طاعون عمواس وهو ابن سبع وستين ، وحديثه في الطاعون ومنازعته لعمرو بن العاص في ذلك مشهورة [7] . المصادر : [1] ابن الأثير : أسد الغابة 2/391 .[2] مسند الإمام أحمد رقم (17753) ، 29/287، 288.[3] الحاكم : المستدرك رقم (6872)، 4/64.[4] المتقي الهندي : كنز العمال 5/ 858.[5] ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 1/ 3192.[6] السابق نفسه .[7] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 3/328 .
    --

  2. #72
    عبد الله بن الزبير نسبه هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي . وأمه السيدة " أسماء بنت أبي بكر الصديق ". وهو أحد العبادلة ، وأحد الشجعان من الصحابة ، وأحد من ولي الخلافة منهم ، يكنى أبا بكر. مولد عبد الله بن الزبير : ولد عام الهجرة ، وحفظ عن النبي وهو صغير، وحدَّث عنه بجملة من الحديث ، وهو يُعَدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة ، وكان فرح المسلمين بولادته كبيرًا ، وسعادتهم به طاغية ؛ لأن اليهود كانوا يقولون : سحرناهم فلا يولد لهم ولد .ونشأ عبد الله بن الزبير نشأة طيبة ، وتنسم منذ صغره عبق النبوة ، وكانت خالته السيدة عائشة رضي الله عنها تُعنَى به و تتعهده ، حتى كنيت باسمه ، فكان يقال له ا: " أم عبد الله "؛ لأنها لم تنجب ولدًا . قصة بيعة عبد الله بن الزبير للرسول: فعن هشام بن عروة ، عن أبيه وزوجته فاطمة ، قال : خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء . قالت أسماء رضي الله عنها : فجاء عبد الله بعد سبع سنين ليبايع النبي ، أمره بذلك أبوه الزبير، فتبسم النبي حين رآه مقبلاً ، ثم بايعه . أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير :

    1- كثرة حبه للعبادة بجميع أنواعها :

    يروي عبد الملك بن عبد العزيز، عن خاله يوسف بن الماجشون ، عن الثقة بسنده قال : قسَّم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال ؛ فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح .
    2- حبه الشديد للجهاد : لم يكن غريبًا على من نشأ هذه النشأة الصالحة أن يشب محبًّا للجهاد ؛ فقد شهد وهو في الرابعة عشرة من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة (15هـ/ 636م) ، واشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاءً حسنًا ، وخاض عمليات فتح شمال إفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد عثمان بن عفان ، وأبدى من المهارة والقدرة العسكرية ما كفل للجيش النصر ، كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر .
    بعض مواقف عبد الله بن الزبير مع الرسول:

    روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبي ؛ كان النبي قد احتجم في طست ، فأعطاه عبد الله بن الزبير قائلاً : " يا عبد الله ، اذهب بهذا الدم فأريقه حيث لا يراك أحد " . فلما بَعُد ، عمد إلى ذلك الدم فشربه ، فلما رجع قال : " ما صنعت بالدم ؟ " قال : إني شربته ؛ لأزداد به علمًا و إيمانًا ، وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي ، وجسدي أَوْلَى به من الأرض . فقال : " أبشرْ، لا تمسَّك النار أبدًا ، وويل لك من الناس ، وويل للناس منك " .و هو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين ، فحنَّكه رسول الله بتمرة لاكها في فِيه، ثم حنّكه بها ، فكان ريق رسول الله أول شيء دخل جوفه ، وسمّاه عبد الله ، وكناه أبا بكر بجدِّه أبي بكر الصّدّيق . مواقف عبد الله بن الزبير مع الصحابة :

    موقف عبد الله بن الزبير مع عمر بن الخطاب : تنبَّأ له عمر بن الخطاب بمستقبل باهر؛ لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه ؛ فقد مرَّ عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان ، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبةً لعمر وإجلالاً له ، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه ، فقال له عمر: ما لك لم تفر معهم ؟ فقال عبد الله : لم أجرم فأخافك ، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك . موقف عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان : كان لعبد الله بن الزبير مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية ، وكان عمال معاوية يدخلونها ، فكتب ابن الزبير لمعاوية خطابًا كتب فيه : (من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد ، إن عمالك يدخلون مزرعتي ، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن ، والسلام) .فلما وصل الخطاب لمعاوية كتب له خطابًا ذكر فيه : ( من معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول ، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها ، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك ، وعمالي إلى عمالك ، فهي لك ، والسلام ) . فلما قرأها بلَّها بالدموع ، وركب من مكة إلى معاوية في الشام ، وقبَّل رأسه ، وقال له: " لا أعدمك الله عقلاً أنزلك هذه المنزلة ". مواقف عبد الله بن الزبير مع التابعين : موقف عبد الله بن الزبير مع يزيد بن معاوية : لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة سنة (60هـ/ 679م) ، حرص على أخذ البيعة من الأمصار الإسلامية ، فلبت نداءه وبايعته دون تردد ، في حين استعصت عليه بلاد الحجاز حيث يعيش أبناء الصحابة الذين امتنعوا عن مبايعة يزيد ، وكان في مقدمة الممتنعين الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، غير أن يزيد بن معاوية ألحَّ في ضرورة أخذ البيعة منهما ، ولو جاء الأمر قسرًا وقهرًا لا اختيارًا وطواعية ، ولم يجد ابن الزبير مفرًّا من مغادرة المدينة والتوجه إلى مكة ، والاحتماء ببيتها العتيق ، وسمَّى نفسه " العائذ بالبيت " ، وفشلت محاولات يزيد في إجباره على البيعة .وبعد استشهاد الحسين بن علي في معركة " كربلاء " في العاشر من المحرم سنة (61هـ/ 10 من أكتوبر 680م) التفَّ الناس حول ابن الزبير ، وزاد أنصاره سخطًا على يزيد بن معاوية ، وحاول يزيد أن يضع حدًّا لامتناع ابن الزبير عن مبايعته ، فأرسل إليه جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة ، غير أنه توفي وهو في الطريق إلى مكة، فتولى قيادة الجيش " الحصين بن نمير" ، وبلغ مكة في (26 من المحرم 64هـ) ، وحاصر ابن الزبير أربعة وستين يومًا ، دارت خلالها مناوشات لم تحسم الأمر، وفي أثناء هذا الصراع جاءت الأنباء بوفاة يزيد بن معاوية في (14 من ربيع الأول سنة 64هـ/ 13 من إبريل 685م) ، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوف جيش يزيد .

    موقف عبد الله بن الزبير مع الحصين بن نمير : توقف القتال بين الفريقين ، وعرض (الحصين بن نمير) على ابن الزبير أن يبايعه قائلاً له: "إن يك هذا الرجل قد هلك (أي يزيد) ، فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هلُمَّ فلنبايعك ، ثم اخرج معي إلى الشام ؛ فإن الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم ، فو الله لا يختلف عليك اثنان " . لكن ابن الزبير رفض هذا العرض ، الذي لو قبله لربما تمَّ له الأمر دون معارضة ؛ لأن بني أمية اضطرب أمرهم بعد موت يزيد بن معاوية ورفْض ابنه معاوية بن يزيد تولي الأمر، ثم لم يلبث أن تُوُفِّي هو الآخر بعد أبيه مباشرة .أعلن ابن الزبير نفسه خليفة للمسلمين عقب وفاة يزيد بن معاوية ، وبويع بالخلافة في (7 من رجب 64هـ/ 1 من مارس 648م) ، ودخلت في طاعته ومبايعته الكوفة ، والبصرة ، ومصر، وخراسان ، والشام معقل الأمويين ، ولم يبق سوى الأردن على ولائه لبني أمية بزعامة حسان بن بَحْدَل الكلبي ، ولم يلق ابن الزبير تحديًا في بادئ الأمر، فهو صحابي جليل تربَّى في بيت النبوة ، واشتهر بالتقوى والصلاح والزهد والورع ، والفصاحة والبيان والعلم والفضل ، وحين تلفَّت المسلمون حولهم لم يجدوا خيرًا منه لتولي هذا المنصب الجليل .
    بعض الأحاديث التي نقلها عبد الله بن الزبير عن النبي: يروي عروة ، عن عبد الله بن الزبير ، أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي في شِرَاج الحَرَّة التي يسقون بها النخل ، فقال الأنصاري : سرِّح الماء يمر . فأبى عليه ، فاختصما عند النبي ، فقال رسول الله للزبير : " اسْقِ يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك ". فغضب الأنصاري ، فقال : أن كان ابن عمتك ! فتلوَّن وجه رسول الله ، ثم قال : " اسْقِ يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر" . فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] .وعن أبي نعيم ، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، عن عباس بن سهل بن سعد ، قال : سمعت ابن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس ، إن النبي كان يقول : " لو أن ابن آدم أُعطِي واديًا مَلْئًا من ذهب أحبَّ إليه ثانيًا ، ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا ، ولا يسدّ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ".
    ما قيل عن عبد الله بن الزبير : - قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله يومًا لابن أبي مُلَيْكة : صِفْ لنا عبد الله بن الزبير . فقال : " والله ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه ، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه ، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله ، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحًا ، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي ، فو الله ما أحسَّ بها ولا اهتزَّ لها ، ولا قطع من أجلها قراءته ، ولا تعجَّل ركوعه ".- وسئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما بينهم من خلاف : " كان قارئًا لكتاب الله ، مُتَّبِعًا سنة رسوله ، قانتًا لله ، صائمًا في الهواجر من مخافة الله ، ابن حواريّ رسول الله ، وأمه أسماء بنت الصديق ، وخالته عائشة زوجة رسول الله ، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله " .- قال عمر بن قيس : " كان لابن الزبير مائة غلام ، يتكلّم كل غلام منهم بلغة أخرى ، وكان الزبير يكلّم كلَّ واحد منهم بلغته ، وكنت إذا نظرتُ إليه في أمر دنياه قلت : هذا رجلٌ لم يُرِد الله طرفةَ عين . وإذا نظرتُ إليه في أمر آخرته قلت : هذا رجلٌ لم يُرِد الدنيا طرفة عين " .
    وفاة عبد الله بن الزبير : توجّه الحَجَّاج الثقفي بعد مقتل مصعب بن الزبير على رأس جيش كبير من عشرين ألفًا من جند الشام إلى الحجاز، وضرب حصارًا على مكة، فأصاب أهل مكة مجاعة كبيرة . وراح عبد الله بن الزبير يسأل أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ، ماذا يفعل وقد تخلّى عنه الناس ؟ فقالت له : " إن كنت على حقٍّ فامضِ لشأنك ، لا تمكّن غلمان بني أميّة ، وإن كنتَ إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت ! أهلكت نفسك ومن معك؛ القتل أحسن " . فقال : " يا أُمَّتِ، إني أخاف إن قتلوني أن يمثِّلوا بي " . قالت : " إنّ الشاة لا يضرُّها سلخها بعد ذبحها " .فخرج من عندها ، وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في (17 من جمادى الأولى 73هـ/ 4 من أكتوبر 692م) ، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين . وكان عُمر ابن الزبير يوم استشهاده 72 سنة .
    --

  3. #73
    أبو أيوب الأنصاري
    نسبه أبو أيوب الأنصاري هو خالد بن زيد بن كليب بن مالك بن النجار، معروف باسمه وكنيته . و أمه هند بنت سعيد بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج من السابقين . روى عن : النبي , وعن أُبَيِّ بن كعب ، روى عنه : البراء بن عازب , وزيد بن خالد ، والمقدام بن معد يكرب , وابن عباس, وجابر بن سمرة , وأنس , وغيرهم من الصحابة وجماعة من التابعين ، شهد العقبة وبدرًا وما بعدها ، ونزل عليه النبي لما قدم المدينة فأقام عنده حتى بنى بيوته ومسجده . إسلام أبي أيوب الأنصاري:
    أسلم أبو أيوب قبل هجرة النبي إلى المدينة ، وشهد العقبة .

    أثر الرسول في تربية أبي أيوب الأنصاري:

    حدث عبد الله بن عباس , فقال : خرج أبو بكر في الهاجرة , يعني نصف النهار في شدة الحر, فرآه عمر, فقال: يا أبا بكر, ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع, فقال عمر: وأنا والله ما أخرجني غير ذلك, فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله فقال: "ما أخرجكما هذه الساعة؟", قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع, فقال: "وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غير ذلك, قوما معي, فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري ".وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعامًا, فإذا لم يأت أطعمه لأهله , فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب , وقالت : مرحبا بنبي الله ومن معه, فقال رسول الله : " أين أبو أيوب ؟" فسمع أبو أيوب صوت النبي , وكان يعمل في نخل قريب له, فأقبل يسرع وهو يقول : مرحبا برسول الله وبمن معه , ثم قال : يا رسول الله , ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه , فقال : " صدقت " , ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله , فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر, وقال : يا رسول الله , كُلْ من هذا , وسأذبح لك أيضًا . فقال : " إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن" , وقدم الطعام إلى رسول الله , فأخذ منه رسول الله قطعة من لحم الجدي ووضعها في رغيف , وقال : " يا أبا أيوب , بادر بهذه القطعة إلى فاطمة الزهراء , فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام " , فلما أكلوا وشبعوا قال النبي : "خبز ولحم وتمر وبسر ورطب , ودمعت عيناه , ثم قال : والذي نفسي بيده , هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة", وبعد الطعام قال رسول الله لأبي أيوب : " ائتنا غدا", وكان النبي لا يصنع له أحد معروفًا إلا أحب أن يجازيه , فلما كان الغد, ذهب أبو أيوب إلى النبي, فأهداه جارية صغيرة تخدمه , وقال له : استوص بها خيرًا , عاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية , وقال لزوجته : هذه هدية من رسول الله لنا , ولقد أوصانا بها خيرًا وأن نكرمها, فقالت أم أيوب : وكيف تصنع بها خيرًا لتنفذ وصية رسول الله ؟ فقال: أفضل شيء أن نعتقها ابتغاء وجه الله وقد كان .فهذه أخي المسلم نبذة عن حياة هذا الصحابي الجليل في سلمه , أما عن موقف أبي أيوب الأنصاري من الجهاد في سبيل الله ؛ فقد عاش أبو أيوب حياته غازيًا, حتى قيل : إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون في عهد رسول الله , وبعد وفاته ظل جنديًّا في ساحات الجهاد , وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشًا بقيادة ابنه يزيد لفتح (القسطنطينية) , وكان أبو أيوب وقتها بلغ عمره ثمانين سنة , ولم يمنعه كبر سنه من أن يقاتل في سبيل الله , ولكن في الطريق مرض مرضًا أقعده عن مواصلة القتال , وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود أن يقاتلوا , وأن يحملوه معهم , وأن يدفنوه عند أسوار (القسطنطينية) ولفظ أنفاسه الأخيرة , وهناك حفروا له قبرًا وواروه فيه .بعض مواقف أبي أيوب الأنصاري من حياته مع الرسول :كان الرسول قد دخل المدينة مختتمًا بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة ، ومستهلاً أيامه المباركة في دار الهجرة, التي ادَّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس .و سار الرسول وسط الجموع التي اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة، ومحبة وشوقًا ، ممتطيًا ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامه ، كُلٌّ يريد أن يستضيف رسول الله .وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف ، فاعترضوا طريق الناقة قائلين: (يا رسول الله ، أقم عندنا ، فلدينا العدد والعدة والمنعة) , ويجيبهم الرسول وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة : " خَلّوا سَبيلَها فَإِنَّها مَأمُورة ". ويبلغ الموكب دور بني بياضة ، فَحيّ بني ساعدة ، فحيّ بني الحارث بن الخزرج ، فحيّ عدي بن النجار .وكل بني قبيلة من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، وملحّين أن يسعدهم النبي بالنزول في دورهم ، وهو يجيبهم , وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة: "خَلّوا سَبيلَها فَإِنَّها مَأمُورة ". فكان الرسول ممعنًا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه ، ومن أجل هذا ترك هو أيضًا زمام ناقته وأرسله ، فلا هو يثني به عنقه ، ولا يستوقف خطاه ، وتوجّه إلى الله بقلبه ، وابتهل إليه بلسانه : " اللَّهُمَّ خر لِي ، واختَرْ لِي" , وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة ، ثم نهضت وطوَّفت بالمكان ، ثم عادت إلى مبركها الأول ، وألقت جرانها ، واستقرت في مكانه . وكان هذا السعيد الموعود ، الذي بركت الناقة أمام داره ، وصار الرسول ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية، هو البطل أبو أيوب الأنصاري، الذي جعلت الأقدار من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم والرسول الكريم .وروي عن سعيد بن المسيب : أن أبا أيوب أخذ من لحية رسول الله شيئا , فقال له : " لا يصيبك السوء يا أبا أيوب " , وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة ، وابن أبي عاصم من طريق أبي الخير, عن أبي رهم: أن أبا أيوب حدثهم أن النبي نزل في بيته , وكنت في الغرفة فهريق ماء في الغرفة ، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا نتتبع الماء شفقًا أن يخلص إلى رسول الله ، فنزلت إلى رسول الله وأنا مشفق فسألته , فانتقل إلى الغرفة , قلت : يا رسول الله , كنتَ ترسل إليّ بالطعام فأنظر, فأضع أصابعي حيث أرى أثر أصابعك حتى كان هذا الطعام , قال : " أجل إن فيه بصلاً , فكرهت أن آكل من أجل الملك ، وأما أنتم فكلوا " .وروى أحمد من طريق جبير بن نفير، عن أبي أيوب قال: لما قدم النبي المدينة اقترعت الأنصار أيهم يؤويه , فقرعهم أبو أيوب .. الحديث .



    أثر أبي أيوب الأنصاري في الآخرين:
    ولقد عاش أبو أيوب طول حياته غازيًا ، وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشًا بقيادة ابنه يزيد ؛ لفتح القسطنطينية , وكان أبو أيوب آنذاك شيخًا طاعنًا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره , فلم يمنعه ذلك من أن ينضوي تحت لواء يزيد , وأن يمخر عباب البحر غازيًا في سبيل الل ه..لكنه لم يمض غير قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضًا أقعده عن مواصلة القتال ، فجاء يزيد ليعوده وسأله : ألك من حاجة يا أبا أيوب ؟ فقال : اقرأ عني السلام على جنود المسلمين ، وقل لهم : يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينية ، ولفظ أنفاسه الطاهرة رحمه الله .



    بعض الأحاديث التي نقلها أبو أيوب الأنصاري عن المصطفى:
    يروي الزهري , عن عطاء بن يزيد الليثي , عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله : " إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة , ولا يولها ظهره , شرقوا أو غربوا ". وعن البراء بن عازب , عن أبي أيوب رضي الله عنهما قال : خرج النبي وقد وجبت الشمس , فسمع صوتًا , فقال : " يهود تعذب في قبورها " , وعن ابن شهاب , عن عطاء بن يزيد الليثي , عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا , وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ".



    مواقف أبي أيوب الأنصاري مع التابعين:

    عن الزهري ، عن سالم ، قال : أعرست ، فدعا أبي الناس ، فيهم أبو أيوب ، وقد ستروا بيتي بجنادي أخضر , فجاء أبو أيوب ، فطأطأ رأسه ، فنظر فإذا البيت مستر, فقال : يا عبد الله ، تسترون الجدر؟ فقال أبي واستحيا : غلبنا النساء يا أبا أيوب , فقال : من خشيت أن تغلبه النساء ، فلم أخش أن يغلبنك , لا أدخل لكم بيتًا ، ولا آكل لكم طعامًا .وعن محـمد بن كعب ، قال : كان أبو أيوب يخالف مروان، فقال : ما يحملك على هذ؟ قال : إني رأيت رسول الله يصلي الصلـوات ، فإن وافقته وافقناك ، وإن خالفته خالفناك .وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن أبيه ، قال : انضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري في البحر، وكان معنا رجل مزاح ، فكان يقول لصاحب طعامنا : جزاك الله خيرًا وبرًّا ، فيغضب , فقلنا لأبي أيوب : هنا من إذا قلنا له : جزاك الله خيرًا يغضب , فقال : اقلبوه له , فكنا نتحدث : إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر, فقال له المزاح: جزاك الله شرًّا وعرًا ، فضحك ، وقال : ما تدع مزاحك .


    وفاة أبي أيوب الأنصاري:

    قال الوليد عن سعيد بن عبد العزيز: أغزى معاوية ابنه في سنة خمس وخمسين في البر والبحر، حتى أجاز بهم الخليج ، وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها ، ثم قفل .وعن الأصمعي ، عن أبيه : أن أبا أيوب قبر مع سور القسطنطينية، وبني عليه ، فلما أصبحوا ، قالت الروم : يا معشر العرب، قد كان لكم الليلة شأن , قالوا : مات رجل من أكابر أصحاب نبينا ، والله لئن نبش ، لا ضرب بناقوس في بلاد العرب , فكانوا إذا قحطوا ، كشفوا عن قبره ، فأمطروا .قال الواقدي : مات أبو أيوب سنة اثنتين وخمسين ، وصلى عليه يزيد ، ودفن بأصل حصن القسطنطينية , فلقد بلغني أن الروم يتعاهدون قبره ، ويستسقون به . وقال خليفة : مات سنة خمسين . وقال يحيي بن بكير : سنة اثنتين وخمسين .
    -- .

  4. #74

    المقدام بن معد يكرب


    نسبه وقبيلته المقدام بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب بن عبد الله بن وهب بن ربيعة بن الحارث[1] .




    مواقفه مع الصحابة وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان ، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي توفي؟ فرجع (أي قال : إنا لله وإنا إليه راجعون) المقدام . فقال له رجل : أتراها مصيبة ؟ قال له : ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله في حجره فقال : " هذا مني وحسين من علي " ؟! فقال الأسدي : جمرة أطفأها الله . قال : فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ، ثم قال : يا معاوية ، إن أنا صدقت فصدقني ، وإن أنا كذبت فكذبني . قال : أفعل . قال : فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله نهى عن لبس الذهب ؟ قال : نعم . قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله نهى عن لبس الحرير؟ قال : نعم . قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها ؟ قال: نعم . قال : فو الله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية . فقال معاوية : قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام. قال خالد: فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه، وفرض لابنه في المائتين، ففرقها المقدام على أصحابه . قال : ولم يعط الأسدي أحدًا شيئًا مما أخذ ، فبلغ ذلك معاوية فقال : أما المقدام فرجل كريم بسط يده ، وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه [2].





    من الأحاديث التي رواها عن رسول الله روي البخاري في صحيحه " أن المقدام بن معد يكرب روى عن النبي قال : " كيلوا طعامكم يبارك لكم " . شرح الحديث : (كيلوا طعامكم) أي: زنوه عند شرائه أو بيعه . (يبارك لكم) لامتثال أمر الشارع بكيله ؛ حتى لا يحصل شك أو منازعة ، وبفضل التسمية عند كيله ولدعائه فيها بالبركة في مد المدينة وصاعها . وعن المقداد بن معد يكرب قال : " رأيت رسول الله توضأ ، فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ، ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ ".وعن المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله : " للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ، ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر، و يأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور، ويشفع في سبعين من أقاربه " [3].و عن المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله : " إذا أحب أحدكم أخاه، فليعلمه إياه ".وورد في سنن ابن ماجه "عن المقدام بن معد يكرب ، أن رسول الله قال: " إن الله يوصيكم بأمهاتكم - ثلاثًا - إن الله يوصيكم بآبائكم ، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب "[4].وجاء في سنن الدارمي عن المقدام بن معد يكرب الكندي: أن رسول الله حرم أشياء يوم خيبر الحمار وغيره ، ثم قال: " ليوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدث بحديثي فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، ما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله فهو مثل ما حرم الله "[5].



    الوفاة يعد في أهل الشام ، وبالشام مات سنة سبع وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة ، عاش إلى خلافة عبد الملك ، ويقال : إلى خلافة ابنه الوليد [6] .




    المصادر : [1] ابن عبد البر: الاستيعاب 1/467.[2] سنن أبي داود : باب في جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ ، رقم (4133) ، 4/115 . قال الألباني : صحيح .[3] سنن الترمذي : في ثواب الشهيد (1663) ، 4/187. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وقال الألباني : صحيح . [4] رواه ابن ماجه : كتاب الأدب (3661) ، 2/1207، قال الألباني : صحيح .[5] رواه الدارمي : السنن ، باب : السنة قاضية على كتاب الله (586) ، 1/153. قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح .[6] ابن عبد البر: الاستيعاب 1/ 476.

  5. #75

    أبو إمامة الباهلي



    نسبه

    هو صدي بن عجلان بن وهب أبو إمامة الباهلي , غلبت عليه كنيته ولم يعلم في اسمه اختلافًا, وكان يسكن حمص .





    أثر الرسول في تربية أبي إمامة الباهلي :
    يقول أبو إمامة الباهلي أن رسول الله مر به وهو يحرك شفتيه , فقال : " ماذا تقول يا أبا أمامة " , قال : أذكر ربي تعالى , قال : " أفلا أخبرك بأكبر وأفضل من ذكر الليل مع النهار والنهار مع الليل تقول : سبحان الله عدد ما خلق , وسبحان الله ملء ما خلق , وسبحان الله عدد ما في الأرض والسماء , وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء , وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه , وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه , وسبحان الله عدد كل شيء , وسبحان الله ملء كل شيء , وتقول الحمد لله مثل ذلك " .




    بعض ما رواه أبو إمامة الباهلي عن النبي :
    يقول أبو إمامة الباهلي : شهدت خطبة رسول الله يوم حجة الوداع فقال قولاً كثيرًا حسنًا جميلاً وكان فيها : " من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا , ومن أسلم من المشركين فله أجره وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا ". وسمع أبو أمامة الباهلي رسول الله يقول : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه , اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما, اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة ".ويروي أبو إمامة الباهلي عن رسول الله قال : " ثلاثة كلهم ضامن على الله رجل خرج غازيًا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة , ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة , ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله ".وعن أبي إمامة الباهلي قال : قلت : يا رسول الله , مرني بأمر ينفعني الله به , قال : " عليك بالصيام فإنه لا مثل له " .ويحدث أبو إمامة الباهلي فيقول : جاء رجل إلى النبي فقال : أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟ فقال رسول الله : " لا شيء له " , فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله : " لا شيء له " , ثم قال : " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه " .وعن أبي إمامة الباهلي عن رسول الله قال : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم , وهو قربة لكم إلى ربكم, ومكفرة للسيئات و منهاة عن الإثم " .






    موقف أبي إمامة الباهلي مع هرقل :

    عن أبي إمامة الباهلي عن هشام بن العاص الأموي قال : بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل ندعوه إلى الإسلام , فنزلنا على جبلة فدعوناه إلى الإسلام ، فإذا عليه ثياب سواد , فسأله عن ذلك قال : حلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام , قال : فقلنا له : والله لنأخذن مجلسك هذا , و لنأخذن منك الملك الأعظم أخبرنا بهذا نبينا , قال : لستم بهم , ثم ذكر قصة دخولهم على هرقل واستخلائهم , فأخرج لهم ربعة فيها صفات الأنبياء إلى أن أخرج لهم صورة محمد فإذا هي بيضاء ، فقال : أتعرفون هذا ؟ قال : فبكينا , وقلنا : نعم , فقام قائمًا ثم جلس فقال : والله إنه لهذا قلنا : نعم قال : فأمسك ثم قال : أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم , ثم قال : لو طابت نفسي بالخروج من ملكي لوددت أني كنت عبدًا لأسدكم في ملكه حتى أموت , قال : فلما رجعنا حدثنا أبا بكر فبكى ثم قال : لو أراد الله به خيرًا لفعل , ثم قال : أخبرنا رسول الله أنهم واليهود يعرفون نعت النبي .






    موقف أبي إمامة الباهلي مع التابعين :

    عن سليم بن عامر قال : جاء رجل إلى أبي إمامة فقال : يا أبا إمامة إني رأيت في منامي الملائكة تصلي عليك كلما دخلت وكلما خرجت وكلما قمت وكلما جلست , قال أبو إمامة : اللهم غفرًا دعونا عنكم وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [ الأحزاب: 41- 43] .






    أثر أبي إمامة الباهلي في الآخرين : دعوته وتعليمه :
    يقول محمد بن زياد الألهاني : كنت آخذًا بيد أبي إمامة صاحب رسول الله فانصرفت معه إلى بيته فلا يمر بمسلم ولا صغير ولا أحد إلا قال : سلام عليكم سلام عليكم , فإذا انتهى إلى باب داره التفت إلينا ثم قال : أي ابن أخي أمرنا نبينا أن نفشي السلام .عن محمد بن زياد رأيت أبا إمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده ويدعو ربه فقال أبو أمامة : أنت أنت لو كان هذا في بيتك .عن سليمان بن حبيب المحاربي دخلت على أبي إمامة مع مكحول وابن أبي زكريا فنظر إلى أسيافنا فرأى فيها شيئًا من وضح , فقال : إن المدائن والأمصار فتحت بسيوف ما فيها الذهب ولا الفضة فقلنا : إنه أقل من ذلك , فقال : هو ذاك أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم , وكانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه , قال : فقال مكحول لما خرجنا من عنده : لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل .يقول سليمان بن حبيب المحاربي قال : دخلت مسجد حمص فإذا مكحول وابن أبي زكريا جالسان فقال مكحول : لو قمنا إلى أبي إمامة صاحب رسول الله فأدينا من حقه وسمعنا منه قال : فقمنا جميعًا حتى أتيناه فسلمنا عليه فرد السلام ثم قال : إن دخولكم علي رحمة لكم وحجة عليكم ولم أر رسول الله من شيء أشد خوفًا على هذه الأمة من الكذب والعصبية , ألا وإياكم والكذب والعصبية , ألا وإنه أمرنا أن نبلغكم ذلك عنه , ألا وقد فعلنا فأبلغوا عنا ما بلغناكم .






    وفاة أبي إمامة الباهلي :
    توفي سنة إحدى وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة , ويقال : مات سنة ست وثمانين .






    المراجع : - تهذيب الكمال - تفسير الطبري - صحيح مسلم .
    - سنن أبي داود - سنن النسائي - صحيح ابن خزيمة .
    - الإصابة في تمييز الصحابة - أسد الغابة - الاستيعاب.





  6. #76
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله عنا وعنهم كل خير هم النجوم والعمالقة هم انوار النية والفعل لقد تالمت عندما قرات فهل سنجد مثلهم اليوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ظ
    وفاء الزاغة

  7. #77

    المثنى بن حارثة

    المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان الربعي الشيباني .




    حال المثنى بن حارثة في الجاهلية : كان المشهور عن المثنى بن حارثة أنه من أشراف قبيلته وشيخ حربها ورجاحة عقله وإدارته المتميزة في المعارك .وفي الجاهلية أغار المثنى بن حارثة الشيباني ، وهو ابن أخت عمران بن مرة ، على بني تغلب ، وهم عند الفرات ، فظفر بهم فقتل من أخذ من مقاتلتهم وغرق منهم ناسٌ كثير في الفرات وأخذ أموالهم وقسمها بين أصحابه .






    قصة إسلام المثنى بن حارثة : وفد المثنَى بن حارثة بن ضَمضَم الشّيبانيّ إلى الرسول سنة تسع مع وفد قومه ، وكان شهمًا شجاعًا ميمون النقيبة حسن الرأي .

    أهم ملامح شخصية المثنى بن حارثة :

    - حسن إدارته الشديدة للمعارك :
    كانت أنباء هزيمة الجسر ثقيلة على المسلمين ؛ حتى إن عمر بن الخطاب ظل أشهرًا طويلة لا يتكلم في شأن العراق ؛ نظرًا لما أصاب المسلمين هناك ، ثم ما لبث أن أعلن النفير العام لقتال الفرس في العراق ؛ فتثاقل الناس عليه ، وعندما رأى ذلك قرر أن يسير هو بنفسه للقتال والغزو ، فأشعل سلوكه ذلك الحماسة في قلوب المسلمين ، فقدمت عليه بعض القبائل من الأزد تريد الجهاد في الشام، فرغبهم في الجهاد في العراق ، ورغبهم في غنائم كسرى والفرس ، وقدمت عليه قبيلة بجيلة ، واشترطوا أن يقاتلوا في العراق على أن يأخذوا ربع الغنائم التي يحصلون عليها ، فوافق عمر . وبدأت الجموع المجاهدة تتوافد على المثنى ، الذي لم يكف عن ترغيب العرب في الجهاد , واكتملت قوات المسلمين تحت قيادة المثنى بن حارثة ، في مكان يسمى " البويب " (يقع حاليًا قرب مدينة الكوفة) ، وكان نهر الفرات بين الجيشين ، وكان يقود الفرس " مهران الهمداني " الذي أرسل إلى المثنى يقول له : " إما أن تعبروا إلينا أو أن نعبر إليكم " ، فرد عليه المثنى : " أن اعبروا أنتم إلينا " . و كان ذلك في (14 من رمضان 14هـ = 31 من أكتوبر 1635م ) ويرى بعض المؤرخين أنها وقعت في رمضان سنة 13هـ، إلا أن تتبع ما وقع من أحداث في العراق يجعل الرأي الأقرب للصواب هو 14هـ . وقد أمر المثنى المسلمين بالفطر حتى يقووا على القتال ، فأفطروا عن آخرهم ، ورأى المثنى أن يجعل لكل قبيلة راية تقاتل تحتها ؛ حتى يعرف من أين يخترق الفرس صفوف المسلمين ، وفي هذا تحفيز للمسلمين للصمود والوقوف في وجه الفرس .وأوصى المثنى المسلمين بالصبر والصمت والجهاد ؛ لأن الفرس عندما عبروا إلى المسلمين كانوا يرفعون أصواتهم بالأهازيج والأناشيد الحماسية ، فرأى المثنى أن ذلك من الفشل وليس من الشجاعة , وخالط المثنى جيشه مخالطة كبيرة فيما يحبون وفيما يكرهون ؛ حتى شعر الجنود أنه واحد منهم ، وكانوا يقولون : " لقد أنصفتنا من نفسك في القول والفعل ". ونظم المثنى جيشه ، وأمرهم ألا يقاتلوا حتى يسمعوا تكبيرته الثالثة ، ولكن الفرس لم يمهلوه إلا أن يكبر تكبيرة واحدة حتى أشعلوا القتال ، وكان قتالاً شديدًا عنيفًا ، تأخر فيه النصر على المسلمين ، فتوجه المثنى إلى الله تعالى وهو في قلب المعركة بالدعاء أن ينصر المسلمين، ثم انتخب جماعة من أبطال المسلمين وهجموا بصدق على الفرس فهزموهم ، وعندما استشهد " مسعود بن حارثة " وكان من قادة المسلمين وشجعانهم وهو أخو المثنى قال المثنى : " يا معشر المسلمين لا يرعكم أخي ؛ فإن مصارع خياركم هكذا "، فنشط المسلمون للقتال ، حتى هزم الله الفرس . وقاتل مع المثنى في هذه المعركة أنس بن هلال النمري وكان نصرانيًّا ، قاتل حمية للعرب ، وكان صادقًا في قتاله ، وتمكن أحد المسلمين من قتل " مهران " قائد الفرس ، فخارت صفوف الفرس ، وولوا هاربين ، فلحقهم المثنى على الجسر، وقتل منهم أعدادًا ضخمة ، قدرها البعض بمائة ألف ، ولكن هذا الرقم لا يشير إلى العدد الفعلي، ولكنه كناية عن الكثرة فقط . وقد سميت معركة البويب بـ" يوم الأعشار" ؛ لأنه وجد من المسلمين مائة رجل قتل كل منهم عشرة من الفرس ، ورأى المسلمون أن البويب كانت أول وأهم معركة فاصلة بين المسلمين والفرس ، وأنها لا تقل أهمية عن معركة اليرموك في الشام . ومن روعة المثنى أنه اعترف بخطأ ارتكبه أثناء المعركة رغم أنه حسم نتيجة المعركة ، فقال : " عجزت عجزة وقى الله شرها بمسابقتي إياهم إلى الجسر حتى أحرجتهم ؛ فلا تعودوا أيها الناس إلى مثلها ؛ فإنها كانت زلة فلا ينبغي إحراج من لا يقوى على امتناع " .




    بعض مواقف المثنى بن حارثة مع الرسول : ذكر قاسم بن ثابت فيما رأيته عنه من حديث عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب في خروجهما هو وأبو بكر مع رسول الله لذلك قال علي : وكان أبو بكر في كل خير مقدمًا فقال : ممن القوم ؟ فقالوا : من شيبان بن ثعلبة, فالتفت أبو بكر إلى رسول الله فقال: بأبي أنت وأمي ، هؤلاء غرر في قومهم وفيهم مفروق بن عمر وهانئ بن قبيصة ومثنى بن حارثة و النعمان بن شريك, وكان مفروق بن عمر قد غلبهم جمالاً ولسانًا وكانت له غديرتان وكان أدنى القوم مجلسًا من أبي بكر فقال له أبو بكر : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق : إنا لنزيد على الألف ولن تغلب الألف من قلة , فقال أبو بكر : كيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق : علينا الجهد ولكل قوم جد , فقال أبو بكر : فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ فقال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبًا لحين نلقى وأنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا ويديل علينا أخرى لعلك أخو قريش .. فقال أبو بكر: أوقد بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا , فقال مفروق : قد بلغنا أنه يذكر ذلك فإلام تدعو يا أخا قريش ؟ فتقدم رسول الله : " أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله وأن تؤوني وتنصروني , فإن قريشًا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد ", فقال مفروق : وإلام تدعو أيضًا يا أخا قريش ؟ فقال رسول الله : {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151] , فقال مفروق : وإلام تدعو أيضًا يا أخا قريش ؟ فقال رسول الله : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] .فقال مفروق : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال , ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك , وكأنه أراد أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة , فقال : هذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا, فقال هانئ : قد سمعنا مقالتك يا أخا قريش وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر زلة في الرأي وقلة نظر في العاقبة , وإنما تكون الزلة مع العجلة , ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدًا ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر, وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة , فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا , فقال المثنى : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا و اتباعنا دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر وإنا إنما نزلنا بين صريي اليمامة و السمامة فقال رسول الله : " ما هذان الصريان ", فقال : أنهار كسرى ومياه العرب, فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول , وأما ما كان من مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول , وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثًا ولا نؤوي محدثًا , وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه أنت هو مما يكرهه الملوك , فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا, فقال رسول الله : " ما أسأتم في الرد إذ فصحتم في الصدق , وإن دين الله لن ينصره إلا من حاط من جميع جوانبه, أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نسائهم أتسبحون الله وتقدسونه ", فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذا , فتلا رسول الله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46] ثم نهض رسول الله فأخذ بيدي , فقال : " يا أبا بكر، أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض , وبها يتجاوزون فيما بينهم ".




    بعض مواقف المثنى بن حارثة مع الصحابة : عندما أسلم المثنى بن حارثة كان يغِير هو ورجال من قومه على تخوم ممتلكات فارس ، فبلغ ذلك الصديق أبا بكر ، فسأل عن المثنى، فقيل له : " هذا رجل غير خامل الذكر ، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد ". و لم يلبث المثنى أن قدم على المدينة المنورة ، وقال للصديق : " يا خليفة رسول الله استعملني على من أسلم من قومي أقاتل بهم هذه الأعاجم من أهل فارس " ، فكتب له الصديق عهدًا ، ولم يمضِ وقت طويل حتى أسلم قوم المثنى .




    أثر المثنى بن حارثة في الآخرين : وعندما رأى المثنى البطء في الاستجابة للنفير قام خطيبًا في الناس فقال : " أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه ؛ فإنا قد فتحنا ريف فارس ، وغلبناهم على خير شقي السواد ، ونلنا منهم ، واجترأنا عليهم ، ولنا إن شاء الله ما بعده ".




    بعض كلمات المثنى بن حارثة : وقال المرزباني : كان مخضرمًا وهو الذي يقول : سألوا البقية والرماح تنوشهم *** شرقي الأسنة والنحور من الدمفتركت في نقع العجاجة منهم *** جزرًا لساغبة ونسـر قشعم


    وفاة المثنى بن حارثة : لمّا ولي عمر بن الخطاب الخلافة سيّر أبا عبيد بن مسعود الثقفي في جيش إلى المثنى ، فاستقبله المثنى واجتمعوا ولقوا الفرس بـ ( قس الناطف ) واقتتلوا فاستشهد أبو عبيد ، وجُرِحَ المثنى فمات من جراحته قبل القادسية ، رضي الله عنهما .


    المصادر : الإصابة في تمييز الصحابة .عيون الأثر في المغازي والسير .موقع إسلام أون لاين .
    --

  8. #78


    الأقرع بن حابس الدرامي







    اسمه ولقبه

    هو الأقرع بن حابس بن عقال التميمي المجاشعي الدارمي ، اسمه فراس بن حابس ؛ ولقب الأقرع لقرع كان به في رأسه . وهو عم الشاعر المشهور الفرزدق .




    حاله في الجاهلية كان من سادات العرب في الجاهلية ، إذ كان من وجوه قومه بني تميم . وهو أحد حكام العرب في الجاهلية ، كان يحكم في كل موسم ، وهو أول من حرَّم القمار .


    قصة إسلامه لما قدم وفد تميم كان معهم ، فلما قدموا المدينة قال الأقرع بن حابس حين نادى: يا محمد ، إِنَّ مدحي زَيْنٌ ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ . فقال رسول الله : " ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " . و قيل : بل الوفد كلهم نادوا بذلك ، فخرج إليهم رسول الله وقال : " ذلكم الله ، فما تريدون ؟" قالوا : نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك و نفاخرك . فقال النبي : " ما بالشعر بعثنا ، ولا بالفخار أمرنا ، ولكن هاتوا ". فقال الأقرع بن حابس لشاب منهم : قم يا فلان ، فاذكر فضلك وقومك . فقال : الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء ، فنحن خير من أهل الأرض ، أكثرهم عددًا ، وأكثرهم سلاحًا، فمن أنكر علينا قولنا فليأتِ بقول هو أحسن من قولنا ، وبفعال هو أفضل من فعالنا ". فقال رسول الله لثابت بن قيس بن شماس الأنصاري - وكان خطيب النبي - : " قم فأجبه " . فقام ثابت فقال : الحمد لله أحمده و أستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوهًا ، وأعظم الناس أحلامًا، فأجابوه . والحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزًّا لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها مُنع منا نفسه وماله ، ومن أباها قاتلناه ، و كان رغمُه في الله تعالى علينا هيّنًا . أقول قولي هذا ، وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات . فقال الزبرقان بن بدر لرجل منهم : يا فلان ، قم فقُلْ أبياتًا تذكر فيها فضلك وفضل قومك . فقال :نحن الكرام فلا حي يعادلنـا *** نحن الرءوس وفينا يقسم الربـعونطعم الناس عند المحل كلهم *** من السديف إذا لم يؤنس القزعإذا أبيـنا فلا يأبى لنا أحـد *** إنا كذلك عند الفـخر نرتفـعفقال رسول الله : " عليَّ بحسان بن ثابت " . فحضر، وقال : قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العود [1]. فقال له رسول الله : " ثَمَّ، فأجبه ". فقال : أسمعني ما قلت . فأسمعه ، فقال حسان : نصرنا رسـول الله والدين عنـوة *** على رغم عات من معد وحاضربضرب كإبزاغ المخاض مشاشـة *** وطعن كأفواه اللقـاح الصـوادرألسنا نخوض الموت في حومة الوغى *** إذا طاب ورد الموت بين العساكرفأحياؤنا من خير من وطئ الحصى *** وأمـواتنا من خير أهل المقـابرفلولا حيـاء الله قلنـا تكرمـًا *** على الناس بالخَيْفين هل من منافـرفقام الأقرع بن حابس فقال : إني والله يا محمد ، لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء ، قد قلت شعرًا فاسمعه . قال : " هات " . فقال : أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا *** إذا خالفونا عند ذكـر المكـارموأنَّا رءوس الناس من كل معسر *** وأن ليس في أرض الحجاز كدارمفقال رسول الله : " قم يا حسان ، فأجبه ". فقال :بني دارم لا تفخروا إن فخركم *** يعود وبالاً عند ذكر المكارمهبلتم علينا تفخرون وأنتـم *** لنا خول من بين ظئـر وخادمفقال رسول الله: " لقد كنت غنيًّا يا أخا بني دارم أن يذكر منك ما كنت ترى أن الناس قد نسوه ". فكان رسول الله أشد عليهما من قول حسان .فقام الأقرع بن حابس فقال : يا هؤلاء ، ما أدري ما هذا الأمر، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتًا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتًا ، وأحسن قولاً . ثم دنا إلى النبي فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . فقال رسول الله : " لا يضرّك ما كان قبل هذا " .وفي وفد بني تميم نزل قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [الحجرات: 4] .ثم أسلم القوم وبقوا بالمدينة مدةً يتعلمون القرآن والدين ، ثم أرادوا الخروج إلى قومهم ، فأعطاهم النبي وكساهم .


    بعض المواقف من حياته مع الرسول شهد مع رسول الله فتح مكة وحنينًا والطائف . ومن مواقفه مع النبي :حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْر: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ . قَالَ عُمَرُ : بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ . قَالَ أَبُو بَكْر ٍ: مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي . قَالَ عُمَرُ : مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ . فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا} حَتَّى انْقَضَتْ .حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا ، فَقَالَ الأَقْرَعُ : إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: " مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ ".أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ ، قَال َ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَ ّ" . فَقَالَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ : كُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ : " لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، ثُمَّ إِذًا لاَ تَسْمَعُونَ وَلاَ تُطِيعُونَ ، وَلَكِنَّهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ ".وكان من المؤلفة قلوبهم ؛ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كانت المؤلفة قلوبهم خمسة عشر رجلاً ، منهم : أبو سفيان بن حرب ، والأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وسهيل بن عمرو العامري ( رضي الله عنهم أجمعين ) .


    بعض المواقف من حياته مع الصحابة شهد الأقرع بن حابس مع خالد بن الوليد حروب العراق ، وأبلى فيها بلاءً حسنًا ، وكان على مقدمة خالد بن الوليد . واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيَّره إلى خراسان ، فأصيب بالجوزجان هو والجيش ، وذلك في زمن عثمان . ويُروى أن عيينة والأقرع استقطعا أبا بكر أرضًا ، فقال لهما عمر: إنما كان النبي يتألفكما على الإسلام ، فأما الآن فأجهدا جهدكما ؛ وقطع الكتاب .








    وفاته استشهد بجوزجان سنة 31هـ .
    --

  9. #79
    النعمان بن عمرو بن مقرن نسبه


    هو النعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن مزينة.



    قصة إسلام النعمان بن مقرن :
    كان يوم إسلامه يومًا مشهودًا , إذ أسلم معه عشرة أخوة له ومعهم أربعمائة فارس بين يدي رسول الله فقال فيهم : " إن للإيمان بيوتًا وللنفاق بيوتًا وإن بيـت بني مقرن من بيوت الإيمان ". بعض مواقف النعمان بن مقرن مع الرسول :

    ولقد شهد النعمان الغزوات كلها مع الرسول وكان له ولقبيلته دور بارز في محاربة المرتدين .وأخرج ابن شاهين من طريق يحيى بن عطية ، عن أبيه ، عن عمرو بن النعمان بن مقرن قال : قدم رجال من مزينة فاعتلوا على النبي أنهم لا أموال لهم يتصدقون منها ، وقدم النعمان بن مقرن بغنم يسوقها إلى النبي فنزلت فيه : {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 99] .



    بعض مواقف النعمان بن مقرن مع الصحابة : وكان النعمان بطل معركة نهاوند يوم أن ندبه أمير المؤمنين عمر لهذه المهمة الجليلة إذ كتب إليه قائلاً : " فإنه قد بلغني أن جموعًا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند ، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين ، ولا توطئهم وعرًا فتؤذيهم ولا تمنعهم حقًّا فتكفرهم ولا تدخلهم غيضة , فإن رجلاً من المسلمين أحب إلي من مائة ألف دينار والسلام عليكم ".. فسار النعمان بالجيش والتقى الجمعان ، ودارت المعركة حتى ألجـأ المسلمون الفـرس إلى التحصـن فحاصروهم وطال الحصـار عدة أسابيع وفكر المسلمون في طريقة يستخرجون فيها الفرس من حصونهم لمنجزتهم ، فبعثوا عليهم خيـلاً تقاتلهم بقيـادة القعقاع حتى إذا خرجـوا من خنادقهم تراجـع القعقاع فطمعوا وظنوا أن المسلمين قد هزموا، وكان النعمان قد أمـر جيش المسلمين ألا يقاتلوا حتى يأذن لهم وخاطبهم قائلاً : " إني مكبر ثلاثًا فإذا كبرت الثالثة فإني حامل فاحملوا ، وإن قتلت فالأمر بعدي لحذيفة فإن قتل ففلان " , حتى عد سبعة آخرهم المغيرة ، ثم دعا ربه قائلاً : " اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم ، اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام و اقبضني شهيدًا "..فبكى الناس من شدة التأثر ودارت المعركة على مشارف نهاوند ، وقاد النعمان المعركة بشجاعة نادرة وظفر بالشهادة التي كان يتمناها ، وتحقق الفتح العظيم الذي طلبه من الله ، فأخذ أخوه نعيم بن مقرن الراية وسلمها لحذيفة ، فكتم أمر استشهاده حتى تنتهي المعركة, وذهب البشير يخبر أمير المؤمنين عمر ويقول له : " فتح الله عليك، وأعظم الفتح ، واستشهد الأمير" , فقال عمر : إنا لله وإنا إليه راجعون , واعتلى المنبر ونعى إلى المسلمين النعمان بن المقرن أمير نهاوند و شهيدها , وبكى , وبكى حتى علا صوته بالبكاء رضي الله عن النعمان القائد المنتصر شهيد معركة فتح الفتوح .
    بعض الأحاديث التي نقلها النعمان بن مقرن عن الرسول : عن النعمان بن عمرو بن مقرن قال : قال رسول الله : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" .وعن معقل بن يسار، عن النعمان بن مقرن أنه قال : شهدت رسول الله إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس صححه الترمذي .وعن أبي خالد الوالبي عن النعمان بن مقرن قال : قال رسول الله وسب رجل رجلاً عنده قال فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام قال : قال رسول الله : "أما إن ملكًا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا قال له : بل أنت وأنت أحق به , وإذا قال له : عليك السلام قال : لا بل لك أنت أحق به " .وعن النعمان بن مقرن قال : قدمنا على رسول الله في أربعمائة من مزينة فأمرنا رسول الله بأمره فقال بعض القوم : يا رسول الله ما لنا طعام نتزوده فقال النبي لعمر : " زودهم " , فقال : ما عندي إلا فاضلة من تمر وما أراها تغني عنهم شيئًا, فقال : " انطلق فزودهم " , فانطلق بنا إلى علية له فإذا فيها تمر مثل البكر الأورق , فقال : خذوا , فأخذ القوم حاجتهم قال : وكنت أنا في آخر القوم قال : فالتفت وما أفقد موضع تمرة وقد احتمل منه أربعمائة رجل .



    استشهاد النعمان بن مقرن : عن معقل بن يسار: أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان فقال : أصبهان : الرأس ، وفارس وأذربيجان : الجناحان ، فإذا قطعت جناحًا فاء الرأس وجناح ، وإن قطعت الرأس ، وقع الجناحان . فقال عمر للنعمان بن مقرن : إني مستعملك ، فقال : أما جابيًا ، فلا ، وأما غازيًا ، فنعم ، قال : فإنك غازٍ , فسرحه .. وبعث إلى أهل الكوفة ليمدوه وفيهم حذيفة والزبير والمغيرة ، والأشعث ، وعمرو بن معدي كرب . فذكر الحديث بطوله . وهو في " مستدرك الحاكم " وفيه : فقال : " اللهم ارزق النعمان الشهادة بنصر المسلمين ، وافتح عليهم " , فأمنوا ، وهز لواءه ثلاثًا , ثم حمل ، فكان أول صريع . ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشهباء ، فانشق بطنه ، وفتح الله ، ثم أتيت النعمان و به رمق ، فأتيته بماء ، فصببت على وجهه أغسل التراب ، فقال : من ذا ؟ قلت : معقل , قال : ما فعل الناس ؟ قلت : فتح الله . فقال : الحمد لله , اكتبوا إلى عمر بذلك ، وفاضت نفسه .
    -- .

  10. #80
    عندما نقرأ عن هؤلاء الأفذاذ نستصغر أنفسنا ، ونستحقر من يقابل الله وعلى يديه دم مسلم ، أودموعه ، بهؤلاء انتصرنا ، فأين من هؤلاء من يقتل ويسلب ، من أجل شيء فان ، فما القاتل سيخلد بعد من قتل ، ولا الظالم سيطول به العمر وراء من ظلم ، فالجهالة كل الجهالة فيمن يسر بحزن غيره ويتمتع بمال سلبه من فم الفقراء، هؤلاء قوم عاشوا لله وفي الله ، والناس الآن تعيش في الدنيا ولأجلها ، بوركت كاتبنا الغالي.

صفحة 8 من 12 الأولىالأولى ... 678910 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. محاكمة الصحابة
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-31-2019, 08:18 AM
  2. هل هم من الصحابة؟
    بواسطة Husni Meho في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-18-2015, 07:18 PM
  3. أسد الغابة في معرفة الصحابة
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-26-2014, 05:37 AM
  4. الفتنة بين الصحابة
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-21-2014, 07:14 AM
  5. السحابة الحزينة-ترجمة
    بواسطة سارة الحكيم في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-19-2012, 01:14 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •