منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 41
  1. #31

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل السادس والعشرون: الكنيسة الكاثوليكية والإسلام ..

    تقديم: آنزو باتشي .. أستاذ في جامعة بادوفا ـ إيطاليا


    من الجائز أن يصبح تحليل الصورة التي تنحتها الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا عن الإسلام المعاصر موضوعا (سوسيولوجياً) مفيدا شريطة أن ندرس هذه المسألة في سياق ما استحدثته هذه الكنيسة من استراتيجية على إثر سقوط جدار برلين.

    ما هي استراتيجية الكنيسة الكاثوليكية؟

    بادرت الكنيسة الكاثوليكية بعد انهيار الشيوعية، الى إعلانها أن ذلك يعود الى انتصار ملكوت الخير على ملكوت الشر، وذكرت العالم بنشاطها من أجل دحر الشيوعية.

    ثم قامت الكنيسة الكاثوليكية لتعلن نفسها رائدة على صعيد العلاقات التواصلية، فإرادة الحوار التي يجب أن تسود العالم لا بد لها من أن يكون لها ممثلٌ عن الغرب المسيحي، وتقدم الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها الأكثر جدارة بهذا التمثيل عن كل المسيحيين بما فيهم الأرثوذكس والبروتستانت.

    إن الكنيسة الكاثوليكية بذلك التوجه الاستراتيجي، تريد أن تفرض هيمنتها على الكنائس الأخرى، ولكنها تحاول تغطية ذلك الاستحواذ بغطاء أخلاقي، يظهر الرغبة في سيادة السلام والمحبة في العالم، ومن جانب آخر تريد إظهار الإسلام كعدو لا تستطيع أي كنيسة التعامل معه كما تتعامل الكنيسة الكاثوليكية.

    وساطات الكنيسة الكاثوليكية وتدخلاتها

    في سعي بعض الدول الإسلامية للاندماج مع الكتلة الأوروبية الغربية، أو أخذ حظوة استثنائية منها، كما حدث في مطالبات المغرب بذلك سابقا، أو ما يحدث مع تركيا اليوم، فيجب على تلك الدول القبول بوساطة الكنيسة الكاثوليكية، أي القبول بأرضية حوار تقلل من المزاعم التبشيرية للاسلام في أوروبا، كما ذُكر في كتابات (Bastenier) و (Dassetto).

    نشاطات الكنيسة الكاثوليكية فيما يخص الإسلام

    تعتبر نشاطات الكنيسة الكاثوليكية حديثة العهد بالنسبة للإسلام، وتعود بداياتها (الحديثة) الى اهتمام (مجمع الفاتيكان الثاني عام 1963) وتبعه طائفة من الأحداث لها مضمون رمزي هائل مثل:

    1ـ خطابات البابا بولس السادس في آب/أغسطس 1969 في أوغندا.
    2ـ العديد من المنتديات الإسلامية المسيحية التي صارت تغذي المعرفة المتبادلة على المستوى اللاهوتي وبين علماء مسلمين، ابتداء من منتدى طرابلس 1976.
    3ـ لقاء البابا يوحنا بولس الثاني مع ملك المغرب الحسن الثاني 1985
    4ـ الصلوات المسكونية التوحيدية المقامة عام 1986 و 1992 في آسيزي.
    5ـ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للسودان 1993.

    لنلقي نظرة على التطور الحاصل في إنشاء صورة الإسلام داخل الكنيسة المسيحية الأوروبية:

    أولا: الصورة المشوهة

    كانت الصورة القديمة عن الإسلام في أوروبا من قبل الحروب الصليبية ولغاية العصر الراهن تتمثل بما يلي:

    1ـ الإسلام عبارة عن (هرطقة مسيحية) هذا ما قاله: يوحنا الدمشقي في الماضي. وهو ما قيل عن المسيحية من قبل اليهود على أن المسيحية عبارة عن هرطقة يهودية.

    2ـ يلقب محمد صلوات الله عليه، بألقاب أطلقها المسيحيون على اليهود بالدجل والتضليل.

    3ـ نعت المسيحيون الديانة الإسلامية بأنها ديانة المتعة الجسدية (مقابل المسيحية بأنها الديانة الروحانية).

    4ـ وعليه فإن الديانة الإسلامية أدنى مرتبة من الديانة المسيحية حسب (لاغرانج)

    ويصف (برنارد لويس) و (عبد الله العروي) أن بين الإسلام والمسيحية قامت (لعبة مرايا) تقليدية لا فكاك منها، إذ تصف كل ديانة الديانة الأخرى بالكفر والجهل.

    ثانيا: الصورة المصححة

    أعلن مجمع الفاتيكان الثاني وثيقة أسماها (إعلان القطيعة مع الماضي في 28/10/1964 سنلخص أهم ما جاء فيها:

    1ـ تكن الكنيسة الكاثوليكية للمسلمين تقديرا ساميا لأنهم يعبدون الرب الأوحد الحي الذي تكلم الى الإنسانية. وهم يخضعون لله شأنهم شأن ابراهيم عليه السلام.

    2ـ إنهم يكرمون عيسى المسيح عليه السلام باعتباره نبيا، كما يكرمون أمه مريم باعتبارها قديسة. على الرغم من أنهم ينكرون أن المسيح هو الله، حيث يصفونه أحيانا بالتقوى ومخافة الله.

    3ـ إنهم ينتظرون يوم الحساب عندما يجازي الرب كل العائدين. ويقدرون الحياة الأخلاقية ويعبدون الله صلاةً وصدقةً وصياماً.

    4ـ تنهي الوثيقة القول: لننس الفتن والأحقاد، ولننهض مدافعين معا عن العدل الاجتماعي والقيم الأخلاقية والسلم والحرية بين البشر.

    خاتمة

    يختتم المؤلف (الباحث الاجتماعي) ورقة عمله بالقول: إنه انقلاب هائل حدث من قبل الكنيسة الكاثوليكية (حسب اعتراف كافتارو: مفتي سوريا 1989).

    وبهذا تم إدراك المسيحيين أن الدين الإسلامي هو دين سماوي له وزنه وتأثيره في المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي. كما أقر الباحث أن المسلمين ينظرون للديانة المسيحية على أنها كديانتهم ديانة سماوية لها وزنها في كل المجالات.

  2. #32

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل السابع والعشرون: المغرب العربي في رؤية بلدان الشمال..
    (الصفحات من 519ـ 529)


    تقديم: تيومو ميلازيو .. باحث في معهد العلوم حول السلم ـ فنلندا

    مقدمة

    ينتمي أغلبية العالم العربي والمغرب العربي الى مجموع البحر الأبيض المتوسط الذي كان دائما وبطرق مختلفة يستجلب اهتمام بلدان الشمال والبلدان الاسكندينافية.

    ويعود اتصال الشعوب الاسكندينافية الى القرن الرابع قبل الميلاد، أي الى رحلة الجغرافي المارسيلي (بتيا Pitea) في القرن الرابع قبل الميلاد، كما عرفت بلاد المغرب العربي كخصم شرس للإمبراطورية الرومانية، وذلك في عصر الفينيقيين.

    وبالمقابل فإن (الفيكينز Vikings) قد بلغت مغامراتهم شمال إفريقيا، مرورا بمضيق جبل طارق أو مرورا بالبحر الأسود سالكين الأنهر الروسية، وقد عرف سكان المتوسط (الفيكينز Vikings) كتجار ممتازين للعنبر. وقد وجدت قطع نقدية (شرق أوسطية) قديمة في البلدان الاسكندينافية.

    ويذكر الكاتب (تيومو ميلازيو) الإدريسي وابن خلدون ويشهد بمعرفتهما بالشعوب والبلدان الاسكندينافية. ويذكر أيضا أنه بعد تنصير (الدول الاسكندينافية) في القرن التاسع، قد انخفضت وتيرة العلاقات بينهم وبين العرب.

    أولا: الوسط الفني

    استرعى المغرب العربي منذ القرن التاسع عشر اهتمام عدد من الفنانين الشماليين. وهم على وجه الخصوص من الرسامين والكتاب الذين يترددون على المغرب الكبير. فما هو مضمون صورة المغرب الكبير التي نقلوها الى جمهور الناس في الشمال وما هي دلالتها؟

    فيما يتصل بالأدب، حاول (ميكا والتاري Mika Waltari) على سبيل المثال، أن يرسم في أثره الروائي صورة عن مدن كتونس والجزائر، عندما كانتا تتبعان الإمبراطورية العثمانية. كذلك فعلت الكاتبة (آينو كالاس Aino Kallas) التي أقامت أعواما كثيرة في المغرب في العشرينات من القرن العشرين، في صحبة زوجها الدبلوماسي، فتحدثت في كتابها مفاتن المغرب (Marokon Lumoissa) بشكل إيجابي عن المغرب، وكانت تكتب عن النساء المغربيات اللواتي التقت بها، فكانت تشبه المرأة المغربية ب (نبتة السحلب الجميلة [أوركيدا: Orchidee) التي تمكث متحفظة دون أن تبوح بخوالجها وحركات النفس داخلها.

    كانت (آينو كالاس Aino Kallas) قريبة جدا من الحركة الفنلندية المسماة ب (حملة النار Tulenkantajatt) وهي حركة صوفية نحتت صورة عن الشرق وفتنت بها دون أن يكون كل أعضائها قد زاروا الشرق لكن اطلاعهم على العرب والبربر والموريين كونوا خيالا لدى أعضاء تلك الحركة.

    بالمقابل فإن أعمالا أدبية لكتاب مثل: (الطاهر بن جلون أو محمد ديب) قد ترجمت أعمالهم الى اللغة السويدية والفنلندية.

    وفيما يخص الرسم، فقد جاب الفنان الفنلندي (أكسيلي غالين كالالا) المنعوت بالرسام القومي لفنلندا البلاد التونسية بصحبة عالم الاجتماع (أدفارد واسترمارك). والرسام (باكمانسون) الذي قضى سنوات في المغرب وفي (فاس) بالذات حيث رسم (بورترييه) للسلطان (مولاي حافظ) عام 1909.

    ثانيا: الوسط العلمي

    تطرقت العلوم في البلدان الشمالية منذ القرن التاسع عشر الى ميادين علمية كثيرة تتعلق بالمغرب الكبير. وقام عالم الحيوان (ساهلبيرغ) بالسفر ودراسة الكائنات الحية وبالذات الحشرات في المغرب لحساب جامعة (توركو).

    كما قام مجموعة من العلماء بدراسة الأوضاع الاقتصادية فيما يخص البربر والطوارق حتى أصبح هذا المجال وكأنه تخصص تقليدي لعلماء الشمال أمثال (غوستا موبارغ).

    كما تشكلت جمعية لدراسات الشرق الأوسط في بلدان الشمال عام 1989، وقد عقدت مؤتمرها عام 1992 تحت عنوان (الشرق الأوسط: التنوع والوحدة)، تم مناقشة 120 بحثا فيه.

    ثالثا: الوسط السياسي

    تدلل الأعداد الوفيرة من (الفرمانات المغاربية) الموجودة في الأرشيفات الشمالية والتي تعود للحقبة العثمانية على العلاقات القائمة بين هذين الجزأين من العالم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

    أما في الفترة الاستعمارية، فتدلل كثرة القنصليات الشمالية في البلدان العربية والمغاربية على كثافة الاهتمام الشمالي.

    وقد ابتدأ (أولف بالم) رئيس وزراء السويد حياته السياسية بالنضالات الشعبية التي سببتها (حرب الجزائر) وكانت صحيفة (المجاهد) الجزائرية لسان حال جبهة التحرير الجزائرية، تترجم الى اللغة السويدية لمدة أربع سنوات.

    كما أن الزيارات التي كانت تتم أثناء حروب التحرير المغاربية الى الدول الشمالية (الحبيب بو رقيبة) أو زيارة الرئيس الفنلندي (أورو كاكونين ) الى تونس تدلل على عمق التواصل والاهتمام.

    كما علينا أن لا ننسى ارتياح العرب للإقامة بحرية في الدول الشمالية، والأوساط الحميمية التي يعيشون فيها. لم يذكر الباحث اتفاقية أوسلو ليدلل على ذلك، لكنها تدلل على ما ذهب إليه.

  3. #33

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الثامن والعشرون: في معضلة الباحث ووضع البحث في العلوم الاجتماعية حول العالم العربي في الجامعة الفرنسية..
    صفحات (531ـ 544)


    تقديم: اليزابيث لونغنس .. باحثة بالمركز الوطني للبحث العلمي cnrc باريس .


    (1)

    كان العالم العربي في أعين الجيل الذي بلغ من العمر عقدين سنة 1968، يعني أولا وقبل كل شيء الجزائر و فلسطين. أما العربي فكان يعني عنده (فرانز فانون)*1 و (عبد القادر)، ذلك المكافح من أجل تحرير بلاده ضد الهيمنة الاستعمارية.

    بعد تصفية الاستعمار ودخول العالم في الحرب الباردة، عاش الفرنسيون حياة ممزوجة بين عظمة الإمبراطورية وبين انحطاطها. فما من فرنسي إلا وكان له أخ أو عم أو خال كان ضمن المسيرين أو المبعوثين أو المبشرين في المستعمرات، وما أن جاء عام 1960 حتى دخل الفرنسيون في مرحلة تأمل في ماضيهم الاستعماري وخطابهم الإنساني.

    تنامى عدد الطلاب الفرنسيين باطراد فقفز من 100 ألف طالب الى 600 ألف طالب، خلال 15 سنة، وكان هؤلاء الطلبة ليسوا من أبناء العائلات الأرستقراطية بل معظمهم من عموم الشعب، ومع تيسر الحصول على الأخبار من وسائل الإعلام الحديثة، اتخذت الدراسات الاجتماعية المهتمة بعلوم الاجتماع للشعوب طريقا مستقلا، وأصبح (سارتر) و (هنري لفيفر) و (ألتوسير) و (فوكو) و(ليفي شتراوس) منارات للحياة الفكرية والجامعية.

    وبنفس الوقت كانت البلدان العربية تتغير هي الأخرى، فخرج منها أشخاص يهتمون بالطب والعمران والعلوم والسياسة وكان هناك من مصر وتونس وأقطار عربية أخرى أشخاص يكتبون عن الفكر المقارن، ويؤشرون على ثغرات في الفكر الغربي والفرنسي بالذات.

    (2)

    تقدم الباحثة الفرنسية نفسها، لتربط هذا التقديم ببحثها، فتذكر أنها تنتمي للفكر الشيوعي، وقد عاشت في منطقة سوريا ولبنان وصاهرت اللبنانيين، وعليه فإنها ستكون في موضع يسمح لها وكأنها تتكلم من الداخل العربي، بروح ماركسية، حتى وإن كان تمويل بحوثها من دولتها المنتمية للفكر الليبرالي الاستعماري.

    وتعرج الباحثة على الماركسيين العرب، فتقول: أنهم أخطئوا إذ قدموا أنفسهم على أنهم يلتزمون بفكر مستورد، مما جعلهم لا يتقدمون في نضالهم، وكان أولى بهم أن يراعوا واقعهم العربي ويكيفوا أفكارهم التي من خصائصها وحدة النضال العالمي وتلاحم مشاكل المضطهدين في كل أنحاء العالم، ويجعلوا تلك الأفكار منسجمة مع واقع مجتمعاتهم وطبيعة تفكيرها، وأنهم لو فعلوا ذلك، لما كانت تلك الحركات الأصولية المتطرفة لتظهر في المنطقة العربية.

    لذلك، عليهم مراجعة مسلكهم النضالي مراجعة دامية حتى يستطيعوا إعادة تقديم أنفسهم بشكل مقنع لشعوبهم.

    وبعد عودتها لفرنسا، تقول الباحثة: أنها عاودت التفكير الى واقع المنطقة العربية بعيون فرنسية، وليس كما كانت تتناول ذلك الواقع وهي تعيش في لبنان.

    (3)

    في فرنسا، صارت المسألة المتعلقة بدراسة مجتمع ما، تنكب على معرفة الشروط التي بمقتضاها يمكن إنتاج نوع من المعرفة حول ذلك المجتمع. وصار السؤال هو: كيف يمكن للجامعة الفرنسية وللأشخاص الذين ينتمون الى حرمها أن ينتجوا، على وجه الحصر والتحديد، معرفة المجتمعات العربية؟ وما هي شروط هذه المعرفة وما هي أهدافها؟

    سابقا، وعلى الأقل حتى نهاية السبعينات من القرن العشرين، كانت العلوم الاجتماعية متأثرة بالحوارات الأيديولوجية السياسية أكثر مما هي عليه اليوم، وكانت المواقف النظرية تنحو منحى شمولياً وإقصائياً. وكان الأمر يصدق على جميع الماركسيين صدقاً أشد. وكانت النزعة الفردية للباحث تظهر في المساجلات بين المتحاورين.

    إن الخطاب الغربي حول المجتمعات العربية يتأثر بالضرورة بتطور المجتمعات العربية وبتطور المجتمعات الغربية على حد سواء. ويمكن القول بأن الاستشراق الكلاسيكي قد زال من الوجود، بزوال موضوعه، أي أن الاستشراق الذي يمكن لصقه بما يسمى (ثقافة العلماء) الذين يكونون مواقفهم من خلال مواقف وثقافة علماء آخرين. لقد تغير هذا النمط من المعرفة والثقافة تجاه (الآخر) بتغير وسائل ومصادر تلك المعرفة، وظهر جيل من العلماء أقل شهرة ممن قبلهم، لكن إنتاجهم ليس بالضرورة أن يكون أقل قيمة من إنتاج من سبقهم.

    (4)

    بعد التشظي الذي حصل في جهود المستشرقين، وبعد تشابك الجهود بين المفكرين في العالم الغربي والبلدان العربية، فإننا لا زلنا ننتظر إعادة صياغة الصور النهائية لتلك المعرفة الجديدة حول الآخر (العربي).

    ثمة من الناس من يكتب، وثمة من يتكلم، وثمة من نتكلم عنهم، وثمة من نُقَوُلهم وثمة من يُعَلِم الآخرين، وثمة من نرسم لهم الكتب والمصادر والمراجع لنسوقهم لمعرفة نحن نحدد شكلها.

    وكما أنه في فرنسا من هو مهتم باستمرار في مثل تلك البحوث أمثال (أوليفييه كاري) و (برونو إيتيان) و (جان لوكا) على سبيل المثال لا الحصر، فإن في الوطن العربي شخصيات معترف بها عالميا مثل (سمير أمين) و (غسان سلامة) و (جورج قرم) .. وهناك آلاف الطلبة العرب الذين يعدون لشهادات الدكتوراه في فرنسا، وهناك الكثير من المفكرين في الجاليات العربية في فرنسا، وهناك في البلدان العربية من العاملين كالنمل باجتهادهم وبتواضع أكبر وفي الخفاء يقومون بعملهم بعيدين عن الاستعراض المسرحي، كل ذلك يجعل الصورة الحالية متشابكة ومتفاعلة في انتظار توضيح معالمها.

    (5)

    للبحوث الاجتماعية، مطلبان: الأول يستدعيه الوضع السياسي الراهن ويعبر عنه رجال السياسة والمثقفون ويرتبط بالإعلام. والثاني، مطلب علمي يصدر عن الهيئة الجامعية والعلمية.

    في المطلب الثاني، تعني البحوث في فنون العمارة والنقل والري والصحة ولكنها ليست بعيدة عن المطلب الأول، كذلك تعني البحوث المهتمة بالمرأة والأسرة وغيرها.

    في الستينات من القرن الماضي، كانت المشاكل المطروحة تعني بالتحرر والتخلص من التبعية الاستعمارية وتستدعي حشد الجهود لتحقيق تلك الأهداف، ولم تكن تنتبه الى قضايا تفصيلية متعلقة بالمجتمع والبناء والموسيقى وغيرها.

    (6)

    تقول الباحثة: قادتني دراسة حول المهندسين العرب، الى التفكير في تعريف الوضع المهني، فنموذج المهندس في عقلية الغرب هو المهندس الذي يستكمل سياقات منهج التعليم الهندسي في البلدان المتقدمة.

    في الحالة العربية، يعبر المهندس العربي عن مهنته تعبيرا قد يختلف عن التعبير عند الفرنسي، وعلينا أن نقبل بذلك كما نقبله عند المهندس الأمريكي والياباني والمهندس الإفريقي.

    هذا الوضع يجعلنا نتروى في إعلان تشخيصنا لبعض المشكلات العربية، كما فهمناها من خلال مخزوننا المعرفي، وبالتالي فإن المدارس والجامعات التي تخرج مثل هؤلاء المهندسين في البلدان العربية ليست مطالبة بالالتزام بتدويل وعولمة المعرفة الهندسية.

    (7)

    تختتم الباحثة بحثها بالقول: المطلوب إذن هو أن نركز تفكيرنا من جديد في شروط إنتاج المعرفة وفي ما تفرضه الخطابات العلمية من رهانات على كل سياق قومي.

    ويبدو لي (الكلام للباحثة) أن قراءتنا نحن الغربيين للمجتمعات العربية لن تكون أبدا سوى قراءة متأثرة بقراءتنا لمجتمعاتنا.

    وتتساءل الباحثة: هل يجوز لنا أن نتجاهل كيف تخلط وسائل إعلامنا بين الإسلام والإسلاميين، وتتناسى غالب الأحيان أن وراء طاغية ما يوجد شعب هو أول ضحاياه. وعليه فإن المطلوب أن نطور بحوثنا هنا في فرنسا حول الوطن العربي، وأن لا نجاهر بالنتائج قبل التيقن أننا كنا غير متحيزين لصور قُدمت لنا مشوهة.





    هوامش
    *1ـ فرانز فانون، طبيب فرنسي وفيلسوف أسود من مواليد (المارتينيك)، عمل مع الجيش الفرنسي في الجزائر ولكنه انضم الى جبهة التحرير الوطني الجزائري، والتي عين سفيرا لحكومتها المؤقتة في غانا، ترأس صحيفة المجاهد الجزائرية، وتوفي بعد مرض عضال عام 1961 عن عمر 36 سنة.

  4. #34

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل التاسع والعشرون: صورة الآخرين: المخاوف الحقيقية والكاذبة في العلاقات العربية ـ الأوروبية ..

    تقديم: سيغوردن سكيرباك .. أستاذ في جامعة أوسلو النرويج
    الصفحات (545ـ 558)

    أولا: الحكم المسبق عن الآخرين

    لم يأتِ الباحث هنا بجديد، فقد ذكره من قدمناه، فهو يؤكد وجود قوالب جامدة لدى الناس أو الأفراد، تجاه الآخرين، وهذا يشمل العلاقات العربية الأوروبية.

    ثانيا: برنامج الأنوار

    أن تفهم كل شيء هو أن تغفر كل شيء. هذا نمط من الإقرارات المتفائلة التي أطلقها أحد ألسنة الأنوار. إن مزيدا من الفهم الحاصل من خلال المعرفة والاتصال لا بد أن يؤدي الى مزيد من الصداقات أو على الأقل الى المزيد من التسامح بين الناس.

    لا شك في أنه من البسيط جداً أن نقول إن الحكم المسبق ينبني أولا على الجهل. فقد كان تقييم الآخر بالماضي يرتكز على تجارب شخصية تم تعميمها وتوظيفها بروافع سياسية أو أيديولوجية. وقد مهد عصر الأنوار الى تصويب ما تم تشكيله في السابق، وبات الفرد في هذه الأيام أن يتنقل بين عواصم كثيرة ويطلع من خلال وسائل كثيرة على الآخر الذي كان قد زُوِد بصورة غير واضحة عنه.

    ثالثا: ثقافات مختلفة ورؤى مختلفة

    ليست الثقافة إلا جهاز رموز جماعياً وقع توارثه عبر الأجيال. وقد تكون الثقافات العديدة مختلفة، ولكنها لا تختلف كلياً. فالثقافة المحلية هي نوع من الثقافة القومية، التي هي بدورها نوع من دوائر ثقافية أكبر على مستوى حضارة ما. وحتى الحضارات المختلفة كالحضارة الأوروبية والحضارة العربية، فإن لديها عدة خاصيات مشتركة.

    ويتمثل الخلاف بين الحضارات في جذور التاريخ الثقافي. فلقد كانت الحضارة الأوروبية مزج إرث فلسطين القديم (من خلال المسيحية) واليونان وروما. والحضارة العربية بأسسها الروحية الإسلامية، قد تكون أكثر توحدا في مسألة الروحانية من الحضارة الأوروبية.

    رابعا: صور أوروبا عند العرب

    يلتمس الباحث مقدما العذر في أن ما سيتكلم عنه في هذا الباب، سيكون (تخمينا) مبنيا على مشاهداته، وقد تختلف الصورة من بلد عربي الى آخر، وقد تختلف من جيل الى آخر.

    أوروبا عند الشباب العربي (في نظره) من خلال مشاهداته التلفزيونية، قد تكون مكاناً شديد الجاذبية، وقد تبدو البلدان الأوروبية غنية وعاداتها الاجتماعية متحررة جداً، وإمكانيات تحقيق الذات فيها كبيرة.

    هذه الصورة توازي بشكل ما الصورة التي كانت لدى العديد من الأوروبيين لأمريكا (التي كانوا يكونوها من خلال أعمال هوليود السينمائية)، ولعل تلك الصورة قد أصبحت قاتمة عند الأوروبيين عن أمريكا بعد أحداث (لوس أنجلوس)، كذلك هي الصورة عند العرب عن أوروبا بعد معاناة المهاجرين والتمييز فيما بينهم وبين الأوروبيين، ومع ذلك بقيت صورة أوروبا تشد الكثير من أبناء العرب.

    لكن، هناك من العرب (خصوصا كبار السن) من ينظر الى أوروبا على أنها أنانية وعدائية ومادية، ومتدهورة أخلاقيا، وهؤلاء أنفسهم يعترفون بتفوق أوروبا تقنيا وعسكريا.

    على أنني أخمن (يضيف الباحث) أن هناك من العرب من ينظر الى أوروبا وأمريكا نظرة بها منافسة غامضة، فهو يعترف بتفوقها ولكنه يراهن أن لديه الإمكانية للتفوق عليها، فتنشأ نظرة ممزوجة بين الرغبة في إقامة صلة مع الغرب لنقل تكنولوجيتهم وإبقاء حالة التوجس واعتبار الغرب مصدرا خطيرا يهدد العرب.

    وهنا يسأل المؤلف: هل أن نظرة العرب عن أوروبا صحيحة؟ وهل كل الغرب غني؟ فيجيب: ليس صحيحا تلك النظرة، بالقدر الذي تحمل معه شيئا من الصحة. فالغرب وإن كان متفوقا على العرب بعلاقات الإنتاج وإدارته، لكنه يحسد العرب على عدم تفككهم اجتماعيا وبقاء قابليتهم على الإنجاب والتكاثر والحفاظ على العلاقات الأسرية.

    خامسا: تصورات الأوروبيين للعالم العربي

    يقول الباحث: أن الإلمام بمعرفة الصور التي يكونها الغرب عن العرب ليست بالسهولة بمكان، فالكاتب كنرويجي يؤكد أن احتكاك أهل شمال أوروبا بالعرب ليس كأهل أوروبا على سواحل المتوسط، فالصنف الثاني على صلة جغرافية وتعاملية تاريخية قديمة، في حين قد ينقضي عمر ابن الدول الاسكندينافية دون أن يقابل عربيا، هذا في الماضي القريب.

    ويزعم الكاتب أن العالم العربي عند الإنسان الغربي له قيمة مزدوجة، فهو مغامر ومخاطر معا. ويمكننا أن نجد هذا النوع من الأحكام المزدوجة في الوثائق التاريخية والعبارات المعاصرة.

    يشكك أبناء الغرب في أن العرب سيتقبلون الحداثة بما يعيشها الغرب، فالاقتصاد والعلوم وممارسة الديمقراطية تحتاج الخروج مما هم العرب فيه من سوء اختيارهم لمن يحتل المناصب القيادية، فالطريقة التي يعتمدونها بعيدة عن مقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب)، فمن يحتل المواقع القيادية يأتي من خلال عائلة حاكمة أو من خلال الدائرة المحابية للحاكم حتى غدا شكل التراتب الاجتماعي الممارس عند العرب من أكبر العوامل المعيقة للحاقهم بركب الحداثة.

    سادسا: المخاوف الحقيقية والكاذبة

    ينتهي الكاتب الى القول أن الصور التي كونها الغرب عن العرب أو العرب عن الغرب، هي في مجملها صور كاذبة. وقد يكون واضعو تلك الصور من الأشخاص ضيقي الأفق في أفكارهم وتجاربهم، ولكنهم نادرا ما يقصدون مباشرة الى الشر. وقد تكون تلك الصور هي نتاج متراكم عن مقولات مبتورة.

    ويلعب الإرث الديني والثقافي في تثبيت تلك الصور من لدن الطرفين، وإن الخوف من المستقبل آت بالدرجة الأولى من النظرة التي ينظرها الغرب الى العرب الذين يتضاعف سكانهم كل 25ـ 35 سنة، ولهم من الرغبة في الإنجاب والتكاثر، في حين يسود مجتمع الغرب كبار السن الذين يحتاجون تدفق المهاجرين من بلدان العالم الثالث ويخافون منه بنفس الوقت!

    إن إزالة المخاوف من أذهان الجميع تحتاج الى تكييف بشري سريع في طرق التعامل والتفاهم مع الآخر، وهذا يتطلب مشاركة الجميع.

  5. #35

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الثلاثون: ماضي الأقليات العربية والمسلمة في بولونيا: المرآة والوعي الذاتي ..

    تقديم: توماس مارسينياك .. أستاذ في أكاديمية العلوم ـ بولندا
    الصفحات 559ـ 568

    يقول الباحث: أن الموضوع الذي بين يديه هو عرض تاريخ جماعة صغيرة من المسلمين، ويقسم الباحث تلك الجماعة الى ثلاث مجموعات:

    الأولى: هي مجموعة التتار البولنديين، أو بالأحرى البولنديين المنحدرين من أصول تترية والذين يقطنون منذ عدة قرون فوق التراب البولندي.

    والثانية: وهم العرب الذين قدموا من أجل الدراسة في القرن العشرين وارتبطوا بالزواج من بولنديات.

    والثالثة: هم اللاجئون البوسنيون، وهم أحدث المجموعات وأقلها عدداً.

    أولا: التتار البولنديون

    يذكر الباحث أنه منذ ستة قرون دخل الإسلام الى بولندا في حالات قليلة، ثم زاد عددهم في القرن السابع عشر حيث هرب أكثر من 100 ألف من المسلمين التتار من ظلم قياصرة روسيا ولجئوا الى بولندا، وقد اندمج هؤلاء مع الشعب البولندي مع حفاظهم على ديانتهم (الإسلام)، وأصبح منهم نبلاء لا يقلون مكانة عن نبلاء بولندا.

    وفي عام 1925 أسس ((الاتحاد الديني للمسلمينMuzulmanski Zwiaze Religiny)) الناطق باسم الطائفة المسلمة داخل التراب البولندي، وفي السنة نفسها عين المستشرق (يعقوب سينكفياك) مفتي الإسلام في بولندا. وانضمت الى هذا الاتحاد 19 جماعة و 17 مسجدا في فترة ما بين الحربين العالميتين، وكان المسلمون يعدون حوالي 7 آلاف شخص.

    وقد يكون هذا الإحصاء بعيدا عن الدقة، فكيف يكون عددهم 600 ألف قبل عدة قرون ثم يتحولون الى هذا العدد المتواضع!

    يظهر الباحث أن المسلمين كانوا عرضة للانتقادات وجعلهم أشبه بالجماعات النادرة التي تستهوي عمل الباحثين الاجتماعيين، فضاق هؤلاء السكان ذرعا بتطفل وملاحقة الآخرين لهم، فابتعدوا عن مظاهر إشهار طقوسهم [ هذا رأيي]. وما جعلني أميل الى هذا الاستنتاج، هو عبارة دونها أحد الباحثين على لسان أحد المسلمين البولنديين إذا قال (( سيدي إننا لم نعد نرغب في أن نكون من التتار. أنتم لا تفعلون شيئا سوى أن تشاهدونا، أما نحن فنريد العيش عيشاً عاديا، كسائر الناس))*1

    ثانيا: الحياة الدينية اليوم

    إثر الحروب تغيرت حدود بولندا، مما أجبر السكان الانتقال من مكان الى آخر، وهذا ما حدث مع مسلمي بولندا، فبعد أن كانوا يسكنون شرق البلاد، أصبحوا يسكنون شمال وغرب البلاد.

    في عام 1984 زار مفتي لبنان (حسن خالد) بولندا للاتصال بالمسلمين فيها، ثم تكررت زياراته، وفي عام 1986 زار عدد من ممثلي رابطة المسلمين العالمية قادمين من السعودية، وكان لتلك الزيارة أهمية كبيرة، حيث تبعها زيارة للأمين العام لرابطة المسلمين العالمية (الشيخ عبد الله عمر النصاف) الى (فرصوفيا).

    ثم تلا تلك الزيارات بناء مركز المسلمين للثقافة والتربية في مدينة (بياليستوك) عام 1990، ومسجد يحمل اسم (جمال الدين الأفغاني) في مدينة (غدانسك) وقاعات لتدريس العربية، ومسجد في (فرصوفيا) مع مكتبة ونادي وقاعة متعددة الاستخدامات.

    وتوجد في بولندا منذ عام 1939 مجموعة من (المهديين) لها أتباع حوالي مائة. وقد أنشأت تلك المجموعة (جمعية اتحاد المسلمين) ولها 6 فروع في (فرصوفيا ورادوم وكيالس وغدانسك وكاليز وبودج) ويرأس الجماعة المهداوية الشيخ (محمد طه ذوق).

    وينشط في (بياليستوك) اتحاد التتار البولنديين برئاسة (ستيفن مصطفى مورشارسكي) وتضم تلك الجماعة حوالي 500 شخص.

    وفي بولندا جمعية لا تحظى بتأييد مسلمي بولندا، وتدعى (جمعية الأخوان المسلمين). وهي التي رفعت دعوى أمام العدالة في (فرصوفيا) ضد الكاتب الهندي (سلمان رشدي) صاحب كتاب (آيات شيطانية).

    ثالثا: العرب في بولندا: مباحث سوسيولوجية

    معظم العرب في بولندا هم من الأطباء ورجال العلم والطلاب، وقبل التعرف على هؤلاء، لم يكن البولنديون يعرفون شيئا عن العرب.

    في حزيران/يونيو 1988 قام مجموعة من الباحثين البولنديين في طرح أسئلة على عينة مكونة من أكثر من ألف شخص، تتعلق بانطباعات أفراد تلك العينة عن طباع مجموعة من الأجناس (العرب، اليهود، الصينيون، السود)، وكان حوالي 61% من الإجابات حول العرب [ لا أعرف]. أما من أجاب بالمعرفة فكانت إجاباتهم (أن العرب كسولون وعدوانيون ولا يحترمون المرأة وعدم قدرتهم على التعايش مع غيرهم، وأنهم متعصبون دينيا وقساة وشرسون.

    وأخذ الباحثون انطباعا أن البولنديين يشعرون بنفور عميق تجاه العرب سببه الخوف منهم.

    وفي عام 1991، أجرى فريق من الباحثين برئاسة (جوزيف غورنيافيك) وعضوية (الباحث : صاحب البحث الذي بين أيدينا) دراسة على 8 مناطق في بولندا منها 5 تسكن فيها أقليات، وكان عدد المشمولين بالبحث 1235.

    وكان السؤال عن الديانات: أي الديانات التي تحظى بقبول أقل لدى المشمولين بالبحث، فاحتل الإسلام المرتبة الثالثة بالكراهية بعد (اليهودية و المسيحية الأرثوذكسية).

    أما عن السؤال عن العرقيات، فاحتل العرب المرتبة الثانية بعد اليهود وتلاهم السود ومن ثم (غجر التسيغان).

    رابعا: المنشورات الإسلامية

    يوجد في الوقت الحاضر (وقت كتابة البحث من الباحث)، ثلاث صحف إسلامية موجهة الى حلقات ضيقة من القراء، فواحدة تخاطب المسلمين التتريين، وواحدة تحاول شرح التعاليم الإسلامية، وتصدر باللغة البولندية وتلخيص بالإنجليزية والعربية، فتحاول شرح القرآن، ويرى الباحث أن مستوى تلك الصحيفة متواضع ويساهم في تشويه الإسلام أكثر من توضيح تعاليمه.

    كما توجد مجلة شهرية اسمها (As-Sadaka الصداقة) تمولها الحكومة الليبية وتصدر منذ عام 1981، وهي تتحدث عن تضخيم دور ليبيا أكثر مما تتحدث عن مواضيع أخرى.

    يختم الباحث بحثه، بأنه وبعد أن أطيح بالنظم الاشتراكية في شرق أوروبا، فإن صورة العربي والمسلم في بولندا ـ والتي كانت متواضعة ومرتبكة أصلا ـ قد زادت سوءا بعد تقوية علاقات النظام الجديد مع إسرائيل.





    هوامش (من تهميش الباحث نفسه)
    *1ـ Aldona Krajewska, "Zmierzech polksiezyca" Polityka 24/12/1988

  6. #36

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الحادي والثلاثون: صورة الآخر: حالة المجر

    تقديم: ميكلوس هاداس .. أستاذ في جامعة بودابست للعلوم الاقتصادية ـ المجر


    أولا: الخلفية التاريخية

    يبلغ عمر المجر كدولة أكثر من ألف عام وبالتحديد منذ عام 896م، وقد أصبح الدين المسيحي دين الدولة منذ عام 1000م، وقد بلغت الدولة أوج عظمتها في القرن الخامس عشر، حيث شملت معظم دول أوروبا الشرقية.

    فقدت الدولة سيطرتها وسقطت تحت الحكم العثماني بعد سقوط أهم مدنها الجنوبية (بلغراد: عاصمة صربيا ويوغسلافيا السابقة)، وقد بقيت ممتلكات الدولة المجرية تحت الحكم العثماني ما يقارب القرن والنصف.

    وقد انخفض عدد سكان البلاد إبان الحكم العثماني من 5 ملايين الى مليونين فقط، وقد قفرت البلاد وتدهور أداؤها الاقتصادي، وجند الأتراك من أطفالها جنودا ضمن الجيش الانكشاري، وقد وجدت في الحرب العالمية الثانية قبيلة تُدعى (المغاري) على ضفاف النيل (في مصر) تبين أن أصلها من الانكشاريين المجريين.

    وفي القرن السابع عشر، ونتيجة الى أن الضعف بدأ يدب في الإمبراطورية العثمانية، استطاعت النمسا أن تبسط نفوذ دولتها القوية (هابسبورغ) على الأراضي المجرية، وتدفقت العروق المختلفة على تلك الأراضي حتى أصبح الدخلاء يشكلون 54% من سكان المجر الذي كانوا يعدون 13.2 مليون عام 1869. ثم انخفض هؤلاء الغرباء ليصبحوا 45.5% عام 1910 من أصل 18.2 مليون نسمة وهم من أصول رومانية وألمانية وسلوفينية وصربية وغيرها.

    في عام 1867، وبعد مطالبات مجرية كثيرة، وبعد أن دب الضعف بإمبراطورية (هابسبورغ) تم اقتسام تلك الإمبراطورية بين المجر والنمسا.

    دخل حوالي 200 ألف يهودي الى أراضي المجر بعد اضطهادهم في روسيا وبولندا، وامتهنوا التجارة وأعمال المبادلة، تلك الأعمال التي كان يترفع عنها نبلاء المجر، ومن هنا أصبحوا من أغنى أغنياء المجر وتصاهروا مع طبقة النبلاء في المجر ليصبحوا قريبين من صناعة القرار، إضافة الى انفلاتهم من المراقبة والملاحقة القانونية. وفي عام 1910 كانت (بودابست) أكبر مدينة في أوروبا مساحة وسكانا، إذ كانت مساحتها تزيد عن 80 ميل مربع ربعهم من اليهود، ومن بين كل خمسة محامين هناك اثنان من اليهود.

    ثانياً: مواقف المجريين من الأمم الأخرى

    بعد الإيجاز التاريخي السريع، سيكون سهلاً على الباحث من تفسير مواقف المجريين من الأمم الأخرى، وقد كان للباحث نفسه دراسة شملت عينات من ثلاثة بلدان هي: المجر وبولندا وتشيكسلوفاكيا، وسنركز على سؤال واحد من مجموعة الأسئلة التي وجهت الى أفراد تلك العينات، وهو: هل تحبذ عدم وجود جماعة (كذا) بجوارك؟ وكانت الأجوبة:

    أ ـ الغجر 76% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 72% من البولنديين و 85% من التشيكوسلوفاكيين.

    ب ـ عرب 67% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 62% من البولنديين و 70% من التشيكوسلوفاكيين.

    ب ـ زنوج 48% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 54% من البولنديين و 57% من التشيكوسلوفاكيين.

    ب ـ آسيويون 42% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 51% من البولنديين و 57% من التشيكوسلوفاكيين.

    ب ـ روس 40% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 40% من البولنديين و 31% من التشيكوسلوفاكيين.

    ب ـ يهود 17% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 40% من البولنديين و 23% من التشيكوسلوفاكيين.

    ويلاحظ أن العرب بالبلدان الثلاثة يحتلون المرتبة الثانية بالكراهية بعد الغجر، والسبب هو الإعلام المسبق عن العرب بأنهم إرهابيون ويميلون للعنف، كما أن الإعلام العربي والذي يمكن أن يحسن تلك الصورة غائب وغير معتنى به.

    كما أن الزنوج والآسيويون يشتركون مع العرب في سلوك سيء وهو ملاحقة المراهقات والميل للعلاقات الجنسية الفجة.

    أما الروس، فالدول الثلاث لا تكن لهم أي نوع من الود، كونهم ارتبطوا بالاتحاد السوفييتي وقهره لتلك الدول الثلاث التي حاولت أكثر من مرة الخروج من دائرة نفوذه.

    واليهود، ارتبط ذكرهم بمقتل 600 ألف يهودي ناطق بالمجرية في عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية، فأحدث تعاطفا كبيرا معهم من زاوية إنسانية، أما شمولهم مع الجماعات الست المكروهة، وهي أن معظم قيادات الحزب الشيوعي الهنغاري كانت منهم.

    الدول الأكثر جذبا للمجريين

    يعتبر المجريون اليابانيين أكثر شعوب العالم تحضراً، ويليهم الإنجليز ثم الفرنسيون، والأمريكان فالألمان ثم الانماركيون ومن بعدهم الإيطاليون.

    ويكن المجريون مودة استثنائية لدولتين تعادلهما بالحجم من حيث السكان والقدرة وهما النمسا وفنلندا حيث تعتبر كل منهما نموذجا يُحتذى به بالمقارنة.

  7. #37

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الثاني والثلاثون: صور الإسلام في اليابان: الماضي والحاضر..

    تقديم: أيري طامورا .. أستاذ بالجامعة الدولية ـ طوكيو


    ملخص:

    إن الياباني المتوسط، يجهل كل شيء عن الإسلام أو الشرق الأوسط. ولكن لدى الياباني أو اليابانية صورة جاهزة عنهما. ولم تتغير الصورة التي يحملها اليابانيون عن العرب والإسلام منذ الثلاثينات من القرن العشرين، رغم انتشار القومية العربية ورغم أن حرب 1973 قد استعملت النفط كسلاح، ورغم أزمة الخليج الأخيرة.

    بل بالعكس، فقد زاد تأثير الإعلام من الصور المشوهة التي يحملها اليابانيون عن العرب والمسلمين. فصورة الإسلام والشرق الأوسط عند اليابانيين، إنما هي مجرد انعكاس لرؤية اليابانيين للعالم وهي رؤية شديدة التأثر بالحداثة!

    أولا: الصورة بحسب البحث

    يقول الباحث: لقد ظللت طيلة عدة سنوات أجري أبحاثاً حول تصورات الإسلام والشرق الأوسط لدى اليابانيين بواسطة استخدام الاستمارة، وكنت أطرح الأسئلة نفسها لعدة سنوات على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.

    فالسؤال الأول: (( أذكر ثلاثة أمثلة للصور التي تتبادر الى ذهنك فور سماعك لكلمة الإسلام والعرب والشرق الأوسط))

    والسؤال الثاني: (( أذكر ثلاثة أمثلة من معلوماتك التاريخية حول الإسلام والعرب والشرق الأوسط)).

    والسؤال الثالث: ((أذكر أسماء ثلاثة من السياسيين المعاصرين من العرب والشرق الأوسط)).

    والسؤال الأخير: ((أذكر ثلاث صفات ترى أنها مناسبة لنعت الإسلام والعرب والشرق الأوسط)).

    كان مجموع الطلبة الذين خضعوا الى الاستبيانات يزيد عن 600 طالب. وكان 90% منهم من تصورهم المباشر للإسلام والعرب والشرق الأوسط هو: النفط، الصحراء، الرحيل وما يتبعه (جمل، عمامة الخ).

    كان أكثر من 80% يجهلون تاريخ المنطقة، وقلة منهم فقط تذكروا (محمد صلوات الله عليه) وقلة من تذكرت إمبراطورية العرب، وقلة تذكرت الحروب الصليبية.

    أما في العصر الحديث، فلم يشر أي طالب الى أنه يتذكر جمال عبد الناصر أو السادات أو حسني مبارك أو الأسد. ولكن هناك من يتذكر الخميني وصدام حسين الذي أصبح مشهوراً.

    وأكثر النعوت رواجا هي (( مخيف، خطير، حاد المزاج، متزمت، وغامض))

    ثانيا: رؤى اليابانيين للإسلام والشرق الأوسط

    إن أزمة الخليج لم تكن أول فرصة لينشغل بعض المهتمين الإعلاميين بالمنطقة، فقد انشغلوا قبلها عندما سادت موجة التيار القومي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكذلك استخدام النفط كسلاح في حرب أكتوبر/تشرين أول 1973، وقد كانت الدراسات موجهة من الحكومة اليابانية، ويقول الباحث: أن تلك الدراسات كانت مع ذلك نزيهة ومستقلة، رغم أنها تتلمس طريق المصالح القومية اليابانية.

    في عام 1990ـ 1991، انقسمت النخب المثقفة في اليابان الى قسمين حول أزمة الخليج، فالقسم الذي ظهر إعلاميا بشكل قوي هو الذي يقف الى جانب الموقف الرسمي للحكومة اليابانية، من أن العراق هو خارج على الإرادة الدولية ويسبب مشاكل في استتباب الأمن في المنطقة.

    أما القسم الثاني من المثقفين والنخبويين، فكانوا يروا وجوب الاصطفاف الى جانب العراق، كون أن أمريكا هي التي تفتعل المشاكل في العالم وليس العراق.

    ثالثا: المعرفة والصورة

    يقول الباحث: بالرغم من أن بحوثه زادت مدتها عن 20 سنة، إلا أنه في كل مرة لا يرى تغييراً في موقف اليابانيين تجاه العرب والمسلمين والشرق الأوسط، وبالعكس فإن أحداث الخليج الأخيرة جعلت اليابانيين يتمسكون بتقييماتهم القديمة عن شعوب هذه المنطقة.

  8. #38

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    القسم الرابع: ما بين الحدود: المهاجر العربي


    الفصل الثالث والثلاثون: العربي كبش الفداء ..

    تقديم: روبار شارفان .. أستاذ في جامعة نيس ـ فرنسا

    ((... كُنت غريباً فما آويتموني، عارياً فما دثرتموني، مريضاً وسجيناً فما زرتموني... فاغربوا عني بعيداً نازلةً بكم اللعنة في النار الأبدية))*1

    في يوم 13/6/1987، اغتال ستة شبان من ذوي (الرؤوس المحلوقة) شاباً تونسياً من العمال في مدينة (نيس) وهو (حمة العييدي)، المقيم في فرنسا منذ عشر سنوات. وتذكر الصحافة أن أحد القتلة أجاب لما سُئل عند إيقافه عن سبب القتل، أجاب: (لقد قُتل العربي، فما الأمر في ذلك؟)

    صار العربي منذ سنوات عديدة عرضة لظاهرة رفض جماعي، ليس من حزب سياسي معين مع أنصاره، بل من رقعة تتسع يوما بعد يوم، وأصبح العربي هو من يستحق الإشارة له بالبنان بأنه الآخر الملعون والمتواجد في أرض فرنسا.

    أولاً: الإرث المزمن

    إن تاريخ فرنسا مصنوع من المخاوف الجماعية المتواترة، والمتعللة بالخطر الذي يتهددها من هذه الظاهرة أو تلك، ومن هذه الجماعة أو تلك. لقد التصق وباء الطاعون الذي حل بفرنسا بالقرون الوسطى، باليهود الذين اتهمهم الفرنسيون أنهم أدخلوا هذا الوباء ونشروه في فرنسا، ولقي عددٌ من اليهود حتفهم جراء غضب الفرنسيين.

    وفي الحقبة المعاصرة وبالذات في فترة حكم نظام (فيشي: أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا بين عامي 1940ـ1944)، ساد شعورٌ من الكراهية في الأوساط الفرنسية يحمل فيه جهات ثلاث خسران فرنسا للحرب وهزيمتها أمام ألمانيا.

    والجهات الثلاث هي: السامية المتمثلة باليهود، والتي تحظى بكراهية شديدة من الأوساط الكاثوليكية، ويلتف حول تلك النزعة في كراهية اليهود، الوسط البرجوازي الفرنسي والذي يعتقد أن اليهود يمثلون الرأسمالية التي تعادي البرجوازية الوطنية الفرنسية. والجهة الثانية (الماسونية) والتي تحاول بعث أفكار بغيضة تكونت في العهد الجمهوري الأول الذي جاء على إثر الثورة الفرنسية، وهو في نظر الأوساط البرجوازية المسئول عن انحطاط فرنسا. وفي الجهة الثالثة يأتي الشيوعيون الذين يبشرون باقتسام خيرات البلاد بين من يستحقها ومن لا يستحقها.

    وقد ساد نوع من الهذيان، كل أوساط الفرنسيين، عندما توالت خسائرهم في فيتنام والجزائر، وأرجعوا سبب هزيمتهم في فيتنام الى الشيوعيين الكريهين. أما خروجهم من الجزائر فكان نتيجة تحالف الشيوعيين مع أعداء أوروبا من كل أنحاء العالم.

    ثانياً: في الأزمة يكمن المصدر الآني

    مع بداية التأزم الاقتصادي والاجتماعي الذي ساد في فرنسا، كما ساد معظم الدول الرأسمالية منذ السبعينات من القرن الماضي، والذي تزامن مع بداية أفول الوهج الشيوعي العالمي، شعر الفرنسيون وبالذات من كان يحلل منهم وينظر للسياسة والاقتصاد، بالحيرة الشديدة، فقد تم حرمانهم من (شماعة) يعلقون عليها إخفاقاتهم ومسبباتها، فبعد أن كان الانحراف الشيوعي السبب الأساسي وراء كل مصيبة رأسمالية، أصبح الفرنسيون يبحثون عن محفز جديد لدفاعهم الشرعي عن بلادهم ومعتقداتهم.

    من رحم تلك الأوضاع، استفاقت نزعات العداء العنصرية، التي كانت في حالة سبات أثناء مقارعة الشيوعية البغيضة والماركسية الدنيئة (حسب وصف الباحث أو تهكمه). وكان العربي أسهل جهة يمكن تشخيص مزيتها، بعكس الاعتقاد (غير المرئي) الذي يصنف الناس على أفكارهم. فالعربي عدو لا يقف بالظل بل هو قائم بهيئته وسلوكه وما يلف ماضيه من معتقدات محلية قابلة للاستنهاض.

    لكن، لم يكن من السهل تصفية العربي ك (آخر)، فمعاداة الشيوعي والماركسي كانت تأخذ بعداً راقياً ونبيلاً، في حين أن معاداة العربي وما تبعه من معاداة (العالم الثالث) اصطدم باعتراض محاربي العنصرية وأصحاب المبادئ التي تحاول فرنسا تمثيل دور ريادتها.

    من هنا، تشكلت منظمات يمينية قومية متطرفة، تتحمل ظاهريا دناءة أعمالها في مضايقة العرب والمهاجرين من دول العالم الثالث، وتحظى باطنيا بأريحية تجعل من ملاحقة هؤلاء المتطرفين جهداً متلكئاً غير مؤثر وكابح.

    ثالثاً: الحاجة الى عدو

    إن مجتمعاً متأزماً هو مجتمعٌ في حاجة عاجلة الى أعداء. فالعدو هو، بالفعل، ذلك الذي يمتلك حلول الأزمة، وإن لم يحصل ذلك، تتقطع عُرى المجموعة بحثاً في داخلها عن أسباب تناقضاتها. وهذا سيتجسد في (آخر) يتم صناعته وتأطيره لتلك الأغراض.

    فالعربي، على الصعيد الاقتصادي، يتهمه الرأي العام بأنه مسبب الأزمات النفطية، ابتداءً من عام 1973. والعربي هو موجود في (موضوع ثِقَل المهاجرين) الذين يسحبون مال فرنسا من أجل رعايتهم وإدامة وجودهم. والعربي هو من يستحوذ مساحات شاسعة من العالم ويكره قبول (إسرائيل) في محيطه ويتطلع باستمرار للهجرة واحتلال مناطق أخرى في العالم.

    وعلى الصعيد الأيديولوجي، فلا فرق بين عربي ومسلم متطرف، يرى في الآخرين أهدافاً يجب التغلب عليها وإبادتها. وفي جانب آخر يطلق الفرنسيون على العرب (عالم رابع) أي يتخلف علميا وحضاريا عن العالم الثالث (المتخلف أصلا).

    لقد وجد المروجون لنظرية العداء للعربي، في تكدس الأموال في بعض الدول العربية، وتصنيف الجيش العراقي (آنذاك) كرابع جيش في العالم سنداً قويا في تثبيت تهمة خطورة العربي على أوروبا.

    إن العربي في نهاية المطاف هو (العكاز) الذي تتعكز عليه الجهات الموكلة في إدارة أزمات فرنسا، أي أنه هو من سيرمم الوضع السياسي والأيديولوجي المأزوم!

    رابعاً: صورة العدو

    ليست التمثلات حول العربي في فرنسا مبنية على الاحتكاك به، بل تتبلور من خلال الموقف السائد إزاءه. لقد تطورت القوالب الجاهزة انطلاقا من حرب الجزائر ثم انطلاقا من العمال المهاجرين (عندما لم يعد الاقتصاد الفرنسي محتاجا إليهم).

    لم تلغِ معاداة الشيوعية أثناء أوجها معاداة اليهود، لكنها غطت عليها. ولم تلغ معاداة العرب معاداة الشيوعية واليهود ولكنها غطت عليهما. وتأتي التغطية من تضخيم التهديد الآني بوسائل الإعلام وإرادة من يريد من ذلك التضخيم. فليبيا التي لا يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين، يتم تصويرها كوحش هائل يريد تكسير هيبة المتحضرين، فملابس العقيد القذافي وطريقته العصبية في الكلام يتم استغلالها لتغطي كل العرب على تلك الهيئة، إنهم يصورونه كما كان يصور زعماء الهنود الحمر في القرون الوسطى على أنهم زعماء يرفضون كل ما هو متحضر.

    وفي جانب آخر عندما يطعن أحد الفلسطينيين صهيونيا بخنجر، فإن الإعلام الفرنسي يشير الى وحشية هذا العمل ويربط السلاح الأبيض بالهمجية (عند الهنود الحمر والقبائل البدائية)، في حين عندما يتم قتل فلسطيني على يد الصهاينة، يأتي الخبر (أن فلسطينيا مات مصروعا) وهو لفظ يطلق على الطرائد (في الصيد).

    إن تلك الثقافة الغريبة (كما يقول الباحث) تكشف النقاب عن غرب (مُنتصِر ومبلبل في آن واحد) (غني ومنهك القوى) (قوي ومريض بالهذيان الذهاني) (متطور تقنيا ومتأثرا بالتفسيرات السحرية).

    إن ثورة هائلة هي الآن بصدد الحدوث (هكذا ينهي الباحث بحثه) وهذا ما يؤكد عليه مؤلف كتاب (كبش الفداء)، [جيرار] بقوله: (إن بعض الناس لم تعد تستهويهم ممارسة الاضطهادات النابعة من معتقداتهم بالذات).

    (كان هذا الفصل من الكتاب يقع بين صفحات 587ـ 597).

    هوامش:
    * الكتاب المقدس، (إنجيل متي) الإصحاح 25 ـ نقلا عن الفرنسية

  9. #39

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الرابع والثلاثون: صورة الآخر في النزاع العرقي..

    تقديم: فيكتوريو كوتاستا ..أستاذ في جامعة سالارنو ـ إيطاليا
    (الصفحات من 599 الى 609)

    أولاً: صورة الآخر والتجربة الإنسانية

    اعتمد الباحث الإيطالي في دراسته على تشخيص ردود الفعل التي جاءت على أحداث للمهاجرين في خمس مدن إيطالية، محللا ما تناقلته الصحف حول تلك الأحداث، وقد أشار في هوامشه الى تواريخ نشر التعليقات وأسماء الصحف وأين صدرت، ولكثرة تلك الهوامش التي زادت على 25 هامش، فإننا لن نذكرها مكتفين بالإشارة الى أرقام الصفحات في الكتاب الذي بين يدينا والتي ثبتناها أعلاه.

    والمناطق الإيطالية الخمس هي: (لومبارديا) و (إيميليا رومانيا) و (توسكانيا) و (لاتيوم) و (كامبنيا). وقد راقب الباحث آراء وأقوال الفاعلين والناشطين من الإيطاليين إزاء المهاجرين، من خلال تقييمهم لثقافات هؤلاء المهاجرين، وطرائق عيشهم وأساليب تفكيرهم، باعتبار كل ناحية من تلك النواحي تعطي إشارة رمزية عن هؤلاء المهاجرين.

    ثانياً: صور الآخر داخل النزاع العرقي

    صور الآخر السائدة في النزاع العرقي هي ثلاثة، هذا من طرف الطليان، وسنضيف صورة مجملة رابعة ولكن من المهاجرين تجاه الطليان.

    أما الإستراتيجية الأولى، فأطلق عليها الباحث تسمية (الرفض والطرد)، وتتخذ مشروعيتها شكل صورة سلبية عن الآخر. والثانية أسماها (الاحتواء بالتبعية)، وتكتسب مشروعيتها من نوع من عدم المبالاة بالآخر. وأما الثالثة فأسماها (إستراتيجية التعاون والمواطنة).
    1ـ الآخر هو عدوي

    رصد الباحث ما جاء في الصحف في أعقاب قضية (بانتيلا). وبانتيلا هذه عبارة عن بناية مهجورة منذ أمد طويل، كان يلجأ إليها المهاجرون الذين لا مأوى ولا مسكن لهم، حتى عُثر ذات يوم فيها على ما بين ألفين الى ثلاثة آلاف مهاجر. فأرادت الحكومة الإيطالية حل مشكلة هؤلاء المهاجرين للتخلص من الحرج الإنساني وغيره، فحاولت توزيعهم على الأحياء، وهنا يرصد الباحث عينة من ردود فعل المواطنين الإيطاليين التي نشرتها الصحف كمقالات أو (ريبورتاجات).

    · نحن لسنا بالعنصريين، ولكن مكان هنا للمهاجرين.
    · نحن لسنا بالعنصريين، ولكنا لا طاقة لنا بتحمل عواقب حل مناوئ لمصالحنا.
    · لا مكان لهؤلاء.
    · لا مسكن هنا للزائدين عن الجماعة القومية.
    · فيما لو تخيرنا بين قبول هؤلاء في مدارسنا أو إحراق تلك المدارس سنختار إحراقها.
    · نحن لا نرغب في وجودهم بيننا فهم لصوص ومروجو مخدرات.
    · اذهب من هنا أيها الأجنبي.
    · هؤلاء يسرقون ويغتصبون نساءنا.
    · هؤلاء يصبحون إيطاليين والإيطاليون يصبحون غرباء في بلدهم.
    · إن بلدانهم ترسلهم إلينا لأنها لا ترغب بهم. أما نحن فقد ضقنا ذرعا بهم.

    2ـ اللامبالاة بالآخر

    تناول الباحث أحداثا جرت في منطقة (لاتيوم)، ولاتيوم تلك منطقة أنشأ بها النظام الفاشي أربع مدن جديدة، أكبرها مدينة (لاتينا) [سكانها 100 ألف نسمة] وحيث أنها مدن جديدة، فسكانها استوطنوها حديثا سواء من داخل إيطاليا أو من خارجها، فالمستوطن الإيطالي طالما أنه انتقل إليها حديثا، فلا يتحرى كثيراً عن نوعية الساكنين الآخرين، فهو لا يكره المهاجرين ولا يحبهم، وقد يكرههم في عينة من الوقت وقد يحبهم.

    3ـ الآخر بما هو أخ لي

    هذه الصورة إيجابية من طرف الطليان، فهو يعتبر المهاجر أخ أو صديق، والصديق يحضر كلما جاء (عطاياه) سواء كانت من جهوده بالعمل أو من ثقافته التي تزيد من تعرف الإيطالي عليها لتثري تجربته وذاته. فلذلك له حق على الإيطاليين بالنظر إليه نظرة المواطنة.

    وعندما تضيق الظروف على الإيطاليين، فإنهم يهاجموا (المُشغلين) الذين يلجئوا للمهاجرين الذين يقبلون بأجور أقل على حساب القوى العاملة المحلية، ولن يكتفي هؤلاء بهذا الانتقاد بل قد يضيفون عليه مسألة التهديد الثقافي.

    4ـ صورة الإيطالي لدى العمال المهاجرين

    فرغ الباحث استماراته الاستبيانية فوجد أن 39.1% من التونسيين ينظرون الى الإيطاليين على أنهم أناس (على أحسن ما يرام)، في حين أجاب بنفس الإجابة 43.6% من المغاربة، و 35.5% من بلدان أخرى.

    وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس عاديين) 7.4% من تونس، و 2.1% من المغرب، و 9% من بلدان أخرى.

    وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس عنصريون) 8.9% من تونس، و 13.9% من المغرب، و 15.5% من بلدان أخرى.

    وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس بلهاء) 1.5% من تونس، و 3.2% من المغرب، و 5.5% من بلدان أخرى.

    وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس أشرار) 11.4% من تونس، و 3.2% من المغرب، و 1.1% من بلدان أخرى.

    أما من امتنع عن إعطاء رأي 5.5% من تونس، و 7.4% من المغرب، و 8.9% من بلدان أخرى.

    ثم فصل الباحث تفريغ استماراته، فذهب الى التفريق في تاريخ وصول المهاجرين (قبل عام 1980 وبعدها) وفصل العينات بالنسبة للأعمار. ولم أجد فروقا كبيرة في تلك الجداول، والتي حدد مكان الدراسة فيها بمنطقة قرى (آغرو بونتينو).

  10. #40

    رد: صورة الآخر .. العربي ناظرا ومنظورا إليه

    الفصل الخامس والثلاثون: معاينة أزمة معلنة: صورة الذات وصورة الآخر أثناء حرب الخليج ..

    تقديم: آني بينفينيست .. أستاذة في جامعة باريس ..

    (الصفحات 611ـ 621 من الكتاب)

    تعتبر هذه الدراسة كأنها معاينة لخبير في لوحات الرسم الذي يقف ملياً أمام لوحة، يفسر كل لون وكل ظل وكل خط. فاختيار الباحثة لحي (القوت دُورْ: وترجمته قطرة الذهب). ويعيش في هذا الحي الذي ينظر إليه الفرنسيون كأنه وحدة واحدة متجانسة، مسلمون ويهود من المغرب والجزائر وتونس وأقطار أخرى.

    وتأخذ الدراسة أهميتها لأنها جاءت بعد انتهاء حرب الخليج (خروج الجيش العراقي من الكويت) في آذار/مارس 1991، لتفحص عن قرب مشاعر هؤلاء المهاجرين (الفرنسيين) وترتيب ولاءاتهم.

    بالرغم من أن الفرنسيين ينظرون الى هذا الحي نظرة واحدة، على أنه حياً شعبياً خطيراً، فإن الباحثة نبشت على الثنائيات بين مكونات هذا الحي الدينية والعرقية وتقديمهم لمصالحهم وفق ولاءاتهم الثقافية.

    أولاً: صورة الحي وصورة الذات وصورة الآخر

    لم تمنع العلاقات العدائية بين البلدان وبين العرقيات وبين الأديان من إقامة علاقات بين سكان الحي الواحد.

    يوصف نشاط الحي الاقتصادي باقتصاد (البازار)، وهو نمط اقتصادي شرقي، فمثلاً يقوم اليهود المغاربة بتجارة النسيج والمجوهرات، ويهود المغرب هؤلاء كلهم أصلا من مدينة (وجدة المغربية)، ويحتلون فوهة السوق (أعلى شارع القوت دور) حيث يستقبلون تدفقات القادمين على ذلك السوق، ولكنهم لا يبيعون مباشرة، بل من يبيع هم من العرب الذين يحتكون مع المشترين ويتعاملون معهم بلغة عربية لا يتقنها اليهود إتقاناً كاملاً، أو لعلهم لا يريدون تعريف المشترين بأن أصحاب تلك البضائع من اليهود.

    أما اليهود من أصل تونسي فهم يلجئون الى التجارة (ليس بالمنسوجات والجواهر) بل بأعمال أخرى، ويحبون الإقامة في هذا الحي لأنه يوفر لهم جواً من الألفة واحتكاك أوسع مع من يطلب خدماتهم من إفريقيا، ويوكلون للعرب مهمة تمثيلهم.

    والجزائريون من اليهود والمسلمين، لا يحبذون الأسلوبين السابقين، بل ينظرون لأصحابهما نظرة دونية وأنهم متخلفون، فهم يحبذون الاندماج الكامل بالمجتمع الفرنسي.

    وهناك المقاهي، وهي (بنظر الباحثة) عبارة عن مكان للانطواء على الهوية، كما أن لها دور يمثل استقبال المهاجرين وتأمين العمل لهم بقدر الإمكان.

    تؤشر الباحثة على شكلين (كعينتين) لما تريد قوله
    الشكل الأول: ويمثله يهودي تونسي كان قد ترك تونس وهو في الخامسة عشرة من عمره، ولكنه لم يقدر على تجاوز جرح المنفى (( أنا من أبويين فرنسيين، لكني لم أقدر على الانصهار تماما)). في مؤخرة متجره وضع (مكتباً) مفروشاً على الطريقة الشرقية، وكان يقلب فوقه رموز انتمائه العاطفي (صور العائلة، صور لممثلين سينمائيين من الستينات، رموز يهودية وإسرائيلية). والمكتب هو موطن الذكرى التي يفصلها المتجر عن الشارع. وينقسم الفضاء الخارجي الى عدة أقسام مثله مثل الفضاء الداخلي: فثمة فضاء التعارف والتآزر مع ابن البلد: (( عندما يعتدي جزائري، حتى ولو كان يهوديا على تونسي، فإني أدافع عن التونسي)).

    الشكل الثاني: وتمثله فتاة (20 عاما) يشرف أبوها المغربي على مقهى ـ مطعم. وللفتاة جنسيتها الفرنسية، ولكنها تجد صعوبة في الاختيار بين فرنسا والمغرب، وتبغي العيش في المستقبل بين فرنسا والمغرب. وهي مرتبطة بفرنسا من جهة اللغة والإمكانات الثقافية المتنوعة وما توفره من أموال. وتحب المغرب لأسلوبه في التعامل مع الوقت وبالطريقة التي يستخدم فيها الشرق هذه القيمة السامية. وهنا اختلاف مع المثال السابق حيث لا تعيش الفتاة ازدواجية الانتماء وتمزقاته، وإنما تجد نفسها إزاء مرجعيتين ثقافيتين.

    ثانياً: الأزمة

    لم تكن تظهر قبل 2/8/1990 (غزو العراق للكويت) مشاكل في حي (القوت دور)، ولكن تلك الأزمة قسمت الناس الى قسمين، حيث كان النقاش حول الموضوع يتم في الساحات والمقاهي، ولكن دون الإخلال بالتوازن العام بين المجموعات.

    وقد قادت أزمة الخليج، سكان الحي الى التأشير على مصادر الخطر التي تؤثر على سكان الحي، فقد تم الاتفاق على عدم إقحام أهل الحي بالخلافات السياسية، كما تم الاتفاق على طرد وعدم السماح للمتطرفين الأصوليين من دخول الحي، هم ومن يروج للمخدرات!

    ثالثاً: الكونية أم الإقليمية؟

    ما من فرد من أفراد الجاليات التي التقينا بها (تقول الباحثة)، إلا وأكد على أن ضرورة الحسم في المواقف والانحياز الى أحد المعسكرين، العراق للبعض، وإسرائيل للبعض الآخر، لا تعني البتة أنه يضع موضع الشك اندماجه في المجتمع الفرنسي وانتماءه الى ثقافته. وتعرف (دومينيك شنابر) الأمة (مهما كانت أيديولوجيتها القومية بمقتضى سيرورة اندماج متواصل. إن السياسة المسماة (سياسة الاندماج) موضوع نقاش في الوقت الحاضر يتناول المهاجرين، ولكن لا يجب اعتبارها اختيارا من بين اختيارات أخرى، وإنما هي واقع وضرورة لا مناص منهما).

    لقد وصف اليهود الذين ينحدرون من أصول (شمال إفريقية) (بيار شوفانمان) وزير الدفاع الفرنسي (أثناء الأزمة وبعهد فرانسوا ميتران) اتهموه بأنه عميل للعراق، في حين وصفه الشباب العربي والمسلم بأنه رجل شريف.

    لقد انتشر بين الشباب العربي شعور هائل بعروبتهم فيكتب طالب من أصل جزائري (عربي أنا لما أستيقظ في الصباح ولما أنام في المساء. وفرنسي أنا من المساء الى الصباح. وكما يوجد فرنسيون بروتون. فأنا فرنسي عربي).

    لقد أحس المهاجرون القدامى أن رصانتهم وتوازنهم القديم أصبح مهددا من المهاجرين الجدد الذين اعتبروهم عناصر عدم استقرار.

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. صورة العربي والمسلم في السينما الأمريكية
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-23-2015, 03:41 AM
  2. صورة العربي والمسلم في السنما الامرريكية
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-15-2014, 07:47 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-04-2013, 07:44 AM
  4. صورة حواء في المسرح والسينما في عالمنا العربي
    بواسطة وائل مصباح في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-06-2013, 02:18 PM
  5. الوجه الآخر للاعلام الغربي
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-09-2007, 11:29 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •