خصام
... فإذا به فجأة يرفع كفه عاليا ثم يهوي بها على خده الأيسر، وما إن استعاد المصفوع توازنه حتى استجمع مبلغ قوته في قبضة يده اليمنى، ثم أرسلها ضاربة مزلزلة إلى وجه من لطمه، غير متردد أو مبطئ، فما إن وقف الملكوم على رجليه، بعد سقطته، حتى تماسكا معا بالأيدي، وتشابكا بالأرجل، فأطلق كل منهما العنان للسانه بما يؤذي الأسماع أذى شديدا، ويقع في الآذان وقوعا منكرا ثقيلا ...
ما الذي جرى؟ ما الذي حدث؟ ما السبب في هذا الحريق الذي شب بينهما؟ ما هذا الحمق؟ ما هذا العبث؟ كيف سولت لهما نفساهما التردي في ما لا يليق بمن هم في سنهما؟..
إمنعاهما من مواصلة هذا العراك البشع الشنيع الأهوج؟ أعيدوهما إلى رشدهما قبل أن يضيعا ويضيعانه، وإلى الأبد يفقدانه ...
لم تجد مناشدات المناشدين في كثير أو قليل، ولم ينفع النصح الجميل، وكذلك لم يفد أمر الآمرين في بعثهما على تقديم الخير، ولم يفلح نهي الناهين في إجبارهما على تأخير الشر، إذ وضعا الصمم صخرة صماء في أذنيهما، وسكبا العمى عتمة في عينيهما، فدقوا بينهم من الكره والقسوة والعداوة ما غاص عميقا، وعز على من أرادوا لهما الصلح اقتلاعه من جذوره ...
د. عبد الفتاح أفكوح -
أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com