عند الحديث عن التعليم الجامعى يتبادر لنا الأسئلة الأتية: هل الدولة والمجتمع فى حاجة لهذا النوع من التعليم؟ وهل هناك عائد إقتصادى من وراءه؟ وهل هذا التعليم يؤثر على الحالة الصحية والنفسية والفكرية والروحية للمجتمع؟ وما هى أهداف الدولة من وراء التعليم العالى؟ هل الدولة فى حاجة لخريجى الجامعة لملىء الوظائف الشاغرة؟ أم انها فى حاجة لجامعيين قادرين على حل مشاكل دولتهم ومجتمعهم؟ هل الدولة تريد خريجين لإدارة شئون الدولة مستقبلاّ ؟ أم ليقدموا خدمات لمواطنى الدولة؟ أم هى فى حاجة لخريجين مؤهلين تأهيلاّ عالياّ ليكونوا كوادر البحث العلمى فى الدولة؟ أم تريد الدولة مواطنين أكفاء ليقوموا بتحقيق أهداف وخطط الدولة؟ هذه الأسئلة تحتاج نقاشاّ موسعاّ من كل المهتمين بالتعليم فى الدولة.
ليس كافياً أن تكون الجامعة هى المصدر الأساسى لتزويد المجتمع بالعاملين والموظفين. وليس كافيا أن تكون وظيفة الأساتذة فى الجامعة هى التدريس وإلقاء المحاضرات. لابد ان يكون للجامعة دور ريادى فى كل مجالات الفكر والعلم والطب والهندسة والتكنولوجيا والأدب والفن واللغة و ايضاّ الدين. هذا إذا كنا نرى انفسنا أهلا للريادة فى منطقتنا وقارتنا ومحيطنا الجغرافى والثقافى. و من الضرورى ان يكون للجامعة دوراّ لحل مشاكلنا وتقديم الرأى فى قضايانا، ولابد ان يكون لها أدوراّ فى تكوين الرواد والعلماء والأدباء والقادة فى مجالات الساسة والفكر. فهل يمكن ان نعيد لها هذه الوظيفة؟
(2)
أعادة مفهوم الجامعة الى وضعه الطبيعى
لن يعتمد دخول الجامعة على شهادة المرحلة السابقة او على مجموع الدرجات ولكن على تصنيف قدرات الطالب المتعددة كما وصفت فى خطط ومقررات التعليم العام. هذه المرحلة من التعليم ستخصص أساساّ للطلاب الراغبين فى إكمال دراستهم دون اى مسئوليه من الجامعة بتوفير فرص عمل للمتخرجين بدرجة علمية جامعية. فالجامعة هنا مخصصة لمن أحب الدراسة للتعمق فى العلم وهى لمن أراد ان يدرس مثلاّ الأدب أو التاريخ أو الفلسفة أو فلسفة العلوم أو الهندسة أو الطب . و تكون مسؤلية الجامعة فى هذه المرحلة هى إعداد الكوادر المطلوبة لمؤسسات البحث العلمى، أى لتخريج علماء وفقهاء فى العلم والدين والقانون، بل قادة فى الرأى والفكر. بالإضافة الى ذلك تكون من مسؤلية الجامعة التعاون مع كل المؤسسات والوزرات وكل أماكن التوظيف فى إعداد المناهج لها والتطوير المستمر للتعليم ، والعمل على تقديم ورش العمل و برامج للدبلومات المتخصصة و لدرجات الماجستير والدكتوراة والتى توجه لحل مشاكل الدولة و تحقيق أهدافها المستقبلية.
والتعليم الجامعى ليس مجانياّ ، وهو مشروط بتوفر قدرات ومهارات للطالب يمكن معرفتها من شهادة التعليم العام. ولتوفير فرص الإلتحاق بالجامعة للطلاب المقبولين من محدودى الدخل تعمل الدولة على تشجيع الإغنياء والبنوك على دفع مصاريف الطلاب بشروط ميسرة للسداد عندما يحصل الطالب الجامعى على وظيفة بعد تخرجه. وتتمحور الدراسة فى الجامعه حول الطالب أساساّ كمركز للعملية التعليمية ، ولا يكون هناك كتاب مقرر بل مكتبة يستطيع الطالب ان يبحث هو عن الكتب التى يراها مناسبة للمقررات. ويكون دور الأستاذ هو دور الموجه والمناقش وليس دور المحاضر. وفى الدراسة الجامعية يتدرب الطالب على إستعمال طرق البحث المختلفة فى تناسق. فليس هناك بحث نظرى فقط أو بحث عملى فقط أو بحث بإستعمال الحاسب الألى فقط ولكن الدراسة تدمج الطرق المتعددة للبحث معا حتى يمكن الإطمئنان لصحة نتيجة البحث.