منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: قل ولا تقل

  1. #21
    قل ولا تقل / الحلقة الخامسة والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

    قل: الهندسة العِمارية والمهندس المِعمار
    ولا تقل: الهندسة المعمارية ولا المهندس المعماريّ
    وذلك لأن الأشياء، من الفنون والعلوم والآداب، ينبغي أن تنسب عند إرادة النسبة الى الفن نفسه والعلم نفسه والأدب نفسه، وليس في الفنون والعلوم فن أو علم يسمى "المعمار"، حتى ينسب اليه، فالمعمار صفة مشتقة من الفعل "عَمَر يَعمر عمراناً وعمارة"، وإن أردت الحقيقة فالمعمار اسم آلة استعيرت صيغته لتأدية المبالغة كالمفضال والمحواج والمذياع للكثير الفضل والكثير الحاجة والكثير الإذاعة. فأنت لا تقول "الشؤون التاجرية" بل "الشؤون التجارية"، ولا تقول "الأحوال الصانعية" بل "الأحوال الصناعية"، فكذلك ينبغي أن يقال "الهندسة العِمارية" نسبة الى العمارة لأن الفن والصناعة هي العَمارة.
    وإذا كان المعمار يراد به الوصف في الأصل، ثم نقل الى الإسمية، يكون كالتاجر والصانع والمهندس والطابع والمنجم، فلا يقال لهؤلاء "التاجري والصانعي والمهندسي والطابعي والمنجمي" حتى يقال "المعماري". فالصواب "المهندس المعمار" أو "المعمار" وحده. ومما يحضرني من شواهد استعماله وصفاً للمبالغة قول أبي الفوارس سعد بن محمد التميمي يمدح الوزير جمال الدين أبا جعفر محمد بن علي الأصفهاني ثم الموصلي:
    وتقر عين محمد بمحمد محي دريسي علمه والمنزل
    مِعمار مرقده وحافظ دينه ومُعين أمته بجود مـــسبل
    ومن شواهد استعماله إسماً من الأسماء ما ذكره ياقوت في معجم الأدباء في أخبار الأمير ابن أبي حصينة الشاعر مع الأمير محمود بن صالح بن مرداس في بناء دار: "يا مولانا هذا الرجل تولى عمارتها ولا أدري كم صرف عليها؟ فسأل المعمار فقال: غرم عليها ألفي دينار مصرية". ومن ذلك أبو عبد الله محمد بن أبي بكر البغدادي المعروف بابن المعمار مؤلف كتاب الفتوة وقد نشرناه مع جمعية من الفضلاء، ويجمع المعمار على معامير كالمذياع والمذاييع والمفضال والمفاضيل، ولا يجوز معمارون لأنه اسم آلة في الأصل كما ذكرت فلا يجمع جمع مذكر سالم. (م ج)

    قل: أمره فأطاع أمره وأذعن له وائتمر بأمره
    ولا تقل: انصاع له
    وذلك لأن "انصاع" بمعنى انفتل راجعاً ومر مسرعاً ونكص نكوصاً سريعاً وبمعنى تفرق وبمعنى ذهب سريعاً. وكل هذه المعاني لا تدل على الطاعة والإذعان والإئتمار. قال ابن فارس في المقاييس: "الصاد والواو والعين أصل صحيح وله بابان أحدهما يدل على تفرق وتصدع والآخر إناء. فالأول قولهم: تصوّعوا إذا تفرّقوا، قال ذو الرمة:
    عَسَفت إعتساف الصدع كل مهيبة تّظل بها الآجال عني تّصَوّع
    ويقال: انصاع القوم سراعاً: مرّوا". قال الجوهري في الصحاح: "صنعت الشيء فانصاع أي فرقته فتفرق ومنه قولهم: يصوع الكمي أقرانه إذا أتاهم من نواحيهم.... وانصاع: أي انفتل راجعاً ومر مسرعاً والتصوع: التفرق...".
    وقال الزمخشري في أساس البلاغة: "يحوذهم ..... ومنه انصاع القوم إذا مروا سراعاً". وعلق الأزهري على التفسير القديم قال: "ومعنى الكمي يصوع أقرانه أي يحمل عليهم فيفرق جمعهم". وقال الفيروزأبادي في القاموس: "انصاع: انفتل راجعاً مسرعاً".
    هذا ما ذكره اللغويون الذين ذكرناهم ومن سواهم من معاني "انصاع" وينبغي لنا أن نبحث عن الواقع اللغوي لهذا الفعل فلعل فيه ما يفيد الطاعة والإنقياد والإئتمار والإذعان، قال أبو ذؤيب الهذلي يصف الثور الوحشي:
    فانصاع من حذر فسد فروجه غضف ضوار وافيان وأجدع
    قال أبو زيد محمد بن ابي الخطاب القرشي في جمهرة أشعار العرب "إنصاع: انحرف". ونحن نعلم أن الإنحراف ضد الطاعة والإذعان. وقال الأخطل التغلبي:
    فانصاع كالكوكب الذري ميعته غضبان يخلط من معج وإحضار
    قال أبو زيد أيضاً "انصاع: انحرف" فأكد قوله السابق وقال ذو الرمة:
    فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت يلجن لا يأتلي المطلوب والطلب
    قال أبو زيد: "فانصاع اي انحرف". وهذه المرة الثالثة التي يفسر فيها الفعل المكذور بكلمة واحدة.
    ونعود الى استعمال "أطاع" بدلاً من "انصاع" فنجده صواباً ونلفي أطاع من الوضوح بحيث يكون شرحه من تحصيل الحاصل، وكذلك الإئتمار ويبقى "أذعن"، قال ابن فارس في المقاييس: "الذال والعين والنون أصل واحد يدل على الإصحاب والإنقياد، يقال: أذعن الرجل إذا انقاد، يذعن إذعاناً، وبناؤه ذ ع ن إلا أن استعماله "أذعن" هو الراجح ويقال ناقة مذعان سلسة الرأس منقادة".
    وجاء في لسان العرب: "قال الله تعالى: وان يكن لهم الحق يأتوا مذعنين، قال ابن الأعرابي مذعنين: مقرين خاضعين. وقال أبو اسحاق جاء في التفسير: مسرعين. قال والإذعان في اللغة الإسراع مع الطاعة. وقال الفرار: مذعنين: مطيعين غير مستكرهين. وقيل مذعنين منقادين، الإذعان الإنقياد، وأذعن الرجل: انقاد وسلس"، انتهى" وذكر استعمالاً آخر إلا أن المعنى العام هو كما ذكر آنفاً: الإسراع مع الطاعة، مع أن الإنصياع إسراع وانحراف ونكوص ومرور سريع فلا يشعر بالطاعة. جاء في كليلة ودمنة قوله: "بما يدعوه اليه من طاعته والإذعان لدولته". فقل: أطاع أمره وائتمر به وأذعن له إذعاناً، ولا تقل: انصاع لأمره. (م ج)

    قل: أذعن له
    ولا تقل: رضخ له
    وكتب اليازجي: "ويقولون رضخ له اي أذعن وانقاد ولم يرد رضخ في شيء من هذا المعنى وإنما الرضخ كسر الشيء اليابس يقال رضخ الجوزة ورضخ رأس الحية ويقال رضخ له من مال إذا أعطاه عطاءً يسيراً."


    قل: أذعن له يُذعن إذعاناً وخضع له خضوعاً وأطاعه إطاعة وائتمر بأمره وما أشبه ذلك
    ولا تقل: رضخ له بهذا المعنى
    وذلك لأن "رضخ يرضخ رضخاً" معناه كسر أو حطّم أو أعطى قليلاً من المال أي كسر من المال، فلا صلة بالإذعان والطاعة والإستسلام والخضوع والإئتمار وما اشبه ذلك. جاء في لسان العرب: "وَرَضَخْتُ رأْسَ الحية بالحجارة.ورَضَخ النوى والحصى والعظم وغيرها من اليابس يَرْضَخُه رضخاً: كسره.والرَّضْخُ كسر رأس الحية..... والرَّضْخُ: كسر الرأْس، ويستعمل الرَّضْخُ في كسر النَّوَى والرأْس للحيات وغيرها.... والرَّضْخُ أَيضاً: الدَّقُّ والكسر وكذلك العطاء. يقال: فيه الرَّضْخُ، بالخاء المعجمة، ورَضَخَ له من ماله يَرْضَخُ رَضْخاً: أَعطاه.
    ويقال: رَضَخْت له من مالي رَضِيخَةً وهو القليل." وجاء في أمالي الشريف الرضي "رضخ له فلان بشيء من المال" بالباء.
    ولقائل أن يقول: إن باب المجاز في العربية مفتوح لكل فصيح مجتاز أفلا يكون بقولهم "رضخ له" وجه من وجوه المجاز؟ فأقول: إذا تساهلنا فقلنا "رضخ له بشيء من الطاعة" بذكر الطاعة أو "رضخ له بشيء من الإذعان" فإنه لا يؤدي المعنى المقصود، فالمقصود هو الطاعة والإذعان لا الشيء القليل منهما. ثم ان الراضخ في العادة له اليد العليا والمرضوخ له اليد السفلى فلا يصح الإذعان للصغير المحتاج والراجي المسترفد، فلا وجه إذن للمجاز. (م ج)
    وكتب الحنفي: ومما يُوْهَمُونَ في لفظ " الإذعان" حيث يستعملونه بمعنى الإدراك ، فيقولون: أذعنته بمعنى فهمته، والصحيح أَنَّ معناه الخضوع والإنقياد. كذا ذكره بعض الأفاضل.

    قل: أمره أن يصنع كذا فأطاع الأمر
    ولا تقل: أمره أن يصنع كذا فصدع بالأمر
    وكتب اليازحي: "ويقولون أمره أن يصنع كذا فصدع بالأمر يعنون أنه أطاع وأمضى ما أمر به، ولم يات صدع في شيء من هذا المعنى، ولكن أصل هذا التعبير ما جاء في سورة الحجر من قوله "فاصدع بما تؤمر". قال البيضاوي اي فاجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهاراً أو فأفرق به بين الحق والباطل. وقيل غير ذلك وكله بعيد عن المعنى الذي يذهبون اليه."

    قل: شَلَّت يده
    ولا تقل: شُلَّت يده
    وكتب إبن قتيبة: "وتقول " شَلَّت يده " بالفتح تَشَلُّ شَلَلاً."
    وكتب المقدسي: "ويقولون: إذا ضَرَبَهُ في يَدِهِ فشُلَّتْ، بضَم الشينِ. وصوابُهُ: فشَلَّتْ بفتحِ الشينِ."
    وجاء في لسان العرب قول ابن منظور:
    "الشَّلَلُ: يُبْسُ اليَدِ وذَهابُها، وقيل: هو فَساد في اليد، شَلَّتْ يَدُه تَشَلُّ بالفتح شَلاًّ وشَلَلاً وأَشَلَّها اللهُ".
    وكتب الجووهري في الصحاح:
    "والشَلَلُ: أثر يصيب الثوبَ لا يذهب بالغَسْل. يقال: ما هذا الشَلَلُ في ثوبك؟ والشَلَلُ: فسادٌ في اليد. شَلِّتْ يمينه تَشَلُّ بالفتح، وأَشَلَّها الله. يقال في الدعاء: لا تَشْلَلْ يَدُك ولا تَكْلَلْ!".
    وتوسع ابن فارس في المقاييس فكتب:
    "الشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تباعُد، ثم يكون ذلك في المسافة، وفي نسج الثَّوب وخياطته وما قارب ذلك. فالشلُّ: الطرْد، يقال شَلَّهم شَلاًّ، إذا طَرَدهم.
    ويقال أصبح القوم شِلاَلاً، أي متفرِّقين. قال الشاعر:

    أما والذي حَجَّت قريشٌ قَطينةً شِلالاً ومولَى كلِّ باقٍ وهالكِ

    والشَّلل: الذي قد شُلّ، أي طُرِد.
    ومنه قوله: ويقال شَللت الثوب أشُلُّه، إذا خِطته خياطةً خفيفة متباعدة. ومن الباب الشلل: فساد اليد، يقال: لا تشْلل ولا تَكْللْ، ورجلٌ أَشَلُّ وقد شَلَّ يَشَلّ."

    قل: هو يملك رَجعة المرأة
    ولا تقل: هو يملك رِجعة المرأة
    وكتب المقدسي: ويقولون: "هو يملكُ رِجْعَةَ المرأةِ، بكسرِ الراء. والأَفْصَحُ: رَجْعَة، بفتحِ الراءِ. وكذلكَ: طلاقٌ رَجْعِيٌّ. وكذلكَ: فُلانٌ يؤمِنُ بالرَّجْعَةِ، أي بالرجوعِ إلى الدنيا بَعْدَ الموتِ."
    ولم تتفق معجمات العربية مع المقدسي في ما كتبه فأجازت الإثنين فكتب ابن فارس في المقاييس:
    "الراء والجيم والعين أصلٌ كبيرٌ مطّرد مُنْقاس، يدلُّ على رَدّ وتَكرار. تقول: رَجَع يرجع رُجوعاً، إذا عادَ.
    ورَاجَعَ الرّجُل امرأتَه، وهي الرَّجْعَة والرِّجْعَةُ."
    وكتب ابن منظور في اللسان:
    "وارتجع إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثعلب: أَمُرْتَجِعٌ لي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ، وأَيامِ ذي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟ وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نفسه بعد الطلاق، والاسم الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يقال: طلَّق فلان فلانة طلاقاً يملك فيه الرَّجْعة والرِّجْعةَ، والفتح أَفصح." واضاف ابن منظور في وصف من يؤمن بالرجعة فكتب:
    "والرَّجْعةُ مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فِرَق المسلمين من أَولي البِدَع والأَهْواء، يقولون: إِن الميت يَرْجِعُ إِلى الدنيا ويكون فيها حيّاً كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرَّافضة يقولون: إِنَّ عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه، مُسْتتِر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادِيَ مُنادٍ من السماء: اخرج مع فلان."

    قل: هذا خوان لتقديم الطعام
    ولا تقل: هذه مائدة لتقديم الطعام
    وكتب الحريري "ويقولون لما يتخذ لتقديم الطعام عليه: مائدة، والصحيح أن يقال له خوان إلى أن يحضر عليه الطعام، فيسمى حينئذ مائدة، يدل على ذلك أن الحواريين حين تحدوا عيسى عليه السلام بأن يستنزل لهم طعاما من السماء، قالوا: "هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء"، ثم بينوا معنى المائدة بقولهم: "نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا".
    وحكى الأصمعي قال: غدوت ذات يوم إلى زيارة صديق لي، فلقيني أبو عمرو بن العلاء، فقال لي: إلى أين يا أصمعي فقلت: إلى صديق لي، فقال: إن كان لفائدة، أو عائدة، أو مائدة، وإلا فلا.
    وقد اختلف في تسميتها بذلك، فقيل: سميت به لأنها تميد بما عليها، أي تتحرك، مأخوذ من قوله تعالى: "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم"، وقيل: بل هو من ماد، أي أعطى، ومنه قول رؤبة بن العجاج:
    إلى أمير المؤمنين الممتاد
    أي المستعطى، فكأنها تميد من حواليها مما أحضر عليها.
    وقد أجاز بعضهم أن يقال فيها: ميدة، واستشهد عليه بقول الراجز:
    وميدة كثيرة الألوان ** تصنع للجيران والإخوان
    وفي كلام العرب أشياء تختلف أسماؤها باختلاف أوصافها فمن ذلك أنهم لا يقولون للقدح: كأس ألا إذا كان فيها شراب، ولا للبئر: ركية إلا إذا كان فيها ماء، ولا للدلو: سجل إلا وفيها ماء ولو قل، ولا يقال لها: ذنوب إلا إذا كانت ملأى، ولا يقال أيضا للبستان: حديقة، إلا إذا كان عليه حائط، ولا للإناء: كوز إلا إذا كانت له عروة، وإلا فهو كوب، ولا للمجلس: ناد إلا وفيه أهله، ولا للسرير: أريكة إلا إذا كانت عليه حجلة، ولا للمرأة: ظعينة إلا ما دامت راكبة في الهودج، ولا للستر: خدر إلا إذا اشتمل على امرأة، ولا للقدح سهم: إلا إذا كان فيه نصل وريش، ولا للطبق: مهدى إلا ما دامت فيه الهدية، ولا للشجاع: كمي إلا إذا كان شاكي السلاح، ولا للقناة رمح إلا إذا ركب عليها السنان، وعليه قول عبد القيس بن خفاف البرجمي:
    وأصبحت أعددت للنائبات عرضا بريا وعضبا صقيلا
    ووقع لسان كحد السنان ورمحا طويل القناة عسولا
    ولو كان الرمح هو القناة لقال: رمحا طويلا، لأن الشيء لا يضاف إلا إلى ذاته.
    ومن هذا النمط أيضا أنه لا يقال للصوف: عهن إلا إذا كان مصبوغا، ولا للسرب: نفق إلا إذا كان مخروقا، ولا للخيط: سمط إلا إذا كان فيه نظم، ولا للحطب: وقود إلا إذا اتقدت فيه النار، ولا للثوب: مطرف إلا إذا كان في طرفه علمان، ولا لماء الفم: رضاب إلا ما دام في الفم، ولا للمرأة: عانس ولا عاتق إلا ما دامت في بيت أبويها، ولذلك لا يقال للأنبوبة: قلم إلا إذا بريت.
    وأنشدني أحد شيوخنا رحمه الله لأبي الفتح كشاجم:
    لا أحب الدواة تحشى يراعا تلك عندي من الدوي معيبه
    قلم واحد وجودة خط فإذا شئت فاستزد أنبوبه
    هذه قعدة الشجاع عليها سيره دائبا وتلك جنيبه."

    قل: هذا الكتاب نفسه قرأت
    ولا تقل: هذا الكتاب إياه قرأت

    وكتب عبد الهادي بوطالب: أخذ يشيع في الاستعمال "هذا الكتابُ إيَّاه قرأته". و"هذا الموضوعُ إيّاه طرحه باحث آخر". وهذا خطأ، فلا تأتي إيّا - وهي ضمير منفصل يقع موقع النصب - نعتاً أو توكيداً لاسم مرفوع، لأنها ضمير منفصل في موضع النصب. إيَّاي، وإيَّانَا، وإيَّاكَ، وإيَّاكِ، وإيَّاكُمَا، وإيَّاكُمْ، وإيَّاكُنَّ، وإيَّاهُ، وإيَّاهَا، وإيَّاهُمَا، وإيَّاهُمْ، وإيَّاهُنَّ، لا تقع جميعُها إلا في موضع النصب.
    ويقصد من يقولون: هذا الكتابُ إيَّاه استعمالَ كلمة إيَّاه للتوكيد. والصواب في هذه الحالة التوكيد بالاسْم أو العين، فنقول: الكتابُ نَفْسُه، أو عَيْنُه. ولا نقول إيَّاه. وتوكيد المرفوع بإياه خطأ شائع بالأخص في لبنان. ويروج في الأحاديث والكتب والإعلام السمعي والإعلام المرئي وينطق به خطأ حتى بعض الجامعيين.
    ففي سورة الفاتحة نقرأ "إيَّاكَ نعبد وإيَّاكَ نستعين". فالأولى مفعول به لفعل نعبد، والثانية مفعول به لفعل نستعين. وفي القرآن أيضاً: "وإيَّاي فاتَّقون" "وإيَّايَ فارْهَبون" "نحن نرزقكم وإيَّاهُمْ" "أَمَرَ أن لا تعبدوا إلا إيَّاه". وفي المثل العربي: "إيّاكَ أعْني واسمعي يا جارة". ونقول أعطيتك إيَّاه فتأتي إيَّاه في موضع النصب مفعولاً به ثانياً لأعطى التي تنصب مفعولين.



    عبد الحق العاني
    27 تشرين أول 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #22
    قل ولا تقل / الحلقة السادسة والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

    قل: ما هو فهمك أو تفسيرك للحدث
    ولا تقل: ما هي قراءتك للحدث
    لا يمكن لأي متابع لقنوات التلفاز أن يفوته سماع مقدم البرنامج وهو يسأل المعلق "ما هي قراءتك للحدث" أو "كيف تقرأ ما يحدث في غزة اليوم" وما شابهها كثير. ويستعمل السائل في كل هذه الأسئلة الفعل "تقرأ" أو أي من تصريفاته ليعني به "تفسر" أو "تفهم". ولست ممن يقف أمام تطور اللغة لكن ذلك لا يعني إستحداث إستعمال جديد لفعل يعرفه الناس ويعرفون معانيه دون سبب. وحيث إن العربية غنية بأفعالها فهي ليست بحاجة لأن تعطي الفعل "تقرا" هذا المعنى الجديد حين يوجد فعل آخر يؤدي ذلك المعنى.
    لكن سبب شيوع إستعمال الفعل "تقرا" بالمعنى الوارد أعلاه هو السبب نفسه الذي سبق وذكرناه أكثر من مرة في التغرب الفكري الكامل إذ ان معد الخبر أو البرنامج أصبح يفكر بلغة أوربية. لذا فإنه حين يسمع مقدم البرنامج الإنكليزي يسأل المسؤول "How do you Read this event" فإنه يترجم النص كما يسمعه بالإنكليزية حرفياً فيأتي بترجمة الفعل "Read" الذي يقابله في العربية "تقرا" فيصوغ السؤال في العربية كذلك، فيأتي بالفحش من القول.
    ذلك لأن ما يصح من إصطلاح في لغة قد لا يصلح بالضرورة للترجمة النصية في كل لغة. فإذا كان للفعل في الإنكليزية أكثر من معنى فلا يعني هذا أن الفعل نفسه يمكن أن يحمل تلك المعاني في العربية.
    إن العربي الفصيح اللسان يجب أن يرد على السؤال أعلاه: "ما هي قراءتك للحدث" بأن يقول: "قراءتي كقراءتك"!

    قل: هو رجل أبله وهي امرأة بلهاء وهم رجال بُلْه وهن نساء بُلْه
    ولا تقل: رجال بُلهاء
    وذلك لأن "الأبله" صفة من صفات العيوب الظاهرة كالأخرق والأحمق والأنوك والألوث والأثول، والمؤنث "بلهاء" كخرقاء وحمقاء ولوثاء وثولاء. ويجمع الأبله ومؤنثه البلهاء على "بُله" أي وزن "فُعل"، ولم يسمع فيه غير ذلك. وجاء في الحديث النبوي الرشيف: "أكثر أهل الجنة البله، فالبله جمع الأبله والأبله كما في لسان العرب، وهو ذو البله والبلاهة، والبلاهة هي غلبة سلامة الصدر وحسن الظن على الإنسان. جاء في لسان العرب في تسمية السليمي الصدر بالبله "لأَنهم أَغفَلوا أَمْرَ دنياهم فجهلوا حِذْقَ التصرف فيها، وأَقبلوا على آخرتهم فشَغَلوا أَنفسهم بها، فاستحقوا أَن يكونوا أَكثر أَهل الجنَّة، فأَما الأَبْلَه وهو الذي لا عقل له فغير مُرادٍ في الحديث، وهو قوله، صلى الله عليه وسلم: أَكثرُ أَهلِ الجنة البُلْهُ، فإِنه عنى البُلْهَ في أَمر الدنيا لقلة اهتمامهم، وهم أَكياسٌ في أَمر الآخرة. قال الزِّبْرقانُ بن بدر: خيرُ أَولادِنا الأَبْلهُ العَقُولُ؛ يعني أَنه لشدَّة حَيائِه كالأَبْله، وهو عَقُول". وجاء في لسان العرب أيضاً: "وقال أَحمد بن حنبل في تفسير قوله اسْتَراح البُلْهُ، قال: هم الغافلون عن الدنيا وأَهلِها وفَسادِهم وغِلِّهم، فإِذا جاؤُوا إِلى الأَمرِ والنهيِ فهم العُقَلاء الفُقَهاء، والمرأَة بَلْهاء؛ وأَنشد، ابن شميل: ولقَدْ لَهَوْتُ بطِفْلةٍ مَيّالةٍ بَلْهاءَ تُطْلِعُني على أَسْرارِها أَراد: أَنها غِرٌّ لا دَهاءَ لها فهي تُخْبِرني بأَسْرارِها ولا تَفْطَن لما في ذلك عليها؛ وأَنشد غيره: من امرأَةٍ بَلْهاءَ لم تْحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ يقول: لم تُحْفَظْ لِعَفافها ولم تُضَيَّعْ مما يَقُوتها ويَصُونها، فهي ناعمة عَفِيفةٌ. والبَلْهاءُ من النساء: الكريمةُ المَزِيرةُ الغَرِيرةُ المُغَفَّلةُ...... والأَبْلَه الرجلُ الأَحمق الذي لا تمييز له... لتهذيب: والأَبْلَهُ الذي طُبع على الخير فهو غافلٌ عن الشرّ لا يَعْرِفه؛ ومنه: أَكثرُ أَهل الجنة البُلْه. وقال النضر: الأَبْلَه الذي هو مَيِّت الدَّاءِ يريد أَن شَرَّه ميِّتٌ لا يَنْبَه له..... وعيش أَبْلَهُ: واسعٌ قليلُ الغُمومِ؛ ويقال: شابٌّ أَبْلَه لما فيه من الغَرارة.... قال الأَزهري: الأَبْلَهُ في كلام العرب على وجوهٍ: يقال عَيْش أَبْلَه وشبابٌ أَبْلَه إِذا كان ناعماً".
    وخلاصة الكلام أن "الأبله" صفة حسنة اذا كانت البلاهة في أمور الدنيا مقرونة بالفقاهة في أمور الآخرة وصفة قبيحة إذا كانت صفة عامة، وتظهر بلادة الذهن وفيولة الرأي وسخافة العقل. (م ج)

    قل: خرجنا في رُفقَة عظيمة
    ولا تقل: خرجنا في رِفقة عظيمة
    وكتب الكسائي: " وتقول: خرجنا في رُفقة عظيمة، بضم الراء ومثله الكلام: جُلبَة و جُبْلَة. والجبلى: فشر القَرحة وأثرها، وجمعها جُلًب، قال الشاعر:
    أصبَرُ من عودٍ بجنبيه جُلًب."

    قل: تسَرَّبتُ جِريِة الماء
    ولا تقل: تسَرَّبتُ جَريِة الماء
    وكتب الكسائي: "وتسَرَّبتُ جِريِة الماء بكسر أوله، والجَرية بفتح الجيم المرة الواحدة. وتقول هي بِغْيَتي، لا يقال في هذه الحروف إلا بالكسر."

    تقول: لعبت لَعْبَةً واحدةَ (بفتح اللام)
    ولا تقل: لعبت لِعبَةً واحدةً (بكسر اللام)
    وكتب إبن السكيت: "وتقول: لمن اللُّعْبة، فتضم أولها؛ لأنها اسم، وتقول: الشطرنج لُعْبة، والنرد لُعْبةٌ، [وكل ملعوب به فهو لُعْبة، تقول: اقعد حتى أفرغ من هذه اللُّعْبة، وهو حسن اللِّعْبَةِ، كما تقول: هو حسن الجِلْسَةِ، وتقول: لعبت لَعْبَةً واحدة، وتقول: كنا في رُفْقة عظيمة، ورَفْقةٌ لغةٌ، وقد دنت رِحْلَتُنا، وأنتم رُحْلَتُنا، أي الذين يرتحل إليهم."

    قل: قَتَلَهُ شَرَّ قِتْلَةٍ (بكسر القاف)
    ولا تقل: قتله شَرَّ قَتلَةٍ (بفتح القاف)
    وكتب إبن قتيبة: و " قتَلَهُ شَرّ قِتْلَةٍ ".
    وكتب الحريري: "ويقولون : قتله شر قَتلة ، بفتح القاف ، والصواب كسرها ، لأن المراد به الإخبار عن هيئة القتلة التي صيغ مثالها على فِعلة، بكسر الفاء، كقولك: ركب رِكبة أنيقة، وقعد قِعدة ركينة، ومنه المثل المضروب في الحاذق: "إن العوان لا تعلم الخمرة" من الاختمار.
    ومن شواهد حكمة العرب في تصريف كلامها أنها جعلت فَعلة بفتح الفاء كناية عن المرة الواحدة، وبكسرها كناية عن الهيئة، وبضمها كناية عن القدر لتدل كل صيغة على معنى تختص به، وتمتنع من المشاركة فيه.
    وقرئ: "إلا من اغترف غَرفة بيده"، بفتح الغين وضمها، فمن قرأها بالفتحة أراد بها المرة الواحدة فيكون قد حذف المفعول به الذي تقديره: إلا من اغترف ماء مرة واحدة، ومن قرأها بالضم أراد بها مقدار ملء الراحة من الماء.

    قل: كانت الجَلسة الأولى جِلسة صاخبة (فالجلسة الأولى للعدد والثانية للهيأة)
    ولا تقل: كانت الجِلسة الأولى، ولا تقل أيضاً: كانت جَلسة صاخبة
    لأن المراد هنا وصف هيأتها، وإذا اجتمع أمران فالحكم للمتقدم منهما فهو إما العدد وإما الهيأة. يقال: متى كانت النَهضة الأولى العربية؟ ومتى كانت النِهضة العربية الأولى. ففي المثال الأول تقدم العدد ففتحنا أول الكلمة وفي المثال الثاني تقدم وصف الهيأة فكسرنا أول الكلمة. (م ج)

    قل: فتحت في الشيء فُتحة (بضم الفاء)
    ولا تقل: فتحت في الشيء فَتحة (بفتح الفاء)
    وذلك لأن الفُتحة هو اسم الموضع المفتوح في الشيء المصمت، ولكونها مفتوحة جاءت على مثال "الفُرجة" وزناً ومعنىً، وهو أحد أوزان اسم المفعول القديمة كالحُفرة بمعنى المحفورة والثُلمة بمعنى المثلومة والحُزمة بمعنى المحزومة والنُطفة بمعنى المنطوفة والُّلقمة بمعنى الملقومة.
    أما "الفَتحة" بفتح الهاء فهي مصدر المرة تقول "فتحت الباب فَتحة واحدة" و "فُتحت هذه البلاد قديماً فَتحتين" و "فُتحت تلك البلاد قديماً عدة فَتَحات". فقل: ما أوسع هذه الفُتحة ولا تقل: ما أوسع هذه الفَتحة، يفتح الله عليك باب الصواب. (م ج)

    قل: قال رسول الله: أنا سيِّدُ وَلدِ آدمَ ولا فَخْر (بسكون الخاء)
    ولا تقل: قال رسول الله: أنا سيِّدُ وَلدِ آدمَ ولا فَخَر (بفتح الخاء)
    وكتب البستي: قولُهُ، صلّى الله عليه وسلّم: "أنا سيِّدُ وَلدِ آدمَ ولا فَخْر"، ساكنة الخاءِ. يريدُ أَنَّهُ يذكرُ ذلك على مذهب الشكرِ والتحدُّثِ بنعمة اللهِ دونَ مذهبِ الفَخْرِ والكِبْرِ. وسمعتُ قوماً من العامَّة يقولونَ: ولا فَخَر، مفتوحة الخاءِ، وهو خَطَأٌ ينقلبُ به المعنى ويستحيلُ إلى ضِدِّ معنى الأَوّلِ. أَخبرني أبو عُمَر، أَخبرنا ثعلب، عن ابن الأعرابيّ قالَ: يُقالُ: فَخَرَ الرجلُ بآبائِهِ يَفْخَرُ فَخْراً. فإذا قُلتَ: فَخِرَ، بكسر الخاءِ، فَخَراً، مفتوحتها، كانَ معناهُ: أَنِفَ. وأًنْشَدَ: وتراهُ يَفْخَرُ أنْ تَحُلَّ بيوتُهُ بمَحَلّةِ الزَّمِرِ القَصِيرِ عِنانا أي يأنَفُ منه. قالَ أبو العباسِ: ويقالُ: فَخَزَ الرجلُ، بالزاي معجمة، وفايَشَ: إذا افتخرَ بالباطلِ، وأًنشدَ: ولا تفخروا إنَّ الفياشَ بكم مُزرِي.

    قل: هم في حاجة إلى الغذاء والكسى
    ولا تقل: هم في حاجة إلى الغذاء والكساء
    وكتب اليازجي:"ويقولون هم بحاجة إلى الغذاء والكساء فيستعملون الكساء بالمد المطلق الملبوس وإنما الكساء ثوب بعينه وهو نحو العباءة من صوف، قال:
    جزاك الله خيراً من كساء
    فقد أدفأتني في ذا الشتاء
    فأمك نعجة وابوك كبش
    وأنت الصوف من غزل النساء
    والصواب في مرادهم الكسى بالقصر مع ضم الكاف وكسرها جمع كسوة بالوجهين وهي كل ما يكتسي." إنتهى
    وقد وافق لسان العرب والصحاح رأي اليازجي في جمع "كسوة" على "كسا" إلا أن صاحب القاموس إنفرد من بين معجمات اللغة بجواز جمع الكسوة على "كساء" فكتب:
    "ج: كُساً وكِساءٌ." والله أعلم!

    قل: تُعَدُّ القراءة مصباح طريق المؤمن في هذا الزمان المظلم
    ولا تقل: تُعْتَبرُ القراءة مصباح طريق المؤمن في هذا الزمن المظلم
    وكتب خالد العبري: "يستعمل الكثير منا كلمة "تُعتَبرُ" وما تفرّع منها، في معنى كلمة "تُعَدُّ"، فيقولون مثلاً: تعتبر القراءة مصباح المؤمن في هذا الزمان المظلم، وهذا خطأٌ شائع جدّاً بين المتعلمين حتى إن كثيراً من معاجم اللغة تستعمل "تعتبر" مكان "تعد" وقد استعملها كثير من أرباب الأدب والشعر حتى ظن بعضهم أنها صحيحة فصيحة في معناها هذا.
    وهي بعيدة عن ذلك كل البعد، فـ "تعتبر" تعني: تتخذ عبرة لمن يعتبر، يقول المولى عز وجل: "فاعتبروا يا أولي الأبصار" ومنه أخذت "العبرة" – بكسر العين – أي العِظَة، يقول جل وعلا: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى".
    فلماذا نخلط بين الكلمتين والفرق بينهما واضح جداً. فالصواب في عبارتنا السابقة أن نقول "تُعَدُّ القراءة مصباح طريق المؤمن في هذا الزمان المظلم". أما نقرأ في كتب الله: "وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار" ولم يقل كنا نعتبرهم، وكفى بالقرآن شاهداً ودليلاً.
    وقد استعملها العرب قديماً ونأوا عن استعمال "تعتبر" ومن ذلك قول عنترة بن شداد (من الكامل):
    يا قيس أنت تَعُدُّ نفسك سيداً وأبوك أعرفه أجلَّ وأفضلا
    فاتبع مكارمه ولا تُذري به إن كنت ممَّن عقله قد أُكملا
    ويقول لبيد بن ربيعة العامري (من الوافر):
    فإن بقية الأحساب منا وأصحاب الحمالة والطعان
    جراثيم منعن بياض نجد وأنت تُعَدُّ في الزمع الدواني
    وغير ذلك كثير فلينظر فيه.

    عبد الحق العاني
    4 تشرين الثاني 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #23
    قل ولا تقل / الحلقة السابعة والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

    قل: الإرواء والتروية لسقي الزرع والغرس
    ولا تقل: الرَّي ولا الرِّي ولا الرّوي
    وذلك لأنه يقال رَوي الزرع أو الغرس بنفسه من الماء، يروي رَيَّاً ورِيَّاً ورِوى، ويقال ترّوى ترّوياً فإذا سقاه الإنسان بالإجراء أو الإساحة أو بطريقة من الطرائق غيرهما قيل "أرواه يُرويه إرواءً ورواه يُروَيه تروَية." قال الجوهري في الصحاح: "رويت من الماء بالكسر أروي رَيّا ورِيّا أيضاً .... وارتويت تروَّيت كله بمعنى".
    وجاء في لسان العرب: "رَوِيَ من الماء، بالكسر، ومن اللَّبَن يَرْوَى رَيّاً ورِوىً أَيضاً مثل رِضاً وتَرَوَّى وارْتَوَى كله بمعنى، والاسم الرِّيُّ أَيضاً، وقد أَرْواني. ويقال للناقة الغزيرة: هي تُرْوِي الصَّبِيَّ لأَنه يَنام أَول الليلِ، فأَراد أَنّ دِرَّتها تَعْجَلُ قبلَ نَوْمِه..." انتهى.
    وقد نقل أكثر كلام الجوهري في الصحاح إلا أنه جعل "الرّي إسماً للمصدر وزاد عليه الرباعي المتعدي وهو أرواني ومصدره "الإرواء". ويقال للمبالغة "روّاه يُروّيه تروية" قال عويف القوافي يرثي سليمان بن عبد الملك:
    ذاك سقى ودقاً فروّى ودقه قبر إمرئ أعلم ربي حقه
    قال أبو العباس المبرد: وقوله" ذاك سقى ودقاً فروّى ودقه يقال فيه قولان أحدهما: فروى الغيم ودقه هذا القبر يريد من ودقه فلما حذف حرف الجر عمل الفعل. والقول الآخر كقولك: روّيت زيداً ماءً. وروّى أكثر من أروى لأن رَوّى لا يكون إلا مرة بعد مرة، يقول: فَرَوَّى الله ودقه أي جعله رواءاً"انتهى. وقال ديك الجن:
    روَّيت من دمها الثرى ولطالما روَّى الهوى شفتيَّ من شفتيها
    وقد ورد "روى يروي" متعدياً بالحرف وهو بمعنى استقى.
    قال الجوهري في الصحاح: "قال يعقوب (ابن السكيت): ورَوَيْتُ القوم أَرْويهِمْ، إذا استقيتَ لهم الماء."
    وجاء في لسان العرب مثله وزاد عليه قوله "قال: رَوَيْت على الرّاوية أَرْوِي رَيّاً فأَنا راوٍ إِذا شدَدْتَ عليهما الرِّواء" يعني الحبل الذي يُروى به على الرواية، ثم قال "ورويت على أهلي ولأهلي رَيَّاً أتيتهم بالماء". فعلمنا أن أصل قولهم "رويت القوم أرويهم" هو "رويت القوم ورويت عليهم" أي استقيت لهم، معلوم أن الإستسقاء غير تروية الزرع وإروائه، فقل: الإرواء أو التروية ولا تقل: الرَّي والرّوي بهذا المعنى. (م ج)

    قل: ان هذه الأمسيَّة فريدةٌ من الأماسيّ (بالتشديد)
    ولا تقل: هذه الأمسيَةُ (بالتخفيف)
    وذلك لأن "الأمسيَّة" بمعنى المساء أصلها أمسُوية على وزن أفعولة فأبدلت الواو ياءً وأدغمت في الياء الأخيرة فصارتا ياءً مشددة أي أمسيَّة كالأغنيَّة واصلها "أغنويّة" والأمنيَّة أصلها "أمنويّة" والأحجية اصلها "أحجويّة" و الأضحية اصلها "أضحويّة" كالأضحوكة والأغلوطة والأنشودة والأحدوثة. وللأفعال ذوات الوجهين صورتان الأصلية والإبدالية وكالأدحيّة والأدحوّة لمبيض النعام. فالأدحية التي أصلها "أدحويّة" مشتقة من دحى الشيء يدحاه دحياً أي بسطه، والأدحوة التي لا ابدال فيها هو من دحا الشيء يدحوه دحواً أي بسطه وذوات الياء منها أكثر من ذوات الواو في الإستعمال لأن الياء في هذا الوزن أخف من الواو فقولنا "أمسية" على الخطأ هو نقلها الى "أفعلة" بحذف الواو وكُسِرت السين لمكان الياء بعدها، وهذا مخالف للسماع والقياس، وكل ما خالف السماع والقياس يجب أن يُطرح وينبذ وشذت "الأنملة" على لغة ضعيفة.
    وجمع الأمسية أماسيّ كأمانيّ جمع الأمنيّة وأحاجي جمع الأحجيّة وأغاني جمع الأغنيّة والتخفيف جائز في الجمع دون المفرد. (م ج)

    قل: شَمِمْتُ الريحان
    ولا تقل: شَمَمْتُ الريحان
    وكتب الكسائي: " وتقول: شَمِمْتُ الريحان بكسر الميم. قال الشاعر:
    ألا لَيتَ أني قبل تدنو منيتي شَمِمْتُ الذي ما بين عينيك والفمِ" إنتهى
    وخالف الجوهري الكسائي فكتب في الصحاح:
    "شَمِمْتُ الشيء أَشَمُّهُ شَمّاً وشَميماً، وشَمَمْتُ بالفتح أَشُمُّ لغةٌ...... والشَمَمُ ارتفاعٌ في قصَبة الأنف مع استواءِ أعلاهُ. فإن كان فيها احدِيدابٌ فهو القَنا."
    وكتب ابن فارس في المقاييس:
    "الشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على المُقارَبة والمداناة. تقول شَمَمت الشيءَ فأنا أشمُّهُ.......... وأشمَمْتُ فلاناً الطيبَ. قال الخليل: تقول للوالي أشمِمني يدك، وهو أحسنُ من قولك: ناوِلْني يدَك."

    قل: حَسِبتُ الأمر سَهْلاً
    ولا تقل: حَسَبتُ الأمر سهلاً
    وكتب إبن قتيبة: "وحَسِبْتُ الشيء بمعنى ظننت "حِسْباناً" وحَسَبَتُ الحساب "حُسْباناً "؛ قال الله عزّ وجلّ: "الشَّمسُ والقمرُ بِحُسْبَان"، أي: بحساب."إنتهى
    وكتب ابن منظور في باب "حسب" من لسان العرب:
    "وحَسَبَ الشيءَ يَحْسُبُه، بالضم، حَسْباً وحِساباً وحِسابةً: عَدَّه. أَنشد ابن الأَعرابي لـمَنْظور بن مَرْثَدٍ الأَسدي: يا جُمْلُ! أسْقِيتِ بِلا حِسابَهْ، سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابَهْ، قَتَلْتني بالدَّلِّ والخِلابَهْ أَي أُسْقِيتِ بلا حِسابٍ".إنتهى
    وكتب في موضع آخر من الباب نفسه:
    "وحَسِبَ الشيءَ كائِناً يَحْسِبُه ويَحْسَبُه، والكَسر أَجْودُ اللغتَين(1) (1 قوله «والكسر أجود اللغتين» هي عبارة التهذيب)، حِسْباناً ومَحْسَبَةً ومَحْسِبةً: ظَنَّه؛ ومَحْسِبة: مصدر نادر، وإِنما هو نادر عندي على من قال يَحْسَبُ ففتح، وأَما على من قال يَحْسِبُ فكَسَر فليس بنادر." إنتهى

    قل: ما كان ذلك في حسباني
    ولا تقل: ما كان ذلك في حسابي
    وكتب الحريري: "ويقولون: ما كان ذلك في حسابي، أي في ظني، ووجه الكلام أن يقال: ما كان ذلك في حسباني، لأن المصدر من حسبت بمعنى ظننت محسبة وحسبان بكسر الحاء، فأما الحساب فهو اسم للشيء المحسوب.
    واسم المصدر من حسبت الشيء بمعنى عددته الحسبان، بضم الحاء، ومنه قوله تعالى: و "الشمس والقمر بحسبان" وقد جاء الحسبان بمعنى العذاب، كقوله تعالى: "ويرسل عليها حسبانا من السماء" وأصله السهام الصغار، الواحدة حسبانة." إنتهى
    وأضاف ابن فارس في المقاييس شرحا آخر للحسبان فكتب في باب "حسب":
    "ومن هذا الأصل الحُسبْان: سهامٌ صغار يُرْمى بها عن القسيِّ الفارسية، الواحدة حُسبانة. وإنما فرق بينهما لصِغَر هذه و[كبر] تلك. ومنه قولهم أصاب الأرض حُسبان، أي جراد. وفُسِّرَ قوله تعالى: "وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاء" [الكهف 40]، بالبَرَد". إنتهى

    قل: إليكم أذان الصلاة حَسَبَ التوقيت المحلي
    ولا تقل: إليكم أذان الصلاة حَسْبَ التوقيت المحلي

    وكتب عبد الهادي بوطالب: "يتردد على ألسنة بعض العاملين في الإذاعة والتلفزة المغربيتين قولهم: "وإليكم أذان الصلاة حسْب (بسكون السين) توقيت الرباط " والصواب حَسَب (بفتح السين).
    لكلٍّ من حَسْب وحَسَب معنى. حَسْبُ تفيد معنى كافٍ أو يكفي. وفي القرآن الكريم: "حَسْبُنا اللهُ ونعم الوكيل" وقد تكرر هذا التعبير في آيات أخرى. وحسْب (بالسكون) تأتي بمعنى لا غير تُبْنَى على الضم في آخرها فنقول: "حصل التلميذ في الامتحان على نقطتين فَحَسْبُ، أو وَحَسْبُ".
    أما حَسَب (بفتح السين) فمعناها بمقدار، أو بمقتضى حساب كذا. وفعلها هو حسَبَ يَحْسُبُ حِساباً وحُسْباناً أي عَدَّ وأحصى. وعلى ذلك فَحسَب أي بمقدار، ومقتضى حساب، هو الألْيَق بالتوقيت. فنقول: "إليكم أذان الصلاة حسَبَ التوقيت الفلاني".
    وتدخل أحيانا على حَسَب حرف الباء، أو على، أو ترتبط بها كلمة ما. فنقول: "وقع ذلك بَحَسَب ما بلغني، أو على حَسَبِ ما بلغني. أو حسَبَما بلغني".
    لم تفرق بعض المعاجم (وهي قليلة) بين ضبط سين هذه الكلمة، وأجازت ضبطه بالسكون أو الفتح. ومنهجيتي في هذه الحلقات تفضل أن نضبط الكلمات ضبطاً واحداً ما أمكن تحديداً للفوضى اللغوية التي تعانيها العربية."

    قل: لا يخفى عليك أن الأمر صحيح
    ولا تقل: لا يخفاك أن الأمر صحيح
    وكتب اليازجي:"ويقولون لا يخفاك أن الأمر كذا فيعدون الفعل بنفسه والصواب لا يخفى عليك كما صرح في الأساس والمصباح ومنه في سورة آل عمران"إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء". ومن الغريب أن هذا الوهم وقع لقوم من أكابر الكتاب كقول صاحب نفح الطيب في المجلد الثاني (صفحة 375 من الطبعة المصرية) ولا يخفاك حسن هذه العبارة. وقوله في المجلد الرابع (صفحة 447) ولا يخفاك انه التزم في هذه القطعة ما يلزم.
    ومنه قول سراج الدين المدني:
    ما الحال قالوا صف لنا فلعل ما بك أن يزاح
    فأجبت ما يخفاكم حال السراج مع الرياح" إنتهى
    وكتب ابن فارس في المقاييس في باب "خفي":
    "الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان. فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار. فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه......... ويقال خَفَيْتُ [الشَّيءَ] بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه........... ويقرأ على هذا التأويل: "إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها" [طه 15] أي أُظهِرُها". إنتهى
    أما ابن منظور فكتب في لسان العرب في باب "خفا":
    "أَخْفَيْتُ الشيءَ: سَتَرْتُه وكتَمْتُه.... وشيءٌ خَفِيٌّ: خافٍ، ويجمع على خَفايا......وخَفِيَ عليه الأَمرُ يَخْفَى خَفاءً." إنتهى

    قل: أنا أقرأ الكتابَ نَفسَه الذي تقرأه أنت
    ولا تقل: أنا أقرأ نَفسَ الكتابَ الذي تقرأه أنت
    كتب خالد العبري: "من الأخطاء التي شاعت حتى ظنها بعضهم صواباً، تقديم المؤكِّدِ على المؤكَّدِ إذا كان التأكيد بلفظي (النفس والعين)، فتسمعهم يقولون مثلاً: أنا أقرأ نفس الكتاب الذي تقرأه أنت" أو قولهم "زرت نفس البلد التي زرتها أنت". والأصل أن لا يتقدم المؤكِّدُ على المؤكَّدِ، فالنفس من ألفاظ التوكيد فكيف تُقدّم على الذي جيء به لتؤكِّده؟
    فائدة: وجائز جر التوكيد بالباء، فتقول: "جاء محمد بنفسه" وتكون الباء: حرف جر زائد ونفس: توكيد مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة التي منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة."

    قل: سيستمر هذا الوضع حتى إنتخاب الرئيس
    ولا تقل: سيستمر هذا الوضع حتى الإستحقاق الرئاسي
    شاع في الإعلام اللبناني بشكل خاص والعربي بشكل عام استعمال لفظة "استحقاق" لتعني ممارسة معينة مثل إنتخاب رئيس الجمهورية المنتظر أو إنتخاب مجلس نواب جديد قديم .. ولست على يقين ما هو مصدر هذا الإستعمال وقد يكون ترجمة عن كلمة فرنسية أجهلها لجهلي بالفرنسية حيث أعرف أنها ليست إنكليزية الأصل لخلو الأخيرة من لفظ شبيه.
    إلا أن هذا ليس مهماً هنا قدر أهمية معرفة سبب لجوء الإعلام لاستعمال هذا اللفظ...ولا بد عند إستحداث اي إستعمال جديد أن تكون له حاجة وأن يكون الإشتقاق مقارباً في إستعماله للأصل الذي أخذ عنه أو لحاجة جمالية أو فنية لا تتحقق إلا بهذا الإشتقاق. ويجب في هذه الحالة العودة لأصل الكلمة التي وقع منها الإشتقاق وليس التعويل على ما تتناقله العامة في لسانها البائس فهذه المصادر هادمة للغة ومخربة للذوق والثقافة.
    فلو نظرنا في أصل الفعل "استحق" لوجدنا ما كتبه ابن منظور في لسان العرب:
    "واستحقَّ الشيءَ: استوجبه.
    وفي التنزيل: فإن عُثِرَ على أنَّهُمَا اسْتَحقّا إثْماً، أي استوجباه بالخِيانةِ، وقيل: معناه فإن اطُّلِعَ على أنهما استوجبا إثماً أي خيانةً باليمين الكاذبة التي أقْدما عليها، فآخرانِ يَقُومانِ مَقامها من ورثة المُتوفَّى الذين استُحِقَّ عليهم أي مُلِك عليهم حقٌ من حقوقهم بتلك اليمين الكاذبة، وقيل: معنى عليهم منهم، وإذا اشتَرَى رجل داراً من رجل فادّعاها رجل آخر وأقامَ بيِّنةً عادلةً على دعواه وحكم له الحاكمُ ببينة فقد استحقها على المشتري الذي اشتراها أي مَلَكَها عليه، وأخرجها الحاكم من يد المشتري إلى يد مَن استحقَّها، ورجع المشتري على البائع بالثمن الذي أدَّاه إليه، والاستِحْقاقُ والاسْتِيجابُ قريبان من السواء." إنتهى
    مما تقدم يبدو واضحاً أن الإستحقاق هو ما وجب وقوعه. فكيف يكون إستعمال "إستحقاق رئاسي" سليماً إذا كان المقصود وجوب الإنتخاب وليس وجوب الرئاسة؟ أليس الصحيح عندها القول "إستحقاق الإنتخاب الرئاسي"؟ وإذا كنا سنحتاج لقول ذلك فلماذا لا نعدل عن كل هذا ونقول "إنتخاب الرئيس" ونكتفي بموجز القول وبليغه وسليمه دون حاجة لاستعارات طويلة ومغلوطة؟
    والإعلام اللبناني لم يكتف بادخال المفردات الفاحشة في الإستعمال مثل "كباش" و "يشي" و "أدلجة" و "جيواستراتيجيا" و "تقاطع" و "معطيات" و "تداعيات" و "تكتيك" و "ديماغوغية" و "ابستمواوجية" وكثير غيرها مما يجهل الكاتب معناه ويعتقد أنه يبدو في إستعماله مثقفاً في حين انه يساهم في هدم قواعد اللغة العربية في الترجمة النصية عن الإعلام الغربي فاصبح يبتدأ بشبه الجملة دون إضطرار لذلك فيكتب الإعلامي:
    "في صبيحة أمس قام الرئيس" وهو يريد "قام الرئيس صبيحة أمس.." لكنه ما دام يفكر بالخبر باللغة الإنكليزية فهو يكتب بأسلوبها كذلك ضارباً قواعد العربية بعرض الحائط.
    وهكذا نجد في الجملة أعلاه استعمالاً غريباً على العربية حيث يكثر الإعلاميون من إستعمال النسبة حين يكفي المضاف والمضاف إليه. ذلك لأن القول "إنتخاب الرئيس" أبلغ عند العرب من قول "الإنتخابات الرئاسية". فليست هناك حاجة للنسبة. ولعل هذا الخطأ الذي إنتشر واتسع في استعمال النسبة أحد عوامل هذه الإشتقاقات الغريبة مثل "الإستحقاق الرئاسي"، فلو لم يستعمل الكاتب النسبة لأضطر للقول "استحقاق الرئيس" ولو فعل ذلك لتوقف لأن هذه العبارة لا تعني ما يريد إيصاله.
    هكذا يتضح لنا أن لا حاجة للقول "الإستحقاق الرئاسي" حين يكفي القول "إنتخاب الرئيس".
    وفوق كل ذي علم عليم!

    عبد الحق العاني
    25 تشرين الثاني 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #24
    الأخت ريمه
    بارك الله فيك على هذا الجهد ىأولا وعلى الفائدة الكبيرة المرجون منها
    وعلى اهتمامك بلغتنا العربية الجميلة
    كل الاحترام

  5. #25
    قل ولا تقل / الحلقة الثامنة والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

    قل: سلام على الأنفس التي حلت بفنائك
    ولا تقل: سلام على الأرواح التي حلت بفنائك
    استوقفني قول السيد حسن نصر الله في عاشوراء الأخير عند قراءته لزيارة الحسين بن علي (ع) في ترديده لما شاع من خطأ على لسان المسلمين لأكثر من ألف عام في استعمال الروح وهم يريدون النفس. ولن أخوض هنا في الفرق بين النفس والروح في القرآن ذلك لأن لي بحثاً مستقلاً في هذا سوف يرد في كتابي "رسائل من القرآن" لمن أراد البحث الديني. لكني أكتب هنا في الخطأ اللغوي الذي يمنع استعمال لفظة "الأرواح".
    فما سبب شيوع الخطأ في اللغة إذن؟
    فقد كتب الحريري: "ويقولون: هبت الأرياح، مقايسة على قولهم: رياح وهو خطأ بين ووهم مستهجن، والصواب أن يقال: هبت الأرواح، كما قال ذو الرمة:
    إذا هبت الأرواح من نحو جانب به أهل مي هاج قلبي هبوبها
    هوى تذرف العينان منه وإنما هوى كل نفس حيث كان حبيبها
    والعلة في ذلك أن أصل ريح روح لاشتقاقها من الروح، وإنما أبدلت الواو ياء في ريح للكسرة التي قبلها، فإذا جمعت على أرواح فقد سكن ما قبل الواو، وزالت العلة التي توجب قلبها ياء فلهذا وجب أن تعاد إلى أصلها، كما أعيدت لهذا السبب في التصغير فقيل: رويحة.
    ونظير قولهم: ريح وأرواح قولهم في جمع ثوب وحوض: ثياب وحياض، فإذا جمعوها على أفعال قالوا: أثواب وأحواض.
    فإن قيل: فلم جمع عيد على أعياد وأصله الواو بدلالة اشتقاقه من عاد يعود فالجواب عنه أن يقال: إنهم فعلوا ذلك لئلا يلتبس جمع عيد بجمع عود، كما قالوا: هو أليط بقلبي منك، وأصله من الواو ليفرقوا بينه وبين قولهم: هو ألوط من فلان. وكما قالوا أيضا: هو نشيان للخبر ليفرقوا بينه وبين نشوان من السكر.
    ومما يعضد أن جمع ريح على أرواح ما روي أن ميسون بنت بحدل لما اتصلت بمعاوية، ونقلها من البدو إلى الشام كانت تكثر الحنين إلى أناسها والتذكر لمسقط رأسها، فاستمع إليها ذات يوم وهي تنشد:
    لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إلي من قصر منيف
    ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
    وأكل كسيرة في كسر بيتي أحب إلي من أكل الرغيف
    وأصوات الرياح بكل فج أحب إلي من نقر الدفوف
    وكلب ينبح الطراق دوني أحب إلي من قط ألوف
    وبكر يتبع الأظعان صعب أحب ألي من بغل زفوف
    وخرق من بني عمي نجيف أحب إلي من علج عليف
    فلما سمع معاوية الأبيات قال لها: ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجاً عليفاً."
    ويبدو واضحاً مما كتبه الحريري أن "أرواح" هي جمع "ريح" وليست جمع "روح". وأيد ذلك ابن منظور حين كتب في باب "روح":
    " وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال: قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه."
    وقد أخطأ ابن الأنباري ثلاث مرات في ما نسبه له ابن منظور حين كتب:
    " والرُّوحُ النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر والنفس مؤنثة عند العرب."
    فقد كتب صاحب القاموس:
    " الرُّوحُ، بالضم: ما به حَياةُ الأَنْفُسِ، ويُؤَنَّثُ".
    أما الخطأ الثاني فهو جمعه "روح" على "أرواح" وهو ما لم تعرفه العرب، أما الخطأ الثالث الفاحش والذي ما كان على ابن الأنباري أن يخوض فيه فهو قوله "الروح والنفس واحد" ولو عرف ابن الأنباري سر الخلق لأدرك أن ما بين الروح والنفس هو ما بين السماء والأرض.....
    فقد ذكر تعالى خلق النفس وابتلاءها وثوابها وعقابها وقبضها ثم أفردها وجمعها..... لكنه تعالى لم يذكر الروح في القرآن إلا مفردة ولم يخبر عن خلقها ثم قطع الطريق في الحديث عنها حين أخبر عز من قائل "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"..... فكيف يكونان واحداً ومن اين جاء ابن الأنباري بهذا الفحش من القول بالتقول على رب العزة؟
    أما ما جاء من أحاديث مختلقة مما نسب لنبي الرحمة (ص) من إستعماله لفظة "أرواح" فلا يختلف كثيراً عن مثيله مما نسجه بعض الجهلة الذين سموا فقهاء وسار على نهجهم اللاحقون. فشاع بين الناس الحديث عن "القبض على الأرواح" أو "الترحم على الأرواح" وكله عبث ذلك لأنه ليس في الكون إلا روح واحدة وهي التي أخبر عنها تعالى "فإذا نفخت فيه من روحي" وهذه لا تقبض ولا تعذب ولا تبتلى لأنها ليست مخلوقة وهي سر الحياة في الكون.
    وقد أصاب النصارى العرب حين عجز المسلمون العرب ذلك لأن النصارى يقولون "الصلاة عن راحة نفس فلان" ولا يقولون "روح فلان"...وربما قادهم لذلك، حتى دون وعي، أنهم يؤمنون بروح القدس الأوحد.
    فقل: الله يقبض الأنفس
    ولا تقل: الله يقبض الأرواح
    لأن الأرواح جمع "ريح" والله تعالى لا شأن له بقبض الريح.

    قل: كان ثوبه أدكن وكانت جبته دكناء
    ولا تقل: كان ثوبه داكناً ولا كانت جبته داكنة
    وذلك لأن الوصف من الألوان يأتي للمذكر على وزن "أفعل" كأبيض وأحمر وللمؤنث على وزن "فعلاء" كبيضاء وحمراء، والأدكن والدكناء لونهما الدّكنة وهي الغبرة والميل الى السواد. جاء في لسان العرب: " دَكِن يَدْكَن دَكَناً وأَدْكَن وهو أَدْكَنُ". ومؤنث الأدكن دكناء كما هو معلوم وسمى لبيد بن ربيعة زق الخمر "الأدكن" لسواد لونه في معلقته:
    أغلى السباء بكل أدكن عاتم أو جونة قدحت وفُضّ خِتامها
    وإذا اتسخ الثوب، او اصابه الدخان كثيراً واغبر لونه صار أدكناً، وإذا اشتدت السمرة ضاربة الى السواد فهي دُكنة، وكما لا يقال للأبيض بائض ولا للأحمر حامر ولا للأصفر صافر ولا للأسود ساود كذلك لا يقال للأدكن داكن ولا للدكناء داكنة، فقل: أدكن ودكناء. (م ج)

    وقل: وجدت الباب مُغْلَقاً
    ولا تقل: وجدت الباب مَغلُوقاً
    وكتب الكسائي: "وتقول أغلقت الباب فهو مُغلَق ولا يقال: مَغلُوق. قال أبو الأسود الدؤلي:
    ولا أقول لقدر القوم قد غليت ولا أقول لباب الدار مغلوق
    لكن أقول غلت للقوم قدرهم والباب مغلق أو فالباب مصفوق
    وكتب إبن السكيت في الباب نفسه: "وقد أَغْلَقْت الباب فهو مُغْلق، ولا يقال: مَغْلُوق، وقد أَقْفَلْتُهُ فهو مقفل."

    قل: اسْتَخْفَيْتُ من فُلانٍ
    ولا تقل: اخْتَفَيْتُ من فُلانٍ
    وكتب إبن قتيبة: اسْتَخْفَيْتُ من فُلانٍ " ولا يقال " اخْتَفَيْتُ " إنما الاختفاء الاستخراج، ومنه قيل للنَّبَّاش: مُخْتَفٍ، قال الله عزّ وجلّ: "يَسْتَخْفونَ منَ النَّاسِ". إنتهى
    وعارض الأزهري ابن قتيبة في هذا كما أورد ابن منظور في اللسان فكتب:
    "وخَفِيَ عليه الأَمرُ يَخْفَى خَفاءً، ممدود. الليث: أَخفَيْتُ الصوتَ وأَنا أُخْفِيه إخفاءً وفعله اللازمُ اخْتَفى. قال الأَزهري: الأَكثر اسْتَخْفَى لا اخْتَفى، واخْتَفى لغةٌ ليست بالعالية، وقال في موضع آخر: أَمّا اخْتَفى بمعنى خَفِيَ فلغةٌ وليست بالعالية ولا بالمُنْكَرة."
    ولعل من المفيد أن نورد هنا ما كتبه ابن فارس في باب "خفي" في قاموسه الجامع "مقاييس اللغة" حيث أوجز المعنى فكتب:
    "الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان. فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار.فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه، ويقولون: بَرِحَ الخَفَاء، أي وَضَحَ السِّرُّ وبدا...... ويقال للرّجُل المستترِ مستخْفٍ. والأصل الآخر خفا البرقُ خَفْواً، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف......
    ويقال خَفَيْتُ [الشَّيءَ] بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه..... قال امرؤ القيس:
    خَفاهُنّ من أَنْفَاقِهنّ كأنَّما خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحابٍ مُركبِ
    ويقرأ على هذا التأويل: إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها [طه 15] أي أُظهِرُها."

    قل: أَيَّتكُنَّ تنبحُها كلابُ الحَوْأب
    ولا تقل: أَيَّتكُنَّ تنبحُها كلابُ الحُوَّب
    كتب البستي: "وفي حديثهِ، صلّى الله عليه وسلّم، حينَ قالَ لنسائِهِ: "أَيَّتكُنَّ تنبحُها كلابُ الحَوْأبِ. أصحابُ الحديثِ يقولون: الحُوَّب، مضمومة الحاء مُثَقّلَة الواو. وإنّما هو الحَوْأبُ، مفتوحة الحاء مهموزة اسْمُ بعضِ المياهِ. أنشدني الغَنَوي قال: أنشدني ثَعْلبٌ: ما هو إلاّ شَرْبَةٌ بالحَوْأبِ فَصَعِّدِي مِن بَعْدِها أو صَوِّبي. الحوأبُ: الوادي الواسعُ: قالَ بعضُ رُجّاز الهُذَليِّين يصفُ حافِرَ فَرَسٍ: يلتهمُ الأرضَ بوَأْبٍ حوأبِ كالقُمْعُلِ المنكَبِّ فوقَ الأَثْلَبِ. الوأْبُ: الخفيفُ. والقُمْعُلُ: القَدَحُ الضّخْم بُلُغَةِ هُذَيْلٍ."

    قل: مصح الله ما بك
    ولا تقل: مسح الله ما بك
    وكتب الحريري: "ويقولون للمريض: مسح الله ما بك، بالسين، والصواب فيه مصح كما قال الراجز:
    قد كاد من طول البلى أن يمصحا
    وكقول الشاعر وقد أحسن فيه:
    يا بدر إنك قد كسيت مشابها من وجه أم محمد ابنة صالح
    وأراك تمصح في المحاق وحسنها باق على الأيام ليس بما صح
    ويحكى: أن النضر بن شميل المازني مرض، فدخل عليه قوم يعودونه، فقال له رجل منهم يكنى أبا صالح: مسح الله تعالى ما بك، فقال له: لا تقل: مسح، بالسين ولكن قل: مصح بالصاد، أي أذهبه الله وفرقه، أما سمعت قول الشاعر:
    وإذا ما الخمر فيها أزبدت أفل الإزباد فيها ومصح
    فقال له الرجل: إن السين قد تبدل من الصاد كما يقال: الصراط والسراط، وصقر وسقر، فقال له النضر: فأنت إذا أبو سالح.
    ويشبه هذه النادرة ما حكي أيضا أن بعض الأدباء جوز بحضرة الوزير أبي الحسن بن الفرات أن تقام السين مقام الصاد في كل موضع، فقال له الوزير: أتقرأ: "جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم " أم ومن سلح فخجل الرجل وانقطع."

    قل: هنأ القادم بوصوله سالماً
    ولا تقل: هنأ القادم بسلامة الوصول
    وكتب اليازجي: "ويقولون هنأ القادم بسلامة الوصول يعنون بوصوله سالماً وهي من العبارات الشائعة التي لا تكاد تخلو منها جريدة ولا يخفى ما فيها من فساد التعبير لأن مفادها إثبات السلامة للوصول لا للقادم والوصول لا يوصف بكونه سالماً وغير سالم".

    قل: جاء هذا العام برد قارِسٌ
    ولا تقل: جاء هذا العام برد قارِصٌ
    وكتب عبد الهادي بوطالب: لا معنى لوصف البرد بالقارص (بالصاد): فالفعل من اسم الفاعل هذا هو قَرَصَ يقرُصُ قَرْصا: إذا لَوَى عليه بأُصْبُعه وآلمه. ويقال أيضا قَرَصَ العجينَ إذا ضغط عليه ليبسطه ويسْهُلَ جمعُه.

    أما البرد فيكون قارسا (بالسين) عندما يشتدُّ حتى يعجز من يعمل بيديه عن استعمالهما ونقول: "قرسَ البردُ يديه". وفعله الرباعي أقرَسَ يُقرِسُ يفيد نفس المعنى. ونقول: "أقرسَ البردُ أصابعَه" فالبرد مُقْرِس، كما نقول قارِس، ونقول: "يومٌ قارسٌ، أي شديد البرد".

    قل: دار في خَلَدِهِ
    ولا تقل: دار في خُلْدِهِ
    وكتب خالد العبري: "شاع استعمال كلمة "الخُلْد" (بضم الخاء وسكون اللام) في معنى الضمير والنفس والقلب، فيقال: مثلاً "دار في خُلْدِهِ"، والصواب "دار في خَلَدِهِ" (بفتح الخاء واللام معاً)، يقول ابن منظور في لسان العرب: "والخَلَدُ بالتحريك: البال والقلب والنفس، وجمعه أخلادٌ، يقال: وقع ذلك في خَلَدي، أي في روعي وقلبي".
    والخُلْدُ – بضم الخاء وسكون اللام – تعني دوام البقاء، وهي مصدر من الفعل "خَلَدَ"، تقول: خَلَدَ يَخْلُدُ خُلْداً وخُلوداً، فهي إذن غير الخَلَدِ (بفتح الخاء واللام معاً). يقول المولى عز وجل "وما جعلنا لبشر من قبلك الخُلدَ أفإن متَّ فهم الخالدون"، ويقول "قل أذلك خيرٌ أم جة الخُلد التي وُعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا"، والخُلْدُ – بضم الخاء وسكون اللام – كذلك نوعٌ من الحيوان أعمى."

    عبد الحق العاني
    8 كانون الأول 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #26
    قل ولا تقل / الحلقة الأربعون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)


    قل: ثبت ذلك بدلالة كذا وكذا، وهذا ثابت بدلالة كذا وكذا
    ولا تقل: بدليل كذا وكذا
    وذلك لأن موضع هذا موضع المصدر أو ما يقوم مقامه وهو إسم. فأنت تقول: ثبت هذا بدلالة ما قدمنا من القول كما تقول: ثبت الحق بشهادة فلان وأنت لا تقول: ثبت الحق بشاهد فلان لأن فلاناً هو الشاهد.
    قال ابو حيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة: "فإن الحد راجع الى
    واضعه ومنقيه بدلالة أنه يضعه ويفصله ويخلصه ويسويه ويُصلحه".
    وقال ابو الفتح ابن جني في كتابه سر صناعة الإعراب: "لأن التذكير هو الأصل بدلالة أن الشيء مذكر وهو يقع على المذكر والمؤنث". هكذا كان يقال في القرن الرابع للهجرة وفيما قبله ثم نشأ قولهم "بدليل كذا وكذا" ومن المؤسف أننا نرى هذا الخطأ كثيراً في كتب النحويين الذين عليهم المعول في حفظ اللغة من اللحن والسبب في شيوعه في كتبهم كونهم من الأعاجم العائشين في بلادهم فإذا غلط بعضهم قادوه في غلطه. (م ج)
    وكتب عبد الهادي بوطالب: "يقع خطأ في ضبط الدال المشددة، فيكسرها البعض ويفتحها البعض، ولكل منهما معنى خاص به. فالدَّلالة بفتح الدال آتية من فعل دَلَّ بمعنى أشار وأَرشد. فنقول: "دلَّه على الطريق" أي أرشده إليه. واسم الفاعل من فعل دَلَّ هو الدَّالُّ (بتشديد اللام). وقد ورد في القول المشهور: "الدَّالُّ على الخير كفاعله". وجاء في القرآن في ذكر سليمان: "ما دَلَّهُم على موتِه إلا دَابَّةُ الأرضِ تأكل مِنْساتَه". أما في الدَّلالة (بفتح الدال وتشديده) فقد قيل: "دَلالة المَبنَى تدلُّ على دَلالة المعنى". وبعض المعاجم اللغوية ذكرت كلمة دِلالة (بكسر الدال) مع كلمة دَلالة مصدرين ولكن منهجيتي تجعلني أنصح بالاقتصار على استعمال الدَّلالة بالفتح في الإشارة والإرشاد، واستعمال كلمة الدِّلالة (بكسر الدال) لبيان حِرْفة الدَّلال أو أجرته.
    والدَّلاَّل هو من يحترف الوساطة بين البائع والمشتري، أو من يُعلِن عن الأثمان في سوق الدِّلالة. وفي المعنى الأول يصبح مقتربا من كلمة سمسار، أي الذي يتوسط لإنجاز صفقة البيع." انتهى
    وحين قرأت هذا عجبت كيف يمكن لمن يجعل نفسه عالماً بالعربية أن يمنع العرب من هذا الثراء في لغتهم فيسلبهم ما عرفه العرب وقبلوه سمعاً وقياساً منذ القدم؟ فقد كتب ابن منظور في اللسان:
    "دَلَّه على الشيء يَدُلُّه دَلاًّ ودَلالةً فانْدَلَّ: سدَّده إِليه، ودَلَلْته فانْدَلَّ؛ قال الشاعر: ما لَكَ، يا أَحمقُ، لا تَنْدَلُّ؟ وكيف يَنْدَلُّ امْرُؤٌ عِثْوَلُّ؟...... وقد دَلَّه على الطريق يَدُلُّه دَلالة ودِلالة ودُلولة، والفتح أَعلى." فأجاز الإثنين. ثم قال في موضع آخر من الباب نفسه:
    "والدَّلاَّل الذي يجمع بين البَيعَيْن، والاسم الدَّلالة والدِّلالة، والدِّلالة: ما جعلته للدَّليل أَو الدَّلاَّل."
    وكتب الجوهري في الصحاح:
    " وقد دَلَّهُ على الطريق يَدُلُّهُ دَلالَةً ودِلالَةً ودُلولَةً، والفتح أعلى."
    وكتب ابن فارس في المقاييس:
    " هو بيِّن الدَّلالة والدِّلالة".
    وهكذا يبدو أنه لا يصح للكاتب أن يدعو عرب اليوم لنبذ ما أقره السابقون من تنوع اللسان وثروته.
    قل: سَخِرتُ من فلان
    ولا تقل: سَخِرتُ بفلان
    وكتب الكسائي: " وتقول سَخِرتُ من فلان بالميم ولا تسخر منه. ولا يقال سخرت بفلان بالباء. قال الله جل وعزَ "لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم". إنتهى
    إلا ان الفيروزأبادي خالف ذلك فكتب في القاموس:
    " سَخِرَ منه وـ به، كفَرِحَ، سَخْراً وسَخَراً وسُخْرَةً ومَسْخَراً وسُخْراً وسُخُراً: هَزِئَ".
    وأخذ عنه ابن منظور فكتب في القاموس:
    " سَخِرَ منه وبه سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بالضم، وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هزئ به."
    لكن الجوهري وافق الكسائي فكتب في الصحاح:
    " سَخِرْت منه أَسْخَرُ سَخَراً بالتحريك، ومَسْخَراً وسُخْراً بالضم". فلم يقل بجواز القول "سخر به".
    وعلق ابن فارس في المقاييس على ذلك بقوله:
    "ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به.
    ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون." وكأنه عاب عليهم قولهم "سخرت به".
    ولا أدري من أين جاء الفيروزأبادي بقوله "سخر به"؟ حيث إنه لم يأت بشاهد واحد من شعر العرب استعمل فيه الحرف "به" مع الفعل "سخر". والعربية لغة سماع فكيف أجاز لنفسه ذلك دون شاهد؟
    هذا إلى جانب أن القرآن الكريم وهو فصل الخطاب لم يأت إلا بالحرف "من" مع الفعل "سخر"، فقال عز من قائل: "فيسخرون منهم سخر الله منهم" وقال العزيز الغفار "إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون" وقال عز من قائل "لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم".

    قل: أبصرَتُ بعيني
    ولا تقل: بَصُرتُ بعيني
    كتب إبن قتيبة: " بَصُرْتُ " من البصيرة أي: علمتُ. قال الله عزّ وجلّ: "بَصُرْتُ بما لم يَبْصُروا بِهِ"، و " أَبْصَرْتُ " بالعين."
    وكتب الجوهري في الصحاح:
    " وبَصُرْتُ بالشيء: عَلِمْتُهُ. قال الله تعالى: "بَصُرْتُ بما لم يَبْصُروا به"....... وأَبْصَرْتُ الشيءَ: رأيته."
    وكتب ابن فارس في المقاييس:
    " الباء والصاد والراء أصلان: أحدهما العِلْمُ بالشيء...... يقال بَصُرْتُ بالشيءِ إذا صِرْتَ به بصيراً عالماً، وأبْصَرتُه إذا رأيتَه".

    قل: سُرِرْتُ برؤية فلان
    ولا تقل: سُرِرْتُ برؤيا فلان
    كتب الحريري: ويقولون سررت برؤيا فلان إشارة إلى مرآه، فيوهمون فيه، كما وهم أبو الطيب في قوله لبدر بن عمار، وقد سامره ذات ليلة إلى قطع من الليل:
    مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضى
    ورؤياك أحلى في العيون من الغمض
    والصحيح أن يقال: سررت برؤيتك، لأن العرب تجعل الرؤية لما يرى في اليقظة، والرؤيا لما يرى في المنام، كما قال سبحانه إخباراً عن يوسف عليه السلام: "هذا تأويل رؤياي من قبل".
    ويجانس هذا الوهم قولهم: أبصرت هذا الأمر قبل حدوثه. والصواب فيه أن يقال: بصرت بهذا الأمر لأن العرب تقول: أبصرت بالعين، وبصرت من البصيرة، ومنه قوله تعالى: "قال بصرت بما لم يبصروا به" وعليه فسر قوله تعالى: "فبصرك اليوم حديد"، أي علمك بما أنت فيه اليوم نافذ، وإلى هذا المعنى يشار بقولهم: هو بصير بالعلم."

    قل: حَسَرتُ العمامة على رأسي
    ولا تقل: حَسِرتُ العمامة على رأسي
    وكتب إبن السكيت: "ويقال: قد حَسَرت العمامة على رأسي، وحَسَرت كمي عن ذراعي أحسِره حَسْرًا، وقد حَسِر الرجلُ يَحْسَرُ حَسَرًا وحَسْرة، إذا تلهف على ما فاته." إنتهى
    وتوسع ابن منظور في ذلك فكتب في اللسان:
    "حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.......... حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا يَسْتَحْسِروُن ..... وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛ قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ". ثم قال في موضع آخر من الباب نفسه: "وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار: ما أَنا اليومَ على شيء خَلا، يا ابْنَة القَيْن تَوَلَّى بِحَسِرْ، والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ."

    قل: الحرب خَدْعَةٌ
    ولا تقل: الحرب خُدْعَةٌ
    كتب البستي: "قولُهُ، صلّى الله عليه وسلّم: "الحَرْبُ خَدْعَةٌ". اللغةُ العاليةُ: خَدْعَة، مفتوحة الخاء. قالَ أبو العباس: وبَلَغَنا أَنَّها لغةُ النبي، صلّى الله عليه وسلّم. والعامَّةُ ترويه: خُدْعَة. قالَ الكسائيّ وأبو زيدٍ: يُقالٌ أيضاً: خُدَعَة، مضمومة الخاء مفتوحة الدال." إنتهى
    وكتب الجوهري في الصحاح:
    "خَدَعَهُ يَخْدَعُهُ خَدْعاً وخِداعاً أيضاً، أي ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم والاسم الخديعَةُ."
    أما ابن منظور فكتب حول "خدعة" ما يلي:
    "في الحديث: الحَرْبُ خَدْعةٌ وخُدْعةٌ، والفتح أَفصح، وخُدَعةٌ مثل هُمَزة. قال ثعلب: ورويت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، خَدْعة، فمن قال خَدْعة فمعناه من خُدِع فيها خَدْعةً فزَلَّت قدَمُه وعَطِبَ فليس لها إِقالة؛ قال ابن الأَثير: وهو أَفصح الروايات وأَصحها، ومن قال خُدْعةٌ أَراد هي تُخْدَعُ كما يقال رجل لُعْنةٌ يُلْعَن كثيراً، وإِذا خدَعَ الفريقين صاحبه في الحرب فكأَنما خُدعت هي؛ ومن قال خُدَعة أَراد أَنها تَخْدَعُ أَهلها كما قال عمرو بن مَعْدِ يكرب: الحَرْبُ أَوَّلُ ما تكونُ فَتِيَّةً، تَسْعَى بِبِزَّتِها لكلِّ جَهُول."

    قل: حار الرجل في الأمر
    ولا تقل: إحتار الرجل في الأمر
    وكتب اليازجي:"ويقولون إحتار في الأمر من الحيرة ولم يسمع افتعل من هذا وإنما يقال حار يحار فهو حائر وحيران وحيرته فتحير."
    وأخذ عدنان النحوي ذلك فكتب: "حارَ يحارُ حَيرَة وحَيْراً وحَيَرَاً وحَيَرَنَاً وكذلك: تَحَيَّر واستحارَ، فهو حَيران وحائرُ. والخطأ قول بعضهم: إحتارَ، فهذا اللفظ وهذا الإشتقاق لا نجده في المعاجم ولا في المراجع ولا في لغة العرب.ولذلك نقول: حار الرجل في أمرة حيرة شديدة."
    وأصاب اليازجي في نفيه أن يكون قد سمع عن العرب قولهم "افتعل" من "حار". فكتب ابن منظور في اللسان في باب "حير":
    "حار بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً وحَيْراً وحَيَراناً وتَحيَّر إِذا نظر إِلى الشيء فَعَشيَ بَصَرُهُ.....وتَحَيَّرَ واسْتَحَارَ وحارَ: لم يهتد لسبيله.....وحارَ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً أَي تَحَيَّرَ في أَمره؛ وحَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ."إنتهى
    أما قوله تعالى "إنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ" فهو من الحور، وهو كما أوضح ابن فارس في المقاييس:
    "الحاء والواو والراء ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخَر الرُّجوع، والثالث أن يدور الشيء دَوْراً.فأما الأول فالحَوَر: شدّةُ بياض العينِ في شدّةِ سوادِها. قال أبو عمرو:الحَوَر أن تسودَّ العين كُلُّها مثلَ الظباء والبقر........ وأمّا الرجوع، فيقال حارَ، إذا رجَع. قال الله تعالى: إنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ."
    ورغم أن الفعل الثلاثي هو نفسه "حار" إلا أنه في تصريفه بهذا المعني يكون "حار يحور" وليس "حار يحار". فكتب ابن منظور في هذا:
    "الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه".

    قل: أعطيت فلاناً
    ولا تقل: أعطيت لفلان
    كتب خالد العبري: "نقول أحياناً: أعطيت لكل إنسان حقه ونقول: أعطيت لعلي ثوباً" بتعدية الفعل "أعطى" الى مفعوله الأول باللام، وهذا خطأ وصوابه أن الفعل "أعطى" يتعدى الى مفعولين من دون الحاجة الى حرف جر في كليهما، أي أن هذا الفعل ينصب مفعولين مباشرة، من دون الحاجة الى حرف جر، نصباً ظاهراً.
    فالصواب أن نقول: أعطيت كل إنسان حقه وأعطيت علياً ثوباً، فالمولى عز وجل يقول في كتابه العزيز "قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" ولم يقل: أعطى لكل شيء خلقه".

    عبد الحق العاني
    30 كانون الأول 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #27
    قل ولا تقل / الحلقة الثانية والأربعون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن
    نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان
    بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم
    أليم. )م ج(
    قل: الحقوق القبيلية والرسوم الكنيسية
    ولا تقل: الحقوق القبلية والرسوم الكنسية
    وذلك لأن القبيلة والكنيسة إسمان من أسماء الجنس أعني أن القبائل كثيرة
    والكنائس كثيرة، فلا يجوز حذف الياء منهما عند النسبة اليهما. أما حذف
    الياء فيكون مقصوراً على الأعلام كقبيلة بجيلة وجزيرة ابن عمر وقبيلة
    ثقيف وعتيك وجهينة و ع رينة و س ليم و ه ذيل، فيقال" بَجَلي و جَزَري و ثَقَفي
    وعَتَكي و وجهني و عرَني و سلَمي و هذَلي" ومع وجود هذه القاعدة
    الخاصة بالأعلام شذ منها "تميمي" لأنه مضعف فلم يقولوا "تممي" وشذ
    من النسب الى البلدان والمواضع نوادر كالحديثي نسبة الى الحديثة
    والحَظيري نسبة الى الحظيرة والقطيعي نسبة الى محلة القطيعة في بغداد.
    فإن كانت هذه القاعدة لا يبنى عليها إلا في الأعلام وكثر الشذوذ منها في
    الأعلام بأعيانها فكيف يبنى عليها في أسماء الجنس كالبديهة والقبيلة
    والكنيسة؟ فإن جاز حذف الياء في العلم فذلك لأن العلم له من الشهرة
    والإستفاضة ما يحفظه عند الحذف وله من قوة المنسوب ما يميزه عن
    غيره، ويبعده عن اللبس.
    ومن الخطأ القديم الذي ارتكب في هذه النسبة قولهم "فلان الفرضي" نسبة
    الى علم الفرائض بدلاً من الفرائضي. قال أبو سعد السمعاني في الأنساب
    وعز الدين بن الأثير في اللباب: "الفرائضي.. ويقال لمن يعلم ذلك فَرَضي

    وفرائضي وفارض" وذكر من الفرائضيين أبا الحسن الجرجاني الفرائضي
    وقد توفي سنة 453 ه، وأبا الليث الفرائضي وقد توفي سنة 413 ه،
    فنسبة الفرائضي سابقة للفرضي بنحو مئة سنة، وهذا يدل على أن الخطأ
    حدث في القرن الرابع للهجرة.
    وبناء بعض الصرفيين القاعدة على الغلط حَمَل غيره على أن يعد الصواب
    غلطاً في قول الشاعر:
    ولسست بنحوي يلوك لسانه ولكن سليقي يقول فيعرب
    فالنسبة الى السليقة "سليقي" لأنها من أسماء الجنس ولا يجوز حذف الياء
    ومن يقل "سَلَقي" فقد سلق اللغة العربية وصلقها،
    فقل بديهي وقبيلي وكنيسي و سليقي
    ولا تقل: بدهي وقبلي وكنسي وطبعي )م ج(
    قل: هذا الأمر بديهي أو طبيعي في النسبة الى البديهة والطبيعة
    ولا تقل: بدهي وطبعي
    لأن العرب لم تحذف الياء من أمثال هذه الأسماء إلا إذا كانت من الأعلام
    المشهورة كقبيلة ثقيف وعتيك وبجيلة وجزيرة ابن عمر، فقالوا ثقفي
    وعتكي وبجلي وجزري. أمّا أسماء الجنس وأشباهها كغريزة وبديهة
    وطبيعة وسليقة فلا تخذف منها الياء أبداً لئلا تلتبس بعشرات أسماء بل
    مئات. وقد قالت العرب علم الطبيعيات ولم يقولوا "علم الطبع يات" ولقب
    أحد الشعراء "البديهي" وهو شاعر مشهور من أهل القرن الرابع للهجرة
    واسمه علي بن محمد ولم يقل له أحد طوال حياته "أنت بدهي". )م ج(
    أما عبد الهادي بو طالب فقد خالف مصطفى جواد فكتب: "والنسبة إلى
    فَعيلة هي فَعَلى )بفتح الفاء والعين( بشرط أن يكون المنسوب إليه صحيح
    عَيْنِ الكلمة وغير مضَعَّف. فنقول في النسبة إلى حنيفة حَنَفي، وإلى قبيلة
    قَبَلي. وإلى طبيعة طَبَعي، وإلى بَديهة بَدَهي، وإلى عَقيدة عَقَدي، وإلى

    صحيفة صَحَفِي.ٌّ وجميعها بفتح ثاني )عين( الكلمة لكن إذا نسبنا إلى
    الصحافة قلنا صَحَافِيٌّ.
    لكنه شاع في الاستعمال طبيعي وبديهي وغيرهما على وزن فَعِيلي بدون
    إدخال أي تغيير على المنسوب إليه.
    وتقول كتب اللغة والنحو إن هذه أيضا لغة. إلا أني أفضل أن لا نغير هذه
    الكلمات وأمثالَها إلى وزن فَعَلي، لاستعمال الشائع المشهور وتفضيله على
    الصواب المهجور."
    قل: أحْدَدْت السكين
    ولا تقل: حَدَدتُ السكين
    كتب الكسائي: "وتقول أحددت السكين بالألف. وحَدَّت المرأ ة زوجَها إذا
    لبست الحِدادَ، فهي تَحِدُّ حِدَاداً. وحَدَدْ ت أنا عليه فأنا أحدُّ حِدَّةً من الغضبِ.
    وحَدَدْ ت حدودَ الدار فأنا أ حدُّ."
    قل: فحص الطبيب لِثَةَ الرجل )بتخفيف الثاء(
    ولا تقل: فحص الطبيب لِثَّةَ الرجل )بتشديد الثاء(
    وكتب إبن قتيبة: و "هي لِثَة الرجل" لما حول أسنانه، وجمعها لِثَاثٌ
    مكسورة اللام مخففة، ولا يقال لِثَّةٌ." إنتهى
    وأورد ابن منظور آراء الأخرين في اللثة فكتب في اللسان:
    "اللِّثة، بالتخفيف، ما حول الأَسنان، و أَصلها لِثَيٌ، والهاء عوض من الياء.
    قال ابن بري: قال ابن جني اللّثة محذوفة العين من ل ثْ ت العِمامة أي أَدرتها
    على رأْسي، واللِّث ة محِيطة بالأَسنان...... واللثةُ، بالكسر والتخفيف: عُمور
    الأَسنان، وهي مَغارِزها؛ الأَزهري".

    قل: هذا إبزيم الحزام
    ولا تقل: هذا بَزِيمُ الحزامِ
    وكتب الزبيدي: "ويقولن "بَزِيم" للحديدة التي تكون في طرف حزام
    السرج، يشر ج بها. وقد تكون في طرف المنطقة ولها لسان يدخل في
    الطرف الآخر من الحزام والمنطقة .. والصواب "إبزيم" على مثال إفعيل.
    وفيه لغة أخرى، يقال "إبزام"، والجمع "أبازيم". قال العجاج:
    من كًلِّ هَرَّاجٍ نبيلٍ مَحزَ مه
    يَ دقُّ إبزيم الحِزامِ جشَ مهْ
    والجشم: عكن البطن.
    ويقال أيضاً "إبزين" ويجمع على "أبازين". وقال أبو دواد الأيادي:
    من كلِّ جَرداءَ قد طارَتْ عَقِيقَ تها و كلُّ لأجرَدَ مستَرْخي الأبازِيِنِ
    ويقال للإبزيم أيضاً "زِرْ فَن" و " زرْفَن". وفي الحديث أن درع رسول الله
    )ص( كانت ذات زَرَا فن، إذا عَلّقَتْ بزرافينها شَمَّرَت وإذا أرسلت مَسَّت
    الأرض.
    وقال مزاحم:
    يباري سَدِيساها إذا ما تَلَمَّجَت شَباً مثل إبزيم السَّلاح ال مؤَسَّلِ
    يصف ناقة. وال مؤسَّل: المحدَّد الذي رقِّقَت أسَلته.
    ويقال للقفل أيضاً "إبزيم" وهذه العبارات كلها متفقة. لأن الإبزيمَ إفعيل من
    "بَزَمَ" إذا عَضَّ. قال أبو زيد: بَزَم ت به أبزِ م بَزْمَاً أذا عضضته بالثنايا
    دون الأنياب والرباعيات. وكذلك "البَزْ م" في الرمي، هو أخذك الوتر
    بالإبهام والسَّيابة ثم نرسل السهم.
    قل: أدخل اللص السجن

    ولا تقل: أدخل باللص السجن
    وكتب الحريري:"ويقولون: أدخل باللص السجن فيغلطون فيه، والصواب
    أن يقال: أدخل اللص السجن، أو دخل به السجن، لأن الفعل يعدى تارة
    بهمزة النقل كقولك: خرج وأخرجته، وتارة بالباء، كقولك: خرج وخرجت
    به فأما الجمع بينهما فممتنع في الكلام، كما لا يجمع بين حرفي الإستفهام.
    وقد اختلف النحويون: هل بين حرفي التعدية فرق أم لا فقال الأكثرون:
    هما بمعنى واحد.
    وقال أبو العباس المبرد: بل بينهما فرق، وهو أنك إذا قلت: أخرجت زيدا كان بمعنى حملته على الخروج. فإذا قلت: خرجت به، فمعناه أنك خرجت
    واستصحبته معك.
    والقول الأول أصح بدلالة قوله تعالى: "ذهب الله بنورهم". فإن اعترض
    معترض في جواز الجمع بين حرفي التعدية بقراءة من قرأ: "وشجرة
    تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن" بضم التاء، فقد قيل فيها عدة أقوال:
    أحدها أن أنبت بمعنى نبت، والهمزة فيها أصلية، لا للنقل، كما قال زهير:
    رأيت ذوي الحاجات حول بيوتنا قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
    فعلى هذا القول تكون هذه القراءة بمعنى من قرأ: "تنبت بالدهن" بفتح
    التاء، والمعنى أن الدهن ينبتها. وقيل في القراءة: إن الباء زائدة كزيادتها
    في قوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" وكزيادتها في قول الراجز:
    نحن بنو جعدة أصحاب الفلج نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
    فيكون تقدير الكلام على هذا التأويل: تنبت الدهن، أي تخرج الدهن.
    وقيل : إن الباء متعلقة بمفعول محذوف تقديره تنبت ما تنبته، وفيه دهن،
    كما تقول: ركب الأمير بسيفه أي وسيفه معه، وخرج زيد بثيابه، أي وثيابه
    عليه.
    وقيل - وهو أحسن الأقوال: إنما زيدت الباء لأن إنباتها الدهن بعد إنبات
    الثمر الذي يخرج منه الدهن، فلما كان الفعل في المعنى قد تعلق بمفعولين

    يكونان في حال بعد حال، وهما الثمرة والدهن، احتيج إلى تقويته في
    التعدي بالباء.
    قل: أَصْل كُلِّ داءٍ البَرَدَة ولا تقل: أَصْ ل كُلِّ داءٍ البَرْدَ
    كتب البستي: "في حديثِ عبد الله بن مسعود: " أَصْ ل كلِّ داءٍ البَرَدَة ".
    البَرَدَة ، مفتوحة الراء: التُّخم ة. وأصحا ب الحديثِ يقولون: البَرْ د، وهو
    غَلَطٌ." إنتهى
    أما ابن منظور فقد رأى أن هناك علاقة بين البَرَدَة والبَرْد فكتب:
    "والبَرَدَة التخمة؛ وفي حديث ابن مسعود: كل داء أَصله البَرَدة وكله من
    البَرْد؛ البَرَدة، بالتحريك: التخمة وثقل الطعام على المعدة؛ وقيل: سميت
    التخم ة بَرَدَةً لأَن التخمة تبْرِ د المعدة فلا تستمرئ الطعامَ ولا تنْضِ جه."
    لكن الجوهري روى الحديث رواية مختلفة فكتب:
    "وفي الحديث "أص ل كلِّ داءٍ ال بردَة . بالكسر: عِلَّةٌ معروفة من غَلَبَةِ البَرْدِ
    والرطوبة، تفَتِّر عن الجماع."
    قل: جاء المُعَذِّرُون من الأعراب
    ولا تقل: جاء المُعْذِرُون من الأعراب
    كتب المقدسي: "ويَضَ عونَ ال مقْصِرَ مَوْضِعَ ال مقَصِّرِ، وال معْذِ رَ مَوْضِعَ
    ال معَذِّرِ، ولا يفَرِّق ونَ بينَ ذلكَ. والفَرْ ق بينَ ذلكَ أنَّ ال معْذِرَ، بإسكانِ العينِ
    وكَسْرِ الذالِ وتَخْفِيفِها: ال مبالِ غ في ال عذْرِ. وال معَذِّر، بفتحِ العَيْنِ، وتشديدِ
    الذَّالِ وكسرِها: ال مقَصِّ ر في ال عذْرِ. وال مقْصِ ر، بإسكانِ القافِ، وتخفيفِ
    الصادِ مع كَسْرِها: هو الذي ينزَ ع عن الشيءِ وهو قادِرٌ عليهِ. وال مقَصِّ ر،

    بفتحِ القافِ، وتشديدِ الصادِ مع كسرها أَيضاً: هو العاج ز. وأَنْشَدَ اب ن درَيْدٍ
    لنَفْسِهِ:
    ليسَ ال مقَصِّ ر وانِياً كال مقْصِرِ حكْ م ال معَذِّ رِ غَيْ ر حكْمِ ال معْذِرِ
    قل: وَضُؤَ وجهُهُ
    ولا تقل: وَ ضَ أَ وجهُهُ
    كتب الضبي: "وقد وَ ضؤَ وج ه ه يَوْ ض ؤ وَضاءَةً. ولا تقل: وَضَأَ. وهو
    وَضِيءٌ، ممدودٌ."إنتهى
    وكتب اليازجي:"ويقولون فلان ذو طلعة وضاء فيؤنثون لفظ وضاء ذهاباً
    إلى أن ألفه للتأنيث على حد ألف غراء مثلاً ومقتضاه أن الوضاء مؤنث
    الأوض مثل غراء وأغر. وهي مادة لم ينطقوا بها ولا يعرف لها معنى.
    وإنما الوضاء من الوضاءة بمعنى الحسن يقال وضؤ الرجل وهو وضيء
    على فعيل و و ضَّ اه بضم فتشديد مثل كبير و ك بار وعجيب و ع جَّ اب فالهمزة
    فيه أصيلة وهي لام الكلمة. ويقال في مؤنثه وضاءة. على أن مثل هذا
    الوهم قد جاء حتى في كلام بعض الجاهليين مثل الحارث بن حلزة:
    أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
    فأنث الضوضاء عن توهم أنه من باب شحناء وبغضاء والذي يلزم عن هذا
    أن يكون اشتقاقه من ضاض يضوض... وهي مادة لم ينطقوا بها أيضاً.
    والصحيح أن الضوضاء وزنه فعْ لال على حد بلبال. اشتقاقه من الضوة
    وهي الصياح والجلبة."إنتهى
    وكتب ابن منظور في اللسان:
    "والوَضاءة ال حسْ ن والنَّظاف ة.
    وقد وَ ضؤَ يَوْ ض ؤ وَضَاءة، بالفتح والمدّ: صار وَضِيئاً، فهو وَضِيءٌ من قَوْم
    أَوْضِياءَ، وَوِ ضَاءٍ و وضَّاءٍ. قال أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ: والمرْ ء يلْحِق ه، بِفِتْيانِ

    ظاهره أنه » وليس بالوضاء « النَّدَى، * خل ق الكَريم، ولَيْسَ بال وضَّاءِ ، قوله
    جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وضاء بالضم أَي وضيء
    فمفاده أنه مفرد. الجمع: وضَّا ؤون."
    قل: وقع ذلك تحت زَخْم الأحداث المتوالية
    ولا تقل: وقع ذلك تحت زَخَمِ الأحداث المتوالية
    وكتب عبد الهادي بوطالب: تستعمل كلمة الزَّخْم بمعنى قوة الدفع. وترد في
    هذا التعبير وأمثاله: "وقع ذلك تحت زَخْم الأحداث المتوالية". لكن سمعت
    الكثيرين ينطقونها بفتح الخاء )زَ خَم(.
    وفعل زَخْم )بالسكون( غير فعل زَخَم )بالفتحة(. الأول لازم متعدٍّ. يقال
    زَخَم الشي ء إذا اندفع بقوة وشدة. وزخَمَ الشيءَ إذا دفعه دافعٌ بقوة وشدة.
    أما الزَّخَم )بالفتح( ففعله لازم. زَخِم يزْخَم زَخَما. الشي ء تغيرت رائحته.
    واللح م إذا تغير وأصبح كريها. ونقول:" نشمُّ من هذا الماء الراكد زَخَما"
    والزَّخَمة هي الرائحة الكريهة.
    قل: أصرالرجل على ضيفه تناول الغداء
    ولا تقل: أصر الرجل على تناول ضيفه الغداء
    كتب خالد العبري: "من الأساليب التي شاع استعمالها قولهم "أصر الرجل
    على تناول ضيفه الغداء"، فالعبارة فيها من الركاكة ما يؤذي سامعها. إذ
    كيف يكون الإصرار موجها للتناول؟ وهو مما لا يعقل ومما لا يصلح أن
    يصر عليه بشيء، فمن البداهة أن يكون الإصرار على الضيف لتناول
    الغداء. فالصواب أن يقال: "أصر الرجل على ضيفه أن يتناول الغداء أو
    أصر الرجل على ضيفه تناول الغداء". فالضيف عاقل يجوز أن نصر
    عليه لكي يقوم بأمر ما أو أن يجتنب أمراً آخر."

    عبد الحق العاني
    28 كانون الثاني 1015
    عبدالحق العاني
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #28
    قل ولا تقل / الحلقة الثامنة والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: بالأصالة عن نفسي والوَكالة كالأصالة
    ولا تقل: الإصالة (عن نفسي)
    وذلك لأن "الأصالة" مصدر الفعل "أصل يأصل" وهو من أفعال الغرائز واشباهها فينبغي أن يكون مصدره على وزن "فَعالة". قال الجوهري في الصحاح "ورجل أصيل الرأي أي محكم الرأي وقد أصل أصالة مثل ضخم ضَخامة ومجد اصيل اي ذو أصالة". وجاء في مختار الصحاح "وقد أصُل من باب ظَرُف ومجد اصيل: ذو أصالة".
    وورد في لسان العرب: "أصُلَ الشيء: صار ذا أصل. قال أمية الهذلي:
    وما الشُّغْلُ إِلا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ لعِرْضِكَ ما لم تجْعَلِ الشيءَ يَأْصُلُ
    .... ويقال إِنَّ النخلَ بأَرضِنا لأَصِيلٌ أَي هو به لا يزال ولا يَفْنى. ورجل أَصيِل: له أَصْل. ورَأْيٌ أَصيل: له أَصل. ورجل أَصيل: ثابت الرأْي عاقل. وقد أَصُل أَصالة، مثل ضَخُم ضَخامة، وفلان أَصِيلُ الرأْي وقد أَصُل رأْيُه أَصالة، وإِنه لأَصِيل الرأْي والعقل. ومجد أَصِيل أَي ذو أَصالة". إنتهى
    وفذلكة القول أن "الأصالة" مفتوحة الهمزة لا مكسورتها وأنها مصدر أصُل يأصُل وهو من أوزان الثلاثي المجرد لازم غير واقع، وهو عندي من أوزان المجرد الحديثة ابتدعته العرب ليعبر عن نشوء الغرائز والتغيرات الأصلية، كما اختارت "فعِل يفعَل" للتغيرات الظاهرة نحو "عطِش يعطَشُ وفرِح يفرَح". وإنما حكمت بحداثة هذين الوزنين لأن الأصل في الأفعال التعدي بسبب أن حربة الحي التعدي على غيره، وهو قانون الأحياء العام. ولما احتاجت الإنسانية المتمدنة الى الفعل اللازم اخترعت هذين الوزنين ووضعت على الأول ضمتين لماضيه ضمة ولمضارعه ضمة، وأمره شبيه بالمعدوم لأن الغرائز لا يؤمر بها قديماً، فلا يقال "أشرف فلست شريفاً" و "اضخمي فلستِ بضخمة" و "أعظم فلست عظيماً"، فإن ذلك لا يدخل في الإمكان، واختيار الضمة للماضي والمضارع من هذا الضرب اللازم من الأفعال يُبطل دعوى من ادعى من المعاصرين لنا أن الضمة تمثل الشدة أو الغلبة. فقل: أصالة ولا تقل: إصالة. ومثل الأصالة "الأداء" اسم مصدر "التأدية". (م ج)

    قل: قاسَوا عذاباً أليماً، وتمادَوا في سكوتهم، وسمَّوا أنفسهم شجعاناً
    ولا تقل: قاسُوا عذاباُ، ولا تمادُوا في سكوتهم، ولا سمُّوا أنفسهم شجعاناً
    هذه أمثلة من الخطأ في تصريف الأفعال يكررها كثير من المذيعين والخطباء والقارئين في المشرق والمغرب وطائفة من الناطقين بها وأمثالها، والسبب في ارتكاب مثل هذا الخطأ قلة العلم بتصريف الأفعال وضعف تعليمه وضآلة العناية به والنظر اليه نظر الإستهانة والإستخفاف مع أن الصرف، أو التصريف على التسمية الأخرى، من ضروريات العلم باللغة العربية في النطق بها والكتابة فيها. وقد يخفى الغلط الصرفي في الكتابة وينجو الكاتب من المؤاخذة عليه ولكنه يظهر في النطق ويبرز في اللفظ، فيقول قائلهم "قاسُوا عذاباُ أليماً، وتمادُوا في سكوتهم، وسمُّوا أنفسهم شجعاناً" مع أن "قاسُوا" هذا فعل ثلاثي مصدره القياس، يقال: قاس الشيء وقاساه قياساً كلاهما وقاسوه كلهم. مع أن مُراد القائلين هو "قاسَوا" بفتح السين اي كابدوا وعانوا وتحملوا وهو مأخوذ من "قسا يقسو قسوة وقساوة" ولا صلة له بـ "قاس يقيس". فالغلط في حركة واحدة وهي الفتحة قلب صورة الفعل وغيّر معناه تغييراً تاماً. واللغة العربية تتغير بتغير الحركات إذا كانت من أصل ثلاثي واحد فكيف الحال إذا أخرجها تغير الحركات من أصلها واصارها إلى أصل آخر، كما في قاسَوا وقاسُوا، وسمَّوا من الإسم وسمُّوا من السُّم؟ أو قلبها إلى صيغة أخرى من الأفعال؟
    ورأس الخطأ في هذه الأوهام جهل تصريف الفعل المعتل وخاصة المعتل بالألف الظاهرة المنقلبة عن ياي أو واو، نحو "دعَوا و رمَوا وعانَوا ولاقَوا وتمادَوا وسمَّوا وسوّوا وعادَوا وغدَوا"، فالألف في مثل هذا تحذف وتبقى الفتحة دليلاً عليها نحو "عادى يعادي وعادوا يُعادون" فإذا أخطأنا في الحركة وقلنا: عادُوا لبيان العدوان صار بمعنى رجعوا وآبوا وتغير من العداوة الى العودة أي الرجوع والإياب وشتان ما بينهما. وإذا قلنا "لاقُوا" بمعنى "لقَوا" انقلب الفعل الماضي الى فعل أمر، وأنا أعجب أشد العجب ممن يكتب باللغة العربية ولا يكلف نفسه معرفة المبادئ من قواعدها، والضروري من نحوها وصرفها، والدهر يأتي بالعجائب. (م ج)

    قل: أخْفَوا القبيح وأظهروا الإحسانا (بفتح الفاء)
    ولا تقل: اخْفُوا القبيح وأظهروا الإحسانا (بضم الفاء)
    أرسل لي صديقي الشاعر والأديب، كعادته، بيتاً من الشعر يقول:
    إن الكرام إذا تناقص ودهم
    أخْفُوا القبيح وأظهروا الإحسانا
    ولم أكن قد سمعته من قبل، لكني ما أن قرأته حتى عرفت الخلل فيه فكتبت لصاحبي متسائلاً عن قائله. فرد علي أنه يجهل القائل لكنه يحسبه من الشعر القديم، فأجبته أني لا أعتقد أنه قديم لأن فيه لحن والشعراء القدماء لا يلحنون كثيرا.
    ذلك لأن البيت من بحر الكامل وهو متفاعلن ست مرات. وقد وجد قائل البيت ان عليه أن يقول "أخْفُوا القبيحَ" بضم الفاء كي يستقيم الوزن. لكنه في قوله هذا وقع في الخطأ نفسه الذي أشار اليه مصطفى جواد في الجهل بتصريف الأفعال. ذلك لأن الفعل "اخْفُوا" هو فعل الأمر من "أخفى". أما ماضي الفعل ألذي أراده قائل البيت فهو "أخْفَوا" (بفتح الفاء). لكن القائل لو استعمل التصريف الصحيح للفعل لخرج عن البحر وسليم الإيقاع الشعري الذي تستسيغه الأذن العربية السليمة. ومثل أخفى أخفَوا، أعطى أعطَوا، وأبقى أبقَوا، وأوفى أوفَوا.

    قل:إشتريت غِسْلاً جديداً لشعري
    ولا تقل: إشتريت شامبو جديداً لشعري
    وشاع في عصرنا هذا إستعمال الدخيل على العربية في كل مرافق الحياة. ومن ذلك إستعمال كلمة "شامبو" لمادة غسل الشعر. فهل يعقل أن العرب لم تكن لديهم كلمة تدل على ما يستعمل لغسل الشعر حتى نحتاج لما جاءت به لغات الأعاجم؟
    فقد كتب إبن قتيبة: و " الغَسْلُ " مصدرُ غَسَلْت، و " الغِسْلُ " الخِطْمِيُّ وكلُّ ما غُسِل به الرَّأسُ، و " الغُسْلُ " بالضم - الماء الذي يُغْتَسَل به.
    وكتب الكسائي: " وتقول: غسلت رأسي بِخِطميِّ بكسر الخاء وعندي غِسلة بكسر الغين. قال علقمة بن عبدة:
    كأنَّ غِسلًة خِطْمِيٍّ بمشفَرِها في الخَدِّ منها وفي اللَّحيينِ تَلغِيمُ
    وتقول للرجل: إمض راشداً أنقى الله غِسلَك لأن الغسل هو الخطمي".
    وكتب الحريري: "ويقولون لما يغسل به الرأس: غَسلة بفتح الغين، فيخطئون فيه لأن الغَسلة بالفتح كناية عن المرة الواحدة من الغسل، فأما الغسول فهو الغِسلة بكسر الغين، وعليه قول علقمة ابن عبدة:
    كأن غسلة خطمي بمشفرها في الخد منها وفي اللحيين تلغيم
    وأما الغَسل فمصدر غسلت والاسم منه الغُسل بضم الغين، وأما الغسلين فهو ما يسيل من صديد أهل النار. وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كل ما في القرآن قد علمته إلا أربعة أحرف: لا أدري ما الأواه، والحنان - مخففة - والغسلين، والرقيم، وقد فسرها غيره، فقال: الحنان الرحمة، ومنه قولهم: حنانيك، أي رحمة منك بعد رحمة، وقالوا: ألأواه الكثير التأوه من الذنوب. وقيل إنه المتضرع في الدعاء، وقيل فيه: إنه المؤمن الموقن ، وفسر الغسلين على ما بيناه.
    وقيل في الرقيم إنه القرية التي خرج منها أهل الكهف، وقيل: بل هو اسم الكلب، وقيل: بل هو الوادي الذي فيه أهل الكهف. وذكر الفراء أنه لوح من رصاص، كتب فيه أسماؤهم وأنسابهم."

    قل: أحطت بالأمر أو أعلمته الأمر
    ولا تقل: أحطته علماً بالأمر
    كتب إبراهيم اليازجي: "ويقولون أحطته علماً بالأمر أي أنهيته اليه وأعلمته به فيجعلون هذا الفعل متعدياً وهو لا يكون إلا لازماً يقال أحطت بالأمر وأحطت به علماً لم يسمع في غير ذلك". إنتهى
    وكتب إبن منظور في لسان العرب: "وأَحاطَ بالأَمر إِذا أَحْدَقَ به من جَوانِبِه كلِّه. وقوله تعالى: واللّه من ورائهم مُحِيطٌ؛ أَي لا يُعْجِزُه أَحَدٌ قدرته مشتملة عليهم.. وأَحاطَ به: عَلِمَه وأَحاطَ به عِلْماً."

    قل: أحاطوا الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات
    ولا تقل: أحاطوا المحادثات بالكتمان وينبغي إحاطتهم المحادثات به
    وذلك لأن معنى "أحاط الشيء بغيره" وإحاطته إياه بغيره هو جعله له كالحائط والحظار والسور والجدار. ومن البديهي أن "أحاط" الرباعي المستعمل غالباً للأذى مأخوذ من الثلاثي "حاط" المستعمل غالباً للخير. يقال: حاطه يحوطه حوطاً وحيطةً وحِياطةً" أي حفِظه وصانه وحماه، ومنه الحائط وهو بمعنى الحافظ، وتطور اللغة يُشعر بأن اصل حاطه هو حاط به، كما أن اصل "حَفَّه يحِفَّه" هو حَفَّ به وكلاهما فصيح أي حفَّه وحفَّ به.
    فحذف الباء من حاط به قديماً لم يغن أفعل الرباعي عن استصحاب الباء، فقالوا "أحاط به" والمفعول مقدر والتقدير "أحاط الشيء به" أي جعله له كالحائط وحذف المفعول من جملة الفعل، لا يدل على أن الفعل لازم، ولو كان هذا الحذف شبيهاً بالدائم كمثل صبر وكفَّ ودافع غريمه وحامى خصمه وعدوه، وعلى هذا يكون الأصل في الجملة المذكورة آنفاً "حاط الكتمان بالمحادثات وحوط الكتمان بالمحادثات". فإذا أدخلنا همزة التعدية الثانية قلنا: أحاط فلان الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات" . أما "أحاطوا المحادثات بالكتمان" فمعنى ذلك أن المحادثات صارت كالحائط للكتمان وليس ذلك المراد بل هو عكس المراد.
    فقل: أحاطوا الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات.
    جاء في نهج البلاغة "أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ووقت لكم الآجال وألبسكم الرياش وأرفع لكم المعاش وأحاط بكم الإحصاء" أي جعل الإحصاء من حولكم، والإحصاء في هذه العبارة كالكتمان في تلك العبارة. وجاء في الدعاء المرفوع: "اللهم من أراد بنا سوءً فأحط به ذلك السوء كإحاطة القلائد بترائب الولائد". (م ج)

    قل: فالدولة تسير في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي....
    ولا تقل: فالدولة في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي، تسير....
    وشاع في الإعلام العربي المعاصر نقل الخبر عن الإنكليزية والفرنسية بترجمة نصية دون أخذ قواعد العربية في الحسبان. وتجاوز الأمر حدود الترجمة إلى التفكير بلغة أعجمية فأصبح الإعلامي العربي بوعي أو بدون وعي يصوغ الخبر وكأنه يفكر بلغة أوربية.
    وكتب العالم اللغوي الدكتور إبراهيم السامرائي مقالاً يبحث في ألفاظ وتراكيب شاعت في لغة الصحافة المعاصرة في المشرق العربي. وأظهر تعاطفاً في قبول بعض التراكيب والألفاظ التي شاعت في الصحافة وسوغ ذلك أن هذه الإستعمالات الجديدة تخطت الصحافة فدخلت الإستعمال في "العلوم الاجتماعية عامة كالجغرافية والتاريخ والاجتماع والاقتصاد وغير هذا. ولا تعدم أن تجد لمادة هذه اللغة حضوراً في الأدب الجديد من شعر وقصة ونحو هذا." وعرض السامرائي طائفة من هذه النماذج اللغوية وعلق عليها كما يرى. وقد أخذت اليوم هذه النموذج.
    فكتب السامرائي: "قرأت وأنا في صنعاء صحفاً يمنية وأخرى مصرية ولبنانية وعراقية فوجدت في بعضها مَن قال:
    (( ....... فالدولة في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي أولاً، وفي تعاملــها مع الغــير على المستوى الخارجي، تسير ... )) .
    أقول: إن من خصائص هذه اللغة المتأثرة باللغات الأعجمية من إنكليزية أو غيرها، طول الجمل بحيث يأتي ما ندعوه المسند إليه في ابتداء الكلام، ولكنك لا تظفر بالمسند الذي يتم به المعنى إلا بعد كلام طويل، وقد يتجاوز هذا المعترض في طوله حداً يكاد القارئ فيه ينسى أول الجملة.
    ثم إن (( التعــامل )) مصدر الفــعل (( تعامل )) قد استعير من حيز الاقتصاد في دلالته في البيع والشراء إلى هذا الحيز الجديد. و(( المستوى ))، وهو كلمة عربية قد وصلوا إليها لتؤدّي ما تؤديه كلمة أجنبية في الانكليزية أو الفرنسية بمعناها، ووصف (( المستوى )) بالداخلي أو الخارجي كله مما يصادفه الذي يقرأ الصحف الأجنبية." إنتهى
    ورغم إن الدكتور السامرائي لم يقترح رفض هذا الإستعمال لرغبته الصادقة في دراسة هذه اللغة الجديدة من كل جوانبها إلا أنه لا يخفى على القارئ الخطر الذي يترتب على التفكير والصياغة بلغة أعجمية. ولعل قول السامرائي بأن هذا الأسلوب المطابق لقواعد الصياغة في اللغة الإنكليزية يجعل القارئ ينسى أول الجملة حين يكون بين المسند إليه والمسند، وهما عمودا الجملة العربية، معترض طويل يجعل القارئ يعود لأول الجملة كي يتذكر ما هو المسند إليه.

    قل: هذا التصريح فتح آفاقاً للتفاهم
    ولا تقل: هذا التصريح فتح آفاق َ للتفاهم
    وكتب عبد الهادي بوطالب: أصبح شائعا على الألسنة في لغة الإعلام: "وهذا التصريح فتح آفاقَ للتفاهم". و"هناك أشياءُ أخرى"، وأسماءُ تُذْكَر". و"مَردُّ هذا لأسبابَ أخرى". "وتقدم المحلِّل بآراءَ جَيِّدة". و"قد تمَّ هذا في أجواءَ غير عادية". "ولأغراضَ خاصة".
    والصواب فتْح هذه الكلمات وتنوينها، وأن نقول: لأسبابٍ أخرى، وتقدم المحلل بآراءٍ جيدة، وتم هذا في أجواءٍ غير عادية، ولأغراضٍ خاصة.
    ونقول ألفاظٌ، وأعمالٌ، وأوزانٌ، وأشعارٌ، وأولادٌ في حالة الرفع - ونفتح آخر هذه الكلمات مع التنوين في حالة النصب، ونكسر آخرها مع تنوينه في حالة الكسر: مثال: أوزاناً، وأوزانٍ.
    إن الجمع لا يُمنع من الصرف إلا إذا كان على وزن أفاعل (أفاضل) أو وزن فعائِل (منائر) أو وزن مَفاعِل (مدارس) أو فواعِل (شوارع) أو أفاعِيل (أناشيد) أو مَفاعيل (مصابيح) أو فعاليل (عصافير) أو فواعِيل (نواعير). وحينئذ لا يحمل التنوين ولا الكسرة في حالة الجر.
    أما وزن أفعال فيبقى مصروفا بالتنوين. وتدخل على آخره الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالة النصب، والكسرة في حالة الجر.
    جاء في القرآن الكريم : "إن هي إلا أسماءٌ سميتموها" وجاء أيضا، "ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله". وأيضا: "وأتوا على قوم يعكِفون على أصنامٍ لهم".
    وجاءت صيغ منتهى الجموع ممنوعةً من الصرف في القرآن: "ولي فيها مآربُ أخرى". وتتخذون مصانعَ لعلكم تخلُدون". "وأرسل عليهم طيرا أبابيلَ ترميهم بحجارة من سِجِّيل". وأيضا: "يعملون له ما يشاء من محاريبَ وتماثيلَ" بدون تنوين في آخر كلمات أبابيل، ومحاريب، وتماثيل، وبفتح آخر الكلمتين محاريب وتماثيل وفتحه بدلا من كسره، لأن حالة المنع من الصرف تنوب فيها الفتحة عن الكسرة.
    وجاء في شعر المتنبي قوله:

    كيف الرجاءُ من الخطوب تخلُّصا
    من بَعدِ ما أَنشَبْنَ فيَّ مَخالِبَا
    ونصبنني غرض الرُّماة تُصيبني
    مِحَن أشدُّ من السيوف مَضَارِبَا
    لكن إذا أُدخل على هذه الأوزان أل للتعريف، أو أضيفت إلى معرَّف بأَلْ تصبح مصروفة تُرفع بالضمة وتُنصب بالفتحة وتُجَرُّ بالكسرة بدون تنوين.

    فنقول : ذهبت إلى المدارسِ، وصلَّيت في المساجدِ، وطفت على مدارسِ التعليم، وصليت في مساجدِ المدينة بكسر الحرف الأخير في جميع هذه الكلمات.
    ونقول توصلت برسائلَ (بفتح اللام بدلا عن الكسرة). ولكن نقول توصلت برسائلِ الاستدعاء بكسر اللام بسبب الإضافة.
    ومن الأخطاء التي يقع فيها الإعلام كلمة جرائم. فيقول البعض "وسيُدان ميلوسوفتش بجرائمَ حربٍ"، والصواب كسر الميم (بجرائم)، لأن الكلمة أضيفت إلى حرب. لكن عندما لا تضاف ولا تعرَّف بأل تُمنع من الصرف وتنوب الفتحة عن الكسرة فنقول: "حكام إسرائيل مسؤولون عن جرائمَ ارتكبوها ضد شعب فلسطين".
    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    23 نيسان 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •