منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 23 من 23

الموضوع: نهضة اليابان

  1. #21

    رد: نهضة اليابان

    الفصل الرابع عشر:

    ثورة المايجي التي لم تكتمل في التاريخ العقلاني

    تقديم: تاكيدا كيوكو/ الجامعة المسيحية العالمية/طوكيو


    تقديم: من المهم ملاحظة هذا البحث ومواضعته مع ما يجري في المنطقة العربية حيث بدأت انتفاضات شعبية واسعة في مختلف البلدان العربية، احتار المواطن في تصنيفها أو التنبؤ بنتائجها. وهي بالتأكيد ستؤسس لمرحلة من إنشاء دول حديثة قد تحتاج الى إنجازها لمدة بين ثلاثين وخمسين عاماً للوصول الى الاستقرار واللحاق بركب الدول المتقدمة.

    (1)


    وجّهت عملية إحياء (المايجي) نحو أهداف عريضة: تفكيك نظام حُكم (باكوهان) الإقطاعي والإتيان بنظام برلماني (ديمقراطية ليبرالية دستورية)، تعميق الوحدة بين اليابانيين على أساس إجماع شعبي وإقامة دولة قومية موّحدة حديثة، ورفع سياسة الانعزال القومي الحازمة وتنمية الاتصال مع العالم الخارجي، وتحويل التقليدية المنغلقة الى مجتمع منفتح من المواطنين المتساوين حيث تبطل سيادة المراتب الاجتماعية المكتسبة. إنها أهداف وضعت اليابان على طريق التحديث وتؤدي الى إقامة دولة حديثة.

    وبالرغم من الإنجازات الهائلة التي وصلت باليابان الى ما هي عليه، فإن كثيراً من المفكرين اليابانيين لم يتوقفوا عن طرح سؤال: هل اكتملت ثورة اليابان؟

    في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، نشر الصحافي والمؤرخ (سانسا) عملين كان لهما أصداء في كل أنحاء اليابان وهما: (تاريخ جديد لليابان) و (تاريخ ألفين وخمسمائة سنة) في ثلاثة مجلدات. فيقول: (لم تكن ثورة مثالية حيث ينهض الشعب ضد طغيان المستبدين باسم مبادئ الحرية واحترام حقوق الإنسان، وإنما ثورة غير ناضجة، وقعت في زمن اضطرابات عندما كان المجتمع نفسه في حالة انهيار، وتحركت في مسار متذبذب يكتنفه الغموض الى أن برزت صدفةً قضايا دبلوماسية ذات أبعاد خطيرة مع وصول ((السفن السوداء)).

    [الإشارة الى السفن السوداء: هي تحركات الغرب لاحتلال اليابان، على ضوء ما جرى للجارة الصين، مما استدعى من اليابانيين تكييف اضطراباتهم التي سبقت ثورة إعادة (المايجي) بأربعين سنة تقريباً، والتفافهم حول الإمبراطور، كرمز مع تحديد صلاحياته وتقييدها وِفق أسس ثورية]


    ويقول حول مسألة إبقاء الإمبراطور: (إن الموالاة للإمبراطور لم تكن عاملاً مؤدياً الى الحدث التاريخي (الثورة)، ولم يكن العرش الإمبراطوري إلا وسيلة أصبحت الحاجة إليها ماسة وأُدخلت الى مسرح الأحداث في وقت لم يعد من الممكن فيه احتواء نقمة الشعب المكبوتة فأوجدت متنفساً لهذه النقمة).

    لقد لخص (سانسا) نظريته في أن عملية إعادة (المايجي: الثورة) تتمثل في مبدأين: (الكل في الإمبراطورية تحت حكم واحد) و (الكل في الإمبراطورية تحت حكم الكل).

    (2)

    وفي تلك الفترة أي بعد الانتهاء من الثورة، أعلن (فوكوزاوا يوكيتيشي) والذي يطلق عليه اليابانيون (رائد الفكر التنويري) في كتابه (موجز نظرية الحضارة)، ((أن العودة الى النظام الإمبراطوري لا يمكن أن تكون مسألة ضغط يمارسها البيت الملكي، فقد يبدو ذلك وكأن البيت الملكي يعير اسمه الى القوة المستمدة من نشر المعرفة بين كل أفراد الشعب)).

    ويؤكد على قيمة الإمبراطور بأنها سوف تكون دون شك هائلة إذ سيعمل على مصالحة المجموعات السياسية المتعارضة ووضع حد لنزاعاتها.

    وفي عام 1906 كتب (كيتا إيكِّي) في كتابه (الدولة القومية والاشتراكية الكاملة) ((لقد نجحت ثورة الإعادة جزئياً فقط، بطريقة تدميرية ضد الأرستقراطية. أما من جانب البناء فلم تحقق سوى انفجار غير مخطط له. إن الذين كان لهم الإسهام الأكبر في العملية التدميرية في ثورة الإعادة هم زعماء الزمرة الإقطاعية، أما في الجانب البنّاء والمهمة الأكثر إلحاحاً، فقد تبين أن هؤلاء الرجال أنفسهم هم المحركون الرئيسيون لعملية الاضطهاد التي سحقت أتباع الديمقراطية))*1

    (3)

    ينتقل الباحث الى نقطة ثانية في بحثه، تتعلق بعملية إعادة تشكيل الشخصية اليابانية أي (خلق إنسان ياباني جديد)، فيشير الى جهود المفكرين والمربين الهائلة في تهيئة الشعب الياباني وتثقيفه ليكون قادرا على النهوض بقوة للقيام بثورة صناعية محاذية لثورته السياسية.

    وأشار الباحث الى أن المفكرين رفضوا اعتبار التحديث يقف عند حدود الثورة الصناعية، وهم آمنوا بأن بناء مجتمع حديث على أنقاض مجتمع آسيوي تقليدي منغلق يتطلب فوق كل شيء عملية تدريب لأناس يعتبرون أن المهمة الماثلة أمامهم ثورة ثقافية واسعة، في القيم عبر احتوائها العلاقات الاجتماعية كذلك.

    وقد أشار أحد المفكرين الى أن عماد الوطن ليس بالضرورة حفنة من الأبطال. فالوطن يقوم على القدرة التنظيمية والأخلاق النبيلة لشعبه، وأن الإنسان الياباني ليس من المطلوب تنشئته على فهم إنجازات الغرب العلمية والتكنولوجية فحسب، فمن المهم تنمية شعب يمارس العلوم ويقدر على الإتيان بشيء جديد في مجالات التكنولوجيا والعلوم الطبيعية والاجتماعية.

    (4)

    وانتقل الباحث الى نقطة ثالثة وهي اختيار النماذج التي يجب أن تُحتذى في التحديث وبمسألة تواصل، أو انقطاع، الملامح الشعبية الفطرية المتأصلة في التقاليد اليابانية.

    أشار الباحث الى مشاهد تبدو غريبة، في اعتماد الكُتّاب والمفكرين لنقل النماذج الغربية والاحتذاء بها، فلم يكن نموذج (اليانكي الأمريكي) هو النموذج الذي افتتن به اليابانيون، بل نموذج (الأمريكي البيوريتاني البدائي من نيوإنجلاند). كما لم يقتد اليابانيون بالطبقة الأرستقراطية وملاكي الأراضي في إنجلترا بل اختاروا نماذج من العمال والفلاحين والعصاميين الإنجليز والأوروبيين.

    لقد أخذ اليابانيون من (الكونفوشيوسية) الصينية، وتأثروا بجان جاك روسو الفرنسي، كما أخذوا من غيرهم. وفي كتاب (الرجل الياباني النموذجي) تم تكثيف كل ما هو راقٍ في العالم ليصبح نموذجاً للإنسان الياباني المنشود. وكانت العبارة الشهيرة التي تم تكثيف الحكمة فيها (من لا يعمل لا يأكل).

    (5)

    النقطة الأخيرة التي أشار لها الباحث: وهي تأثر شعوب آسيا المجاورة لليابان والقريبة منه، واقتباسها من تجربة اليابان، عزز مكانة اليابان في نفوس اليابانيين، ليكونوا في مستوى المثل الأعلى. فينتقي الباحث نماذج تدلل على انبهار الصين والهند وإندونيسيا وسنغافورة وغيرها من الشعوب المجاورة، والكيفية التي أشار بها المفكرون والكتاب والسياسيون والاقتصاديون للتجربة اليابانية.

    ومع ذلك فإن الباحث والذي كتب بحثه في نهايات القرن العشرين، يقول: أن هناك من يقول أن ثورة المايجي لم تكتمل بعد، ومعه حق (والقول للباحث).

    انتهى القسم الخامس




  2. #22

    رد: نهضة اليابان

    القسم السادس: المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا

    الفصل الخامس عشر: التاريخ الاقتصادي لفترة الإعادة


    تقديم: نيشيكاوا شونساكو و سايتو أوسامو/ جامعة كييو وجامعة هيتو تسوباشي/ طوكيو

    الصفحات من 263ـ 288

    خصائص فترة الإعادة

    تحتفل كثير من الدول بتاريخ استقلالها كيوم وطني، فيتذكر الناس ذلك اليوم كيومٍ مفصلي في تاريخ بلادهم، ولكن ذلك اليوم لم يكن ليحدث لولا أيام وأشهر وسنوات ما قبله. وسنة 1868 والتي تعتبر سنة انتصار الثورة اليابانية (إعادة المايجي)، لم تكن منفصلة عما قبلها ولا عما بعدها.

    والمؤرخون، ومنهم اليابانيون حتى يكون باستطاعتهم تقديم قراءاتهم، لا بُد أن يربطوا ما قبل الحدث بالحدث نفسه، تماماً كما يفعل المعماري عندما يريد ربط بناء إضافي ببناء قائم، فإنه يتتبع العصب الحديدي ويربطه بحكمة حتى لا تظهر فواصل يأتي الخطر منها؛ وكما يعمل الجرّاح الذي يريد استئصال ورم خبيث.

    عندما يناقش الكاتبان مسألة الاقتصاد وأثرها في الثورة اليابانية، فإنهم يعودون بنا الى بدايات القرن التاسع عشر، ولكنهم يؤشرون على إحصاءات تمت بين عامي 1857 و 1865، ويذكرون أن التجارة قد تحسنت بنسبة 200% وبين عامي 1865 و 1880 زادت بنسبة 80%.

    يناقش الباحثان الفترة المحصورة بين 1859 و 1885، ويذكران أن التطورات الاقتصادية، كانت عبارة عن ثورة لا تقل أهمية عن الثورة السياسية، ويدرجان مميزاتها بما يلي:

    1ـ كانت فترة تضخم ونمو بكل معنى الكلمة، فبعد فتح الموانئ ارتفعت صادرات اليابان من الذهب والفضة والحرير والشاي، وشكلت السلعتان الأخيرتان 50% من إجمالي صادرات اليابان، واستفادت المناطق الريفية ومزارعي الشاي ومربي دودة القز كثيراً، ورغم التضخم الزائد، فقد أبقى أرباب العمل الأجور كما هي، مما زاد من مدخراتهم المالية.

    2ـ تم رفع القيود عن النشاط الاقتصادي؛ وتم شق الطرق، وتنظيم الضرائب والنظام النقدي والمصارف والبورصة والتربية والتعليم والجيش، معتمدين النموذج الغربي في ذلك.

    3ـ من الصعب فهم بعض وجوه السياسات النقدية والصناعية للمايجي. فمثلاً لم تأخذ حكومة المايجي بالنصيحة لإنشاء مصرف مركزي حسب النموذج الإنجليزي، واعتمدت النظام المصرفي اللامركزي المُعتمد في الولايات المتحدة.

    الاستمرارية في التاريخ الاقتصادي

    يعني مصطلح الاستمرارية، المواصلة، ولكن المواصلة مع ماذا؟ هل المقصود به المواصلة مع ما ابتدأ به اليابانيون في ثورة (إعادة المايجي)، أَم المواصلة مع ماضي اليابان السحيق؟

    لم يضع الباحثان هذا العنوان الفرعي، إلا ليشمل على المعنيين. فاليابانيون وإن كانوا يرغبوا في تغريب (تقليد الغرب) في ثورتهم، فإنهم أرادوها على مسطرتهم اليابانية القديمة.

    يناقش الباحثان، مسألة موازاة جلب الغنى والقوة لليابان كرغبة حلَّت في نفوس اليابانيين أثريائهم وفقرائهم، أسيادهم وعاميتهم، فبدءوا يتسابقون منذ بداية القرن التاسع عشر لدفع اقتصاد بلادهم للأمام، حتى يستطيعوا الوقوف في عدوان استشعروا قدومه من الخارج. ويضع الباحثان عدة دلائل على فرضيتهم:

    أولاً: ارتفاع الاستثمار بالمشاريع الزراعية، وبالذات في المناطق الفقيرة من البلاد.

    ثانياً: ارتفعت حركة السفن القادمة الى المرافئ والمغادرة لها بشكل ملفت، وأن ملكية تلك السفن كانت لليابانيين، وكأنهم تهيئوا بشكل مبكر لمواكبة زيادة الإنتاج.

    ثالثاً: تطور صناعات النسيج بشكل ملحوظ، وهبوطها فجأةً، وبالذات تلك المتعلقة بالصناعات القطنية، مما دفع الصناعيين الى تحديث طرق صناعتهم... فلم يكن هناك عنوان واحد للسير نحو الأمام، ولكن، كانت الوصفات التي توضع لعلاج أي مشكلة، وكأن البلاد في حالة حرب، وترافقها مستشفيات ميدانية لمعالجة كل إصابة.

    رابعاً: كان يظهر من بين الحكام المحليين المشبعين بروح الثورة، من يبادر للإبداع في مجال معين. فقد لُقِّب حاكم (فوكوشيما) ب (مُعبد الطرق) لما كان له قدرة فائقة على ابتكار أساليب لربط كل مناطق مقاطعته بشبكات طرق. وحاكم (ياماناشي) الذي اهتم بتوزيع بذور وشتلات (التوت) على الفلاحين المهتمين بتربية (دودة القز) لإنتاج الحرير. وآخرون لإنتاج الأصباغ، ومحطات البحث العلمي و معاينة المواصفات الخ

    خلاصة

    مما لا شك فيه أن اليابان كانت متخلفة اقتصاديا في الفترة التي جاءت بها ثورة المايجي، فقد كانت تقديرات الناتج القومي للفرد في اليابان 74 دولار للفترة بين (1874ـ1879) في حين كان الرقم يتعدى ال (200) دولار لثلاث عشرة دولة أخرى متقدمة على اليابان في ذلك الوقت.

    يتساءل الباحثان: الى أي درجة يعود الفضل بهذا التطور الاقتصادي السريع للحكومة اليابانية؟ وبعد مناقشتهما الآراء التي تقول أن للحكومة الفضل الكبير، في حين يقول أصحاب الرأي الآخر: أنه لا فضل للحكومة على هذا التطور... وكأنهما يريدان أن يصلا الى تلك الدرجة من التعادل في الرأيين، ليثبتا أن جو الثورة كان سائداً في عموم طبقات الشعب، والإرادة في التطور والتقدم الاقتصادي، كانت تجد مكانها في نفوس كل اليابانيين.

  3. #23

    رد: نهضة اليابان

    الفصل السادس عشر: الإعادة وتاريخ التكنولوجيا

    تقديم: يوشيدا ميتسوكوني/ جامعة كيوتو/ اليابان

    (1)

    أدرك اليابانيون أن الجسم البشري في العالم مُتصلٌ، لا تفصله مسافة، وما على مَن يُريد النهوض إلا أن يتابع ما يجري في العالم من بحوث وآداب وغيره. وقد ضرب اليابانيون مثلاً، عندما ذكروا فضل العرب على العالم في القرن الثاني عشر الميلادي، عندما أقبل الأوروبيون على ترجمة علوم العرب، التي هي أصلاً مُترجمة عن غيرهم، ومبذول من جهد العرب عليها للإضافة والتعديل والتطوير.

    من هذا الفهم، أقبل اليابانيون على ترجمة أعمال الأوروبيين العلمية والعسكرية وغيرها من العلوم. فقد تم ترجمة (467) كتاباً من أهم الكُتب التي كتبها الأوروبيون، في فترة ما بين (1720 و 1867). وقد تصدرت الكُتب الطبية قائمة الكُتب المترجمة حيث بلغ عددها (108) كتب، تلتها الكتب العسكرية (103) كتاب، وكتب اللغة (54) كتاب، والجغرافيا والمسح (35) كتاب، ثم الرياضيات والسياسة والاقتصاد الخ.

    لاحظ اليابانيون أن اعتماد الطب الحديث (في وقته) أكثر نجاحاً من الطب القديم. أما تركيزهم على العلوم العسكرية، فكان دافعه ما جرى عند الجارة الكبيرة (الصين)، في حرب الأفيون، حيث تفوقت السُفن الحربية الغازية (الأوروبية) والمدافع المنصوبة عليها، على ما لدى الصين من إمكانيات عسكرية متواضعة.

    كان لا بُد لليابانيين حتى يذودوا عن بلادهم، أن يُمكنوا أن أنفسهم من الحصول على أفضل التقنيات التي تجعلهم يعتمدون على ذاتهم في ردع أي هجوم.

    (2)

    مما يثير الغرابة، أن الشعور في ردع الأجنبي كان منتشراً في جميع مقاطعات اليابان وحكوماته المحلية، رغم هشاشة الدولة المركزية، ورغم قلة أو انعدام التنسيق في ما بين تلك المقاطعات، فقد تشابه السلوك لحكامها في هذا الشأن.

    كانت خمس مقاطعات هي (ساغا، وساتسوما، وميتو، ونيراما، وشوغونة) تطبق ما جاء في كتاب ألفه هولندي يُدعى (أولريخ هوغنين) عام 1826، عن طريقة صب المدافع الحديدية، وجاء في الكتاب رسومات تفصيلية عن بناء وتشغيل الأفران العالية الحرارة والأفران العاكسة لصهر الحديد بالإضافة الى طرق سبك وتجويف هياكل المدافع. وقد ترجم هذا الكتاب عدة ترجمات الى اليابانية. استطاعت عدة مقاطعات تصنيع (346) مدفع من الطراز الغربي، بعد نماذج فاشلة. كما استطاعت عدة مقاطعات من إنتاج ما بين 250 الى 300 طن من الحديد المصبوب سنوياً.

    ثم اتجه اليابانيون، لتطوير صناعة السفن البخارية، معتمدين على ترجمة (دليل أوروبي) يبين تلك الصناعة. ثم تم تطوير مصانع الغزل والنسيج مستخدمين معدات تدار بالطاقة المائية. وتم تشييد مصانع للسيراميك والخزف والجلود والدهان. وقد أعرب الطبيب الهولندي (بومبي فان ميرديرفونت 1829ـ 1908) عن دهشته لازدهار تلك الصناعات، وكان يتردد على زيارة اليابان، وفي كل مرة يلاحظ التطور الكبير عن سابقتها.

    (3)

    لم يرضَ القائمون على تلك التطورات عن أنفسهم، فلاحظوا بطء الحركة والتطور، وزيادة كلفة الوحدة الإنتاجية، فكلفة إنتاج مدفع وزنه ربع طن كانت تصل الى (500) ريو، وهذه الكلفة أعلى مما لو تم استيراده من الولايات المتحدة، ففكروا بتقليل الكلفة وتقليل الوقت.

    انجذب التجار ورجال الصناعة الأجانب لجدية اليابانيين، ففكروا بالاستثمار المشترك والتبادل التقني والتجاري، وعرض علماء وباحثون أجانب خدماتهم للعمل في اليابان. فازدهرت الصناعات وتحسنت نوعيتها وقلت كلفها ومدد إنجازها. وقامت أحواض بناء السفن. وانتصبت مصانع الصلب والحديد.

    وفي عام 1855 وصل طاقم هولندي من الجيش مع هدية (سفينة بمحرك قوته 150 حصان)، فكسبت بذلك فرص تدريب الجيش الياباني والتعامل التجاري لبيع الذخيرة والأسلحة الهولندية (هولندا كانت تنافس الدول الاستعمارية في إندونيسيا وغيرها).

    كانت البعثات الهولندية أكبر البعثات الصناعية والتجارية والعسكرية. وقد استغل اليابانيون اندفاع الهولنديين، فاستفادوا من المعلومات الاستخبارية عن أعداد وخطط الدول الأخرى.

    (4)

    في عام 1870 تأسست وزارة الأشغال اليابانية، ومن أهدافها القيام بأبحاث هندسية، وتشجيع التصنيع، وتأميم المناجم وإدارتها، وصنع السفن وتجهيزها وإصلاحها وبناء وتشغيل السكك الحديدية والشبكات التلغرافية.

    كانت اليابان بالنسبة الى رجال العلم والبحث الأوروبيين (دولة ـ مختبر)، وكان الذين يزورونها أو يعملون بها من أكثر علماء أوروبا خبرة وكفاءة، وقد وُصفت في وقتها بأنها بلاد فريدة لها نظام ثقافي متكامل. فشهرة وتقدم الباحث الأوروبي الطموح تتحقق فيها أكثر من دول حتى لو كانت أوروبية.

    في عام 1877، نظمت وزارة الداخلية اليابانية أول معرض وطني ياباني شامل في (طوكيو) متخذة من معرضي باريس وفينا نموذجين لها. وقد عُرض فيه 80 ألف سلعة يابانية تمثل 16 ألف عارض (بمعدل 5 سلع لكل عارض). وقد أَمَّ المعرض 400 ألف زائر.

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. حكي في المحكي (1) المقاومة لخدمة مشروع نهضة الأمة
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-11-2018, 07:18 AM
  2. نهضة الشعر!!!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-03-2016, 09:50 AM
  3. في اليابان ...
    بواسطة رياض محمد سليم حلايقه في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-14-2013, 02:42 PM
  4. نهضة مصر :: شعر :: صبري الصبري
    بواسطة صبري الصبري في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-02-2012, 07:58 PM
  5. نهضة أم طفرة - عبدالصمد زيبار
    بواسطة عبدالصمد زيبار في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-25-2011, 03:07 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •