لقاء فرسان الثقافه الحصري مع الكاتب الكبير عدنان كنفاني

[عدنان كنفاني]

الأخ عبد الرحمن سليمان المحترم
سؤال جميل، لكنه سيّل ذاكرة مليئة بكل جميل، وحملني إلى أرض الكنانة، إلى أحبائي وأصدقائي وأهلي أستعرض ذكرياتي فيها.
مصر يا أخي الكريم هي الخيّرة في العطاءات على كافة المستويات، فقد تعلمنا من الأدباء المصريين الكبار أبجدية اللغة، ومواطن الإبداع في الأجناس الأدبية المختلفة، وكانت مصر السبّاقة في كل وقت لتقديم الأمثولات التي يسير على هديها كل العرب.
مصر أخي الجميل وطننا الذي لم يبخل يوماً في فتح بواباته كلها لتوصيل الصورة المثلى للعرب في كثير من المعطيات الأدبية والمعرفية والاجتماعية، هي التاريخ والتراث والتقاليد، كانت وستبقى على مرّ الدهر عملاقة معطاءة نبيلة.
وكان لي بطبيعة الحال تواصل حميم مع أدباء مصريين كثيرين، وتشرّفت بالحضور والمشاركة على منابر كثير من قصور الثقافة في القاهرة "قصر الريحاني، والمطرية، ونقابة الصحفيين، ونادي القصّة، وأحمد شوقي، وغيرها.. وكذلك على منابر المراكز الثقافية في الإسكندرية وطنطا والمحلة وغيرها، ولي صداقات شخصية مع كثير من الأدباء المصريين، وكانت تجربتي الأدبية في مصر غنيّة جداً، ومهمة جداً في مسألة الانتشار والتعريف، وبما أنني عضو في اتحاد الأدباء العرب، فمن الطبيعي أن يكون لي حضور وتواصل مع اتحاد أدباء مصر.
مصر يا صديقي لها نكهة مميزّة في قلبي، فقد شربت من نيلها، وتشرّفت مراراً بالتواجد في مصر تلبية لدعوات أصدقاء أدباء لتنفيذ مشاركات أدبية.
أشكر حضورك الجميل.
ع.ك

[امير الليل]

حياك الله استاذنا وكاتبنا العزيز
ربما نحن مقصرون في حق هذا الموقع او ربما في مجالات اخرى ولكن لاننفي اننا جميعا اخوة دم وعرب بالدرجه الاولى مهما فرقتنا السياسات..
ارى بعض شرخ بين الكتاب عبر الوطن العربي او ربما لايلتقوا في موقع كما يحصل هنا ,او ربما تجارب هي مختلفه .
اود لو لك تجربه مع الكتاب الخليجيين حصرا ان تعرفنا بتجربتك وماهي ملاحظاتك وكيف نمزج بين تلك الاقلام؟
عبد اللطيف مياجان-الدمام -السعوديه

[عدنان كنفاني]

الأخ العزيز علي جاسم المحترم
عذراً على التأخر بالرد فقد جاءت الأسئلة مكثّفة وبحاجة إلى تركيز مني في الإجابة.
أشكر حضورك واسمح لي أن أجيب عن أسئلتك بدائرة معرفتي المتواضعة:
ـ في الزمن الرديء أخي الكريم يصعد لسطح المشاهد المختلفة كل رديء، وعلينا أن نعترف بشجاعة أن مشهدنا الثقافي بالعام ليس بخير، ويعاني من هبوط وتراجع وذلك لأسباب كثيرة أهمها وأولها حجم الهزائم "السياسية والعسكرية والاجتماعية والأخلاقية" التي ندور في متاهاتها، وهناك أيضاً الغزو الثقافي الخارجي الذي يستهدفنا سواء عن طريق الإعلام المرئي المسطّح، أو التجاذبات السياسية التي ترفع فلان وتغيّب فلان عن المشهد الثقافي، ولكن علينا أن لا نغرق في التشاؤم فما زلنا بقليل من الخير نرجو أن نعاود تبييض مشهدنا الأدبي، ولا شك في أن هناك أسماء كبيرة ما زالت ترفد مسيرتنا بالقيم السامية أدبياً، ونحن أمّة ولادة، أما عن جائزة نوبل يا أخي فأنا شخصياً لا أعيرها الكثير من الاهتمام لأنها تخضع لمعايير سياسية أكثر من خضوعها للمعايير الأصيلة الأدبية الإبداعية.
ـ نعم هناك قامات أدبية كبيرة كما ذكرت كانت في مرحلتها التاريخية علامات بارزة، وليس عندي أدنى شك في أننا قادرون على اكتشاف أسماء أخرى جديدة وشابّة ومبشّرة، وهذه فطرة الحياة في كل زمان ومكان.
ـ المنتديات أخي كما أي شيء في هذه الحياة تشبه سكيناً بحدين، حد إيجابي مفيد ورائع وجميل، وحد خطير استهلاكي وسيئ، وكذلك المنتديات إذا انتهجت السلوك الأدبي والأخلاقي السليم يمكن أن تكون مفيدة في مسألة التواصل والتعارف وتبادل المعلومة، هنا تبقى مسألة التوجّه والتوجيه للاختيار الصائب.
ـ الصراع الحالي الفلسطيني الفلسطيني ليس نتيجة سوء فهم يا صديقي، بل هو صراع بين تيارين، الأول تيار المفاوضات لتحقيق "السلام"، وهو تيار يدرك تماماً أن المفاوضات لا يمكن أن تحقق أي شكل من أشكال السلام، بل هي مفاوضات من أجل المفاوضات وكسب الوقت، لكنهم يواصلون الإصرار على ذلك على خلفيات مشبوهة تصل في بعض الأحايين إلى الخيانة، ومؤسسة على الفساد والمصالح الشخصية، وبين تيار آخر يؤمن بالمقاومة طريقا لا بديل عنه لتحقيق النصر والسلام.. إنني مؤمن بأن الشعب الفلسطيني قادر على اختيار الطريق الأصوب لتحقيق حريته ووجوده.
شكراً أخي الكريم
ع.ك

[عدنان كنفاني]

الأخ العزيز عبد اللطيف مياجان المحترم
هي الأذواق يا صديقي، ولولا تعدد الأذواق ما نفقت البضائع، وكل كاتب أو أديب يجد نفسه هنا أو يجدها هناك، وهذا أمر طبيعي، فأنت تعرف أن الشبكة العنكبوتية زاخرة "ما شاء الله" بالمواقع والمنتديات، ولكل موقع أو منتدى توّجه خاص يجمع من يتفق على الرضا عنه، وكذلك في المواقع والمنتديات الأخرى، لكنني أعتقد أن الأسماء الكبيرة والذين لهم حضور في المشهد الثقافي العام لا يجدون كثير وقت للكتابة في المنتديات أو المجلات الإلكترونية، وهناك مجموعة كبيرة من الأدباء الكبار أيضاً فاتتهم تقنية الكومبيوتر، وأعرف منهم عددا كبيراً، وفي بعض الأحايين أحاول أن أنشر بعض نتاجاتهم بمجهودي الفردي.
إذاً الأمر ليس تقصيراً ولكن يرجع إلى أسباب مختلفة ومبررة، أما بالنسبة للمنتديات صديقي العزيز فلي رأي خاص في بعضها، قد لا يعجب أو يرضي أصحاب تلك المنتديات التي يكثر فيها السخيف والهابط والمجاملة التي تصل إلى حدود النفاق من أجل صداقة أو علاقة أو على مبدأ "شيلني وأشيلك" والمديح المجاني، وهذا بعيد عن الأدب والإبداع.
طبعا أنا لي تجربة مع الأخوة الأدباء الخليجيين، وأكن لهم الكثير من التقدير والاحترام والإعجاب، وأتشرّف بأنني صديق لكثيرين من الأدباء "الشعراء والقاصين" في المملكة السعودية، "الرياض، جدة، الإحساء، وغيرها" ففي الخليج أسماء أدباء وأديبات مشهود لهم بالإبداع والتفوّق، وقد كان لي شرف التواجد في دولة الإمارات، وتقديم أمسيات أدبية في "أبو ظبي ودبي والشارقة والعين"، وفي تواصل مستمر مع الأخوة الأدباء والأخوات الأديبات برقياً وبالمراسلة، ويؤسفني حقاً أنني ترشحت مرات للمشاركة في احتفالية الجنادرية، ولكن حال وضعي "كفلسطيني" وتعقيدات السفر والموافقات وما إلى ذلك دون حضوري، وكذلك الأمر بالنسبة لأكثر الدول في الخليج العربي الحبيب.
أحييك أخي الكريم.
ع.ك

[جريح فلسطين]

نعود للحوار القيم جدا مع كاتبنا الكبير
استاذنا الكريم
سؤال ذو شقين :
لو تسنى لك تقييم الحاله الراهنه في السياسه كخطوط عامه ونحن نغرق في قهر العوز وهكذا عبر اطراف الوطن العربي الذليل كيف يمكنك ان تبسط الامور وباختصار شديد منعا للاحراج.
ثانيا: كيف يمكنك ان تقييك القلم العربي عبر تلك المساحه الشاسعه؟ وهل كان له يد خضراء لتفعيل جيل كامل يحتاج فتيلا؟ ام بقي حبرا على روق؟
مع تحيه كل اهالي غزة المحاصرين

[عدنان كنفاني]

أخي جريح فلسطين
وكلنا نعاني من ألم الجرح يا أخي، وتبقى غزّة رمز الصمود على مرّ التاريخ، جذور أهلها ضاربة في عمق الأرض، وأهلها وما يعانون من قسوة الحصار وتداعياته المؤلمة، يسطرون للعالم أروع ملاحم الصمود والتمسك بالأرض والقيم والتراث والتاريخ.
لا أريد أن أبدو وكأنني أحارب بالنظارات، أو أتقوّل ما هو بعيد عن معاناتي، فأنا أشعر تماماً بقسوة ما يحيط بغزة من حصار وتجويع وظلم، لكنني أقول، هذا قدر شعبنا، وكلّ يناضل من موقعه مع تفاوت درجات النضال، بين الكلمة في ظل بيت وأمان وحرية، وبين الفعل الحقيقي للصمود الأسطوري.
يقولون إن السياسية هي في التحرك أو اللعب في فنّ الممكن، وهذا يعني ببساطة أن السياسية ليس لها قلب ولا عاطفة ولا مشاعر، بل هي مجموعة مصالح ومربعات ألوان متعددة يتجول عليها وبينها السياسي لتحقيق مشاريعه ومصالحه، ونحن في هذا الوقت، نعيش حالة انكسار قاسية، على كل الجبهات تقريباً، والمصيبة الكبرى أن المعسكر المضاد لمصالحنا الوطنية والقومية استطاع أن يحقق اختراقاً في كثير من الأنظمة العربية، ولا أقول الشعوب، وهذا الاختراق حدث على خلفيات مصلحية وفساد وصل في بعض التصاريف إلى حدود الخيانة.
لا يمكن لصاحب الحق أن يسلك طريق الخنوع والاستجداء، فالحق يؤخذ غلاباً، هكذا علمتنا تجارب الشعوب والتاريخ، وما يحدث الآن هو بكل المعايير وصمة عار على جباة الأذلاء المستسلمين، والشعوب منهم براء، وعندي كل الأمل في أن هذه الموجة ستنحسر، فالمارد العربي قد ينام، وقد يغرق في سبات طويل، لكنه متى استيقظ سيحطم كل من دفع به إلى الذلّة.
وعلى هذا المسار أيضاً تنطفئ القيم في كثير من ثوابت حياتنا، فالأقلام الشريفة النظيفة موجودة لكنها في أغلب الأحايين مغيّبة عن قصد بسبب سطوة التيار المضاد الذي يرفع الأقلام المشبوهة التي تساير سياسته وتوجهاته، وهذه مصيبة أيضاً فالمسألة الثقافية في كل الأمم هي معيار أصالة انتماء هذه الأمة أو تلك، ونحن نرى الآن في ظل هذه الغرائب ظهور أشخاص وأقلام كل مؤهلاتها أنها تشتغل لصالح المستسلمين المطبّعين الذين يتصورون أن المفاوضات ستوصل إلى السلام، أما الأقلام النظيفة الشريفة الوطنية فهي موجودة وتشتغل أيضاً، ولكن بحدود إمكاناتها وفي مواجهة سطوة القوّة والقمع.
هذا قدرنا يا أخي الجريح، وعلينا أن نبقى ممسكين على جمر ثوابتنا الوطنية والقومية والاجتماعية، وسيأتي يوم تتلاشى فيه تلك الأقلام المسفّة المشبوهة، ولا يبقى على الأرض غير السمين النقيّ.
أشكر تواجدك أخي الكريم، ومن خلالك أطيّر أسمى معاني الحب والعرفان لأهلنا الصامدين في غزّة، وفي كل مكان يتواجد فيه الفلسطيني، والنصر قريب بإذن الله.
ع.ك

[علي جاسم]

السلام عليكم

مازلنا نتابع هذا الحوار الجميل والممتع مع الأستاذ عدنان كنفاني

ولنا عودة معك

كل عام وأنت بخير أستاذ عدنان

[عدنان كنفاني]

الأخوات والأخوة الأفاضل
مناسبة طيبة أن أبارك لكم في عيد الأضحى، وأتمنى لكم جميعاً الصحة والسعادة والنجاح
سائلاً العليّ القدير أن يرفع عن أمتنا العربية هذه الغمّة، وأن يحقق لنا النصر على أعداء الدين والأرض والإنسانية، وأن يعين أخوتنا المحاصرين في كل مكان، وأن يخذل كل مساعي المستسلمين المفرطين بحقوقنا الثابتة.
ونسأله تعالى أن يحمي مقدساتنا، وقدسنا، ووطننا من كل شر وسوء
وكل عيد وأنتم بخير
ع.ك

[رغد قصاب]

السلام عليكم
اعتذر لتاخري في الحضور وكل عام وانت بخير استاذ عدنان وكاتبنا العزيز:
اعيد سؤالي القديم واضيف:

ما رأيك بفن السيرة الذاتية؟ وهل حضرتك ممن لديهم مذكرات حقيقية يواظب على تدوينها يوميا؟ كيف يمكننا أن ننشط ذلك الأمر وسوق القراء وسوق النشركاسدة؟
مع كل التحية
*******
كيف يستغل الكاتب الاديب مرهف الحس العيد لصالح رصيده الادبي وماذا يعني له العيد؟ وماذا عن القريحه وكيف تتفاوت بين كاتب واخر وهل هي فعلا بازدياد حسب تاجج مشاعره او تخبطه عبر الواقع؟
مع كل الامتنان والشكر
رغد قصاب

[عدنان كنفاني]

الأخت العزيزة رغد قصّاب
ـ السيرة الذاتية بلا شك فنّ له أصوله ومناسبته وأسبابه، وأعتقد أن على الشخصيات العامّة، سياسيين ومناضلين وأدباء وفنانين وشخصيات إنسانية لهم بصمتهم المتجددة في مسيرة الحياة أن يدونوا سيرهم الذاتية لتكون تأريخاً لمرحلة، ودليلاً مرشداً للنشء.
ولكن ليس من الضروري أن يكتب أيّ كان سيرته الذاتية في كتاب ثم يدّعي أنه عمل مرجعي، فالسيرة إذا لم تكن مختلفة عن العادي فلا جدوى منها، وتصبح ما يشبه رواية، ولكن صديقتي هل تعتقدي أن من يكتب سيرته الذاتية يعرّج على السلبيات في حياته وسلوكه.؟ أم يعمل ويشتغل على تلميع صورته وقيمه وممارساته.؟ هنا تكمن المشكلة.
ـ مع الأسف أنا لا أواظب على كتابة مذكراتي، لكنني أكتب خواطر في مناسبات أجدها مفصلية في حياتنا الوطنية أو الاجتماعية أو الإنسانية، وقد أصدرت رواية عنوانها (بدّو) وهو اسم قرية فلسطينية، حملت في تفاصيلها الكثير من شخصيتي وسيرتي ومسيرتي خلال فترة معيّنة من فترات حياتي.
ـ نعم أسواق النشر والتوزيع كاسدة، لكنها مفتوحة على مصاريعها أمام كتب تعليم الطبخ والأبراج والجنس والشعوذة.. وكم يدعو هذا للأسف الشديد.
ـ العيد.. نعمة من نعم الله سبحانه، ففيه الوقت الذي نكسر فيه رتابة الروتين، ونسعى إلى زيارات وعلاقات مع الأقربين، ما نفتقده على مدار العام، والعيد يعني إضافة إلى مناسبة دينية طيبة، يعني الفرح، فهل نستطيع أن نعيش الفرح ونحن غائصون في شعور المذلّة والانهزام.؟
ولا أقصد الهزائم العسكرية والسياسية فقط، بل الهزائم من كل شكل ولون، ما يجعل من حياتنا كابوساً نحاول أن نلونه بقليل من الفرح، ولكن هيهات.
أنا شخصياً لا أؤمن بأن القريحة والإلهام تأتي بالإبداع، فالإبداع طقس يعيشه الكاتب إذا امتلك الموهبة والفهم والقدرة والتصوّر والتعبير، وليس للعيد علاقة بذلك إلا بقدر ما يؤجج من تلك المشاعر، قد يكون الحب أكثر دافعاً للكتابة، وهنا أعني الحب بالمطلق.
طبعا هناك تفاوت بين كاتب وكاتب، وبين مبدع وآخر وهذه سنّة من سنن الحياة، ولكنني أعتقد أن الخبرة والتجربة والكتابة والقراءة والاطلاع هي التي تنمي مواهب الأديب والكاتب، ولست ألغي الوضع الاجتماعي والحالة النفسية للكاتب فلها تأثير على مسيرة نتاجه.
لك تحيتي وشكري.
ع.ك