شكرا اختي لاهتمامك
عن كتاب نجوم في فلك النبوة
اسماء الطباع
سعيد بن عامر
ابن سلمان الجمحي القرشي
(سعيد بن عامر رجل اشترى الآخرة بالدنيا و آثر الله و رسوله على سواهما )
كان يوما مع مشركي قريش الذين شهدوا مصرع خُبيب بن عدي بعد أن ظفروا به غدرا.
لم يكن سعيد بن عامر قد انضم إلى الإسلام بعد . فقيدوا خبيب و وضعوه على خشبة ليثأروا لقتلاهم في ( بدر ) بقتله . و قال خبيب بصوت ثابت : إن شئتم أن تتركوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا.....
فصلى خبيب ركعتين ثم قتل. فنصرف الناس و سعيد بن عامر و قد تعلم ما لم يتعلمه من قبل :
علمه أن الحياة الحقة عقيدة و جهاد في سبيل العقيدة حتى الموت .
و أن الإيمان الراسخ يفعل الأعاجيب و يصنع المعجزات .
و أن الرجل الذي يحبه أصحابه كل هذا الحب إنما هو نبي مؤيد من السماء.
فشرح الله صدر سعيد بن عامر إلى الإسلام و هاجر إلى المدينة و لزم رسول الله صلى الله عليه و سلم
و شهد معه (خيبر ) وما بعدها من الغزوات . و بوفاته بدأ العهد الراشدي و شارك في حروب الردة في خلافة أبي بكر الصديق و جاءت خلافة عمر بن الخطاب و قد اختار سعيد بن عامر لولاية إمارة حمص .
و كان إذا خرج عطاؤه نظر إلى ما يكفي لقوت أهله من طعا مهم و كسوتهم و ما يصلحهم فيعزله و ينظر إلى بقيته فبتصدق به . فأتاه مرة نفر من قومه فقالوا : إن لأهلك عليك حقا ..... فقال : ما أنا بمستأثر عليهم بعد أن سمعت رسول الله صلى الل عليه و سلم يقول ( يجمع الله عز و جل الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام , فيقال لهم قفوا عند الحساب فيقولون : ما عندنا حساب و لا آتيتمنا شيئا فيقول ربهم : صدق عبادي فيفتح لهم باب الجنة فيدخلوها قبل الناس بسبعين عاما )) .
قدم عمر بن الخطاب مرة إلى حمص ليطمئن على أحوال الناس فيها فأمرهم أن يكتبوا له كتاباً بأسماء الفقراء فيها فإذا به يجد اسم سعيد بن عامر فسألعم من سعيد بن عامر؟..... فقالوا أمير المؤمنين .....أميرنا !!
فتعجب قائلا : و أين رزقه؟.... قالوا : لا يمسك منه شيئا......
فبكى عمر بن الخطاب تأثرا من أمير فقيرة دنياه ثرية عطاياه و أعماله .
ثم سأل أهل حمص : كيف وجدتم عاملكم ؟
فقالوا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار.
و لا يجيب أحدا بليل .
و له يوم في الشهر لا يخرج إلينا . و تأخذه غشية في الأيام .
فجمع عمر بينه و بينهم : فقال سعيد : إني كنت لأكره ذكره .
أما الأولى : فليس لأهلي خدم فأعجن عجيني ثم أجلس حتى يختمر ثم أخبز خبزي ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم
و الثانية : إني جعلت النهار لهم و جعت الليل لله عز و جل .
والثالثة : ليس لي خادم يغسل ثيابي و ليس لي غير ثوب فأجلس حتى يجف ثم أدلكه ثم أخرج إليهم من آخر النهار
والرابعة : شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة و قد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذعه فقالوا : أنحب أن محمدا مكانك ؟ فقال : و الله ما أحب أني في أهلي و أن محمداً شيك بشوكة ثم نادى يا محمد !! فما ذكرت ذلك اليوم و تركي نصرته في تلك الحال و أنا مشرك لا أؤمن بالله العظيم إلا ظننت أن الله تعالى لن يغفر لي ذلك الذنب أبداً فتصيبني تلك الغَنظَة.
فصدر حكم عمر : الحمد لله الذي لم يخيب ظني به .
ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها على حاجته . فرأت زوجة سعيد بن عامر المال فقالت : الحمد لله فاذهب و اشتري لنا مؤونة و استأجر خادما . قال : و هل لك فيما هو خير من ذلك ؟ . قالت : و ما ذاك ؟. قال : ندفعها إلى من يأتينا بها و نحن أحوج ما نكون إليها . قالت : وما ذاك ؟ . قال : نقرضها الله قرضاً حسناً . قالت : نعم و جيت خيرا .فجعلها في صرر و تصدق بالمال كله.
فأحب الله لقاءه فعزله إليه في سنة 20 للهجرة رضي الله عنك و أرضاك و أكرمنا بلقياك .