منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 33

العرض المتطور

  1. #1

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    رابعا: الجذور الفكرية والعقائدية


    إن ادعاء الصهيونية بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وأنها أرض الميعاد وأن اليهودي فوق الجميع، وأن اليهود شعب الله المختار. وكذلك أسلوب الإرهاب والعنف والقتل الجماعي الذي اتبعه اليهود في فلسطين المحتلة قبل عام 1948م وبعده.. إن ذلك كله يرجع أولاً وقبل كل شيء إلى التعاليم التلمودية اليهودية التي يعدونها مقدمة على التوراة نفسها. ـ فالعنصرية اليهودية الغالبة نجدها في قول التلمود: "إن اليهود أحب إلى الله من الملائكة" و "إن اليهود وحدهم هم البشر أما الشعوب الأخرى فليست سوى أنواع مختلفة من الحيوانات". ـ وسياسة العنف والقتل لدى الصهاينة الجدد.. نجد سندها في قول التلمود: "ليس من العدل استعمال الرحمة مع الأعداء" و" ممنوع العطف على الإنسان الأبله" و "من الواجب على اليهودي أن يبذل كنانة جهده في استئصال شأفة النصارى والمسلمين عن وجه الأرض..". ـ وقد وعى مفكرو اليهود دروس التلمود، ونظَّروه في مبادئ وأفكار، حتى أصبحت هذه المبادئ فلسفة خاصة بهم، ومن هذا المنطلق نجد أن جذور الفكر الإرهابي لحزب حيروت ولأحزاب إسرائيل الأخرى تمتد إلى المفكر اليهودي زئيف جابوتنسكي 1880 ـ 1940م الذي ولد في روسيا وزار فلسطين سنة 1908م وأسس منظمة الهاجاناه الإرهابية ووضع للمنظمات اليهودية المبادئ التي يجب السير عليها لتحقيق حلمهم في أرض فلسطين ومن هذه المبادئ: 1 ـ العنف هو الطريق الوحيد لإقامة دولة إسرائيل واستمرارها. 2 ـ إن عصر الحريات والإنسانيات الذي يعترف بحقوق الآخرين قد ولَّى وحل مكانه عالم جديد يرفض النزعة الإنسانية ولا يلتفت إطلاقاً لحقوق الآخرين، ويستند على الأنانية القومية لتأكيد وجوده الذي لا ينتعش في ظل العقل والأخلاق بل في ظل الحيوية الجسدية. 3 ـ عدم التقرُّب إلى العرب أو الثقافة العربية (عارض جابوتنسكي أي محاولة من قبل اليهود للتقرب إلى الثقافة العربية سنة 1924م، وعندما قالوا له إن العرب أبناء عم لنا فهم من نسل إسماعيل، رد قائلاً: إن إسماعيل ليس بعمنا، فنحن ـ وهذا بفضل الله!! ـ ننتمي إلى أوروبا، وعلى مدى ألفي عام ساعدنا في خلق ثقافة الغرب). 4 ـ الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، وثقافته فوق كل الثقافات. هذه هي المبادئ التي وضعها الإرهابي الأول جابوتنسكي. وأخذت هذه المبادئ سبيلها إلى التطبيق العملي على مستوى منظمات الدفاع اليهودية الرسمية قبل وبعد إنشاء إسرائيل، ويعدُّ مناحم بيجين التلميذ الأول الذي استوعب أفكار وآراء أستاذه جابوتنسكي وترسخت في مفهومه ومفهوم كل المنظمات الإرهابية، الأراجون والهاجاناه وغيرها.
    ـ إن الاتجاهات الصهيونية بمختلف انتماءاتها تسير على نهج جابوتنسكي وتشعر بشعوره المفعم بالكراهية للعرب والمسلمين، مهما حاولت الصهيونية الحالية أن تصفه بأنه لا يمثل إلا نفسه ولكن الواقع يثبت غير ذلك. ـ وهناك من مفكري الحركة الصهيونية من تأثر بفلسفة نيتشه الفيلسوف الألماني عن الإنسان الأعلى (السوبر مان)، وأن القوة هي الأساس في الكون، ومنهم جوزيف بيرويشفكي (1865 ـ 1921م) الذي يرى أن التوتر، والثورة العنيفة هي الطريق الوحيد لقيام إسرائيل. ـ ومن هذا الفكر أصَّل بن جوريون ـ أول رئيس لدويلة اليهود ـ السياسة اليهودية تجاه المسلمين والعرب في كتابه إسرائيل: سنوات التحدي إذ يقول: "إن هذه الدولة المسماة بإسرائيل لا يمكنها أن تعيش إلا بالقوة والسلاح" "القوة هي لغة التفاهم مع العرب".
    ـ وكذلك مناحيم بيجين في كتابه التمرد فقد أعطى الأبعاد الكاملة لفلسفة التمرد والإرهاب قائلاً: "أنا أحارب فأنا موجود". "إذا لم نحارب فإننا سوف نفنى، والحرب هي الطريق الوحيد للخلاص".
    الخلاصة
    أن حيروت حزب سياسي صهيوني أسسه مناحم بيجين في فلسطين المحتلة بعد قيام إسرائيل عام 1948م، وهو يطالب بحدود إسرائيل الكبرى، مع عدم التخلي عن أي أرض احتلت عام 1967م، ويبارك الأعمال العدوانية ضد الدولة العربية ويعتبر الحرب هو الوسيلة الوحيدة التي يفهمها العرب ويشجع الاستيطان الديني والريفي في فلسطين، والتضييق على الأقلية العربية، وجعل إسرائيل تدور دائمًا في فلك المعسكر الغربي، حتى تتحقق الأهداف الإسرائيلية من حيث تكريس العنف ووأد حقوق الإنسان العربي والحيلولة دون شيوع الثقافة العربية في إسرائيل.
    يتبــــع




    الأنتراكت »
    أولا: التعريف
    هي نوادي اجتماعية وثقافية مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية، التي تسيطر عليها اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية، وتضم هذه النوادي طلبة المدارس الإعدادية والثانوية

    ثانيا: التأسيس وأبرز الشخصيات
    بتوجيه من مؤتمر الروتاري الدولي عام 1961م/ 1962م، أنشئت أندية الأنتراكت من طلبة المدارس الإعدادية والثانوية، وتسمى: بأندية الطلائع.. وتتراوح أعمار الأطفال بين 14 و 18 سنة. وقد دلت إحصائية خاصة عن أندية الأنتراكت عن العام 1983م/ 1984م بأنه تم إنشاء 121 ناديًّا للأنتراكت بلغ عدد أعضائها من تلاميذ المدارس 95150 عضواً. ويشرف على هذا العدد من أندية الأنتراكت: 3459 ناديًّا للروتاري في 79 دولة من مجموع الدول الروتارية. • وفي سنة 1986م صدرت عن المركز الرئيسي للروتاري بالولايات المتحدة الأمريكية نشرة خاصة بعنوان: هذا الروتاري جاء فيها عن الأنتراكت والروتراكت أنه أصبح لها أكثر من عشرة آلاف ناديًّا في مائة دولة. • وقد أنشئت نوادي الأنتراكت في بعض البلاد العربية منها: مصر.. ولقد نشرت مجلة: أكتوبر.. في تاريخ 16/11/1980م الحفل السنوي لنادي الأنتراكت، الذي أقيم في نادي سبورتنج بالإسكندرية، وأحيت الحفلة فرقة البتي شاه الغنائية الراقصة. ولا توجد تحت أيدينا إحصائيات عن نوادي الأنتراكت في البلاد العربية والإسلامية الأخرى.
    ثالثا: الأفكار والمعتقدات

    إن تخصيص هذه النوادي لرعاية الأطفال من 14 ـ 18 سنة يكشف المخطط الخطير الذي تسعى إليه منظمة الروتاري العالمية، للتأثير على الأطفال وصياغة تفكيرهم وسلوكهم وفق أهدافها الخبيثة، بعد أن تمت السيطرة على الكبار من الرجال والنساء.
    • ترفع هذه النوادي شعارات خادعة تلبس ثوباً براقاً مثل التربية الحديثة، والرياضة، والثقافة. وقضاء أوقات الفراغ.. وإعداد الطفل للمجتمع.. الخ. وتخفي الهدف الحقيقي وهو إخضاع وتلقين الصغار مفاهيم روتارية لاستخدامهم في المستقبل في تنفيذ المآرب الصهيونية الخبيثة. • تنشأ هذه النوادي في حدود منطقة الروتاري، حيث توجد نوادي الكبار، كي يسهل السيطرة عليها ضمن خطط الروتاري للرجال، والأنرهويل للنساء. • تنشأ هذه النوادي ـ على الأرجح ـ في المعاهد الخاصة التي تديرها الأقليات النصرانية واليهودية في البلاد العربية والإسلامية. • تقيم هذه النوادي حفلات غنائية ومسرحية خاصة بالصغار لما لهذه الوسائل من تأثير قوي فعال في الصغار. • من أنشطة هذه النوادي إقامة الرحلات والمخيمات الخلوية.

    رابعا: الجذور الفكرية والعقائدية
    باعتبار أن الأنتراكت تأسست من قبل نادي الروتاري، فإن غرضها هو غرض نادي الروتاري العالمي. ذي الخلفية اليهودية الماسونية. وإن جميع الأنشطة التي تقوم بها هذه الأندية تخدم في النهاية اليهودية العالمية، باسم الإنسانية، والثقافة، والإخاء بين الشعوب.



    خامسا: الانتشار ومواقع النفوذ
    تأسست هذه النوادي في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه من مؤتمر الروتاري الدولي سنة 1961م وانتشرت في أوروبا، وصار لها فروع في معظم أنحاء العالم، ولها فرع في إسرائيل وفي بعض الدول العربية مثل مصر والأردن ولبنان ودول المغرب العربي.

    الخلاصة
    أن الأنتراكت كأندية مشبوهة مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليها اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية، لها غايات وأهداف خفية وتعمد إلى تثبيت انتماءات الشباب الغض للأفكار الماسونية عن طريق المنح الدراسية وتبادل الشبيبة، وقد أفتى المجمع الفقهي في دورته الأولى بمكة المكرمة في 10 شعبان سنة 1398هـ بتحريم الانتساب إلى هذه الأن



    يتبــــع

    الروتراكت (شباب الروتاري) »
    أولا: التعريف
    هي أندية اجتماعية ثقافية ترويحية، مرتبطة بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليه اليهودية العالمية والمنظمات الماسونية. وتضم هذه النوادي طلبة الجامعات وخريجيها ممن لا يقل عمرهم عن 18 سنة، ولا يزيد عن 28 سنة من الذكور أو الإناث أو من الجنسين حسب ما يقرره النادي الراعي. ونادي شباب الروتاري منظمة يرعاها نادي الروتاري وتهدف ـ كما يزعمون ـ إلى تشجيع التمسك بالمستويات الخلقية العليا في جميع الأعمال وتنمية القيادة والشعور بالمسؤولية عن طريق خدمة المجتمع وتعزيز التفاهم الدولي والسلام

    ثانيا: التأسيس

    في عام 1917م بدأ الروتاري يعني بشؤون الشباب فأنشأ صندوقاً خاصاً لذلك الغرض، وأصبح هذا الصندوق فيما بعد نواة لهذه المؤسسة. • أوصى مؤتمر الروتاري الدولي عام 1967م/ 1968م بإنشاء أندية للشباب من طلبة الجامعات وخريجيها، ويسمح لأندية الروتاري بإنشاء أندية الروتراكت في حدود منطقتها لإتاحة الفرصة أمام الشباب للدراسة في بلد غير بلده. • وقد دلت إحصائية خاصة عن أندية الروتراكت عن العام الروتاري 1983م/ 1984م على أنه تم إنشاء 134 نادياً في شتى أنحاء العالم هذا العام وحده، وقد وصل عدد الأندية في العالم 4305 نادياً تتبع 4011 نادياً من أندية الروتاري المنتشرة في 90 دولة من دول الروتاري، ووصل عدد أعضاء الروتراكت إلى 86000 ستة وثمانين ألف عضوٍ. • أنشئت نوادي الروتراكت في بعض البلاد العربية والإسلامية.
    ثالثا: الأفكار والمعتقدات
    من الأهداف المعلنة لنوادي الروتراكت إتاحة الفرصة للشباب للدراسة في بلد غير بلده، أي إعطاء منح دراسية على هيئة بعثات من المنطقة الروتارية 245 التي تضم جمهورية مصر العربية والسودان ولبنان ودولة البحرين والأردن وقبرص. وهذه المنح خاصة بأبناء أعضاء الروتاري، وتخضع لتنظيم الروتاري العالمي.. وللخداع.. يشترط في الشباب المتقدم للحصول على المنحة أن يكون متمسكاً بدينه الإسلامي! وأن يكون متسامحاً! • ومن نشاط هذه النوادي مشروع تبادل الشباب المريب، الذي يتم فيه اختلاط الشباب من الجنسين.. ومن شروط المشروع: ـ تفضيل من كان عضواً في أحد أندية شباب الروتاريين أو أن يكون والده روتارياً.
    ـ السفر في الإجازة الصيفية، ومدة الإقامة ثلاثة أسابيع ويتكفل الطالب بمصاريف سفره في الذهاب والعودة، ومصاريف الإقامة يتحملها النادي المضيف. ـ أن يتراوح سن الطالب أو الطالبة بين 18 سنة و22 سنة. ـ أن يكون حاصلاً على الشهادة الثانوية على الأقل وأن يكون ملماً بلغة البلد المسافر إليه.
    ـ يشترط أن يكون ولي الأمر مستعداً لاستضافة طالب أو طالبة في منزله لمدة مماثلة للمدة التي يقضيها ابنه أو ابنته في الخارج. • ومن تطبيقات هذا المشروع:
    سفر وفد صهيوني من الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة يوم 24/1/1981م برئاسة دافيد روزلين مدير العلاقات التربوية والعلمية في وزارة خارجية الكيان الصهيوني إلى مصر العربية المسلمة لبلورة تفاصيل تبادل الشباب، وتألفت المجموعة الأولى من 50 طالباً إسرائيلياً لقضاء العطلة الصيفية بين الأسر العربية المسلمة في مصر، واستضاف الكيان الصهيوني مجموعة مماثلة من الشباب المسلم لقضاء الإجازة الصيفية بين الأسر اليهودية وقد تم الاتفاق على ذلك سابقاً أثناء محادثات إسحاق نافون في أواخر عام 1980م بهدف تطبيع العلاقات! • ومن الأهداف المعلنة أيضاً: خلق روح القيادة الاجتماعية في الشباب والشعور بالمسؤولية لدى المواطنين وغرس المثل العليا للأخلاقيات، وبحث مشاكل المجتمع الصحية والتعليمية.. ويظهر أن هذه الأهداف المخادعة تعلن للسذَّج من أفراد المجتمع.. أو للحصول على الترخيص من الدولة. • أما الهدف الحقيقي لهذه النوادي فهو إفساد الجيل المسلم أخلاقياً، وإبعاده عن قيم دينه وتعاليمه.. وتستخدم في ذلك الحفلات الموسيقية الراقصة (التي تسميها الخيرية) والسهر إلى ما بعد منتصف الليل مع الاختلاط بكل أشكاله، وشرب الخمر المسموح به في هذه الحفلات وقضاء الإجازات مع عائلات لا تتقيد بالأخلاق الإسلامية.. والاتصالات الفاجرة بين الجنسين أثناء الرحلات والأسفار الترويحية أو الدراسية. ومن هذه الحفلات الفاسدة، ما أقامه شباب نادي روتراكت بالإسكندرية في نادي سبورتنج وحضره مجموعة من الضيوف البريطانيين من أصدقاء وشباب الروتراكت وعدد كبير من سيدات ورجال المجتمع المسلم! وأحيا الحفل الفنان عمر خورشيد وفرقة الجاز، ورقص على أنغامها الشباب والزهرات واستمر الحفل إلى ما بعد منتصف الليل.. وقد نشرت إحدى المجلات صوراً خليعة لعضوات النادي بأوضاع غير أخلاقية وشبه عارية..! ـ إلهاء الشباب في أنشطة سياحية وترفيهية منحرفة تشغلهم عن القضايا المصيرية التي تهم أمتهم، وأهمها قضية فلسطين واحتلال اليهود لها.. ـ إنشاء جيل روتاري يصل إلى درجة المسؤولية في بلده، لتنفيذ المخططات الروتارية الصهيونية الصليبية الخطيرة



    يتبــــع






    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة





    رابعا: الجذور الفكرية والعقائدية
    نوادي الروتراكت تتبع نادي الروتاري الدولي.. ذي الخلفية الماسونية اليهودية. ـ وبالتالي فإن جميع أنشطة النادي مخططة من قبل الماسونية العالمية وتخدم اليهودية العالمية

    خامسا: الانتشار وأماكن النفوذ

    تأسست نوادي الروتراكت في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه من الروتاري الدولي سنة 1961م. وانتشرت بعد ذلك في أوروبا وصار لها فروع في نواح كثيرة من العالم، ولها فرع في فلسطين المحتلة وبعض البلاد العربية

    الخلاصة
    أن أندية الروتراكت ترتبط بمنظمة الروتاري الدولية التي تسيطر عليها اليهودية العالمية، كما أن هذه الأندية تعتبر وكراً للماسونية ويسيطر عليها اليهود وهدفهم من ذلك السيطرة على العالم عن طريق القضاء على الأديان وإشاعة الفوضى الأخلاقية وتسخير أبناء البلاد للتجسس على أوطانهم باسم الإنسانية. ولذلك يحرم على المسلمين أن ينتسبوا لأندية هذا شأنها كما نصت عليه الفتوى التي أصدرها الأزهر في 25 شعبان 1405هـ. وتعتبر أندية الانتراكت والروتراكت وجهان لعملة واحدة فعلى الشباب المسلم الحذر من ألاعيب التضليل الصهيوني والانخداع بالشعارات البراقة التي تضع السم في الدسم وتنشر الفساد وخراب الذمم.

    يتبــــع





    العلمانية » أولا: حقيقة التسمية
    يجب البدء أولاً ببيان حقيقة التسمية، وبيان صحة نسبتها إلى العلم، فهل هي كذلك؟ لقد انخدع الناس بتسمية العلمانية بهذا الاسم، ولا يزال أنصارها يتبجحَّون بها ويتطاولون بتعاليمها مغترين بها حيث وجدت لها سوقا رائجة لدى فئات ممَّن قلَّت معرفتهم أو كانت لهم أهدافاً شريرة ضد الدين لعزله عن قيادة البشر أو التحاكم إليه لإحلال تعاليم عَبدَة الأوثان وأصحاب الأحقاد محله.
    وحين انطلقت هذه التسمية في أوربا كان يُقصَد بها عندهم حسب ترجمتها الصحيحة فصل الدين عن السياسة، أو الفصل الكامل بينه وبين الحياة الاجتماعية، على أساس أنه لا يجتمع العلم مع الدين بزعمهم، وقد كذبوا في ذلك وقلبوا الحقيقة، فإن الدين والعلم حميمان يكمل أحدهما الآخر ويقويه، أما نسبتهم مذهبهم إلى العلم فإن الحقيقة تدل على أنه لا علاقة بين العلم وبين هذه الفكرة الضالة، بل إن تسميتها علمانية إنما هو بسبب سوء الترجمة من معناها الغربي الذي هو الابتعاد عن الدين، أو من باب الخداع والتضليل إذ كان الأولى أن تكون ترجمتها وتسميتها أيضاً هي "اللادينية" لأن مفهومها الأصلي هو هذا وليس نسبة إلى العلم.
    وما أقوى التشابه بين تسميتهم العلمانية بهذا الاسم نسبة إلى العلم، وبين تسميتهم الاشتراكية العلمية بهذا الاسم كذلك، كلاهما تمسح بالعلم وهو بريء منهما، وكلاهما خداع للناس وتضليل. وبعض الباحثين ذهب إلى أن "علمانية" بكسر العين وسكون اللام معناها العلم الذي هو ضد الجهل، وأما "علمانية" بفتح العين وسكون اللام فمعناها العالم أو الدنيا في مقابل الآخرة، وتأتي علمانية أيضاً بمعنى دهري وهو تفسير لكلمة "لائيك" الفرنسية وهو تعبير نشره اليهود في فرنسا فيما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر الميلاديين .

    ثانيا: التعريف الصريح للعلمانية

    الواقع أن دارس العلمانية سيلاحظ تعريفات كثيرة، إلا أن أصدق تلك التعريفات وأقربها إلى حقيقة العلمانية هو:
    أن العلمانية مذهب هدَّام يُراد به فصل الدين عن الحياة كلها وإبعاده عنها.
    أو هي إقامة الحياة على غير دين إما بإبعاده قهراً ومحاربته علناً كالشيوعية، وإما بالسماح به وبضده من الإلحاد كما هو الحال في الدول الغربية التي تسمي هذا الصنيع حرية وديمقراطية أو تدين شخصي. بينما هو حرب للتدين، ذلك أن حصر الدين في نطاق فردي بعيداً عن حكم المجتمع وإصلاح شؤونه هو مجتمع لا ديني لأنه أقام حياته الاجتماعية والثقافية وسائر معاملاته على إقصاء الدين ، وهو حال الحضارة الغربية الجديدة ونظامها، وهذا هو الواقع الصحيح، ولا عبرة بمراوغتهم في زعمهم أنهم يرعون التدين، فإنها مجرد خداع للمتدينين، فإن تسميتهم لهذا الإلحاد علماً هو من باب فرحهم بمعرفتهم ظاهراً من الحياة الدنيا، وأين هو من العلم الحقيقي الذي يوصل صاحبه إلى معرفة ربه ودينه وإلى السعادة في الدنيا والآخرة.
    يتبــــع



    ثالثا: نشأة العلمانية وموقف دُعاتها من الدين
    وبيان الأدوار التي مرت بها

    لقد قامت العلمانية اللادينية على الإلحاد وإنكار وجود الله تعالى وإنكار الأديان، وهي ردة في حق من يعتنقها من المسلمين مهما كان تعليله لها، وكانت العلمانية عند قيامها في مرحلتها الأولى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، تنظر إلى الدين على أنه ينبغي أن يكون أمراً شخصياً لا شأن للدولة به إلا ما يتعلق بجباية الضرائب للكنيسة، ولعل هذا كان خداعا لأهل الدين، ثم اشتدت المواجهة للدين على النحو الذي تطورت إليه بعد ذلك، وكان الخلاف محتدماً ما بين رجال الدين ورجال العلمانية على السلطة، مما جعلهم ينادون بفصل الدين عن الدولة ليستقل كل فريق بسلطته. حتى إذا جاء القرن التاسع عشر، وهي المرحلة الثالثة، إذ بالعلمانيين يتجهون اتجاها منافياً لكل مظاهر الدين والتدين، وأحلوا الجانب المادي محل الدين، وبدأ الصراع يشتد بين العلمانيين اليساريين الناشئين وبين رجال الدين الكنسي المتقهقر، إلى أن أُقصِيَ الدين تماماً، ولم يعد للإيمان بالغيب أي مكانة في النفوس، إذ حل محله الإيمان بالمادي المجرد المحسوس .
    ورغم وضوح الإلحاد في المذهب العلماني فقد ظهر من يزعم زوراً وكذباً أنه لا منافاة بين العلمانية وبين الدين، وأخذ بعض الجاهلين والمتجاهلين يرددون هذا الفكر المغالط كالاشتراكيين تماماً، على أنه لا ينبغي أن يغيب عن ذهن القارئ أن حرب الغرب للدين وأهله إنما جاءهم من دين مُحرَّف معادٍ لكل مفهوم للحياة الجديدة، لأن النصرانية التي جاء بها المسيح عليه السلام قد اندثرت وحُرفِّت وضاع إنجيله بعد رفعه بفترة قصيرة، فتزعم الديانة بولس اليهودي الحاقد، فجاءت خرافية مصادمة للعقل والمنطق والواقع، ومن هنا وجد أقطاب العلمانية أن الدين – وهو تعميم خاطئ – لا يمكن أن يساير حضارتهم الناشئة، وأن رجال دينهم طغاة الكنيسة لا يمكن أن يتركوهم وشأنهم – وهو ما حدث بالفعل – وعلى إثر ذلك قامت المعركة بين الدين وأقطاب العلمانية، ونشط العلمانيون في بسط نفوذهم، وساعدتهم على ذلك عامة الشعوب الأوربية التي أذاقتها الكنيسة الذل والهوان والالتزام بدين لا يقبله عقل أو منطق، فوجدوا في الالتجاء إلى رجال الفكر العلمانيين خير وسيلة للخروج عن أوضاعهم.
    وإذا كان القارئ يرى أن للغرب حجتهم في رفض ذلك الدين البولسي الجاهلي، فإنه سيرى حتماً أن انتشار العلمانية في بلاد المسلمين أمر لا مبرر له بأي حال، ولا سبب له إلا قوة الدعاية العلمانية وجهل كثير من المسلمين بدينهم وجهلهم كذلك بما تبيته العلمانية للدين وأهله واتباعا للدعايات البرَّاقة.

    الأدوار التي مرت بها العلمانية في نشأتها
    وقد ذكر الدكتور العرماني أن العلمانية قد مرت في تطورها بأدوار هي كما يلي:

    الدور الأول
    وقد كان دور الصراع الدموي مع الكنيسة، وسُمي هذا الدور بعصر التنوير أو بداية عصر النهضة الأوربية، ويعود سببه إلى تأثر الأوربيين بالمسلمين أثر اختلاطهم بهم عن طريق طلب العلم في الجامعات الإسلامية، وقد ذاق علماء الغرب في هذا الدور ألوانا من العذاب على أيدي رجال الكنيسة إثر ظهور الاكتشافات العلمية هناك ووقوف رجال الكنيسة ضد تلك الاكتشافات وجهاً لوجه.

    الدور الثاني
    ظهور العلمانية الهادئة وتغلب رجالها على المخالفين من رجال الكنيسة، وفيه تم عزل الدين عن الدولة وانحصرت مفاهيم الكنيسة في الطقوس الدينية فقط بعيدة عن الحياة الاجتماعية كلها.

    الدور الثالث

    وفيه اكتملت قوة العلمانية ورجالها، وحلَّ الإلحاد المادي محل الدين تماماً

    .
    ثم برزت الرأسمالية وغيرها من الروافد المقوية للإلحاد العلماني، فاكتمل تطويق الدين ورجاله واعتبر الدين عدواً للحضارة، وصار محل سخرية الجميع في رد فعل عارم يريد أن يكتسح كل شيء أمامه مما كان موجودا ليفسح الطريق أمام الوضع الجديد المتمرد على كل الأوضاع التي قبله.



    يتبــــع





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 11-28-2010

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة


    رابعا: أسباب قيام العلمانية

    قامت العلمانية أول ما قامت في أوروبا وذلك لأسباب عديدة منها:

    أولاً: الطغيان الكنسي:
    فالكنيسة طغت، وتجبرت، وأصبحت تفرض على الناس العقائد الباطلة التي لا تتفق مع نقل ولا عقل، كعقيدة العشاء الرباني، وعقيدة التثليث، وعقيدة الخطيئة الموروثة، والصلب والفداء.
    كما أنها أصبحت تحرم، وتحلل، حسب ما يتفق وأهواء رجال الدين.
    وعززت الكنيسة سلطتها الدينية الطاغية بادعاء حقوق لا يملكها إلا الله مثل حق الغفران، وحق الحرمان، وحق التحلة.
    ولم تتردد الكنيسة في استعمال هذه الحقوق واستغلالها، فحق الغفران أدى إلى المهزلة التاريخية صكوك الغفران السالفة الذكر،وحق الحرمان عقوبة معنوية بالغة كانت شبحاً مخيفاً للأفراد والشعوب في آن واحد؛ فأما الذين تعرضوا له من الأفراد فلا حصر لهم، منهم الملوك أمثال: فردريك، وهنري الرابع الألماني، وهنري الثاني الإنجليزي، ورجال الدين المخالفين مثل: أريوس حتى لوثر، والعلماء والباحثون المخالفون لآراء الكنيسة من برونو إلى آرنست رينان وأضرابه.
    أما الحرمان الجماعي فقد تعرض له البريطانيون عندما حصل خلاف بين الملك يوحنا ملك الإنجليز، وبين البابا، فحرمه البابا وحرم أمته، فعطلت الكنائس من الصلاة، ومنعت عقود الزواج، وحملت الجثث إلى القبور بلا صلاة، وعاش الناس حالة من الهيجان، والاضطراب، حتى عاد يوحنا صاغراً يقر بخطيئته، ويطلب الغفران من البابا.
    ولما رأى البابا ذُلَّه، وصدق توبته رفع الحرمان عنه وعن أمته.
    أما التَّحلَّة؛ فهو حق خاص يبيح للكنيسة أن تخرج عن تعاليم الدين، وتتخلى عن الالتزام بها متى اقتضت المصلحة _ مصلحتها _ ذلك.
    ولم يقف الأمر عند هذا الحد لاسيما بعد أن اتضح للكنيسة الأثر الإسلامي الظاهر في الآراء المخالفة، فأنشأت ذلك الغول البشع، والشبح المرعب، الذي أطلق عليه اسم (محاكم التفتيش) تلك المحاكم التي عملت على إبادة المسلمين، أو المخالفين لآراء الكنيسة.
    ولا يكاد المؤرخون الغربيون يتعرضون للحديث عنها إلا ويصيبهم الاضطراب، وتتفجر كلماتهم رعباً، فما بالك بالضحايا الذين أزهقت أرواحهم، والسجناء الذين أذاقتهم ألوان المر والنكال.
    وكانت المحكمة عبارة عن سجون مظلمة تحت الأرض بها غرف خاصة للتعذيب، وآلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، وكان الزبانية يبدأون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجياً حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم.
    وكان لدى المحكمة آلات تعذيبية أخرى منها آلة على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة، يلقون الضحية في التابوت، ثم يطبقونه عليه، فيتمزق جسمه إرباً إرباً، وآلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب، ثم تشد، فتقصه قطعة قطعة، وتغرز في أثداء النساء حتى تنقطع كذلك، وصور أخرى تتقزز منها النفوس، وتشمئز لذكرها.
    كل ما سبق جعل الناس يؤمنون بالمسيحية قسراً دون أن يتجرأ أحد على مناوءتها أو مخالفتها.
    أضف إلى ما سبق ما حصل من طغيان الكنيسة السياسي، حيث فرضت وصايتها على الملوك، وجعلت معيار صلاحهم معلقاً بما يقدمون للكنيسة من طاعة وانقياد.
    أضف إلى ذلك الطغيان المالي، ويمكن تلخيص مظاهر الطغيان الكنيسي في هذا المجال بما يلي:
    1_ الأملاك الإقطاعية: حيث أصبحت الكنيسة أكبر مُلاَّك الأراضي، وأكبر الإقطاعيين في أوروبا.
    2_ الأوقاف: فلقد كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافاً للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية.
    إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول إلى درجة لا تكاد تصدق.
    3_ العشور: حيث فرضت الكنيسة على كل أتباعها ضريبة العشور، وبفضلها كانت الكنيسة تضمن حصولها على عشر ما تغله الأراضي الزراعية، والإقطاعيات، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين.
    4_ ضريبة السنة الأولى: فالكنيسة لم تقنع بالأوقاف، والعشور، بل فرضت الرسوم، والضرائب الأخرى، لاسيما في الحالات الاستثنائية؛ كالحروب الصليبية، والمواسم المقدسة، وظلت ترهق كاهل رعاياها.
    فلما تولى البابا حنا الثاني والعشرون جاء ببدعة جديدة هي (ضريبة السنة الأولى).
    وهي مجموع الدخل السنوي الأول لوظيفة من الوظائف الدينية، والإقطاعية تدفع للكنيسة بصفة إجبارية، وبذلك ضمنت الكنيسة مورداً مالياً جديداً.
    5_ الهبات والعطايا: وذلك أن الكنيسة كانت تحظى بالكثير من العطايا والهبات،يقدمها الأثرياء الإقطاعيون؛ تملقاً ورياءاً، أو بدافع من الصدقة والإحسان.
    6_ العمل المجاني _السخرة_: وذلك بقيام بعض الناس بالعمل لخدمة الكنيسة بالمجان مدة محددة، هي في الغالب يوم واحد في الأسبوع دون مقابل.


    ثانياً: الصراع بين الكنيسة والعلم:
    فلقد قام الصراع بين الكنيسة والحقائق العلمية على أشده، فلقد كانت الكنيسة هي المصدر الوحيد للمعرفة، فلما ظهرت بعض الحقائق العلمية التي تخالف ما تقرره الكنيسة كنظرية كوبرنيق (1543م) الفلكية، ومن بعده (جردانو برونو) وغيرها من النظريات _ حصل الصراع بين الكنيسة وبين العلم، ومن هنا اصطدمت حقائق العلم بزيوف الكنيسة؛ فقامت الكنيسة بالقبض عليهم، وتكذيبهم، ومحاربة أفكارهم.
    ومن ثم نشأت الفكرة القائلة: إن العلم لا صلة له بالدين، وإن الدين يحارب العلم.

    ثالثاً: الاضطرابات والثورات التي قامت في أوروبا:
    كالثورة الفرنسية، وغيرها، تعد من أسباب قيام العلمانية.

    رابعاً: شيوع المذاهب والأنظمة الاجتماعية والنظريات الهدامة كنظرية التطور وغيرها.

    خامساً: الخواء الروحي عند الأوروبيين؛
    ذلك؛ لأن النصرانية المحرفة لا تزكي الروح، ولا تخلص أتباعها من الأسئلة القاتلة داخل النفوس حول الكون، والإله، والمصير، وما إلى ذلك.

    سادساً: غياب المنهج الصحيح عن الساحة الأوروبية، وهو الإسلام.

    سابعاً: تقصير أمة الإسلام في أداء رسالتها تجاه البشرية.

    ثامناً: خلو الأناجيل المحرفة من أي تصوُّر محدد لنظام سياسي، أو اجتماعي، أو اقتصادي، أو علمي.

    تاسعاً: المكر اليهودي الذي يحرص على إنشاء المذاهب الهدامة،
    أو احتوائها؛ رغبة من اليهود في إفساد البشرية وجعلها حمراً يمتطونها.
    كل هذه العوامل جعلت من الدين رمزاً للتسلط، والتجبر، والطغيان، والجهل والخرافة، ومحاربة العلم؛ فما الحل إذاً؟
    الحل الذي ارتأوه أن الدين حجر عثرة أمام التطور، والمطلوب نبذه وإقصاؤه عن الحياة، ومن هنا قامت العلمانية.
    وكان جديراً بهؤلاء الذين قاوموا هذه الكنيسة أن يبحثوا عن المنهج الحق الذي يشجع العلم ولا يقف ضده، بل هو دين العلم ألا وهو الإسلام.
    ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل، ولله في ذلك حكمة.
    فهذه أسباب قيام العلمانية، وتلك مسوغاتها.

    يتبــــع






    خامسا: صور العلمانية
    للعلمانية صورتان، كل صورة منهما أقبح من الأخرى :

    الصورة الأولى : العلمانية الملحدة :
    وهي التي تنكر الدين كلية: وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور، ولا تعترف بشيء من ذلك، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله، وهذه العلمانية على فجورها ووقاحتها في التبجح بكفرها، إلا أن الحكم بكفرها أمر ظاهر ميسور لكافة المسلمين، فلا ينطلي - بحمد الله - أمرها على المسلمين، ولا يُقبل عليها من المسلمين إلا رجل يريد أن يفـارق دينه، ( وخطر هذه الصورة من العلمانية من حيث التلبيس على عوام المسلمين خطر ضعيف )، وإن كان لها خطر عظيم من حيث محاربة الدين، ومعاداة المؤمنين وحربهم وإيذائهم بالتعذيب، أو السجن أو القتل.
    الصورة الثانية : العلمانية غير الملحدة
    وهي علمانية لا تنكر وجود الله، وتؤمن به إيمانًا نظريًا : لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا، ( وهذه الصورة أشد خطرًا من الصورة السابقة ) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين، فعدم إنكارها لوجود الله، وعدم ظهور محاربتها للتدين يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية، فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين، ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك.

    ومثل هذه الأنظمة العلمانية اليوم، تحارب الدين حقيقة، وتحارب الدعاة إلى الله، وهي آمنة مطمئنة أن يصفها أحد بالكفر والمروق من الدين ؛ لأنها لم تظهر بالصورة الأولى، وما ذلك إلا لجهل كثير من المسلمين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا وسائر المسلمين، وأن يفقه الأمة في دينها حتى تعرف حقيقة هذه الأنظمة المعادية للدين.
    ولهذا فليس من المستبعد أو الغريب عند المسلم الفاهم لدينه أن يجد في كلمات أو كتابات كثير من العلمانيين المعروفين بعلمانيتهم ذكر الله سبحانه وتعالى، أو ذكر رسوله – صلى الله عليه وسلم - أو ذكر الإسلام، وإنما تظهر الغرابة وتبدو الدهشة عند أولئك الذين لا يفهمون حقائق الأمور.

    والخلاصة :
    أن العلمانية بصورتيها السابقتين كفر بواح لاشك فيها ولا ارتياب، وأن من آمن بأي صورة منها وقبلها فقد خرج من دين الإسلام والعياذ بالله، وذلك أن الإسلام دين شامل كامل، له في كل جانب من جوانب الإنسان الروحية، والسياسية، والاقتصادية، والأخلاقية، والاجتماعية، منهج واضح وكامل، ولا يقبل ولا يُجيز أن يشاركه فيه منهج آخر، قال الله تعالى مبينًا وجوب الدخول في كل مناهج الإسلام وتشريعاته : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}[ البقرة: 208]. وقال تعالى مبينًا كفر من أخذ بعضًا من مناهج الإسلام، ورفض البعض الآخر، {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:85].
    والأدلة الشرعية كثيرة جدًا في بيان كفر وضلال من رفض شيئًا محققًا معلومًا أنه من دين الإسلام، ولو كان هذا الشيء يسيرًا جدًا، فكيف بمن رفض الأخذ بكل الأحكام الشرعية المتعلقة بسياسة الدنيا - مثل العلمانيين - من فعل ذلك فلاشك في كفره. والعلمانييون قد ارتكبوا ناقضًا من نواقض الإسلام، يوم أن اعتقدوا أن هدي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه، وأن حكم غيره أفضل من حكمه .
    قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : " ويدخل في القسم الرابع - أي من نواقض الإسلام - من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببًا في تخلف المسلمين، أو أنه يُحصر في علاقة المرء بربه، دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى


    يتبــــع



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    ثامنا: بداية ظهور العلمانية في بلاد الإسلام


    لا تكاد تعثر في الأزمنة الماضية على مسلم يشن الحرب على الإسلام، ويتنكر له خصوصاً في مجال النظام السياسي.
    بل إن زمن هذه الحرب حديث جداً لا يزيد على قرنين من الزمان؛ فقد بدأ مع بداية انتشار الفكر العلماني الذي دعت إليه الثورة الفرنسية عام 1789م.
    ومن ذلك الحين، وبفعل مجموعة من الأسباب التي مر الحديث عنها _ بدأ ذلك الفكر يسري إلى بلاد المسلمين، وبدأ التوجه العلماني اللاديني في بعض الدوائر يؤتي ثماره، وينتج نتائجه في العديد من مجالات الحياة، ويمهد لقيام العلمانية.
    ولقد كانت تظهر بعض المقولات، أو الفقرات في كتابات بعض الناس لتعلن عن الفكرة العلمانية غير أنها كانت فقرات قصيرة متداخلة مع كلام كثير قد لا يفطن لها الكثيرون بحيث يمرون عليها دون أن يلقوا لها بالاً.
    بل ربما عدوها من سقطات الكتاب، دون أن يتبين لهم
    ما وراءها.
    وظل الحال على هذا المنوال حيناً من الدهر حتى أفصحت العلمانية _ في المجال السياسي _ عن نفسها إفصاحاً كاملاً، وذلك على المستويين العملي، والنظري.
    أما المستوى العملي فيتمثل فيما قام به مصطفى كمال أتاتورك من إلغاء الخلافة الإسلامية، وإقامة النظام السياسي العلماني على أنقاضها.
    أما على المستوى النظري فيتمثل فيما أقدمت عليه العلمانية من تقديم فكرتها أو نظريتها السياسية في عزل الدين عن الدولة، وذلك في أول كتابة من نوعها في ديار المسلمين على يد شيخ أزهري، وقاضٍ شرعي وهو علي عبدالرازق.وهذا الصنيع كان إيذاناً لإلغاء الخلافة على المستوى الفكري النظري. صنيع أتاتورك في قيام العلمانية، وإلغاء الخلافة
    مر في الفقرة الماضية _ بإيجاز _ حديث عن أتاتورك، وأنه كان أول من طبق العلمانية على المستوى العملي؛ فالعلمانية في تركيا قامت على أنقاض الخلافة الإسلامية، على يد اليهودي مصطفى كمال أتاتورك الذي كان يتظاهر بالتدين، ويصلي في مقدمة الجنود، ويتملق العلماء، وعندما تمكن نفذ خطته اللئيمة على النحو التالي:
    1_ إلغاء الخلافة الإسلامية.
    2_ فصل تركيا عن باقي أجزاء الدولة العثمانية، فحطم بذلك الدولة الإسلامية العظيمة.
    3_ أعلن العلمانية الإلحادية، وأشاع أن الدين علاقة قلبية بين العبد وبين الله.
    4_ اضطهد العلماء أبشع اضطهاد، وقتل منهم العشرات، وعلقهم بأعواد الشجر.
    5_ أغلق كثيراً من المساجد، وحرم الآذان، والصلاة باللغة العربية.
    6_ أجبر الشعب على تغيير الزي الإسلامي،ولُبْس الأوروبي.
    7_ ألغى الأوقاف، ومنع الصلاة في جامع أيا صوفيا، وحوَّله إلى متحف.
    8_ ألغى المحاكم الشرعية، وفرض القوانين الوضعية المدنية السويسرية.
    9_ فرض العطلة الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة.
    10_ ألغى استعمال التاريخ الهجري، واستبدل به التاريخ الميلادي.
    11_ حرم تعدد الزوجات، والطلاق، وساوى بين الذكر والأنثى بالميراث.
    12_ شجع الشباب والفتيات على الدعارة، والفجور وأباح المنكرات، وقد كان قدوة في انحطاط الخلق، وإدمان الخمر، وممارسة البغاء والشذوذ.
    13_ قضى على التعليم الإسلامي، ومنع تدريس القرآن الكريم واستبدل بالحروف العربية الحروف اللاتينية.
    14_ فتح باب تركيا لعلماء اليهود.


    تاسعا: العلمانية في البلاد الإسلامية


    العلمانية في مصر
    اتجهت العلمانية في مصر اتجاهاً فكرياً في الثلاثينات من هذا القرن الميلادي، وقد كان لها مقدمات وإرهاصات أدت إلى ظهورها كحملة نابليون، وكصنيع محمد علي وأبنائه.
    وبدأ هذا الاتجاه العلماني يأخذ مكانه بوجه خاص أيام الاحتلال البريطاني، وقد خطت مصر خطواتٍ في العلمانية، وبرز دعاة إليها في كثير من جوانب الحياة أمثال:
    1_ قاسم أمين في الجانب الأخلاقي، والاجتماعي.
    2_ طه حسين في الجانب الفكري، والثقافي، والأدبي.
    3_ الشيخ علي عبد الرازق في الجانب السياسي والتشريعي وسيأتي الحديث عنه.
    وغيرهم كثير كسلامة موسى، وسعد زغلول، ولطفي السيد.
    وبالرغم من هذه الاتجاهات القوية إلا أنها لم تكن ذات أثر في واقع الشعب المصري والدولة المصرية إلا بعد الثورة التي قام بها عبد الناصر عام1952م والتي بثت ما يسمى بالعلمانية، وأقامت الدولة نظامها عليها، ثم جاء من بعده السادات، وأصَّلها ودعم وجودها.
    ثم سرت العدوى إلى أكثر أقطار العالم العربي والإسلامي.



    رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص 488


    في الهند:
    حتى سنة 1791م كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة الإسلامية بتدبير الإنجليز وانتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر.


    في الجزائر :
    ألغيت الشريعة الإسلامية عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830 م


    في تونس :
    أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906م.


    في المغرب :
    أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.


    في العراق والشام :
    ألغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها




    يتبــــع



    عاشرا: هل العالم الإسلامي اليوم في حاجة إلى العلمانية؟
    مما لا يصح أن يختلف فيه اثنان أن العالم الإسلامي ليس بحاجة إلى العلمانية بجميع صورها وأشكالها، وذلك لأمور كثيرة، من أهمها: 1- كمال الدين الإسلامي: وقد شهد بذلك أصدق القائلين ورب العالمين، عالم الغيب والشهادة، فقد قال في كتابه الكريم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)) .فالإسلام دين كامل ونعمة تامة رضيه الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اتضح بما لا شك فيه حتى عند أعداء الإسلام أن هذا الدين هو الدين الصحيح والمنهج السليم لسعادة البشرية وتحقيق آمالهم في الحياة السعيدة والأمن والأمان، قال الفيلسوف "برناردشو": إني أعتقد أن رجلاً كمحمد لو تسلَّم زمام الحكم المطلق في العالم أجمع لتم له النجاح في حكمه ولقاده إلى الخير ولحلَّ مشاكله على وجه يكفل للعالم السلام والسعادة المنشودة" .
    وقد جربه المسلمون حينما كانوا يطبقونه قولاً وعملاً، فكانوا سادة العالم والمنقذين للبشرية من الجهل والخرافات والظلم والتوجه الحق لعبادة فاطر السماوات والأرض ونبذ عبادة من عداه، ولهذا ولغيره فإنه لا يوجد أدنى مبرر لأي مسلم أن يُعرض عنه ويتخذ العلمانية اللادينية الجاهلية عقيدة ومنهجاً له إلا مَن سفه نفسه، ومن المؤسف أن يتكاثر السفهاء ممّن ينتمون إلى الإسلام للتهافت على موائد العلمانية القذرة وأن يزجوا بأنفسهم في الظلمات بعد أن وصلوا إلى النور وأن ينحدروا إلى الهاوية بعد أن وصلوا إلى قمة الأمان، وكأنهم لم يسمعوا بأنين أصحاب الحضارات الجاهلية والظلم الفادح الذي يتجرعون غصصه والخوف الشديد الذي يعيشونه، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً، وكأنهم لم ينتفعوا بما جرَّبه غيرهم من طلب العز بغير الإسلام وما وصلوا إليه من الذل والحقارة.
    ومن كمال الإسلام أنه لم يدع أي أمر يحتاج الناس إليه إلا وبينَّه أتم بيان وأوضح حكم سواء أكان ذلك في الاعتقادات أو في المعاملات، ويطول الكلام لو أردنا أن نستقصي أمثلة ذلك، بل يحتاج إلى دراسة خاصة، كما يلاحظ القارئ الكريم من خلال جهود علماء المسلمين قديما وحديثاً في بيانهم لكل ذلك على هدى من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تجد ذلك الشمول في الإسلام لجميع جوانب الحياة عقيدة وسلوكاً في كل ما يتعلق بحياة الناس الدينية والدنيوية، وعلى سبيل المثال انظر بيانه للشرك وأقسامه، والتوحيد وأقسامه، وتثبيت المراقبة الذاتية في قلب كل مسلم، والحث على الإخلاص في كل شأن وحسن المعاملة وتثبيت الفضائل والتنفير عن الرذائل والأحكام الصالحة لكل زمان ومكان، والتكافل الاجتماعي الحقيقي والمساواة بين الناس.
    فلم يخلُ أي جانب من جوانب الأعمال القلبية والحسية من وقوف الإسلام عنده وبيانه بصورة واضحة ترغيباً وترهيباً.
    تجد فيه التنفير عن الرياء والغلظة والحسد والنفاق والكبر وسوء الظن والكذب والبهتان والغيبة والنميمة وشهادة الزور والغش وقذف المحصنات الغافلات وظلم النفس وظلم الآخرين وعدم الرفق بالإنسان أو الحيوان وتحريم غمط الناس وإخلاف الوعد.. إلى آخر الصفات فتنشأ في النفس المراقبة الذاتية لله تعالى التي ينتج عنها الإخلاص الذي هو مصدر كل خير وينتج عنها الخوف من الله تعالى، بينما هذه الصفات مفقودة في العلمانية، وفاقد الشيء لا يعطيه.
    ولهذا نجد أن الجرائم في العالم العلماني منتشرة بشكل مخيف دون أن تجد لها الأحكام الرادعة في غياب الخوف من الله تعالى وعدم مراقبته، فلا تجد فيها الدعوة إلى التواصل والتراحم والعطف على الضعفاء والمساكين وصلة الرحم وحسن الجوار والمعاملة بالتي هي أحسن، كما يظهر فيها النقص الواضح في قضايا المعاملات سواء كانت في البيوع أو النواحي الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية وسائر المعاملات، فلا يوجد ذلك الإحساس الطيب بين الفرد ونفسه وبينه وبين قرابته، وبينه وبين سائر المجتمع، وعلى هذا فإننا نقول وبكل تأكيد واطمئنان أنه لا توجد أي حاجة أو مبرر للالتفات إلى الجاهلية العلمانية وقوانينها البشرية القائمة على التناقض والاضطراب، بل ليس فيها ما يغري بها عند أصحاب العقول والهمم الرفيعة طلاب الحق والمعرفة.
    2- لأنها لا تتفق مع الإسلام، وقد سبق الرد على من زعم وجود التوافق بينهما.
    3- ولأنها لا تصل إلى بلد إلا وأنتجت من الشقاء والفوضى في الحكم والأخلاق والقيم وسائر السلوك ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
    4- ولقد ثبت فشلها في إسعاد المجتمعات التي ابتُليت بها، فلماذا يجربها من ليس في حاجة إلى شيء من تعاليمها، ولماذا يدخل نفسه في شقاء لا مبرر له، والعاقل من اتعظ بغيره.
    5- ولأن المسلم لا يجوز له الشك في صحة تعاليم الإسلام الحنيف، ولا أن يفضل القوانين الوضعية على الشريعة الإسلامية.
    6- ولأن وجودها في أوربا وفي سائر المجتمعات الجاهلية كان له ما يبرره لفساد الحال فيها كما تقدم، بخلاف الأوطان الإسلامية التي أشرقت تعاليم الإسلام بها.
    7 – ولأن عقيدة الإسلام واضحة تمام الوضوح في بيان أمر الألوهية والنبوات وكل ما يتعلق بأمر البشر والتشريع، فالله تعالى واحد لا شريك له {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:3-4] والأنبياء بشر أرسلهم الله ليسوا بأبناء الله تعالى ولا شركاء له، والبشر كلهم عبيد لله تعالى {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا} [النساء:172] والتشريع كله لله تعالى الذي لا محاباة فيه ولا مجاملة لأحد على حساب أحد كما هو حال القوانين الوضعية.
    8- ليس في الإسلام حجر على أي شخص أن يتصل بربه مباشرة وبلا واسطة، إذ الكل عبيد له سبحانه، أقربهم إليه أتقاهم له، بخلاف ما كانت عليه الكنيسة إذ لا وصول فيها إلى الله تعالى إلا من خلال رجال الدين الرهبان والقسس الذين هم نواب عن المسيح الرب ويمثلونه – بزعمهم – مما أثار ثائرة المفكرين الغيورين على مستقبل حياتهم وحياة أبنائهم.
    9- ليس في الإسلام رجال دين ورجال دنيا، أو رجال تشريع وقانون، أو رجال طبقات مسخرة، وغير ذلك من أوضاع الجاهلية، فالناس في الإسلام كلهم في درجة واحدة في الأصل والتكليف لا يتفاضلون إلا بعلمهم وعملهم الصالح، فلا مزية بينهم إلا في هذا الميدان، وبالتالي فلا يوجد فيه ما يبرر وجود تلك العداوات والعنصريات التي توجد في النظم الجاهلية العنصرية.
    10- الإسلام يحترم العلم ويحث على طلبه بكل الوسائل كما يحترم العلماء ويثني عليهم {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر:28] {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر:9]، وميدان العلم في الإسلام فسيح يشمل كل جوانب المعرفة، سواء ما يتعلق منها بالدين ومعرفته أو بالأمور الدنيوية ومعرفتها من طب وزراعة وتجارة وصناعة وغير ذلك، بينما في الديانة النصرانية لا علم إلا ما أشار إليه الكتاب المقدس، ولا حق إلا ما تفوَّه به رجال الدين مهما كان الأمر، ومن هنا كان العلم عند المسلمين يدعو إلى الإيمان، بخلاف ما عند النصارى ورجال العلمانية المحاربين للدين باسم العلم.
    ومن الغريب أن تجد في العالم الغربي اللاديني أن الذين ينادون بالعلمانية اللادينية هم أنفسهم الذين يساعدون الاتجاه الديني عند النصارى في دعم التنصير والاستشراق، وهم الذين يمدون الكنائس بالأموال السخية في سبيل نشر الفكر الغربي، بينما العلمانية في البلاد الإسلامية أُريد لها أن تقوم على قطع كل صلة للمسلم بدينه، إذ كانت القسمة هكذا إما أن تكون شخصاً علمانياً مثقفاً متطوراً، وإما أن تكون دينياً جامداً متخلفاً، ومن هنا نشأ بُغضُ الدين الإسلامي في قلوب الحمقى ممن ركن إلى هذه الخدع الإجرامية الغربية النصرانية، فلماذا لم يظهر هذا التمايز اليوم بصراحة في الغرب النصراني الذي تسلل إلى زعامته كبار المنصرين، والذي اتخذ من التنصير والاستشراق ستارا كثيفاً بسط نفوذه في العالم الإسلامي.
    لماذا أصبح المندهشون من الحضارة الغربية وهم ينتسبون إلى الإسلام يستحي أحدهم أن يقول أنا متطور ومثقف ومسلم في آن واحد، وديني هو الدين الذي دعا إلى العلم وعزَّز القائمين عليه وأكرمهم غاية الإكرام.
    و في كل ما تقدم وغيره عظة لكل عاقل، إذ يزداد المؤمن إيماناً بدينه وبنبيه صلى الله عليه وسلم، ويعرف أهداف العلمانية وما تسعى إليه من حرب الإسلام والمسلمين وسائر السلوك الحسن.

    يتبــــع




    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    حادي عشر: انتشار العلمانية في ديار المسلمين وبيان أسباب ذلك

    عرفت مما سبق أن المسلمين ليس بهم حاجة إلى العلمانية، ومع ذلك فقد انتشرت العلمانية في ديار المسلمين انتشاراً قوياً، وأوجد لها أعداء الإسلام عملاء من أهل كل بلد ينوبون عنهم في نشرها بالحيل أحياناً وبالقوة أحياناً أخرى، وكان هؤلاء النواب أشد من ملاحدة الغرب شراسة وإلحاداً، وأشد جرأة وتعسفا لأبناء جنسهم في إرغامهم على قبول اللادينية وربوا عليها أجيالهم، وأصبحت في كثير من البلدان أمراً مسلماً به، وحلت محل الإسلام في كل ناحية مع التظاهر عند البعض بالتزام الإسلام.
    والأمثلة لا تخفى على القارئ، فقد أصبحت تركيا دولة علمانية لا دينية على يد المجرم "أتاتورك"، الذي قطع كل صلة لتركيا بالإسلام والمسلمين، والذي كان على يديه إسقاط آخر خليفة مسلم في الدولة العثمانية، وإسقاط الدستور الإسلامي واستبداله بالقانون المدني السويسري، وقانون الجزاء الإيطالي، والقانون التجاري الألماني، وغيرها من القوانين الوضعية الجاهلية، وتعهد بإخماد كل حرمة إسلامية، وربط تركيا مباشرة بالدول الغربية، وكان من نتائج ذلك أن تمزق المسلمون ولم تعد لهم جامعة تجمعهم ولا رابطة تربطهم، وهو ما تحقق لأعداء المسلمين من المستعمرين، ولا يزال حكام تركيا يتزلفون إلى الغرب، ولم تكن تركيا وحدها هي الضحية، بل كانت كل الدول الإسلامية التي كانت خاضعة للاستعمار الإنجليزي أو الفرنسي، أو غيرهما، دخلتها العلمانية من أوسع الأبواب، وأدخلت تلك الدول كلها في ظلمات العلمانية، وأقصي عنها التشريع الإسلامي بالقوة مثل ما حصل في الهند على يد البريطانيين، وفي تونس على يد الفرنسيين، وقويت العلمانية كذلك في مصر وأصبح لها كتاب يدافعون عنها، بعضهم كان ينتسب إلى الأزهر مثل "علي عبد الرزاق"، و"خالد محمد خالد" الذي يُقال إنه رجع عن ذلك.
    ولا تزال الدول الإسلامية في مد وجزر في تقبل العلمانية أو ردها، وإن كانت الأكثرية قد انخدعت ببريق العلمانية ومنجزاتها الحضارية المزعومة، بل لقد أصبح الكثير من الزعماء يراهن على بقائه في الزعامة في تزلفه لأقطاب العلمانية اللادينية في الشرق أو في الغرب، وبما يقدمه من خدمات في استيراد العلمانية ومحاربة الشريعة الإسلامية وممثليها، ولا يكتفون بهذا الإجرام، بل يضيفون إليه أن الشعوب هي التي تطلب ذلك، والساسة يذبحون الشعوب بأيدي الشعوب، ويتم كل ذلك دون أن تعلم الشعوب شيئا عما يجري في الخفاء وراء الكواليس في الشرق أو في الغرب، مع أن كل عمل إنما ينفذ باسم الشعب، وأين الشعب وأين ما يجري وراء الكواليس.

    الأسباب التي أدت إلى انتشار العلمانية في بعض ديار المسلمين
    مما لا شك فيه أن انتشار العلمانية اللادينية أو غيرها من المذاهب الباطلة إنما تنتشر في غفلة العقل وخواء النفس عن التمسك بالمعتقد الصحيح، و في الوقت الذي يرى فيه الإنسان حسنا ما ليس بالحسن من جراء الدعايات البراقة أو الضغوط الشديدة.
    وفيما يلي نبين بعض تلك الأسباب التي أدت إلى انتشار العلمانية في ديار المسلمين، ويمكن أن يكون من أول الأسباب كلها:
    جهل المسلمين بدينهم:

    فلقد مرت بالمسلمين فترات ساد فيها الجهل وتغلبت الخرافات وقل فيها الإقبال على العلم والتعلم حتى وصل الحال إلى إمكان عَدِّ الذي يقرأون ويكتبون في البلد الواحد، وحتى الكثير من هؤلاء القرَّاء والكتاب قد لا يقرأ أحدهم إلا القرآن الكريم من المصحف دون فهم ولا تدبر، وأقفل باب الاجتهاد حين غلب الجهل وقلَّ العلماء المجددون وجمدوا على التعصب للآراء وتشعبوا إلى مذاهب فكرية وطوائف متعارضة يحتدم بينها التنافس المنحرف لا لشيء إلا لأجل بسط النفوذ واكتساب الأتباع، وهذا الانحراف مثلته الصوفية بأجلى مظاهره حيث نام الناس على ترديد أوراد جوفاء في معظمها للتبرك وزهد كاذب عن الدنيا وملذاتها.
    والناس في نظر أقطاب الصوفية أصبحوا مذنبين مقصرين في جنب الله، وحصل عند بعض المتصوفة المسلمين ما حصل للنصارى في نشوء طغيان رجال الكنيسة في تجريمهم للناس وتحطيم معنوياتهم والضغط عليهم للتمسك برجال الدين أصحاب الجاه العريض عند الله، فبهم وحدهم أزمَّة الأمور وبرضاهم يرضى الله وبسخطهم يسخط.
    واخترع الصوفية في مقابل هذا الغلو النصراني مقالتهم المشهورة "من لم يكن له شيخ، فشيخه الشيطان"، واخترعوا أشد من صكوك الغفران عند النصارى، وهو ضمان القطب الصوفي الجنة لمن يريد، ووصل الهوس بأتباع التصوف إلى الكسل التام والخمول المخزي بحجة التوكل على الله وترك حطام الدنيا إلى غير ذلك من مسالك الصوفية.
    و على كل حال فإن تلك الأوضاع الشائنة التي كان فيها المسلمون مضافا إليها سرعة انتشار الجهل، مضافا إليها النهضة العلمية التجريبية التي شهدتها أوربا، كل ذلك وغيره قد أثر تأثيرا قويا في لي أعناق كثير من المسلمين إلى التأثر بالحضارة الغربية، فذهبوا يحاولون جاهدين تقريب تلك الحضارة الغربية إلى الحضارة الإسلامية على حساب الحضارة الإسلامية بحجة الانفتاح والاستفادة مما وصل إليه الغرب الذي تطور إلى أن وصل إلى الحال الذي يُنظر إليه بعين الإكبار عند المغترين بزخرف الحياة الدنيا، وقد اقتبس الكثير من المسلمين كثيرا من المفاهيم الأوربية وقدموها للمسلمين على أنها حلولا لمشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، وأنها تتماشى مع الإسلام، وانخدع بذلك الكثير من المثقفين ومن غير المثقفين، وكأننا نسير إلى تحقيق ما أخبر عنه النبي من اتباع المسلمين سنن من كان قبلهم من اليهود والنصارى في كل شيء، حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخله المسلم محاكاة وتقليدا دون وعي وتبصُّر.
    ولقد زاد انبهار المسلمين بما عند الغرب، فقد أصبح التغريب من الأدلة القوية على التمدن والتحضر، وأن تلك العلمانية الملحدة هي التي أوصلت أوربا إلى صنع الطائرة والصاروخ، وغير ذلك من الدعايات التي أجاد حبكها العلمانيون وأفراخهم في البلدان الإسلامية الذين يصورون العالم الإسلامي وكأن السبل قد انسدت عليهم والطرق قد انقطعت بهم ولم يبق لهم إلا منفذ واحد يتنفسون منه وهو منخر الحضارة الغربية العلمانية العاتية.
    ومن المعروف أن الحقد الصليبي، وخصوصا نصارى العرب جمرة مشتعلة لا تنطفئ إلا أن يشاء الله تعالى، ولقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه الكريم أن اليهود والنصارى لا يمكن أن يرضوا عن المسلم حتى يتبع ملتهم ويتخلى عن دينه الإسلامي، فقال عز وجل عن ذلك ومؤكدا عليه: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، ولقد وقف النصارى ضد الإسلام منذ بزوغ فجره إلى اليوم وكان بين النصارى وبين أتباع الإسلام من الحروب وسفك الدماء ما لا يعلمه إلا الله، ولا يقف عدو للإسلام إلا وقف النصارى إلى جانبه مؤيدين له، ولا يجهل طلاب العلم شراسة الحروب الصليبية التي خاض غمارها جحافل الصليب يؤجج نارها طغاة الكنيسة الذي كانوا يضمنون الجنة لكل من حمل صليبه وسيفه لحرب المسلمين التي كانوا يسمونها جهادا في سبيل الله وحربا مقدسة.
    وقد استمرت عداوة العالم الغربي النصراني للإسلام والمسلمين راسخة في قلوب النصارى حتى بعد أن أدار العالم الغربي ظهره للنصرانية إذ لم تمنعهم عداوتهم للدين النصراني من شدة تعصبهم لما وقع في أسلافهم تحت السيوف المسلمة، فقد أصبحت عداوتهم للإسلام أمراً موروثاً بالفطرة، واستحكمت العداوة إلى الحد الذي أصبح من المستحيل أن يبقى أدنى عطف في قلوب النصارى على أي مسلم، ولكنهم ينافقون المسلمين بأنواع النفاق كلها تحت مسمَّيات عديدة، واشتد العداء للإسلام بسبب وقوفه ضد مطامعهم وضد طغيانهم الجديد الذي أعقب طغيان رجال الكنيسة، وبسبب دعوة الإسلام إلى التحرر من كل الخرافات والأوهام وإلى تحريمه الذل للكفار والاستكانة لهم، وغير ذلك من الأسباب الكثيرة الظاهرة والخفية.
    ولقد اتخذت عداوة النصارى للإسلام ومحاربتهم له أشكالا مختلفة ومظاهر عدة، ابتداء بحمل السلاح وتجييش الجيوش النظامية إلى الالتجاء للخداع والمكر المتمثل في غزوهم الفكري للعالم الإسلامي تحت عدة أقنعة من التنصير إلى الاستشراق إلى استجلاب أبناء المسلمين وتنصيرهم بطرقهم المختلفة من بناء المدارس لهم والمستشفيات وإنشاء شتى المرافق التي قدمنا ذكرها، ونشطوا في ذلك نشاطا عاليا أثمر فيما بعد استيلاءهم على العالم الإسلامي حسيِّا ومعنويا، وعلت حضارتهم المادية التي يفاخرون بها على حضارة الإسلام، علت في قلوب مريضة أصيبت بالانبهار بما عند الغرب من صناعة وفكر ونظام، سهل بعد ذلك تسرب العلمانية إلى عقول وجهاء وأصحاب نفوذ صاروا ربائب لأكابر وجهاء العلمانية.
    وقد توالت الهزائم على العالم الإسلامي فلا يخرجون من هزيمة إلا إلى أخرى، وأصاب المسلمين الوهن والاستخزاء أمام العبقرية الأوربية، ونجح الجزء الأكبر من المخططات اللادينية، وتضافرت الجهود وأشغلوا المسلمين بأحداث هامشية فيما بينهم لا تخدم أي شكل من أشكال المصالح العامة. وكانت أكبر الخطط الناجحة هي تلك التي اتفق عليها زعماء الغرب من ضرب المسلمين بعضهم ببعض والاتجاه بالحرب وجهة أخرى ليس فيها جيوش ولا آلات حربية، وإنما هي حرب الإسلام ذاته عن طريق الغزو الفكري بدون إثارة المسلمين والتفنن في إطلاق الشعارات البراقة على أعمال العلمانيين والمنصرين في البلاد الإسلامية في أشكال مساعدات إنسانية وثقافية واجتماعية واقتصادية، وما إلى ذلك من الأسماء التي ظاهرها الرحمة وباطنها دمار الإسلام والمسلمين .
    أما الاحتلال الشيوعي الماركسي: ففي الشرق الإسلامي قامت الشيوعية الماركسية باحتلال أراضي المسلمين هناك وقتلت أهلها قتلا ذريعا، وقامت الصين بنفس العمل أيضا حينما احتلت أجزاء من الأراضي الإسلامية، وكان الجميع يتباهون بقتل وتشريد المسلمين ونشر الرعب والفساد، فتوالت على المسلمين النكبات من كل جانب، ولولا لطف الله تعالى وتكفله بحفظ دينه وكتابه لكان العالم الإسلامي في مهب الريح، فلقد فعل الشيوعيون بالمسلمين وبممتلكاتهم أفعالا يندى لها الجبين، فكانوا يهدمون المساجد والبيوت على من فيها في حقد لا نظير له، والحمد لله الذي أقر أعين المسلمين بموت الشيوعية واندحارها في عقر دارها، سنة الله في الباطل الذي يكون له صولة ثم يضمحل – كما سيأتي الحديث عن هذا المذهب الهدَّام وأتباعه الأبالسة.

    أما بالنسبة للاحتلال اليهودي لأراضي فلسطين:
    فلقد كان له تأثير واضح نجح رويدا رويدا من وراء ستار كما هو شأن اليهود الذين يجيدون المؤامرات السرية ضد كل المخالفين لهم، وهم وإن لم يكن لهم مستعمرات كثيرة واضحة، فإن لهم مستعمرات هي أشد خطراً من المستعمرات الظاهرة، فلم يكن السبب في انتشار العلمانية في البلاد الإسلامية هو ما تقدم من الأسباب فقط، وإنما انضاف إليها هذا التيار الخطير الهدام والمتمثل في دور اليهود الحاقدين الذي أخبر الله في كتابه الكريم عن شدة عداوتهم للإسلام والمسلمين، وأنهم لا يزالون على عداوتهم إلى الأبد، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} [المائدة:82]، وجاءت السنة النبوية لتؤكد ذلك، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن خبث اليهود ومكرهم بالمسلمين في عدة أحاديث، منها ((ما خلى يهودي بمسلم إلا وهم بقتله)) .
    وجاءت أفعال اليهود تجاه المسلمين – قديما وحديثا – لتؤكد مصداق كل ما ورد من أوصافهم العدائية في الكتاب والسنة وأقوال الناس عنهم، وجاءت كذلك أقوال عقلاء الناس من مسلمين وغير مسلمين لتؤكد على خطر اليهود على البشرية كلها، واطلع الناس على ما جاء في "التلمود" من تعاليم ضد الجوييم أو الأمميين، واطلعوا على "بروتوكولات حكماء صهيون" الجهنمية فهالهم الأمر، واتضح لكل ذي بصيرة أن اليهود من أشد الناس عداوة للبشرية، ومن أشدهم مكرا، ولقد استعمر اليهود كثيرا من البشر عن طريق منظماتهم ونواديهم، ومنها الماسونية، والشيوعية، وسائر تلك الأفكار، ويكفي في تصور شدة مكر اليهود استحواذهم على النصارى وإدخالهم في حظيرتهم إلى الحد الذي جعل النصارى يتنكرون لما هو من صميم عقائدهم الأساسية وهو قتل اليهود للمسيح عليه السلام – كما تزعمه مصادرهم – فقد أصدر زعماء النصارى بيانا بتبرئة اليهود من هذا القتل، وما ذاك إلا للضغط اليهودي، كما أنهم أصمُّوهم وأعموهم عما دونه أحبار اليهود ضد النصارى من عداء شديد إلى حد استحلال دمائهم وأكلها في عيد فصحهم كما فعلوا بالأب "توما" وخادمه "عمَّار" في القضية المشهورة التي حدثت ببلاد الشام القرن الماضي.
    والذي يهمنا من هذا إنما هو الإشارة إلى تأثير اليهود في نشر العلمانية اللادينية في البلاد الإسلامية، وسيتضح للقارئ مدى هذا التأثير بمجرد قراءته لـ "بروتوكولات حكماء صهيون" وما جاء في "التلمود" و في تعاليمهم السرية التي يتواصون فيها بالقضاء على كل الأديان – ما عدا دينهم – وأن ذلك سيتم بتشجيعهم لكل حركة معادية للدين ولكل فكرة تحارب الفضيلة، فنشروا الفساد الأخلاقي بكل أشكاله تحت مسمى الحرية، وحاربوا الأديان تحت مسميات مختلفة.
    وما إن ظهرت اللادينية إلا وتلقفها اليهود ونشروها بكل وسائلهم الكثيرة ودعاياتهم المؤثرة، حتى ركن كثير ممن ينتسب إلى الإسلام إلى تلك الدعايات وتحولوا إلى جنود لخدمة اليهود من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وقد حذرنا الله تعالى من الركون إلى أعداء ديننا بقوله عز وجل: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إلى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}

    [هود:113]، وقد وضحت هذه النار في الشعوب الإسلامية الذين تنكروا لدينهم وتقبلوا العلمانية، وضحت في معيشتهم و في أمنهم و في تكاتفهم، بل وفي كل شؤون حياتهم، فكانت أمرا مخزيا {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا} [الأحزاب:62]
    ولا يزال اليهود أداة تخذيل وإغواء لكل الأمم – وخصوصا الأمة الإسلامية – التي تمثل عدوهم اللدود الأبدي، ذلك العدو الذي تآمروا عليه منذ بزوغ فجره إلى اليوم، ولكن {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64]، وما تمجيدهم للعلمانية ولأقطابها وذمهم للإسلام ولتعاليمه إلا جزءا من عداوتهم له، وجزءا من مخططاتهم للقضاء عليه. ولن يتم الله لهم ذلك إن شاء الله إلى الأبد {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}

    [الصف:8].
    ومن الأسباب لانتشار العلمانية أيضا هذه البعثات لأبناء المسلمين التي تُرسل إلى الغرب للدراسة – إلا من رحم الله منهم – ذلك أن الطالب يذهب باعتباره تلميذا مستفيدا لا مناظرا مدافعا، فيشبع من هناك بما قد أعد له وفق مخطط محكم، وحينما يتم دراسته ويرجع إلى بلده الإسلامي لاشك أنه يرجع بغير الفكر الذي ذهب به، إذ لابد وأن يتأثر ولو باتجاه واحد على الأقل أو شبهة لا يستطيع دفعها عن نفسه مهما حاول التماسك والتوفيق بيد الله تعالى.
    بل إن كثيرا من الذين ذهبوا للدراسة في الدول الكافرة العلمانية يرجعون بقلوب غير التي ذهبوا بها معهم فيتمنون لو أن مجتمعهم الإسلامي يتحول في لحظة إلى صورة طبق الأصل عن تلك المجتمعات الكافرة التي ألفوها وأُشربوا حبها، وقد صرَّح كثير منهم بإعجابه بالحضارة الأوربية، واعتقدوا أن لا مخرج للمسلمين إلى السعادة وامتلاك القوة إلا بتقليد الغرب في كل صغيرة وكبيرة، كالطهطاوي وأحمد خان، وعلي عبد الرزاق، وطه حسين.
    فرجع كثير من طلاب العلم من المسلمين الذي ذهبوا إلى الدول الأوربية للدراسة وهم متضلعون من تعاليم العلمانية ومقتنعون بها، وإذا رجع الفكر إلى تاريخ المسلمين الأوائل فإن صاحبه يشعر بالحزن والأسى، لأن ماضي المسلمين كان هو النور المشرق، وكان العلم وأهله وكتبه كلها عند المسلمين وفي جامعاتهم، في الوقت الذي كانت فيه أوربا في حمئة الجهل، فانقلب الحال رأسا على عقب حينما زهد كثير من المسلمين عن تعاليم دينهم ورغبوا في الحضارة الغربية وزخرفها، فأصبح بعض المسلمين ينظر إلى العلوم الغربية بنفس الإكبار الذي كان ينظر به الغرب إلى العلوم الإسلامية.
    ومن الأسباب أيضا استغلال العلمانيون قيام النعرات الجاهلية من قومية ووطنية ودعوى نبذ التخلف، وما إلى ذلك، وقد استجاب لهم الكثير، البعض بحسن نية، والأكثرون بخبث نية وتخطيط بارع للكيد للإسلام والمسلمين.
    وما إن سرت نخوة الجاهلية في عروق القوميين والوطنيين والتقدميين إلا وسرى معها التعالي والرجوع إلى الأمجاد الجاهلية المزعومة التي كانت العلمانية تصفق لها وتصف أهلها بشتى نعوت المدائح والعبقريات الفذة.
    كما أن أولئك الثائرون قد أتوا على الأخضر واليابس ورأوا أن بناء مجدهم يتطلب إقصاء تعاليم الدين والسير خلف ركب الحضارة الأوربية الذي تولد من قيام العلمانية الجديدة والسير في طرقاتها حذو القذة بالقذة.
    ومنها الترابط بين العلمانيين في الغرب وأتباعهم في ديار المسلمين، ومساندة بعضهم بعضا وإمدادهم بأسباب القوة التي تمكنهم من اعتلاء المناصب في بلدانهم بعد أن باعوا ضمائرهم وأصبحوا عملاء لهم، فضلا عن الضغط الذي تتعرض له الحكومات الإسلامية لإفساح المجال واسعا أمام طلائع العلمانيين، بل وتشغيلهم بحكم ما يحملون من شهادات أوربية – يجب أن تكون محل الاهتمام والتقدير لأنها صادرة عن موطن التقدم والرقي كما يصورونها في أذهان عامة المسلمين المنهزمين في أنفسهم.
    وقد ظهر ذلك واضحا في معاملة هؤلاء المستغربون، فإن لهم الأولوية في الوظائف وزيادة الرواتب، كما نسمع من أخبارهم.
    وإذا أبى إلا التحدث بالإنجليزية فهو نور على نور ودلالة على تقدمه ومعرفته، ولقد نشر هؤلاء مبادئ العلمانية الشريرة بكل وسيلة وكان لهم أكبر الأثر في الدعاية للعلمانية ومبادئها بين عامة المسلمين، وقد ظهر ذلك التأثير في سلوك العالم الإسلامي في المظاهر الآتية في الصفحة التالية

    يتبــــع







    ثاني عشر: مظاهر العلمانية في بلاد المسلمين


    كانت العلمانية في بداية ظهورها تهدف إلى تحقيق غرض وهو من أهم الأغراض التي أشغلت أذهان القائمين عليها، ألا وهو فصل الدين عن السياسة والحكم على طريقة ما ينسبه الكتاب المقدس إلى نبي الله عيسى عليه السلام "أعط ما لله لله، وما لقيصر لقيصر"، وبغض النظر عن صحة هذه المقولة عن عيسى عليه السلام فإن العلمانيين وهم في محاولتهم الأولى لتصديع الدين المسيحي وجدوا أن هذا النص من الأمور المساعدة لهم، وقد جدوا وناضلوا حتى تم لهم ما يهدفون إليه من فصل الدين عن الدولة، وبالأحرى عزل رجال الكنيسة عن الدولة، ولم يعد دينهم صالحا للحكم بين الناس في شؤون حياتهم، بل تولاه التشريع الجديد المسمى العلمانية في قوانينها الوضعية.
    ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى طور آخر وهو عدم السماح بالدين في كل مظاهر الحياة، ولم تعد مقولة "أعط ما لله لله، وما لقيصر لقيصر"قائمة في أذهان زعماء العلمانية الجامحة، فحورب الدين حربا شعواء تحت الكراهية الشديدة لطغاة الكنيسة الذين يمثلونه – حسب مفهوم أقطاب العلمانية – هذا ما حصل في العالم النصراني ومبرراته، وهو ما يمثله دعاة العلمانية في البلدان الإسلامية التي تم لهم الحكم فيها.
    وما دام الأمر قد وصل إلى محاربة الدين وإقصائه نهائيا، فلا بد أن يوجد البديل له في كل مظاهر الحياة، وهو ما وقع بالفعل، فطورت العلمانية لتشمل بعد ذلك الحكم، والاقتصاد، والعلم، والتاريخ، والحياة الاجتماعية، ومظاهر السلوك والأخلاق، وصور الآداب والفنون.. أي أنها أصبحت دينا قائما بذاته ملأ الفراغ الذي خلفه إقصاء الدين النصراني عن المجتمعات.
    ولم يعد الناس بحاجة إلى الدين في أي قضية من القضايا التي تصادفهم، لأن المارد الجديد قد سد كل الحاجات ولبَّى كل المطالب التي تواجه الفرد في حياته اليومية كلها، في الحكم و في سائر متطلبات الحياة الاجتماعية الجديدة، وأصبح دعاة العلمانية كلهم على خط واحد وهدف واحد مع اختلافهم في الوسائل من بلد إلى آخر، و فيما يلي بيان ذلك في المسائل الآتية:



    الأولى: العلمانية في الحكم
    أما العلمانية في الحكم فمن الطبيعي أن لا يجد الحاكم العلماني أدنى ضرورة إلى الاستعانة بحكم الدين في أية قضية، وذلك أولا لجهله بالدين وعدم معرفته به، وثانيا للعداء الشديد المستحكم الحلقات بين الدين وبين آراء المفكرين العلمانيين الذين يتصورون أنه لا تتم السعادة الحقيقية للشعوب إلا إذا أُقصي الدين تماما عنهم وحكموا أنفسهم بأنفسهم بعيدين عن التأثر بأحكام الدين التي لا ترحم الفقير ولا تجبر الكسير، بل تحابي وتمالئ الظالمين من أصحاب المناصب والجاه، كما ظهر ذلك جليا مما رأوه من ترابط المصالح بين رجال الدين وأصحاب الجاه والحكم، لتآمر الجميع على إخضاع الناس واستنزاف خيراتهم – وهو ما حصل بالفعل حين اشتد طغيان رجال الكنيسة – وساعدهم – خوفا منهم – أباطرة الحكم الذين استفادوا هم بدورهم من رجال الكنيسة في إقناع العامة بأن الحكام هم من اختيار الله وأنهم يمثلون الله في الأرض، وطاعتهم هي عينها طاعة الله تعالى، وعصيانهم عصيان له، وأن السعادة كلها في يد البابا الممثل المباشر للرب المسيح!!!
    وكانت النتيجة أن الثائرين نظروا إلى رجال الدين على أنهم مخادعين متآمرين هم والحكام على استعباد الناس وإذلالهم – وهو صحيح – فتم وضع القوانين والتشريعات الجاهلية بدلاً عن كل الشرائع الإلهية التي تمثلها الكنيسة الظالمة والبابا المتغطرس، فجاءت الأحكام العلمانية خليطا مشوها من شتى الأفكار والحضارات الجاهلية وظنوا أنهم وجدوا الحل المناسب لحياتهم الاجتماعية، وأنهم وجدوا السعادة التي ينشدونها والأحكام العادلة التي يتمنونها في ظل العلمانية الوضعية التي تنقض اليوم ما أبرمته بالأمس.
    وقصر بهم العزم أن يبحثوا عن مصدر العدل الحقيقي والأحكام المتناسقة التي يسبق العقل إلى تصديقها قبل الواقع، وقد قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}[النساء:82]، ولقد وجدوا في علمانيتهم اختلافا كثيرا وتناقضا فاحشا في الأحكام، ولكن طبع على قلوبهم وصار حالهم كما عبر عنه الشاعر:
    لفح الهجير نعيم إن رضيت به



    وناعم الظل إن أنكرت رمضاء
    و فيما يلي نشير إلى الحكم في الإسلام لكي يقارن العاقل بين حكم الجاهلية وقوانينها وبين عدل هذا النور لأنه كما قيل "وبضدها تتميز الأشياء" وليرى القارئ الكريم أكذوبة من زعم أن الإسلام يفرق بين الدين والسياسة في الحكم، سواء كان هؤلاء يتظاهرون بالإسلام أم لا.



    الثانية: هل يوجد فرق في الإسلام بين الدين والسياسة
    لا يمكن لأي شخص عرف الإسلام – مهما قلت معرفته به أن يقول أن الإسلام يفرق بين الدين والحكم، بحيث يكون الدين لله والحكم للشعب أو القانون أو مجلس التشريع أو الحزب أو غير ذلك من الإطلاقات العلمانية الباطلة، لأن الإسلام يعتبر جميع البشر عبيدا لخالقهم، ولا مزية لأحد على آخر إلا بالتقوى، ويحرم أن يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله، وأن من رضي بالتحاكم إلى غير الله فهو طاغوت خارج عن الفطرة محارب لله ظالم لنفسه، متعد لما ليس له، وسيحاسبه الله تعالى عن ذلك.
    وفي الإسلام البيان التام الشامل لكل جوانب الحياة سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية.. الخ، بينها الله تعالى في قواعد شاملة وأحكاما جامعة وأمر الناس بفهمها واستخراج كل ما يصادفهم من أحكام وتشريع على ضوئها من كتاب الله تعالى أو من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالمشرع في الإسلام هو الله وحده، وما نطق به رسوله والمنفذ للأحكام الشرعية هم الحكام الذين تختارهم الأمة ويرضون بحكمهم لتنفيذ الشرع الشريف، وهؤلاء الحكام ليسوا طبقة فوق البشر، أو لهم صفات إلهية – كما كان يتصور الجاهلون قديما – وإنما هم منفذون فقط، وأن كل مسلم مطالب بأن يعرف الأحكام الشرعية وأمور العبادات والاقتصاد وغير ذلك من أمور الحياة، وبعض آخر يطلب الإسلام من كل أتباعه أن يكونوا صالحين لتنفيذ أحكام الله في كل قضية تعرض للشخص، ومعنى هذا أنه لا يوجد في الإسلام تلك الدعوى النصرانية التي بنى عليها اللادينيون فكرهم، وهي "أعط ما لله لله، وما لقيصر لقيصر" فهذه الإزدواجية لا مكان لها في الإسلام، وإنما الذي فيه هو تساوي الناس في التكليف أمام الله ومطالبتهم جميعا بتنفيذ أحكام الشريعة وطاعة ولاة أمورهم في غير معصية الله ورد ما يختلفون فيه إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبهذا تصلح الحياة وتستقيم الأمور ويحصل التنافس في فعل الخير، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50].
    وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء:58].
    وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[ النساء:65].
    ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مهمته هي بيان الدين، ومع ذلك أمره الله أن يحكم بين الناس بالعدل، لأن معرفة الدين هي الطريق الصحيح إلى الحكم بالعدل، ولم يقتصر الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم، بل شمل غيره من أمته، فقد أمرهم الله أن يحكموا بالعدل حينما يرتضيهم الناس للتحاكم إليهم، و على هذا فلا فرق بين الدين والحكم أو السياسة، ومن فرَّق بينهما فلجهله أو لميله إلى العلمانية اللادينية. ولقد كان خلفاء المسلمين هم العُبَّاد، والزهاد، والقواد، والخطباء، والقضاة بين الناس، بل نجد الإسلام يجعل الحكم أوسع مما يتصوره العلمانيون إذ يوجب على جماعة المسلمين مهما كانت قلتهم أن يختاروا لهم أميرا منهم يرجعون إليه عند الاختلاف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    ((إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)) .
    ومعلوم أن هذا الأمير متدين ملتزم للحكم بما أنزل الله، وعلى طريقة العلمانية لابد أن يكون هذا الأمير غير متدين مستهتر بأحكام الشرع يتم انتخابه بأي طريقة كانت، ولا تسأل بعد ذلك عن الفضل الذي يتميز به عليهم ليكون أميرا لهم إذا لم يكن ملتزما لمنهج الله في حكمه، مراقبا لربه، مخلصا في أداء عمله بالعدل الإلهي.
    إنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية نص واحد يثبت التفرقة بين الدين والحكم، لا في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية، ولا في أقوال علماء الإسلام، بل نجد أنه لا شرعية لحاكم لا يتخذ الدين منهجا له.
    ولا يوجد كذلك نص واحد يثبت أن أحدا من خلفاء المسلمين من الصحابة أصدر حكما على طريقة الفصل بين الدين والحكم، أو اعتذر عن أي حكم أصدره بأن سياسة الحكم اقتضته، حتى وإن كان مخالفا للدين، بل كانت طريقتهم أن كل حكم يخالف الدين يعتبر حكما جاهليا باطلا، وذلك للتلازم التام بين الدين والحكم، واستمر الأمر على ذلك حتى نبغت فتنة دعاة العلمانية الغربية وإذا بضعفاء الإيمان والمخدوعين من المسلمين يتأثرون بتلك الدعايات ويطالبون مجتمعاتهم بالسير في أثر أولئك في الوقت الذي جهلوا فيه – أو تجاهلوا – أن للغرب أسبابه الظاهرة في مناداتهم بالعلمانية وإقصاء الدين الذي مثله طغاة الكنيسة ردحا من الزمن، وكان على الشعوب الغربية كالكابوس الثقيل، وتغافل هؤلاء عن أن الإسلام ليس فيه شيء من ذلك، بل فيه العدل والنور، وإنه صلح عليه حال من قبلنا، وسيصلح به حالنا لو حكمناه واكتفينا به عن الأنظمة الجاهلية البشرية التي هي محل النقص دائما.



    الثالثة: العلمانية والاقتصادأما العلمانية والاقتصاد والدين، فلقد كان الاقتصاد هو العصى السحرية التي أسهمت في قيام المذهب العلماني، فقد كانت الحالة الاقتصادية في أوربا في أتعس وضع وأبأس حال بسبب الوضع الاجتماعي المتخلف الذي أنتجته الديانة النصرانية وحكامها ممثلة في البابوات وأصحاب الجاه والسلطان الذين كانوا لا يهمهم إلا ضمان استرقاق الشعوب النصرانية وإذلالها لطواغيت رجال الدين وأباطرة الدولة، ولتكن حالتهم بعد ذلك إلى النار، فالدولة ليست مسؤولة عن الفقراء والبائسين.
    فنشط النظام الإقطاعي واستبداد الطبقة العليا بمن دونها حسب النظام الجاهلي، وكان النظام الاقتصادي مكبلا بتعاليم الكنيسة تحليلا وتحريما، وكان قائما على ظلم الكادحين وشره رجال الكنيسة الذين احتووا جل مصادر الاقتصاد مضافا إلى ذلك صنوف الضرائب المفروضة على الفلاحين وغيرهم الذين كانوا يسخرون كلهم كما يسخر العبيد.
    وعاش المجتمع النصراني اقتصادا ظالما متناقضا غاية التناقض منهم نخبة – الحاكم والرهبان - في الثريا، ومنهم قسم – بقية الشعوب – في الثرى لا يملكون إلا ما يسد رمقهم في أحسن الظروف، وفشا النظام الإقطاعي بأجلى صوره وأصبح فيه الأرقاء لا يزيد أحدهم عن كونه إحدى القطع أو إحدى البهائم التي يملكها صاحب الإقطاعية من طبقة النبلاء، وأوضاع أخرى بشعة وظلم واستبداد لا نظير له، ولا ينكر شيء منها، وبطالة وكسادا في كل نواحي الحياة، والملاحظ أن شياطين العلمانية قد فسروا كل تلك الأوضاع على أنها إحدى نتائج التدين، وأن الدين هو وراء هذه الأوضاع السيئة كلها بمباركته لرجال الكنيسة هذا التسلط والجبروت، فإذا بالنظريات الإلحادية تقوم على محاربة وجود الله تعالى ومحاربة رجال الدين وأن الاقتصاد ينبغي أن يتحرر عن كل أغلال الكنيسة وأن يتجه صوب الأفكار التحررية التي يجود بها زعماء التحررية بعيدا عن الدين، و في الوقت نفسه لم يكن لدى رجال الدين الكنسي ما يسعفهم بالدفاع عن دينهم إزاء هذه المسامير التي تدق في نعشه.
    وتكاثرت السكاكين على هذا الثور الميت وارتفعت الأصوات من كل مكان تندد بالدين وبطرقه الاقتصادية الجائرة، وتدعو إلى سرعة الانفلات عن تعاليمه التي أصبحت بالية ولم تعد صالحة في عصر التطور وظهور النور، وبالتالي فلا سلطة لله تعالى ولا لرجال الكنيسة على المارد الجديد الذي هب ليدفع الظلم الذي رضيه الله – حسب زعم أقطاب العلمانية – لرجال الكنيسة، وبخبث حول هؤلاء الأقطاب العداء لرجال الدين وللأوضاع السيئة إلى العداء للدين نفسه، وتحميله كل تلك المآسي دون أن يكلفوا أنفسهم البحث عن حقيقة هذا الدين الذي اتسع لقبول تلك المآسي كلها، وهل هو دين صحيح أم هو باطل وضلال وتلفيق من كبار المخادعين النصارى، فلم يهتموا بالالتفات لذلك لحاجة في أنفسهم لكي يحملوا الدين تلك الأوضاع الاقتصادية المتردية.
    والواقع أنه حينما أقصى العلمانيون الدين عن أي مجال من مجالات الحياة الاقتصادية على أساس أنه لا يحقق الخير لأتباعه ولا يرفع الظلم عنهم، لم يأتوا هم أيضا ببديل يرفع ذلك الكابوس، بل تخبطوا في حلقات مفرغة وعاشوا أوضاعا غاية في الفساد لم يكن الرابح فيها غير المرابين والمحتكرين وتجار الرقيق وأصحاب الشره المادي الذين لا يبالون بأحد ولا توجد فيهم أدنى عاطفة على الفقراء والضعفاء الذين لم يصلوا إلى معرفة حذق المرابين وعباد المال أو لم يكن لهم من المال ما يوصلهم إلى تلك المسالك الثعلبية.
    وعاش عامة الناس في تعاسة رغم تزاحم النظريات الاقتصادية – سنة الله في الخارجين عن شرعه – ولم تنقذهم من تلك الحال لا الرأسمالية بنظامها الشره الذي أطلق للناس الحبل على الغارب على طريقة "من عز بز ومن غلب استلب" ولا الشيوعية الماركسية التي كبلت الناس وجعلتهم عبيدا يكدحون للدولة في مقابل ما تعطيهم لسد حاجة الجوع، ولا العلمانية التي لا يلوي فيها أحد على أحد.
    مع أنهم ملؤوا الدنيا صراخا وعويلا على العمل لإخراج الفقراء من فقرهم وإيجاد اقتصاد حر مزدهر يوازي الجنة التي وعد بها الرسل أتباعهم بزعمهم، ورغبوا الناس في عبادة الإله الجديد في الإلحاد، وهو المادة ورؤوس الأموال، ولكن اتضح لكل ذي عينين أن المناداة شيء والواقع شيء آخر.
    وإذا بتلك الأنظمة المعادية للدين لم تقدم حقيقة للناس إلا آمالا خيالية وإلا الإلحاد والإفلاس والغبن الفاحش وانتزاع احترام الدين والتدين من قلوب أتباعه وإحلال ضلالاتهم بدلا عن ضلالات الدين النصراني البولسي، وصح عليهم المثل القائل: "إنك لا تجني من الشوك العنب"، وظهر سوء الاقتصاد وسوء التوزيع للثروات وسوء التكافل الاجتماعي جلياً في العلمانية، ولكنهم لا يعرفون بديلا منقذا في حال استكبارهم عن طريقة الإسلام في نظامه الاقتصادي.


    المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي 2/718


    الرابعة: العلمانية في التربية والثقافة
    قبل أن يصطدم الغرب المتحضر بالشرق المتخلف كانت التربية في الأخيرة متأخرة أسلوباً وموضوعاً، وكانت الثقافة جامدة ومحدودة.
    كان نصيب الأمة الإسلامية من المعرفة ينحصر في بقايا التراث الفكري الذي دونه علماء الكلام والفقه واللغة في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية تلك البقايا التي تسمى "الكتب الصفراء " أو الثقافة التقليدية، وفي أحسن الأحوال "الثقافة الأصلية " - كما في بلاد المغرب -.
    ......ولنأخذ شاهداً قريباً لذلك من الأزهر الذي صبت عليه اللعنات لجموده وتخلفه.
    كان الأزهر منذ تأسيسه يدرس في حلقاته المكتظة الفلك والجبر والهندسة والطب كما يدرس الفقه والنحو والحديث سواء بسواء بلا حرج ولا غضاضة.
    وظل كذلك إلى عصر ليس ببعيد، فها هو ذا الجبرتي يورد في تاريخه أسماء كثيرين ممن نبغوا في هذه العلوم بالنسبة لعصرهم - منهم والده - وإن كان مستواهم متخلفاً بالنسبة لما هو عليه حال معاصريهم في الغرب، ذلك أن هؤلاء يمثلون الدفعات الأخيرة لحضارة منهارة، في حين يمثل أولئك - الغربيون - طلائع متقدمة لحضارة فتية. ومع ذبول الحضارة الإسلامية التدريجي تقلص ميدان العلم ليقتصر على العلوم الضرورية التي لا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يحيا بغيرها، وأهملت العلوم الأخرى لا تحريماً لها ولكن عجزاً وتهاوناً يميلها الواقع المنهار من كل ناحية.
    وفي فترة الركود العلمي تلك ولدت أجيال بررت ذلك العجز والتهاون بصنوف المعاذير ثم استساغت الانغلاق وفسرت الدين نفسه تفسيراً ضيقاً وحددت علومه تحديداً نابعاً من واقعها المظلم لا من حقيقة الدين وجوهره.
    ......وحدثت نفرة شديدة بين علم الأزهر الذي كان يعتقد أنه يمثل الثقافة الإسلامية أصدق تمثيل وبين علم الغرب الذي بدا لأعين الأزهريين غريباً خاصاً بالكفار.
    من هذا الخطأ التاريخي تقريباً نشأت الازدواجية الخطرة في العالم الإسلامي :تعليم ديني ضيق محدود، وتعليم لا ديني يشمل نشاطات الفكر كلها.وقد حاول محمد علي في أول الأمر أن يدخل العلوم الحديثة ضمن مناهج الأزهر، إلا أنه خشي معارضة الأزهريين، فقام على الفور بإنشاء نظامه التعليمي الحديث، وهكذا انقسم التعليم في مصر إلى نظام ديني ونظام مدني حديث "ولما كان اللقاء بين شيخ الأزهر "وجومار" مستحيلاً فقد كان لا بد من الصراع بين أتباع وثقافة كل منهما، ورأى أبناء جومار أن القضاء على الأزهر يكون ببقائه جامداً معزولاً عن الحياة ومتغيراتها.
    استصدروا من الخديوى إسماعيل سنة 1872 "القانون الخاص بتنظيم الأزهر وإصلاحه ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍"وتنص فقرة ب منه على :"تحديد الدراسات التي تعطى بالأزهر بإحدى عشرة مادة هي :الفقه وأصول الدين والتوحيد والحديث والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق (3) "
    ووافق ذلك في نفوس علماء الأزهر، وبذلك قطع الطريق أمام وعي ذاتي لإصلاح الأزهر حقيقة.
    أما المدارس الحديثة التي أنشأها محمد علي وأولاده فقد كانت مجالاتها أرحب وفرصها أوسع، وكانت البعثات إلى الخارج قائمة على قدم وساق.
    والناحية الأشد خطورة هي الوسائل التي ينتهجها كلا النظامين التعليميين : النظام الديني "كما سمي " يقوم في الكتاتيب المتفرقة في القرى والأمصار للمرحلة الابتدائية، والجامع الأزهر للمرحلة العليا.
    والكتاتيب يدرس فيها "فقهاء"(4) يجتمع حولهم الطلبة في مظاهر ريفية يحملون الألواح القديمة والمصاحف، والفقيه يتوسطهم بعمامته وفي يده عصا طويلة، ويقوم بتلقينهم بطريقة تغاير روح التربية الإسلامية المأثورة التي كانت في عصرها أرقى أساليب التربية العالية.
    يتحدث "جب "عن شيء من ذلك قائلاً :"وكانت المصادر الأولى التي أخذ الفكر الأوروبي يشع منها هي المدارس المهنية التي أنشأها محمد علي والبعثات العلمية التي أرسلها إلى أوروبا".
    ويذكر أن منها "مدرسة الألسن التي كان يشرف عليها العالم الفذ رفاعة الطهطاوي (1801-1873م)

    وهو تلميذ جومار البار.
    فالاستعمار -كما قال أحد شعراء المسلمين في الهند - أذكى من فرعون الذي استخدم سياسة قتل الأولاد، ولم يفتح لهم مدارس وكليات تقتلهم من حيث لا يشعرون كما فعل المستعمرون.(8)
    فقد افتتحوا مدارس غربية قلباً وقالباً في المراكز الثقافية الكبرى للعالم الإسلامي ورسموا المخططات لاستئصال التعليم الأصلي.
    من هذه المدارس الكليات التبشيرية التي أنشئت في لاهور وبيروت واستنبول والقاهرة وغيرها،عدا المدارس الأقل شأناً التي انتشرت في الهند وبلاد الشام ومصر وبصفة أظهر في بلاد المغرب.


    يتبــــع



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    ثالث عشر: وسائل تحقيق العلمانية
    سلك العلمانيون في سبيل تحقيق مآربهم أهدافاً عديدة ملائمة لكل زمان ومكان منها ما يلي:
    1_ إغراء بعض ذوي النفوس الضعيفة، والإيمان المزعزع بمغريات الدنيا من المال والمناصب.
    2_ السيطرة على وسائل الإعلام؛ ليبثوا سمومهم من خلالها.
    3_ رفع قيمة الأقزام والمنحرفين وذلك من خلال الدعاية المكثفة لهم، وتسليط الضوء عليهم، وإظهارهم بمظهر العلماء المفكرين، وأصحاب الخبرات الواسعة والقرائح المتفتقة، ويهدفون من وراء ذلك إلى أن يكون كلام هؤلاء مقبولاً عند الناس.
    4_ لبس الحق بالباطل وذلك من خلال طَرْقِ العديد من الموضوعات باسم الإسلام، كالاختلاط وغيره.
    5_ القيام بتربية بعض الناس على أعينهم في محاضن العلمانية في البلاد الغربية، وإعطائهم ألقاباً علمية مثل: درجة الدكتوراه، أو درجة الأستاذية؛ فيحصل على هذه الشهادة بعد أن يفقد شهادة _ لا إله إلا الله _ وبعد رجوعهم يصبحون أساتذة للجامعات، ويتولون العديد من المنابر؛ ليمارسوا تحريف الدين، وتزييفه، والتلبيس على الناس، وتوجيههم الوجهة التي يريدونها.
    6_ اتباع سياسة النفس الطويل والتدرج في طرح الأفكار.
    7_ الإكثار من الأحاديث عن موضوعات معينة بهدف إقناع الناس بها انطلاقاً من قاعدة (ما تكرر تقرر).
    8_ إشغال الناس بتوافه الأمور حتى لا يدركوا حقيقة العلمانيين.
    9_ تشويه التاريخ الإسلامي، وإبراز الجوانب السلبية، مع كتمان الجوانب المشرقة المضيئة بهدف قطع حاضر الأمة عن ماضيها.
    10_ الهجوم على الأئمة الأعلام، بل الطعن في الصحابة والتابعين باسم الموضوعية.
    11_ إحياء النعرات الجاهلية، والتغني بالوثنيات القديمة.
    12_ الطعن في اللغة العربية ووصفها بالجمود، حتى يكرهها المسلمون ويستصعبوها وبالتالي ينقطعون عن فهم تراث أسلافهم، وفهم نصوص الشرع، وكلام الأئمة.
    13_ تفسير القرآن ونصوص الشرع تفسيراً عصرياً بحسب ما يروق لهم، ويناسب أهواءهم.
    14_ إنشاء المدارس والجامعات، والمراكز الثقافية الأجنبية، والتي تكون في حقيقة الأمر خاضعة لإشراف الدول العلمانية.
    15_ الحديث بكثرة عن المسائل الخلافية واختلاف العلماء وتضخيم ذلك الأمر؛ حتى يخيل للناس أن الدين كله اختلافات، وأنه لا اتفاق بين العلماء في شيء مما يوقع في النفس أن الدين لا شيء فيه يقيني مجزوم به، وإلا لما وقع الخلاف، وهم بذلك يريدون صرف الناس عن الدين.
    16_ تصوير أهل العلم في كثير من وسائل الإعلام على أنهم طبقة منحرفة خلقياً، وأنهم طلاب دنيا ومناصب ونساء، وذلك بهدف الحط من قيمتهم، وتزهيد الناس بهم.
    17_ الهجوم المستمر على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وتصويرهم بأبشع الصور، ودعوى أن ذلك تدخل في شؤون الخاصة.
    18_ استغلال الأخطاء الفردية أو الجماعية من قبل بعض الأفراد من المسلمين أو الجماعات الإسلامية وتضخيمها واتخاذها غرضاً ينفذون من خلاله إلى رمي الإسلام والطعن فيه.
    19_ تمجيد الغرب، وتعظيم دوره، بهدف إزالة الفوارق، وتحطيم حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين.
    20_ الاتكاء على بعض القواعد الشرعية _ المنضبطة بقواعد وضوابط الشريعة _ بقوة، ووضعها في غير محلها كقاعدة: (تغير الفتوى باختلاف المكان والزمان) وغيرها.
    21_ اقتباس وجلب المناهج اللادينية من الغرب، وبثها في الصفوف الدراسية، وحذف النصوص التي تخالف أهوائهم.
    22_ الهجوم على السنة النبوية وحملتها.
    23_ الاحتفاء بالفتاوى الشاذة، ونشرها، وترويجها كالفتاوى التي تبيح الربا، والسفور أو غير ذلك.
    هذه وسائل تحقيق العلمانية إجمالاً، مع أنه لا يلزم من قال بشيء من ذلك، أو دعا إليه أن يُصنَّف، أو يوصم بالعلمانية؛ فقد يكون مجتهداً، أو جاهلاً، أو متأولاً.


    يتبــــع


    رابع عشر: فشل الأحزاب العلمانية العربية

    تكونت العديد من الأحزاب والتجمعات العلمانية أو المتأثرة بها في الوطن العربي خلال القرن العشرين، وانتهت إلى الفشل الذريع في تحقيق الديمقراطية وحرية الرأي والتقدم التكنولوجي والغنى وحقوق الإنسان وهذا لا يمنع تحقيقها لبعض الإنجازات وتحقيق بعض الإنجازات لا يعني أنها ناجحة فلا يوجد شيء شر كله إلا نار جهنم واستخدمت كلمة متأثرين بالعلمانية لأن أغلب هذه الأحزاب لم تعلن تبنيها للعلمانية ولكنها عاشت بطريقة علمانية بعيدة عن الإسلام وأهدافه وعلمائه. وتعاملت مع الواقع من خلال منهج يتعامل مع الشعارات الوطنية وأهداف الحرية والمساواة والعدل والتحرير والخطابات الحماسية وترك الأمور للقيادة السياسية للحزب أو حتى للفرد الأول في الحزب سواء كان حاكما أو معارضا وجاءت نهاية هذه الأحزاب في الغالب بأيدي أصحابها نتيجة تبنيهم للعلمانية، أو تأثرهم بها، فهم مختلفون حتى ولو اتفقوا على بعض الأهداف العامة والتي عادة لا يختلف معها أي مخلص كاستقلال الأوطان وإنصاف الفقراء أو غير ذلك وهذا أدى من أول الطريق إلى ظهور الاختلافات الكثيرة الفكرية والسياسية بين العلمانيين في التعامل مع الواقع والأحداث مما أوجد الصراع والانشقاقات والتصفيات بين أعضاء الحزب الواحد لأن الأحزاب العلمانية لا تتبنى عقيدة أن القتل حرام، أو السجن بلا ذنب حرام حتى في التعامل مع المنتمين لها، وليس لها مبادئ أخلاقية هي ملتزمة بها بل كل صفحات الأخلاق غير موجودة في أدبيات هذه الأحزاب أو توجهاتها فقد أصبح أصحابها إما قاتلا أو مقتولا أو هاربا أو معزولا وانتهى الأمر فيها إلى تحكم فردي أو عائلي أو عشائري أو عسكري أو تحالف مع أجانب أو منافقين وأصبح هدفها الوحيد البقاء في المناصب وفتنة المناصب والمال فتنة عظيمة واقرءوا إن شئتم اعترافات كثيرة لأفرادها في مقالات ومقابلات وكتب لتقتنعوا بأن الرابطة العلمانية ضعيفة وأن العلمانية هي منبع الضعف والاختلاف والجهل والضياع، ولتقتنعوا أن الشعوب لم تتجاوب مع هذه الأحزاب إلا في حالات محدودة وهو تجاوب مع مصلحة الأوطان أكثر من أي شئ آخر ولتقتنعوا بأن هذه الأحزاب أصبحت فعليا نموذجا مثاليا للاستبداد والضعف والنفاق والغموض وانتهاك حقوق الإنسان وفشلوا أيضا اقتصاديا، وأصبحت دولهم من أكثر الدول فقرا وتخلفا، وانتشرت فيها الرشاوى والسرقات ولم يقتصر فشل الأحزاب العلمانية داخل أوطانها بل أيضا اختلفت وتصارعت مع جيرانها أحيانا كثيرة، وساهمت في تطوير الإنتاج العالمي بمصطلحات جديدة للشتم والسخرية والانهزامية، وهذا وغيره جعل المواطن العربي العادي يترحم على أيام الاستعمار، وعلى أنظمة قديمـــة اتهمت بالرجعية والعمالة قــال الدكتور فؤاد زكريا عما حــدث في الثمانينات من القرن العشرين (فإن التقدميين، والديمقراطيين، والعلمانيين، لم يكن لهم دور في هذا التحريك المفاجئ للأحداث بل كان يبدأ في الوقت الذي حدثت فيه المفاجأة أنهم وصلوا إلى طريق مسدود لا مخرج منه)
    وما أكثر ما ينتقد العلمانيون العرب دولنا العربية والإسلامية وتاريخنا وشريعتنا، ونقول لهم بأن البديل الذي تسعون إليه تم تطبيقه في الغرب والشرق وأثبت فشله واضحا في حروب عالمية، وشهوات ومخدرات وشقاء شخصي وتعاسة أسرية، وما تدعون إليه تم تطبيقه في العديد من الدول العربية خلال القرن العشرين وفشل فشلا ذريعا، وليس هدفنا إحراج أحد بذكر أمثلة تفصيلية فالمتأمل في واقع بعض الدول العربية يقتنع بذلك، وهذه تجارب واقعية، وكان كثير من قياداتها مخلصون وصادقون ولكن حققوا الفشل الكبير !!.
    لماذا أيها العلمانيون الجدد تريدون تكرار نفس الخطأ؟ لماذا لا تسألون العلمانيين القدماء أو من تأثر بالعلمانية لماذا فشلتم؟ لماذا لم تطبقوا الديمقراطية؟ لماذا لــم تفتحوا الأبواب للحرية؟ لماذا لم تحققوا التقدم الاقتصادي؟ ولماذا لم تسألوهم لماذا تصارعتم واختلفتم ولجأتم للقتل والتعذيب والسجن فيما بينكم وفي تعاملكم مع الشعوب؟ ومشكلة العلمانيين الجدد أنهم لا يعتبرون أي نظام عربي قديم أو حديث يمثلهم سواء كان رأسماليا، أو اشتراكيا، أو شيوعيا، أو عرقيا، أو غير ذلك، هم فعلا يتكلمون عن سراب وأحلام وأوهام وظنون وتوقعات لأن ما يريدون لم ينجح أحد في تطبيقه ومع هذا يصرون عليه. وهــم يفعلون ذلك لأن الله أعمى بصائرهم، وهـم يفعلون ذلك لأن مـــن طبيعتهم الاختلاف حتى مع أنفسهم وأساتذتهم، فكلما جاءت أمة لعنت أختها. أتمنى أن يستمعوا لما نقول لهم ولا يضعوا أصابعهم في آذانهم!!... قولوا لنا: لماذا انتهيتم إلى جزر معزولة وأفراد يائسين ومتذمرين وقلقين ؟ وقولوا لنا كم من فتنة سياسية وفكرية كنتم أنتم وراءها ؟ وكم من الاختلاف والتنافر والغضب زرعتموه في الشعوب ؟ ويا ليتكم تؤمنون بالديمقراطية وتحتكموا للشعوب، وإذا فعلتم ذلك فلن تجدوا تأييد لكم فاقتنعوا بحكم الشعوب و وفروا جهودكم. ونحن أمة ذات عقيدة إسلامية، وذات فكر صحيح و واقعي ومعتدل، أخرج الله سبحانه وتعالى البشر به من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، وهو الفكر الذي جاء به الأنبياء جميعا وسار عليه الصالحون في كل زمان ومكان، ودخلت علينا في القرن العشرين عقائد علمانية تريد أن تغير عقائدنا، ومبادئنا، فتتهمنا بالتخلف والرجعية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتأثر بعض شبابنا بالأفكار العلمانية خاصة منهم من درس في أمريكا وأوربا فعادوا ليشعلوا الفتنة في الأمة، وكان شيئا طبيعيا أن يغضب كــــل مسلم واع مــن هؤلاء، ويدخل في صراع معهم لأن مكانة الإسلام عندنا مقدسة، ولأننا أمة نكره الكفر والشرك، ونريد أن نحاربه أينما وجد فكيف نرضى به في أرضنا؟! وسيكون الفكر الإسلامي هو المنتصر إن شاء الله سواء كان الحسم سلميا أو عنيفا ليس فقط لأن المسلمين أصبحوا يزدادون كل يوم في وعيهم وثقافتهم وخبرتـهم السياسية والإدارية بــل أيضا لأن العلمانيين بحكم طبيعة الفكر العلماني متفرقون ومتناقضون وانعزاليون ويتصارعون فيما بينهم، واتفاقاتهم سطحية وكثير منهم تركوا " النضال " وقضايا الإصلاح واكتفوا بالتنظير والكلام والجدل وتوزيع الاتهامات، فليست لديهم قواعد شعبية، ولا بناء فكري واضح، ولم يعودوا يمثلون للشعوب القدوة في الشجاعة والتضحية والوعي والعلم !!.


    يتبــــع





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فترة الأقامة : 622 يوم معدل التقييم : نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي زيارات الملف الشخصي : 103
    إحصائية مشاركات » نانسى الامل المواضيـعالــــــردود [+][+] بمـــعــدل : 1.32 يوميا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 11-28-2010


    خامس عشر: العلمانيون هم أهل الفتنة واليأس
    قد يدري العلمانيون أو من تأثر بالعلمانية والأغلب أنهم لا يدرون أنهم أحد أكبر أعداء شعوبنا وأمتنا لأنهم أشعلوا كثيرا من الفتن العقائدية والسياسية والاجتماعية مما أدى إلى تفرق أمتنا وشعوبنا إلى أفراد وجماعات وحكومات وتجمعات متناقضة ومتنافرة والتفرق هو العمود الفقري للضعف والهزيمة والتخلف. قال تعالى: {وأطيعوا الله ورسولــه ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال:46]
    وإليكم الأدلة:-
    1- مطالبات العلمانيين بحرية التهجم على الدين، وفصل الدين عن الدولة، ورفض تطبيق الشريعة، وحماية الروايات الجنسية (بحجة الإبداع الأدبي)، وتقليد الغرب في بعض عقائده وعاداته واحتفالاته.. إلخ أدت إلى فتن عقائدية واجتماعية والى إشغال الشعوب بقضايا محسومة، ومن المعروف أن الاختلاف العقائدي هو أكثر الأنواع تدميراً للوحدة الشعبية، وأكثرها زرعاً للكراهية والتنافر، وتم استغلال هذه الاختلافات من بعض من فسدت ضمائرهم وأخلاقهم، فزادوا في انحرافاتهم واعتداءاتهم على مصالح الوطن والأمة، وأحب أن أذكر أن العلمانيين العرب الحقيقيين قلة قليلة وضعيفة جداً، ولكنهم نجحوا في الهدم وإثارة الشبهات والتشويش على أبصار وعقول فئات أخرى نتيجة جهل الشعوب، وضعف وعيهم واتصالاتهم، فإذا كنا كمسلمين عرفنا بفضل الله سبحانه وتعالى الحق من الباطل، والهداية من الضلال في القضايا العقائدية والتشريعية، فإن العلمانيين يريدون أن نقف ونفكر ونتساءل أين الحق وأين الباطل؟ وما هي الحرية؟ وما هو العدل؟ وهذا بحد ذاته فتنة ناهيك عن إضاعة الجهد والوقت.
    2- لازال وسيبقى العلمانيون ضعيفين فكرياً وسياسياً، فهم أولاً قليلو العدد، وثانياً متناقضون فكرياً وسياسياً، وفيهم الرأسمالي والاشتراكي والشيوعي وغير ذلك، وأحياناً يسمون القوى المتحالفة غير الدينية، وهذا الضعف انعكس في قدراتهم على تحقيق إنجازات طيبة سواء على مستوى الحكومات، أو الأحزاب، أو حتى النقابات والاتحادات الطلابية. ومن وصل منهم إلى الحكم فشل فـــي تحقيق الإنجازات الطيبـــة مــــع ضخامة الموارد التي كانت تحت سيطرتهم سواء كانت بشرية أو مادية. ولا شك أن الضعف الفكري والسياسي سيحد كثيراً من القدرة على وضع رؤية للإصلاح، ووضع الخطط الاستراتيجية والشاملة للتنمية. ومعرفتهم بضعفهم جعلتهم يبحثون عن أي "قوة" ليستفيدوا منها في إعطاء وزن لهم، ولهذا وجدناهم يتحالفون مع حكومات اشتراكية ويسارية، ثم مع حكومات يمينية، وكانوا ضد أمريكا، واليوم أغلبيتهم معها فكرياً وسياسياً، ولم يمانعوا أن تستند قوتهم على أعراق معينة، أو تكتلات سياسية، أو حتى شعارات فكرية، فالمهم أن يبقوا ويعيشوا حتى ولو تنكروا لبديهيات مبادئهم المحدودة، وهذا التقلب أفقد الناس الثقة بهم، كما أدى إلى فتن وضبابية إلى درجـــة أننا لــم نعد نعرف من يحارب من؟! وماذا يريد هذا أو ذاك؟! ومـــن هو عدو الأمة ومن هو صديقها ؟!
    3- قدرة العلمانيين الكبيرة لأنهم أبناء الفلاسفة في توجيه الاتهامات، وإثارة الشكوك مما جعلهم يتهمون الحكومات والجماعات والأحزاب والأفراد بتهم متنوعة، فهذا متطرف، وهذا عميل، وهذا ضعيف، وهذا حرامي، وهذا كذاب، وهذا أحمق، وهذا إرهابي، وهكذا.. فحتى الأعمال الخيرية لم تسلم من تشويه أهدافها مع أن أعمالها ظاهرة جداً في كفالة الأيتام، ومساعدة الفقراء، وبناء المدارس والمستوصفات والمساجد، ولم يقتصر التشكيك على الواقع ومن فيه بل امتد حتى تاريخنا، وأخذوا يكذبون كل ما فيه من إيجابيات، ويصدقون كل ما كتب عنه من سلبيات، بل يضيفون لها سلبيات جديدة، ولو صدقنا هذه الاتهامات لفقدنا ثقتنا في كثير مما في واقعنا من حكومات وتجمعات وأفراد ومؤسسات، ولتركنا العمل، وتقاعسنا عن المشاركة في البناء، ومن جهل العلمانيين ظنهم أن هذه الاتهامات لن يكون لها نتائج مريرة تفسد الود والوحدة والاحترام والتفاؤل، ومن طبيعة البشر أن يكرهوا من يتهمهم حتى ولو كان صادقاً، فكيف لو كان كاذباً أو جاهلاً يتبع الظنون؟ وكثيرا ما يكون الكلام أشد فتكاً في النفوس والشعوب من الرصاص، ويشعل من الكراهية والعنف الشيء الكثير، ويؤدي إلى التفرق والضعف، ونحن لسنا ضد الحوار العلمي الهادئ الباحث عن الحق والموضوعية والاعتدال ولكننا ضد اتهامات كاذبة وباطلة لعقائدنا وقيمنا وتاريخنا.
    4- قال الدكتور فؤاد زكريا "أما التجارب التاريخية، فلم تكن إلا سلسلة طويلة من الفشل إذ كان الاستبداد هو القاعدة والظلم هو أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعدل والإحسان والشورى وغيرها من مبادئ الشريعة لا تعدو أن تكون كلاماً يقال لتبرير أفعال حاكم يتجاهل كل ماله صلة بهذه المبادئ السامية"
    أي قارئ لهذا الكلام سيصاب باليأس والتشاؤم إذا صدقه، ولكن الحقيقة غير ذلك فقد حققنا سلاسل من النجاح فأنشأنا دولا عظمى، وحققنا الوحدة السياسية لعالمنا العربي عدة مرات، وحققنا كثيرا من العدل والرحمة والشورى..الخ وحققنا انتصارات عسكرية وتطوراً اقتصاديا وعلميا وثقافيا، فالخلافة العثمانية كانت دولة عظمى لعدة قرون، وغير ذلك كثير، فهل حققنا هذا من خلال الاستبداد والظلم!! ولا شك أن الشورى طبقت مرات كثيرة، وكذلك العدل، وأغلب دولنا كانت العلاقة فيها طيبة بين الحكومات والشعوب وكان هناك مبادئ وأعراف تفرض العدل والاحتكام إلى الشريعة، وكلنا يعرف أن التكافل الاجتماعي قوي في المجتمع المسلم، ومن المعروف أن الإنجازات الطيبة التي تم تحقيقها كثيرة في عصرنا الحالي، ولكن العلمانيين يشككون فيها، أو في أصحابها، فهم يحطمون الأمة باليأس، ولاشك أن الهزيمة النفسية هي من أخطر أعداء الأوطان والأمم، فهي أخطر من الهزائم العسكرية والتخلف التكنولوجي والفقر، ويريد منا أعداؤنا أن نيأس وأن يشك بعضنا في بعض وهذا ما يفعله العلمانيون، بل وما يصرون عليه حتى لا تكاد تجدهم يمدحون أحدا في الأمة، وأمة لا تثق في حكوماتها وعلماء الإسلام وقيادتها لا شك أنها أمة ستبقى ضعيفة، فلابد أن نحذر من البيئة الملوثة التي صنعها العلمانيون فقتلت الحماس والبناء، والعلمانيون هم طابور خامس من حيث يدرون أو لا يدرون.!!


    يتبــــع





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 11-28-2010 #6)
    نانسى الامل
    مواطن مميز
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بيانات اضافيه [ + ] رقم العضوية : 9474 تاريخ التسجيل : Aug 2009 أخر زيارة : 03-18-2011 (11:16 PM) المشاركات : 823 [ + ] التقييم : 10 لوني المفضل : Cadetblue
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    سادس عشر: نتائج العلمانية في العالم العربي والإسلامي

    قد كان لتسرب العلمانية إلى المجتمع الإسلامي أسوأ الأثر على المسلمين في دينهم ودنياهم.
    وهاهي بعض الثمار الخبيثة للعلمانية :
    1- رفض الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى، وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة، والاستعاضة عن الوحي الإلهي المُنزَّل على سيد البشر محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بالقوانين الوضعية التي اقتبسوها عن الكفار المحاربين لله ورسوله، واعتبار الدعوة إلى العودة إلى الحكم بما أنزل الله وهجر القوانين الوضعية، اعتبار ذلك تخلفًا ورجعية وردة عن التقدم والحضارة، وسببًا في السخرية من أصحاب هذه الدعوة واحتقارهم، وإبعادهم عن تولي الوظائف التي تستلزم الاحتكاك بالشعب والشباب، حتى لا يؤثروا فيهم.
    2- تحريف التاريخ الإسلامي وتزييفه، وتصوير العصور الذهبية لحركة الفتوح الإسلامية، على أنها عصور همجية تسودها الفوضى، والمطامع الشخصية.
    3- إفساد التعليم وجعله خادمًا لنشر الفكر العلماني وذلك عن طريق :
    أ - بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية بالنسبة للتلاميذ، والطلاب في مختلف مراحل التعليم.
    ب - تقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية إلى أقصى حد ممكن.
    جـ - منع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة صريحة في كشف باطلهم.
    د - تحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني، أو على الأقل أنها لا تعارضه.
    هـ - إبعاد الأساتذة المتمسكين بدينهم عن التدريس، ومنعهم من الاختلاط بالطلاب، وذلك عن طريق تحويلهم إلى وظائف إدارية أو عن طريق إحالتهم إلى المعاش.
    و - جعل مادة الدين مادة هامشية، حيث يكون موضعها في آخر اليوم الدراسي، وهي في الوقت نفسه لا تؤثر في تقديرات الطلاب.
    4- إذابة الفوارق بين حملة الرسالة الصحيحة، وهم المسلمون، وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد، وصهر الجميع في إطار واحد، وجعلهم جميعًا بمنزلة واحدة من حيث الظاهر، وإن كان في الحقيقة يتم تفضيل أهل الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان على أهل التوحيد والطاعة والإيمان.
    فالمسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والمجوسي والبرهمي كل هؤلاء وغيرهم، في ظل هذا الفكر بمنزلة واحدة يتساوون أمام القانون، لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني.
    وفي ظل هذا الفكر يكون زواج النصراني أو اليهودي أو البوذي أو الشيوعي بالمسلمة أمرًا لا غبار عليه، ولا حرج فيه، كذلك لا حرج عندهم أن يكون اليهودي أو النصراني أو غير ذلك من النحل الكافرة حاكمًا على بلاد المسلمين.
    وهم يحاولون ترويج ذلك في بلاد المسلمين تحت ما سموه بـ ( الوحدة الوطنية ).
    بل جعلوا ( الوحدة الوطنية ) هي الأصل والعصام، وكل ما خالفوها من كتاب الله أو سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - طرحوه ورفضوه، وقالوا : (هذا يعرض الوحدة الوطنية للخطر !! ).
    5- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية، وتهديم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، وتشجيع ذلك والحض عليه : وذلك عن طريق :
    أ - القوانين التي تبيح الرذيلة ولا تعاقب عليها، وتعتبر ممارسة الزنا والشذوذ من باب الحرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة ومصونة.
    ب - وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز التي لا تكل ولا تمل من محاربة الفضيلة، ونشر الرذيلة بالتلميح مرة، وبالتصريح مرة أخرى ليلاً ونهارًا.
    جـ - محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات.
    6- محاربة الدعوة الإسلامية عن طريق :
    أ - تضييق الخناق على نشر الكتاب الإسلامي، مع إفساح المجال للكتب الضالة المنحرفة التي تشكك في العقيدة الإسلامية، والشريعة الإسلامية.
    ب - إفساح المجال في وسائل الإعلام المختلفة للعلمانيين المنحرفين لمخاطبة أكبر عدد من الناس لنشر الفكر الضال المنحرف، ولتحريف معاني النصوص الشرعية، مع إغلاق وسائل الإعلام في وجه علماء المسلمين الذين يُبصِّرون الناس بحقيقة الدين.
    7- مطاردة الدعاة إلى الله، ومحاربتهم، وإلصاق التهم الباطلة بهم، ونعتهم بالأوصاف الذميمة، وتصويرهم على أنهم جماعة متخلفة فكريًا، ومتحجرة عقليًا، وأنهم رجعيون، يُحاربون كل مخترعات العلم الحديث النافع، وأنهم متطرفون متعصبون لا يفقهون حقيقة الأمور، بل يتمسكون بالقشور ويَدعون الأصول.
    8- التخلص من المسلمين الذين لا يهادنون العلمانية، وذلك عن طريق النفي أو السجن أو القتل.
    9- إنكار فريضة الجهاد في سبيل الله، ومهاجمتها واعتبارها نوعًا من أنواع الهمجية وقطع الطريق.
    وذلك أن الجهاد في سبيل الله معناه القتال لتكون كلمة الله هي العليا، وحتى لا يكون في الأرض سلطان له القوة والغلبة والحكم إلا سلطان الإسلام، والقوم - أي العلمانيين - قد عزلوا الدين عن التدخل في شؤون الدنيا، وجعلوا الدين - في أحسن أقوالهم - علاقة خاصة بين الإنسان وما يعبد، بحيث لا يكون لهذه العبادة تأثير في أقواله وأفعاله وسلوكه خارج مكان العبادة.
    فكيف يكون عندهم إذن جهاد في سبيل إعلاء كلمة الدين ؟!!
    والقتال المشروع عند العلمانيين وأذنابهم إنما هو القتال للدفاع عن المال أو الأرض، أما الدفاع عن الدين والعمل على نشره والقتال في سبيله، فهذا عندهم عمل من أعمال العدوان والهمجية التي تأباها الإنسانية المتمدنة !!
    10- الدعوة إلى القومية أو الوطنية، وهي دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس أو اللغة أو المكان أو المصالح، على ألا يكون الدين
    عاملاً من عوامل التجميع، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعد عاملاً من أكبر عوامل التفرق والشقاق، حتى قال قائل منهم : ( والتجربة الإنسانية عبر القرون الدامية، دلَّت على أن الدين - وهو سبيل الناس لتأمين ما بعد الحياة - ذهب بأمن الحياة ذاتها ).
    هذه هي بعض الثمار الخبيثة التي أنتجتها العلمانية في بلاد المسلمين، وإلا فثمارها الخبيثة أكثر من ذلك بكثير.
    والمسلم يستطيع أن يلمس أو يدرك كل هذه الثمار أو جُلها في غالب بلاد المسلمين، وهو في الوقت ذاته يستطيع أن يُدرك إلى أي مدى تغلغلت العلمانية في بلدٍ ما اعتمادًا على ما يجده من هذه الثمار الخبيثة فيها.

    يتبــــع





    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    سابع عشر: لماذا نرفض العلمانية؟

    أن الشرع لله ابتداء، وأن شريعة الله هي العليا.. وأن مقتضى ذلك ألا يكون معها شريعة أخرى، وإلا فمعنى ذلك هو الشرك، واتخاذ الآلهة مع الله، والعبادة للأرباب المتفرقين.
    - إن العلمانية تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، وقبول التحليل والتحريم من غير الله كفر وشرك مخرج من الملة، فلا بد لنا من رفض العلمانية لنحقق لأنفسنا صفة الإسلام.
    - إن العلمانية ليست معصية ولكنها كفر بواح، وقبول الكفر والرضا به كفر.. ولذلك فلا بد لنا من رفض العلمانية وعدم الرضا بها لنبقى في دين الله، ونحقق لأنفسنا صفة الإسلام.
    - إن الأنظمة العلمانية التي تقوم على فصل الدين عن الدولة والتحاكم إلى إرادة الأمة بدلاً من الكتاب والسنة ـ هذه الأنظمة ـ تفتقد الشرعية وموقف المسلم منها يتحدد في عبارة واحدة..
    إنه يرفض هذه الأنظمة، ويرفض الاعتراف لها بأيّ شرعية.
    - إن العلمانية هي أقصى درجات التخلف العقيدي، والذي تنشأ منه كل ألوان التخلف الأخرى.. وهذا التخلف يولّد احتياجاً، والاحتياج يولد تبعية.. ولذلك فنحن نرفض العلمانية لأنها سبب التخلف والتبعية.
    - إن العلمانية يحكم في ظلها الأراذل والعملاء، وينتج عنها ظواهر اغتراب، وفقدان انتماء، فيؤدي ذلك إلى استنزاف الطاقات، وضياع الجهود، وفساد عريض.. ولذلك فلا بد أن نرفض العلمانية ليسقط حكم الأراذل والعملاء، ويتولى أولوا الألباب قيادة الأمة، فيكون ميلاداً جديداً للأمة الإسلامية، التي تستطيع أن تثب الوثبة القوية، وتنطلق الانطلاقة الواسعة، وتحطم الأغلال التي وضعها الأعداء على المارد الإسلامي.
    يتبــــع



    ثامن عشر: نظرة في كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ علي عبدالرازق

    برغم ما في هجمة أتاتورك وجنايته على الإسلام من الضراوة والقسوة والشراسة - فإن جناية علي عبدالرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) أشد وأخطر؛ ذلك أن صنيع أتاتورك ردة صريحة، وخروج على الإسلام بقوة السلطان؛ فلا يكون لها أثر إلا بقدر بقاء القوة.
    أما صنيع علي عبدالرازق فقد كان محاولة للتغيير في أصول الإسلام، ومسلماته.
    وهذا - بلا ريب - يفعل فعله، ويمتد أثره؛ ليصبح هو التفسير الصحيح لعلاقة الإسلام بالسياسة والحكم.
    وحينئذ توصد الأبواب - لو قُدِّر لهذه المحاولة أن تنجح - في وجه الإسلام، ويُحال بينه وبين القيادة والتوجيه لحياة الأمة المسلمة.
    لقد كان كتاب علي عبدالرازق أول كتاب يقدمه رجل ينتمي إلى الإسلام، بل إلى العلم والقضاء معلناً عن نفسه بلا مواربة، مقدماً فيه الفكر العلماني في جرأة لا تعرف الحياء ولا الخجل.
    ولم تكن كتابته مجرد فقرة قصيرة أو طويلة، بل ولم تكن مجرد مقال طويل يُنشر في إحدى الصحف.
    وإنما كان كتاباً كاملاً يعرض منهجاً كلياً في معرفة الإسلام، وعلاقته بالحكم.
    ومما يحسن التنبيه عليه أن الحكومة الكمالية حين ألغت الخلافة العثمانية سنة 1924م - أصدر المجلس الوطني التركي رسالة شرح فيها وجهة نظره في إلغاء الخلافة.
    إلا أن الرأي العام في العالم الإسلامي لم يقابل هذا العمل بالارتياح، بل أخذ بعض مفكري وعلماء الإسلام يتطارحون الرأي في إقامة الخلافة الإسلامية.
    أما الرسالة التي أصدرها المجلس التركي فقد كانت بعنوان (الإسلام وسلطة الأمة) أو (الخلافة وسلطة الأمة).
    وقد تُرجمت إلى العربية، وطُبعت بمطبعة المقتطف بمصر سنة 1924م.
    وبعد صدور هذا الكتاب سنة 1925م أصدر علي عبدالرازق كتابه المذكور، وكان حينئذ قاضياً بمحكمة المنصورة الشرعية الابتدائية.
    ويُلاحظ أن بين اسمي الكتاب ومضمونهما تشابهاً، إلا أن الكتاب الأول لم يبلغ ما بلغه كتاب علي عبدالرازق من القدح في علاقة الإسلام بالسياسة.
    ومما يوضح الشبه بين الكتابين أنه قد جاء في كتاب (الإسلام وسلطة الأمة) ص5 ما نصه: إن هذه المسألة - الخلافة - دنيوية وسياسية أكثر من كونها مسألة دينية، وإنها من مصلحة الأمة نفسها مباشرة، ولم يرد بيان صريح في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية في كيفية نصب الخليفة وتعيينه، وشروط الخلافة ما هي.....
    وقال علي عبدالرازق في ص16 ما نصه: "إنه لعجب عجيب أن تأخذ بيدك كتاب الله الكريم، وتراجع النظر فيما بين فاتحته وسورة الناس، فترى فيه تصريف كل مثل، وتفصيل كل شيء من أمر هذا الدين {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ثم لا تجد فيه ذكراً لتلك الإمامة العامة، أو الخلافة.
    إن في ذلك لمجالاً للمقال! ليس القرآن وحده الذي أهمل تلك الخلافة، ولم يتصد لها، بل السنة كالقرآن - أيضاً - وقد تركتها ولم تتعرض لها..
    وفي رسالة المجلس الوطني التركي ص4 ما نصه: إن الفرقة المسماة بالخارجية تنكر وجوب الخلافة، وتقول إن أمر نصب الخليفة وتعيينه، ليس واجباً على الأمة الإسلامية، بل هو جائز، ووجوده وعدم وجوده سيان..
    ويقول علي عبدالرازق في ص33 ما نصه: فكيف وقد قالت الخوارج: لا يجب نصب الإمام أصلاً، وكذلك قال الأصم من المعتزلة، وقال غيرهم - أيضاً - كما سبقت الإشارة إليه.
    وحسبنا في هذا المقام نقضاً لدعوى الإجماع أن يثبت عندنا خلاف الأصم والخوارج وغيرهم، وإن قال ابن خلدون: إنهم شواذ.
    وهكذا ردد علي عبدالرزاق في كتابه ما جاء في رسالة المجلس الوطني التركي، وزاد عليها شيئاً من فساد الفهم، وسوء الأدب في حق النبي " وحق كبار الصحابة.
    وقد قابلت الدوائر الاستعمارية والمراكز التبشيرية المسيحية كتاب علي عبدالرازق بالترحيب والتصفيق، وذلك لخشيتها من كل فكرة ترمي إلى تكتل العالم الإسلامي، وارتياحها إلى نشر مثل هذه الآراء الخبيثة التي ضمنها علي عبدالرازق كتابه، تلك الآراء التي تخدم أهداف الاستعمار وتحقق آماله في السيطرة على الشعوب الإسلامية، وإذلالها إلى الأبد.
    وقد كشف المؤلف عن نفسه الخبيثة في حديثه مع مراسل صحيفة (البورص إجبسيان) حينما سأله هذا المراسل:
    - هل يمكن أن نعتبرك زعيماً للمدرسة؟
    فأجاب: "لست أعرف ماذا تعني بالمدرسة؟ فإن كنت تريد بهذا أن لي أنصاراً؛ يسرني أن أصرح لك أن الكثيرين يرون رأيي، لا في مصر وحدها، بل في العالم الإسلامي بأسره".
    وقد وصلتني رسائل التأييد من جميع أقطار العالم التي نفذ إليها الإسلام.
    ولا ريب أني رغم الحكم، لا أزال مستمراً في آرائي وفي نشرها، لأن الحكم لا يعدل طريقة تفكيري.
    وسأسعى إلى ذلك بكل الوسائل الممكنة كتأليف كتب جديدة، ومقالات في الصحف، ومحاضرات، وأحاديث.
    والآراء التي أراد علي عبدالرازق أن ينشرها بين المسلمين، ويُؤلف فيها الكتب تتلخص في الطعن في حكومة النبي "، واتهام كبار الصحابة بأشنع التهم.
    ولم يكن من بين هذه الآراء الحض على مكافحة الاستعمار، والجهاد في سبيل الاستقلال والحرية، ولا عجب في ذلك؛ فبيت عبدالرازق كان في ذلك الوقت من البيوت العريقة في خدمة الاستعمار؛ فقد أنشأ حسن عبدالرازق حزب الأمة سنة 1908 لمحاربة الحركة الوطنية، وبعد سنة 1919م انضم آل عبدالرازق إلى حزب الأحرار الدستوريين الذي كان يعمل مع الإنجليز..وسواء كان الكتاب المنسوب لعلي عبدالرازق من تأليفه هو - كما هو مدون على غلاف الكتاب - أو كان من تأليف بعض المستشرقين كما يذهب إلى ذلك آخرون فإن الذي يعنينا هنا أن يُقال: إن العلمانية أعلنت الحرب بغير مواربة على النظام السياسي الإسلامي، وبدأت جولتها معه، التي ربما خُيِّل لأتباعها أنها الجولة الأولى والأخيرة، ولكن {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [ الأحزاب: 25]
    لقد كان صدور ذلك الكتاب المنبوذ - والذي يعني عند مؤلفه ومن يشايعه إسقاط الخلافة والقضاء عليها من الناحية الشرعية - عام 1925م، أي بعد عام واحد من إسقاط الخلافة والقضاء عليها واقعياً من قِبَلِ أتاتورك وأتباعه.
    وبصدور ذلك الكتاب بدأت وقائع الجولة الأولى - الظافرة بإذن الله - من أهل الحق في الرد على أهل الباطل وضلالاتهم، وحمي الوطيس، وانتصب للحق أهله ودعاته، وظهرت الردود تلو الردود؛ لترد على الكائدين كيدهم في نحورهم، ولِتفضحَهم أمام أجيال الأمة المعاصرة واللاحقة، وتبين خيانتهم لله ولرسوله وللمؤمنين، ومتابعتهم لأولياء الشيطان من اليهود والنصارى الحاقدين.فقام بالرد عليه السيد محمد رشيد رضا صاحب (مجلة المنار)، وكذلك الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر سابقاً، وكذلك الأستاذ أمين الرافعي، وقد أفتى بعض كبار العلماء من أمثال الشيخ محمد شاكر، والشيخ يوسف الدجوي، والشيخ محمد بخيت، والسيد محمد رشيد رضا بِرِدَّةِ علي عبدالرازق مؤلف الكتاب المذكور.
    رد الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه
    (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم)
    كما ألف كبار العلماء كتباً في الرد عليه: فألَّف الشيخ محمد الخضر حسين (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) وألَّف الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية في وقته (حقيقة الإسلام وأصول الحكم) كما ألَّف الشيخ محمد الطاهر بن عاشور كتاب
    (نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم).
    ومن قبل ذلك فقد عقدت له محاكمة في الأزهر من قبل هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي شيخ الجامع الأزهر وعضوية أربعة وعشرين عالماً من كبار العلماء، وبحضور علي عبدالرازق نفسه، وقد تمت مواجهته بما هو منسوب إليه في كتابه، واستمعت المحكمة لدفاعه عن نفسه، ثم خلصت الهيئة إلى القرار التالي: "حكمنا؛ نحن شيخ الجامع الأزهر بإجماع أربعة وعشرين عالماً معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ علي عبدالرازق أحد علماء الجامع الأزهر والقاضي الشرعي بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية ومؤلف كتاب (الإسلام وأصول الحكم) من زمرة العلماء.كما حكم مجلس تأديب القضاة الشرعيين بوزارة الحقانية – العدل- بالإجماع بفصله من القضاء الشرعي.
    وإليك فيما يلي شيئاً من التفصيل عن تلك المحاكمة التي جرت؛ فقد انعقدت هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ محمد أبي الفضل الجيزاوي، شيخ الجامع الأزهر في ذلك الوقت، صباح الأربعاء 22 المحرم سنة 1344هـ -أغسطس سنة 1925م- وكان عدد أعضائها أربعة وعشرين عالماً، ولما مَثُلَ علي عبدالرازق أمام الهيئة حياها بقوله (السلام عليكم) فلم يرد عليه أحد، وبعد مناقشة طويلة أصدرت الهيئة حكمها بإدانة المتهم، وإخراجه من زمرة العلماء.
    ويترتب على الحكم المذكور: محو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى، وطرده من كل وظيفة، وقطع مرتباته في أي جهة كانت، وعدم أهليته للقيام بأية وظيفة عمومية، دينية كانت أو غير دينية.
    أما حيثيات الحكم، فيمكن إيجازها فيما يلي:
    1- أن الشيخ علياً جعل الشريعة الإسلامية, شريعة روحية محضة, لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أمور الدنيا.
    وقد ردت الهيئة على هذا الزعم الباطل بأن الدين الإسلامي هو إجماع المسلمين على ما جاء به النبي ",من عقائد, وعبادات, ومعاملات لإصلاح أمور الدنيا والآخرة, وأن كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله ", كلاهما مشتمل على أحكام كثيرة في أمور الدنيا, وأحكام كثيرة في أمور الآخرة.
    وقالت الهيئة: وواضح من كلامه - المؤلف - أن الشريعة الإسلامية عنده شريعة روحية محضة, جاءت لتنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فقط, وأن ما بين الناس من المعاملات الدنيوية وتدبير الشؤون العامة فلا شأن للشريعة به, وليس من مقاصدها.
    وهل في استطاعة الشيخ أن يشطر الدين الإسلامي شطرين, ويلغي منه شطر الأحكام المتعلقة بأمور الدنيا, ويضرب بآيات الكتاب العزيز, وسنة رسول الله" عرض الحائط؟!
    2- ومن حيث إنه زعم أن الدين لا يمنع من أن جهاد النبي " كان في سبيل الملك, لا في سبيل الدين, ولا لإبلاغ الدعوة إلى العالمين.
    فقد قال: "... وظاهر أول وهلة أن الجهاد لا يكون لمجرد الدعوة إلى الدين, ولا يحمل الناس على الإيمان بالله ورسوله".
    ثم قال:"... وإذا كان " قد لجأ إلى القوة والرهبة, فذلك لا يكون في سبيل الدعوة إلى الدين وإبلاغ رسالته إلى العالمين, وما يكون لنا أن نفهم إلا أنه كان في سبيل الملك".
    على أنه لا يقف عند هذا الحد, بل كما جوز أن يكون الجهاد في سبيل الملك, ومن الشؤون الملكية - جوز أن تكون الزكاة والجزية والغنائم, ونحو ذلك في سبيل الملك - أيضاً -.
    وجعل كل ذلك على هذا خارجاً عن حدود رسالة النبي " فلم ينزل به وحي, ولم يأمر به الله – تعالى -.
    والشيخ علي لا يمنع أن يصادم صريح آيات الكتاب العزيز, فضلاً عن صريح الأحاديث المعروفة, ولا يمنع أنه ينكر معلوماً من الدين بالضرورة.
    وذكرت الهيئة الآيات الواردة في الجهاد في سبيل الله, والآيات الخاصة بالزكاة, وتنظيم الصدقات, وتقسيم الغنائم, وهي كثيرة.
    3- ومن حيث إنه زعم أن نظام الحكم في عهد النبي " كان موضع غموض, أو إبهام, أو اضطراب, أو نقص, وموجباً للحيرة.
    وقد رضي لنفسه بعد ذلك مذهباً, هو قوله: "إنما كانت ولاية محمد " على المؤمنين ولاية رسالة غير مشوبة بشيء من الحكم".
    وهذه هي الطريقة الخطيرة التي خرج إليها, وهي أنه جرد النبي " من الحكم.
    وما زعمه الشيخ علي مصادم لصريح القرآن الكريم, فقد قال الله – تعالى- : {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} [ النساء:105 ] ثم أوردت الهيئة آيات كثيرة تتضمن معنى الآية السابقة, وتنحو نحوها.
    4- ومن حيث إنه زعم أن مهمة النبي ", كانت بلاغاً للشريعة مجرداً عن الحكم والتنفيذ.
    ولو صح هذا لكان رفضاً لجميع آيات الأحكام الكثيرة الواردة في القرآن الكريم، ومخالفاً - أيضاً - صريح السنة.
    ثم أوردت الهيئة كثيراً من الأحاديث التي تهدم مزاعم المؤلف, وختمت ذلك بقولها: "فهل يجوز أن يقال بعد ذلك في محمد ", إن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاغ المجرد من كل معاني السلطان، وإنه لم يكلف أن يأخذ الناس بما جاءهم به, ولا أن يحملهم عليه؟!".
    5- ومن حيث إنه أنكر إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام, وعلى أنه لا بد للأمة ممن يقوم بأمرها في الدين والدنيا.
    وقال إنه يقف في ذلك في صف جماعة غير قليلة من أهل القبلة, يعني بعض الخوارج والأصم؛ وهو دفاع لا يبرئه من أنه خرج على الإجماع المتواتر عند المسلمين، وحسبه في بدعته أنه في صف الخوارج, لا في صف جماهير المسلمين.
    6- ومن حيث إنه أنكر أن القضاء وظيفة شرعية, وقال إن الذين ذهبوا إلى أن القضاء وظيفة شرعية جعلوه متفرعاً عن الخلافة, فمن أنكر الخلافة أنكر القضاء.
    وكلامه غير صحيح, فالقضاء ثابت بالدين على كل تقدير, تمسكاً بالأدلة الشرعية التي لا يستطاع نقضها.
    7- ومن حيث إنه زعم أن حكومة أبي بكر, والخلفاء الراشدين من بعده, رضي الله عنهم, كانت لا دينية, ودفاع الشيخ علي بأن الذي يقصده من أن زعامة أبي بكر لا دينية أنها لا تستند على وحي, ولا إلى رسالة - مضحك موقع في الأسف, فإن أحداً لا يتوهم أن أبا بكر ÷ كان نبياً يوحى إليه حتى يُعني الشيخ علي بدفع هذا التوهم.
    لقد بايع أبا بكر, جماهير الصحابة من أنصار ومهاجرين, على أنه القائم بأمر الدين في هذه الأمة بعد نبيها محمد ".
    وإن ما وصم به الشيخ علي أبا بكر من أن حكومته لا دينية, لم يُقْدِمْ على مثله أحد من المسلمين؛ فالله حسبه, ولكن الذي يطعن في مقام النبوة, يسهل عليه كثيراً أن يطعن في مقام أبي بكر وإخوانه الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم أجمعين-
    هذه خلاصة الحيثيات التي بنت عليها هيئة كبار العلماء حكمها السالف الذكر.
    ومنذ ذلك الحين لم تنقطع الكتابات في الرد على كتاب علي عبدالرازق سواء كان ذلك على هيئة كتاب، أو مقال.
    وقد حاول بعضهم مساندة علي عبدالرازق، وإعادة وجاهته وقدره عند الناس؛ فبعد اثنين وعشرين عاماً غيرت هيئة كبار العلماء رأيها في الشيخ علي عبدالرزاق؛ فبعد أن كان سنة 1925 كافراً خارجاً على الإسلام, منكراً لكثير مما ورد في القرآن والسنة, إذا هو في سنة 1947 مؤمن يستحق العطف، ويستوجب العفو انظر إلى ما نشرته صحيفة الأهرام في 26/2/1947 تحت عنوان (العلماء يلوذون بالعرش في مسألة علي عبد الرزاق بك) وهو ما يلي:
    "عندما أصابت الأزهر تلك الصدمة التي نزلت فجأة في شيخه الأكبر المغفور له الشيخ مصطفى عبدالرازق اتجهت نية كبار العلماء إلى تكريم ذكراه في شخص شقيقه الأستاذ علي عبد الرزاق بك, وذلك بأن يلوذوا بالسدة الملكية ملتمسين عفواً ملكياً عن أثر القرار الذي اتخذته هيئة كبار العلماء من قبل؛ فما اختمرت هذه الفكرة حتى أخذت سبيلها إلى التنفيذ, وأُعِدَّت صيغة الالتماس الذي يرفع في هذا الشأن, وحمله إلى القصر العامر جماعة كبار العلماء وأعضاء المجلس الأعلى للأزهر".
    ومما هو جدير بالذكر؛ أنه روعي في رفع هذا الالتماس أن تتقدم به الهيئتان العلمية والتنفيذية في الأزهر: تمثل الأولى جماعة كبار العلماء, وتمثل الثانية المجلس الأعلى للأزهر, وأن يكون الملاذ في ذلك؛ هو جلالة صاحب العرش, بعد أن تبين أن جماعة كبار العلماء لا تملك بوضعها الحالي أن تتخذ قراراً جديداً بإلغاء قرارها الأول في مسألة الأستاذ علي عبد الرازق بك؛ إذ إن مثل هذا القرار يجب أن يصدر بأغلبية ثلثي أعضائها, على أن يكون من بينهم شيخ الأزهر، وذلك يقضي قراراً من عشرين عضواً, على حين أن الأحياء من أعضاء الجماعة لا يبلغون هذا العدد.
    هذا ما نشرته الصحف 26/2/1947, ومنه نرى أن علماء الأزهر, بما فيهم هيئة كبار العلماء كانوا مدفوعين من تلقاء أنفسهم إلى طلب العفو عن علي عبدالرازق, وأن هيئة كبار العلماء لم يتوافر فيها العدد القانوني الذي يمكنها من إلغاء قرارها الصادر في12 أغسطس سنة 1925؛ فلذلك لجأت إلى الملك.
    والحق أن هذا كله محض كذب وافتراء؛ فقد أراد الملك فاروق أن يعين علي عبد الرازق وزيراً للأوقاف؛ فأمر شيوخ الأزهر بأن يقوموا بهذه الحركة؛ فأطاعوا وتبرعوا بالكذب.
    وفي يوم 3 مارس سنة 1947 نشرت الصحف مرسوماً بتعيين علي عبدالرازق وزيراً للأوقاف.
    والعجب أن يكون تكريم ذكرى مصطفى على حساب الدين؛ هذا إذا نظرنا بعين الاعتبار إلى القرار الصادر سنة 1925، وإلى الضجة الهائلة التي أحدثها علماء الأزهر حول الكتاب ومؤلفه.
    وعلى كل حال فإن الكتاب لقي وما زال يلقى الهوان، والرد عند كل مسلم أومضت في قلبه بارقة إيمان، وإخلاص.
    بل إن بعض من تحمسوا للكتاب أول أمره، عادوا إلى مناوأته، وتخطئته.بل إن علي عبد الرازق نفسه عندما عرض عليه قبل وفاته عام 1966م إعادة طبع الكتاب مرة أخرى رفض ذلك، كما أنه لم يحاول من قبلُ الردَّ على منتقديه وخصومه

    يتبــــع



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فترة الأقامة : 622 يوم معدل التقييم : نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي زيارات الملف الشخصي : 103
    إحصائية مشاركات » نانسى الامل المواضيـعالــــــردود [+][+] بمـــعــدل : 1.32 يوميا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 11-28-2010




    تاسع عشر: ماذا بقي للدين؟

    هذا هو السؤال الذي يراودنا الآن بعد تلك الرحلة الطويلة!
    لقد رأينا كيف استؤصلت جذور الدين من كل مجال من مجالات الحياة: في السياسة والاقتصاد، وفي الاجتماع والأخلاق، وفي العلم والفن، فماذا بقي للدين بعد ذلك؟ هل بقي له شيء يذكر سواء على الصعيد النظري أو في واقع الحياة؟
    أما على المستوى العلمي والفكري فإن أوروبا - شرقها وغربها- قد استبعدت بصفة مطلقة أن تكلف نفسها البحث في أية قضية من القضايا منطلقة من الدين أو متأثرة به، وأن تستفتي الدين في أي شأن من الشئون.
    فالعداوة التقليدية المريرة بين الكنيسة والعلم قضت على كل احتمال من ذلك، والمبدأ الأساسي الذي قامت عليه الحياة الأوروبية المعاصرة هو عبادة الهوى وتحكيمه من دون الله، فالإنسان المعاصر الذي شب عن الطوق واستغنى عن الإله لم يعد بحاجة إلى الرجوع إليه..
    ليكتب أي باحث ما شاء: نظرية، نقداً، خرافة، لغواً ساقطاً، مجوناً، وفحشاً... إلخ أي شيء، وليبد رأيه بكل حرية ما دام لا ينبع من المنطقة المحرمة: منطقة الدين، منطقة الحلال والحرام.
    ومن هنا جاءت كلمة: جورج سانتياتا وهو يلخص المزاج الثقافي للعصر: "إن حياتنا بكاملها وعقلنا قد تشبعا بالتسرب البطيء الصاعد لروح جديدة هي روح ديمقراطية دولية متحررة وغير مؤمنة بالله".
    وهكذا نجد الباحثين العلميين -حتى من كان منهم يذهب إلى الكنيسة يوم الأحد- يكتبون في كل التخصصات من منطلق العداوة العمياء للدين:
    فالذي يتحدث في علم النفس يقول: إن الدين كبت ينبغي أن يحطم لكي لا يؤذي الكيان النفسي للفرد!
    والذي يتحدث في الاقتصاد يقول: إن الاقتصاد الصناعي يحتاج إلى مجتمع متحرر من القيود الموروثة من المجتمع الزراعي ومن بينها كذلك احتجاز المرأة لمهمة الأمومة

    (إذ ينبغي - في المجتمع الصناعي- أن تخرج المرأة لتعمل!
    والذي يتحدث في الاجتماع ينظر بعين السخرية إلى تلك السذاجة التي كانت تخيل للناس أن الدين فطري وأنه شيء منزل من السماء، ألا يعلم الناس أن البشر هم الذين ابتدعوا الدين أيام جهالتهم وسذاجتهم؟! انظروا إلى المجتمعات المتأخرة التي ما تزال تعيش في الأحراش في أفريقيا وأستراليا... وستجدون بذرة الدين هناك في الجهل والسذاجة والخرافة والأسطورة... ثم انظروا إلى التقدم الحضاري في القرن العشرين! أما تستحون من أن يكون في ضمائركم ووجداناتكم بقية مما ورثتموه عن سكان الغابات والأحراش؟!
    والذي يتحدث عن العلوم... العلوم البحتة، لا ينسى الدين كذلك! إنه يذكر الناس بيوم كان الناس متدينين، فكانوا لجهالتهم الشديدة ينسبون ما يحدث في الكون كله إلى الله! يا لجهالتهم! لم يكونوا يعرفون القوانين الطبيعية التي تحكم الكون... أما نحن العلماء في القرن العشرين.
    والذي يتحدث في الفن... يزري بتلك الأيام التي كان التحدث عن الجنس فيها يعتبر عيباً تأباه الأخلاق! تباً لكم أيها المتأخرون! كم كنتم تحجبون من ألوان الجمال الممتع البهيج الأخاذ! انظروا إلينا نحن المتحررين! اليوم نحن نجعل الجنس فناً قائماً بذاته.. لحظة الجنس كون كامل... تعالوا نتتبعه من جميع أقطاره... تعالوا نصفه داخل النفوس وفي واقع الحياة... تعالوا نكشف متعه ومباهجه... تعالوا نُعري الناس ذكوراً وإناثاً، ونطلقهم ينشطون نشاط الجنس... ونمسك الكاميرا للتسجيل.
    والذي يتحدث في السياسة يرثى لحال الإنسان أيام القرون الأولى حين كان يحتكم ويخضع لقوانين غيبية لا يد له في وضعها، وكان محروماً باسم الطاعة الإلهية من كل حقوقه وحرياته!! إلى آخر من يكتبون ويبحثون.
    هذا على صعيد الفكر والبحث، فماذا على صعيد الحياة العملية؟
    إن الشرق الشيوعي يعترف صراحة بأنه قد قضى أو في سبيل القضاء على كل شكل من أشكال العبادة والمظاهر الدينية حتى الشخصي منها، ولذا فلا حاجة للحديث حوله، أما الغرب الرأسمالي الذي يقول: "إن علمانيته من الطراز اللاديني (Non-Religious) وليست من الطراز المضاد للدين (Anti -Religious) فإن الأمر في ظاهره يبدو مختلفاً بعض الشيء"
    إن دعاة اللادينية من المخادعين والمخدوعين هناك يقولون: إنه لا ضرر على الدين من قيام الحياة على اللادين!! فالكنائس ستظل مفتوحة، بل إن عددها ليزداد، وهناك يوم الأحد حيث تقفل الدوائر الرسمية وغير الرسمية أبوابها في حين يكون وعاظ الكنائس ومنشدوها في ذروة نشاطهم، وهناك الحرية الشخصية التي لا تضع على حرية العقيدة أي قيد، وتتيح لأي متحمس للدين أن ينضم إلى سلك الرهبانية أو يشترك في جمعية خيرية أو يسافر ضمن بعثة تبشيرية إلى الخارج، وله الحق أن يوصي عند احتضاره بكل تركته وقفاً على الكنيسة.
    كما أن من حق الكنيسة أن تقيم طقوسها ومراسمها وحفلاتها بلا اعتراض من الدولة، بل إن رجال الحكومة أحياناً يتشرفون بحضورها.
    أما الزواج فلا تزال غالبية الجماهير ترى ولو نظرياً أن إقامة طقسه في الكنيسة أفضل من العقود المدنية أو الزواج بلا عقد.
    وكل هذه الأمور - في نظرهم- تجعل الدين يحتفظ بمكانته ونفوذه -ضمن دائرته الخاصة بطبيعة الحال- وتتيح له أن يوجه أتباعه -في نطاق هذه الدائرة- كما يشاء، ومعنى ذلك أن المخاوف التي يبديها بعض الناس على الدين من جراء تعميم الإجراءات التطبيقية اللادينية على مستويات الحياة عامة لا مبرر لها إطلاقاً!
    ومن نافلة القول أن نقول: إن الدين كما أنزله الله لا يصح بحال أن ينعزل في زاوية من زوايا الحياة أياً كانت، لكننا نقول بالنسبة لأوروبا: إنه حتى هذه الزاوية التي يوهم دعاة اللادينية الناس بأنهم تركوها للدين لم تظل دينية خالصة، بل طغت عليها موجة التحلل من الدين حتى أفقدتها معناها، وتركتها مظاهر صورية جوفاء لا أثر لها في مشاعر الناس ولا في سلوكهم.



    يتبــــع





    مفهوم مصطلح الليبرالية

    الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من

    (Liberalism) في الإنجليزية، و
    (Liberalisme) في الفرنسية، وهي تعني " التحررية "، ويعود اشتقاقها إلى (Liberaty)
    في الإنجليزية أو (Liberate) في الفرنسية، ومعناها الحرية .
    وهي مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد، ويعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين مثل حرية التفكير، والتعبير، والملكية الخاصة، والحرية الشخصية وغيرها.
    ولهذا يسعى هذا المذهب إلى وضع القيود على السلطة، وتقليل دورها، وإبعاد الحكومة عن السوق، وتوسيع الحريات المدنية. ويقوم هذا المذهب على أساس علماني يعظم الإنسان، ويرى أنه مستقل بذاته في إدراك احتياجاته، تقول الموسوعة الأمريكية الأكاديمية:

    إن النظام الليبرالي الجديد الذي ارتسم في فكر عصر التنوير بدأ يضع الإنسان بدلا من الإله في وسط الأشياء، فالناس بعقولهم المفكرة يمكنهم أن يفهموا كل شيء، ويمكنهم أن يطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم عبر فعل نظامي وعقلاني) .وقول جميل صليبا: " ومذهب الحرية
    (Liberalism) أيضا مذهب سياسي فلسفي يقرر أن وحدة الدين ليست ضرورية للتنظيم الاجتماعي الصالح، وأن القانون يجب أن يكفل حرية الرأي والاعتقاد " .
    وقد أطلق مصطلح "الليبرالية" على عدة أمور، من أهمها: حركة فكرية ضمن البروتستانتية المعاصرة، وقد أطلق على هذه الحركة اسم "الليبرالية" لأنها تعتمد على حرية التفكير، وانتهاج الفكر العقلاني في التعامل مع النصوص الدينية. يقول " براتراند رسل " : بدأ يظهر في أعقاب عصر الإصلاح الديني موقف جديد إزاء السياسة والفلسفة في شمال أوروبا، وقد ظهر هذا الموقف بوصفه رد فعل على فترة الحروب الدينية والخضوع لروما مركزا في إنجلترا وهولندا.. ويطلق على هذا الموقف الجديد تجاه مشكلات الميدان الثقافي والاجتماعي اسم الليبرالية، وهي تسمية أقرب إلى الغموض، يستطيع المرء أن يدرك في ثناياها عددا من السمات المميزة، فقد كانت الليبرالية أولا بروتستانتية في المحل الأول، ولكن ليس على الطريقة الكالفينية الضيقة، والواقع أنها أقرب بكثير إلى أن تكون تطورا للفكرة البروتستانتية القائلة: إن على كل فرد أن يسوي أموره مع الله بطريقته الخاصة، هذا فضلا عن أن التعصب والتزمت يضر بالأعمال الاقتصادية" .
    والبروتستانتية في حد ذاتها اختصرت الطريق أمام الليبرالية العقلانية المحضة، وهذه الحركة الفكرية داخلها أطلق عليها اسم الليبرالية مع أنها لازالت حركة دينية لأنها فسرت الدين بطريقة معينة جعلته متوافقا مع الليبرالية العلمانية.يقول منير البعلبكي: " كما يطلق لفظ " الليبرالية " كذلك على حركة في البروتستانتية المعاصرة تؤكد على الحرية العقلية، و على مضمون النصرانية الروحي والأخلاقي، وقد كان من آثار هذه الحركة انتهاج الطريقة التاريخية في تفسير الأناجيل" .
    فقد نشأت الليبرالية كردة فعل غير واعية بذاتها ضد مظالم الكنيسة والإقطاع، ثم تشكلت في كل بلد بصورة خاصة، وكانت وراء الثورات الكبرى في العالم الغربي

    (الثورة الإنجليزية، والأمريكية، والفرنسية)، ولكن نقاط الالتقاء لم تكن واضحة بدرجة كافية، وهذا يتبين من تعدد اتجاهاتها وتياراتها.يقول "دونالد سترومبرج" : "والحق أن كلمة الليبرالية مصطلح عريض وغامض، شأنه في ذلك شأن مصطلح الرومانسية، ولا يزال حتى يومنا هذا على حالة من الغموض والإبهام" .و في الموسوعة الشاملة: "تعتبر الليبرالية مصطلحا غامضا لأن معناها وتأكيداتها تبدلت بصورة ملحوظة بمرور السنين" .وتقول الموسوعة البريطانية: "ونادرا ما توجد حركة ليبرالية لم يصبها الغموض، بل إن بعضها تنهار بسببه" .وإذا ذكر اسم " الليبرالية " فإنه – كما يقول رسل - : تسمية أقرب إلى الغموض، يستطيع المرء أن يدرك في ثناياها عددا من السمات المتميزة" .
    ومن أهم أسباب غموض مصطلح الليبرالية :

    غموض مبدأ الحرية:
    حيث يعتمد مفهوم الليبرالية على الحرية اعتمادا تاما، ولا يمكن إخراج "الحرية" من المفهوم الليبرالي عند أي اتجاه يعتبر نفسه ليبراليا.
    ولكن مفهوم، وكثرة كلام الناس فيه، لا يمكن تحديده وضبطه، لأن أصحاب الأفكار المختلفة في الحرية الليبرالية يعتمد كل واحد منهم على " الحرية " في الوصول لفكرته....... وقد خرجت أفكار مضادة لليبرالية من رحم الحرية التي تعتبر المكون الأساسي لليبرالية مثل الفاشية، والنازية، والشيوعية، فكل واحدة من هذه المذاهب تنادي بالحرية، وتعتبر نفسها الممثل الشرعي لعصر التنوير، وتتهم غيرها بأنه ضد الحرية.
    وقد حصل التنازع بين اتجاهات الليبرالية في تكييف " الحرية"، والبرامج المحققة لها، ومن هذا المنطلق جاء المفهوم السلبي، والمفهوم الإيجابي للحرية.



    يتبــــع




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فترة الأقامة : 622 يوم معدل التقييم : نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي زيارات الملف الشخصي : 103
    إحصائية مشاركات » نانسى الامل المواضيـعالــــــردود [+][+] بمـــعــدل : 1.32 يوميا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 11-28-2010


    ثانيا: الأسس الفكرية لليبرالية

    تقوم الليبرالية على أسس فكرية هي القدر المشترك بين سائر اتجاهاتها وتياراتها المختلفة، ولا يمكن اعتبار أي فرد ليبراليا وهو لا يقر بهذه الأسس ولا يعترف بها، لأنها هي الأجزاء المكونة لهذا المذهب والمميزة له عن غيره.

    وتنقسم هذه الأسس المكونة لليبرالية إلى قسمين:
    ذاتية مميزة لليبرالية عن غيرها من المذاهب الفكرية الغربية التي ظهرت في عصر النهضة والتنوير، وهي أساسان هما: " الحرية " و " الفردية ".
    مشتركة بين الليبرالية وغيرها من المذاهب الفكرية الغربية، وهي أساس واحد هو: "العقلانية"، فكل المذاهب التي ظهرت في أوروبا في العصر الحديث خرجت من الفكر العقلاني الذي يعتقد باستقلال العقل في إدراك المصالح الإنسانية في كل أمر دون الحاجة إلى الدين.

    فالليبرالية حقيقة مركبة تركيبا تاما من " الحرية الفردية العقلانية "، ولكن هذه الأسس المكونة لحقيقتها مجملة، تعددت تصورات الليبراليين في تفصيلاتها الفكرية، فضلا عن آثارها العملية، والطريقة التطبيقية أثناء العمل السياسي أو الاقتصادي......,

    الأساس الأول: الحرية:
    التي تعني أن الفرد حر في أفعاله، ومستقل في تصرفاته دون أي تدخل من الدولة أو غيرها، فوظيفة الدولة حماية هذه الحرية، وتوسيعها، وتعزيز الحقوق، واستقلال السلطات، وأن يعطى الأفراد أكبر قدر من الضمانات في مواجهة التعسف والظلم الاجتماعي........،

    الأساس الثاني: الفردية:

    "الفردية هي السمة الأساسية الأولى لعصر النهضة، فها هو عصر النهضة يأتي كرد فعل لفكر القرون الوسطى، ويتحرر الفرد من الانضباط الكاثوليكي الطويل " .
    وقد ارتبطت الحرية بالفردية ارتباطا وثيقا، فأصبحت الفردية تعني استقلال الفرد وحريته.

    وقد جاءت هذه الفردية بمفهومين مختلفين:
    أحدهما: الفردية بمعنى الأنانية وحب الذات، وهذا المعنى هو الذي غلب على الفكر الغربي منذ عصر النهضة وإلى القرن العشرين، وهذا هو الاتجاه التقليدي في الأدبيات الليبرالية.
    والثاني: الفردية بمعنى استقلال الفرد من خلال العمل المتواصل والاعتماد على النفس، وهذا هو الاتجاه البراجماتي، وهو مفهوم حديث للفردية.

    الأساس الثالث: العقلانية:
    تعني العقلانية استقلال العقل البشري بإدراك المصالح والمنافع دون الحاجة إلى قوى خارجية، وقد تم استقلاله نتيجة تحريره من الاعتماد على السلطة اللاهوتية الطاغية.
    ونلاحظ أن الاعتماد على العقل وتحييد الدين جاء بصورة متدرجة، ولكنه استحكم في عصر التنوير، وزاد ترسيخه كمصدر وحيد للمعرفة في القرن التاسع عشر الذي هو قمة الهرب الليبرالي. وقد أصبح الاعتماد على العقل المجرد وإقصاء الدين والقيم والأخلاق سمة من أبرز سمات الفكر الأوروبي المعاصر.

    ثالثا: عوامل نشأة الليبرالية في الغرب

    أوروبا بين الانحراف الديني والاستبداد السياسي:
    أولا: الانحراف الديني :

    ظهرت دعوة المسيح – عليه السلام - في المستعمرات الشرقية للإمبراطورية الرومانية، وهي إمبراطورية وثنية لا تؤمن إلا بالأمور الحسية، وشديدة الاعتداد بالشهوات الجسدية. وتعتبر الإنساني سيد المخلوقات .
    وقد قابل الرومان أتباع الدين الجديد بالاضطهاد والتعذيب وساندهم في ذلك اليهود الحاقدون على المسيح – عليه السلام – والحواريين، مما اضطرهم إلى الهروب والاختفاء بدينهم.
    في هذه الأجواء القاسية عاشت النصرانية، و في مناخ الاضطهاد والمطاردة والقتل والتعذيب تربى أتباع المسيح – عليه السلام – وقد ظن الرومان أنهم قضوا على هذا الدين بصلب نبيهم وقتله. وقد قام اليهود بدور خطير في القضاء على النصرانية، وهو التحريف والتبديل من الداخل..........وعند التأمل في عقائد النصارى بعد التحريف نجد التشابه الكبير مع عقائد فلسفية كانت موجودة في حوض البحر المتوسط كالعقيدة المترائية، والأفلاطونية الحديثة، والفلسفة الرواقية وغيرها ....,

    ثانيا: الاستبداد السياسي:

    النظام السياسي الذي كان يحكم المجتمع الأوروبي في العصر الوسيط هو " نظام الإقطاع " وهو نظام جاهلي مستبد، وصل إلى ذروة الطغيان والعدوان على حرية الإنسان. وقد تكون هذا النظام بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، ودخول البرابرة إلى روما، وانهيار الإمبراطورية الغربية وتفكك الدول المرتبطة بها وانقسامها


    يتبــــع



    رابعا: التحولات الفكرية في أوروبا نحو الليبرالية

    بدأت التحولات الفكرية في أوروبا في عصر النهضة، وهو العصر الممتد من القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر الميلادي، وقد كانت هذه التحولات متدرجة وكانت البداية الفعلية في إيطاليا من خلال الحركة الأدبية التي قامت بإحياء الآداب الإغريقية دون أي تعرض للأوضاع الدينية والاجتماعية، ثم جاءت حركة الإصلاح الديني التي هزت المجتمع الغربي بقوة، وكان دورها في الاتجاه نحو الليبرالية أقوى من الحركة الأدبية...,

    وأبرز المعالم التي كان لها دور بارز في الاتجاه نحو الليبرالية :
    أولا: الحركة الأدبية ذات النزعة الإنسانية
    (إحياء الآداب الإغريقية).
    ثانيا: حركة الإصلاح الديني.
    ثالثا: الفكر التجريبي المادي.

    خامسا: دور الطبقية الوسطى في ظهور الليبرالية

    يعتبر " النظام الإقطاعي " الذي سيطر على أوروبا في العصور الوسطى من أقسى الأنظمة وأكثرها عنصرية وطبقية. وهو مكون من طبقتين إحداهما: السادة، (النبلاء والملوك)، وهم الطبقة السياسية، ورجال الدين (الاكليروس)، وهم الطبقة الدينية، والثانية: الفلاحون (الرقيق) وهم عامة الشعب....,
    ....ومن عامة الشعب نشأت طبقة ثالثة ليست من النبلاء، ولا الرقيق، يعتمدون على التجارة والكسب من غير أن يكونوا رقيقا في الأرض. ويدخل في هذه الطبقة التجار، والمدرسون، والأطباء، والمهندسون، وأصحاب المهن الحرة. وقد عرفت هذه الطبقة بالطبقة الوسطى (البرجوازية).
    وقد ضاق التجار وأصحاب رؤوس الأموال من القيود والانغلاق الذي يقف حائلا دون تنمية رؤوس أموالهم، وتوسيع طموحاتهم المادية، وقد كانت لهذه الطبقة الجديدة دور بالغ الأهمية في تأسيس مجتمع السوق القائم على المنافسة، كما كان لها أثر بالغ في التحولات الاجتماعية في أوروبا، والوقوف في وجه الإقطاع والكنيسة. وقد كان يعوز هذه الطبقة: " النظرية الفلسفية " التي تساعدهم في الخروج من قبضة الإقطاع والكنيسة، وقد وجدوا بغيتهم في " الليبرالية " التي تقوم على " الحرية الاقتصادية " ورفع العوائق عن آليات السوق، وترك حركته مرسلة دون تدخل أو رقابة.....وبهذا نستطيع أن نقول إن الليبرالية هي فكر ومنهج الطبقة الوسطى، باعتبارها تقوم على أساس الفردية، وخاصة من خلال آراء " جون لوك " في الملكية الخاصة. وقد انتقلت الليبرالية من الفكر المجرد إلى الواقع العملي من خلال: الملكية الدستورية في إنجلترا (1688م)، والثورة الأمريكية (1775م)، والثورة الفرنسية

    (1798م).

    يتبــــع


    سادسا: اتجاهات الليبرالية
    أولا: الليبرالية الكلاسيكية:

    هذا الاتجاه هو النموذج المعتمد لليبرالية فهو الأقدم من حيث النشأة حيث ظهرت في القرن الثامن عشر، وكذلك تعود إليه الأفكار الليبرالية القديمة، ويعتمد هذا الاتجاه على الحرية الفردية، ومنع تدخل الدولة وغيرها سواء في الاقتصاد أو غيره، ويعتقد الكلاسيكيون أن ترك الفرد يحقق مصلحته الذاتية الخاصة كفيل بتحقيق السعادة للمجتمع بشكل طبيعي دون تدخل بشري.

    ثانيا: الراديكالية الفلسفية (مذهب المنفعة القانونية)
    :
    يعتبر هذا الاتجاه في جوهره برنامج من إصلاحات قانونية واقتصادية وسياسية، تعتمد على مبدأ " تحقق أعظم السعادة لأكبر عدد "....,

    ثالثا: الليبرالية الفكرية:
    ارتبطت الليبرالية في المجال الفكري بجهود " جون ستيورات مل "، وقد جاءت جهوده في فترة مهمة من تاريخ الليبرالية، وقد اقتضت هذه الفترة وجود آراء تجديدية، لأن الشعارات الليبرالية تبين زيفها مما دعا لإعادة التقويم لليبرالية....,

    رابعا: التحليل الحديث (المدرسة الكلاسيكية الحديثة):

    ظهر هذا الاتجاه في ظروف اجتماعية متناقضة، وناقمة على أسلوب الإنتاج الرأسمالي، فهو اتجاه فكري اقتصادي ليبرالي، وأسلوب جديد مبتكر للتحليل الاقتصادي وقد قام هذا الاتجاه على فكر ثلاثة من أبرز الاقتصاديين الليبراليين وهم: ستانلي جيفونز "، " وليون فالراس "، و " كارل منجر "....,

    خامسا: الليبرالية الاجتماعية:
    يعد هذا الاتجاه من أقوى وأشهر الاتجاهات الليبرالية في مقابل الليبرالية الكلاسيكية وهو صورة من صور تنازل الليبرالية عن تطبيق منهجها الصارم المتمثل في الكلاسيكية والمبرر لظهور هذا الاتجاه هو المساوئ الاجتماعية العنيفة، والأزمات المتعددة لليبرالية، ومن أبرز هذه الأزمات أزمة الكساد العظيم في 1929م وما بعدها، وانتشار البطالة ووصول طبقات من المجتمع إلى قريب من الموت وعدم وجود ضمانات صحية وتعليمية، وغيرها....,

    سادسا: الليبرالية البراجماتية:
    هذا الاتجاه هو اتجاه " الليبرالية الأمريكية "، فقد بدأت الليبرالية الأمريكية متأثرة بجون لوك، ولكن ما لبثت أن تطورت بعد الثورة الصناعية الهائلة لتصبح أكثر عملية ومادية، ومن ثم اعتنقت فلسفة جديدة تعتمد على النتائج العملية في النظرة للحياة وهي (البراجماتية) وقد أصبحت النظرة الأمريكية الجديدة للحياة (البراجماتية) بمثابة إصلاح وتعديل للفكر الليبرالي ليكون موافقا لروح العصر وظروفه المتغيرة، وليكون دعما لتقدمه ونموه في ظل المتغيرات التقنية.
    والبراجماتية فلسفة أمريكية خالصة تركز على فردية الإنسان ونفعيته بصورة عملية مستقبلية...,

    سابعا: الليبرالية الجديدة:
    هذا الاتجاه هو آخر أطوار الليبرالية، وهو الليبرالية التي تبنته الدول الصناعية الكبرى والمنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ومنظمة التجارة العالمية وبدأت آثاره ومعالمه تتضح أكثر فأكثر.
    وقد أصبح صوت هذا الاتجاه هو المرتفع لتبني التجارة العالمية وبدأت آثاره ومعالمه تتضح أكثر فأكثر.
    وقد أصبح صوت هذا الاتجاه هو المرتفع لتبني الإمبراطورية الأمريكية له، لاسيما في ظل نظام القطب الواحد وقد شعرت بقية الدول المعتقدة لأفكار اقتصادية غيره تشعر أنه لا مجال في قبوله ولا مندوحة عنه، ولهذا أخذت في تعديل ما تعتقده من أفكار ليتوافق معه، ويسير مقارنا له، كما حدث في الاتجاه الأوروبي الذي يعتقد أكثر أعضائه الليبرالية الاجتماعية

    سابعا: الليبرالية بين الصعود والهبوط

    بدأت الليبرالية في عصر النهضة الأوروبية ثم تطورت في عصر التنوير، وكان أعلى فترة صعدت فيه هو القرن التاسع عشر الميلادي، وهو القمة التي وصلت إليها الليبرالية ولم تعد إلى مستواها بعده، وقد هبطت الليبرالية في القرن العشرين هبوطا كبيرا بعد ظهور نتائج الليبرالية الكارثية، ولكنها بدأت مرحلة جديدة بعد سقوط الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي

    يتبــــع


    ثامنا: مجالات الليبرالية
    1- الليبرالية السياسية:
    تعتمد الليبرالية على " الحرية الفردية " كمفهوم أساسي لها، ولكنها تواجه وضعا طبيعيا في الحياة الإنسانية وهو أن الإنسان اجتماعي بطبعه، ومن صور حياة الإنسانية الاجتماعية "الحياة السياسية"، وقد وجد لليبرالية أفكار سياسية تحاول الجمع بين ضرورة المحافظة على حريات الأفراد، وتنظيم شؤونهم السياسية......وقد اتجه بعض الليبراليين إلى تغليب جانب الحرية – وهذا هو الأصل في الفكر الليبرالي – فمنع تدخل الدولة حتى على مستوى إعانة الفقراء والمحتاجين، وحماية البيئة، وغلب آخرون جانب المساواة فطالبوا بالحد من الحريات لمصلحة المساواة الاجتماعية. وكذلك يحصل الاختلاف في أشكال الحكومات وصورها، وأنواع التدخل المشروع وغير المشروع في المجال الخاص للفرد.
    وأشير هنا إلى:
    أبرز المعالم السياسية لليبرالية :
    وهي نظرية العقد الاجتماعي باعتبارها النظرية الأساسية في تكون الدولة، وعلاقتها بالأفراد. والحقوق الأساسية للأفراد. وفصل السلطات باعتباره أهم ضمانات الحرية الفردية. وحدود سلطة المجتمع على الأفراد، وحرية التعبير.
    أولا: نظرية العقد الاجتماعي: تعود فكرة وجود عقد بين الحاكم والمحكوم، أو بين الدولة والأفراد في الفكر الأوروبي إلى الفلسفة اليونانية والرومانية، فكثير من السوفسطائيين بنوا تصورهم للدولة على أساس تعاقدي، و في الفكر اليوناني " ذهب كارتيادس " إلى أن الناس كانوا يعيشون قديما بلا قانون وكان كل منهم يعتدي على الآخر مما أدى إلى انتشار القلق والخوف ولذلك أبرموا عقدا فيما بينهم يخضعون وفقه لنظام يختارونه ...,
    ثانيا: الحقوق الأساسية للفرد:
    يعد القانون الطبيعي القاعدة والمرجعية للحقوق الأساسية للإنسان في الفكر الليبرالي، وهو المصدر الأساسي في التقنين الوضعي لها على شكل مواد محددة.
    وأي حكم قانوني أو قضائي يخالف هذه الحقوق فهو لاغ لا قيمة له، لأن هذه الحقوق هي أساس التشريع...,
    ثالثا: فصل السلطات: نشأت الحاجة إلى فصل السلطات في النظام السياسي الليبرالي باعتباره أكبر ضمان للحرية السياسية، وهو يعني انقسام السلطات إلى : تشريعية، وتنفيذية، وقضائية، بحيث تستقل كل منها بالتشريع، وتنفيذ القوانين، والقضاء، ولا تتدخل أي واحدة في شؤون الأخرى . والسلطة عندما تكون بيد واحدة فإنها تكون سببا في الاستبداد والطغيان.
    رابعا: حدود سلطة المجتمع على الفرد:
    فسلوك الفرد الذي يجب عليه مراعاته مع بقية أفراد المجتمع هو:
    أولا: عدم الإضرار بمصالح الآخرين، و على أقل تقدير الحقوق الأساسية، سواء ذكرت هذه الحقوق بنص القانون الصريح، أو بالفهم الضمني.
    ثانيا: تحمل الفرد لنصيبه من الأعباء التي يفرضها الدفاع عن المجتمع، وحماية أعضائه من الأذى...,
    خامسا: حرية الفكر والرأي: المنطلق الأساسي لليبرالية هو " الحرية " كقيمة إنسانية ضرورية، ولهذا فإن من واجبات الدولة حفظ الحريات، وحرية الفكر والرأي من أهم الحريات، فهي الضمان اللازم لحماية الفرد من استبداد الحكومات ومفاسدها .
    ويعتقد الليبراليون أن توسيع الخلاف، والتعددية في الآراء والأفكار ظاهرة إيجابية تنمي الفكر وتقوي الرأي، وتظهر الإبداع. ومن لوازم حرية الفكر عندهم: اعتقاد عدم امتلاك "الحقيقة المطلقة" لأن دعوى امتلاك هذه الحقائق يمنع من التفكير الحر, فالإيمان المطلق الذي لا يعتريه أدنى شك لا يتوافق مع الفكر الليبرالي الذي لا يبني عقيدة محددة يقينية, لأن ذلك يناقض حرية الفكر والمناقشة حسب وجهة نظرهم.
    ولهذا فالمعتقدات الدينية – عندهم – تعصب لاعتقاد المؤمن بها والجزم بعقيدته، واعتقاد المتدين بطلان الدين الآخر! – وهذا مما يناقض الإسلام كما سيأتي -. ومن لوازم حرية الفكر عندهم – أيضا - : " التسامح الديني "، وهو موقف ليبرالي ظهر أول الأمر أعقاب عصر الإصلاح الديني كرد فعل على الحروب الدينية، فأصبح التسامح محور "الموقف الليبرالي". وهذا الموقف (التسامح) يعني عدم اعتقاد يقينية الإنسان لرأيه أو فكره أو مذهبه أو دينه، لأن هذا الاعتقاد ينافي التسامح في الفكر الليبرالي. فالتسامح يقتضي الاعتراف بالآخر، وعدم الجزم في الأفكار، واحتمال صواب المخالف .

    2- الليبرالية الاقتصادية:
    سبق أن بينا أن "الليبرالية" ارتبطت في صعودها وأفكارها بالطبقة الوسطى (البرجوازية)، وهذا يدل على أن الجانب الاقتصادي أكثر أصالة في المذهب الليبرالي من الجانب السياسي. وقد اعتبر "جون لوك" الملكية الخاصة من أهم الحقوق الأساسية للفرد، ولهذا أعطى الملاك حق الانتخاب، ومنع غيرهم من هذا الحق.

    تاسعا: الليبرالية في العالم الإسلامي

    كانت أغلب البلاد الإسلامية تحت حكم الدولة العثمانية في عصر النهضة الأوروبية، وهي دولة قائمة على تحكيم الشريعة الإسلامية في الجملة، وكانت الدولة العثمانية هي الحامية لبيضة الإسلام والقائمة على نشر العلم واحترام العلماء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحاملة لراية الجهاد في سبيل الله، وقد فتحت أقطارا واسعة في القارة الأوروبية، وأخضعتها للإسلام. وقد تسللت الليبرالية إلى البلاد الإسلامية من خلال "الجمعيات السرية" التي كونها أفراد تأثروا بالفكر الغربي وانبهروا بحضارته المادية. وقد كانت بقية الأمة الإسلامية ثابتة على دينها لا تحتاج إلى الأفكار والنظم الغربية، وهي معتزة بدينها واثقة بصحته، وصلاحيته للحكم والعمل في كل زمان ومكان .
    ولكن وجدت عوامل أضعفت ثقة الأمة بدينها، وهيئت المجتمع الإسلامي لتقبل الليبرالية وعدم مقاومتها، وهذه العوامل هي: الانحراف العقدي، والاستبداد السياسي، والجمود والتقليد، وهي ليست أسبابا مباشرة في وجود الليبرالية، ولكن هذه العوامل أوجدت أرضية متقبلة، ومناخا مناسبا للرضى بالليبرالية، والسكوت عليها.
    ولا شك أن السبب المباشر لدخول الليبرالية في العالم الإسلامي هو " الاستعمار وأذنابه " من دعاة التغريب، والمنبهرين بالحضارة الغربية، ولكن دخولها لم يكن له أن يتم لولا وجود عوامل معينة ساعدت على عدم الوقوف الجاد في وجه هذه الأفكار الإلحادية.
    ويجمع هذه العوامل " الانحراف "، وقد تم هذا الانحراف على يد الفرق الضالة كالمرجئة والصوفية ودعاة المذهبية، فهذه الانحرافات ساعدت على وجود الفكر الليبرالي عندما قدم مع الاستعمار وقد استغل المستعمرون هذه الانحرافات أبشع استغلال، ووظفوها في خدمة أهدافهم.
    ولما احتلت بلاد المسلمين فرضت الليبرالية عليها في النظام السياسي والاقتصادي، ولما رأى الاحتلال عدم تقبل المسلمين لأي أمر غير مرتبط بالإسلام جاء بفكرة " تطوير الإسلام وتحديثه "، ومن هذه الفكرة خرج " مشروع الإسلام الليبرالي

    يتبــــع


    عاشرا: عوامل ظهور الليبرالية في العالم الإسلامي

    أولا: الانحراف العقدي:
    الانحراف العقدي هو السبب المباشر في ضعف الأمة الإسلامية وتخلفها وانحطاطها، وتراجعها في القرون المتأخرة، وتأثير الذنب (الانحراف العقدي) في الإنسان والمجتمع حقيقة شرعية، وسنة ربانية قدرها الله تبارك وتعالى في هذه الأمة، وهي من باب العقوبة على الذنب بالمصيبة. ويدل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [ الرعد:11]، وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [ الأنفال:53]، فالضعف والهوان، والقابلية للمبادئ المنحرفة حصلت في الأمة الإسلامية بعد التغيير والتبديل في العقائد والتصورات.
    ....ولبيان حقيقة الانحراف العقدي في الحياة الإسلامية العامة، وآثاره العميقة، فإنه يجدر بنا توضيحه من خلال النقاط التالية:
    أ- الفرق الباطنية المنحرفة وآثارها:
    الباطنية : اسم عامل يدخل تحته عدد كبير من الفرق الكافرة في الحقيقة مع بقاء انتسابها للإسلام في الظاهر، ومنها: الإسماعيلية، والنصيرية، والدروز، والقاديانية، والبهائية، والرافضة لاسيما في العصور الأخيرة. وليس المقصود هنا بيان عقائدهم على التفصيل، ولكن المقصود بيان آثار هذه الفرق على المجتمع الإسلامي، فمن هذه الآثار:
    1- إشاعة العقائد الكفرية بين المسلمين، وإلصاق هذه العقائد بالإسلام، فهذه الفرق لا تدعي أنها أديان مستقلة عن دين الإسلام، بل يدعي أصحابها أنهم مسلمون مع المناقضة التامة بين عقائدهم وبين الإسلام.
    2- تفريق صفوف المسلمين وإشاعة الفوضى والاضطراب فيها، وقد كان لهم دول وحكومات وحركات وجماعات، وقد قاموا بحروب طاحنة داخل المجتمع الإسلامي، وأشغلوا الدول الإسلامية بمقاومتهم ورد كيدهم.
    3- التعاون مع اليهود والنصارى للكيد بالمسلمين ؛ وقد كان لهم دور خبيث في إعانة الاستعمار ومساعدته في الاستيلاء على بلاد المسلمين...,
    ب- الإرجاء وآثاره:
    يعتبر الإرجاء من أخطر الانحرافات العقدية المؤثرة في حياة المسلمين، فمسألة الإيمان أهم مسألة عقدية لأنها أصل الدين وأساسه، وهي المعيار في معرفة المؤمن من الكافر، والموحد من المشرك، فالانحراف فيها لابد أن يكون له آثار عظيمة في المجتمع الإسلامي...,
    ج- التصوف وآثاره:

    ظهر التصوف في فترة مبكرة من تاريخ المسلمين ، وتعود مصادره إلى نساك الهنود والفلسفة اليونانية الإشراقية، والزهد المسيحي وغيرها ، وقد أطلق عليهم كتاب الفرق الأوائل اسم " الزنادقة " ، ولا شك أن التصوف بصورته الراهنة ليس له علاقة بالزهاد والعباد الأوائل، بل هو بعيد كل البعد عن عقيدة الإسلام وسلوكه...,

    ثانيا: الاستبداد السياسي:
    وقد وجدت أسباب ساعدت في نموه، وبررت لوجوده، ودافعت عنه، ودعمته حتى وصل إلى هذا الحد المزري في الأمة.
    ومن هذه الأسباب:
    ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    انتشار عقيدة الإرجاء والجبر – كما سبق – من خلال الصوفية والأشاعرة والماتريدية، وهاتان العقيدتان لهما تأثير كبير في ظهور روح الاستسلام للظلم، وتهوين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإرجاء يبرر الطغيان ويعتذر له.
    دعم القوى الاستعمارية الأجنبية، والتي من مصلحتها بقاء الأمة الإسلامية تحت سلطة الأنظمة الاستبدادية، وهذا الدعم لا تكاد تخطؤه العين, ولا يزوغ عنه الفكر.

    ثالثا: الجمود والتقليد:
    ولهذا وقفت الدولة العثمانية موقفا سلبيا من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، والعلامة الشوكاني، والشيخ الآلوسي وغيرهم، لأن علماء الدولة يعتمدون اعتمادا كاملا على المذهب الحنفي، وهو من أقوى المذاهب منعا للاجتهاد وأكثرها تعصبا، وأبعدها عن الواقعية لكثرة الافتراضات فيه، وقد زاد الأمر سوءا اعتمادهم على المذهب الماتريدي الكلامي في العقيدة، و على التصوف الغالي في السلوك.
    وهذه الأمور الثلاثة (التقليد، والكلام، والتصوف) أحكمت غلق الباب في إمكانية عمل تجديدي من داخل المشيخة العلمية والسلطة السياسية في الدولة العثمانية...,

    رابعا: القوى الاستعمارية:
    تعود العداوة العميقة بين أوربا النصرانية والبلاد الإسلامية إلى الاختلاف الديني، وهذه حقيقة قررها القرآن الكريم ويشهد بها التاريخ والواقع، يقول تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}

    [ البقرة:120]، ويقول تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}
    [ البقرة:217]،
    ولهذا وقعت الحروب الصليبية القديمة والحديثة.
    وعندما تخلت أوروبا عن النصرانية كدين لاهوتي، واعتنقت الفكر الليبرالي المادي العلماني بقيت معها " روح التعصب الصليبية "، وهذا ما يفسر التعامل الصليبي لأوروبا مع البلاد الإسلامية مع أنها دول علمانية مادية ملحدة.
    وقد كانت البدايات الأولى للاستعمار في حركة الكشوف الجغرافية التي لبست ثوب العلم والاكتشاف، ورافق ذلك الحملة العسكرية التي تهدف إلى تصفية الوجود الإسلامي في الأندلس. وقد انطلقت طلائع الاستعمار من روح صليبية حاقدة على الإسلام.
    .....ويمكن الإشارة إلى:
    جهود الاستعمار في فرض الليبرالية في العالم الإسلامي من خلال ما يلي:
    إلغاء الحكم بالشريعة الإسلامية، واستبدال القوانين الوضعية بها، وذلك من خلال حكومة نيابية دستورية على النمط الغربي.
    القضاء على التعليم الإسلامي، وتغيير مناهجه، وبناء المدارس الأجنبية، والمدارس التنصيرية في بلاد المسلمين بغرض التأثير على أبناء المسلمين ليسهل تقبل الأفكار الليبرالية، وتكسر الحواجز والعوائق دونها.
    القيام بإبراز الطوائف والمذاهب غير الإسلامية، باسم "حقوق الأقليات "، وهذا العمل وغيره يبدو غطاؤه الظاهر حماية الحريات ونبذ الطائفية والتعصب، ولكنه يبطن أمرا آخر وهو إبراز هذه الطوائف، وتوليتهم على المسلمين، وإضعاف الروح الدينية في المجتمع الإسلامي.
    تكوين جيل يحمل الفكر الليبرالي من أبناء المسلمين، وقد تم ذلك من خلال البعثات التعليمية، وبناء الجامعات المؤسسة على هذا الفكر، وجلب المستشرقين لها، ليكونوا أساتذة ومعلمين للجيل الجديد.


    يتبــــع





    حادي عشر: دعوى الإسلام الليبرالي

    تعود جذور التقريب بين الإسلام والليبرالية إلى القرن التاسع عشر حيث تفككت الدولة العثمانية، واحتلت أكثر البلاد الإسلامية، وظهرت فيه قوة الغرب المادية، وضعف البلاد الإسلامية، وبرز فيه السؤال الفكري الشهير " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟".
    وقد تمت عملية التقريب بين الإسلام والليبرالية في أجواء من الهزيمة النفسية أمام الغرب المنتصر، والذي أسر عقول الكثير من أبناء المسلمين في تلك الفترة، وجعل المقارنة بالغرب محمدة ومنقبة، وخاصة أنه صدم تلك الأجيال بأنواع جديدة من المعارف والعلوم في زمن ضعف العلم وانتشار الجهل وجمود التفكير وظهور التقليد من جراء آراء الفرق الضالة، والتعصب المذهبي، والاستبداد السياسي الذي سبق الكلام عنه.
    وقد حصل التقريب بين الإسلام والليبرالية من طرفين:
    أحدهما: "الحركة التلفيقية "
    التي حصلت على يد محمد عبده وتلاميذه في التقريب بين الإسلام والحضارة الغربية وهي المعروفة " بالحركة الإصلاحية "، وقد انتهت بتحول تلاميذ محمد عبده إلى الليبرالية الصرفة.
    والثاني: " الاستعمار "
    وخاصة بعد دخول الولايات المتحدة للهيمنة على المنطقة بعد خروج الاستعمار البريطاني والفرنسي منها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وظهور الشيوعية ممثلة في الاتحاد السوفيتي كتحدي جديد لليبرالية الغربية.
    وقد استفاد الاحتلال والقوى الاستعمارية مما يسمى الحركة الإصلاحية وقام بتوجيهها لتحقيق أهدافه في إضعاف المفاهيم الإسلامية الصحيحة في النفوس والقضاء على الوحدة الإسلامية.
    أولا: المشروع الأمريكي لقضية الإسلام الليبرالي:
    اهتمت الولايات المتحدة بتفسير الإسلام تفسيرا ليبراليا منذ وقت مبكر، لأن ذلك يحقق كثيرا من المصالح الحيوية لهيمنتها، فهي تعلم أن إقصاء الإسلام تماما من البلاد الإسلامية أمر مستحيل لقوة تأثيره وتعلق المسلمين به فوجدت في التبديل والتحريف له أنجح السبل للقضاء على فاعليته وتأثيره. ومن جهة أخرى فإن تفسير الإسلام وتأويله تأويلا ليبراليا يقوي علاقة هذه البلاد وشعوبها بالحضارة الغربية وقيمها مما يضمن عملية استمرار الخضوع لها.
    ونشير هنا إلى بعض الوثائق والأعمال الأمريكية في هذا المجال:
    مؤتمر الشرق الأدنى مجتمعة وثقافته، مارس 1947م.
    مؤتمر الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة 1953م.
    دراسة " الإسلام في العصر الحديث "

    (ولفرد كانتول سميث).
    دراسة " الليبرالية الإسلامية: نقد للآيديولوجيات التنموية " ليوناردبايندر.
    تقرير مؤسسة راندا الأمريكية عن الإسلام الديمقراطي.
    والأهداف الحقيقية لهذا المشروع يمكن بيانها من خلال ما يلي:
    أولا: إعادة ترتيب أوضاع المنطقة لتتقبل النموذج الليبرالي في الشأن السياسي (الديمقراطي)، والشأن الاقتصادي (الرأسمالية) لظنهم أن تطبيق الليبرالية في هذه البلاد الشرق أوسطية سيخفف الاحتفال الشعبي وبالتالي يفقد الإرهابيين (المجاهدين) التأثير على الشعوب الإسلامية في المنطقة.
    ثانيا: تهيئة المنطقة للعولمة ودخول الشركات الغربية في أسواقها لزيادة الكسب، وحل مشكلة الفائض في الاقتصاديات الغربية، والبحث عن اليد العاملة الرخيصة.
    ثالثا: العمل على تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة من خلال الاقتصاد والشراكة في حلف جديد غير مرتبط بهوية دينية أو قومية.

    ثانيا: الليبرالية في المال والاقتصاددخلت الليبرالية في اقتصاد الدول الإسلامية من خلال سيطرة سيطرة الدول الراسمالية الكبرى على الاقتصاد العالمي، على ذلك ما كتبه "حسن حنفي" حيث يقول: " إن (الله) لفظة نعبر بها عن صرخات الألم وصيحات الفرج، أي أنه تعبير أدبى أكثر منه وصفا لواقع، وتعبير إنشائي أكثر منه وصفا خبريا.. إنه لا يعبر عن معنى معين، إنه صرخة وجودية أكثر منه معنى يمكن التعبير عنه بلفظ من اللغة، أو بتصور من العقل، هو ردة فعل على حالة نفسية أو تعبير عن إحساس أكثر منه تعبيرا عن فقد، يكون في الحس الشعبي هو الله، وكل ما تصبو إليه ولا نستطيع تحقيقه فهو أيضا في الشهود الجماهيري هو الله ، ويقول أيضا " فالصفات السبع هي في حقيقة الأمر صفات إنسانية خالصة، فالإنسانية هو العالم، والقادر، والحي، والسميع، والبصير، والمريد، والمتكلم... هذه الصفات في الإنسان ومنه على الحقيقة، و في الله واليه على المجاز" .ومع أن هذه الإلحاد والإنكار لوجود الله تعالى منافيا للإسلام من أصله إلا أن حسن حنفي يلصقه بالإسلام، ويحتج لذلك بكتابات ابن عربي وابن سبعين والحلاج وغيرهم من زنادقة وحدة الوجود، وكتابات الفلاسفة كابن سينا وغيره، ويعتبر ذلك قراءة إسلامية للإسلام مختلفة عن القراءات السلفية غير العقلانية . وهو بهذا يؤسس للإلحاد الشيوعي إسلاميا . وبهذه الطريقة يناقش " أبو زيد " قضية النبوة ويجعلها إنسانية محضة، ولا تعدو أن تكون اتصالا بين الفكر والواقع، وهي مجرد درجة قوية من درجات الخيال الناشئ عن " فاعلية المخيلة الإنسانية" ، وأساس هذا الفكر الإلحادي هو أن تأويل النص لا توجد له حقيقة موضوعية وليس له معيار لمعرفة الحق من الباطل، لأنه مرآة صامتة " فالنص أخرس، صامت، مؤلفه قد مات، والمؤول هو الذي يجعله يتكلم "، والنتيجة أنه مع تعدد القراءات يكون كل قراءة ظنية ممكنة الصدق أو الكذب، ولا يمكن إقامة البرهان عليها .ومن النماذج التطبيقية لهذا الفكر " فصل الدين عن الدولة "، و" تنحية الشريعة وتطبيق القوانين الوضعية " ولهذا ظهر ما يسمى " الإسلام العلماني " .يقول حسن حنفي: " نشأت العلمانية استردادا للإنسان، ولحريته في السلوك والتعبير، وحريته في الفهم والإدراك، ورفض لكل أشكال الوصاية عليه، ولأي سلطة فوقية إلا سلطة العقل والضمير! العلمانية إذن هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ " . والفصل بين الدين والدولة، واعتبار الدين شأنا شخصيا بينما الدولة أمرا مدنيا يبني على العقل والمصلحة من النقاط التي اتفق عليها كتاب المدرسة العصرانية الحديثة منذ أيام علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم وإلى زماننا المعاصر .
    ولاشك أن العصرانية وسيلة موصلة إلى العلمانية فيما مضى، أما الآن فقد اتفق العصرانيون والعلمانيون في تأويل عقائد الإسلام وأحكامه وأخلاقه ليتوافق مع التحديث الغربي، وهذا ما أصبح يعرف بالإسلام الليبرالي.
    وقضية الموقف من الآخر والاعتراف به من أهم القضايا التي يناقض فيها دعاة الإسلام الليبرالي أصول الدين وحقيقة الإسلام والولاء والبراء. فالأديان السماوية متساوية في الصحة والقبول – عندهم -، وهذا يقتضي عدم تكفير الآخر المنافي في أساس الدين، يقول عبد العزيز كامل: "ونحن في منطقة الشرق الأوسط نؤمن بالتوحيد بطريقة أو بأخرى. وأقولها واضحة يستوي في هذا الإسلام والمسيحية واليهودية، حتى الإيمان بالأقانيم الثلاثة في الفكر المسيحي يختم بإله واحد، هذه منطقة توحيد والصور تختلف، حتى في مصر القديمة مع التعدد الظاهري كان للآلهة كبير هو أوزير . وتقف فكرة الاعتراف بالآخر واعتقاد صحة إيمانه، و في أقل تقدير عدم الجزم ببطلان عقيدة الآخر على أساس التعددية والتنوع والاختلاف.
    ويتسع تعدد الحق عندهم إلى أن يصل إلى تصحيح الأديان الأخرى غير دين الإسلام، أو على الأقل عدم الجزم والتأكيد على أن عقائدهم باطلة، لأن هذا الجزم فكرة وثوقية مستعلية غير معترفة بالآخر.
    ومدرسة الإسلام الليبرالي ذات تنوع عجيب في أشخاصها وأفكارها وأهدافهم ومقاصدهم وارتباطاتهم ومستوى آرائهم من حيث الغلو، فهي مكونة من نسيج متعدد يشكل تأويل الإسلام لموافقة العصر (العصرانية) قاعدته المشتركة. فقمة هذه المدرسة مجموعة من الزنادقة والملاحدة يناقضون جذور الإسلام وأصوله الأساسية ومنهم بعض المخلطين في الفكر والعقيدة، ومنهم منهزمون من الكتاب الإسلاميين وبعض الفقهاء والدعاة.
    وتتنوع أفكارهم: فمنهم من يوافق الفلاسفة والحلولية والباطنية والملاحدة في نفي حقيقة الألوهية، والنبوة، والوحي، والغيبيات، ويرفض تحكيم الشريعة، ومنهم من يفصل بين الدين والدولة، ويرى ضرورة القانون الوضعي المدني، وضرورة الربا للاقتصاد المعاصر، وينفي الحجاب عن المرأة ويراه احتقارا لها، ويرى البعض عدم الاستدلال إلا بالقرآن، وينفي السنة والإجماع، ويطالب بتجديد أصول الفقه وغيرها من العلوم المعيارية، ولهم آراء ترفض الولاء والبراء، وتكفير المشركين، وتنكر الجهاد، وتؤمن بالديمقراطية، والتعددية، والحريات بما في ذلك التصريح بنشر الإلحاد وغيرها من الأفكار الشاذة.
    وتختلف ارتباطاتهم: فمنهم عملاء للصليبية العالمية يتلقون الدعم المادي من العدو، ويتعاونون معه، ويشاطرونه الأفكار وأسلوب العمل، ويدافعون عن سياسيته، ومنهم مستلب حضاريا، منهزم فكريا غير قادر على الرفض مع ظهور علامات العدوان ودلائله ولكنه لا يتقاضى شيئا ماديا لآرائه، فهي ناشئة من الهزيمة الفكرية والنفسية مع قصور في العلم الشرعي، وتخليط في تكوينه الثقافي، ومنهم من يقف ضد المشروع الأمريكي ويناهضه، وهذا مع وجود آراء تقربه من مشروعه إلا أنه في تحسن مستمر، ووعي دائم، وتتكشف له الحقيقة، وهو مظنة العودة للحق إذا نوقش وتمت معه عملية حوار علمي مفيد.
    وتختلف مستوى آرائهم: فمنهم من يناقض أصل الدين في العقائد والأحكام والأخلاق والأمور الاجتماعية، وهو الذي تمت الإشارة إليه في تقرير مؤسسة راند الأمريكية مثل من ينكر الألوهية والنبوة والغيبيات ويرى " تاريخية النص "، ويرفض تحكيم الشريعة، والحجاب، ويبيح الربا وغيره. ومنهم من يناقض أصول الدين بدرجة أقل غلوا مثل من لا يكفر المشركين، ويرفض الولاء والبراء، ويرى ضرورة القوانين الوضعية والربا وغيرها، ومنهم روافد لا يصلون لهذه الدرجة ولكن آراءهم ترفدهم عن غير قصد مثل من ينفي وجوب كراهة الكفار، ويجوز الحكم بالديمقراطية وغيرها

    يتبــــع






    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة

    عدم تطبيق الشريعة الإسلامية


    إن أكبر رزية حلت ببعض المجتمعات الإسلامية وبغيرها هو إقصاء الشريعة الإسلامية، أو التهاون في تطبيقها، أو الاحتيال لتمييع أحكامها عمدا أو تحت مبررات شخصية كثيرة، سواء أكانت صادقة أم كاذبة.
    إن العالم الإسلامي يعاني في هذا الزمن من ظاهرة الانبهار بما عند أعداء الإسلام، ويعاني من ظاهرة التخلف المفروض عليهم لأن أراضي المسلمين مشهورة بخصوبتها حتى قيل إن السودان سلة العالم، يعني لو استغل استغلالا حقيقيا سليما، كما يعاني من تكالب أعداء الإسلام عليه كما يعاني من جهل أبنائه وكيد أعدائه وحلول الكوارث والانهزامات على أيدي اليهود والنصارى والمجوس والملاحدة، تداعت عليه الأمم كما تداعى الأكلة على القصعة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وصارت كثرة المسلمين لا تفرح كثيرا بعد أن أصبحوا غثاءا كغثاء السيل حين صاروا يتكففون الشرق والغرب يستمدون منهم قوانين معيشتهم ويطبقون أفكارهم الضالة ويحكمون دساتيرهم الوضعية فصار حالهم كحال العيس التي أخبر عنها الشاعر بقوله:

    كالعيس في البيداء يقتلها الظما


    والماء فوق ظهورها محمول


    أو كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة فلم يفلح
    في تقليدها ولا في البقاء على مشيته.
    فكثير من المسلمين لا هم بقوا على دينهم يعتزون به ويفتخرون بالانتماء إليه، ولا هم وصلوا إلى ما وصل إليه أعداؤهم من التقدم المادي، فكانت النتيجة أنهم خسروا دينهم ودنياهم فعادوا باللائمة على الشريعة الإسلامية وهي حجة الكاذب المنقطع.
    ومن العجيب أنهم يحكمون على الإسلام وهم لا يحكمونه، ويتهجمون عليه وهم لا يعرفونه ولم يجربوه في حياتهم اليومية، إنهم متحيرون ضاقت صدورهم به من جراء الضغوط المختلفة عليهم خارجيا وداخليا، المسلمون الحقيقيون يطالبونهم بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأعداء الإسلام يطالبونهم بإقصائه وإحلال مذاهبهم المختلفة محله، هذا في الوقت الذي اضمحلت فيه شخصياتهم التي كادت أن تنصهر في بوتقة الحضارات الجاهلية الشرقية والغربية.
    لقد توالت صيحات أعداء الإسلام يصدق بعضهم بعضا أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو التأخر والرجعية والجمود، وأن في نبذها التقدم والتطور، وصدق المغفلون هذا الهراء، فإذا بهم يصيحون إلى جانب سفاكي دمائهم بمثل صيحاتهم يتبعونهم كما تتبع الشاة الذئب من الرعب، ولم يبخل عليهم أعداء الإسلام بإطلاق الألقاب الفخمة والعبارات الرنانة ليتموا استبعادهم لهم من ناحية وليستجلبوا بهم غيرهم ممن لم يقع تحت تأثير شبهاتهم كاستدراج الفيل المدرب العميل لبقية الفيلة ليدخلوا الحظيرة كما أوصى بذلك " زويمر ". يجب أن يعرف كل من لا يطبق الإسلام أن الشريعة الإسلامية كاملة لا ينقصها شيء، وقد شهد رب الكون وخالقه بأنها كاملة،

    قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة :3]،
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لقد جئتكم بها بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)).
    أكمل الله بالإسلام الدين وأتم به النعمة ورضيه لعباده، فماذا بعد هذا كله؟ ! !
    هدي الإسلام في العقيدة واضح تمام الوضوح، وهديه في الأحكام والعقوبات واضح تمام الوضوح ورادع، خير رادع، وهكذا في كل شأن من شئون الحياة، فلماذا لم يجربه الهاربون عنه ليتفيئوا ظلاله، وليعيشوا الحياة السعيدة الخالية من الشقاء والحرمان والأحقاد والذل والتبعية لمن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ألم يعلم المنهزمون من المسلمون أن أهل الحضارات القديمة العريقة قد تركوا حضاراتهم حينما عرفوا الحضارة الإسلامية وسموها العجيب، وأن أهل الديانات قد تركوا دياناتهم عن طواعية ورغبة في الإسلام حينما علموا شأنه العظيم، وصاروا جنودا بواسل لحمايته والدفاع عنه لا تأخذهم في الله لومة لائم، ألم يعلموا أن الله أعز أسلافهم بالدين حينما حكموه. لقد انحصر الحكم الإسلامي لشعوب العالم بعد خروج العرب الفاتحين، ولكن العقيدة الإسلامية ظلت حية في قلوبهم لم تنحصر ولم تضعف، وظل حنينهم إلى الإسلام وأحكامه العادلة خفاقا في قلوبهم رغم ما يحيط بهم من جبروت حكام ضالين محاربين للإسلام وأهله ليلا ونهارا وسرا وإعلانا.
    وعلى الذين يدعون الإسلام أو يحكمون باسم الإسلام وهم يستحيون أن يعبروا به، عليهم أن يفيقوا وأن يعلموا أن عزهم ومجدهم ودوام حكمهم هوفي تطبيق الشريعة الإسلامية لو كانوا يعقلون، وأن يعلموا أن في قتل القاتل حياة لبقية الناس، وفي قطع يد السارق أمان للأموال لتبقى محفوظة لأهلها دون تعد عليها، وأن في تحريم الربا والغش مفخرة للإسلام، وكله مفاخر، وفي تحريمه الخمر حفظ للعقول، وفي رجم الزاني المحصن حفظ للأعراض وصيانة للأنساب وبعد عن الأمراض. وهكذا فإن في كل أحكام الشريعة الخير والسعادة والعيش الهنيء الذي يزعمون أنهم يريدونه لشعوبهم وأوطانهم وهم يصدون عن الإسلام. فلماذا لم يردوا هذا المنهل العذب. أي إلى الحكم بالشريعة الإسلامية لمن يبيح في دستوره التعامل بالربا علنا أو تحليل المحرمات كالخمر والزنا وإقامة بيوت الدعارة وحمايتها ومحاربة دعاة الإسلام وتلفيق التهم ضدهم للتنفير عنهم واختراع ما يبيح قتلهم ومحاربة التعليم الإسلامي ومدارسه وإهمال المساجد أو تخريبها والاستهزاء بها وإباحة أنواع المجون من رقص النساء أمام أولئك الحكام الجهلة بالإسلام في حفلات صاخبة وسمر فاضح. إن كثيرا من أبناء المسلمين هم حرب لا هوادة فيها ضد الإسلام وتطبيق شريعته، خلفوا الاستعمار وصاروا أشد وطأة على شعوبهم وأكثر فحشا من أيام الاستعمار لأنهم ماجنون بطبعهم وزيادة على ذلك يحبون التزلف إلى سلفهم رؤساء الاستعمار الملحدين. وشجعوا بذلك قادة الكفر والإلحاد فتبجحوا بأن ما هم عليه هو الصحيح والصواب، وما عليه المسلمون هو الضلال بدليل أن المسلمين رموا دينهم خلف ظهورهم وتلطفوا لهم لإعطائهم دساتيرهم التقدمية – الجاهلية – بدل التشريع الإسلامي.
    ومن الغريب أن يدعي القاضي المسلم أنه يحكم بالإسلام وبين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله دساتير أولئك الملاحدة، هذا في الوقت الذي جمد عليه علماء الفقه الإسلامي على ما هم عليه من تعصبات مذهبية وأقوال خيالية قد لا تدع الحاجة إلى أكثرها، ولم ينهضوا – أو لم يسمح لهم – بإعطاء فقه كامل شامل موحد قائم على الشريعة الإسلامية، مما أعطى صورة سيئة لدى من لم يعرف الإسلام وتسامحه ودعوته المسلمين إلى أن يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا.
    وقد سمعت – إن صح الكلام – أن دولة كافرة أراد حاكمها أن يدخل في الإسلام فسأل بعض الفقهاء ضيقي الأفق عن كيفية الدخول في الإسلام فوقع النزاع بينهم واشتد الخصام على أي مذهب يتم الدخول في الإسلام، وكل فضل مذهبه وذم مذهب الآخرين حتى ضاق صدر الحاكم فأخرجهم جميعا وامتنع عن الإسلام، واستدل بأن خلافهم دليل على بطلان الإسلام ظنا منه أن أولئك الجهال على صواب أو على علم ومعرفة، ولا شك أن وراء هذا التفكير الضيق من يغذيه لحاجة في نفسه.
    ومن الملاحظ أن وسائل أعداء الإسلام الإعلامية المقروءة والمسموعة والمشاهدة كلها تتكتل في صف واحد – رغم ما بينهم من الخلافات – لمواجهة أي حركة إسلامية أو أي نشاط للدعوة إلى الإسلام، وترمي القائمين بذلك عن سهم واحد، وواقعنا المعاصر أقوى شاهد، خصوصا بعد ما يسمونه الإرهاب على مدينتي نيويورك وواشنطن، واستغلالهم لهذا الحادث استغلالا فاحشا، وأقصيت الشريعة الإسلامية وتطبيقها في معظم ديار المسلمين، وحرم على الخطباء والوعاظ ورجال الفكر طرق الجوانب التي تمس معالجة الإسلام للقوانين المدنية والتي استوردتها الحكومات الموالية للشرق أو الغرب، أو تبين خطورة المذاهب الفكرية الضالة، وحددت فيها العقوبات الصارمة بحجة أن طرقها يفضي إلى التدخل في السياسة العامة للدولة، أو هو خروج عليها، ومن خرج على الدولة فقد أخل بالأمن وناصب الشعب العداء فتصدر القرارات العاجلة باسم الشعب بمعاقبة كل من يجرؤ على مخالفة النظام العام للدولة. فأين حرية الكلمة التي يتشدقون بأنها مضمونة لكل فرد، بل هي حيل وتضليل، والشعب بريء من تلك الحيل الإجرامية لعملاء أعداء الإسلام من العلمانيين وغيرهم، بل إن كلامهم باسم الشعوب يشبه كلام الجني من داخل الإنسان بعد أن يصرعه، ولا أعتقد أن شخصا يشك في أن العالم اليوم يعيش في فراغ حقيقي، فالنصرانية أفلست فهي تقدم دينا غير معقول وخرافات سخيفة، واليهودية دينهم المادة والعنصرية، والشيوعية ماتت في عقر دارها، والمذاهب الفكرية تتطاحن فيما بينها للاستعلاء في الأرض، ولم يبق من منقذ سليم وحيد للبشرية غير الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى وتكفل بحفظه ورد كيد أعدائه إلى نحورهم على مر الزمن، وصلح به أمر البشر قديما، وسيصلحهم حديثا حينما يجربون تطبيقه ويوفقون للالتزام به، والناس عظة واضحة في الحياة السعيدة التي تنعم به الدولة التي تطبق الشريعة الغراء.
    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #9

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة


    الليونز

    أولا: التعريف
    الليونز مجموعة نواد ذات طابع خيري اجتماعي في الظاهر، لكنها لا تعدو أن تكون واحدة من المنظمات العالمية التابعة للماسونية التي تديرها أصابع يهودية بغية إفساد العالم وإحكام السيطرة عليه.

    ثانيا: التأسيس وأبرز الشخصيات

    في صيف 1915م دعا مؤسس هذه النوادي ملفن جونس إلى فكرة إنشاء نواد تضم رجال الأعمال من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وكان أول نادٍ تأسس من هذا النوع في مدينة سانت أنطونيو ـ تكساس.
    • في مايو 1917م ظهرت المنظمة العالمية لنوادي الليونز إلى الوجود وقد عقدت اجتماعها الأول في شيكاغو حيث أقدم نوادي الروتاري هناك.
    • يعتقد بعض الدارسين أن هذا النادي تابع لنوادي بناي برث أي (أبناء العهد) الذي تأسس في 13/10/1834م في مدينة نيويورك.
    • بصورة عامة فإن هذه النوادي جميعًا تتبع بشكل أو بآخر منظمة البنائين الأحرار (الماسون).
    • لقد أنشئ نادي الليونز ليكون بديلاً عن النوادي السابقة في حالات انكشافها أو اضطهادها لما يتمتع به من مظهر اجتماعي إصلاحي خيري.
    ثالثا: الأفكار والمعتقدات
    إن اسمهم (الليونز) أي (الأسود) إنما يرمز إلى القوة والجرأة وحروف الكلمة بالإنجليزية (Lions) كل منها يرمز لمعنى عندهم. • تنهى كسائر النوادي الماسونية عن المجادلة في الأمور السياسية والعقائدية الدينية. • تتظاهر بالعمل في الميادين التالية: ـ الدعوة إلى الإخاء والحرية والمساواة. ـ الخدمات العلمية والثقافية. ـ تشجيع تبادل الزيارات والرحلات واللقاءات. ـ نشر معاني الخير والتعاون بين الشعوب. ـ تنمية روح الصداقة بين الأفراد بعيدًا عن الروابط العقدية. ـ الاهتمام بالرفاهية الاجتماعية. ـ العمل على نشر المعرفة بكل الوسائل الممكنة. ـ مساعدة المكفوفين والخدمات الاجتماعية الأخرى. ـ تخفيف متاعب الحياة اليومية عن المواطنين. ـ تقديم الخدمات إلى البيئة المحلية. ـ إقامة المسابقات الترفيهية وتشجيع اللقاءات وتبادل الزيارات والرحلات. ـ دعم المشروعات الخيرية. ـ دعم مشروعات الأمم المتحدة

    رابعا: العضوية
    شروط العضوية في هذه النوادي لا تختلف كثيرًا عن شروط العضوية في نوادي الماسونية والروتاري. ـ لكنها تمتاز عن النوادي الماسونية بأنه يجوز لديهم بأن يمثل المهنة الواحدة أكثر من عضوين. ـ لا يستطيع أي شخص أن يقدم طلب انتساب إليها، إنما هم الذين يرشحونه ويعرضون عليه ذلك إذا رأوا مصلحة لهم فيه. ـ يشترط أن يكون العضو من رجال الأعمال الناجحين. ـ يشترط أن يكون مكان عمل العضو في ذات المنطقة التي فيها النادي. ـ يفرض على كل عضو أن يحقق نسبة حضور في الاجتماعات الأسبوعية لا تقل عن 60% سنوياً. ـ يمنعون منعاً باتاً دخول العقائديين وذوي الغيرة الوطنية الشديدة. ـ يجتذبون الشباب والشابات بغية المحافظة على أدنى مستوى ممكن من الأعمار الشابة للمحافظة على حيوية النادي الدائمة فضلاً عن سهولة التأثير. ـ يجتذبون السيدات من زوجات كبار المسؤولين كما يسند إليهن مهمة الاتصال بالشخصيات الكبيرة، ولهن نوادٍ بهنَّ تسمى نوادي سيدات الليونز.

    خامسا: الهيكل التنظيمي

    • تتشابه أندية الليونز مع أندية الروتاري في وضع نظام شبه جغرافي يقسم العالم إلى عدد من التكتلات حسب كثافة انتشار الأندية ولكل تكتل رقم خاص ويتكون التكتل الواحد من دولة أو عدد من الدول ويسمى بالمنطقة أو المحافظة رقم ـ وترتبط رئاسة كل منطقة من المناطق على مستوى العالم مباشرة بالمركز العام وتقع مجموعة الدول العربية في المنطقة 352. • يتكون كل نادٍ من: ـ رئيس. ـ نائب رئيس أو أكثر. ـ سكرتير ـ وأمين صندوق. ـ مجلس إدارة مؤلف من (12) عضواً على أن يكون بينهم شخص أو اثنان من رؤساء النادي السابقين بهدف إحكام القبضة على المجلس كي لا ينحرف في أي مسار لا يريدونه لناديهم. ـ لجان متنوعة تشكل من قبل المجلس لتشمل الأنظمة المختلفة.

    سادسا: خطورة هذه النوادي

    نشاطاتها الخيرية الظاهرية مصيدة تخفي وراءها أهدافها الحقيقية. · يتسمون بالتخطيط الدقيق، ويعملون على أساس من السرية في جمع المعلومات. · يتعرفون على أسرار المهن من خلال لقاءاتهم مما يعطيهم قدرة على التحكم في السوق المحلية كما يعينهم على التدخل في الشؤون الاقتصادية للبلد. · يجمعون المعلومات المتعلقة بالشؤون السياسية والدينية للبلد الذي يعملون فوق أرضه ويرسلونها إلى مركز المنظمة العالمي التي تقوم بتحليلها ووضع الخطط اللازمة والمناسبة حيالها. · إنهم يُقَسِّمون المنطقة التي يعملون فيها، ومن ثم يجب أن يغطى كل قسم بنشاطه القطاع المتعلق به. · هناك غموض شديد يكتنف أسرارهم ومواردهم ووسائلهم. · تضرب مجالس إدارات مناطق الليونز إجراءات أمن مشددة حولها. · يرددون دائماً شعار (الدين لله والوطن للجميع). · الإسلام لديهم يقف على قدم المساواة مع الديانات الأخرى سماوية كانت أم بشرية هذا من حيث الظاهر، أما الحقيقة فإنهم يكيدون له أكثر مما يكيدون لسواه. · يركزون في دعواتهم ومحاضراتهم على إبراز مكانة معينة لإسرائيل وشعبها، كما يقومون بزراعة أفكار صهيونية في عقول أعضائها. · لقد عقدوا دورة في نوادي ليونز مصر الجديدة بالقاهرة للحديث عن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. · إنهم يقيمون حفلات مختلطة ماجنة راقصة تحت شعار (الحفلات الخيرية). · لقد أصدر المجمع الفقهي في دورته الأولى المنعقدة في مكة المكرمة بتاريخ 10 رمضان 1398هـ قراراً بَيَّنَ فيه أن مبادئ حركات الماسونية والليونز والروتاري تتناقض كليًّا مع مبادئ وقواعد الإسلام
    سابعا: الجذور الفكرية والعقائدية

    إن نوادي الليونز لا تخرج عن الدائرة الماسونية التي تتبع لها، فالجذور إذن واحدة. • إنها تدعو إلى فكرة الرابطة الإنسانية وإزالة العوائق بين البشر. • إنها تستمد جوهرها الحقيقي من الفكر الصهيوني.

    ثامنا: الانتشار ومواقع النفوذ
    لهذه المنظمة نوادٍ في أمريكا وأوروبا وفي كثير من بلدان العالم. • ادعت نوادي الليونز في أوائل عام 1970م بأن عدد أعضائها يزيد عن (934.000) عضو موزعين في (146) بلداً. • مركزها الرئيسي الحالي هو في أوك بروك بولاية الينوي في الولايات المتحدة الأمريكية.
    • نوادي الليونز والروتاري نشطت في مصر بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. • إنها تتخذ من الفنادق الضخمة مراكز لها كفندق السلام بمصر الجديدة وفندق هيلتون وشبرد وشيراتون.
    • إنها ترصد مبالغ ضخمة كجوائز تقدم خلال حفلات تنمية الصداقة وحفلات الاهتمام ببعض المشروعات مما يضع إشارة استفهام حول طبيعة الموارد المالية.

    الخلاصة

    أن الليونز لافتة جديدة للماسونية لجأ اليهود إليها عندما أغلقت المحافل الماسونية. والحقيقة أن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومع الأسف فإنها تباشر نشاطها في كثير من البلاد الإسلامية مثل: مصر والأردن وسوريا ولبنان والبحرين والمغرب وتونس والعراق، وهم يعرضون أحياناً بعض ما يسمونه نشاطاً اجتماعيًّا ويدَّعون أنهم يريدون به للمجتمع أن ينمو وفق نظام هندسي دقيق تذوب فيه النعرات القومية والعصبيات الجنسية والاختلافات الدينية، والحقيقة التي يجب ألا تخفى على مسلم هي أنهم جماعة مشبوهة، ويكتنفها الريب والشكوك، ويكفي أنها مدعومة من جهات خارجية غير معلومة




    يتبــــع





    حيروت (الحرية) »

    أولا: التعريف

    حيروت حزب سياسي صهيوني أسسه مناحم بيجين في فلسطين المحتلة بعد قيام الدولة اليهودية المسماة إسرائيل عام 1948م، ويعد حزب حيروت وريث منظمة الأراجوان الإرهابية قبل عام 1948م.

    ثانيا: التأسيس وأبرز الشخصيات
    بعد عام 1948م: انصهرت منظمة الأراجون زفائي لؤمي في جيش الدفاع الإسرائيلي (تسهال)، وأما من رفضوا الارتباط بالجيش الإسرائيلي فقد شكلوا حزبا سياسياً سموه حزب حيروت أو الحرية الذي يحمل لواء الإرهاب، وكان على رأس الحزب مناحم بيجين..
    • وفي سنة 1965م تحالف حزب حيروت مع حزب الأحرار وكونوا معاً تشكيلاً حزبيًّا تحت اسم جحل وهو الاختصار العبري لأسماء أحزاب (جوش حيروت ليبراليم) أو (كتلة حيروت والأحرار). واتبعت خطاً فكريًّا وعقديًّا لا يخرج في قليل أو كثير عن خط حيروت العقدي. • وفي نهاية سنة 1973م كووت جحل وعدة أحزاب يمينية هي: المركز الحر (ورئيسه شامير رئيس الوزراء السابق) والقائمة الرسمية وحركة أرض إسرائيل الكاملة، تكتلاً عرف باسم الليكود لمواجهة حزب العمل الحاكم، وظهرت في هذه التكتلات شخصيات إرهابية منها أرييل شارون وعزرا وايزمان والدكتور بنيامين هيلفي.
    ـ أعلنت (الليكود) برنامجها أمام الكنيست، وهو يبرز نفس السياسة الإرهابية، ويغضُّ بمفاهيم العنف والتأكيد على حقوق الاستيطان حتى في الأراضي المحتلة.
    وأهم الشخصيات في هذا التكتل:
    • مناحم بيجين: ولد سنة 1913م في بولندة، والتقى بالزعيم الصهيوني جابوتنسكي سنة 1938م الذي عينه ممثلاً للحركة الصهيونية ودخل بيجين فلسطين سنة 1942م والتحق بالمنظمة الإرهابية الأراجون حيث تولى قيادتها في نفس العام. وأسس حزب حيروت سنة 1948م بعد حل منظمة الأراجون. وفي سنة 1973م قاد تكتل الليكود، وتولى رئاسة الحكومة اليهودية في فلسطين المحتلة سنة 1977م. وفي سنة 1977م، وقع اتفاقية كامب ديفيد مع الرئيس المصري أنور السادات.
    ـ يعد مناحم بيجين من أشد الإرهابيين المتبعين سياسة جابوتنسكي ويلخص سياسته بقوله: "أنا أحارب فأنا موجود". "القوة هي لغة التفاهم مع العرب". • عزرا وايزمان ولد في تل أبيب سنة 1924م، عمل في سلاح الجو البريطاني.. واشترك في حرب فلسطين سنة 1948م، وعين قائداً لسلاح الطيران الإسرائيلي من سنة 1958م إلى 1966م واشترك في حرب سنة 1967م ثم عين وزيراً للمواصلات، ثم وزيراً للدفاع سنة 1975م. • يوحنا بيدر: من منظمة الأرجوان الإرهابية وهو محرك الحزب وواضع نظرياته الفلسفية الإرهابية، ورئيس تحرير جريدة حيروت. • يعقوب ميريدور مدير عمليات الأرجوان السابق. • يوحنا بارو ـ ناحوم يثعن.. والجميع تجمعهم صفة الإرهاب والتطرف. • أرييل شارون: ولد في فلسطين سنة 1928م وانضم إلى المنظمة الإرهابية الهاجاناه في سنة 1944م واشترك في حرب 1948م واشترك في حرب 1956م بين إنكلترا وفرنسا وإسرائيل من جهة، ومصر من جهة أخرى.. واشترك في حرب 1967م وأحيل إلى التقاعد بعد الحرب مباشرة واستعد للحرب في سنة 1973م وقام بعملية الثغرة (الدفرسوار) في الضفة الغربية لقناة السويس. والتحق بتكتل الليكود الذي يعد حزب حيروت أكبر حزب فيه.. وأصبح من أبرز الزعماء اليهود.. فضلاً عن أنه قائد القوات اليهودية التي اجتاحت لبنان، وهو المخطط لمذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان
    ثالثا: الأفكار والمعتقدات
    أهم المبادئ الرئيسية ـ في التعريف بالحزب ـ منذ تأسيسه كحزب مستقل، وحتى انضمامه إلى تكتل (الليكود) الذي ضم عدة أحزاب، كلها ذات مبادئ واحدة، أبرزها:
    ـ المطالبة بحدود إسرائيل الكبرى، وعدم التخلي عن أي أرض احتلت عام 1967م وأن للشعب اليهودي حق تاريخي وغير قابل للتنازل عنه في أرض إسرائيل.. أرض الأجداد.
    ـ مباركة الأعمال العدوانية ضد الدول العربية.. والحرب هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها العرب.
    ـ العمل على تشجيع الاستيطان الديني والريفي في فلسطين، واعتبار أن تشجيع الهجرة يقع على رأس مهام الدولة، بما يستلزمه ذلك من ضرورة تخصيص الأموال اللازمة للاستيطان. ـ إدراك وحدة المصير والنضال المشترك من أجل وجود الشعب اليهودي في أرض فلسطين والدياسبورا (أرض الشتات). ـ التجنيد الإجباري واجب على كل مواطن، ولذا يلزم إعداد الجنود إعداداً فنيًّا حديثاً مع الاهتمام بالقوات الاحتياطية. ـ التعاون مع المعسكر الغربي والدخول في أحلاف عسكرية معه وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. ـ يعد الحزب فرعاً لاتحاد الصهيونيين وأفرعها المنتشرة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا. ـ التضييق على الأقلية العربية في الدولة والعمل على تصفية معسكرات اللاجئين



    يتبــــع


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  10. #10

    رد: موسوعه المذاهب الفكرية المعاصرة



    سادسا: آثار العلمانية في الغرب

    لى الرغم من أن الحضارة العلمانية الغربية قد قدمت للإنسان كل وسائل الراحة وكل أسباب التقدم المادي،
    إلا أنها فشلت في أن تقدم له شيئاً واحداً وهو السعادة والطمأنينة والسكينة، بل العكس قدمت للإنسان هناك مزيداً من التعاسة والقلق والبؤس والتمزق والاكتئاب، وذلك لأن السعادة والسكينة أمور تتعلق بالروح، والروح لا يشبعها إلا الإيمان بخالقها، والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:4] أي جعل الطمأنينة والوقار في قلوب المؤمنين الذين استجابوا لله ولرسوله، وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلما أطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت، زادهم إيماناً مع إيمانهم
    وكيف تنزل السكينة في قلوب أناس أقاموا حضارتهم على غير أساس من الإيمان بالله تعالى وشرعه ؟
    بل الذي يحصل لهم هو مزيد من القلق والتعاسة والضيق والخوف يقول الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [ الأنعام: 125].
    وبهذا يتبين لنا حالة القلق الرهيب التي تعيشها المجتمعات التي تسير على غير هدى الله وشرعه، على الرغم من تقدمها المادي، ووصولها إلى أرقى أساليب التقنية الحديثة.
    وهذا ما أيده الواقع الملموس في البلاد التي ابتعدت عن شرع الله، فالإنسان إنما يكون في حالة طيبة نفسياً وبدنياً عندما تقوى صلته بالله تعالى، ويلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه.ولذلك يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى -:

    "في القلب شعث - أي تمزق وتفرق - لا يلمهُ إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه نيران حسرات لا يُطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه وقضائه، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه، ودوام ذكره، وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً" .
    إن إبعاد الدين عن مجالات الحياة في المجتمعات الغربية كان - ولا يزال - من أهم الأسباب التي أدت إلى الإفلاس والحيرة والضياع.

    وإن مما نتج عن ذلك مما هو مشاهد وملموس ما يلي:
    الولوغ والانغماس في المشروبات الروحية والإدمان على المخدرات.
    2- الأمراض العصبية والنفسية.
    3- الجرائم البشعة بمختلف أنواعها كالسرقات، والاغتصاب، والشذوذ الجنسي، والقتل وغيرها.
    4- تأجيج الغرائز الجنسية بين الجنسين.
    5- انتشار الأمراض المخيفة كالزهري، والسيلان، وأخيراً يبتلي الله تلك المجتمعات بالطاعون الجديد وهو مرض "الإيدز".
    6- الانتحار.
    إن الغرب يعيش حياة الضنك والقلق، فلا طمأنينة له ولا راحة، ولا انشراح لصدور أهله، بل صدورهم في ضيق وقلق وحيرة، وما ذلك إلا لضلالهم وبعدهم عن الله، وإن تنعموا ظاهراً في الحياة الدنيا.
    قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [ الروم:7].


    يتبــــع



    سابعا: الرد على من زعم أنه لا منافاة بين العلمانية وبين الدين

    ما أكثر المغالطات التي توجه إلى خلط المفاهيم إما عن جهل بالحقائق وإما عن معرفة وطوية مبيتة شريرة.
    ومن العجيب حقاً أن يتبجح مُنشئوا العلمانية بأنها حرب على الأديان وتذويب للمجتمعات في بوتقة اللادينية، ثم يأتي بعد ذلك من يحاول تغطية هذا المفهوم الواضح فيدَّعي التوافق بينها بحجة أن العلمانية والدين يجتمعان في الحث على نبذ التأخر – حسب مفهومهم – وعلى الحث على العلم والاكتشافات والتجارب، والدعوة إلى الحرية، أو أن العلمانية تخدم جوانب إنسانية بينما الدين يخدم جوانب إلهية.. إلخ تُرهاتهم، ولنا أن نقول للمغالطين أن العلمانية لم تظهر في الأساس إلا بسبب الخلافات الشديدة بين دينهم وبين علمانيتهم، وإلا فما الذي أذكى الخصومة بين الدين والعلمانية عندهم؟
    نعم إن الدين الصحيح يدعو إلى نبذ التأخر والأخذ بالعلم ومعرفة الاكتشافات والبحث والتجارب ويدعو إلى الحرية، لكنه لا يجعل تلك الأمور بديلاً عن الخضوع للتعاليم الربانية أو الاستغناء عنها وإحلال المخترعات محل الإله عز وجل، بل يحكم على كل من يعتقد ذلك بالإلحاد ومحاربة الدين علناً، وهو ما سلكته العلمانية بالنسبة لنبذها للدين.
    والدين الصحيح لا يفصل بين السياسة والحكم بما أنزل الله تعالى، ولا يجعل قضية التدين قضية شخصية مزاجية، ولا يبيح الاختلاط ولا السفور وإعلان الحرب على القيم والأخلاق، بينما العلمانية لم تقم في الأساس إلا على تكريس البعد عن الدين – النصراني – وإباحة الشهوات بكل أشكالها. فأي وفاق بينهما؟ ! !
    كذلك فإن الدين لا يبيح لأي شخص أن يُشرَِّع للناس من دون الله تعالى، ولا أن يتحاكموا إلى غير شرع الله تعالى، وهذا بخلاف العلمانية، كما أن التوافق بين شيئين في بعض الجوانب لا يجعلهما متماثلين حتماً.
    أما هل يوجد وفاق بين الإسلام بخصوصياته وبين العلمانية ؟
    فإنها إذا كانت العلمانية لا تتوافق مع بعض المذاهب الوضعية الجاهلية وتقف ضد نفوذها، أفيمكن أن تتوافق مع الإسلام بخصوصه، إن الذين يتصورون ذلك لا يحترمون عقولهم ولا مشاعر الآخرين، أليس الإسلام هو العدو اللدود لجميع الجاهليات مهما اختلفت أسماؤها في حزم وصرامة دون أي تحفظ لا يختلف في ذلك مسلمان؟
    وكيف تتفق العلمانية على الشرك بالله عز وجل، وبين الإسلام القائم على عبادة الله وحده لا شريك له ذلاً وخضوعاً وحكماً في كل شيء.
    لقد قامت العلمانية من أول يوم على محاربة الدين وعدم التحاكم إليه، و على الخضوع لغير الله تعالى إما الطبيعة وإما في عبادة بعضهم بعضاً بعد أن ابتعدوا عن الدين وعن الخضوع لرب العالمين وأشركوا معه سبحانه فئة من البشر يسمونهم بالمشرعين أو القانونيين، ويقدمون كل ما يقرره هؤلاء وينفرون عن ذكر الشريعة الإلهية والرسل والرسالات لأنها بزعمهم لا تقدم الحلول الناجحة كالتي اخترعوها، متناسين هذه الفوضى الفكرية والأخلاقية والاقتصادية.. الخ، الفوضى التي تعيشها المجتمعات العلمانية ونقضها اليوم ما أثبتته بالأمس {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}[النساء:82].
    ولعل الذي حمل بعض القائلين بأن العلمانية لا تحارب الدين ما يرونه من عدم تعرض العلمانيين لسائر أهل العبادات بخلاف النظام الشيوعي، ولكن يجب أن تعرف أن أساس العلمانية لا ديني، ولعل تركهم لأهل العبادات إنما هي خطة أو فترة مؤقتة.





    يتبــــع



    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعه كامله عن زيت الزيتون وفوائده وخصائصه
    بواسطة عبدالله جنينة في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-18-2009, 11:18 AM
  2. التقريب بين المذاهب
    بواسطة السيد مهدي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-30-2008, 01:39 PM
  3. موسوعه الام والطفل
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2007, 05:35 AM
  4. موسوعه مواقع تعلم اللغه الانجليزيه
    بواسطة noureldens في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-21-2006, 06:31 AM
  5. موسوعه مواقع للانترنت
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-30-2006, 01:56 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •