منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 27 من 27

العرض المتطور

  1. #1
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السيدة الفاضلة أم فراس , الأساتذة الكرام أصحاب الفضيلة , وأصحاب العلم والمعرفة . الأستاذ الباحث أسامة عكنان
    السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته وبعد .

    اعترف بأنني جئت متأخراً , بعد أن امتلأت الصفحات بالردود , والتي لو قرأتها لأخذت مني ساعات طوال لدراستها والوقوف على مكنونها , واكتفيت بقراءة المقالة والرد عليها من الشيخ الفاضل محمد جاد الزغبي , مرور السحاب , وسرعة الاستيعاب , فوجدت ما يلي في مختصر الكلام :

    1 ــ الأستاذ عكنان قدم بحثاً مثيراً للجدل , وهذا ليس بالجديد , بل هو أقدم من التاريخ الذي نتعامل معه , ويعود ذلك إلى العصر اليوناني بالمذهب العقلي , المأخوذ من مذهب ( الغنوصية ) اليونانية , وامتدت إلى عصور الفتن في الباطنية والمعتزلة وغيرهم .

    2 ــ تطاول على علماء المسلمين بل وعلى الخلفاء الراشدين بما لا يليق بهذا المقام .
    3 ــ ركز في مقالته على الهنات التي حصلت في الحكم الإسلامي , ولم يذكر إيجابيات علمائنا وما بذلوه من جهد في سبيل إظهار الحق وزهق الباطل , بداية في حرصهم على آيات القرآن , وحرصهم على سنة رسول الله وأحاديثه النبوية الشريفة ,
    4 ــ الشك بما جاء به الوحي قائلاً ((ومن هنا فإن الوحي الذي نجد له حضورا ويحاصرنا من كل الجهات، معني بأن يثبتَ مشروعيته بأن يتوافق توافقا تاما مع مقتضيات العقل ومقتضيات التجربة المعرفية، في ضوء الأنساق المعرفية التي يفرضانها كي يتحرك في ضوئها((.

    وأشكر الشيخ الفاضل محمد جاد الزغبي , الذي وضع المقدمات والبراهين التي تطيح بكل شك جاء في المقالة , وكان هو الرد المقنع بالأدلة العلمية الصحيحة لما بذله العلماء من قديم العصور إلى يومنا هذا , حرصاً منهم على كل كلمة عربية فأوجدوا المعاجم اللغوية , لارتباط اللغة العربية بلغة القرآن العربي , وأوجدوا النحو والصرف للحفاظ على آيات القرآن وتفسيرها تفسيراً يتناسب مع أصول البيان النحوي واللغوي , وأوجدوا علم الحديث , وقاموا بتنقية الأحاديث الضعيفة من ألأحاديث المتفق عليها , بصحيحي مسلم والبخاري, ولم يترك العلماء شاردة ولا واردة إلا وبينوا قوتهم في إظهار معانيها وأسباب نزولها وصحة روايتها , ليكون الإسلام نور وهداية لكل الناس أينما كانوا , ولتكن الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس بفضل معجزة القرآن , ومعجزة النبي الأمي الذي لا ينطق عن الهوى أنْ هو وحي يوحى .
    وأما اعتماد الباحث للوصول إلى المعرفة , فهذا أمر لا بد منه , لأن العقل مكلف لإظهار الحق من الباطل , ولكن أي عقل هذا ؟ , هل العقل المطلق , أم العقل الذي خلقه الله للإنسان ليقوم بواجبه الدنيوية وحل المشكلات التي تحيط به على المستوى البشري , وليس على المستوى المعرفي المطلق , لأن كل حواسنا محدودة وليست مطلقة , هل نسمع دبيب النمل ؟ هل يصل عقلنا للحكم على وجود الروح وباقي الغيبيات؟ , ولقد ذكر شيخنا بأن ذلك يوقعنا إلى الكفر لو تطاولنا في التفكير بها .
    إن العقل وحده يعجز عن تفسير ظواهر المخلوقات وتحليلها بشكل مطلق , وكذلك جميع الحواس , ومن هنا نقول , لماذا اختار الباحث ( الدليل العقلي ) هل لأن هذا المذهب يتفق مع المذاهب الأوربية ومدارسها لنظرية المعرفة المختلفة الاتجاه كالتجريبيين الذين يردّون المعرفة إلى الحواس أو العقليين الذين يؤكدون أن بعض المبادئ مصدرها العقل لا الخبرة الحسية.

    إن الذي يسعى وراء هذه المذاهب ليطبقها على دين سماوي له من المعجزات ما يعجز العقول ويذهل القلوب , فهو إنما يسعى إلى أمر خطير مفاده الشك والهدم ليزيد الطين بلة على رؤوس المسلمين , وأنا مع الذين يطالبون بحذف المقالة حتى لا تتسع رقعة الجدل المؤدية إلى ضلال من لا يتعمق بأصول الدين , ولنا في رد الشيخ محمد جاد الزغبي وغيره من العلماء الأفاضل خير سبيل للقناعة , واقبلوا تحياتي.

  2. #2
    لفت انتباهي بشكل أثار استهجاني من حجم التهاون العلمي والتوثيقي، ما أشار إليه الأستاذ الفاضل الذي سبق وأن اتهمني بأني أهاجم الصحابة وأتهمهم تلك التهم المثيرة للرعب والتقزز والتي عبر عنها باجتزاء جزء من نص كنت قد نشرته في موقعكم الأغر، بعد أن أكدت أن النص مجتزأ يعزله عن سياقه الذي ورد فيه والذي يتضمن معنى غير هذا تماما، وهو نفي هذه الصفات عنهم لنفس الأسباب التي ساقها.. أقول.. لفت انتباهي المستهجن أن الفاضل المذكور مصمم على أنني أدعي ولا أقول الحقيقة، وعلى أنني أتهم الصحابة فعلا، وزعم أنه قرأ ما كتبته في هذا الشأن ولم يجد لادعائي أصلا، ورأيته يتحداني بإيراده إن كنت قلته، ليتفضل عليَّ بكرم المغفرة والسماح والتجاوز عن هذه الخطيئة ما دمت تراجعت عنها كما بدا له!!!!!!
    ولأنني أعرف ما كتبته جيدا، وكي لا يظنن أحد ممن سيقرأون للأستاذ أنه محق لمجرد أنني تعففت عن التورط في هذا المنهج غير العلمي في الحوار، فإنني أورد النص الكامل الذي تم اجتزاء الفقرة منه، كما تم نشره في موقعكم الأغر خلال لقائكم معي في العام الماضي، وهو على ما أظن في الصفحة الثامنة أو التاسعة على ما أذكر..
    راجيا أن تتم قراءته بعناية ليتبن الأستاذ الفاضل إن كنت فعلا أهاجم الصحابة أم أنني أهاجم النهج التاريخي الذي ثبَّت في حقهم تلك الصفات القميئة مُشككا أصلا في الرواية التي شنعت عليهم في الفتنة، لتعارض ذلك – من وجهة نظري – مع ما نعرفه عنهم بنصوص القرآن، وبما يفترض من ضرورة نجاح النبوة والقرآن في تخريج جيل أسمى من أن يقع في تلك الكوارث التي نقلت لنا عنهم..
    أي أنني أخالف نهج الرواية الذي نقل إلينا أحداث الفتنة التي هي في ذاتها إدانة لكثير من الصحابة إن صحت، ومرد تشكيكي فيها أن الصحابة لا يمكن أن يكونوا كما ذكرتهم تلك الفتنة..
    وأنا هنا لا أورد هذا النص لأناقش أحدا في تفاصيله التي أعرف أن هناك خلافا بيني وبين الكثيرين في المنهج الذي اعتمدت فيه، وكل ما قصدت إليه من إيراده هو تبيان التجني البعيد عن العلمية الذي يمارسه الأستاذ الفاضل في حقي وهو يتعامل بذلك القدر من التهاون العلمي والاستعلاء الوصائي غير اللائق بشخص من الواضح أنه ممتلئ علميا بشكل يجب أن يدفعه إلى التواضع والرفق، وليس إلى الاستعلاء والفظاظة خلال الحوار..
    تحياتي..
    النص الكامل الذي اجتزأ منه الأستاذ الفاضل فقرة واحدة أقام عليها هجومة غير المبرر..
    على أي أسس تعاد قراءة التاريخ العربي والإسلامي

    إذا كان ما سبق هو بمثابة حديث تأصيلي لآليات التَّثَبُّت من النقل - "القرآن والسنة" - من حيث هو تاريخ، فإن المسألة عند التثبت من الوقائع والأحداث التاريخية التي أعقبت انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، وعند تطبيق الرؤية السابقة عليها، ستتخذ وجهةً تقودنا إلى نتائج شديدة الاختلاف عما في "سجل" تلك المرحلة من صيرورة وحراك تاريخيين. ولتكن أحداث مع اصطلح عليه في موروثنا التاريخي بـ "الفتنة" نموذجنا المعتمد في تكريس ما نود تكريسه.
    تعتبر "الفتنة" أكثر ما في السجل التاريخي لتلك الفترة من الزمن، إثارة للجدل "المعرفي" بالدرجة الأولى، انطلاقا من سلسلة التناقضات التي تثيرها محتويات ذلك السجل بخصوصها من أحداث ووقائع تتناقض مع العقل والقرآن.
    فنخبة الصحابة الذين قضى الرسول الكريم 23 عاما في تربيتهم وصقل نفوسهم وعقولهم وقيمهم وسلوكهم، والذين نزل فيهم القرآن متابعا ظروف حياتهم، مثنيا عليهم، حامدا معظم مواقفهم وسلوكاتهم، والذين رحل النبي الكريم وهو مطمئن إلى أنه سلم الأمانة لهم بوصفهم قادرين على حمل الرسالة ونشرها من بعده.. هؤلاء الصحابة – كما تروي لنا أحداث الفتنة في ذلك السجل المريب والغريب – اقتتلوا وأراقوا دماء بعضهم البعض، واختلفوا وتسببوا في تقسيم الأمة، وفي قتل عشرات الآلاف من المسلمين، بشكل لم يحصل بين العرب حتى قبل الإسلام!!
    هؤلاء الصحابة – أيضا – وهم الذين زهدوا في الدنيا ومتاعها، وفي تحري الحق والعدل والإنصاف، كما يُرْوَى عنهم، عندما لا يتعلق الأمر بتسجيل وتوثيق الفتنة!! تكالبوا على الدنيا ومتاعها خلال أقل من عقدين من الزمان بعد موت معلمهم وقائدهم، فتنافسوا على أرض السواد في العراق، وتحول الكثيرون منهم إلى إقطاعيين لا يقلون بشاعة عن إقطاعيي أوربا في القرون الوسطى، وتعاملوا مع "مصر" باعتبارها بقرة حلوبا لنزواتهم ورغباتهم ولثرائهم، مستغلين حب الناس لهم بموجب صحبتهم للنبي الكريم، واقتتلوا من أجل المال ومن أجل السلطة، واتهم بعضهم البعض الآخر بالنهب والسلب، وتمرد بعضهم بلا حق على السلطة الشرعية، وتساهل آخرون في تطبيق العدالة وإقامة حدود الله.. إلخ.
    هذا ما يُروى لنا في "سجل الفتنة"، مقدمات وصيرورت وتداعيات. لا بل إن كُتاَّبَ تلك الفترة من التاريخ، لا يحسون بأي حرج وهم يصفون "عثمان بن عفان" الشيخ الوقور العجوز الصحابي العظيم الحيي ذو النورين زوج ابنتي الرسول الكريم، باللص الذي سرق آلاف الدنانير من بيت مال المسلمين مستغلا مكانته كخليفة لهم، لأغراض عائلية، وهو الذي ما تُروي لنا سيرته في كل المناسبات، وخاصة عندما كان شابا يمكن أن يكون للدنيا ومتاعها مكان في حياته – باستثناء مناسبة الفتنة بطبيعة الحال – سوى أنه كان زاهدا متقشفا عازفا عن مباهج الدنيا، إلى درجة رفضه أن يبقي معه من ماله العظيم الذي لا تأكله النيران كما يقال، سوى ما يقيم أوده ويسد رمقه ورمق زوجته ابنة النبي العظيم، متبرعا دائما وأبدا بكل قوافله التجارية – التي كانت الأكبر والأضخم على الإطلاق - للمسلمين الفقراء وللدولة ولتجهيز الجيوش.. إلخ. هذا الرجل انقلب فجأة وبعد أقل من عشرين عاما من وفاه معلمه وقائده ونبيه، إلى شيخ عجوز لا هم له سوى تمييز أفراد عائلته ومنحهم المناصب والامتيازات، وتسخير بيت المال لرغباتهم التي لا تنتهي!!
    ثم يفاجئنا "سجل الفتنة"، بأغرب التحليلات وأبعدها عن المنطق وأكثرها مجانبة للحقيقة، عندما يصر على تصوير أسباب وصول الفتنة إلى ذروتها التي – يؤكد ذلك السجل – على أنها طحنت عشرات الآلاف من المسلمين، وأطارت أعناق عشرات الصحابة الكبار المنتخبين، في "الجمل" و"صفين" و"النهروان".. إلخ، في خلافٍ على "بيعةٍ" خرج عنها وتمرد عليها "معاوية"، بسبب "طلب إقامة حدٍّ مشروع" رفض الالتزام به "علي". لتكون هذه الرواية التاريخية التي صدقناها واعتنقناها جزءا من الدين، بسبب ما دفعتنا إليه من كل أنواع التأويل والالتفاف على الحقائق الدينية، للخروج من المآزق المعرفية التي فرضتها علينا.. نقول.. لتكون هذه الرواية هي النقطة السوداء في تاريخنا الذي بُنِيَ لاحقا على هذا الافتراء والدجل اللذين أفرزتهما رواية ليس فيها من الحق شيء على الإطلاق!!
    ولكن ما دليلنا على ما نقوله في ظل هذا الزخم الروائي التاريخي الذي يجعل منها حقيقة لا مجال لإنكارها؟!
    في الواقع، نحن ننطلق في تفنيدنا لهذه الرواية ككل، وفي أطرها وسياقاتها الكليَّة، ودون الخوض في تفاصيلها، من مجموعة من الثوابت التي إذا صحت الرواية بشكلها الموروث والمُسَجَّل، فإنها تهوي وتسقط، بكل ما يعنيه سقوطها من كارثة مدوية، تفقدنا اليقين في "الله" وفي "رسوله" وفي "الإسلام" وفي كل "النبوات" من حيث المبدإ، لتغدو مسيرة الوحي مجرد عبث ومسرحية لا قيمة لها!!
    قبل البدء في الحديث عن تلك الثوابت التي سنضعها في مقابلة حربٍ وجودية مع تلك الرواية، بحيث سيتضح لنا بهذه المقابلة أننا أمام خيار معرفي خطير، فإما الرواية بصورتها تلك، وإما تلك الثوابت، نحب أن نؤكد على حقيقة يجب أن يكون الوعي بها حاضرا لدينا باستمرار، فضلا عما سبق وأن ثبتناه بخصوص دلالة التعارض بين النقل والعقل في المسموع والمنقول، في تحليلنا السابق. وهذه الحقيقة هي أن تاريخ – بمعنى توقيت – البدء في تدوين السنة والسيرة والتاريخ العربي والإسلامي كله، بدأ في منتصف القرن الهجري الثاني، وليس قبل ذلك، حيث لم يكن يتم تداول أي خبر إلا بالمشافهة والرواية فقط.
    وهذا يعني أن معرفتنا بحقبة "القرن والنصف الأولى" من تاريخنا، لا دليل عليها خارج نطاق ما كتبه لنا من بدءوا بالتدوين بعد حلول النصف الثاني من القرن الهجري الأول، أي بعد أن استقر السلطان لـ "بني العباس"، وبعد أن أصبح بالإمكان كتابة التاريخ بالشكل الذي تريده السلطة الحاكمة والقوى النافذة، بلا منازعة أو تسرُّبٍ للحقيقة إلا في أضيق الحدود.
    وهذا بدوره لم يحدث إلا بعد أن كان صُناَّعُ التاريخ الحقيقيون السابقون - سواء كانوا "سلطة سياسية أموية" أو معارضة للسلطة – غالبا - "متشيعة لآل البيت" ولأعداء بني أمية - قد أغرقوا سوق المشافهة والنقل والرواية، بكل مبررات طمس الحقيقة وتجيير الوقائع والأحداث بالشكل الذي يخدم رؤية وبرنامج كل طرف.
    أي أن مرحلة الكتابة والتدوين عندما بدأت، ما كان لها أن تتمكن من معرفة حقيقة ما حدث – حتى لو كانت في منتهى النزاهة – بسبب هيمنة الروح السياسية والمعتقدية الدينية التي سادت على مدى القرن ونصف القرن الأولى سوق الرواية والمشافهة وهيمنت عليه، مُكَرِّسَة ما وصلَنا وما ورثناه بكل ما فيه من أباطيل وخرافات وأساطير تعصى على التنقيح الحقيقي، بعد أن أصبح جزءٌ كبير من تلك الأساطير بمثابة مرتكزات وثوابت يتم الانطلاق منها لمحاكمة الباقي!!
    أما الآن فلنعد للحديث عن الثوابت التي أشرنا إليها، والتي سنواجه بها وبمقتضياتها "رواية الفتنة" كما يقدمها لنا "السجل الأسطوري المريب" الذي دوَّن لنا تلك المرحلة..
    ولكن ونظرا لضخامة الموضوع، وبسبب عدم قدرتنا على تمريره في رد أو مقالة صغيرة في موقع، ولأنه يتطلب وقتا ومساحات كبيرة من الحوار والنشر، فإننا سوف نورد تلك الثوابت على شكل عناوين وخطوط عريضة، مؤجلين عرضها في الموقع بهدوء وتؤدة وروية، موضوعا موضوعا وحسبما يتيحه الوقت.
    راجين من الله أن يكون في تلك الخطوط العريضة والعناوين الرئيسة ما يعطي بعض الإشارات على الوجهة العامة لجوهر الموضوع الذي تثيره..
    1 – "عروبة النبوة" و"نبوة العروبة"، و"عروبة الرسالة" و"رسالة العروبة".. "كيف تكونت وتطورت العروبة في رحم النبوة والرسالة، وكيف تكونت وتطورت النبوة والرسالة في رحم العروبة".. عدم انفصال العروبة عن النبوة وعن الرسالة من حيث الشراكة في المُكونات القيميَّة لكل منهما.. وهنا سوف نتطرق لمكونات العروبة من حيث القيم الأساسية المُكونة لها ولكل من النبوة والرسالة.. وهذه المكونات هي القيم الكبرى الرئيسة التالية.. "الحرية"، "العدالة"، "العائلة"، "الشراكة"، "الفروسية".. وهي القيم التي تميز بها العرب عن باقي الأمم في تلك الفترة من الزمن، والتي جعلتهم مؤهلين لحمل الرسالة، بعد أن جبلتهم النبوة عبر آلاف السنين ليكونوا على هذا النحو..
    2 - بدء الانفصال بين العروبة والرسالة.. من خلال بدء الصراع بين "النزعة العروبية التبشيرية" للرسالة و"النزعة الإمبراطورية التوسعية" لها.. وهنا تكون قد بدأت المؤامرة على العروبة، والتي كانت أهم مظهر من مظاهر المؤامرة على الرسالة ذاتها.. حيث تم العمل على إظهار العروبة معزولة عن النبوة وعن الرسالة وعن قيمهما، بوصف العرب بأخس الصفات قبل الإسلام، تمهيدا لتبرير عودتهم إلى تلك الصفات بعد غياب القائد الرمز.. علما بأن الخط السابق سيكون قد أثبت أن الاختيار الرباني للعرب كي يحملوا الرسالة قام على تميزهم بتلك القيم الخمسة المشار إليها، لا بسبب انحطاطهم.. فالله لم يكن بحاجة لتحدي العالم بنشر رسالته بأمة متخلفة، بقدر ما كان معنيا بأن يثبت لنا وللعالم بأن سنته في الوجود تقتضي أن لا تكون مؤهلة لحمل الرسالة إلا أمة فيها تلك الصفات الخمسة بالدرجة الأولى..
    3 - من مظاهر المؤامرة على العروبة وعلى الرسالة بعد انتصار النزعة الإمبراطورية للرسالة.. "تزييف تاريخ الرسالة وفصلها عن رسالة العروبة".. "تزييف تاريخ العروبة وفصلها عن عروبة الرسالة".. "فصل العربي واللغة العربية عن العروبة وعن الرسالة".. فبهذه السلسة من التزييفات والانسلاخات، تحولت العروبة من حاضنة ضرورية للرسالة ومن منتج قيمي لها، إلى كيان لا قيمة له ولا أهمية، ويمكن أن يتم الاستغناء عنه، وصب الرسالة في حاضنات غير عروبية.. وكلنا نعلم ما الذي نتج عن هذه المؤامرة من تشويه للرسالة التي لا يمكن لحاضنة غير حاضنة العروبة أن تحافظ على نقائها.. لا بل أصبحت الحواضن غير العروبية للرسالة تُصَدِّر للعرب منتجاتِها الرسالية ليتبناها العرب ولتدور العروبة في فلكها.. وفي هذا السياق لا يمكننا أن نغض الطرف عن واقع أن "الإسلام السياسي" الراهن الذي يدين به العرب، هو في معظم جوانبه إسلام "بريطاني المنشأ التنظيمي"، نشأ في كل من "إيران" و"الهند"، بأدوات "آرية هندية" و"فارسية إيرانية".. أما الإسلام السياسي العروبي، فهو الذي يحاول إعادة إنتاج "نبوة العقل" من رحم البلاء والتخلف الذي تعاني منه الرسالة منذ أن تم سلخُها عن حاضنتها العروبية..
    4 - هل فشل القرآن الحكيم والرسول الكريم في إنتاج أمة العروبة والرسالة.. وهل فشلت النبوة والرسالة قبلهما في إنتاج أمة العروبة والرسالة.. فهذا على وجه الدقة والتحديد ما يمكن للعقيدة القائمة على "رواية الفتنة" الواردة في السجل التاريخي لتلك المرحلة أن تعنيه.. وهنا يجب أن يصار إلى إعادة إنتاج مرجعيات كتابة تاريخ العرب والعروبة والعربية والنبوة والرسالة على الأسس التالية.. "مسيرة النبوة والرسالة لم تكن لتفشل في مهمتها"، عبر كامل تاريخها منذ "إبراهيم" وحتى "محمد" عليهما الصلاة والسلام.. "القرآن والرسول كآخر مجليات للنبوة والرسالة لم يكونا ليفشلا في مهمتهما"، فينتجا جيلا يتحول إلى قتلة ومجرمين منتكسا حتى عن قيم العروبة التي كان عليها العرب قبل الإسلام الأخير..
    5 – أما المتطلبات التأصيلية لإبقاء الهيمنة والسيادة لـ "النزعة الإمبراطورية للرسالة" والإقصاء التام لـ "النزعة العروبية التبشيرية" لها فيمكننا أن نوردها فيما يلي.. "النزوع إلى التكفير الديني".. "النزوع إلى الإقصاء السياسي.. وهو ما انبثقت عنه المقولة الثيوقراطية البدعة "آل البيت" و"أئمة آل البيت" وحقوقهم الإلهية والتي كانت وما تزال هي الإطار السياسي الديني لكل فرق الشيعة.. والمقولة الثيوقراطية البدعة المقابلة "الأئمة في قريش"، والتي كانت الإطار السياسي الديني المرجعي لبني أمية ولمعظم أهل السنة.. فانبثق عن كل ذلك تطور مفهوم الجزية وتأصيله، وتبلور مفهوم البراء والولاء، والنكوص عن العلمانية العروبية التي كانت سائدة قبل الإسلام، والانتكاس إلى الثيوقراطية البدائية بأسوأ معانيها، متجلية في ثيوقراطية خلافتي بني العباس وبني أمية قبلهما، وكل ما تلاهما اقتداء بهما بعدهما.. وتولد عن ذلك أيضا نزوع غير مسبوق في تاريخ العرب حتى قبل الإسلام، إلى الظلم الاجتماعي.. فتبلور مفهوم الدرجات والطبقات، وتبلورت السلبية القدرية أمام مفهوم الرزق وربطه بالمشيئة التعسفية لله، وتفشي مفهوم الصبر على البلاء بمعانيه التواكلية والقبولية، وتكونت المفاهيم التجارية والإقطاعية والعبودية للتنظيم الاقتصادي وتم تأصيلها دينيا، من رحم تلك البنى السياسية والمعتقدية المتمردة على عروبة الرسالة وعلى رسالة العروبة.. ثم ظهر مفهوم العالمية والقفز على مفهوم "القومية" و"الشعوبية" الذي تحدث عنه القرآن كأمر واقع "إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".. ليس توحيدا للبشرية بقدر ما هو تأصيل للتوسع الإمبراطوري الذي دشنه واستكمله بنو أمية.. وتم ظهور وتبلور مفهوم طاعة أولي الأمر في المنشط والمكره، وظهور مفهوم دار الحرب ودار السلام، ودار الإسلام ودار الكفر، وتبلور مفهوم الجزية وأهل الذمة والمعاهدين بما ينسجم مع النزعة الإمبراطورية.. كما تبلور مفهوم الدعوة، وتحددت معاني غير حقيقية لرسالية الأمة..
    وتم تصوير "الفتنة" على غير حقيقتها.. فظهرت صراعا على السلطة، وخلافا على طريقة الحكم، بدل أن تظهر – كما هي في الواقع – صراعا بين مدرستين إسلاميتين، إحدهما تتبنى "النزعة الإمبراطورية التوسعية" بقيادة "معاوية بن أبي سفيان" وشيعته من بني أمية وأعراب العرب من ذوي الإسلام المتأخر أو من أصحاب الطموحات في الشام، والثانية تتبنى "النزعة الإسلامية التبشيرية" المؤمنة بالدولة العربية في حدود الأرض العربية التي حررتها معارك "اليرموك" و"أجنادين" و"ناهاوند" و"القادسية"، وغيرها، في كل من العراق والشام، والتوقف في الفتح والحرب عند هذا الحد، للانشغال ببناء الدولة الرسالية العربية القوية، القادرة على نشر الإسلام بالنمط الدعوي التبشيري، الذي يُعتبر هو جوهر الإسلام وجوهر العروبة في التعامل مع الآخر، وكانت هذه المدرسة بقيادة "علي بن أبي طالب" ونخبة الصحابة الذين لم يقف منهم أحد مع نهج معاوية، وكان معهم من آمن من العرب بخطهم الدعوي التبشيري.. وهي المدرسة التي هُزِمت أمام اندفاعة وقوة المدرسة الإمبراطورية المقابلة..
    أما نحن فقد أصبحنا في وقتنا الحاضر نتاجا خالصا لكل تلك المؤامرات.. ليزداد الطين بِلَّة ونحن نحاول أن ننهض من خلال تهذيب تلك الأساطير، وليس من خلال الثورة والتمرد عليها ورفضها من جذورها وإعادة قراءة ديننا وتاريخنا قراءة تنطلق من هذا التزاوج الذي كرسه الله بين العروبة والرسالة على مدى آلاف السنين..
    مع خالص شكري وتقديري
    أسامة عكنان
    ابدأ بالضروري ثم انتقل الى الممكن تجعل نفسك تصنع المستحيل

  3. #3
    القلب المؤمن الكبير هو القلب الذى يتسع لمحبة كل البشر ...
    هو قلب لا يضيق من أخطائه و حتى أخطاء الناس يعلم أين يقف وأين يكمل...
    هو قلب يتحمل بهدوء كل البشر ويقبل محبة الجميع حتى لو كانت بطريقة أخرى..
    لأنه القلب المتصل بالله بصدق..ولان الله محبة ولان من يخلو قلبه من المحبة لا يعرف الله..
    لان الله محبة ولأننا جميعا إخوة فى ألإنسانية مهما اختلفت الأفكار أو المعتقدات .
    إن كان قلبك لا يحب اخيه الذى يراه كيف يحب الله الذى لا يراه ؟؟؟
    أنا أنا أنا...
    من انت؟؟؟
    من يخلو قلبه من المحبة يخلو من فضائل الانسانية جميعها.
    مع خالص شكرى وعظيم تقديرى لقلبكم الكبير وبالمحبة مستنير للكبير والصغير.
    سامحوا مداخلتي..
    مهندس رؤوف يوسف يونان جرجس

  4. #4
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    الإخوة الكرام الأفاضل المشاركين والقراء ..
    لعلكم لاحظتم فى الردود السابقة للباحث الزميل , وفى ردودنا أيضا ملاحظة مهمة للغاية أتمنى ألا تغيب عنكم ..
    ألا وهى أننا أوردنا له الأسئلة ذاتها ثلاث مرات , وهذه هى المرة الرابعة , دون أن يحير جوابا على نقطة أصلية فى البحث
    !!
    ولكم تخمين السبب الذى لن يخفي عليكم بالطبع ..
    وأنا أعلنها لكم أنه لن يرد على صلب الموضوع أبدا والذى هو محتوى بحثه عن علاقة القرآن والسنة ,
    وأن هدفه الأصلي من رده الأخير الذى حرف فيه الموضوع عامدا إلى الشأن التاريخى هو الهروب من نقاط البحث الأصلية فى العقائد إلى حبث يجد متسعا فى رواية التاريخ ..
    حيث أن الخطأ فى رواية التاريخ مهما بلغ , فهو محتمل ,
    أما تورطه فى مناقشة حقيقة معتقداته التى سبق أن كشفناها فهو مأزق لا يقوى عليه ..
    وعليكم أن تلاحظوا أيضا من الذى يرد على أى نقطة يثيرها الآخر , أنا أم هو ؟!
    ورغم تفريعاته التى يفتح بها النقاش إلا أننى لن أتجاهل أى نقطة أو شبهة يطرحها دون رد , لنرى إن كان يستطيع المثل معى أم لا ؟!

    يقول الباحث :
    لفت انتباهي بشكل أثار استهجاني من حجم التهاون العلمي والتوثيقي، ما أشار إليه الأستاذ الفاضل الذي سبق وأن اتهمني بأني أهاجم الصحابة وأتهمهم تلك التهم المثيرة للرعب والتقزز والتي عبر عنها باجتزاء جزء من نص كنت قد نشرته في موقعكم الأغر، بعد أن أكدت أن النص مجتزأ يعزله عن سياقه الذي ورد فيه والذي يتضمن معنى غير هذا تماما، وهو نفي هذه الصفات عنهم لنفس الأسباب التي ساقها.. أقول.. لفت انتباهي المستهجن أن الفاضل المذكور مصمم على أنني أدعي ولا أقول الحقيقة، وعلى أنني أتهم الصحابة فعلا، وزعم أنه قرأ ما كتبته في هذا الشأن ولم يجد لادعائي أصلا، ورأيته يتحداني بإيراده إن كنت قلته، ليتفضل عليَّ بكرم المغفرة والسماح والتجاوز عن هذه الخطيئة ما دمت تراجعت عنها كما بدا له!!!!!!
    لست أنا الذى يغفر أو يسامح يا هذا .. بل الله عز وجل ..
    ونحن نقول ..
    لقد قبلنا كلامك هذا وأعلنت أمامكم اعتذارى عن الفهم الخاطئ فى تلك النقطة ورحبت بدفاعه عن نفسه فيها , لا سيما أنها نقطة فرعية ..
    فما الذى تريده أكثر من ذلك أيها الباحث الذى يلتزم المنهج العلمى الوثائقي ؟!
    إن الباحث ذو المنهج العلمى الحقيقي لا يتوارى خلف الأعذار وينتحل طريقة التمويه والتفريع كى يهرب من نقطة البحث الأصلية ..
    ولو كنت صادقا حقا , لاكتفيت بما أعلنته لك سابقا أننا نقبل توضيحك وأننا لا نترصد لك افتراء لأن ما أتى فى صلب موضوعك يكفي وزيادة .. فلماذا سنفترى عليك ؟!
    ولكى أثبت لكم أنه لم يأت بتكرار إثارة نفس النقطة إلا بغرض الهروب وتمويع الموضوع الأصلي , سأورد لكم نص اعتذارى له ..
    ولكن وبما أنك تراجعت عن كلامك الأول وما فهمناه منه , سنقول عفا الله عما سلف ..
    ونحن نعتذر عن الفهم الخاطئ , ونبرؤك من تهمة التعدى على الصحابة ..
    هل تريد إفساح صدر أكثر من ذلك ؟!!
    ولكن نقطة البحث أين تقع أيها الباحث الكريم ؟!
    هل وجدتنى ذكرت لك الإنتقادات فى نقطة الصحابة فقط , أم أنها كانت نقطة فى بحر الأفكار الكفرية التى صرحت بها ولم تأت بإجابة واحدة على سؤال واحد منها ؟!!
    عرفنا الآن موقفك من الصحابة وسنقتنع به ونصدقه ..
    هل تستطيع الآن أن تبرر لنا كلامك وأفكارك وتجيب على أسئلتنا وما وضحناه بشأنها ؟!!
    إن محاولتك لاتهامنا بالإجتزاء محاولة ساذجة للتعمية , لأن موضوعك الأصلي موجود وظاهر للعيان , فكيف سأجتزئ منه ويخفي ذلك على القراء يا ترى ؟
    هى محاولة للفرار من باقي نقاط البحث الأصلية والتى كانت نقطة الصحابة فيها نقطة فرعية على هامش البحث ,
    لأنها ــ رغم خطورتها لو كنت معتقدا بها ــ إلا أنها أهون كثيرا من الإلحاد الصريح فى أفكار بحثك الأصلية ..
    وها أنذا أكررها لك بلا تحفظ ..
    اعتبرنا أخطأنا فى فهمك وتقبل اعتذارنا الواضح عن ذلك وتعالى بنا إلى نقاط البحث الأصلية والعقيدة والأفكار التى عبرت عنها وسألناك عنها ثلاث مرات سابقا ,
    وقم فيها بالتوضيح لتكسب اعتذارا منا أكبر إذا نجحت بالفعل فى بيان خطأ فهمنا لها أو نجحت فى إثبات حقيقة صحة معتقداتك الفلسفية الآنفة الذكر ؟!
    فهل تستطيع أن تتزيي بالمنهج العلمى الحقيقي وترد على الأسئلة هذه المرة .. ؟!
    أشك فى ذلك ..

    والمشكلة أنك فى ردك الأخير ورطت نفسك بمشكلة أكبر , سنوضحها لاحقا , بعد أن نعلق على قولك :
    ولأنني أعرف ما كتبته جيدا، وكي لا يظنن أحد ممن سيقرأون للأستاذ أنه محق لمجرد أنني تعففت عن التورط في هذا المنهج غير العلمي في الحوار، فإنني أورد النص الكامل الذي تم اجتزاء الفقرة منه، كما تم نشره في موقعكم الأغر خلال لقائكم معي في العام الماضي، وهو على ما أظن في الصفحة الثامنة أو التاسعة على ما أذكر..
    راجيا أن تتم قراءته بعناية ليتبن الأستاذ الفاضل إن كنت فعلا أهاجم الصحابة أم أنني أهاجم النهج التاريخي الذي ثبَّت في حقهم تلك الصفات القميئة مُشككا أصلا في الرواية التي شنعت عليهم في الفتنة، لتعارض ذلك – من وجهة نظري – مع ما نعرفه عنهم بنصوص القرآن، وبما يفترض من ضرورة نجاح النبوة والقرآن في تخريج جيل أسمى من أن يقع في تلك الكوارث التي نقلت لنا عنهم..
    أي أنني أخالف نهج الرواية الذي نقل إلينا أحداث الفتنة التي هي في ذاتها إدانة لكثير من الصحابة إن صحت، ومرد تشكيكي فيها أن الصحابة لا يمكن أن يكونوا كما ذكرتهم تلك الفتنة..
    وتقول أنك صاحب منهج علمى توثيقي !!
    إن وصفك للصحابة وللروايات التى طعنت بهم هو وصف صحيح نحييك عليه , واستدلالك بالقرآن على تزكية هذا الجيل الكريم أمر لا غبار عليه ..
    ولكن المشكلة الكبري تكمن فى أنك بنيت شكك فى الروايات على هذا فقط مهملا ـــ يا صاحب المنهج العلمى ـــ أن تلك الروايات قد تناولها العلماء عبر العصور بالنقد الموثق للأسانيد والمتون ولم يتركوا فيها شيئا باطلا إلا أوضحوه , ولم يتركوا رواية باطلة إلا ضعفوها وفقا لعلم الجرح والتعديل (
    والذى تنكره أنت كمصدر موثوق لمعالجة الروايات )
    ثم نقلوا لنا الروايات الصحيحة لنفس الوقائع وسجلوها كاملة , وسبق أن نقلت لك أسماء كافة المراجع وحتى أسماء الرواة المطعون فيهم , وبينت لك أيضا أسماء العلماء الذين نقدوا الروايات وبينوا الصحيح وجمعت لك كافة المصادر فى هذه الحقبة من التاريخ , وفوق ذلك وضعت لك موضوعا موثقا فيه الروايات الصحيحة جنبا إلى جنب مع الروايات الباطلة ..
    ولكنك من الواضح أنك لم تطالع من ذلك شيئا ..
    هذه واحدة ..
    أما الثانية
    فأنت تريد أن تبدو لنا فى صف المدافع عن الصحابة بنقد تلك الروايات , وليتك أنك تنقدها استنادا على حقائق وشروط علم الإسناد والرواية المحكم الذى نستند إليه ..
    لكنك أوردتها لتشكك فى علم الإسناد نفسه كمصدر لصحة الأخبار , كما شككت فيه من قبل كمصدر موثق للسنة النبوية المطهرة
    وهذه عقيدة من جملة عقائدك الثابتة عندك والتى أنشأت لها موضوعك هذا من الأساس , وهى الدعوى التى تنادى ها لتحكيم العقل فى نقلته أجيال العلماء من السنة المطهرة حتى لو كانت تلك الأسانيد صحيحة لا غبار عليها !
    أليست هذى دعوتك أم أننا افترينا عليك فيها أيضا ؟!
    أليس هذا هو محتوى موضوعك الأصلي ( العلاقة بين القرآن والسنة ) ؟!
    أليس هذا المنهج هو الذى دللت عليه بالتجربة التى أجراها معك أستاذك الأمريكى ليشكك فى الأسانيد وعلم الرواية كمصدر علمى لصحيح الأخبار ؟!
    فأين جوابك العلمى عن هذا يا صاحب المنهج العلمى ؟!
    وتقول :
    وأنا هنا لا أورد هذا النص لأناقش أحدا في تفاصيله التي أعرف أن هناك خلافا بيني وبين الكثيرين في المنهج الذي اعتمدت فيه، وكل ما قصدت إليه من إيراده هو تبيان التجني البعيد عن العلمية الذي يمارسه الأستاذ الفاضل في حقي وهو يتعامل بذلك القدر من التهاون العلمي والاستعلاء الوصائي غير اللائق بشخص من الواضح أنه ممتلئ علميا بشكل يجب أن يدفعه إلى التواضع والرفق، وليس إلى الاستعلاء والفظاظة خلال الحوار..
    مصرٌ أنت على تشخيص الأمور ..
    وتتهمنى بالغرور والإستعلاء والحديث الفظ وعدم الرفق وهذه أتركها لرأيك الشخصي دون رد ..
    لكنى فقط أود أن أذكرك بالجزء الأخير فى ردى السابق .. فلو أنك قرأته لطالعت مدى الرفق والأخوية التى خاطبتك بها داعيا الله عز وجل لك ولى وللمسلمين بالهداية ..
    لكنك من الواضح أنك لا تقرأ من الردود إلا ما تراه .. وهذا يخالف أبسط مبادئ البحث العلمى أيها الزميل ..
    اقرأ الردود كاملة واجعل حكمك شاملا ولا تتسرع فى الإتهام ..

    وتقول :
    وهذا بدوره لم يحدث إلا بعد أن كان صُناَّعُ التاريخ الحقيقيون السابقون - سواء كانوا "سلطة سياسية أموية" أو معارضة للسلطة – غالبا - "متشيعة لآل البيت" ولأعداء بني أمية - قد أغرقوا سوق المشافهة والنقل والرواية، بكل مبررات طمس الحقيقة وتجيير الوقائع والأحداث بالشكل الذي يخدم رؤية وبرنامج كل طرف.
    أي أن مرحلة الكتابة والتدوين عندما بدأت، ما كان لها أن تتمكن من معرفة حقيقة ما حدث – حتى لو كانت في منتهى النزاهة – بسبب هيمنة الروح السياسية والمعتقدية الدينية التي سادت على مدى القرن ونصف القرن الأولى سوق الرواية والمشافهة وهيمنت عليه، مُكَرِّسَة ما وصلَنا وما ورثناه بكل ما فيه من أباطيل وخرافات وأساطير تعصى على التنقيح الحقيقي، بعد أن أصبح جزءٌ كبير من تلك الأساطير بمثابة مرتكزات وثوابت يتم الانطلاق منها لمحاكمة الباقي!!
    أما الآن فلنعد للحديث عن الثوابت التي أشرنا إليها، والتي سنواجه بها وبمقتضياتها "رواية الفتنة" كما يقدمها لنا "السجل الأسطوري المريب" الذي دوَّن لنا تلك المرحلة..
    وتقول أنك تدافع عن نفسك بهذا الشرح ؟!!
    يا رجل ليتك ما دافعت فقد كان السكوت أنفع لك ..
    فأنت وبخفة وطيش ليس لهما مثيل تواصل تغريداتك الطاعنة فى كافة الروايات التاريخية وتضيفها إلى طعنك السابق فى أسانيد السنة لتؤكد على اقتناعك بفكرة أن التاريخ والأخبار التى تم نقلها إلينا ما هى إلا أساطير وشناعات !
    وتتهم المرحلة التى تم تدوين التاريخ فيها بذلك ناسيا أو متناسيا أن كل من قاموا بتدوين التاريخ ونقله بصحيحه وضعيفه هم علماء الحديث والخبراء بنقل الروايات , أما من نقل الأساطير والشناعات كما تسميها فهو أهل الفرق والمبتدعة كالشيعة الرافضة ,
    وأنت تتحدث كما لو أن أحدا لم يتعرض لتلك الأساطير بالنقد والتمحيص , وهذا إما أنه جهل مركب , وإما أنه غرض مبيت ..
    لأننا قلنا لك ألف مرة أن التاريخ الصحيح الخالى من أى شائبة قدمه لنا علماء السنة صافيا نقيا صحيح الإسناد والمتن بنفس طرق نقل الحديث النبوى , ولم يتركوا شاردة أو واردة دون أن يحققوها بل صنفوا الكتب العظام فى نقد الرجال ونقد الكتب أيضا وهم من حذرونا من كتب الشيعة كمؤلفات اليعقوبي ولوط بن يحيي والمسعودى وابن أبي الحديد ..
    وهم أيضا الذين نقدوا تاريخ الطبري وقدموا لنا
    تاريخ خليفة بن خياط وتاريخ المدينة لابن شبة وتاريخ الفسوى ومؤلفات الدارقطنى وابن العربي , وقام الذهبي وبن كثير وابن تيمية وابن الجوزى والعسقلانى بل وأصحاب السنن والمسانيد كابن أبي شيبة وابن حنبل وغيرهم بنقل الروايات الصحيحة والضعيفة ,,
    حتى فى
    كتب الحديث والسيرة المحضة كتاريخ البخارى ومسلم ومغازى ابن عقبة احتوت على الكثير والكثير جدا من التصحيحات التى وردت لأساطير كثيرة تسبب فيها الرواة , وهؤلاء العلماء هم من نبذوا تلك الروايات جميعها ولم يقبلوا من أصحابها صرفا ولا عدلا لا فى التاريخ ولا فى الحديث ..
    أما فى العصر الحديث فحدث ولا حرج , وقد تركت لك فى الردود السابقة خمسة أو ستة مؤلفات لأكاديميين معاصرين استقصوا الروايات الصحيحة للتاريخ الإسلامى على منهج المحدثين وأعادوا إبراز جهود علماء السلف فى تنقية روايات التاريخ الإسلامى ,
    وكل الروايات التى أوردتها أنت كمثال على الشناعة تم نقدها جميعا وتضعيفها فضلا على أنها كلها وردت من طريق كتب المبتدعة ورواتهم ولم ترد برواية وتصحيح أهل السنة قط
    لكنك تريد أن تصم التاريخ الإسلامى كله بأنه هو الذى نشر تلك الروايات وتوحى بأن مصادر التاريخ كلها على هذه الشاكلة , عامدا أو جاهلا أن المصادر الصحيحة والأصلية القدسمة والحديثة أكبر من أن تٌذكر
    وهذه كلها المؤلفات القديمة والجديدة موجودة ومتاحة ــ حتى على النت ـــ لكل باحث يريد أن يتبع المنهج العلمى , لا أولئك الذين ينصبون أنفسهم حكاما على السيرة والتاريخ ويتخيلون أنهم بعقولهم المعاصرة سيأتون بما لم تأت به الأوائل .. وليرحم الله عصور العلم السابقة !
    فليس ذنبنا أيها الزميل الفاضل أنكم لا تقرءون !!

    وتقول فى واحدة من عجائبك :
    وتم تصوير "الفتنة" على غير حقيقتها.. فظهرت صراعا على السلطة، وخلافا على طريقة الحكم، ب
    دل أن تظهر – كما هي في الواقع – صراعا بين مدرستين إسلاميتين، إحدهما تتبنى "النزعة الإمبراطورية التوسعية" بقيادة "معاوية بن أبي سفيان" وشيعته من بني أمية وأعراب العرب من ذوي الإسلام المتأخر أو من أصحاب الطموحات في الشام، والثانية تتبنى "النزعة الإسلامية التبشيرية" المؤمنة بالدولة العربية في حدود الأرض العربية التي حررتها معارك "اليرموك" و"أجنادين" و"ناهاوند" و"القادسية"، وغيرها، في كل من العراق والشام، والتوقف في الفتح والحرب عند هذا الحد، للانشغال ببناء الدولة الرسالية العربية القوية، القادرة على نشر الإسلام بالنمط الدعوي التبشيري، الذي يُعتبر هو جوهر الإسلام وجوهر العروبة في التعامل مع الآخر، وكانت هذه المدرسة بقيادة "علي بن أبي طالب" ونخبة الصحابة الذين لم يقف منهم أحد مع نهج معاوية، وكان معهم من آمن من العرب بخطهم الدعوي التبشيري.. وهي المدرسة التي هُزِمت أمام اندفاعة وقوة المدرسة الإمبراطورية المقابلة


    الواقع أننى أنفض يدى تعجبا وأقول لا حول ولا قوة إلا بالله !
    أى شيطان هذا الذى يقنعكم بهذه التفسيرات التاريخية الأسطورية يا من تنتقد أساطير التاريخ !
    تقول أن صراع الفتنة كان بسبب أن هناك مدرستان فى الإسلام فى ذلك الوقت ..
    مدرسة يقودها على بن أبي طالب رضي الله عنه وتريد أن تتوقف الفتوحات والجهاد عند ذلك الحد ويبدأ نشر الإسلام بالنمط التبشيري على حد زعمك !
    ومدرسة معاوية رضي الله عنه وهى التى تريد استمرار الفتوحات لتكوين الإمبراطورية !!
    دعنى أعترف لك ..
    هذه أول مرة فى حياتى أسمع بهذا الإكتشاف التاريخى المذهل فى محتواه ومضمونه وطريقة تفسيره ..
    فليتك تتفضل ــ بالمنهج العلمى الذى تنادى به ــ فتجيبنا عن الأسئلة التالية ..
    أولا : ما هو المصدر التاريخى أو الوقائع التاريخية التى بنيت عليها استنتاجك المغرض هذا وتفسيرك للفتنة على هذا النحو ؟! أم أنه جاء كوحى الخاطر يا ترى ؟!
    ولو لم تكن تملك مصدرا واحدا ــ ولن تلكه لو بحثت عنه عمرك كله ــ فأين مناداتك باستخدام المنهج التاريخى
    ثانيا : جعلت الجهاد فى سبيل الله والفتوحات مجرد توسعات إمبراطورية واتهمت الصحابي الجليل على بن أبي طالب رضي الله عنه وهو سيد من سادات المجاهدين جعلته يقود حركة تنادى باستخدام الأسلوب التبشيري فى الدعوة ونبذ فتح الأرض بينما خصومه من بنى أمية هم الذين أرادوا استخدام هذه الفضيلة !
    وأتساءل هنا ألا تعرف شيئا قط عن حقيقة الجهاد فى الإسلام , وكيف أنها فريضة لا تسقط إلى يوم القيامة أوضحتها آيات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة على نحو متواتر وهى من الكثرة بحيث من الصعب إيرادها جميعا !
    ألم تسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام (
    ما ترك قوم الجهاد فى سبيل الله إلا ذلوا )
    أما سمعت بتبشيره عليه السلام لصحابته بأنهم سيفتحون أرض الروم وفارس جميعا , فكيف تقول أن الجهاد كان لابد أن يتوقف عند حدود الأرض العربية ؟!
    ألم تسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته أنهم سيغزون عاصمة الروم ( القسطنطينية ) ثم سيفتحا الله على يد جيش مغفور له ,
    وقد غزا القسطنيطينية لأول مرة جيش معاوية بن أبي سفيان وفيه جمع كبير من الصحابة ولم يبلغوا معاوية أن الجهاد يجب أن يتوقف وتبدأ الدعوة بالتبشير ! , بل غزا الصحابة معه وكان فى الجيش الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري الذى مات هناك وأوصي أن يدفنوه فى أبعد نقطة يصلون إليها داخل أرض الروم ..
    فلما سألوه لماذا ..؟!
    قال حتى أسمع يوما وقع حوافر جيش المسلمين وهى تغزو تلك الأرض
    !
    ثم هل تعلم متى فتحت القسطنطينية , فتحت فى عهد السلطان العثمانى محمد الفاتح وهو الجيش الذى بشر به النبي عليه الصلاة والسلام , وقال فيه ( لتغزون عاصمة قيصر بجيش فنعم الجيش ذلك الجيش ) وقد حاول المسلمون فتح القسطنيطينية ثلاثة عشر مرة , وكانت كلها تنتهى دون سقوط المدينة حتى جاء عهد محمد الفاتح ففتحها الله عليه ..
    فهل ترى أن النبي عليه الصلاة والسلام بشر ودعا للجيش الذى سيغزو قلب الروم بينما الجهاد كان من المفروض أن يتوقف عند حدود العرب ؟!!
    ثالثا : ثم كيف تجر وتتهم جيش الإسلام التى فتحت الأرض لدعوة لا إله إلا الله بأنها كانت جيوش ساعية لتكوين إمبراطورية ؟!
    هل من الممكن لمسلم أن يتفوه بهذا الكلام ؟!
    ما الذى تركته لليهود والنصاري إذا ؟! وهل كان الله سبحانه ليوفق تلك الجيوش من الانتصارات المبهرة لو كان غرضهم هو الحكم الدنيوى ؟!
    ثم إن الصحابة ظل منهم جمع غفير فى أيام معاوية الذى استمر بالجهاد , فهل تستطيع أن تنقل لنا قولا واحدا ــ صحيحا أو حتى ضعيف ــ ينكر على معاوية سعيه بالجهاد ؟!
    ولو كان ما تقوله صحيحا فى دعوة الإسلام , فهل هناك عالم واحد من علماء السنة أنكر على معاوية أو على أى خليفة من حكام بنى أمية وبنى العباس سعيهم الدءوب للجهاد فى سبيل الله ؟!
    أخبرنا بما أنعم الله عليك من العلم هل كل أجيال العلماء الأفاضل من علماء السنة كانوا يجهلون حقيقة ما تلصقه أنت بعلى بن أبي طالب ؟!
    أم تراهم كانوا يعلمون ويخفون ذلك خوفا من الحكام مثلا ؟!
    فلو كانوا يخفونه , فلماذا برأيك كان كل علماء السنة فى عهد الأمويين والعباسيين أصحاب دعوة للجهر بالحق ــ فى أمور أخف من ذلك بكثير ــ وقالوها فى وجه الحكام وجها لوجه ومنهم من تعرض للتعذيب
    كمالك والشافعى وابن حنبل وأبي حنيفة وسعيد بن المسيب وابن تيمية وابن المبارك واسحق ابن راهويه ومنهم من تعرض للقتل كمحمد بن نوح وأحمد بن نصر الخزاعى وسعيد بن جبير
    وكانت أزمة مالك مع الحاكم هى مسألة خلافية فى أمر طلاق المكره , ورغم أنها مسألة فقهية إلا أن مالك رفض أن يتراجع عنها ..
    فهل مسألة الطلاق أهم من مسألة الجهاد ليخاف مالك من الجهر بها لو أن ما تقول به صحيح ؟!
    رابعا : من قال لك إن الجهاد بالسيف يضاد الجهاد بالدعوة , ؟!
    هذه مقولة المغرضين التى تتهم المسلمين التى تتهم المسلمين بنشر الإسلام بالسف والقهر .. وهى المقولة المردودة بلا جدال فلا توجد واقعة واحدة أجبر فيها المسلمون واحدا على دخول دينهم ..
    والجهاد بالسيف إنما هو الخيار الأخير فى ثلاث خيارات كان يطرحها خلفاء المسلمين على أعدائهم ( الإسلام أو الجزية والبقاء على دينهم أو الحرب )
    فلو كان هدف المسلمين هو التوسع المحض لما رضوا بغير الحرب , وهناك من الحكام من اختار الإسلام أو ترك الدعوة للإسلام حرة فى بلاده فثبته المسلمون على حكم بلاده بالفعل مثلما حدث مع حاكم عمان الذى ظل حاكما على عمان وكان عمرو بن العاص قائد جيش الفتح عاملا على الصدقات فقط
    ناهيك عن أن إستعمال السيف والجهاد فى ذلك الوقت تم لأن حكام الفرس والروم منعوا الدعوة للإسلام وحاربوها بشتى السبل , واختاروا الحرب طواعية , وحتى عندما فتح المسلمون بلادهم لم يشهد التاريخ واقعة واحدة اعتدى فيها المسلمون على ذمى أو حتى مجوسي بسبب دينه ..
    وليرجع من شاء إلى العهد الذى كتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنصاري وقساوسة القدس عندما فتحه , فهو النموذج المحتذى من بعده لمعاملة أصحاب الأديان الأخرى والذى ظل هو نهج كافة الخلفاء من بعده حتى بعهد بنى أمية وبنى العباس ووصولا إلى عهد الخلافة العثمانية التى يشهد التاريخ على أن محمد الفاتح ورغم أنه فتح القسطنيطينية حربا لا سلما إلا أنه أقر النصاري من أهل البلاد على دينهم وأمن كافة أهل المدينة وكانت معاملته سببا فى أن أهالى المجرد وبولندا وغيرها من البلاد الأوربية التى فتحها المسلمون العثمانيون بعد ذلك قبوا الدخول طواعية تحت حكم العثمانيين هربا من بطش الروم الذين كانوا يجبرون الأرثوذكس على الخضوع للملة الكاثوليكية ويقمعون كافة أوربا وينكلون بهم لحملهم على تلك الملة ..
    بينما لو تأملنا تاريخ أوربا النصرانى قديما وحديثا سنرى الأهوال التى لاقاها المسلمون ــ حتى بعصرنا الحالى ــ بسبب عقيدتهم المسلمة فى البلاد التى تقع تحت سلطان النصاري وكيف أن مأساة الأندلس ومحاكم التفتيش والإبادة العرقية الجماعية ظلت اختراعا أوربيا نصرانيا بامتياز ..

    ثم يقول الباحث :
    ثم ظهر مفهوم العالمية والقفز على مفهوم "القومية" و"الشعوبية" الذي تحدث عنه القرآن كأمر واقع "إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".. ليس توحيدا للبشرية بقدر ما هو تأصيل
    للتوسع الإمبراطوري الذي دشنه واستكمله بنو أمية.. وتم ظهور وتبلور مفهوم طاعة أولي الأمر في المنشط والمكره، وظهور مفهوم دار الحرب ودار السلام، ودار الإسلام ودار الكفر، وتبلور مفهوم الجزية وأهل الذمة والمعاهدين بما ينسجم مع النزعة الإمبراطورية.. كما تبلور مفهوم الدعوة، وتحددت معاني غير حقيقية لرسالية الأمة..

    مصيبة بالطبع !!
    الرجل ينسب أصول العقيدة الإسلامية إلى اختراع بنى أمية !!
    وأنه فى تاريخ بنى أمية فقط ظهرت فكرة طاعة ولى الأمر فى المنشط والمكره , وظهور فكرة دار الحرب ودار الإسلام , وظهور مفهوم الجزية وأهل الذمة والمعاهدين !!
    كل هذه المصائب أتى بها ــ للمفارقة ــ لكى يدافع عن نفسه فى تهمة اتهام الصحابة !
    فكانت تبريراته عذرا أقبح من الذنب نفسه ,
    وكلامه أوضح من الشمس فى إنكار كافة أنواع عقيدة الولاء والبراء ــ
    والتى هى من أصل عقائد الإسلام ــ ونسبتها إلى إختراع بنى أمية ..
    وبالطبع لست مجنونا لأرد وأفند هذه التخريفات ولا أظن مسلما بحاجة إلى تدليل لإثبات بطلان هذا الإفك ,
    ويكفينا فى ذلك واقع السيرة النبوية التى طبقت مفهوم دار الحرب ودار الإسلام بعد هجرة النبي عليه السلام للمدينة , وطبق مفهوم طاعة ولى الأمر فى المنشط والمكره فى واقع الغزوات وأشهرها غزوة العسرة التى سُميت بذلك الإسم نسبة إلى مدى الإعسار الذى لاقاه المسلون فى تكوين جيش تلك الغزوة ,
    وطبق بالطبع قواعد الجزية وأهل الذمة سواء بالسنة بالقولية أو الفعلية ..
    فقد عرض النبي عليه السلام الإسلام أو الجزية أو الحرب فى كافة رسائله إلى الروم والفرس وصارت هى السنة المتواترة لخلفاء الصحابة ومن بعدهم بعد ذلك , وبين لنا مفهوم المعاهدة والمعاهدين وشروطها وكيف يكون أهل الكتاب أهل ذمة إذا التزموا بالعهد ولم يغدروا وكيف أنهم إذا غدروا فقد سقط عهدهم , وهو الذى أوصي بأهل الذمة خيرا فى حديثه الشهير
    (
    من عادى لى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة )
    فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم , ولست أدرى ما الذى تبقي من قناعاته ومعتقداته التى لم يظهرها ! فما أتى به من طوام تكفي لتثقل كاهل أمة والله المستعان !
    يتبع ..

  5. #5
    الإخوة الكرام ..
    فى النهاية وكما قلنا من البداية , أن الباحث الزميل فتح التفريعات والتشعيبات فى النقاش هربا من موضوع البحث الأصلي ( العلاقة بين القرآن والسنة )
    وقد سألناه لثلاث مرات وها هى الرابعة , نلخص ونذكر فيها القراء بأسئلتنا إليه , كى نكون فى غنى عن التكرار عند رده مرة أخرى بنفس أسلوب الهروب ..
    وسنظل نذكره ونذركم بالأسئلة المفصلية فى البحث حتى نرى له ردا ــ إن كان له رد ــ
    أولا : جاء الزميل الباحث بمعتقدات الفلسفة اليونانية القديمة ومزجها بالمعتقد الإسلامى فقال بنبوة العقل وأن محمدا ليس آخر الأنبياء ! وهذا تذيب مباشر للنبي عليه الصلاة والسلام والذى قال ( لا نبي بعدى )
    ثانيا : آمن الباحث بمعتقد الفلاسفة القدامى كأرسطو فى القول بالعقل المطلق والذى شابه قول أرسطو فى العقل الفعال ونحو تلك الأوصاف التى يصفون بها الله عز وجل ــ تعالى الله عن ذلك ــ فسألناه عن حقيقه مقصده من نصوصه الصريحة فلم يجب , وهذا هو نص قوله :
    - أين يوجد العقل المطلق؟.. الجواب العقلي: لا يُسْأَل عنه أين هو، لأنه هو المكان المطلق (قادرين على إثباتها عقلا، وهو سؤال متولد بعد إثبات وجود المطلق ذاته)..
    ثالثا : آمن الباحث الزميل بعقيدة ( أزلية الكون ) بقوله هنا :
    هل المادة أزلية أم حادثة؟.. الجواب العقلي
    ، هي أزلية مصدرا وحادثة شكلا نتجت عن تكثيف المطلق ذاته المطلقة في لحظة زمكانية (قادرين على إثباتها عقلا بمناقشة طبيعة المادة وفكرة الجزء الذي لا يتجزأ)..
    المادة ــ أى مادة الكون والوجود ــ أزلية المصدر ويقول أنها ناتجة عن تكثيف ذاته المطلقة !!
    ذات من يقصد الباحث يا ترى ؟!
    عودوا إلى ما شرحناه سابقا من قول أرسطو عن أزلية الكون وأن الله عز وجل لم يخلقه من عدم بل هو تكثيف لذاته العلية ــ تعالى الله عن هذا الإلحاد الصريح ــ
    والأمر أوضح من أن نوضحه فالتشابه التام بين مقولات الزميل الباحث وبين كلام فلاسفة اليونان أوضح من أن نوضحه والأمر لا يحتمل إلا إحتمالين لا ثالث لهما :
    الأول : أن يكون الباحث معتقدا بهذه الكفريات جملة وتفصيلا .. وهو عارف ومدرك تماما لمعناها ومرادها
    الثانى : أن يكون غير مدرك لمعناها أصلا وإنما هو ينقل ويقلد تحت تأثير الإنبهار بالفلسفة الإلهية العقلية , وقد حدث هذا لكثير ممن سلكوا هذا الدرب فتحت تأثير الإغترار بالثقافة الغربية والإنبطاح فى مواجهتها وتحت تأثير الوقوع فى فكرة أن التراث الإسلامى السنى هو تراث دينى لا يقدس العقل , انغمس البعض بوعى أو بدون وعى فى تقليد الفلسفة الغربية فكانت النتيجة ما ترون ..
    فسألناه هل يعى ما يقوله ويؤمن به أم أنه صدر منه عن جهل بمعناها , فلم يرد ..
    رابعا : سألناه عن حقيقة موقفه من علم الإسناد , لا سيما وأنه شكك فى جدواه كعلم موثوق به لنقل الأخبار , ودلل على ذلك بتجربة أستاذه الأمريكى التى أثبتت له ــ كما يظن ــ استحالة صدق علم الإسناد , فسألناه سؤالا منطقيا أنت بهذا تشكك بالتبعية فى القرآن الكريم نفسه لأنك شككت فى علم الإسناد ذاته والقرآن تم نقله بنفس الطريقة التى تم نقل السنة بها فيلزم منك التشكيك بالقرآن ..
    فتهرب من الجواب وأتى بإجابة غير متوقعة مناقضة لأهم عقائده حيث قال :

    أبدأ ردي بمقدمة أراها ضرورية بسبب ما لمسته في صميم أحد الردود من أحد الإخوة الأفاضل أرى بموجبها ما يلي..
    ما يعرفُ بنقلٍ محلَّ تساؤلٍ عن ثبوته، لا يُسْأَل عنه "كيف كنا سنعرفه لولا ذلك النقل؟"، كي يُسْتَدَلَّ بضرورة معرفته على ضرورة ذلك النقل.. هذا تفكير مقلوب لا قيمة موضوعية له وهو خلاف المعقولات.. فالنقلُ المتساءَل عنه لا يثبت بالانطلاق من ضرورة ما ثبت عنه.. لأن التساؤل عن ذلك النقل يجعل كلَّ ما قام عليه محلَّ تساؤلٍ أصلا.. وبالتالي فلا يُقال عند العقلاء: كيف كنا سنعرف "عذاب القبر، وأخبار الصراط، وصفة الجنة، وصفة النار، وصفة الملائكة، وأمارات الساعة، وملاحم آخر الزمان، وقصص الأمم الهالكة، وصفة الصلاة، ومناسك الحج.. إلخ".. إذا لم يرد ذلك النقل ليُعَرِّفَنا عليها؟! هذا سؤال ساذج يشي بانعدام المنهج العقلي والعلمي في التفكير.. فتلك الأمور عرفناها على ذلك النحو، وسمعنا عنها وشكلنا تصورات بخصوصها لم تكن موجودة لدينا قبلا بتلك الطريقة، من خلال النقل، وبالتالي فلو تساءلنا عن ذلك النقل وشككنا في موثوقيته، فكم يغدو من الحماقة أن يقالَ لنا أن الدليل عليه وعلى مصداقيته أن تلك الأمور التي ما عرفناها إلا به كيف تثبت لولاه؟! فما لا يقوم العلم به إلا بخبر يسقط بسقوط الخبر، ويصبح موضع شك بالقدر نفسه الذي يصبح فيه الخبر الذي أعلن عنه موضعَ شكٍّ أيضا..
    والمعقول أن نقول: "إن عذاب القبر، وأخبار الصراط، وصفة الجنة، وصفة النار، وصفة الملائكة، وأمارات الساعة، وملاحم آخر الزمان، وقصص الأمم الهالكة، وصفة الصلاة، ومناسك الحج.. إلخ".. صحيحة إذا صح النقل الذي أعلن عنها وأخبر بها، وإذا لم يصح ذلك النقل فهي ليست صحيحة


    وهذا تناقض غريب وعجيب ..
    فهو هنا قال بأنه يثق بالإسناد ويأخذ به فى تلك الأخبار ! , رغم أن سابق قوله كان أوضح من أن نوضحه حيث أثبت بالتجربة شكه الكامل فى جدوى الإسناد كعلم موثوق به وأن النقل بطريقة الإسناد لا شك أنه ــ بناء على التجربة ــ سينقل لنا الأخبار محرفة عن محتواها الأصلي
    والباحث بنفسه هو الذى عبر عن معتقده هذا بقول صريح قال فيه :
    إن أهم وجه من أوجه انعدام وحدة الحال المعرفية والدلاليَّة بين السامع بالمشافهة والسامع بالرواية والإسناد، هو أن مقولةً مثل مقولة "لا تعارض بين النقل والعقل"، لا يمكنها أن تتحقق لدى أيِّ واحدٍ منهما بالطريقة نفسها التي تتحقَّق بها لدى الآخر، إلاَّ إذا تمَّ افتراض التساوي التام والمطلق بين السماع بالمشافهة والسماع بالرواية، في صحة النسبة إلى المصدر، وفي الدلالة والحُجِّيَّة من ثم، وهو الأمر الذي لا يتحقَّق بأي حال. فصحة النسبة إلى المصدر لدى السامع بالمشافهة مطلقة، بينما هي لدى السامع بالرواية نسبية مهما علت وارتفعت درجة اليقين والقطعيَّة فيها.
    وهو ما ينعكس حتما على الحجيَّة والدلاليَّة، لتغدوَ بدورها نسبية ظنية وليست قطعية بأَيِّ بحال.

    أى أنه قالها صريحة أن الحجية والدلالة فى النقل بالأسانيد نسبية الظن وليست قطعية بأى حال !!
    وأظن أن التناقض بات واضحا لديكم , فهو تارة يؤمن بالإسناد إذا أحرجناه فى موضوع نقل القرآن , وتارة أخرى ينفي الإسناد إذا تعلق الأمر بالسنة ويدعو لتحكيم العقل فيها !!
    فهو بين أمرين لا ثالث لهما :
    إما أن ينكر حجية الإسناد كله وبالتالى يرفض النقل كله قرآنا وسنة ..
    وإما أن يقر به بمنهج الإسناد كله فيقبل القرآن ويقبل السنة وهذا معناه سقوط بحثه أصلا وظهور عوار فكرته ودعوته بتحكيم العقل ..
    وبالطبع تجاهل هذا أيضا ولم يرد عليه
    خامسا : جاء الرجل بعقيدة جديدة أضافها لسابق منهجه حيث صرح بأن الإستغناء عن الرسل والأنبياء عناه الإستغناء عن الإسلام ذاته !!
    وهذا نص ألفاظه :
    أي إذا كان الإسلام الذي كانوا يُرْسَلون إلينا به، يمثل ضرورة بموجب كون نبواتهم ضرورة، فلماذا نستغني فجأة عن الأنبياء ولا نستغني عن الإسلام ذاته، وهو المادة التي جاء بها الأنبياء أنفسهم؟! كيف نستغني عن ناقل الوحي ولا نستغني عن الوحي ذاته؟!!
    وبتبسيط للمسألة.. إذا كنا قد استغنينا عن الطائرات والقطارات والسفن والشاحنات والمركبات والسيارات وكل وسائل النقل التي قد تخطر على البال، وانتفت حاجتنا إليها، فيما يتعلق بنقل بضاعة مُحددة كانت تأتينا بها تلك الوسائل من مكان مُحدد أيضا، فهل يمكن لهذا الاستغناء عن "الوسيلة" أن يعني شيئا آخر غير الاستغناء الفعلي عن "البضاعة" التي كنا ننقلها عبرها ذاتها؟!
    هذا السؤال الخطير هو الذي تثيره المعضلة الكامنة في واقعة أن النبوات والرسالات مثلت في التاريخ الإنساني لحظة آلت إلى زوال. ولهذا السبب نجد لزاما علينا أن نعالج هذه المسألة بدقة وعمق وحذر حتى نتبين جوهر "الضرورة" الكامنة في "الإسلام"، وإلى أيِّ وجهة تتجه!!
    وبالطبع رددنا عليه فى حينه وبينا أن انتهاء الحاجة إلى وسيلة النقل لا يعنى الإستغناء عن المنقول , هذا فضلا على ما بالعبارة من أفكار إلحادية وسؤاله كيف نستغنى عن ناقل الوحى ولا نستغنى عن الوحى ذاته ؟!!

    الأحبة الكرام هذه هى نقاط البحث الأصلية التى تلافاها الباحث تماما وأتى بشبهات وتفريعات أخرى طمعا فى الهروب من إلزامنا له بأفكاره التى أتى بها ..
    دعوها فى أذهانكم دوما مع كل رد يأتى به , حتى لا تنجرفوا وراءه وتنسوا حقيقة ما دعا إليه ..
    خالص التقدير




  6. #6
    السلام عليكم
    بهذا الشكل يكون فرساننا قد أكملوا أركان الموضوع حوارا ونقاشا وتقليبا وحججا وإن لم يتقدم الأستاذ أسامة بالرد عن النقاط التي لم يرد عنها بعد أعادة الإشارة عنها عدة مرات بلا جدوى,ومن قبل الأساتذة الكرام مما سبق أعلاه فسوف نضطر لإغلاقه وعدم نشر المزيد , وهذا ما سوف يتم الآن حتى يصلنا ردا مناسبا ينشر من قبل الإدارة حصرا بعد أن يصل لنا وبعد مراجعته.
    رضي الله عنا جميعا وأرضانا وتجاوز عن سيئاتنا وشكرا لإتاحة الفرصة لوضع النقاط على الحروف.
    تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    وصلنا رد هام من الأستاذ مصطفى إنشاصي ولأهميته نورده مع الشكر الجزيل:
    *************
    الإخوة الكرام
    الأخت أم فراس
    حياكم الله
    أعذروني على نشري ردي هذا على الرغم أنه قد يكون أغلق باب الردود في انتظار رد كاتب الموضوع ولكني شعرت أنه لا بد من كلمة أخيرة رداً على إصرار الكاتب على أنه يتعفف ولا يريد التورط في المنهج غير العلمي في الحوار الذي يتبعه الأخ محمد جاد الزغبي في الوقت الذي لم يلتزم هو لا في بحثه ولا ردوده بأي منهج علمي ولا تاريخي، وكل ما يفعله أنه يطلق اتهاماته جزافاً معتمداً على مقدمات غير صحيحة وأكاذيب وتلفيقات استشراقية ليست جديدة، وسأبين ذلك من خلال فقط الرد على نقطة واحدة سبق أن ذكرتها له سريعاً حيث يقول:
    هؤلاء الصحابة – أيضا – وهم الذين زهدوا في الدنيا ومتاعها، وفي تحري الحق والعدل والإنصاف، كما يُرْوَى عنهم، عندما لا يتعلق الأمر بتسجيل وتوثيق الفتنة!! تكالبوا على الدنيا ومتاعها خلال أقل من عقدين من الزمان بعد موت معلمهم وقائدهم، فتنافسوا على أرض السواد في العراق، وتحول الكثيرون منهم إلى إقطاعيين لا يقلون بشاعة عن إقطاعيي أوربا في القرون الوسطى، وتعاملوا مع "مصر" باعتبارها بقرة حلوبا لنزواتهم ورغباتهم ولثرائهم، مستغلين حب الناس لهم بموجب صحبتهم للنبي الكريم، واقتتلوا من أجل المال ومن أجل السلطة، واتهم بعضهم البعض الآخر بالنهب والسلب، وتمرد بعضهم بلا حق على السلطة الشرعية، وتساهل آخرون في تطبيق العدالة وإقامة حدود الله.. إلخ.
    يبدو أن الكاتب يعتمد الخطاب الاستشراقي الأمريكي فنحن نعيش في نهايات العصر الأمريكي لأن المستشرقون الأوروبيون الحاقدون على الإسلام والصحابة رضوان الله عليهم سبق أن ادعوا وتبعهم أذنابهم من أبناء ملتنا من المهزومين الذين تتلمذوا على أيديهم أن:
    عمر بن الخطاب عطل نصوص الشريعة حين رفض
    تقسيم الأرض أرض السواد في العراق على الجيش الذي فتحها، ويبدو أن الخطاب الاستشراقي الجديد بعد فشله الذريع في ذلك الادعاء طوال عقود طويلة عدل الاتهام إلى عكسه
    يُصر الكاتب على إدعاء العلمية في بحثه في الوقت الذي مرور سريع في كتب التفسير والفتوح والتاريخ والخراج وغيرها نكتشف كذب مزاعمه وأن عمر بن الخطاب والصحابة الكرام رضي الله عنهم تعففوا وزهدوا في الدنيا وقبلوا بقرار مجلس الشورى الذي عقده عمر بن الخطاب لمناقشة تلك القضية والذي رفض توزيعها على الجيش كغنائم حتى لا يصبحوا هم وأحفادهم إقطاعيين!! وإليكم الرد على أكاذيبه
    عندما فتح سعد بن أبي وقاص فارس والعراق وكانت أرضه تسمى السواد من كثافتها وخضرتها بحيث يراها الرائي من بعيد كأنها كتلة سوداء، طلب قادة الجند أن يقسمها على الجيش الفاتح لها. فأبى وكتب إلى عمر كتاباً بذلك فقد سبق وطالب قادة الجيش بتقسيم الشام عندما فُتحت، وطالبوا عمرو بن العاص عندما فتح مصر أن يقسمها عليهم أيضاً.
    وعندما وصل عمر كتاب سعد قال للصحابة: «اجتمعوا حتى ننظر لمن هذا المال –الفيء- فلما اجتمعوا أمر عمر أن يحصوا أرض السواد لينظر في تقسيمها، فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين. يعني ليس كما يزعم الكاتب إقطاعيات كبيرة على غرار الإقطاعيات في أوروبا!
    ذكر أبو عبيد في كتاب الأموال عن عمر أنه أراد أن يقسم السواد، فشاور في ذلك فقال له علي: دعه يكون مادة للمسلمين فتركه.
    وذكر أيضاً أن عمر أراد قسمة الأرض فقال له معاذ إن قسمتها صار الريع العظيم في أيدي القوم يبيدون فيصير إلى الرجل الواحد أو المرأة، ويأتي قوم يسدون من الإسلام مسداً ولا يجدون شيئاً فانظر أمراً يسع أولهم وآخرهم فاقتضى رأي عمر تأخير قسم الأرض وضرب الخراج عليها للغانمين ولمن يجيء بعدهم.
    وخلال مناقشة المسألة قال عمر: قد وجدت حجة في تركه، وألا أقسمه، ثم قرأ قوله عز وجل:
    )ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب (7) للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (8) والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم (10)( (الحشر).
    ثم قال: ما أحد من المسلمين إلا له في هذا الفيء حق إلا ما ملكت أيمانكم». وقال: فاستوعبت هذه الآية الناس. وإلى هذه الآية ذهب علي، ومعاذ، حين أشارا عليه بما أشارا. وهكذا اتفق رأي عمر وعلي ومعاذ ومعهم عثمان وطلحة على عدم التقسيم، لما يترتب عليه من مفاسد، والنظر في أمر يسع أول الناس وآخرهم.
    ثم كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص:"أما بعد، فقد بلغني كتابك: أن الناس قد سألوا أن تقسم بينهم غنائمهم، وما أفاء الله عليهم. فانظر ما أجلبوا عليك في العسكر، من كراع أو مال، فاقسمه بين من حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمالها؛ ليكون ذلك في أعطيات المسلمين. فإنا لو قسمناها بين من حضر لم يكن لمن بعدهم شيء".
    وهذا ما أكدته شتى الروايات عن عمر، وفي الهداية: أنه حين فتح السواد وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص، وكذا اجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام.
    ذلك ما كان من عمر وصحابة رسول الله صلَ الله عليه وعلى آله وسلم في الأراضي التي ذكر أنهم حولوها لإقطاعيات لهم وأنهم تكالبوا على الدنيا والأموال
    فأين هو المنهج العلمي الذي تزعم أنك ملتزم به وتتعفف عن الرد على مَنْ لا يلتزمون به في ردودهم عليك؟! أنت لم تلتزم المنهج العلمي ولكنك التزمت المنهج والخطاب الاستشراقي الذي اتهم سابقاً عمر أنه عطل نصوص الشريعة الإسلامية بعدم تقسيم أرض السواد.
    ويبدو أن الخطاب الاستشراقي الأمريكي الذي تتلمذت على يدي أساتذته اختلف وأصبح يعتمد أكاذيب على طريقة السياسة الأمريكية الهمجية التي تعتمد في تمرير أكاذيبها واحتلال أراضي الغير واستعبادهم ونهب ثرواتهم على الإرهاب القوة والبطش والغوغائية، وأنت على نهجهم ويصدق عليك المثل القائل: خذوهم بالصوت ليغلبوكم!

    كلامك مردود عليك وقد طرح عليك الأخ الكريم محمد جاد الزغبي وكرر عليك أسئلته عدة مرات وأنت فقط صوت وضجيج فارغ لم ترد على سؤال واحد منها، وسبق أن صححت لك موضوع أرض السواد أيضاً علك تراجع نفسك وتكف عن التبجح بأنك تلتزم المنهج العلمي واتهامنا بالسذاجة العلمية وتخاطبنا باستعلاء تلميذ أخرق مهزوم أمام الفكر الغربي لا يعي ما ينسخ ويلصق وإلا لتواضع تواضع العلماء واعترف بخطئه
    أشكر جميع الإخوة المشاركين والقراء على سعة صدورهم وصبرهم على ترهات هذا الكاتب

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. القرآن والسنة وإنهاضهما من الكبوات .. التنمية البشرية النفسية والاجتماعية
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-11-2011, 06:07 PM
  2. بناء التصور من خلال اللغة بين القرآن والسنة والتنمية البشرية
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-05-2011, 09:45 PM
  3. القرآن الكريم والسنة الشريفة وبث الوعي .. تنمية الموارد البشرية
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-27-2011, 10:03 PM
  4. العلاج بالطاقة وأصوله في القرآن والسنة
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-16-2010, 10:54 AM
  5. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى فرسان الفلاشات والصوتيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-09-2009, 06:51 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •