تقليم الإصلاح
أحياناً تتعرض الأشجار لعوامل تؤدي الى ظهور الأشجار بمظهر الشيخوخة أو العجز، فيقل إثمارها، وتتعرى أفرعها وأجزاء من الساق، وتجف بعض الأغصان جفافاً واضحاً للعيان. والأسباب في ذلك متعددة:
1ـ انتهاء العمر الافتراضي: لبعض أنواع الفاكهة خصائص تُعمر فيها الأشجار كالزيتون والبطم والفستق الحلبي، وقد عملت برفقة بعض الخبراء الألمان لنقل بستان فستق في منطقة (الغزلاني بالموصل/العراق) أواسط السبعينات من القرن الماضي، كون هناك نية لتوسيع القاعدة الجوية فيه، وقد قدرنا عمر الأشجار ب 400 سنة، ولكن أصحاب البساتين ذكروا لنا أنها تقارب الألف عام.
ومن الأنواع ما يبقى في الأرض عشرة أو عشرين أو خمسين سنة، ويعتمد بعض المزارعين في تونس تلك المعلومات في زراعة الزيتون على مسافات تصل الى 26 متر بين الخط والآخر، في حين يملئوا الخطوط الداخلية بأشجار الليمون واللوز كونها لا تعمر كثيراً. ليبقى الزيتون يعيش لمئات السنين.
2ـ الكوارث الطبيعية، كالحرائق والحروب والجفاف، التي تقضي على معظم أجزاء الشجرة المكشوفة، ولا يبقى منها إلا جزء من منطقة (التاج: الجزء المتصل بالمجموع الجذري)، وهذه ينفع معها تقليم الإصلاح.
3ـ الأخطاء الميكانيكية: قد تتكسر سيقان بعض الأشجار بفعل الساحبات أو الرياح الشديدة، أو عمل الإنسان بالتحطيب وغيره، ولكن منطقة التاج ستكون سليمة، وهذه ينفع معها تقليم الإصلاح.
4ـ الآفات والقوارض: قد تنخر (حفارات الساق) الجذع الرئيسي للشجرة مما يؤدي الى تيبس أجزاء من الشجرة فوقه، وقد تأكل الدببة أو الأرانب جزءاً هاماً من اللحاء، مما يعيق حركة (النسغ النازل: العصارة المطبوخة في الأوراق)، وهنا يستوجب تقليم الإصلاح وينفع معها.
5ـ عدم التوافق المتأخر بين الأصل والطعم، كأن يطعم فستق حلبي على البطم الصيني أو البطم المحلي، فتظهر سماكة الساق للمطعوم وكأنها لا تمت بصلة للأصل حيث تبدو وكأنها أكبر منه بكثير. ويصعب في تلك الحالات تقليم الإصلاح، بل سيحتاج عمليات إضافية أخرى.
6ـ رداءة المطعوم مع جودة الأصل. ذات يوم اشتكى لي أحد أصحاب بساتين العنب، من رداءة صنف العنب لديه، وبعد التحقق من الأصل وجد أن الأصل ممتاز مقاوم، ولكن الصنف هو واحد من الأصناف التي تزرع من أجل إنتاج النبيذ (الزنزانو)، فأشرت إليه بقص الأشجار التي كان عمرها أكثر من 6 سنوات وتطعيم الأصل بصنف جيد يصلح للمائدة، أو يقوم بعملية زراعة أقلام من صنف جيد بمحاذاة الأشجار القديمة، وعندما تنجح يلصقها بالشجرة الأصل ثم إزالة الصنف القديم، وقد نفذ الطريقتين فأخذ محصولا طيباً من الصنف الجديد بعد سنتين مستفيداً من اكتمال نمو الأصل.
كيفية إجراء تقليم الإصلاح؟
أولاً: بحالة تلف فرع أو أكثر من الشجرة مع بقاء فرع أو أكثر جيدة:
تزال بقايا الأفرع التالفة، ويُشجع (غصن) من أسفل الأفرع الجيدة ليتجه لملء الفراغ في الشجرة الناقصة، وذلك بتوجيه البراعم النهائية من الفرع المقلم باتجاه ذلك الفراغ.
ملاحظة: عند القص، لا يُترك فوق البرعم العلوي أكثر من 1سم ويحدد موقع البرعم الاتجاه الذي سيسلكه عند نموه.
ثانياً: في حالات تلف كل الشجرة مع بقاء منطقة التاج حية ونشطة، تقص كل النموات التالفة فوق منطقة التاج، ويشجع واحد أو اثنان من الأفرع (السرطانات) النامية قرب التاج، ثم يربى أحدهما وكأنه شتلة جديدة، وسيعطي ثماره بعد سنتين مستفيداً من قوة المجموع الجذري.
بحالة عدم وجود سرطانات، تقص منطقة التاج قريباً من سطح التربة، ويشق مقطع الساق من وسطه، ويثبت به (إسفينان: نموتين بشكل إسفين) تؤخذان بسمك الإبهام وتثبت على طرفي الشق بمحاذاة اللحاء، ثم يُغطى سطح الشق بشمع (البرافين) أو الطين حتى لا يجف من أشعة الشمس.
وبعد نمو الإسفينين يُنتخب أحدهما ويعامل كشتلة جديدة تربى وفق طرق التربية الملائمة للصنف.
نلتقي إن شاء الله