-
الأرومة العربية
الأرومة العربية (1)
لقد حكم اليونانيون البقعة العربية ألف سنة من (331 ق.م الى 640م). وجاء منهم وخاصة اليونانيون الآلاف المؤلفة واستقروا في بلاد الشام ومصر، ونشروا لغتهم وثقافتهم، وقد جمع بينهم وبين السكان الأصليين دينٌ واحد هو (المسيحية) قرابة أربعة قرون.
وترجمت الى اليونانية الكتب الدينية المقدسة، وصارت لغة عبادة وطقوس لكثير من النصارى فيهما (مصر والشام)، ومع ذلك فإنهم (اليونانيون والروم) لم يستطيعوا أن يفرضوا عليهما طابعهم وصبغتهم، بل لقد كان جمهرة أهلهما يرونهم غرباء وينقبضون عن معاشرتهم ويعتبرونهم أنجاسا (1) ...
وكذلك شأن الفرس الذين كانت لهم السيادة على العراق أكثر من ألف عام (538 ق.م ـــ 640 ب.م) وكان لمدنيتهم وثقافتهم انتشارٌ واسع، حتى لقد (مجّسوا) كثيرا من أهل البلاد ولكنهم لم يستطيعوا أن يفرضوا عليها طابعهم وصبغتهم...
عندما جاءت موجات العروبة الصريحة، بما أطلق عليه (الفتوحات الإسلامية)، تلاقت خصائص تلك الأرومة مع القادمين من العرب وسرعان ما تعاضدت معهم وشاركتهم في معاركهم التالية...
وفي مثالٍ آخر على متانة (الأرومة) العربية، أن حتى الديانة المسيحية وإن كانت نشأت في البلاد العربية، لكن الرومان الذين كانوا يحتلون شمال إفريقيا لم يستطيعوا إجبار سكان تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا، على التمسك بها لاقتران ذلك التمسك بالمحتل الرومي الغريب، ولما جاءت موجات العروبة الصريحة، سرعان ما اعتنقوا الإسلام وساهموا في غزو الأندلس (طارق بن زياد) نموذج مبكر... و (يوسف ابن تاشفين) نموذج لاحق...
يقول جوستاف لوبون (( إذا مر ألف عام، فإن المولود في نهاية ذلك الألف، يكون قد اختلطت دمائه بعشرين ألف دم)) من جهة العمومة والخئولة وأجداده وأخوال أجداده وهكذا...
من هنا، نستنتج لماذا كانت مهمة العرب في فتوحاتهم للعراق وبلاد الشام وشمال إفريقيا سهلة، فقد انضم مسيحيو العراق من بني تغلب وبني إياد لمعاونتهم على طرد الفرس، رغم الاختلاف في دين السكان الأصليين في العراق وبلاد الشام وشمال إفريقيا، فإن الاستعداد للتلاقح الروحي بين السكان الأصليين والعرب القادمين هو ما سهل مهمة العرب...
[] [] []
ما هي الأرومة العربية؟
ما يمتد من الشجرة في الأرض ويبقى فيها يسمى (الأرومة) (2)وفي حوران يُطلق عليه (قرمية)، ويُقال: فلان طيب الأرومة أي طيب الأصل...
لقد خلق الله تعالى البشر من أصل واحد، لكن الطبيعة والظروف المناخية، جبلت كل منهم بشكل موحد، وهذا الشكل يطلق عليه (الرس) وهو مأخوذ من الثبات والاستقرار، مرساة الباخرة ما تثبتها والجبال راسيات الخ ... لكن النقاوة في الرس قد تصل 99.99% .
أما في الأرومة لا يشترط فيها النقاوة، فتنقل القبائل العربية جعلهم ينصهرون نسبا وحضارة في المناطق التي يحلون فيها، فكل العرب هم ورثة الحضارات (اليمنية القديمة، والفرعونية والفينيفية والكنعانية وحضارة اشنونا والحضارة السومرية والبابلية والآشورية وحضارة أوغاريت وغيرها)، ولا يستطيع أي شعب في العالم أن يزعم أنه وريث تلك الحضارات غير العرب.
وقد لاحظ الباحثون عندما رأوا وجوه تشابه ظاهرة بين لغات تلك الشعوب منذ القدم (التي ذكرناها ) وبالذات البابلية والعربية الجنوبية والآرامية (السريانية) والكنعانية ولغة تدمر والأنباط والعربية أنها تشترك أو تتقارب في جذور الأفعال وفي تصاريف الأفعال وفي زمني الفعل الرئيسيين وهما الماضي والمضارع، وكذلك في أصول المفردات والضمائر والأعداد...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع: الكافي في تاريخ مصر لشاروييم ص 146ــ147والتاريخ العام الكبير لأحمد رفيق ج1 ص 115 وج2 ص 261
*2 ـــ لسان العرب للسيوطي
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالغفور الخطيب ; 11-04-2020 الساعة 04:02 PM
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى