منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17
  1. #11
    الــبر بالـوالـديـن



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
    مستمعى الكرام .. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. وأهلاً بكم ومرحباً فى برنامجكم (قبس من نور النبوة)
    أخي المستمع الكريم..
    تحدثنا في لقاء سابق عن عقوق الوالدين, وكان لابد أن نتحدث عن بر الوالدين غير أننا قدمنا حديث العقوق من باب التخلية قبل التحلية, حتى نتجنب هذا الخلق الردئ والذي يبغضه الله عز وجل, وينفّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التنفير.
    ولأن الأشياء بضدها تتميز, فيجدر بنا أن نتحدث عن البر وفضله...
    بر الوالدين يأتي فى صلة الأرحام في الذروة, فهو من القربات التي أعدَّ الله سبحانه وتعالى لفاعلها الثواب العظيم, وهدد أولئك الذين يقطعونها بأشد العقوبات, فقال تعالى:
    "فهل عسَيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها" [محمد 24:22].

    بر الوالدين أيها المستمع الكريم يعدل الجهاد في سبيل الله, وهو سبب لكشف الضر وزوال البلاء، والوالدان أوسط أبواب الجنة فإن شاء العبد أن يحفظ ذلك الباب فليبر والديه/ والبارُّ بوالديه مجابُ الدعوة في الدنيا, وهو يوم القيامة من السعداء.

    إخوتي الكرام... إن أعظم حقوق الإنسان على الإنسان هي حقوق الأبوين في عنق الولد, بهذا أوصانا الله عز وجل, وخاطب فينا فطرتنا, إذ قرن الله الوصية بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته سبحانه والنهي عن الإشراك به فقال تعالى ( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)]الإسراء23[
    وقال (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)[النساء 36]
    وما ذاك إلا لأن الله تعالى هو المتفضِّل الأول بنعمة الوجود والتربية والحفظ ثم جعل الله تعالى الوالدين متفضلين بما جعل فيهما من قوى التوالد وعاطفة الحب والتضحية بالراحة في سبيل تربية الولد وتنميته ورعايته حتى يصير رجلاً نافعًا في الحياة.

    لذلك جاءت مَرْتبة الأمر بالوفاء بحقوق الوالدين في الإحسان والبر والطاعة بعد مرتبة الأمر بالإخلاص في العبادة لله وحده تذكيرًا وإرشاداً للعباد.

    عزيزي المستمع... كما جاءت الوصية بالإحسان إلى الوالدين في القرآن الكريم مقترنة بعبادة الله فقد جاءت الوصية بالإحسان إلى الوالدين مستقلة في بعض سور القرآن الكريم قال تعالى ( ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) [العنكبوت 8] فلا تطع والديك فيما فيه كفر بالله عز وجل أو معصية له؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, ولكن مع هذا صاحبهما في الدنيا بالمعروف واستمر في الإحسان إليهما, والرفق بهما ورعايتهما وطاعتهما فيما لا معصية فيه لله عز وجل.

    وفي سورة لقمان( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلىّ المصير) [لقمان 14]
    وفي الأحقاف( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا) [الأحقاف 15].
    وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة:
    جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من ؟
    قال أبوك.

    ومن أجلى صور البر التي ذُكرت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه, فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم..
    قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران, وكنت لا أَغْبِق قبلهما أهلاً ولا مالاً, فنأى بي طلبُ الشجر يوماً, فلم أُرح عليهما حتى ناما فحلبتُ لهما غبوقهما, فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أَغبق قبلهما أهلاً أو مالاً. فلبثت ـ والقدح على يدي ـ أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبيةُ يتضاغـون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.
    اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة. فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه إلى آخر الحديث.
    انظر معي أخي المستمع إلى هذا الرجل الذي عاد إلى أهله, فوجد أبويه نائِميْن, والصبية يبكون من شدة الجوع.. وإنها للحظة حرج شديد يتنازع هذا الرجل فيها بر الوالدين والرأفة بالأولاد.
    ماذا يصنع؟ هل يوقظ والديه فيزعجهما؟
    هل يسقي الأولاد الذين لا يَقْوون على احتمال الجوع؟
    ..إنه آثر الوقوف لأجل أن يستيقظ أبواه في أية لحظة فيقدمَ لهما غبوقَهما, فما استيقظا إلا بعد أن بزغ الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما.....

    وانظر إليه وهو يدعو الله تعالى( إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك) فلابد إذًا من إخلاص يحرك هذا البارَّ بوالديه فيدعو الله تعالى ويتوسلُ إليه بما فعل من صالح العمل فيفرج الله كربه ومن معه ..ألا ما أجملَ البِرَّ يزينه الإخلاص لله تعالى.
    ومن صور البر في تراثنا ما ذُكر عن علي بن الحسين حين قيل له: أنت من أبرّ الناس ولا نراك تؤاكل أمّك. قال: أخاف أن تسير يدى إلى ما قد سبقت عينهُا إليه فأكون قد عققتُها (1).
    وقيل لعمر بن ذر كيف كان برُّ ابنك بك ؟ قال: ما مَشَيتُ نهارًا قط إلا مشى خلفى، ولا ليلاً إلا مشى أمامى، ولا يرقى لى سطحًا وأنا تحتَه (2).

    وقال المأمون: لم أر أحدًا أبرّ من الفضل بن يحيى بأبيه ، بلغ من برِّه به أن (يحيى) كان لا يتوضأ إلا بماءٍ مسخَّن وهما فى السجن، فمنعهما السجّان من إدخال الحطب فى ليلة باردة، فقام الفضلُ حين أخذ (يحيى) مضجعه إلى قُمْقُم كان يُسَخَّن فيه الماء، فملأه ثم أدناه من نار المصباح، فلم يزل قائمًا وهو فى يده حتى أصبح (3).

    ألا فلْيَخفض كُلُّ منا جناحيه لوالديه, رحمةً بهما, واعترافًا بفضلهما وطاعةً لأمر الله عز وجل, وإخلاصًا لهما, فهو القائل:
    ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا) [الإسراء 24].

    هذا وبالله التوفيق,
    وإلى لقاء في حلقة قادمة إن شاء الله
    وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    ----------------------
    (1) عيون الأخبار 3/97
    (2) عيون الأخبار 3/97
    (3) عيون الأخبار 3/98

  2. #12
    الحـلال



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد... أهلاً بكم مستمعي الكرام في حلقة جديدة من برنامجنا( قبس من نور النبوة)
    *خرج البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
    " إنَّ الحلالَ بيَّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات, لا يعلمهن كثيرُ من الناس, فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كالراعي يرعى حول الحِمى, يوشك أن يرتع فيه, ألا وإن لكل ملك حِمى, ألا وإن حِِمى الله محارمُه, ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صَلَحت صَلَح الجسدُ كُلُّهُ, وإذا فسدت فسد الجسدُ كله, ألا وهي القلب".

    هذا حديث عظيم, وهو أحد الأحاديث التي مدار الدين عليها حديث عمر (إنما الأعمال) ـ وحديث عائشة (من أحدث في أمرنا) ثم هذا الحديث الذي معنا.
    ومعنى الحديث أن الله أنزل كتابه, وبيّن فيه حلاله وحرامه, وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ماخفي من دلالة الكتاب على التحليل والتحريم, فصرح بتحريم أشياءَ غيرِ مصرحٍ بها في الكتاب, وإن كانت عامتها مستنبطة من الكتاب وراجعة إليه.
    فصار الحلال والحرامُ على قسمين:
    أحدهما: ما هو واضح لا خفاء به على عموم الأمة لاستفاضته بينهم وانتشاره فيهم, ولا يكاد يخفى إلا على مَنْ نشأ بباديةٍ بعيدةٍ عن دار الإسلام, فهذا هو الحلال البيّن والحرام البيّن.
    القسم الثاني: ما لم ينتشر تحريمُه وتحليلُه في عموم الأمة, لخفاء دلالة النص عليه, ووقوع التنازع فيه, فيشتبه على كثير من الناس: هل هو من الحلال أو من الحرام؟
    أما خواصُّ أهل العلم الراسخون فيه, فلا يشتبه عليهم, بل عندهم من العلم مايستدلون به على حِلّ ذلك أو حُرمته, فهؤلاء لايكون ذلك مشتبهًا عليهم لوضوح حكمه عندهم.
    وأما من لم يصل إلى ما وصلوا إليه, فهو مشتبِهٌ عليه, فهذا الذى اشتبه عليه إن اتقى ما اشتَبه عليه حِلُّه وحُرْمُه واجتنَبه، فقد استبرأ لدينه وعرضه، أى طلب لهما البراءة مما يشينُهما.

    وهذا هو الورع، وبه يحصل كمال التقوى كما ورد فى الأثر (لا يبلغ العبدُ أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس).

    ثم ضرب النبى صلى الله عليه وسلم مثلاً لمحارم الله بالحمى الذى يحميه الملِكُ من الأرض، ويمنعُ الناس من الدخول فيه، فمن تباعد عنه فقد توقَّى سُخط الملِك وعقوبته ومَن رعى بقرب الحمى فقد تعرَّض لمساخط الملك وعقوبته لأنه ربما دعَته نفسه إلى الولوج فى أطراف الحمى.

    وفى هذا دليلٌ أخى المستمع على سدِّ الذرائع والوسائل إلى المحرمات، كما تحرُم الخلوة بالأجنبية لئلا يقعا فى الزنا وكما يحرم شربُ قليلِ ما يُسكِرُ كثيرُه.
    = ثم ذكر النبى صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة لصلاح حركات ابن آدم وفسادها، وأن ذلك كله بحسَب صلاح القلب وفساده.
    = فإذا صلح القلبُ صلحتْ إرادته، وصلحت جميعُ الجوارح، فلم تنبعث إلا إلى طاعة الله، واجتناب سَخَطِه، فقنِعت بالحلال عن الحرام.
    = وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت جميع الجوارح وانبعث فى معاصى الله عز وجل، وما فيه سَخَطُه ولم تقنع بالحلال، بل أسرعت فى الحرام، بحسب هوى القلب وميلهِ عن الحق.
    فالقلب الصالح هو القلب السليم، الذى لا ينفع يومَ القيامة عند اللهِ غيرُه وهو أن يكون سليماً عن جميع ما يكرهه اللهُ، ولا يكونُ فيه سوى محبةِ الله وإرادتهِ، ومحبَّتِه ما يحبه اللهُ وإرادة ذلك، وكراهِة ما يكرهُه الله، والنفورِ عنه.
    = والقلبُ الفاسد هو القلب الذى فيه الميلُ إلى الأهواء المضلة والشهوات المحرَّمة، وليس فيه من خشية الله ما يَكُفّ الجوارح عن اتباع هوى النفس.

    فالقلب – أخى المستمعُ الكريم – ملِكُ الجوارح وسلطانُها والجوارح جنوده ورعيتهُ المطيعةُ له، المنقادَةُ لأوامره فإذا صلحَ الملِك، صلحت رعاياه وجنودُه، وإذا فسد الملك فسدت جنوده ورعاياه.

    والمقصودُ أن من اتقى الأمورَ المشتبهةَ عليه التى لا تتبينُ له أحلالٌ هى أم حرام فإنه مستبرئ لدينه أى طالبٌ له البراءة والنزاهة مما يدنِّسه.
    ويلزم من ذلك أن من لم يتق الشبهات فهو معرِّض دينه للدَنَس والقدح فصار الدِّين بهذا الاعتبار إما نقياً نزها بريئاً وإما دنساً متلوثاً والدين يوصف بالقوة والصلابة كما يوصف بالرقة والضعف ويوصف بالكمال كما يوصف بالنقص، والإيمان يزيد وينقص، ويقوى ويضعف .. هذا كله إذا قِسْنا الدين والإيمان والإسلام بالنسبة إلى شخصٍ شخص، أما إذا نظرنا إليه بالنسبة إلى نفسه من حيث هو هو فإنه يوصف بالنزاهة.
    وقد صدق من قال : الإسلام نِقىُّ فلا تدنّسه بآثامك.

    جعلنا الله وإياكم ممن يحل الحلال ويحرم الحرام ويتجنبُ الشبهاتِ ويتورع عنها، وجعل قلوبنا وإياكم من القلوب الصالحة ...

    هذا وبالله التوفيق وإلى لقاء آخر بمشيئة الله
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  3. #13
    الــبر بالـوالـديـن



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
    مستمعى الكرام .. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. وأهلاً بكم ومرحباً فى برنامجكم (قبس من نور النبوة)
    أخي المستمع الكريم..
    تحدثنا في لقاء سابق عن عقوق الوالدين, وكان لابد أن نتحدث عن بر الوالدين غير أننا قدمنا حديث العقوق من باب التخلية قبل التحلية, حتى نتجنب هذا الخلق الردئ والذي يبغضه الله عز وجل, وينفّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التنفير.
    ولأن الأشياء بضدها تتميز, فيجدر بنا أن نتحدث عن البر وفضله...
    بر الوالدين يأتي فى صلة الأرحام في الذروة, فهو من القربات التي أعدَّ الله سبحانه وتعالى لفاعلها الثواب العظيم, وهدد أولئك الذين يقطعونها بأشد العقوبات, فقال تعالى:
    "فهل عسَيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها" [محمد 24:22].

    بر الوالدين أيها المستمع الكريم يعدل الجهاد في سبيل الله, وهو سبب لكشف الضر وزوال البلاء، والوالدان أوسط أبواب الجنة فإن شاء العبد أن يحفظ ذلك الباب فليبر والديه/ والبارُّ بوالديه مجابُ الدعوة في الدنيا, وهو يوم القيامة من السعداء.

    إخوتي الكرام... إن أعظم حقوق الإنسان على الإنسان هي حقوق الأبوين في عنق الولد, بهذا أوصانا الله عز وجل, وخاطب فينا فطرتنا, إذ قرن الله الوصية بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته سبحانه والنهي عن الإشراك به فقال تعالى ( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)]الإسراء23[
    وقال (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)[النساء 36]
    وما ذاك إلا لأن الله تعالى هو المتفضِّل الأول بنعمة الوجود والتربية والحفظ ثم جعل الله تعالى الوالدين متفضلين بما جعل فيهما من قوى التوالد وعاطفة الحب والتضحية بالراحة في سبيل تربية الولد وتنميته ورعايته حتى يصير رجلاً نافعًا في الحياة.

    لذلك جاءت مَرْتبة الأمر بالوفاء بحقوق الوالدين في الإحسان والبر والطاعة بعد مرتبة الأمر بالإخلاص في العبادة لله وحده تذكيرًا وإرشاداً للعباد.

    عزيزي المستمع... كما جاءت الوصية بالإحسان إلى الوالدين في القرآن الكريم مقترنة بعبادة الله فقد جاءت الوصية بالإحسان إلى الوالدين مستقلة في بعض سور القرآن الكريم قال تعالى ( ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) [العنكبوت 8] فلا تطع والديك فيما فيه كفر بالله عز وجل أو معصية له؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, ولكن مع هذا صاحبهما في الدنيا بالمعروف واستمر في الإحسان إليهما, والرفق بهما ورعايتهما وطاعتهما فيما لا معصية فيه لله عز وجل.

    وفي سورة لقمان( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلىّ المصير) [لقمان 14]
    وفي الأحقاف( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا) [الأحقاف 15].
    وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة:
    جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من ؟
    قال أبوك.

    ومن أجلى صور البر التي ذُكرت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه, فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم..
    قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران, وكنت لا أَغْبِق قبلهما أهلاً ولا مالاً, فنأى بي طلبُ الشجر يوماً, فلم أُرح عليهما حتى ناما فحلبتُ لهما غبوقهما, فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أَغبق قبلهما أهلاً أو مالاً. فلبثت ـ والقدح على يدي ـ أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبيةُ يتضاغـون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.
    اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة. فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه إلى آخر الحديث.
    انظر معي أخي المستمع إلى هذا الرجل الذي عاد إلى أهله, فوجد أبويه نائِميْن, والصبية يبكون من شدة الجوع.. وإنها للحظة حرج شديد يتنازع هذا الرجل فيها بر الوالدين والرأفة بالأولاد.
    ماذا يصنع؟ هل يوقظ والديه فيزعجهما؟
    هل يسقي الأولاد الذين لا يَقْوون على احتمال الجوع؟
    ..إنه آثر الوقوف لأجل أن يستيقظ أبواه في أية لحظة فيقدمَ لهما غبوقَهما, فما استيقظا إلا بعد أن بزغ الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما.....

    وانظر إليه وهو يدعو الله تعالى( إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك) فلابد إذًا من إخلاص يحرك هذا البارَّ بوالديه فيدعو الله تعالى ويتوسلُ إليه بما فعل من صالح العمل فيفرج الله كربه ومن معه ..ألا ما أجملَ البِرَّ يزينه الإخلاص لله تعالى.
    ومن صور البر في تراثنا ما ذُكر عن علي بن الحسين حين قيل له: أنت من أبرّ الناس ولا نراك تؤاكل أمّك. قال: أخاف أن تسير يدى إلى ما قد سبقت عينهُا إليه فأكون قد عققتُها (1).
    وقيل لعمر بن ذر كيف كان برُّ ابنك بك ؟ قال: ما مَشَيتُ نهارًا قط إلا مشى خلفى، ولا ليلاً إلا مشى أمامى، ولا يرقى لى سطحًا وأنا تحتَه (2).

    وقال المأمون: لم أر أحدًا أبرّ من الفضل بن يحيى بأبيه ، بلغ من برِّه به أن (يحيى) كان لا يتوضأ إلا بماءٍ مسخَّن وهما فى السجن، فمنعهما السجّان من إدخال الحطب فى ليلة باردة، فقام الفضلُ حين أخذ (يحيى) مضجعه إلى قُمْقُم كان يُسَخَّن فيه الماء، فملأه ثم أدناه من نار المصباح، فلم يزل قائمًا وهو فى يده حتى أصبح (3).

    ألا فلْيَخفض كُلُّ منا جناحيه لوالديه, رحمةً بهما, واعترافًا بفضلهما وطاعةً لأمر الله عز وجل, وإخلاصًا لهما, فهو القائل:
    ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا) [الإسراء 24].

    هذا وبالله التوفيق,
    وإلى لقاء في حلقة قادمة إن شاء الله
    وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    ----------------------
    (1) عيون الأخبار 3/97
    (2) عيون الأخبار 3/97
    (3) عيون الأخبار 3/98

  4. #14
    الحـلال



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد... أهلاً بكم مستمعي الكرام في حلقة جديدة من برنامجنا( قبس من نور النبوة)
    *خرج البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
    " إنَّ الحلالَ بيَّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات, لا يعلمهن كثيرُ من الناس, فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كالراعي يرعى حول الحِمى, يوشك أن يرتع فيه, ألا وإن لكل ملك حِمى, ألا وإن حِِمى الله محارمُه, ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صَلَحت صَلَح الجسدُ كُلُّهُ, وإذا فسدت فسد الجسدُ كله, ألا وهي القلب".

    هذا حديث عظيم, وهو أحد الأحاديث التي مدار الدين عليها حديث عمر (إنما الأعمال) ـ وحديث عائشة (من أحدث في أمرنا) ثم هذا الحديث الذي معنا.
    ومعنى الحديث أن الله أنزل كتابه, وبيّن فيه حلاله وحرامه, وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ماخفي من دلالة الكتاب على التحليل والتحريم, فصرح بتحريم أشياءَ غيرِ مصرحٍ بها في الكتاب, وإن كانت عامتها مستنبطة من الكتاب وراجعة إليه.
    فصار الحلال والحرامُ على قسمين:
    أحدهما: ما هو واضح لا خفاء به على عموم الأمة لاستفاضته بينهم وانتشاره فيهم, ولا يكاد يخفى إلا على مَنْ نشأ بباديةٍ بعيدةٍ عن دار الإسلام, فهذا هو الحلال البيّن والحرام البيّن.
    القسم الثاني: ما لم ينتشر تحريمُه وتحليلُه في عموم الأمة, لخفاء دلالة النص عليه, ووقوع التنازع فيه, فيشتبه على كثير من الناس: هل هو من الحلال أو من الحرام؟
    أما خواصُّ أهل العلم الراسخون فيه, فلا يشتبه عليهم, بل عندهم من العلم مايستدلون به على حِلّ ذلك أو حُرمته, فهؤلاء لايكون ذلك مشتبهًا عليهم لوضوح حكمه عندهم.
    وأما من لم يصل إلى ما وصلوا إليه, فهو مشتبِهٌ عليه, فهذا الذى اشتبه عليه إن اتقى ما اشتَبه عليه حِلُّه وحُرْمُه واجتنَبه، فقد استبرأ لدينه وعرضه، أى طلب لهما البراءة مما يشينُهما.

    وهذا هو الورع، وبه يحصل كمال التقوى كما ورد فى الأثر (لا يبلغ العبدُ أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس).

    ثم ضرب النبى صلى الله عليه وسلم مثلاً لمحارم الله بالحمى الذى يحميه الملِكُ من الأرض، ويمنعُ الناس من الدخول فيه، فمن تباعد عنه فقد توقَّى سُخط الملِك وعقوبته ومَن رعى بقرب الحمى فقد تعرَّض لمساخط الملك وعقوبته لأنه ربما دعَته نفسه إلى الولوج فى أطراف الحمى.

    وفى هذا دليلٌ أخى المستمع على سدِّ الذرائع والوسائل إلى المحرمات، كما تحرُم الخلوة بالأجنبية لئلا يقعا فى الزنا وكما يحرم شربُ قليلِ ما يُسكِرُ كثيرُه.
    = ثم ذكر النبى صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة لصلاح حركات ابن آدم وفسادها، وأن ذلك كله بحسَب صلاح القلب وفساده.
    = فإذا صلح القلبُ صلحتْ إرادته، وصلحت جميعُ الجوارح، فلم تنبعث إلا إلى طاعة الله، واجتناب سَخَطِه، فقنِعت بالحلال عن الحرام.
    = وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت جميع الجوارح وانبعث فى معاصى الله عز وجل، وما فيه سَخَطُه ولم تقنع بالحلال، بل أسرعت فى الحرام، بحسب هوى القلب وميلهِ عن الحق.
    فالقلب الصالح هو القلب السليم، الذى لا ينفع يومَ القيامة عند اللهِ غيرُه وهو أن يكون سليماً عن جميع ما يكرهه اللهُ، ولا يكونُ فيه سوى محبةِ الله وإرادتهِ، ومحبَّتِه ما يحبه اللهُ وإرادة ذلك، وكراهِة ما يكرهُه الله، والنفورِ عنه.
    = والقلبُ الفاسد هو القلب الذى فيه الميلُ إلى الأهواء المضلة والشهوات المحرَّمة، وليس فيه من خشية الله ما يَكُفّ الجوارح عن اتباع هوى النفس.

    فالقلب – أخى المستمعُ الكريم – ملِكُ الجوارح وسلطانُها والجوارح جنوده ورعيتهُ المطيعةُ له، المنقادَةُ لأوامره فإذا صلحَ الملِك، صلحت رعاياه وجنودُه، وإذا فسد الملك فسدت جنوده ورعاياه.

    والمقصودُ أن من اتقى الأمورَ المشتبهةَ عليه التى لا تتبينُ له أحلالٌ هى أم حرام فإنه مستبرئ لدينه أى طالبٌ له البراءة والنزاهة مما يدنِّسه.
    ويلزم من ذلك أن من لم يتق الشبهات فهو معرِّض دينه للدَنَس والقدح فصار الدِّين بهذا الاعتبار إما نقياً نزها بريئاً وإما دنساً متلوثاً والدين يوصف بالقوة والصلابة كما يوصف بالرقة والضعف ويوصف بالكمال كما يوصف بالنقص، والإيمان يزيد وينقص، ويقوى ويضعف .. هذا كله إذا قِسْنا الدين والإيمان والإسلام بالنسبة إلى شخصٍ شخص، أما إذا نظرنا إليه بالنسبة إلى نفسه من حيث هو هو فإنه يوصف بالنزاهة.
    وقد صدق من قال : الإسلام نِقىُّ فلا تدنّسه بآثامك.

    جعلنا الله وإياكم ممن يحل الحلال ويحرم الحرام ويتجنبُ الشبهاتِ ويتورع عنها، وجعل قلوبنا وإياكم من القلوب الصالحة ...

    هذا وبالله التوفيق وإلى لقاء آخر بمشيئة الله
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  5. #15
    من حسن الإسلام



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
    أخى المستمع الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
    هذه حلقة جديدة من برنامجنا (قبس من نور النبوة)

    أيها الإخوة الأحباب نعيش اليوم مع حديث رواه الإمام الترمذى وقال حديث حسن عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (1).

    هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب. وقد قال أحد العلماء: إن أصول آداب الخير وأزمّته تتفرع من أربعة أحاديث، هى قولُه صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) (2) ، وقوله صلى الله عليه وسلم للذى اختصر له فى الوصية (لا تغضب) (3) ، وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (4) وحديث (من حسن إسلام ...)
    ومعنى الحديث تركه ما لا يعنيه من قول وفعل، ومعنى "يعنيه" أن تتعلق عنايته به ويكون من مقصده ومطلوبه، والعناية شدة الاهتمام بالشئ، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به ولا إرادة بحكم الهوى وطلب النفس، بل بحكم الشرع والإسلام، ولهذا جعله من حسن الإسلام،

    فإذا حسن إسلام العبد ترك ما لا يعنيه فى الإسلام من الأقوال والأفعال. فإن الإسلام يقتضى فعل الواجبات وترك المحرمات. وإذا حسن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعنى من المحرمات أو المشتبهات أو المكروهات وفضول المباحات التى لا يُحتاج إليها فإن هذا كله لا يعنى المسلم إذا كمل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان.

    وأكثر ما يراد بترك ما لا يَعنىٍ حفظُ اللسان من لغو الكلام وقد وقعت الإشارة فى القرآن إلى هذا المعنى فى قوله (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق 18] وقد نفى الله سبحانه الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم فقال ( لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) [النساء 114].

    وقد روى عن الحسن البصرى رحمه الله أنه قال: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلاناً من الله عز وجل.

    إخوتى الكرام .. لقد عُنى الإسلام عناية فائقة بتأديب أتباعه بجملة من الآداب إذا تحلوا بها، رفعوا أذاهم عن غيرهم، وأسهموا فى بناء مجتمعهم إسهاماً إيجابياً فى جانب الأخلاق ...

    ومن هذه الآداب آداب تضبط أفعال المرء فلا يتصرف حسبما يُملى له هواه، خذ لذلك مثالاً هؤلاء العابثين بالهاتف .. الذين يبددون أوقاتهم وأموالَهم فيما لا يعود عليهم بنفع، ويلحق بالآخرين الضرر والأذى .. ترى أحدهم يدير قرص الهاتف، فإذا جاء على الطرف الآخر صوت نسائى، بدأ فى نصب شباكه، لإيقاعها فى شراكه، غير مبالٍ بهتك الحرمات، لأن همه هو إشباع الشهوات والرغبات ..

    ولذا نحذر أخواتنا المسلمات من الخضوع بالقول ، فإن الله تعالى نهى أمهات المؤمنين _ اللآتى لا يطمع فيهن طامع _ وهن فى عهد النبوة، وحياةِ الصحابة الكرام نهاهن عن الخضوع بالقول فقال ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) [الأحزاب 32] فكيف بمن سواهن، لا شك أن نهيهن عن الخضوع فى القول من بابِ أولى.

    ولا ينبغى أن يُستسهل الأمر، فيقول قائل إنه مجرد هاتف، فكم جلبت مثل هذه الأمور، على مجتمعاتنا من ويلات وشرور.
    وما أحسنَ قولَ القائل:

    إن الـمعـاكس ذئب *** يُغـوى الـفتـاة بـحيلـهْ
    يقـول هيـا تعـالى *** إلـى الـحـيـاة الجميلـة
    قالت أخـاف الـعار *** والإغراق فى درب الـرذيلة
    والأهـل والإخـوان *** والأصحاب بل كل الـقبيلـة
    قـال الخـبيث بمكر *** لا تـقـلـقى يا كـحيـلـة
    إنما التشديد والتعقيد *** أغــلال ثـقـيــلـــة
    ألا تـريـن فـلانة *** ألا تـريــن الـزمـيلــه
    وإن أردت سـبيـلا *** فالعرس خـير وسـيـلــة
    فانقادت الشاة للـذئب *** عــلى نـفـس ذلـيلــه
    فـيالفـحـش أتتـه *** ويــا فـعـالٍ وبـيـلـه
    حتى إذا الـذئب أروى *** مـن الـفتـاة غلـيـلــه
    قـال اللـئيم وداعـا *** فــفـى الـبـنـات بديلة

    أخى المستمع .. إن الأمانة عظيمة .. وإن المسئولية جسيمة والعمر قصير فلا تضيِّعْه فيما لا يعنيك [ ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً] [الإسراء 36] فعليك أن تبذل الأسباب، وتوفر الضمانات لحماية محارمك من العابثين والسفهاء، وهى مما لا يخفى على محبى العفة والكرامة.
    ولعل من أبرز هذه الأسباب أن تراعى أنت مشاعر الآخرين، وتحسنَ فى معاملاتهم، ولا تقتحمْ فيما لا يعنيك، فتُبتلى فى بيتك بما أفسدت به بيوت الآخرين.

    هذا وبالله التوفيق
    وإلى لقاء فى حلقة قادمة
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    -------------------
    (1) صحيح الجامع 5911
    (2) صحيح الجامع 6501
    (3) صحيح الجامع 7373
    (4) صحيح الجامع 7583

  6. #16
    احفظ الله ..



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
    فهذه حلقة جديدة من برنامج (قبس من نور النبوة)
    روى الترمذي وقال حسن صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
    كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات:" احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسألِ الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله تعالى لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله تعالى عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة, وقواعد كلية من أهم أمور الدين حتى قال بعض العلماء: تدبرت هذا الحديث, فأدهشني وكدت أطيش.

    فقوله صلى الله عليه وسلم ( احفظ الله) يعني: احفظ حدودَه وحقوقَه وأوامرَه ونواهيَهْ, وحفظُ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال, وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوزْ ما أمر به وأذِن فيه إلى ما نهى عنه.
    فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله.
    ومن أعظم ما يجب حفظُه من أوامِر الله: الصلاة. قد أمر الله بالمحافظة عليها فقال: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) [البقرة 238] ومدح المحافظين عليها بقوله:
    (والذين هم على صلاتهم يحافظون) [المعارج 34].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من حافظ عليها كان له عند الله عهدٌ أن يدخلَه الجنة" وكذلك الطهارةُ, فإنها مفتاح الصلاة. قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحافظُ على الوضوء إلا مؤمن".
    ومما يؤمر بحفظه الأَيمان. قال تعالى (واحفظوا أيمانَكم) [المائدة 89] : فإن الأيمان يقع الناسُ فيها كثيرًا ويهملُ كثيرٌ منهم ما يجب بها, فلا يحفظُه ولا يلزمه.
    ومن ذلك حفظ الرأس وما وعى ويدخل فيه حفظ السمع والبصر واللسان من المحرمات وحفظ البطن وماحوى, ويتضمن حفظ القلب عن الإصرار على ماحرم الله وقد جمع ذلك كله في قوله ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) [الإسراء 36].

    ويتضمن أيضًا حفظَ البطن من إدخال الحرام إليه من المآكل والمشارب ومن أعظم ما يجب حفظه من نواهي الله سبحانه: اللسان والفرج ففي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من حفظ ما بين لَحْيَيْه وما بين رجلَيْه دخل الجنة". وقال تعالى( قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون) [المؤمنون 1ـ2] إلى قوله تعالى ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم....) [المؤمنون 5ـ6] وقوله صلى الله عليه وسلم ( يحفظْك) جواب للشرط الذي ابتدأه بقوله صلى الله عليه وسلم ( احفظ الله) والمعنى: أن من حفِظ حدود الله وراعي حقوقه حفظه الله، فإن الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى (أوفوا بعهدى أوفِ بعهدكم) [البقرة 40] وقال (فاذكرونى أذكركم) [البقرة 152] وقال (إن تنصروا الله ينصركم)[محمد 7].
    وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان: أحدهما حفظُه له فى مصالح دنياه / كحفظه فى بدنه وولده وأهله وماله.
    وقد يحفظُ الله ذرية العبد بعد موته بصلاحه، كما فى قوله تعالى (وكان أبوهما صالحاً) [الكهف 82] قيل إنهما حُفظا بصلاح أبيهما.
    فمن حفظ الله حفظه اللهُ من كل أذى. قال بعض السلف: من اتقى اللهَ فقد حفِظ نفسه، ومن ضيّع تقواه فقد ضيع نفسه والله غنىٌ عنه.

    والنوع الثانى من حفظ الله للعبد أخى المستمع وهو أشرف النوعين: حفظ اللهِ للعبد فى دينه وإيمانه، فيحفظه فى حياته من الشبهات المُضِلة ومن الشهوات المحرَّمة المُذِلة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على الإيمان، وفى الجملة فإن الله عز وجل يحفظُ المؤمن الحافظ لحدود دينه، ويحولُ بينَه وبين ما يفسِدُ عليه دينه بأنواع من الحفظ. قال ابن عباس فى قوله تعالى (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) [الأنفال 24] قال : يحول بين المؤمن وبين المعصية التى تجره إلى النار. وقال الحسن – وذكر أهلَ المعاصى -: هانوا عليه فَعَصَوه، ولو عزُّوا عليه لعصمهم.

    أخى الكريم وقوله صلى الله عليه وسلم (احفظ الله تجده تجاهك) وفى رواية أمامَك. معناه: أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه وجد الله معه فى كل أحواله حيث توجّه، يحوطهُ وينصرُه ويحفظه ويسدّده (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) [النحل 128].
    ثم قال صلى الله عليه وسلم : إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، هذا منتزع من قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة 5] فإن السؤالَ هو دعاؤه والرغبةُ إليه، والدعاء هو العبادة.
    قال تعالى(وقال ربكم ادعونى أستجب لكم) [غافر 60] متضمن كلامُه صلى الله عليه وسلم أن يُسأل اللهُ عز وجل، ولا يسألَ غيرُه، وأن يُستعان بالله دون غيره.
    = أما السؤال فقد أمر الله بسؤاله فقال (واسألوا الله من فضله) [النساء 32] واعلم أخى الحبيب أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعيّن المطلوب، لأن السؤال فيه إظهارُ الذلِ والمسكنةِ والحاجة والافتقار.

    وفيه الاعتراف بقدرة المسئول على دفع الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع، ولا يَصلحُ الذل والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة.
    = وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلْق، فلأن العبدَ عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره، ولا معينَ له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله فهو المُعان، ومن خذله فهو المخذول، نعوذ بالله من الخُذلان.

    فالعبد إذًا محتاج إلى الاستعانة بالله، فإن طلبها أعانه الله عز وجل، وإن ترك الاستعانة بالله واستعان بغيره، وَكَلهُ الله إلى من استعان به فصار مخذولاً.
    = قوله صلى الله عليه وسلم (واعلم أن الأمة لو اجتمعت ..) المراد أن ما يصيب العبد فى دنياه مما يضره أو ينفعه فكُلُّه مقدّرٌ عليه. ولا يصيب العبد إلا ماكتب له من مقادير ذلك فى الكتاب السابق ولو اجتهد على غير ذلك الخلْق كلُّهم جميعاً.

    ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم رفعت الأقلام وجفت الصحف .. رفعت الأقلام أى فلا زيادة فيما كتب ولا محو لما كتب.

    هذا وبالله التوفيق
    والله أعلى وأعلم

  7. #17
    --------------------------------------------------------------------------------

    الكِبْر وعواقبه



    الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودة
    أستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة


    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وكفى ,وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى ..وبعد، أيها المستمع الكريم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً بكم معنا في حلْقة جديدة من برنامجكم (قبس من نور النبوة).
    أخي الكريم....لما كان الكبر والتعالي على الناس مما يتنافى مع الخُلق الكريم, ويَغرس الفُرقة والعداوةَ بينَ الناس, ويَقطعُ ما أمر الله به أن يوصل, شَن الإسلامُ حربًا شعواءَ على الكِبر وأهلِه ليطهرَ منه النفوسَ والقلوبَ,
    إن الله سبحانه وتعالى يُبغض المختالَ المتبخترَ المُعرِضَ عن الناس كِبْرًا وصَلفًا قال تعالى( ولا تصِّعرْ خدَّك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحًا إن الله لا يحب من كان مختالاً فخورًا) [لقمان 18].
    ومهما أعجبت المرءَ نفسُه, واختال في مشيته, فأخذ يطأُ الأرض بشدة ويرفعُ رأسَه تطاولاً على الناس, فهو لن يخرق الأرض, ولن يبلغ الجبال طولا, قال تعالى( ولا تمشِ في الأرض مرحًا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئُه عند ربك مكروها) [الإسراء 37-38].

    أخي المستمع الكريم... روى البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    " بينما رجل يمشي في حُلََّة تُعجبه نفسُه, مرجَّلٌ رأسَه, يَختال في مشيته, إذ خَسَفَ اللهُ به فهو يتجلجلُ في الأرض إلى يوم القيامة"
    هذا الحديث يذكر لنا قصةَ رجلٍ قد انتفخ خيلاءَ وكبرًا, يمشي على الأرض وقد امتلأ إعجابًا بنفسه, فلا يرى شيئًا إلا ازدراه واحتقره وإذا لقى أحدًا صعّر له خده... لقد نسي هذا الرجل مِمَّا خلق وإلى أى شئ يصير ! وبينما هو كذلك وقد أعجب بظاهره، ومارُسِم من مظاهره إذا بالأرض تُخسف به، وكأن لم يكن شيئاً .. ألا يعلم من هذه صفته أنه ينازع الله تعالى فى صفاته كما جاء فى الحديث القدسى (الكبرياء ردائى والعز إزارى فمن نازعنى فى واحد منهما عذبته).

    أخى الكريم، إن الاستكبار صفة الشيطان الأولى التى دفعته إلى عدم تنفيذ أمر الله عز وجل له بالسجود لآدم (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليسَ أبى واستكبر وكان من الكافرين) [البقرة 34].

    إن الكبر يُغلق قلبَ صاحبه وعقلَه حتى إنه يرى الحق ولكنه لا يقبله، فهذا أحد المتكبرين يأكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فيأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يأكل بيمينه فيقول : لا أستطيع. فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: لا استطعت فَشُلّت يمين ذلك الرجل وجاء التعقيب من النبى صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى قال : ما منعه إلا الكبر.
    وأكثر ما يتمثل الكبرُ فى رد الحق ودفعه، كما يتمثل فى ازدراء الناس واحتقارهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقالُ ذرة من كبر. فقال رجل: يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعلُه حسنة هل هذا من الكبر ؟ فقال عليه الصلاة والسلام:

    لا الكبر بطر الحق وغمط الناس: " أى احتقارهم (1) ومن هنا كانت عقوبة المتكبر فى الدنيا والآخرة. أما فى الدنيا فإن الله تعالى يصرف هؤلاء المتكبرين عن فهم آياته القائمة فى الآفاق وفى أنفسهم (سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق) [الأعراف 146].

    ومن عقوبة المتكبر فى الدنيا أنه يخسف به كما ورد فى حديث حلقتنا (إذ خسف الله به فهو يتجلجل فى الأرض إلى يوم القيامة). وكما حكى القرآن الكريم عن قارون (فخسفنا به وبداره الأرض) [القصص 81].
    أما عقوبة المتكبر فى الآخرة فإنه يكون من أهل النار الذين هم كُلُّ عُتُلٍّ جوّاظٍ مستكبر، كما أنه يُحَرمُ من نظر الله عز وجل إليه كما جاء فى الحديث الشريف (لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء) (2).

    أخى الكريم .. إن المتكبر يرى نفسه متميزاً على غيره من خلق الله بفضيلة العلم أو العمل أو المال أو الجاه أو الصلاح أو غير ذلك من النعم الظاهرة، فيصرفه ذلك عن إصلاح نفسه وعدم الالتفات إلى نصيحة غيره (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم) [البقرة 206].
    ألم يسمع هذا المستكبر إلى قول الشاعر :

    نسى الطين ساعة أنه طين حقير فصـال تيـهاً (3) وعـربـد
    وكسا الخز(4) جسمـَه فتـباهـى وحوى الماَل كيسُه فتـمـرد
    يا أخى لا تَمل بوجـهك عـنى ما أنا فحمة ولا أنت فـرقد(5)
    أيها المزدهى إذا مسّـَك السـقمُ ألا تشتكـى ؟ ألا تـتنهـد ؟
    قمر واحد يطل علينا وعلى الكوخ والـبنــاء الـمـوطــد
    إن يكن مشرقاً لعينكِ إنى لا أراه مـن كـوة (6) الـكوخ أسود
    النجـوم التـى تراهـا أراهـا حين تخفـى وعـندما تتوقـد
    لسـتَ أدنـى(7) على غناك إليهـا وأنا معْ خصاصتى(8) لستُ أبعَد
    أنت مثلى مـن الثــرى(9) وإليـه فلماذا يا صاحبى التيه والصد؟

    أيها المستمع الكريم .. وبضدها تتميز الأشياء .. فإذا كان هذا هو حال المستكبر فإن أهل الإيمان متواضعون، وإن تسنموا أعلى المناصب، فهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو أمير المؤمنين يخدم رعيته بنفسه، وهذا عمر بن عبد العزيز يكاد السراج أن يُطفأ فيريد أحدهم أن يقوم ليصلحه فيرفض عمرُ أن يستخدم ضيفه ثم يقوم فيملأ المصباح زيتاً. فيقول له ضيفه قمت أنت يا أمير المؤمنين ؟‍‍‍! فيقول عمر رضى الله عنه: ذهبت وأنا عمر، ورجعت وأنا عمر، ومانقص منى شئ فانظر رحمك الله إلى هذا التواضع الذى تشّربه أصحابه من نور القرآن الكريم ومن مشكاة النبوة المباركة.
    لقد تمثل المتواضعون قول الله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً) [الفرقان 63] أى مشياً هيناً متواضعاً لا تكبر فيه.

    وقد طبقوا قولَ النبى صلى الله عليه وسلم (ما تواضع عبد لله إلا رفعه الله) وقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله أوحى إلىّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد) (10).
    أخى الحبيب .. إن التواضع يكسب صاحبه السلامة، ويُورث الألفة، ويرفع الحق. وللتواضع ثمرة وهى المحبة، وإنّ تواضع الشريف يزيد فى شرفه،

    كما أن تكبُّر الوضيع يزيد فى ضعته، وكيف لا يتواضع مَنْ خُلِق من نطفة مذرة (11)، وآخره يعود جيفة قذرة، وهو بينهما يحمل العذرة.

    ولا تَمْشِ فوق الأرض إلا تواضعًا فكـم تحتها قومٌ همُ منك أرفـعُ
    فإن كنت فى عِزٍّ وخيـرٍ ومنعـةٍ فكم مات مِنْ قومٍ همُ منكَ أمنـعُ

    إن التواضع أيها الإخوة يُثبّت دعائم الأخوة، ويوطّد قواعد الاستقرار والطمأنينة والسلام.

    جعلنا الله وإياكم من أهل التواضع، وجنبنا وإياكم الكِبْر والتكبّر.
    وإلى لقاء آخر بمشيئة الله .أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

    ----------------------
    (1) خرجه مسلم من حديث ابن مسعود رضى الله عنه. وانظر صحيح الجامع 7674
    (2) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى من حديث ابن عمر رضى الله عنهما.
    (3) تيهًا : فخرًا
    (4) الخز : الحرير
    (5) فرقد : نجم فى السماء
    (6) كوة الكوخ: فتحة الكوخ
    (7) أدنى : أقرب
    (8) خصاصتى : فقرى
    (9) الثرى : التراب
    (10) أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه، وانظر صحيح الجامع 1725
    (11) مذرة : قذرة

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. الرسول - صل الله عليه وآله وسلم - في رمضان
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-04-2014, 10:59 PM
  2. إختصار سيرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-19-2014, 07:16 PM
  3. محمد صلى الله عليه وسلم ،
    بواسطة ظميان غدير في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-05-2013, 12:52 PM
  4. الصخرة التي عرج منها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-07-2012, 07:22 AM
  5. شوق يؤججني إلى لقياك (في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم )
    بواسطة الهام بدوي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-16-2011, 04:59 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •