لقد أثبتت الأيام أن الوضع السوري أكبر بكثير من مجرد صراع داخلي. لقد اتضح الأمر جلياً عندما استخدمت الصين الفيتو في مجلس الأمن للمرة الأولى منذ سنين. وللأسف لم يع لا المعارضة السورية ولا من يسمون بأصدقاء سوريا مغزى التحرك الصيني النادر تاريخياً، أو أنهم كانوا يعونه لكنهم يريدونه أن يجري كما جرى. لقد جاء الفيتو الصيني رسالة بأن سوريا اصبحت معركة كسر عظم بين القوى الدولية. للعلم فإن الصين لم تستخدم الفيتو حتى فيما يخص هونكونغ وهي جزء منها وقضايا إقليمية تخصها، لكنها استخدمته في الموضوع السوري لأن هناك معركة عالمية على المنطقة. وكما اتضح لاحقاً فإن الكثيرين أخطأوا في قراءة الوضع السوري، فالنظام لا يقاتل بجيشه، بل بظهر روسي وصيني كبير،وهو مجرد أدات في لعبة أكبر منه بكثير، وهو يدرك أنه مجرد جندي في معركة عالمية، وأن اي نصر أو هزيمة ستحسب لصالح القوى الكبرى المتصارعة وليس له. لهذا فهو يقاتل بمنطق: إذا انتصر الحلف العالمي الذي يدعمني فسأخذ نصيبي من كعكعة النصر، وإذا خسر الحلف فأنا لست أهم من الصين وروسيا وإيران. وظالما استمر الصراع على سوريا بين القوى العظمى، فتوقعوا مزيداً من الهجمات الكيماوية، لأن هناك ضوءاً أخضر صينياً وروسياً للنظام بأن يمضي قدماً وبتصعيد واضح لصالح داعميه. هناك أنظمة اقوى بكثير من النظام السوري، لكنها لا تجرؤ على استخدام ربع الوحشية التي يستخدمها، لأنها غير مدعومة دولياً. لهذا يجب اعتبار التصعيد في سوريا تنامياً في حدة الصراع بين المتصارعين على سوريا. والقادم قد يكون أعظم.
فيصل القاسم