منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 21
  1. #11
    فائز البرازي
    قدمت في مقالك مكانة المرآة عبر العصور وعبر التاريخ

    وأرى ان الرجل ...لم يتميز عن المرآة بسبب الفكر الديني الانساني او الافكار الذكورية التي توارثها الاجيال
    لان النصوص الدينية توضح ان الرجل يفضل على المراة في قضايا كثيرة
    في الحكم ..في الوصية ..في الحرب ..امور كثيرة

    سنتابع معك النقاش ..واشكرك على فكرك النير

    ظميان غدير

  2. #12

    المرأة عبر التاريخ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظميان غدير مشاهدة المشاركة
    فائز البرازي
    قدمت في مقالك مكانة المرآة عبر العصور وعبر التاريخ

    وأرى ان الرجل ...لم يتميز عن المرآة بسبب الفكر الديني الانساني او الافكار الذكورية التي توارثها الاجيال
    لان النصوص الدينية توضح ان الرجل يفضل على المراة في قضايا كثيرة
    في الحكم ..في الوصية ..في الحرب ..امور كثيرة

    سنتابع معك النقاش ..واشكرك على فكرك النير

    ظميان غدير
    =================

    الأخ العزيز استاذ ظميان

    أشكرك لتفاعلك مع النص ..
    ومع الإحترام .. أخالفك في رأيك الذي توصلت إليه من طرحي ..

    الرجل .. بدأ بما نسميه ( الهيمنة الذكورية ) .. " حسب ما ورد في البحث " ..

    الرجل .. ( جير وزور وغض الطرف ) عن النصوص الإلهية .. وخلق ( فكرآ دينيآ جديدآ ) إستمد من خلاله " شرعيته ممهورة بالمقدس " للسيطرة ، وفنزال المرأة مرتبة أدنى منه ..
    ومع الإحترام .. ولعله قصورآ مني .. لم اجد في ( نصوص الوحي / القرآن ) أي تفضيل وتمييز للرجل على المرأة ..
    القرآن / الوحي .. ساوى تمامآ بينهما .ز ثم رسم " مهمات تكاملية " لكل منهما ..
    الأساس كان .. ( التساوي ) بين الرجل والإمرأة ..
    لم أجد مايغلب الرجل على المرأة ، أو المرأة على الرجل .. إلا من خلال ( نصوص إنسانية موضوعة ، تنسب : للمقدس من جهة .. و " لحقوق المرأة المتميزة " من جهة أخرى معاكسة ..

    هل لك بعد إذنك .. أن تذكرني بنصوص الوحي / القرآن .. التي " يفضل بها الرجل على المرأة " ؟؟

    مودتي وإحترامي .

  3. #13
    السلام عليكم
    متابعة للحوار اخوتي استميحكم في المداخلة:
    في التمييز الذي وردفي القران قمة المساواة ومثالا على هذا قضية الارث والانفاق فالمنفق عامة الرجل لذلك له ضعف الحصة وليس في كل المواقع كذلك:لكن للاسف استغلت نواحي كثيرة انطلاقا من امر القوامة لتكون قمة في الاستغلال الذكوري فالعتب على التطبيق لا على القانون والشريعة وتلك معضلتنا الاجتماعية فكيف الخروج من هذا؟
    لرد الشبهات ساحاول ايراد رابط اتمنى ان يكون موفقا:
    http://www.balagh.com/deen/ms19ogf9.htm

  4. #14
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فائز البرازي مشاهدة المشاركة
    =================

    الأخ العزيز استاذ ظميان

    أشكرك لتفاعلك مع النص ..
    ومع الإحترام .. أخالفك في رأيك الذي توصلت إليه من طرحي ..

    الرجل .. بدأ بما نسميه ( الهيمنة الذكورية ) .. " حسب ما ورد في البحث " ..

    الرجل .. ( جير وزور وغض الطرف ) عن النصوص الإلهية .. وخلق ( فكرآ دينيآ جديدآ ) إستمد من خلاله " شرعيته ممهورة بالمقدس " للسيطرة ، وفنزال المرأة مرتبة أدنى منه ..
    ومع الإحترام .. ولعله قصورآ مني .. لم اجد في ( نصوص الوحي / القرآن ) أي تفضيل وتمييز للرجل على المرأة ..
    القرآن / الوحي .. ساوى تمامآ بينهما .ز ثم رسم " مهمات تكاملية " لكل منهما ..
    الأساس كان .. ( التساوي ) بين الرجل والإمرأة ..
    لم أجد مايغلب الرجل على المرأة ، أو المرأة على الرجل .. إلا من خلال ( نصوص إنسانية موضوعة ، تنسب : للمقدس من جهة .. و " لحقوق المرأة المتميزة " من جهة أخرى معاكسة ..

    هل لك بعد إذنك .. أن تذكرني بنصوص الوحي / القرآن .. التي " يفضل بها الرجل على المرأة " ؟؟

    مودتي وإحترامي .
    أهلا بك أخي فائز البرازي

    اشكرك على مرورك مرة أخرى وإضافتك للحوار
    بالنسبة للنصوص القرآنية التي بها تفضيل ..

    ستجد أولها هي في رابط الاخت راما في ردها أعلاه حيث هناك آية الميراث..التي تقول ان للذكر مثل حظ الانثيين

    وستجد ايضا في المقال رأيا يصحح بعض المفاهيم الذكورية الخاطئة ....
    اما بالنسبة للنصوص القرآنية
    التي ....فيها تفضيل صريح ...

    في قوله: " الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض)

    وهنالك ايضا ...آيات ..في شهادة المرآة ..
    حيث ان شهادة المرآة تكون بأمراتين ...
    وسآتي بالاية عما قريب بأذن الله .
    تحيتي

    ظميان غدير

  5. #15

    المرأة عبر التاريخ

    الأخت الفاضلة راما
    الأخ الفاضل ظميان
    اشكركما على هذا الأسلوب الراقي في الحوار ..

    مع الإحترام .. كنت أتوقع الردود .. فهي طالما أعيدت وتكررت من كل من تطرق لهذا الموضوع ..
    والرد عليها وتوضيحها .. كنت قد تناولته منذ زمن .. أعيد إنزاله بحلقاته .. ثم نعود أيضآ لنتناقش ..
    والآيات التي سأختم بها الحلقات .. بعد حوارنا .. ستكون واضحة .. لا تقبل التأويل ..

    مودتي وإحترامي .
    ===============

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    ---------------------------
    1- إستمرار سيادة المجتمع الذكوري عقلآ وأنماط تفكير :
    ----------------------------------------------------

    لقد أتت الأديان فيما أتت من أجله ، بهدف إحداث تغيير جذري فوري أو تدريجي في المجتمعات الإنسانية . ومن أسف : فإن الفكر الديني الإنساني هو الذي هيمن على الأديان ، وألغى معظم مهماتها الرئيسية وأهدافها .
    فبدل من أن تحدث الأديان تغييرآ في أنماط التفكير المجتمعية ، فإن أنماط التفكير الإنسانية البالية ، هي التي سرقت الدين وطمست أهدافه السامية .
    فمثلآ : أتت الأديان فيما أتت ، لتغيير نمط التفكير الذكوري بنظرته ومعاملته لنصف المجتمع ( المرأة ) الأم ، والأخت ، والزوجة .. حيث كان ولايزال نمط التفكير المجتمعي الذكوري سائدآ ومهيمنآ على المرأة في المجتمعات . حتى أصبحت المرأة عند البعض ، " قطعة لحم " هذا يريد تغطيتها ، وهذا يريد كشفها وعرضها .
    وقد إتخذ من الدين " وسيلة " لتعزيز نمط التفكير الإستبدادي الذكوري . فنجد مثلآ ، لا حصرآ : في الفكر الديني اليهودي ، دعاءآ يدعوه الذكر اليهودي إبتهالآ وشكرآ للإله ، فيدعو مساءآ قبل أن ينام : ( الحمد لك يارب لأنك لم تخلقني إمرأة ) . ونجد في الفكر الديني المسيحي تحريمآ صارمآ على المرأة ، فيدعو : ( على المرأة أن تسكت في حضرة الرجل وفي الكنيسة ) .
    وفي الفكر الديني الإسلامي ، تشويهآ لمعاني ومقاصد الدين . فعلى سبيل المثال أيضآ ، لا الحصر ، في :
    الميراث : - الذي أتى بالوحي ، وإستفاضت به السنة ، ثم أكمله ونظمه وإستنبط وظائفه وتفرعاته / الخوارزمي / في كتابه " الجبر والمقابلة " ، حيث أصبح مرجعآ في توزيع الميراث ، مع إختلاف بعض الأحكام بين المغرب والمشرق العربي ، منبعه رأي الأئمة الأربعة . فقد هيمن الفكر الديني الإسلامي الذكوري ، على ( الهدف الشامل ) للميراث ، ولخصه وحجمه بأن ( للذكر مثل حظ الانثيين ) بعد ان إقتلع الاية ولم يضعها في سياق الشرع الإسلامي
    ( الشامل والمتكامل ) .
    فأولآ : هذه الآية تشمل " أربعة حالات فقط " ، بينما هناك أكثر من أربعين حالة ميراثية يتساوى فيها نصيب المرأة والرجل ، وأحيانآ يزيد نصيب المرأة عن نصيب الرجل .
    وثانيآ : ان هذه الآية في الميراث ، ليست معزولة عن إحاطة الوحي بمجمل الحياة الإجتماعية . حيث ألزم بعدها أقارب المرأة .. الزوج ، الأب ، الأخ ، العم .. الخ بتحمل الأعباء المادية لهذه المرأة ضمن ( التكافل الإجتماعي ) وهو ما أبعده الفكر الديني الذكوري عن دائرة التوضيح ، والأخذ به ، إلا إذا ... قامت المرأة بكسر حواجز الإلفة وصلة الرحم والمحبة والإحترام ، وتوجهت للمحاكم لتطالب بحقها في أقاربها .. وهو ما تعافه نفس المرأة وضميرها ورغبتها في المحافظة على صلة الرحم . حتى وإن أقدمت على ذلك بسبب الحاجة والفقر والإنسحاق ، فإنه في معظم الأحيان ، مايتمكن الذكور المهيمنون ، في التأثير على المحكمة وقراراتها بالخداع والمسكنة ، أو التهرب السهل من تنفيذ الأحكام ..
    فهل يمكن ان نفهم ونطبق هذه الحالات " الأربع " ضمن سياقها الوظيفي والعدلي الذي أراده الله لعباده في مجتمعاتهم الإنسانية ؟ .
    أمر آخر ، في الفكر الديني الذكوري السارق للمصحف .. وهو :
    الدية : - والدية للمرأة نصف دية الرجل . لامن كونها " إمرأة " ، وهو " رجل " .. بل من باب ( الوظيفة ) .. فالرجل العامل والمنتج وسبب الصرف على الأسرة ، في موته ، تتحقق خسارة جسيمة من الناحية المادية ، غير إن كان فيها موت المرأة . لكن ... إذا كانت المرأة لظروف خاصة ، هي التي تقوم ( بوظيفة ) الرجل .. في الصرف والعمل والإنتاج وإعالة عائلتها بما فيها الرجل ، فإن الدية – كما أكاد أعتقد - في موت هذه المرأة – بسبب الوظيفة – هي دية يجب أن تكون كاملة . وقد ألغاها المجتمع الذكوري .
    والشهادة : - فقد جرى نشر الفكر الديني الإسلامي ، على توسيع " حالة واحدة " بالنسبة لشهادة المرأة .. وهي أن شهادة إمرأتين ، تعادل شهادة رجل واحد . وأيضآ سرقوها من وضعها الطبيعي الذي أتت به " كحالة " من حالات أخرى ..
    فالآية أتت في موضع " المعاملات " التجارية والكتابة ، وهو ماكان سائدآ حينها ببعد المرأة عن هذا المجال ، ولا يزال في معظم واقعنا الإجتماعي . وكان ان ( عمم ) الفكر الديني الذكوري هذه الحالة في الوعي الشعبي ، وطمس الحالات الأخرى ، في غير المعاملات التجارية ، وجرائم القتل . ففي حالات أخرى ، يكون للمرأة في الشرع شهادة كاملة توازي شهادة الرجل ، وفي حالات أخرى ، تقبل شهادة المرأة كاملة ، وترفض شهادة الرجل إن تخالفت مع شهادتها .
    وفي موضوع : ( القوامة ) : - وهو الموضوع الأثير لدى الفكر الديني الذكوري .. فيستندون إلى : [ الرجال قوامون على النساء ] ويسكتوا .. فلا يتموا الآية .. [ بما فضل الله بعضهم عن بعض ] . والتفضيل هنا ، قد يكون : بالإنتاج والصرف ، أو بالعقل ، أو بالعافية .. الخ . وحيث أنه في أكثر الأحيان .. يكون الرجل هو المنفق ، والملم أكثر بصورة داخل الأسرة وخارجها عقليآ ومعرفة ، فإن " القوامة " هنا للرجل بما ( فضله الله ) . وحتى في الشرعة الإنسانية العامة ، وفي هيئة ألمم المتحدة ما يقول : ( ان من ينفق ، يحكم ) . أي : ليست قوامة متعلقة بالجنس.
    والآن .. ماذا عن الحالات الأخرى .. أن تكون المرأة لظرف خاص ، أو لتطور الحياة ، وتشارك الرجل والمرأة في الإنتاج والنفقة .. هل ننسخ فعل وإنتاج وصرف المرأة وإنفاقها ، ولا نعتبره ( فضلآ ) من الله ؟ .
    وثانيآ : كان المسكوت عنه في الفكر الديني الذكوري ، هو ( معنى القوامة ) ، مبعدين ( الوظيفة ) .. فللرجل وللمرأة وظيفة خاصة ، ووظيفة عامة . وهاتان الوظيفتان ( متكاملتان ) في المهمة الإجتماعية والأسرية .
    وآخر الأمثلة – بسبب المساحة - ، هو الحديث الذي ( روي ) عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وأقول ( روي ) : بأخذ " المتن " ، وعدم التعرض للعنعنة والإسناد . وهذا سيرد التطرق إليه في ( بند الحديث ) كأحد معوقات تجديد الفكر الديني الإسلامي .
    ( روي ) عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، أنه قال ، وهو مار في جمع من النساء يتضاحكن : ( النساء ناقصات عقل ودين ) . وعندما إعترضت بعض النسوة على ذلك ، قال : ( ألم يجعل الله شهادة إمرأتين بشهادة رجل ؟ وهذا نقص في العقل . وألم يرفع الله عن النساء بعض تكاليف الدين من صلاة وصيام في حيض المرأة وطمثها وولادتها وإرضاعها ؟ وهذا النقص في الدين ) .
    فلنقف عند " المتن " مفكرين وعاقلين فيه : فنرى أن ( متن الحديث ) ومبرراته ، يتعارض مع : القرآن ، والعقل .
    عن القرآن : لم يرد في " الوحي " ما أشار إلى إختلاف عقل الرجل عن عقل المرأة . حتى في الشهادة ووظائفها التي تكلمت عنها سابقآ . وكان التكليف والحساب ، واحد للرجل والمرأة . آيات كثيرة بدءآ من عصيان /آدم / لتعليمات ربه ، وليست ( التفاحة ) الرواية التي يحملون بها المرأة " إغواء " آدم ، كسبب خروجه من الجنة ، إضافة إلى الكثير من الآيات ، فيذكران معآ – الرجل والمرأة – في التكليف والحساب .
    وإن أعطى الله ( رخصة ) للمرأة وعذرها بتلك الرخصة ، عن بعض الواجب العقيدي بسبب ظرف خاص بالمرأة ، فإن الرخصة الإلهية لاتشكل " نقصآ " بدين المرأة ، بل تكريمآ لها ، وتقديرآ من الله لما خلقه وأعطاه وظائفه .
    ومن إعمال " العقل " في ( المتن ) ، أقول : حاشى لرسول الله أن يكون متن حديثه متناقضآ مع الوحي الإلهي . وهنا نكون أمام حالتين :
    1- إما أن المنقول عن رسول الله ، كان من نتاج المجتمع الذكوري وكاذبآ .
    2- أو أن يكون هذا الحديث عابر من ( محمد النبي / الإنسان ) على سبيل المزاح والمداعبة والإغاظة لتلك النسوة ، ويصبح الحديث خارج ( أحاديث الإعتقاد ) .
    هذه بعض الأمثلة على هيمنة الفكر الديني الذكوري ، ليس على المجتمع ووعيه الشعبي فقط ، بل على الدين نفسه ، سرقة وتزويرآ للوحي .

  6. #16

    الفكر الديني الذكوري

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    =================
    2- خلط الدين بالسياسة :
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بدأ إلباس الدين ثوب الخلافات السياسية ، منذ ، وبعد ، وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . واخذت السياسة والخلافات السياسية تترجم في الفكر الديني على أنها ( خلافات دينية ) ، وذلك لما للدين من دور هام ومركزي وفاعل في حياة الناس .
    فبعد وفاة الرسول محمد ، وإختيار الصديق خليفة للمسلمين ، لم يتقدم سيدنا علي لمبايعة أبي بكر الصديق إلا بعد ثلاثة أيام وما جرى فيها من رفض ولغط ، وبأن علي أحق من أبي بكر بالخلافة ، وظهور بوادر أول " حزب سياسي " في الإسلام من تكتل الشيعة ، أي : الذين شايعوا علي وتضامنوا معه .
    وكذلك جرى ، كموقف سياسي في ( حروب الردة ) بحياة أبي بكر الصديق . حيث كان أول أسباب ماسمي بالردة ، هو إمتناع القسم الأكبر من المرتدين !! عن دفع الزكاة . مبررين ذلك ، بأنهم كانوا يدفعونها للرسول ، ولن يدفعوها بعد موته . وهو ما يمكن تسميته الآن : برفض دفع الضرائب للسلطة الحاكمة – مع أن الزكاة فريضة - . ونشأ الخلاف بين أبي بكر ، وبين عمر بن الخطاب ، إستنادآ منه إلى [ لا إكراه في الدين ] . حيث رأى أبو بكر بأنها – عدم الدفع – ( ردة سياسية ) تخرج عن سلطان الدولة . ورأى عمر بن الخطاب بأنها ( ردة دينية ) لايجب القتال فيها . وحسم الخلاف لصالح أبو بكر ، لأن الزكاة كانت" الدخل المالي " الأكبر للدولة آنذاك . بينما الزكاة الآن لاتدفع " للدولة " ، بل يصرفها مخرجيها بأنفسهم لمن يرونه مستحقها .. فاليوم : يرجح رأي سيدنا عمر .
    وكانت قمة بدء الخلافات السياسية التي عُكست بشكل مباشر على الدين ، فتنة عثمان بن عفان رضي الله عنه . وهي فتنة سياسية وقبلية وأسرية بكل أبعادها .. ووصلت ذروتها بين من يريد نزع " الخلافة " عنه ، وهو ( تمرد سياسي ) ، وبين من رأى عدم جواز ذلك لعدم تحقق " الشرط الديني " بالخروج على ولي الأمر ، وكان على رأسهم سيدنا عثمان الذي قال : والله لا أنزع رداءآ ألبسنيه الله . وقتل عثمان .. وذهب قميصه المدمى مثلآ في كل سبب وخلاف سياسي .
    ثم وصل القتل والإقتتال بين المسلمين ، ليس على خلاف ديني أو خروج عن الدين أو .. الخ ، وإنما كان خلافآ سياسيآ بإمتياز على ( موقع الخليفة / كرسي الحكم ) . وتنازعه معاوية وعلي وأتباعهما . ثم أتت عملية " رفع المصاحف على أسنة الحراب " كخدعة سياسية حربية .. أي : سُرق المصحف والدين وكلام الله ، ليستغل في خلافات سياسية .
    وقويت شوكة الشيعة وإزداد عدد المتشيعين لعلي ، واشتق بعدها وبمقابلها : السنة ، أنصار معاوية ، وخرج فيما بينهما " الخوارج " ككتلة سياسية المنشأ بلبوس الدين الرافض لما جرى ، والتي وصلت حدودها إلى قرار ( قتل ) معاوية وعلي ومحكماهما .. و قتل علي ..
    ومنها أيضآ .. " معركة الجمل " ، وبدأ تزايد الهجوم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وما سيكون له من أثر كبير لاحق يظهر معظمه في الأحاديث " المروية " عنها ، وعن الرسول محمد ، من قبل ( أبي هريرة ) . وهذا سنصل إليه عند تطرقي لبند " الحديث " لاحقآ .
    ثم وصلت " المعارك السياسية " إلى حد قصف الكعبة بالمنجنيق ، وتاريخ الدولة الأموية ، ثم العباسية ، والفاطمية والدولة الإسلامية في الأندلس ، التي يقال : أنه لاتكاد تمر أيام إلا ويقتل والي أو حاكم إبن على يد أبيه ، أو أب على يد إبنه ، ناهيك عن الزمر المتمردة والطامحة بالحكم .
    وكل هذه الخلافات السياسية على الحكم عند " النخبة " !! كانت ذات تأثير ضعيف على حياة العلم والإبداع والتقدم التي عاشتها كل الدول الإسلامية . لكن كان من تأثيرها الأكبر ، عدم إمكانية تحقيق ( بناء دولة ) وإستمراريتها وترسيخ أصول الحكم وأنماط التفكير المُفرزة له .
    وما الفرَق التي سميت ( بالفرق الإسلامية ) من شيعة وسنة وإسماعيلية وعلوية ومعتزلة و .. الخ حتى وصل عددها إلى أكثر من " مائة وثمانون فرقة " ، إلا وكانت السياسة والفكر الديني الإنساني سببآ لنشوئها ، في تحويراتها اللغوية وقراءاتها للوحي بشكل يخدم ما تريده وتصبو إليه في الحياة الدنيا .
    وفي التاريخ الحديث : فقد كان سلاطين بني عثمان ( يحكمون ) المسلمين ويقوموا بتوسعاتهم الحربية وبناء " إمبراطورية الخلافة العثمانية " بإسم الدين ألإسلامي . وحاربوا وقتلوا " العرب المسلمين " بإسم الدين .
    واليوم : ومنذ بداية القرن العشرين الماضي ، ظهرت جماعة / حركة الأخوان المسلمين ، كحركة " دينية سياسية " تتوجه للسياسة والحكم برداء ديني . وفي مسارها السياسي وما أفرزته من جماعات ، كان يجير الدين لصالح العمل السياسي ، وفي أهم محطاته التي كانت مؤثرة فكريآ وايديولوجيآ وممارسة ، هما محطتان على سبيل المثل لا الحصر :
    1- موضوع الحاكمية : وبأن الحاكمية لله .. وأن جميع النظم الحاكمة ليس لها مكان على الأرض ومرفوضة . ومع أن منشأ هذا المبدأ السياسي / الديني ، كان / أبو الأعلى المودودي / ، الذي عاد وتراجع عن هذا الحكم / الفتوى بعد أن شاع وأثر في الحركات الظلامية الإرهابية ، إلا أن تلميذه / سيد قطب / حافظ على التمسك به ، وصاغه وأكد عليه ، وبين سبيل سلوكه ، خاصة في كتابه ( معالم في الطريق ) الذي أصبح منهج ودستور الحركات الإسلامية السياسية الإرهابية ، وممارساتها مشتقة منه .
    2- الإسلام هو الحل : ورُفع شعارآ عريضآ وكبيرآ .. نبع من فكرة : أن ما أصلح حال الأمة في أولها ، هو ما يصلح حال الأمة في آخرها . وبكل ماتعني هذه الفكرة من ضرورة العودة إلى " الواقع والفكر والمسار " الذي كان سائدآ في بداية الدعوة الإسلامية . أي : العودة إلى الماضي ، إلى التاريخ لنعيش بكنفه .. أي : قطيعة معرفية كاملة مع الحاضر ..
    و .. ( هو الحل ) .. الحل لماذا ، وكيف ؟؟ .
    و .. ( الإسلام ) .. كلمة كبيرة ، فككها الفكر الديني الإسلامي إلى " أديان ضمن معاني النص الواحد " . فعن أي إسلام يتحدثون ؟ وعن أي دولة دينية يبحثون ؟ .
    وخلاصة .. فقد أدخل الفكر الديني الإسلامي ، عظمة وجلالة هذا الدين ، في سراديب السياسة والحكم .

    وعن : الدين والسياسة : - يقول الأستاذ / عبد الإله بلقزيز / في كتابه ( الإسلام والسياسة ) في فصل " من عقيدة للأمة ، إلى ايديولوجيا سياسية " :
    [ ان سائر المسلمين يدينون بالإسلام عقيدة ودين ويجتمعون – على إختلاف أممهم وأوطانهم – على مسلماته التوحيدية الأساس ، مشتركآ عقديآ ينتج في وعيهم الشعور بالإنتماء إلى جماعة واحدة : الأمة الروحية الإسلامية . غير أن قسمآ من المسلمين – وفي تزايد – يزيد على تلك " الأمة الروحية " بشيئ يفيض عن عنصر الإيمان ، بالجانب العقدي في الإسلام ، ويتعلق بميدان " المصالح المادية " : الإجتماعية السياسية ، وهو القسم المدعو في أدبيات هذا العصر : بالتيار الإسلامي ، أو الحركات الإسلامية . أما الجانب الفائض من مستوى الإيمان ، فهو ( المسألة السياسية ) التي تمثل اليوم جوهر مشروعه وأبجدية تعيينه وتميزه وتمايزه . ولا يضيف الإسلاميون شيئآ إلى التراث العقدي الإسلامي ، لأنهم يكتفون " بالنصوص الشرعية " فلا يكادوا يحيدون عنها ، إلا لكي يعيدوا إدراكها في ( شبكة تأويل نصية ) مع : الأشعري ، أو الغزالي ، أو إبن تيمية .
    ولأنهم لاينتمون إلى فئة الفقهاء وعلماء أصول الدين .
    ولأن إشكاليتهم تنتمي إلى السياسة ، لا إلى الدين .
    وفي إنصرافهم الأيديولوجي – النضالي – إلى الإهتمام بالمسألة السياسية ، يعبّر الإسلاميون عن وعي حاد بأهمية
    ( إستثمار المقدس الديني وتوظيفه في المعارك الإجتماعية المختلفة ، وخاصة في المعركة السياسية من أجل السلطة ) . إن التيار الإسلامي بهذا .. قد " فرض نفسه " كقوة وحيدة محتكرة لتأويل الإسلام ، وحولوا الإسلام من عقيدة للأمة ، ومن ايديولوجيا إجتماعية جماعية ، إلى " ايديولوجيا سياسية " ، وخاصة بفريق سياسي في الأمة وهو : التيار الإسلامي ] .

    وعن : الدولة والدين : - فإن السبب الأكبر في فساد الأرضية النظرية التي يطرح من خلالها اليوم موضوع الإسلام ، هو " إتفاق" الإسلاميين المتطرفين ، وخصومهم ، على تجاهل واقع الإسلام في سبيل تجييره لصالح : المعركة السياسية .
    ومن هنا يطرح – من ضمن ما يطرح – الدكتور / برهان غليون / في كتابه ( نقد السياسة / الدولة والدين ) تساؤلات هامة ، بما يتعلق بمعنى ومفهوم الدين ، والإسلام بشكل خاص ، في مجتمعاتنا المدنية .
    فما الذي نعنيه بالدين ؟ وهل ماهية الدين واحدة في كل المجتمعات والثقافات ؟ وهل كل مانضعه تحت مفهوم الدين ، هو وحي إلهي ؟ وما هي العلاقة بين ما " أثبته الوحي " وما " إستلهمه منه العقل " ؟ وهل تتبدل المفاهيم والقيم الدينية ، أم تبقى ثابته على مر التاريخ والحضارة ؟ .
    ومن التساؤلات : مايتعلق بصراعنا الراهن حول ( مفهوم الدين ) ، والعوامل التي تتحكم في نظرتنا له ، وعلاقتنا به ،وما هو مصدر الإختلاف في الدين ؟ هل هو تبدل الواقع التاريخي ، أم سوء الفهم الشخصي ؟ وهل هو غموض معنى بعض الآيات والأحكام وتشابهها ، أم هو تبدل حاجاتنا وتأويلاتنا " لمقاصد الدين " ؟ .
    وما نستطيع أن نقوله اليوم هو انه إذا كان الدين لايستطيع لوحده أن يبني دولة ، وليس بناؤها غايته الأولى ، فالدولة لاتبني أمة وجماعة مدنية حية ونشيطة ومبدعة ، بقدر ما أنها هي ذاتها – الدولة – من منتجات هذه الأمة . وبالمثل ليس هناك إمكانية لبناء سياسة فعالة في سياق الصراع والقطيعة بين الدين كتسليم بمثل ومبادئ عليا والخضوع لها ، وبين الدولة كوسيلة إجرائية لتحقيق هذه المثل والغايات والأهداف الإجتماعية . ولذلك : من المستحيل أن تستقيم سياستنا المدنية من دون ( إصلاحهما ) ، وهو ما يحتاج قبل أي شيئ آخر ، إلى حركة ( تجديد شاملة في : الفكر الديني ، وفي الفكر السياسي ، معآ .

    ---------------------------------
    فائز البرازي

  7. #17

    النص والتأويل

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    ==================
    (3) – عدم التلاؤم مع إختلافات الزمان والمكان :و ( التأويل ) :
    --------------------------------------------------------

    لابد بداية من الإستناد إلى نقطة أساسية وهي : ( الإدراك ، وأنماط التفكير ) ، فهي التي تشكل مدخلآ أساسيآ لأي حوار .
    ( أنماط التفكير ) مرتبطة ومفرزة ومتطورة حسب الواقع الزماني والمكاني للإنسان وإدراكه ، وبالتالي لايمكن أن نتكلم عنها بمعزل حيادي ومتكرر وثابت . فأنماط التفكير ليست أمرآ قائمآ بذاته ، بل هي الركون إلى واقع زماني ومكاني وإلى معطيات محيطه ، أفرزوا " أنماط التفكير " .
    واود أن أحاول بشكل مبسط ، تصوير وقائع زمانية ومكانية ، لنستنبط إلى أي حد هي مؤثرة في العقل ونمط التفكير.
    في رحلة عبر الزمن .. من الحاضر إلى الماضي .. لو إدعينا وقلنا للصديق ولعمر و .. الخ أننا نستطيع أن ننقلكم من المدينة إلى القدس وبالعكس بأقل من ساعة .. ( لن ) يصدقونا وإن صدقوا ( الرسول / الوحي ) . وإن قلنا لهم وأثبتنا أننا نستطيع أن نعرف ما يأكلون وما يسرون إلى زوجاتهم ، ونعلمهم بعدد البعير الموجود أمام مساكنهم ، لقالوا : إما أنه سحر ، أو أنه من عمل الجن والشيطان .
    كل ذلك .. لأنه خارج عن ( الإدراك العقلي ) .
    وأكاد أعتقد : أن ( الإدراك العقلي ) المحصور والناجم عن المحيط والبيئة والمعطيات والعلوم السائدة ، هو الذي يساهم إلى حد كبير وأساسي في تشكيل أنماط التفكير . وما يهمني هنا تحديدآ من " أنماط التفكير" العديدة ، هو موضوع " الإختلاف في التفكير " وأسبابه ، ومن ضمنها الأمر الأهم وهو ( التأويل ) .
    وأعني بالتأويل .. وجود كلام محكي ، أو نص ثابت واضح بلغته ، أو فعل ما ، ثم نجد نشوء الإختلاف في فهم وتأويل الكلام المحكي ، أو فهم وتأويل النص ، أو فهم الفعل .
    والإختلاف في الفهم والتأويل ، يخلق جدل الإنسان .. جدل الإنسان مع الواقع من جهة ، وحواره مع النص من جهة أخرى . وجدل الإنسان هذا هو الذي يفرز الثقافة ، وبالتالي فإن تفاعل الإنسان مع الواقع وجدله معه ، بكل ما ينتظم في هذا الواقع من بنى إقتصادية وإجتماعية وسياسية وثقافية ، هو الذي ينشئ الحضارة .
    وفي أمتنا .. فإن التحدي الحضاري والإجتماعي والثقافي الذي تواجهه اليوم ، يختلف عن ذلك التحدي الذي كان يواجهها منذ ثمانية قرون وأكثر . حيث كان التحدي هو " الحفاظ على الذاكرة " الحضارية للأمة وعلى ثقافتها وفكرها ، في مواجهة الزحف الإستعماري الصليبي الغربي . فكانت هناك محاولات دؤوبة لجمع التراث المتنوع في مجال " النص الديني " .
    وعلى أهمية هذه العملية من الوجهة الثقافية ، إلا أنها كانت تتم من منطلق تصور ديني للنص ، صاغته في معظمه إتجاهات الفكر الرجعي في تيار الثقافة العربية الإسلامية . وهو تصور ( يعزل النص عن سياق ظروفه الموضوعية والتاريخية ) .
    واليوم فإن التحدي الذي يواجهنا ، يفرض علينا سلوك طريق آخر . إذ لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت ، وإن كانت هذه القضية " هامة في كل زمان " وفي جميع الأمم ، لكنها لم تعد القضية الأولى في هذه المرحلة التي وصل فيها التهديد إلى ( الوجود ) ذاته للأمة ، خاصة أن العدو قد أفلح أو كاد من إختراق الصفوف في محاولة لإعادة " تشكيل وعينا " الحقيقي ، ليزودنا عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية ( بوعي زائف) يضمن إستسلامنا النهائي لخططه ، وتبعيتنا المطلقة له في جميع المستويات .
    والأهمية في هذه المرحلة ، هي : تجديد الفكر ، وإعادة تشكيل الوعي . ففي الدين مثلآ :
    فإن النص القرآني هو نص الإسلام . ولابد من محاولات جادة لتحديد مفهوم موضوعي للإسلام . ومن حقنا أن نفهم تلك الفوضى الفكرية التي تسيطر على المفاهيم الدينية في ثقافتنا ، نتيجة لإختلاف الرؤى والتوجهات من جهة ، ونتيجة لتعدد الإجتهادات و " التأويلات " في التراث من جهة أخرى .
    و ( التأويل ) يختلف عن ( التفسير ) .. فالتفسير ومع إختلاف اللغويين حول الأصل الإشتقاقي للكلمة ، إلا أن / الزركشي / يبين أن " التفسير " في اللغة ، راجع إلى معنى الإظهار والكشف وأصله في اللغة . وجاء إستعمال كلمة التفسير في القرآن ، بمعنى ( البيان ) .
    أما معنى ( التأويل ) ، فهو في الغالب الكشف عن الدلالات الخفية للكلمة وللفعل . التأويل هو العودة إلى " أصل الشيئ " سواء كان فعلآ أو كلمة ، لإكتشاف دلالته ومغزاه . ومن ذلك .. قصة موسى مع العبد الصالح .. فإعتراض موسى على أفعال الرجل الصالح لم يكن ناشئآ عن " الجهل " ، فالجاهل لايعترض ويصمت ويسلم بإنتظار التوضيح والتأويل . لكن إعتراض موسى كان نابعآ من " تأويل " هذه الأفعال بناءآ على ( أفقه الفكري وعلمه وإدراكه ) . وكذلك .. يمكن العودة إلى تأويل القرآن عند /إبن عربي / وعند / المعتزلة / ، وإختلاف التأويل بينهما .
    حتى أن " التأويل " كانت له أهمية كبيرة ، مثلآ .. حتى عند بعض المتشددين في موضوع " الردة " وقتل المرتد . فمع الخوارج ، وقد إستحلوا دماء الصحابة وأموالهم ، لم يُخرجوا عن الإسلام : لأنهم كانوا " متأولين " .
    والإختلاف في التأويل في النصوص الدينية ، يتحول إلى صراع يخفي أسباب الصراع الحقيقية في الواقع والمجتمع . فالفقهاء كانوا على وعي دائم بحركة الواقع وتغيّره في الزمان والمكان . كما كانوا على وعي بضرورة " توسيع " دلالات النصوص لتلائم حركة الواقع . وكان هذا التوسيع يتم عبر قنوات " الإجتهاد " و " القياس " .
    وإذا كان الفقهاء القدماء قد وضعوا امام أعينهم ، مبدأ ( رعاية مصالح الأمة ) ، فإن المؤوٌل الحديث ، عليه أن يفهم هذا المبدأ " فهمآ علميآ " . فإذا كانت مصالح الأمة الآن تحتم أن تعني مصالح الأغلبية لامصالح الأقلية ، فإن المؤوّل الذي يرعى مصالح الأقلية بتحيز ، هو الجدير برفض موقفه . كذلك لايجب أن يكون مفهوم " الإجماع " هو إجماع
    " أهل الحل والعقد " الذي يعمل به ، خاصة في ظل تبعية وخضوع الفكر الديني لأهواء الحكام . فمعيار"الإجماع" هو للأغلبية المعبرة عن القوى المختلفة ، ويكون معيار " مصالح الأمة " هو معيار مصلحة الأغلبية .
    إن العلوم " نقلية " أم " عقلية " ، قديمة أم حديثة ، هي مجرد " أدوات " للتأويل . وهي أدوات لابد من إستيعابها. ويظل عقل القارئ أو المؤّول يلعب الدور الأساسي في حركة التأويل . لذلك لابد أن يكون " الوعي " ، وعيآ أصيلآ بحركة التاريخ وإتجاه المستقبل .
    ويرتبط ( بالتأويل ) : بالمحكم والمتشابه في الكتاب . بسم الله الرحمن الرحيم :
    [ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كل من عند ربنا وما يذّكر إلا أولوا الألباب ] صدق الله العظيم . آل عمران 7 .
    فالآيات المحكمات هي الايات ذات الدلالة المانعة للبس والإشكال ، وهي بمجموعها تمثل الجانب الثابت للكتاب من حيث المفهوم ، ومن هذا الوجه كانت هذه الآيات أصلآ ومرجعآ للآيات المتشابهة ، لتقوم بضبطها من حيث الدلالة وإستبعاد الخطأ في الفهم لها ، مع السماح بتطور فهمها ( ضمن ) مفاهيم الآيات المحكمات ، التي وصفها الله تعالى بوصف ( أم الكتاب ) . لأنه تحققت بها صفة " الأصل " والمرجعية للآيات المتشابهة ، التي تمثل الجانب المتغير في الكتاب حسب تغير الزمان والمكان والتطور المعرفي للمجتمعات .
    أما أصحاب ( الزيغ ) فيقصدون من إتباعهم للآيات المتشابهات دون المحكمات ، الوصول إلى " تأويلها " في الواقع ، بمعنى إدعاء معرفة ( سقف الدلالة ) لهذه الآيات في الواقع ، وذلك كي يفرغوا الكتاب برمته من الصلاحية والإستمرار الزماني والمكاني . لأن توقف ( العطاء المعرفي ) للكتاب الإلهي ، يؤدي في واقع الحال إلى إنتهاء دوره عند آخر عطاء معرفي له ، وبالتالي يصبح تاريخآ وموروثآ دينيآ للشعوب ، غير صالح للإستمرار والإعتماد عليه. ومن جراء ذلك التأويل السقفي ، يتم إستبعاد الكتاب من الحياة ووصفه بعدم الصلاحية للزمان المعاصر لأنه قد تم تجاوزه معرفيآ .
    وكون موضوع ( التأويل ) يقصد به معرفة " السقف المعرفي " للآيات المتشابهة ، فمن الطبيعي جدآ أن تأتي جملة ( وما يعلم تأويله إلا الله ) . لأن هذه المعرفة السقفية للآيات ، مرتهنة بتوقف الحياة والتطور المعرفي والأدواتي ، ولا يستطيع أي مجتمع أن يدعي أن التطور المعرفي عنده أو الحياة ، إنتهت ، ولا يوجد مجتمع لاحق يرث المجتمع الحالي .
    و " الراسخون في العلم " يعلمون أن الحياة قائمة على جانب ثابت ، وآخر متغير . فيؤمنون بالجانب الثابت – الآيات المحكمات – ويقومون بدراسة الآيات المتشابهة ، من خلال ( إرجاعها إلى الأصل والمرجع ) [ أم الكتاب ] مع عدم إدعاء الوصول إلى " السقف المعرفي " لهذه الآيات ، بل يتفاعلون معها حسب " أدواتهم المعرفية " ويكلون المعرفة الحقيقية لله عز وجل ، فهو وحده العالم بحقائق الأمور إبتداءآ وإنتهاءآ ، [ التأويل ] ..

    ==================
    المراجع :
    --------
    * من النص إلى الفعل . بول ريكور .
    * مفهوم النص . د. نصر حامد أبو زيد .
    * ظاهرة النص القرآني . سامر إسلامبولي .
    ----------------------
    فائز البرازي / 17/6/2007

  8. #18

    إجتزاء الحكم

    من معوقات الفكر الديني – 4 –
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    إجتزاء الحكم والفتوى / عدم التمييز بين العام والخاص :
    -----------------------------------------------------------

    ان عدم التمييز بين العام والخاص يؤدي في معظم الأحيان إلى عدم دقة الفتوى والأحكام في حالة ما ، فتأتي وكأنها قد إجتزأت وعزلت ، وتضاغم فيها العام والخاص إلتباسآ ، وعممت لتصبح جزءآ أساسآ في الفكر الديني الشعبي الجمعي . ويصبح من الصعوبة إعادة إنتزاع ذلك من الفكر لتصحيح الوضع بعد أن تم تشرب السابق ، وحفر بعيدآ في الذاكرة وفي توارث الأجيال .
    والمقصود هنا ربطآ بالعام والخاص ، وضرورة التمييز بينهما :
    • آيات القرآن الكريم : المتعلقة بأمور " عامة " توضيحآ ونهيآ وإقرارآ ، أو بالآيات التي أتت متعلقة بأمر " خاص" تعالجه وتوضحه وتصدر حكمآ فيه .
    • الأحاديث المنقولة : عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وطبيعتها المشتركة – في المتن – بين ماهو عام ، وما هو خاص .
    1- العام والخاص في القرآن الكريم :
    ------------------------------------
    ان ( علم العام والخاص ) يزيد الوعي بوحدة القرآن الكريم ، وإن كنت أعتقد بأنه من أصعب العلوم الدينية . فهو مرتبط إرتباطآ وثيقآ " بعلم أسباب النزول " ، ومرتبط " بالمحكم والمتشابه " ، ومرتبط بإختلاف العلماء حــــول
    " دلالة النص " : إن كانت العبرة في " عموم اللفظ " ، أم في " خصوص السبب " . وبالتالي عما ورد في القرآن من أحكام وتشريعات وتوجيهات ينظر إليها من خلال هذه ( الثنائية ) .
    إذ يرتبط بعضها بسبب النزول ولا يفارقه ، وبعضها يتجاوز " الواقعة الجزئية " التي نزل فيها ، ليدل على حـكم
    " عام " يصلح أن ينطبق على آلاف الوقائع " الشبيهة " .
    ولقد كان إهتمام الفقهاء والأصوليين بإكتشاف الطرائق التي يمكن أن يستجيب لها النص ، لمتغيرات الواقع في حركته النامية المتطورة عبر التاريخ ، هو ( العامل الأكبر ) وراء التركيز على " عموم اللفظ " ، دون الوقوف عند
    " خصوص السبب " . لذلك نظر الكثير من الفقهاء إلى " الوقائع الجزئية " التي يمثلها ( علم أسباب النزول ) ، بوصفها مجرد نماذج وأمثلة لأحوال إجتماعية وإنسانية . وعلى ذلك فإن دلالة النص لاتقف عند حدود هذه الوقائع الجزئية ، بل تنسحب على كل الوقائع المشابهة . ومن هنا أتت إلتباسات كثيرة حول العام والخاص ، وإنعكست في أحيان كثيرة إبتعادآ عن تطور الأحوال الإجتماعية والإنسانية .
    وفي رأي / إبن تيمية / حول العام والخاص ، يقول : ( قد يجيئ كثيرآ من هذا الباب قولهم هذه الآية نزلت في كذا، لاسيما ان كان المذكور شخصآ كقولهم آية الظهار نزلت في إمرأة ثابت بن قيس ، وأن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله ، وأن قوله [وأن احكم بينهم ] نزلت في بني قريظة والنضير ، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو قوم من اليهود والنصارى أو قوم من المؤمنين ، فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم ، فإن هذا لايقوله مسلم ولاعاقل على الإطلاق . والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب ، هل يختص بسببه ؟ فلم يقل أحد أن عموميات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين ، وإنما غاية مايقال انها تختص " بنوع " الشخص فتعم مايشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ . والآية التي لها "سبب معين" ان كانت أمرآ أو نهيآ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته ، وان كانت خبرآ بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته ) .

    إن تجاوز " السبب الخاص " في دلالة النص ، إلى مستوى " العموم " ، لابد أن يستند إلى إستدلالات في النص ذاته ، تسمح بهذا التجاوز والإنتقال من الخاص إلى العام . وهذا مرتبط ( باللغة ) .
    ولضبط هذا ، وضعت آليات لتحديد العام ، وآليات لتحديد الخاص ، ومتى يمكن أن يكون النص بالخاص " الواقعة الجزئية " ثم ينتقل إلى العام ، وخاصة بإستخدام " الأسماء الموصولة " ، مع وجود ( وسائل لغوية ) أخرى تحول العموم إلى خصوص ، أي ( تخصص ) الدلالة العامة للنص ، أي : تحدد الفارق بين " العام المراد به الخصوص " وبين " العام المخصوص " .
    كما أن " تداخل تعميم النص " وفهمه ، قد يؤدي إلى إطلاق أحكام وفتاوى قد تكون غير صحيحة . فمثلآ .. ان منع زواج المسلمة من الكتابي عند البعض ، وعدم الممانعة عند البعض – حسن الترابي مثلآ – إنما ليس راجعآ في الأصل إلى إختلاف العقيدة . " فالنص " الذي يربط الزواج" بالعقيدة الدينية " في سورة الممتحنة : [ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فإمتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن ] الممتحنة – 10 . فهذا خاص " بالمشركين " من أهل مكة . وقد نزل بمناسبة صلح الحديبية الذي تضمن تعهد الرسول صلى الله عليه وسلم "بإعادة" من يلوذ به في مدة الصلح من المشركين إلى قريش ، فإستثنى " الوحي " ، النساء المؤمنات ، وأمر بالتفريق بينهن وبين المشركين . أما منع زواج المسلمة من الكتابي كما يراه البعض ، فإنه ( فرع لأصل خاص ) في شأن " تنظيم الحياة الزوجية " . فالمسلم والمسلمة يؤمنان بدين وكتاب أهل الكتاب ، بل لايتم الإيمان إلا به .
    وأخيرآ هنا .. لابد من الإشارة إلى أن الربط بين " العام المراد به الخصوص " ، وبين "الدلالة المجازية " ، قد إنتقل من مجال ( علم أصول الفقه ) ، إلى مجال ( التأويل ) الكلامي بين " المعتزلة " وخصومهم " الأشاعرة " خاصة في مجال : ( حرية الإرادة الإنسانية ) .

    2- العام والخاص في الأحاديث :
    --------------------------------
    وإن كان التحديد والتمييز بين العام والخاص في ( النص القرآني ) الثابت والواضح والبيّن ، قابل أن يحسم ، إلا أن العام والخاص في الأحاديث المروية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، أصعب وليس من الهين التفريق والتحديد فيها .
    فالأحاديث كما وردت " بالعنعنة " خلال أكثر من مئتي عام ، منقولة عن " أشخاص " من فرد إلى فرد ، ومن زمن إلى زمن ، ومن تعبير إجتماعي إلى آخر ، ينطبق عليها – في النص والمضمون – ما ينطبق على ( الأخبار ) التي هي عبارة عن " نتاج جماعي " . لإن كل علامة أو كلمة تجد نفسها مثقلة بالمضامين الإجتماعية والقيم الرمزية التي سيؤدي تراكمها عبر التاريخ ، إلى بلورة الهوية الراسخة لكل فئة أو فرقة . وهكذا يمكننا أن نفسر أسباب الخلافات في " الرمز " المستعصية بين السنة والشيعة والخوارج ، الذين يستخدمون العلاقة نفسها " للعقل " مع العلامة ، لكنهم يسقطون على " فضاء الخطاب " مضامين قصصية أو سردية مختلفة . وهذه الإختلافات عائدة أساسآ إلى ( المواريث الثقافية ) السابقة للفئات المتنافسة وإلى مساهمتها أو معارضتها للدولة / الأمة التي تشكلت بعد وفاة الرسول .
    وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يجتمع فيه ( الرسول ) و ( النبي / الإنسان ) . وبكونه " رسولآ " من الله فإنه مرتبط بهذه المهمة إرتباطآ تامآ " بالوحي " .. فهو لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . فالرسول كان يتلو النص القرآني كالمنقوش في ذاكرته لايتعرض لأية عملية من النسيان أو الخطأ . كما أن الله قد "تعهد" بأن لايسمح للرسول الذي إختاره من دون الناس لهذه المهمة ، أن يقوم بالتقول على الله . فقال تعالى : [ ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ] الحاقة – 44 – 46 . فالإعدام الفوري للرسول الذي إختاره الله لتأدية الرسالة ، إذا تجرأ على أن يتقوّل على الله ما لم يقل .
    أما بكونه ( نبي / إنسان ) ، فهو صلى الله عليه وسلم واحد من البشر [ قل إنما أنا بشر مثلكم ] ، وهذا يقتضي أنه
    - كبشر – محدود في تفكيره وثقافته وعلمه ، وأن ذلك هو إكتسابي وليس ذاتي .
    وهذا التمييز بين ( الرسول ) و ( النبي ) ، ضروري وهام وأساسي ، ويظهر لنا هذا التمييز في قصة نصحه ، ثم تراجعه لملقحي النخيل " أنتم أعلم بأمور دنياكم " ، وكذلك في حواره مع سلمان الفارسي في غزوة الخندق ، عندما قال سلمان رادآ على رأي النبي في إدارة المعركة .. أهو وحي من السماء يارسول الله ؟ فقال الرسول ، لا .. فإرتأى سلمان حفر الخندق ووافقه النبي .
    وفي ( النص الإلهي / القرآن ) .. جاءت تعاليم وأوامر خوطب بها سيدنا محمد [ بالرسول ] وأخرى [ بالنبي ] أي جاءت إليه بمقام " النبوة " وليس بمقام " الرسالة " بقوله : [ يا أيها النبي ] وذلك لتبيان أنه ( تعليمات خاصة بالنبي ) أو تعليمات جاءت لحقبة معينة ، أو تعليمات عامة للمسلمين ولكنها ليست " تشريعات " . وفي ذات الوقت أتت هذه المخاطبة [ يا أيها النبي ] ، [ ماكان لنبي ] ، [ يا أيها النبي قل لأزواجك ] ، [ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله ] ، [ لقد تاب الله على النبي ] .. الخ لحالات خاصة بسيدنا محمد ، أو لعتاب ولوم له من الله تعالى .
    من هنا لابد أن يفهم العام والخاص ويميز بينهما في النص الإلهي ، وفي الأحاديث الشريفة . وخاصة في الأحاديث التي تروى عن لسان " الرسول " أو التي تروى على لسان " النبي " وبالتالي ضرورة التمييز بينهما .

    إن عدم حصول هذا التمييز ، أو السكوت عنه ، أو عدم نشره وتعميمه ، أو الإحتفاظ به في بطون الكتب ، لهو مساهمة ضد تجديد الفكر الديني الملتبس والمنتشر كفكر ديني شعبي جمعي .
    -----------------------------
    فائز البرازي : 20/6/2007

  9. #19

    تغييب دراسة المتن والإعتماد على العنعنة

    من معوقات تجديد الفكر الديني – 5 –
    =====================
    تغييب دراسة المتن : والأحاديث المروية عن رسول الله :
    --------------------------------------------------------

    روى أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
    ( ماهذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم ، إنما أنا بشر . فمن كان عنده شيئ منها فليأت بها )
    ويكمل أبو هريرة : فجمعنا ماكتبناه ، وأحرقناه في النار .

    وفي صحيح مسلم : ج/ 18 ص- 229 – أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
    ( لاتكتبوا عني غير القرآن ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) .

    وصعد الخليفة / عمر بن الخطاب المنبر وقال : ( أيها الناس بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبها إلي أحسنها وأقومها . فلا يبقين أحد عنده كتاب إلا أتاني به فأرى رأيي فيه ) . فظن الناس الذين كتبوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن ينظر بها ، فأتوه بكتبهم ، فجمعها وأحرقها . ثم قال : ( أمنية عندي كأمنية أهل الكتاب ) ثم كتب إلى عماله في الأمصار قائلآ : ( من كان عنده من السنة شيئ فليتلفه ) . / إبن حزم : الأحكام : ج 2- ص- 139 .

    " السنة " لغة هي الطريقة أو القدوة ، كقول النبي ( ص ) : من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها . ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها . / صحيح مسلم / ج7ص104 .
    والسنة في الشريعة الإسلامية تكون في الأعمال ، أي فيما يجب على الإنسان عمله ، أو كما قال / الإمام مالك / : " ماكان تحته عمل " . ولاتكون في العقيدة ، فلا يقال للمسائل العقائدية سنة . ولذلك قسم الفقهاء معاني القرآن إلى عقيدة ، وأعمال . وجمعوا في الأعمال بين العبادات والمعاملات ، وكونوا منها شريعة واحدة هي الشريعة الإسلامية . وقد عرفت الأبحاث التي تتناول الشريعة ، بإسم " الفقه الإسلامي " .
    والسنة في " الفقه الإسلامي " هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية ، وتأتي بعد القرآن . وقد عرفها جمهور الفقهاء كما يلي : " السنة هي كل ماصدر عن النبي غير القرآن ، من قول أو فعل أو تقرير ، مما يصلح لأن يكون دليلآ لحكم شرعي " . / علوم الحديث – د. صبحي الصالح / و / المدخل لدراسة الفقه الإسلامي – د. عبد الرحمن الصابوني / .
    وبالإستناد إلى هذا التعريف قسم الفقهاء السنة إلى ثلاثة أنواع هي :
    1- السنة القولية : وهي أكثر أنواع السنة التي نقلت عن النبي .
    2- السنة الفعلية : وهي ما نقله الصحابة عن النبي من أعمال وأفعال قام بها مما يصلح لأن تكون سنة ، سواء في العبادات أو في المعاملات ، كالصلاة ، ومناسك الحج .. الخ .
    3- السنة التقريرية : وهي ما كان يراه النبي أو يسمعه من الصحابه من أقوال أو أفعال فيقرهم عليها أو ينهاهم عنها .
    وهذا التعريف والتقسيم للسنة يجعل التشريع فيها " مختلفآ " عن تشريع القرآن .فتشريع القرآن يقوم على ( النص ) فقط ، أي : على ماقاله الله تعالى في القرآن . أما السنة فقد توسع فيها الفقهاء ، فأعطوا لبعض أفعال النبي وتصرفاته البشرية في حياته العامة والخاصة ، صفة " التشريع " . ولكنهم يقولون : ليس كل ماصدر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير ، كان سنة . ولذلك وضعوا في تعريفها قيدآ وهو : مما يصلح لأن يكون دليلآ لحكم شرعي.

    ولم يكن من السهل دائمآ التمييز في أقوال النبي وأفعاله ومقرراته بين ماهو سنة ، وما هو ليس سنة . يقول الشيخ
    / محمود شلتوت / شيخ الجامع الأزهر سابقآ : ( إن كثيرآ مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، صدر بأنه تشريع أو دين أو سنة أو مندوب . وهو لم يكن في الحقيقة صادرآ على وجه التشريع أصلآ ، وقد كثر ذلك في الأفعال الصادرة عنه بصفته البشرية ، أو بصفته العادية أو بالتجارب ) . / الإسلام عقيدة وشريعة : الشيخ شلتوت / .
    ويتفق الفقهاء على أنه إذا تعارض ( النص القولي ) مع فعل النبي ، فإنه يؤخذ بالنص القولي ، كما هو الأمر في " تعدد الزوجات " . فقد حرم القرآن الجمع بين أكثر من أربع نساء ، ولم يعتبر الفقهاء جمع النبي بين أكثر من أربع زوجات سنة مباحة لسائر المسلمين ، وقالوا إنه كان " تشريعآ خاصآ " بالنبي .
    وقد قيل الكثير من التعليلات عن سبب " نهي النبي " عن تدوين أحاديثه . ولكن لو رجعنا إلى الحديث الذي رواه أبو هريرة وهو عن أن النبي قال : ( ماضلّ الأمم قبلكم إلا بما كتبوا من الكتب مع كتاب الله ) لرأينا فيه إشارة إلى الإنجيل والتوراة ، إذ لم يكن معروفآ سواهما كتبآ الهية . فالتوراة كتبت بشكل قصص أسطورية عن الخليقة وعن تاريخ بني إسرائيل ، كتبها " أحبار اليهود " بعد ستمائة سنة من وفاة موسى . أما الإنجيل فقد كتبه كثُر ، وأعتمدت كتابة أربعة من تلامذة المسيح ، وهي تحكي حياته وأعماله وأقواله ومعجزاته . ويفهم من الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي لم يشأ أن تكتب أقواله وأفعاله وسيرة حياته في كتاب كالتوراة والإنجيل ، فيتمسك به المسلمون ويهملون كتاب الله .
    وروت السيدة / عائشة / رضي الله عنها ، عن أبيها / أبي بكر / قالت : ( جمع أبي الحديث عن رسول الله ، وكان خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرآ ، فلما أصبح قال : أي بنية : هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار وأحرقها ) – تذكرة الحافظ / الذهبي ، ج 1 ص 5 .

    أبا هريرة : - كان / أبو هريرة / أكثر الصحابة حديثآ عن رسول الله ، فقد بلغت الأحاديث المنقولة عنه " 5374 " حديث . وقد روى له / إبن حنبل / في مسنده " 3848 " حديث . وله في الصحيحين : البخاري ، ومسلم " 325 " حديث . وقد هدده الخليفة / عمر بن الخطاب / رضي الله عنه بترك الحديث عن رسول الله قائلآ له: ( والله لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس ) – جامع بيان العلم / إبن عبد الله ، ج 2،ص 65
    وكان بعض الصحابة يتهمون أبا هريرة بالكذب على النبي ، فدافع عن نفسه كما روى / مسلم/ عن الأعمش عن إبن رزين : قال ( خرج علينا أبو هريرة ، فضرب بيده على جبهته وقال : إنكم تقولون أني اكذب على رسول الله لتهتدوا وأًًًََضُل ، وإني أشهد سمعت رسول الله يقول : " إذا إنقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها"
    صحيح مسلم ج 14 ص 75 . – الشسع : سور النعل : شرح النووي .
    وقد توقف أبو هريرة عن التحدث عن رسول الله ، إلى ان مات عمر ، فعاد يحدث وقال : ( إني أحدثكم بأحاديث عن رسول الله لو حدثتكم بها في زمن عمر لضربني بالدرة ) – تذكرة الحفاظ / ج 1 ص 7 ، جامع بيان العلم 2/121.
    وكان يقول : ( حفظت عن رسول الله وعائين . فأما أحدهما فبثثته . وأما الآخر لو بثثته لقطع البلعوم ) وفي رواية ثانية قال : ( لو أنبأتكم بكل ما أعلم لرماني الناس بالبعر وقالوا عني مجنون ) – طبقات إبن سعد ج4 ص 57 ، فتح الباري ج1 ص 227 .

    بعد مائة عام من الهجرة ، في نهاية القرن الأول ، تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة ، وأمر بتدوين السنة لوضع حد للإفتراء على النبي , ولكن خلافة عمر بن عبد العزيز لم تدم سوى سنتين ، ولم يعرف ما كتب من السنة في عهده .
    وفي النصف الأول من القرن الثاني للهجرة ظهرت بعض الكتب والكراريس عن عدد من علماء ذلك العصر ، تحوي على أحاديث عن رسول الله .
    غير أن أهم كتب الحديث التي " ألفت " في القرن الثاني للهجرة والتي وصلت إلينا ، هو كتاب ( الموطأ ) للإمام مالك بن أنس ، وقد جمع فيه مايقرب من خمسمائة حديث ،وبضعة آلاف مسألة من فتاوى الصحابة .
    وفي النصف الأول من القرن الثالث الهجري ، ظهرت الكتب الستة ، وهي مرتبة حسب الموضوعات ، وهي " كتب الحديث " المعتمدة لدى " أهل السنة " وهي :
    صحيح البخاري – صحيح مسلم – سنن أبي داود – سنن الترمذي – سنن النسائي – سنن إبن ماجة .
    وقد إنتقدت هذه الكتب قديمآ وحديثآ من جهة ( مضمون / المتن ) لبعض الأحاديث التي دونت فيها . فقد إعتنى أصحابها بالبحث عن صدق " رجال الإسناد " الذين تحدثوا بها ونقلوها واحدآ عن واحد ، حتى تنتهي عند " الصحابي" الذي سمعها عن النبي . ولم يعنوا ( بمضمون ) الأحاديث التي دونوها . ولم يتقيدوا بمفهوم السنة ، بمعنى : القدوة ، أو الشريعة في كل حديث . فجمعوا في هذه الكتب ، أحاديث نُسبت إلى النبي ، ليس فيها سنة ، ولا شريعة ، ولا عبادة ، ولا معاملة ، ولا شيئ يفيد المسلمين في دينهم ، وجاءت فيها أحاديث متناقضة ، وأحاديث تناقض القرآن الكريم وتنسخ أحكامه . وهي ( معزوة ) للرسول صلى الله عليه وسلم .

    ومن الموضوعات العجيبة التي رواها / أبو هريرة / فمنها : محاولة عفريت من الجن قطع صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم .. وجوب الجهاد تحت راية كل بر وفاجر .. قبول التوبة مع عدم الندم .. من هو خالق الله .. سليمان يطوف على ستين إمرأة في ليلة واحدة .. النبي يؤذي ويسب ويلعن من لايستحق .. آمة مسخت فأرآ .. أبو طالب أبى النطق بالشهادتين عند الموت .. إبراهيم يخاصم ربه .. في إحدى جناحي الذبابة داء ودواء ... الساحر اليهودي الذي سحر النبي .. رهن درع النبي عند اليهودي .. تنسيب تشريع رجم الزاني للرسول .. أقاويل عن علامات الساعة .. نجاسة الكلب .. الخيل معقود بنواصيها الخير ، وفي حديث آخر : شؤم الفرس ، : إنما الشؤم في الفرس والمرأة والدار .. فتوى الرضاعة عن السيدة عائشة ... الخ .

    كل هذه الأحاديث وغيرها .. موثقة في / صحيح البخاري / أصح كتب الحديث . ورحم الله / الإمام أبو حنيفة / فقد كان أكثر تشككآ فيما تراكم لديه من أحاديث ، و" لم يقبل " منها سوى ( 17 ) حديث من جملة مئات الألوف .
    لذا نرى أبا حنيفة الأكثر تحررآ من قيود النصوص والأكثر إحترامآ لطاقات العقل الإنساني على إجتراح الأحكام وإستنباط الحلول ، والأقرب إلى الحس الإنساني المهدور .

    الحديث : من جهة المتن .
    -------------------------
    يقول الأستاذ / أحمد أمين / في كتابه " فجر الإسلام " :
    (وضع العلماء للجرح والتعديل قواعد عنوا فيها بنقد " الأسانيد " أكثر مما عنوا بنقد " المتن " ، فقل أن نظفر بنقد من ناحية مانسب إلى الرسول لايتفق والظروف التي قيل فيها ، أو أن الحوادث التاريخية والثابتة تناقضه ، أو أن عبارته تخالف المألوف في تعبير الرسول . ولم نظفر منهم في هذا الباب ، بعشر معشار ماعنوا به في جرح الرجال وتعديلهم . حتى نرى / البخاري / على جليل قدره ، يثبت أحاديث دلّت الحوادث الزمنية والمشاهدة والتجربة ، على أنها غير صحيحة . كحديث : " لايبقى على ظهر الأرض بعد مائة سنة نفس منفوسة " ج 1 ص 145 . وحديث " من اصطبح كل يوم بسبع تمرات من عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل " ج 7 ص 3 ).

    وقد تعرض الأستاذ أمين للنقد والتجريح من جانب الأصوليين ، معتبرين كلامه " تشكيكآ " بالسنة ، مؤثرين تثبيت هذه الأحاديث المغلوطة على الرسول ، بدلآ من نقد البخاري ومسلم . بينما لم يقل أحد من القدامى ان كل ماجاء في البخاري ومسلم كان صحيحآ . ولم يقل أحد ان نقد البخاري ، يعني نقد السنة والتهجم عليها . فالبخاري ومسلم رويا مئات الأحاديث عن النبي ليس فيها سنة ولا تشريع ولاشيئ يفيد المسلمين في دينهم ودنياهم .
    وقد وضع / إبن القيم الجوزية / قواعد لمعرفة الحديث الموضوع ، من بينها ( فساد المعنى ) ، وهي الأحاديث التي يكذبها الحس والواقع ، أو كان الحديث يخالف الحقائق التاريخية ، أو إقترن بقرائن ثبت بطلانها . ويقول :
    "إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول ، فإعلم أنه حديث موضوع " المنار:إبن الجوزية ص 37 – تدريب الراوي : السيوطي ص 180 .
    وقد وجد بين أئمة الفقه القدامى من كانوا ينظرون إلى " متن " الحديث ، فينتقدونه ويردونه إذا رأوا فيه شذوذآ في المعنى ، دون الإلتفات إلى " إسناده " . لأن الغرض من البحث عن صحة الإسناد ، هو الوصول إلى صحة المعنى . فإذا كان المعنى فاسدآ ، فيجب رده من دون إعتبار لأي شيئ آخر . وكان من أولئك / الإمام أبو حنيفة / .
    وكان / أبو حنيفة / يرد على الذين يتهمونه بالخروج على السنة ، فيقول : ( ردي على رجل يحدث عن رسول الله بخلاف القرآن ليس ردآ على الرسول ولاتكذيبآ له ، ولكنه رد على من يحدث عن رسول الله بالباطل ، والتهمة دخلت عليه وليس على رسول الله ) . – المكي - . وهذا القول يدل على أن أبا حنيفة كان غير قانع بصحة معظم أحاديث الآحاد التي كانت تروى في عصره ، والتي أًدخلت فيما بعد في " الصحيين " .
    وهنا ومن ضمن ما روى البخاري عن أبي هريرة ، أن الرسول قال : ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغوّصه ،فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء ) . وقد لقي هذا الحديث نقدآ شديدآ وإستنكارآ من علماء كثيرين ، وبرؤا النبي أن يقول هذا الحديث ، لأن الذباب حشرة ضارة وقذرة وتنقل الأمراض ولافرق بين جناحيها . وقد إنتقد هذا الحديث أيضآ ، طبيب مصري هو / د. سالم محمد فنفي / بأن يقول النبي هذا القول ، فتصدى له شيخ أزهري ورماه بالجهل .
    وكذلك الأستاذ / رشيد رضا / كان ممن قال : ( كم في الصحيحين من أحاديث إتضح للعلماء غلط الرواة فيها ، وكم من احاديث لم يأخذ بها الأئمة في مذاهبهم ) المنار : ج 18 ص 456 .
    ومن الأحاديث التي تعرضت لنقد " متنها " والشك بصحتها ، حديث رواه البخاري عن أبي بكرة قال : ( لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل ، إذ لما بلغ الرسول أن فارسآ ملكوا عليهم إبنة كسرى قال :" لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " ) . والذي يؤكد أن هذا الحديث موضوع ، هو " الظرف " الذي رواه فيه أبي بكرة ، وكذلك الكذب في " متن " الحديث . فأما الظرف فقد رواه / ابو بكره / في " البصرة " بعد إنكسار الجيش الذي تقوده السيدة / عائشة / لمحاربة علي ابن أبي طالب . فقد أراد / أبو بكره / أن يعلل سبب إنكسار هذا الجيش ، بأن الذي كان يقوده هو امرأة . وأما الكذب في " متن " الحديث ، فهو القول بأن الرسول قاله لما بلغه أن الفرس ولّوا عليهم إبنة كسرى . في حين أنه ليس في "تاريخ الفرس " أنهم ولوا عليهم إبنة كسرى ولا أية امرأة أخرى .
    كذلك أحاديث مثل : ( ان أكثر أهل النار من النساء ) و ( إنما الشؤم في المرأة ) و ( شهادة المرأة هي على النصف من شهادة الرجل بسبب نقصان عقلها ) ، وكنت قد تناولت ذلك سابقآ وخاصة في : ( من معوقات تجديد الفكر الديني / المجتمع الذكوري ) .

    المتهجمون على من ينقد الأحاديث :
    ------------------------------------
    يقول الدكتور / عبد المهدي عبد القادر / استاذ الحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر :
    ( إن تناول السنة النبوية يجب أن يتم بعلم وموضوعية بعيدآ عن الجهل أو الإثارة الصحافية التي يتحدث بها البعض عن حديث رسول الله .... ومن المؤكد أن مناقشة " متن " الحديث ودلالاته في ضوء الأحكام الشرعية ، عمل مقبول بل مطلوب شرعآ . ولكننا " نعتقد " أن هدف بعض الكتاب ليس توضيح الحقيقة أو الغيرة على السنة ، بل الهدف الواضح هو " ترديد " الشبهات حول سنة رسول الله وتهوين الإعتماد على الحديث النبوي الشريف ، وهو " مخطط " يقع فيه بعض هؤلاء بجهل أو بسوء نية وفعل وقصد ) .
    وياسف الدكتور / أحمد عمر هاشم / أستاذ الحديث وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر ، من "سياسة " تصيد الأخطاء ، و " إفتعال " الشبهات – هكذا – التي يقع فيها بعض الكتاب في الوقت الحالي ... والحق أن عشرات العلماء الثقات قد تصدوا لهذه المطاعن ، وبكل " قناعة " أقرر أن شبهاتهم واهية وليس لها أساس من فكر أو عقل أو مصلحة أو دين . ) .
    وتحت بند ( أعداء الإسلام ) : يدعو الدكتور / محيي الدين عبد الحليم / أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة الأزهر " ( المثقفين " إلى أن يتقوا الله في هذا الدين ونبيه والمؤمنين به . ) . ويقول : ( إنني متابع جيد لما يكتبه ويقوله بعض الكتاب عبر الصحف والفضائيات . والحق أنني أجد كثيرآ مما يقولونه يصب في خانة " أعداء الإسلام " ولايمكن فهمه إلا في إطار " سوء النية " وسوء الهدف الذي يغلب على هؤلاء . – يقرأ السرائر - !! ... إن الساحة الثقافية قد برز فيها بالفعل بعض الجهال الذين يرمون المتدين بكل نقيصة ، مع أن فكرهم وسلوكهم هو السبب المباشر " لتخلف " المسلمين وتأخرهم الحضاري !! ) .

    وبالنسبة لي .. فأنا لا أشك لحظة في تقوى وإيمان وتوجه هؤلاء العلماء والمفكرين والدكاترة ، بالدفاع عن دينهم الحنيف . وبكل الإحترام والتقدير : لهم ، ولعلمهم ، ولإمكانياتهم ، أقول :
    يا حبذا .. لو إبتعد هؤلاء الأشراف ، عن رمي الآخرين المخالفين لأنماط تفكيرهم ، بالجهل ، والتخلف ، والتآمر ، وسوء النية .. الخ ، فهذا الأساس في الحوار وفي إقامة الحجة ، وفي الإقناع ، وليس رمي الآخرين بالتهم الجاهزة التي يراد بها " عدم الدخول " في هكذا حوار ، أو إقناع ، كما أكاد أعتقد .
    إن عليهم النزول من أبراجهم العاجية ، وعدم التعالي ، والتأسي بتجارب التاريخ ، وخاصة تجاربنا مع عظماء أمتنا الإسلامية المتواضعين .. عليهم أن يتشربوا بقول سيدنا عمر بن الخطاب : ( أخطأ عمر وأصابت المرأة المخزومية)
    وأكاد أرى .. أن أمامهم ، وفي دفاعهم بكل حسن نية عن دينهم ، أحد أمرين :
    1- إما البقاء في أبراجهم ، وتوجيه الإتهامات بكل أوصافها للآخرين ، منغلقين ومدافعين عن ( التراث ) وخاصة ما تم فيه التقول عن رسول الله ، بعيون موتى سبق أن ماتوا ، وبعقول مرتهنه " لنصوص " إنسانية ، ليس لها أو فيها من ( المقدس ) شيئ .
    2- أو .. أن يتوكلوا على الله ، ومن مقاماتهم العالية والرفيعة ، بتشكيل لجان " بحث " ، ومن كل المتخصصين الثقاة في : ( العلوم الإنسانية / تاريخ ، فقه ، حديث ، شريعة ، فلسفة ، لغة .. الخ ) وفي ( العلوم الطبيعية/
    طب ، فلك ، فيزيولوجيا ، .. الخ ) ، تكون مهمة هذه اللجان البحثية ، " إعادة " تناول الأحاديث المذكورة والمثبتة في الصحاح " لتنقيتها .
    وهنا يحق لي أن أتساءل : ماجدوى بقاء أحاديث : ضعيفة ، مشكوك فيها ، أحاديث آحاد تثير الإختلاف ، أحاديث لاعلاقة لها " بالتشريع " و " الأخلاق " قولآ وفعلآ . إنني لا أستطيع فهم تلك " النسب المئوية " التي تقيم على أساسها الأحاديث " المروية " عن الرسول الكريم : صحيح 100% ، صحيح 70% ، صحيح 20% .. الخ .
    نحن وبالشكل العام .. وخاصة عن المروي عن رسول الله : إما أنه صحيح 100% ، أو فليس هناك من داع ليكون مكان إلتباس بيننا ، بما ينتج من تسربه إلى العامة وإلى الفكر الشعبي الجمعي .
    أليس هذا بأجدى لهؤلاء الأفاضل ، من الماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، من أن يكتفوا بتوجيه الإتهامات وتخطئة الناس ، وتكفير بعضهم ، مساهمة منهم في تجديد وتطوير التراث ، وبالتالي الفكر الديني الإنساني ؟؟

    --------------------------------
    المراجع :
    =====
    * تدوين السنة إبراهيم فوزي
    * كسب أبو هريرة وخسر عمر د. عمرو إسماعيل
    * إشكاليات تدوين السنة محمد العاني
    * القرآن يحرص على حرمة النبي د. أحمد صبحي منصور
    * القرآنيون ليسوا خوارج نهرو طنطاوي
    * صحيح البخاري البخاري
    * مدعو الثقافة يسيؤون للسنة جريدة الخليج الإماراتية / الدين والحياة
    --------------------
    فائز البرازي : 27/6/2007

  10. #20

    نكران البعض للعلوم

    من معوقات تجديد الفكر الديني (6)
    ===================
    نكران البعض ( للعلوم ) اللامتوافقة مع نمط تفكيرهم :
    ----------------------------------------------------
    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ] يوسف-105

    الله تعالى أراد للإنسان ان ُيعمل العقل في كل ما يشد إنتباهه من ظواهر ، يتقصى اسرارها ويتعلم عبرها علومآ لم يكن يعلمها من قبل . ولأن الله خلق الإنسان مجبولآ على حب الإستكشاف والتعلم ، فقد ظل الإنسان دؤوبآ على التعرف على أسرار الكون والحياة . فأقام الجامعات ومراكز البحث العلمي ، وإستخدم كل ما إخترع وطور من تقنيات ، بلغت من الدقة مستويات تبعث على الدهشة . ومكنه كل ذلك من الحصول على كم هائل من المعلومات والحقائق العلمية . ووقف مذهولآ أمام نتائج أبحاثه ، ونحن نرى أنها تعلن مطابقتها التامة وفي معظمها ، لتلك الحقائق والإشارات والرموز التي أوردها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنآ .

    [ سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ] فصلت – 53
    و " سنريهم " .. تفيد المستقبل والإستمرارية ..
    وعلماء الإنسانية هم الباحثون عن الله والمقتفين والمتلمسين آثاره ، بالمنطق و " بإكتشاف " قوانين الطبيعة التي لابد لها من واضع وصانع وموجد وخالق . حيث للكون تاريخ وحكاية يحاولون علماء كثيرون روايتها إستدلالآ وبحثآ . معتمدين على قواعد هي :
    1- القوانين الطبيعية المكتشفة بشكل دائم . " الإستمرارية " .
    2- قوانين " النسبية " . وهذا يعني وجود قوانين أخرى " كلية " .
    3- قوانين وقواعد المنطق .
    4- مبادئ " ميول الطبيعة " . وهما ميلان رافقا الطبيعة منذ نشوئها : الميل إلى الإتحاد ، والميل إلى الإستقلال. وهذا صراع وتناقض جدلي ، ضمن " الكلي " .

    يقول الحلاج : ( فلنبدأ بتحطيم المعابد القديمة في أنفسنا ) .. فعندما نتحرر من الأحكام المسبقة ، تاريخ نشوء الكون ، تاريخ نشوء الحياة على الأرض ، تاريخ نشوء الأرض ذاتها ونشوء غلافها الجوي ، والشروط الكونية لكل ذلك . نجد أنفسنا أمام أفق واسع ومختلف تمامآ ، ويقف على النقيض مما كنا " نظنه " حتى الآن .
    فمن خلال وجود الحياة ، وجدت الأدمغة ، ثم وجد " الوعي البشري " . والذي لم يكن ممكنآ .. إلا لأنه يوجد دائمآ في هذا الكون ومنذ اللحظة الأولى لنشوئه : عقل كلي وخيال وسعي نحن الهدف . فالعقل موجود " قبل وجود الأدمغة " التي تجعل " الوعي " ممكنآ ، بزمن طويل .
    من هنا .. سأنطلق ، وأنتهي .. من البداية / الإنفجار العظيم : بدء الخلق . وجميع ما بين البداية والنهاية ، سيكون ضمن صورتيهما .
    في دراسة للدكتور / علي حسين عبد الله / أستاذ وباحث جامعي في الكويت ، يقدم عرض علمي حول هذا الموضوع ، بعنوان : ( صدى الإنفجار العظيم : أقدم حفرية في الكون ) ، يقول :
    ( في عام 1989 أرسلت وكالة ناسا قمرآ إلى الفضاء الخارجي بإسم / كوبي / لدراسة موجات خاصة لها علاقة بخلق الكون . فما هي هذه الموجات ؟ . إنها إشعاع يملأ الكون كله في الليل والنهار وفي "جميع الإتجاهات " . وهذا الإشعاع يفسر على أنه الإشعاع الباقي من الإنفجار العظيم عند بدء خلق الكون . لذلك يقال عنه ، أنه أقدم حفرية في الكون . ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة لأنها تقع ضمن موجات الميكروويف ، وهي : أول وأبعد وأقدم أشعة يمكن لأي تلسكوب إلتقاطها ، ومن المستحيل أن نرى قبلها أي شيئ . والسبب ان الكون ماقبل هذه الأشعة كان " قاتمآ " . إن الإنسان في القرن العشرين إستطاع من إلتقاط " صورة للكون عندما كان الكون وليدآ " . وتمددت موجات الأشعة مع تمدد الكون ، وبالتالي زاد طول موجتها عما كانت عليه ، ولذلك فهي تقع في نطاق الميكروويف .
    وأرسل القمر الصناعي / كوبي / مع أجهزته الحساسة ، صورآ للكون منذ بداياته الأولى " تقريبآ " ، أي عندما كان
    " الكون جنينآ صغيرآ " بعمر 300 ألف سنة . وهو رقم لايذكر بالنسبة لعمر الكون الذي قدر : 7 , 13 مليار سنة .
    وأرسل القمر / كوبي / تأكيد على وجود إختلاف في درجات حرارة الكون عند بدايات خلقه ، بدقة قياس تصل إلى
    1 / 100000 . أي : إن تمدد الكون هو الذي أدى إلى إختلاف في توزيع المادة في الكون ، وهذا يعني أن البذور الأولية للمادة في الكون ، سببها إختلاف في حرارة الكون . ) .

    في عام 2001 أرسلت ناسا قمرآ صناعيآ بمجسات حساسة جدآ بإسم / دبليو ماب / ، وكانت أهم النتائج المحصول عليها :
    1- الحصول على صورة للكون ،بقياس الإختلاف في درجات الحرارة في السماء ، سميت ( الخريطة الخضراء ) . وتمثل هذه الخريطة ، صورة الكون في مراحله الأولية عند ولادته . " عندما كان طفلآ " .
    2- حدد العلماء صدور الخلفية الإشعاعية بعد الإنفجار العظيم ، ب : 380 ألف سنة .
    3- تم تحديد عمر الكون ، ب : 7, 13 مليار سنة ، بنسبة خطأ : 1% .
    4- بعد مرور 200 مليون سنة على الإنفجار العظيم ، ولدت أول النجوم .
    5- الكون يحتوي على : 4% من المادة التي نعرفها – 23 % من المادة المظلمة ، لانعرف عنها الكثير -
    73 % " طاقة " مظلمة لايعرف عنها الكثير .
    6- إثبات وجود التمدد المفاجئ في بدء الخلق ، بما يسمى ( نظرية التضخم في الكون ) .
    7- الكون في حالة تمدد . – وإختلفوا إن كان سيستمر هذا التمدد إلى الأبد ، أم سيتوقف . " ثم أتت دراسات علمية ورياضية لاحقة ، تنفي الإستمرارية في التمدد إلى الأبد .
    على أن من أهم ما وصل إليه العلماء أيضأ : التأكيد التام على ( أفكار آينشتاين ) ، بأن [ المادة في الواقع ، ليست سوى حالة معينة للطاقة ) . وبقي السؤال حول المادة والطاقة : أيهما مولد للآخر ، أم أنهما تولدا معآ ؟؟
    وعندما حاول / آينشتاين / أن يعرف شيئآ عن ( الحالة غير القابلة للتصور ) ، والتي يمكن أن يكون فيها الكون المتناهي " محدودآ " ، حصل على الجواب : بأن ( الفضاء الكوني محدب ) . وهو لذلك لايحتاج إلى حدود . فالكون الثلاثي الأبعاد ، وفي بعده التالي الأعلى " الرابع " ، ينغلق على ذاته دون أن تكون له حدود .
    إننا هنا نتحرك في مسألة حدود الكون ، على الأطراف القصوى " لقدرة أدمغتنا " الناشئة في " شروط أرضية " على الإستيعاب . وعندما نحاول " تصور الكون المحدب " ، فإننا نصطدم مرة تلو المرة ، لابحدود الكون .. إنما
    ( بحدود أدمغتنا ذاتها ) .

    إن نظرية الإنفجار العظيم " بيغ بانغ " وحسب ما أثبت / إيدفن هوبل / مدير مرصد قمة مونت ويلسون في كاليفورنيا : أن الكون يتمدد . وأن المجرات تبتعد عن بعضها البعض بسبب الإنفجار الحاصل قبل 7, 13 مليار عام. وكما الجسم المقذوف ، فإن المجرات المتباعدة ستصل سرعتها في زمن آت إلى ( سرعة الصفر ) . ثم تبدأ رحلة العودة إلى التجاذب بين المجرات . إن الحركة الإنفجارية للكون لن تستمر حتى الأزل . وبالتالي توصل العلماء إلى أنه ( يجب أن يكون للكون بداية ، ويجب أن يكون له نهاية ) . وان التوسع الحالي للكون ، آخذ في (الإنكباح ) وهذا ضمن كثير من المؤشرات التي تؤيد إمكانية تباطؤ التمدد كنتيجة للتجاذب المتبادل بين جميع الكتل التي يحتويها الكون . وفي الجديد ، قال العلماء أن الكون قد وصل إلى " منتصف العمر " تقريبآ .
    عندما ( ينكبح التمدد ) ، سيأتي يوم خلال مليارات السنين ، لتصل فيه حركة الهروب ، إلى توقف . ثم ... تنقلب بعدئذ في "الإتجاه المعاكس " نحو الإنكماش والإنضغاط . = إنعكاس مكان شروق الشمس ، ليصبح من الغرب = .
    وخلال عملية " الإنكماش " سوف تتزايد بإستمرار ، سرعة الكتل المندفعة تجاه بعضها البعض ، وأخيرآ سترتطم كل هذه المجرات التي لاحصر لعددها ، سترتطم مع بعضها البعض ، و " تنصهر " في أتون إصطدام هائل . عندها سيتحطم الكون بكامله بإنفجار هائل وسريع لامثيل له . إنهيار العمارة الكونية .

    هنا .. سيقف ( عدد ) – أقول عدد ليبقى مفتوحآ لأنه بلا إحصاء – سيقف عددآ من العلماء والمشايخ المسلمين ، المؤثرين في " الفكر الديني الشعبي الجمعي " ليقولوا هذا " كفرآ " بواحآ ، وبموجب " المعلوم من الدين " سيخرجوننا عن ديننا .. وقد قالوا في رجمنا بحجتهم ، النص القرآني الكريم :
    [ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادآ ذلك رب العالمين . وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين . ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعآ أو كرهآ قالتا أتينا طائعين ] فصلت : 9 – 11 .
    يقولون : إنها ستة أيام " نصآ " ، فكيف تجعلونها مليارات الأعوام ؟ وبها تخالفون نص القرآن ، أي تكفرون بما ورد فيه .
    وحول هذه السور الكريمة ، أود أن أستفسرهم وأتساءل :
    1- هل الستة أيام – في التفسير والتأويل – هي " مجازية " ، أم " تحديدية " ؟ ولا زال فيها جدل بالفكر الديني.
    2- أليس في هذه السور الكريمة ، مايدل على " المراحل / التدرج " في خلق الكون ؟ .
    3- ألم يكن بإستطاعة الله – وهو كذلك – أن يقول ( كن فيكون ) بدون هذه المراحل الزمنية ، مهما كان تفسيرنا ومفهومنا " للزمن " و " الأيام " ؟
    ثم .. ما المقصود .. [ ثم استوى إلى السماء وهي دخان .. ] ؟
    أحد العلماء " الكفار " !! العالم الفلكي / جيمس جنيز / يقول : ( الراجح أن مادة الكون بدأت غازآ منتشرآ خلال الفضاء بإنتظام ، وان السدائم خلقت من تكاثف هذا الغاز ) .
    والعرب .. من أكثر الناس فهمآ منذ القديم لمفهوم " الدخان " . أي : دون هباء أو بخار أو هواء . وهي إشارة رائعة ومدهشة من رب العزة ، إلى أن " مادة " السماء الأولية قبل خلقها ، كان لها من ( الصفات ) الهامة ، مايشبه الدخان العادي الذي يتصاعد من " النيران " . كانت ( مادة مظلمة بذاتها ) ، مفككة الأجزاء خفيفة ومنتشرة كما ينتشر السحاب ، ساخنة إلى حد كبير .
    ثم .. وبذات الأمر عند ( النهاية ) . يقول تعالى : [ فأرتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ] الدخان : 10 .
    " فبالدخان " بدأ الكون ، و " بالدخان " سينتهي .
    و " البعض " يرفضون عملية التوسع بالكون .. يقولون : أن الله خلق الكون فإستقر على ماهو عليه . ويدفعون بالآية الكريمة : [ والسماء بنيناها بأييد وإنّا لموسعون ] الذاريات : 47 .
    بأييد : بقوة .
    يرددوا فيقولون : أي : جعلنا السماء " سقفآ محفوظآ رفيعآ " . و [ إنّا لموسعون ] أي : لقد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد حتى " إستقلت كما هي " . وبالتالي فقد حدد الله السماء وحدودها وأرجاءها ، ومن الكفر أن نقول أن السماء / الكون ، تتوسع حتى الآن . وهم في ذلك لايزالون متمسكين ببعض قديم من التفسير والتأويل الذي قاله أمثال : ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والثوري ، رضي الله عنهم . ولن يقبلوا بمعظم الأحوال إرتباط التفسير والتأويل بإستمرارية الزمن ومعطياته المتطورة : عقلآ وعلمآ .
    وفي نهاية الكون : التقلص والإندماج والإنضغاط ، حتى إنهيار عمارة الكون .. هنا سيثبتون علينا الكفر ورفــض
    " المعلوم من الدين " ، بما أن القيامة وتحديد ساعتها في " الغيب " – وهي كذلك - ، مع أنهم يحاجّون بعلاماتها .. أي : يتكلمون عن علامات إقتراب القيامة من صغرى وكبرى . والعلماء يقولون ذلك ، ولم يحددوا و ( لن ) يستطيعوا ان يحددوا موعدها . فالموعد " الحصري " ، هو من المؤكد في علم الغيب .. أي أن العلماء يتكلمون عن فترات زمنية تقترب من بضعة آلاف من السنين وهي لاشيئ أمام مليارات السنوات لعمر الكون .
    ومع ذلك .. يرفضون – البعض – علامات علمية متقاربة مع العلامات التي يذكرون : من اشراط الساعة : روى مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو ، قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثآ لم أنسه بعد . سمعت رسول الله يقول : ( إن أول الايات خروجآ طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى ، وايهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبآ ) . وروى مسلم أيضآ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال ستة : طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخاصة احدكم وأمر العامة ) .
    ويعلق الدكتور الفاضل / محمد سعيد رمضان البوطي / على ذلك : ( ليس هذا تقريرآ لبيان الوسيلة التي تخرج الشمس من مغربها ، فعلم ذلك عند الله . ولكنه تقريب لوسيلة الإيمان به ، وتذكير بان ذلك لايخرج عن كونه تغييرآ لبعض مادرج عليه الكون – بمشيئة الله – من نظام وترتيب ) .
    ومع كل التقدير والتبجيل لعلم الدكتور البوطي ، إلا أن عدم " جزمه " بهذا وإعتباره من وسائل التقريب والخروج عن دارج الكون ، وهو في هذا كما آخرون أجلاء ، يردّون كل ( أمر غير معلوم في لحظة ما ) إلى ( الغيب ) وهو منوط بالله عز وجل ، مع أن " محددات " ماهو غيب واضح في قرآننا الكريم ، وعليهم " توضيحه وشرحه لنا". وكان أكثر جدارة وعظمة ، أن يحاول الدكتور البوطي وفي تناوله لمثل هذه القضايا والأمور ، الإضطلاع قليلآ والبحث في " العلوم الإنسانية والطبيعية " ، وعندها سيكون أكثر دقة وتوضيح وعلم وعطاء للمسلمين ، على طريق تجديد وتطوير الفكر الديني .
    يقولون : قال الله تعالى : [ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ] .. [ إن هي إلا صيحة واحدة .. ] .. [ فإنما هي زجرة واحدة ] .. [ وما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر ] .. [ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ] .. [ يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفآ ] .. صدق الله العظيم .
    وبالتالي من يقول ويزعم غير هذا ، فهو كافر بكلام الله .
    واقول : كل ماسبق من كلام الله ، هو ( الحق ) لامراءى فيه . وهو علمنا ذلك قبل أكثر من أربعة عشر قرنآ ، قبل أي من الأولين ، وأي من الآخرين . أي : القيامة / الساعة : لمح بصر أو هو أقرب . نسف الجبال ، بل نسف معمار الكون ، ليس كمثله شيئ .. لابراكين ، ولا زلازل ، ولا أيآ مما نعرف ، ولا أيآ من مشاهداتنا .
    وهل ماذكر سابقآ من نظريات وإكتشافات علمية لبدء الكون ، أو لنهاية معمار الكون يتعارض ويناقض ذلك ، بل هو إثبات ( عقلي وعلمي ) على صدق الله تعالى – المنزه عن حاجة الإثبات – وعلى صحة إيماننا نحن المسلمين ؟ أم لأنه أتى من " علماء كفار " غير مسلمين ؟ .
    فليعقلوا بآية الله العظيم : [ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ، كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدآ علينا إنّا كنا فاعلين ] الأنبياء : 104 .

    ( الله يتجلى في عصر العلم ) .. كتاب إشترك في تأليفه ثلاثون عالمآ من اشهر العلماء المتخصصين في أمريكا ، ترجمه إلى العربية الدكتور / الدمرداش سرحان / ، كتب كل واحد من هؤلاء العلماء فيه – في الكتاب – مقالآ يبين كيف إهتدى إلى وجود الله والإيمان به عن طريق علمه وإختصاصه .
    ولا بد لي هنا من أن أشير إلى أن أكبر عالم فضاء في القرن العشرين ، البروفسور الألماني / فون براون / الذي وضع أول رجلين على القمر : نيل آرمسترونغ ، أودين الدرين – في مشروع أبولو ، قد صرح لوكالات الأنباء وأجهزة الإعلام بعد نجاح مشروعه الكبير ، ردآ على سؤالهم : هل تؤمن بالله ؟ . كان جوابه : ( كلما إزددت علمآ بحقائق الكون ، إزداد إيماني بوجود الخالق العظيم ) .
    في ذلك الوقت .. وقت هبوط الإنسان على سطح القمر .. لازلتُ أتذكر وقد حفر ذلك ألمآ في نفسي وأنا شاب .. لازلت أتذكر بدايات التلفزيون الأبيض والأسود ، وعليه وفي الإذاعة والصحف والمساجد .. تصريحات ومقابلات وخطب " لبعض " رجالات دين ينكرون فيها ذلك الخبر – هبوط الإنسان على القمر – ويدّعون أن ذلك ماهو إلا إخراجآ مسرحيآ تم في الصحراء .. وبناءآ على " قناعاتهم الدينية " لايمكن أن يخرج الإنسان إلى السماء ، خارج مجالنا الجوي . فكيف إذا وصل إلى القمر وحط وداس عليه ؟ وصالوا وجالوا بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، يؤكدون بالإستناد إليها ، عدم إمكانية حدوث ذلك .. مع ماعنى ذلك وفي بؤرة الحدث الكوني آنذاك ، من نشر آرائهم ومعتقداتهم ، ضمن الفكر الديني الشعبي الجمعي .

    واتساءل اليوم .. وفي الختام : ألا يحيط بنا كم كبير من معوقات تجديد الفكر الديني ؟؟ .

    =====================
    مراجع :
    ---------
    * تاريخ النشوء هويمارفون ديتفورت .
    * النسبية البيرت آينشتاين .
    * العوالم الأخرى بول ديفيس .
    * البحث عن الحياة في الكون مايكل ليمونيك .
    * تأملات في الإعجاز القرآني عبد القادر إسماعيل حسين .
    * الإعجاز العلمي القرآني محمد سامي محمد علي .
    * تفسير القرآن العظيم ابن كثير .
    * مباحث الإعجاز مصطفى مسلم .
    * كبرى اليقينيات الكونية محمد سعيد رمضان البوطي .
    * الإيمان والحياة يوسف القرضاوي .
    -----------------------------
    فائز البرازي : 30/6/2007

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. السبب الحقيقي وراء ازمة الثلاثي القطري السعودي الاماراتي
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-09-2017, 06:54 AM
  2. الشبة
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-01-2015, 04:50 AM
  3. هذا السبب
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-22-2013, 11:27 AM
  4. اذا عرف السبب
    بواسطة الشربيني المهندس في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-24-2011, 10:02 PM
  5. لايزال يعيش هاجس البحث عن السبب الحقيقي وراء إيقاف برنامجه
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-19-2011, 02:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •