سادساً: إفريقيا ـ جنوب الصحراء الكبرى
ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في إفريقيا ـ جنوب الصحراء
يتوقف الانتعاش الاقتصادي الإفريقي على استئناف الطلب على سلعها، بكل بساطة ووضوح. وستكون هذه المنطقة هي آخر منطقة في العالم تخرج من الركود، وهذا ما لن يحدث في الشهور القليلة القادمة.
ـ الاتجاه الإقليمي: التأهب للقتال في دلتا النيجر
سيشهد الربع الأخير من العام 2009، نهاية برنامج عفو الحكومة النيجيرية ونهاية وقف إطلاق النار الذي أعلنته حركة تحرير النيجر ـ المليشيا الرئيسية في دلتا النيجر. وسيلي ذلك تجدد العنف، كما هو متوقع. بيد أن على هذه الخلفية التي تزداد دموية، ستقوم حركة تحرير النيجر وحزب الشعب الديمقراطي الحاكم في الواقع بعقد عدة اتفاقيات تقاسم للسلطة، وغايتهما هي تشكيل البيئة السياسية تحضيراً لمؤتمرات الحزب في العام المقبل (2010) ومن ثم الانتخابات الوطنية في العام 2011. وستكون المرحلة الأولى استخدام العنف لمساندة مرشحي الحزب وتشويه سمعة أعدائهم وترهيبهم.
[ ملاحظة: لقد بدأ ما توقعه الكاتب في اضطرابات نيجيريا وانقلاب الحكم في النيجر في الأسبوع الفائت].
ـ الاتجاه الإقليمي: جنوب إفريقيا تبدأ تأدية عملها
أمضت حكومة جنوب إفريقيا الربع الثالث من عام 2009 في إعادة نسج روابط مع أصدقاء قدامى وإقامة اتصالات مع منافسين جدد، وسيكون معظم جهودها في الربع الأخير مركزاً على زمبابوي، حيث توشك الزعامة أن تبدأ انتقالها من روبرت موغابي. فلا يني نفوذ جنوب إفريقيا في هذا البلد يثبت أنه من العمق بحيث يستطيع التأثير مباشرة ـ وإن خلف الكواليس ـ داخل حزب موغابي نفسه، أي حزب الجبهة الوطنية لاتحاد زمبابوي الوطني الإفريقي، لإجراء التغييرات التي يريدها.
غير أن جنوب إفريقيا ترى أن أنغولا الناهضة تحاول الأمر ذاته ـ وبالطريقة عينها. قد يدلل الربع الأخير تماماً على بداية نوع من حرب بالوكالة بين هاتين الدولتين، مع تحول زمبابوي الى ساحة القتال الأولى.
سابعا: الاتحاد السوفييتي السابق
ـ الاتجاه العالمي: الاقتصاد العالمي والاتحاد السوفييتي السابق
الاقتصاد الروسي في حالة من الفوضى. فمن العام 2004 وحتى عام 2008 استهلكت شركات الحكومة الروسية ومصارفها وأعضاؤها اعتمادات أجنبية، فعرضوا البلد لموجة إثر أخرى من القروض الدولية، وأصبحوا عموما مولعين بتدفق الأموال ( بما يذكر بأسوأ مظاهر الإسراف في انهيار القروض الأمريكية ذات التصنيف الائتماني المنخفض. في الإجمال، دخل الى روسيا خلال تلك الفترة 500 مليار دولار، وعندما ضربت أزمة 2008 المالية ضربتها، كانت جميع أو معظم خطوط اعتمادات الشركات الروسية بمختلف أحجامها قد أُلغيت. وكانت النتيجة انهياراً اقتصادياً أسوأ في الواقع من تدهور الروبل في العام 1998.
لكن لا أحد لام الحكومة على الأزمة الحالية. في العام 1998، كانت حكومة بوريس يلتسين وقتذاك، وبتعبير ملطف، مشوشة. أما حكومة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، فإنها في كامل خصائصها القيادية ونجحت حتى الآن في تركيز السخط الجماهيري على الولايات المتحدة. إذن، مع أن الاقتصاد يتخبط في فوضى، فإن الحطام يولد دعما للكرملين.
وهكذا فيما الخوف من الركود يتلاشى والمستثمرون يبدءون يبحثون عن فُرص، يتطلع الكرملين الى جعل روسيا تبدو جذابة بقدر الإمكان من طريق إصلاح قوانين معينة ضد الاستثمار الأجنبي. لكن بدلا من التودد الى المصارف أو إصدار سلسلة طويلة من السندات المقطوعة، كما جرى في الأعوام الخمسة الماضية، يقوم العاملون في الكرملين بالتعاقد مع شركات دولية محددة لديها المبالغ النقدية والتكنولوجيا والأسواق اللازمة لجعل أصول روسية معينة عملة قانونية.
هذه المشاريع في معظمها تصب في مجال الطاقة. لكن بالنسبة الى الكرملين، ليست الخطوات الجارية متعلقة بإعادة شركات الطاقة الى البلد طمعاً بأموالها أو نفوذها، بل إن روسيا ترى مكاسب سياسية في أن تتمكن من مقايضة أصول الطاقة الخاصة بها بأصول شركات الطاقة الأجنبية في بلدان أخرى ـ مفسحة المجال لموسكو كي تواصل سعيها الحثيث الى امتلاك نفوذ في الخارج.
إن روسيا تخطط لعقد صفقات ثنائية محددة على قائمة قصيرة من أقوى شركات الطاقة في العالم بشروط أكثر إغراء بكثير مما تسمح به القوانين الحالية. وما زالت هذه الشروط في مرحلة الصياغة، إلا أن الموارد الطبيعية داخل روسيا كبيرة بدرجة كافية لإثارة الاهتمام ـ بالحد الأدنى ـ لدى كل من الشركات (شيفرون) و (كونوكوفيليبس) و (إكسونموبيل) و (رويال داتش/شل) و (ب بي) و (توتال) و (إني) و (إي أون) و (كوريا غاز).
انتهى