أشكرك أختي الكريمة أم فراس على المقدمة التي أضفتيني بكلماتك الطيبة إلى سجل من سجلات منتداكم الموقر وتلك الكلمات جعلتني اشعر بالحرج خاصة إننا في واقع صعب التناغم مع عزفه على أوتار حساسة في مفاصل العيش الكريم والذي يحتاج إلى صعوبة ذاتية وجهاد نفسي يتطلب من الإنسان أن يتفق مع معطيات الحاجة المادية الضاغطة والتي أحياناً تنسيه مراقبة الله عزوجل فيدخل في أبواب الشيطان وهي كثيرة وقد يتخلى عن جزء من مبادئه ليصل إلى أحد الأهداف في هذه الحياة
ولكني خنقت كل تلك الرغبات لأني تعلمت من الحياة أن كل شيء مستهلك في هذه الحياة لاقيمة له أو يجب أن تبقى قيمته ضمن مايعني للحياة لأن الوسائل إن أصبحت أهدافاً ضاع الإنسان وهذا ماحصل للأسف في تفكيرنا وحتى أن طريق العلم الذي هو أنبل الأهداف أصبح يطّوع لصالح الوسيلة كهدف فأصبح المعنى مشوشاً
واختصر إجابتي بوصية الوالد رحمه الله قال لي يابني كلها بالحلال وكانت اللقمة بيدي ومن خلال هذا المعنى يجب أن تسير في الحياة
أما الإجاية على التساؤلين الأوليين
إنني من مدينة الميادين التابعة لدير الزور ومن مواليد 1955
درست الابتدائية والإعدادية فيها وانتقلت لدراسة الثانوية الزراعية في دير الزور مرغماً وخرجت منها لا أفقه شيء عن الزراعة لأنها لم تكن هدفي فكان تعلمي بها فقط للخلاص منها وكنت أميل كثيرا للعلوم الطبية وكتب الأدب فلم أجدهما في تلك المدرسة
فطوقتني حبال اليأس من كل اتجاه خلال عامين من حصولي على الثانوية
حتى جعل الله لي مخرج بوظيفة في الحسكة واقترح علي رئيس الدائرة أن يجعلني رئيساً لمركز الأغنام في أم مدفع وهي قرية في جبل عبد العزيز وهو منصب لايسمح به إلا لمهندس ولكن الجميع لايرغب به لأنه في بادية وستعيش مع سكانه ولك موقع مستقل دائرة متكاملة ولا يحق لك النزول إلا يومين كل خمسة عشر يوما فوافقت بدون تردد وكانت الانطلاقة الجديدة في حياتي كلها وبقيت عامين هناك وكان ذلك في عام 76و77 أشارك سكان الجبل في عاداتهم وتقاليدهم فأصبحت منهم ولم أعد أحب النزول للبلد حتى عرفت كيف أتعامل مع الذئاب التي تاتي في أغلب الأحيان ليلاً إلى القرب مني
وكان الجبل عبارة عن صيدلية طبية إلهية يتحدث أهلها عن علاجات كثيرة من الأمراض والكثير منهم يضع في بيته أعشاب متنوعة كل منها لمرض معين وكان الحلم الذي يراودني وجدته في هذا المكان وعندما كنت اشرف على تسريب الأغنام مع البيطري همس في أذني رجل من سكان الجبل قال لي كنا سابقاً نعمل هذا بنبات النيتول فينظف الأغنام من الجرب ويجعل الصوف شديد البياض لايستطيع هذا الدواء أن يفعلها فكانت الشرارة التي أوقدت تفكيري في هذا الموضوع لأضعه في دائرة اهتمامي
وبدأ بحثي بطيئاً يعتمد على السمع وعندما عدت لبلدي حصلت على الثانوية والتحقت بكلية الآداب بجامعة دمشق وحصلت على إجازة في علم الاجتماع وكان لهذا العلم دوراً كبيراً في تطوير فكرة البحث العلمي عندي وكان العام 92حاسماً فحياتي العملية فبدأت بالبحث الميداني والقراءة في المراجع القديمة والحديثة والتي كانت تتجاوز الثماني ساعات باليوم فاستقلت من الوظيفة وتفرغت لهذه المهنة علماً وعملا فكان أول نبات تعاملت معه طبياً هو النيتول واستخرجت منه مرهم للأمراض الجلدية الذي عالجت به أغلب الأمراض الجلدية وبعدها طورته بإضافة بعض النباتات المشابهة له بالتركيب ليعمل على أماكن أوسع طبعا الموضوع في المنتدى موجود
وبدأت أبحث في مواهب أولادي فانتقيت أحدهم ليكون في دمشق فكونت له مشروعا صغيراً اعتبره محطة جميلة في حياتي العملية حتى لايذهب تعبي سدا فكم عانيت من البرد في الجبال والخطورة
ولازلت مع الخبراء أسير معهم كل فترة أتعلم منهم كل جديد جزاهم الله خير
اما السؤال الثالث = هل ترى في مهنة طب الأعشاب وعالم الثقافة تعارضا ما؟ام تلاحما ً وديا غنياً
أقول هذه المهنة إن أحبها الإنسان ولم يعتمدها تجارة لايمكن أن تتعارض مع ماذكرت لأن الذي يبحث في النبات هو بالأصل يبحث في جوانب ثقافية كثيرة فاني اقرأ الجانب النفسي للإنسان الذي تحتاج معرفتة إلى اقتناء ثقافة من خلال مراجع عن التحليل النفسي والطب النفسي وهذا ماأفعله
وكذلك يحتاج نفس النبات إلى دراسة موقع النبات لماذا يكون أعلى الجبل أو الوادي ومواضعي لاتخلو من تعليق عن سبب تواجد هذا النبات في منطقة ولا يتواجد في أخرى وهذا يحتاج إلى دراسة البيئة وهو ماأتعلمه من بعض المراجع العلمية إضافة إلى أهل الخبرة من المهندسين
وحتى تستطيع أن تكتب عن نبات يجب أن تكون لديك خلفية ثقافية أساسها أدبي وهذا ماخصصت له من وقتي في قراءة كتب الأدب
أما من يضع التعامل بهذه المهنة كمادة تجارية فاعتقد أن الموضوع يتوافق عكس إجابتي فيصبح كل شيء لديه
أرقام ويبدأ بما يسمى بسر المهنة كشعار لعمله فالخلطة التي نكلف 200ل يدعي أنها من الهند أو الصين وان تكلفتها 5000أو أكثر
وقد لامني الكثير على نشري لسر المهنة في الكتاب أوفي مواضيعي وقالوا لي على الأقل تحتفظ بالأوزان كي تربط المريض معك فارد عليهم قائلا ألا يكفي المريض ربط المرض له أو يكفيه أن يستدين قيمة الدواء أو حتى يبيع حاجة من حاجاته الأساسية في منزله فكيف لي أن أتعامل بهذا المنطق الذي يخلو تماماً من الجانب الإنساني الذي فطرنا الله عليه
اما عن سؤالك= وهل ترى حاجة ماسة لدعم تلك المهنة؟وماهي متاعبها وميزاتها
الحقيقة هذا السؤال قد تكون الإجابة بنعم أمر يصعب في تلك الظروف التي نراها ونلمسها ممن يدعون أنهم معالجين بالأعشاب لان كلمة علاج الحقيقة هو مصطلح يتفرد فيه الطبيب فقط وكلمة دواء هو للصيدلي فقط أما مهنتنا فهي عطارة ولكن يجب أن تكون علمية ومدروسة في ظل غياب الاهتمام من قبل الدولة من فتح قسم لطب التكميلي في كلية الطب يدرس بشكل أكاديمي حتى ولو كان معهد مختصر بسنتين يتكون من خلالهما معرفة آلية التعامل مع المريض أو المرض وهذا موجود في اغلب دول العالم المتقدمة حتى انه اصبح تخص بعد دراسة الطب وأصبحت صيدليات متخصصة في هذا الجانب وبدا هذا المشروع يشق طريقه في بعض البلدان العربية أما الدول الآسيوية مثل الصين والهند وغيرها فالحقيقة هناك معاهد معتمدة
أما متاعب المهنة فهي والله كثيرة وربما من خلال قراءتك لما كتبت تجدين بين السطور كم المعاناة
أما ميزاتها في الحقيقة هناك سعادة كبيرة لأاستطيع أن اسطر مشاعري على الورق عندما يشفى مريض من تناول خلطة أو عشبه من عندي وخاصة تلك الأمراض المعندة أو المزمنة وكم سعادتي كانت كبيرة عندما تكلم معي رجل من الأردن منذ عشرة أيام تقريبا يخبرني أن ابنته شفيت من داء الصدفية الذي عمره 16عام في جسمها وتم شفائها بفضل الله بعد تطبيقها بما ذكرت من خلطة في الكتاب
اما سؤالك=
علاقاتنا الاجتماعية الصعبة, كيف تجسد تجربتك الاجتماعية عبرها؟وكيف تقيم البشر عبر معاملاتك الشخصية
الحقيقة أنا لااحاول أن ازعل شخص في تعاملي ولكني في اغلب الأحيان تكون أسئلتي له تبين لي نفسية هذا الشخص فإما أتجنبه وإما أعطيه وبكل الأحوال الحمد لله لاالاقي متاعب في هذا الجانب حيث أعطي المريض اسم الأعشاب ووزنها وقيمتها واخيره في شرائها من عندي أو من عند غيري وحتى ان أعادها بعد فترة لسبب أو لآخر إن لم تكن تالفة استرجعها وبذلك أتجنب الاحتكاك السلبي
أما سؤالك عن عالم النت
الحقيقة أقول أفضل ماتوصلت إليه البشرية من علوم في مجال خدمة الإنسان لأني بصراحة اختصر علي الكثير من الوقت والمراجع والبحث وأيضاً التواصل العلمي والتعرف على شخصيات علمية كبيرة داخل وخارج الوطن والتقيت بالعديد منهم والحمد لله أصبحوا من الأصدقاء المقربين وهناك تعاون علمي وتجاري بيني وبينهم
وبارك الله بك أختي وأتمنى أن أكون قد أجبت على أسئلتك ولك تحياتي