الإتجاه المعاكس
... فظلوا على تلك الحال المضطربة المتوترة منذ ساعات الصباح الأولى، وما إن أقبل عليهم المساء حتى ضاق كل منهم بجلسائه، وكره النظر إلى وجوههم، وأقسم بينه وبين نفسه أن لا يضمه معهم مجلس بعد اليوم، وأن لا يمد يده مصافحا لهم عندما ينتهي ما يجمعهم بهم من لقاء...
إني لأراكم قد ضللتم سواء السبيل، وأصبحتم تخبطون خبط عشواء، وتسبحون بعيدا جدا عن الغاية التي نسعى إلى بلولغها، بقدر ما صرتم في منأى ومعزل عن الأمر الذي اجتمعنا من أجله، ولا أحسب نفسي إلا غريبا بينكم ...
أما وقد لفظت في وجوهنا دون حياء ما لديك من بضاعة كاسدة متعمدا، فإني لا أخالك إلا قد أفصحت عما أجهدت نفسك على مواراته من سوء النية وخبث الطوية، وأجدني الساعة أنظر إليك وقد علت المذلة وجهك بعين الإزدراء، ولن أنصت إليك بعد أن سقط القناع الذي ترتديه، وانكشف لي أمرك الذي أنت من أتباعه ومريديه، وسأشيح بوجهي عنك، وأهدي إليك الأذن الصماء ...
من أذن لك يا هذا بالكلام؟ وكيف سمحت لنفسك أن ترتقي هذا المنبر وأن تعتلي هذا المقام؟ ألا تخجل وقد أبديت ما أبديت؟ وبأي حق تجرأت على الظهور بيننا بما أنت لست أهلا له؟...
لقد خبرتك جيدا وفقهت مكرك منذ زمن، فلا تنتقص ذكائي الذي لن تبلغ شأوه، ولتعلم أنك نكرة بالنسبة إلي، وأجزم بأنك غرس سام مدسوس في أرضنا، وطفيلي متهافت على زمرتنا، ولا أراك إلا أرذلنا بادي الرأي ...
أنزلوا عليهم آيات اللكز، واللكم، والصفع، والركل، ورفعوا من بينهم لغة الحوار والتخاطب باللسان، فحرص كل واحد منهم على أن يكون جوادا كريما في العمل بروح تلك الآيات، ولم يقصر كل منهم في إكرام أصحابه غاية الكرم ...
د. عبد الفتاح أفكوح -
أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com