بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي أم فراس أتمنى أن أفيدك وأفيد الجميع بجوابي على تساؤلك التالي: "هذا يدفعنا للبحث بجدية عما طرأ للشخصية الإنسانية تاريخيا من تعقيد وتغيير جوهري في التعامل والعلاقات وطريقة التفكير حتى التي تتطور باستمرار,او يمكننا ان ننتظر مما لديه ما يفيد في هذا المجال".
للأسف با أخت أم فراس ضَعُف إيمان الناس؛ ففقدوا القناعة، التي قيل عنها زمان "القناعة كنز لا يفنى"، فانتشر الطمع وحب الحياة ونسيان الآخرة والبذخ و..و..؛ فاختلفت المعايير وصار الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف هو السائد كما تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال( من علامات الساعة أنه سيأتي يوم على الناس لن يأمرون بالمعروف ولن ينهون عن المنكر، فاستغرب الصحابة: أويحدث هذا يارسول الله؟ قال والذي نفسي بيده أشد منه سيحدث، قال الصحابة مستغربين أهناك أشد من ألا يأمر الناس بالمعروف وينهون عن المنكر؟ قال: ليأمرن بالمنكر ولينهون عن المعروف، ثم ليسلطن الله عليهم فتنة تجعل الحليم حيراناً))!!!
الأمور جرَّتْ بعضها البعض، واتبع الناس خطوات الشيطان خطوة خطوة!! فبعد أن كان المقياس هو الشرع لكل عمل نقوم به صارت المنفعة والمصلحة الشخصية هي المقياس، مثلاً كان معيارالشرع يقول "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"؛ أي يؤثرون مصلحة الآخرين على أنفسهم، ولكنه صار الآن "اللهم إني أسألك نفسي"هو المعيار...
نبؤة أخرى تنبأ بها في هذا الخصوص: "سيأتي زمان على الناس يطالبون بحقوقهم ولايؤدون واجباتهم! قالوا وماذا نفعل نحن يارسول الله إن كنا في ذلك الزمان؟ قال تؤدون واجباتكم وتتركون حقوقكم لله".. فإن كان لدينا الإحساس بأننا نعمل واجباتنا أو صدقاتنا لله فلن نحزن على عدم تقدير الناس لمانفعله معهم من إحسان. قابَلَتْ إحدى السيدات إحساني لها بالنكران والإساءة، فما كان مني إلا أن قُلت لها: الحمد لله أنني كنت قد أحسنت إليك لوجه الله، لأنني لوكنت أحسنت إليك من أجل خاطرك لحزنت كثيراً!! لأن ما يضيع مع العبد لن يضيع مع الله ياأم فراس
بالله عليك ياأم فراس ألم تتحقق علامات الساعة تلك التي تكلم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
هل أنت معي كيف تطورت الأمور، ضعف الإيمان جراء ترك العبادات، الصلاة، الذكر، قراءة القرآن، التهجد في الليل... ألم يقل الله تعالى " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين".
لعل البعض يقول لكن هناك من الناس من يصلوا ويداومون على الذكر والمسبحة لاتنزل من يدهم، وحتى أن بعضهم يصلي الأوابين والضحى و..و.. ومع ذلك فهم ماديين أكثر من غيرهم من الناس!
هنا يكمن السر؛ هل كل صلاة تُقام مقبولة؟ هل الناس يصلون صلاتهم بخشوعها كما أمرهم الله، أم يذهبون إلى السيران ويتسوقون ويؤدون كثير من الأعمال وهم ساهون في الصلاة! ولايتنبهون إلا على كلمة السلام عليكم إيذاناً بانتهاء الصلاة!
الصلاة المقبولة لها شروطها التي لايعلمها كثير من المسلمين، سأقتطع من كتابي "نداء للجميع" المقطع التالي عن شروط الصلاة المقبولة:
الصلاة الصلاة ياعباد الله؛ فالصلاة هي صلتنا بالله وملجأنا إليه... الصلاة كما علمنا إياها رسول الله بركوعها وسجودها وإطمئناننا بها، فقد روى مسلم والبخاري حديثاً؛ ستقشعر له أبدان المسلمين من خوفهم أن تكون صلواتهم بحساب رسول الله غير مقبولة؛ ونص الحديث هو:
{ دخل رجل المسجد، فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ثم قال: ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ، ثم جاء إلى النبي فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ حتى فعل ثلاث مرات، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أُحسن غير هذا علمني. قال إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم إقرأ ماتيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساًثم إفعل ذلك في صلاتك كلها.} والإطمئنان هو بقاء الجسم على حال ثابت حتى تهدأ الجوارح وتسترخي، وتعود فقرات العامود الفقري في الظهر إلى وضعها الطبيعي. فلو سألنا:كم من المسلمين اليوم يؤدون الصلاة كما صلاها نبي الرحمة وصحابته وأهل بيته الأخيار؟ فلن نجد إلا القلة القليلة !!! ولوسألنا: كم من المسلمين اليوم يتفكرون أثناء الصلاة في كلمات الفاتحة وأنهم حين يقولون الله أكبر عليهم أن يستشعروا أن لاأحد أكبر من الله؛ فلن نجد إلا القلة القليلة أيضاً !!!
من أجل ذلك ضاعت منا السكينة والحب والطمأنينة والتواصل الحقيقي مع الله وبالتالي ضاعت فيما بيننا؛ لقد كان المسلمون الأوائل إذا كان أحدهم في الصلاة ورماه العدو بالسهم، فلا يحرك ساكناً لأنه في عالم آخر؛ عالم الروح والسكينة والطمأنينة؛ لذلك استطاع أسلافنا المحافظة فيما بينهم على ماأضعناه فيما بيننا؛ فبلغوا به منزلة ما وصاهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتمل إيمانهم:
{ والله لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحبه لنفسه} رواه مسلم والبخاري.
لذلك وبسبب أهمية الصلاة قال تعالى على لسان رسوله:
{أول ما يحاسب العبد يوم القيامة؛ يحاسب على صلاته! فإذا صلحت صلح سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله}!!!
إذن الصلاة الصلاة ياعباد الله، فهي الطريق الصحيح الذي يقربنا من الله، وهي التي ترأب الصدع العميق الذي بين المسلمين. ومع كل فوائد الصلاة هذه! فإن هناك شيئاً أكبر حتى من الصلاة نفسها ألا وهو ذكر الله:
[45 أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكرولذكر الله أكبروالله يعلم ما تصنعون*].
وذكر الله هو أن نذكره بعظمته وجلاله، وقوته وجبروته وكبريائه ورضاه وغضبه وعذابه، ونذكره في بيعنا وشرائنا، وفي صلتنا ببعضنا البعض، وفي كل أمور حياتنا، وفي خلوتنا مع أنفسنا، فحين نذكره هكذا، يصبح إسمه على ألسنتنا إسماً لحبيب نحب لقاءه ونسعى إليه، وهل هناك أجمل من رؤية ربنا يوم القيامة؟ يوم يُدخِل الله عباده الذين رضي عنه ورضوا عنه، جنات تجري من تحتها الأنهار ليخلدوا فيها أبداً، وليتمتعوا بحياة خالدة وبنعيم مقيم لايبغون عنه حولاً ولاهم منه مخرجون.
ضياع السكينة والحب والطمأنينة والتواصل الحقيقي مع الله؛ هو السبب وراء ضياع المعروف فيما بيننا.
لذلك فالطريقة الوحيدة لنخرج مما نحن فيه، هي أن نُصلح فيما بيينا وبين الله، ليصلح الله فيما بيننا.
أرجو يأختي أم فراس أن أكون أجبتك على سؤالك وأن تكوني قد استفدت مما ذكرته، فتُكْسِّبيني بذلك أجر من الله وثواب أنت وغيرك من قراء تلك الكلمات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منى ناظيف الراعي
هل أنت معي كيف تطورت الأمور، ضعف الإيمان جراء ترك العبادات، الصلاة، الذكر، قراءة القرآن، التهجد في الليل... ألم يقل الله تعالى " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين".
والله اكاد اتلمس ماتقولينه بالحرف الواحد استاذة منى اخشى ان اقول ان جيلنا تمارس عليه محاولات تهديم من الداخل واتمنى الا تنجح تماما فمهمة المربين باتت شاقة جدا واكثر
شكري لك يسبقني