أثارت فتوى جديدة أطلقها المفكر الاسلامى جمال البنا باباحة القبلات بين الشباب والفتيات فى الأماكن العامة جدلا واسعا فى الاوساط الدينية والعلمية في مصر. اتهمه بعض علماء الأزهر بنشر الفاحشة عن طريق هذه الفتوى وطالبوه بالتراجع عنها علنا.
وكان البنا قد أفتى في برنامج بقناة "الساعة" الفضائية بجواز تقبيل الشباب للفتيات معتبرا أن القبلات بين غير المتزوجين من الشباب والفتيات " من الضعف البشري وتدخل ضمن اللمم فى الاسلام، أى الذنوب الصغيرة التى تمحوها الحسنات".
وتمسك البنا بفتواه وقال لـ(العربية نت): علينا أن نعترف بالواقع الذى لا يمكن تجاهله فى هذا العصر وهو عدم قدرة كثيرين من الشباب والفتيات على الزواج في ظل المعروض من المؤثرات الخارجية التى تؤثر على الغريزة الجنسية التي غرسها الله في الانسان".
وأضاف: لا يجب أن نهون من هذه المشكلة، فلا يكلف الله نفسا الا وسعها، وهذا ليس معناه الدعوة الى الفساد. وتابع "للأسف الشديد دائما يتم تأويل ما أقوله والقاعدة عندى انه ليس كل محرم من ضرورى أن لا يفعله الانسان".
واستطرد البنا "أن تأخر سن الزواج وارتفاع تكاليفه وانتشار البطالة هو الذى يؤدى الى هذه الذنوب الصغيرة كالقبلات".
فتوى لنشر الفاحشة
لكن الشيخ جمال قطب من كبار علماء الازهر ورئيس لجنة الفتوى السابق حمل بشدة على جمال البنا وقال لـ(العربية نت) إن هذا الكلام يؤدى الى نشر الفاحشة والانفلات المجتمعى.
وأضاف "البنا تجاوز عمره الثمانين وليس متخصصا فى الفتوى، فلا يعتد بكلامه فى مفتوى باباحة التدخين للصائم ذهلت أيضا فهو بطبعه غير مدخن فكيف يفتى بهذا وهو يعلم حجم الاضرار من التدخين.
وتساءل قطب: كيف يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه، فهل بناء على هذه الفتوى التى اباح فيها القبلات يرضى ذلكثل هذه الامور لأنه غير مؤهل لها". وتابع قائلا: أعرفه منذ 30 عاما، وحينما أصدر لأحد من اسرته كأبنته مثلا. أعرف أنه ليس متزوجا وليس لديه بنات، لكني اسأله سؤالا اعتباريا.
وقال د.عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية لـ(العربية نت) ان هذا الرأى الذى طرحه البنا يتعارض حتى مع من لا دين لهم، فما بالنا بالمسلم الذى أمره الله بالحفاظ على العرض وصون الشرف.
ووصف الشيخ الفتوى بأنها "سخيفة ناهيك عن الحكم الدينى فهو - أى البنا - بهذه الفتوى ينشر الفاحشة ويشيع الرذيلة ين الشباب فى حين أن الاسلام أمرنا بالعفة".
مبررات اباحة القبلات
وأكد د عبدالفتاح الشيخ أن "المبررات التى ساقها البنا فى هذا الرأى مبررات واهية، فهو يتكلم عن الطبيعة البشرية والغريزة التى وضعها الله فى الانسان، ولكن هذه الغريزة و الطبيعة البشرية تحكمهما الشريعة والأوامر التى أمرنا الله بها، والنواهى التى نهانا عنها وإلا فما فائدة الدين فى حياتنا".
وقال "حين خلقنا الله فهو يعرف مكنون النفس الانسانية وسرها، لذلك هو الاقدر على كبح جماحها عن طريق الشريعة الاسلامية وأحكامها، ولم ينهنا الله عن أمر مثل الفاحشة، إلا لأنه يعلم أضرارها على الانسان".
وأضاف: كيف يبيح البنا القبلات بدعوى التنفيس عن الكبت، بينما يأمرنا الله بغض البصر فى قوله تعالى "قل للمؤمنين يغضو من أبصارهم ". مشيرا إلى أن اتخاذ أزمة الزواج مبررا لهذه الفتوى معناه اعطاء الضوء الأخضر لأن تصبح العلاقة بين الشاب والفتاة علاقة حميمية ومفتوحة مما يؤدى الى الفاحشة التى قد ينتج عنها الحمل على سبيل المثال، ومن ثم قد تختلط الانساب فى هذه ونصبح مجتمعا منفلتا لا ضوابط فيه".
وقال عبدالفتاح الشيخ: إذا سلمنا باعتبار البنا القبلات من قبيل اللمم الذى تمحوه الحسنات، فماذا نفعل لو تطور هذا اللمم الى الذنب الكبير، وهو ارتكاب جريمة الزنا وهو حتما سيتطور، ساعتها سنندم يوم لا ينفع الندم".
رد طبي على البنا
ولم يقتصر الجدل الرافض لفتوى البنا على الأراء الفقهية فقط بل عارضها د.عبدالهادى مصباح استاذ التحاليل الطبية والمناعة بجامعة القاهرة، وقام بكتابة رد علمي عليها مبينا خطورة ما تؤدي إليه القبلات الحميمية بين غير المتزوجين، باعتبارها تمهيد للعلاقة الجنسية الكاملة.
وقال د.مصباح إن القبلة تؤدي إلي الإثارة والهياج الجنسي، والإحساس بالقرب الحميمي، ولا يمكن اعتبارها مجرد تفريغ للكبت أو تنفيس، مشيرا إلى بحث نشرته مجلة «ساينتفيك أمريكان» عن تأثيرها على العلاقات الجنسية والزوجية، إذ أن هرمون "الأوكسيتوسين" الذي يطلق عليه هرمون الحب، والذي له علاقة وثيقة بالوصول إلي الذروة في العملية الجنسية، يرتفع مستواه بعد القبلة، بينما ينخفض هرمون «الكورتيزول» وهو هرمون الانفعال والتوتر.
وأضاف أن القبلة تحتوي علي أكبر عدد من المستقبلات الحسية التي تتمثل في الجزء الأكبر من مركز الإحساس في المخ، وتفرز سلسلة من الموصلات العصبية والكيميائية والهرمونية التي تنطلق من خلال الملامسة بالشفاه، فتؤدي إلي الإثارة والهياج الجنسي، والإحساس بالقرب الحميمي.
---------
المصدر : منتدى جريدة شروق الأدبي