أخي سعيد محمد الجندوبي مررتُ لمصافحة ألقك المتميز
مودتي الدائمة
أخي سعيد محمد الجندوبي مررتُ لمصافحة ألقك المتميز
مودتي الدائمة
العزيز الدكتور ابراهيم عوض
هذه هديّة جميلة منك، وأصدقك القول بأنني لم أطّلع قبل ترجمتي لهذه القصيدة الفرنسيّة الرّائعة على ترجمة عربيّة أخرى لها.. وهذا تقصير مني أعترف به!
سأنكبّ على دراستك العميقة لترجمة الزيات وسأنتظر بفارغ الصبر لفتتك البهيّة لترجمتي المتواضعة..
مع محبّتي وتقديري
سعيد محمد الجندوبي
الأستاذ الجندوبى الذى تعجبنى صورته المنشورة هنا جدا، ولا أدرى لماذا بالضبط، لكنها تعجبنى والسلام. وربما كان إعجابى بها لأنها تذكرنى ببعض الأصدقاء المصريين، أو لأننى أتوق إلى أن أرتدى بيريها كبيريهك الجميل وأنظر نظرة كنظرتك الطيبة، لكنى لا أفعل: قرأت ترجمتك وكتبت كلمة على عجل، وأرجو أن تقع منك موقعا غير سيئ، فأنا أعرف كم يعتز كل منا بما يفعل ولا يريد لأحد آخر أن يكون له رأى مختلف فيه. لكن من ناحية أخرى لم يدفعنى إلى الكتابة عن ترجمتك إلا تفاعلى معها وحبى، كما قلت، لصورتك هنا. وعلى كل حال فهى مجرد اجتهاد، وقد أكون أنا الملوم فيما اختلفنا فيه. أقول هذا، ورزقى ورزقك على الله. ولا تنس من فضلك أن تسلم لى باريس المتألقة رغم كل ما فعلتْه فى تونس والجزائر والمغرب، ومن قبل فى مصر. فهذا لا ينفى أنها رغم كل شىء أنيقة ومتألقة. أليس كذلك؟
أخي العزيز د. إبراهيم عوض
أشكرك على لطفك وحسن أخلاقك
أشكرك على اهتمامك بعملي وفي وقفتك المتأنيّة العالمة عليه، تشريف لي ما بعده تشريف.
بالنسبة للبيريه.. خلاص سأهديك مثله، بعد حصولي على عنوانك على الخاصّ.. وأرجو أن تقبل الهديّة المتواضعة كعربون صداقة وأخوّة وتعاون..
أمّا عن باريس فهي بحق مدينة ساحرة.. ولكنني تركتها بحثا عن الشمس وعن النسمات البحريّة التي داعبتني منذ رأيت النور.. فأنا اليوم أقيم في مدينة مونبيلييه في الجنوب من فرنسا.. Montpellier
لقد سعدت بحقّ بملاحظاتك حول نص الترجمة، فنظرت فيها بتمعن وأرجو أن أكون قد وفّقتُ إلى صياغة أجمل لهذه القصيدة الرائعة..
مع محبّتي وتقديري
سعيد محمد الجندوبي
فيما يلي نصّ الترجمة بعد مراجعة الدكتور إبراهيم عوض له:
البحيرة
شعر ألفونس دي لامارتين
نقلها إلى العربيّة
سعيد محمد الجندوبي
هكذا، يُلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة،
وفي الليل الأزليّ نُؤخذ بدون رجعة،
فهل بمقدورنا يوما، على سطح محيط الدهور
إلقاء المرساة ولو ليوم؟
ألا يا بحيرة! ها هو الحول قد دار
وعند الأمواج الحبيبة التيّ كانت من جديد ستراها،
أُنظري! ها أنا اليوم جئتُ وحيدا، لأجلس على تلك الصّخرة
الّتي طالما رأيتِها جالسة عليها!
كنتِ تهدرين هكذا تحت هذي الصخور الغائرة؛
هكذا كنتِ تتحطّمين على جُنوبها الممزّقة؛
هكذا كانت الريح تلقي بزبد أمواجك
على ساقيها المحبوبتين.
هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يجري بصمت؛
ولم يكن يصلنا من هناك.. من بعيد.. فوق الموج وتحت السماوات،
غير صخب المجدّفين، وهم يضربون بإيقاع،
أمواجك المتناغمة
ومن الساحل المفتون، علت فجأة بالأصداء
نَبَرات، لا عهد للأرض بها
فأنصت الموج، ومن الصوت الحبيب
تناثرت الكلمات:
أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات الخليلة
قفن!
لكي ننعم بأجمل أيّامنا
والنّعيم محكوم دوما بالزّوال!
كم من البؤساء في هذي الأرض يستجدونك
أطلق عنانك من أجلهم؛
خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
وانسَ السعداء
لكن، عبثا أسأل، من الوقت المزيد
يفلت الزمن منّي.. يفرّ؛
أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ والفجر
سوف يبدّد الدّجى.
فلنعشق إذًا! فلنعشق! وبالسّاعة الهاربة،
هيّا بنا ننعم!
ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
فعجلة الزمان تدور ونحن نمضي!
ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
عندما يسقينا الحب السعادةَ بدون حساب،
أن تَطيرَ بعيدا عنّا، بسرعةِ
أيّام الشّقاء؟
ماذا! ألن يكون بمقدورنا أن نستبقي منها الأثر؟
ماذا! ولّت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك السّاعات؟
هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي يمحيها،
أفَلن يعيدها لنا من جديد؟
أيّها الأزل، أيّها العدم، أيّها الماضي، أيّتها اللّجج السّحيقة،
ماذا ستفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات الكبرى
الّتي قد خطفتم؟
أيتها البحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
أنتنّ يا من يرعاكنّ الزمان.. بل قد يبعث فيكنّ الشباب،
احفظن من هذي اللّيلة.. احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
على الأقلّ، الذكرى!
لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخورك المتوحّشات،
المعلّقات فوق مياهك!
لتكن في هبّات نسماتك المرتعشة،
في لغط ضفافكِ وهي تردّده بالأصداء،
في ذاك النّجم، الفضيّ جبينه، ينشر ضياءه على سطحك
بلألئه الرّخو!
ولتقلِ الريح المتأوّهة، وليقل القصب المتنهّد،
وليقل شذى أريجكِ،
وليقل كلّ ما نسمع، وكلّ ما نرى، وكلّ ما نتنفّس،
ليقل كلّ الوجود: " لقد أحبّا"!