الأرومة العربية (14)
إريتريا
قبل أن نتكلم عن إريتريا، دعونا نستذكر نقطة مثيرة للتساؤل، وهي التقسيم الذي زرعته (الإسرائيليات) في أذهان المؤرخين العرب وحتى العالميين، وهو التقسيم الذي يجعل من البشرية أنهم أبناء (سام وحام ويافث) أبناء نوح عليه السلام !!
لا أدري ما هي المصادر التي جاء بها الطبري وابن كثير وغيرهما، التي تستند الى هذا الأمر، ونحن لا نُسلّم إلا بما أورده القرآن الكريم { حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل } [هود40]
في مصادر الإخباريين العرب، يجعلون هذا القليل (80) نفراً، والتساؤل هنا: أين ذرية هؤلاء (القليل)، وكيف لرجل واحد أن يكون له أولاد بألوان مختلفة؟
أوردنا هذا التقديم، لأنه في ذكر أنساب الأقوام التي نذكرها في موضوعنا (الأرومة العربية)، نجد من المؤرخين من يحاول تكييف سكان تلك الأقطار ليجعلهم بالقوة أنهم أبناء سام أو حام أو من نتاجيهما !! لكننا نبقى نستخدم ذلك بحذر...
رحم الله شيخ المؤرخين العرب (العلاّمة طه باقر)، عندما قال: لو كان عمر البشرية سنة (365 يوماً)، لكان ما تم توثيقه ساعة فقط! ...
فالعرب عندما توجهوا الى إفريقيا، كان بها ناس قبلهم، تعايشوا معهم وتصاهروا، وأنتجوا أجيالاً ليست صافية تماما، ولكن ذلك الانصهار كوّن ما نطلق عليه (الأرومة العربية) خصوصا إذا عدنا لما ذكره الدكتور الياس فرح في كتابه (المجتمع العربي): أن سكان الأرض كانوا (200 مليون) عند ميلاد المسيح عليه السلام، فإن سلمنا بتلك المعلومة، فإن العدد سيكون أقل من ذلك بكثير قبل ميلاد المسيح بأربعة آلاف سنة (أي منذ بداية تدوين التاريخ)...
[] [] []
إريتريا: بلد (عربي) يقع غرب البحر الأحمر وسواحله على البحر الأحمر طولها 1000كم، وسكانها حوالي 6 ملايين، ومساحتها حوالي 120ألف كم2، استقلت عن إثيوبيا عام 1991، ولم تنتسب للجامعة العربية ولكن لها صفة مراقب حالها حال تركيا والبرازيل!*1
[] شعب إريتريا:
بحكم موقع إريتريا الجغرافي، كانت مسرحا دائما لموجات متتالية من الهجرات البشرية المختلفة (سامية، حامية، زنجية، عربية، كوشية) فالشعب الإريتري مزيج من هذه التزاوجات التاريخية، تطغى على ثقافتهم وملامحهم السمات العربية*2
[] [] الأحباش:
لا يمكن الحديث عن إريتريا، دون ذكر الحبشة، فتاريخ الأحباش الذي يتفق عليه كثير من المؤرخين في العالم، بأن أناس من اليمن هاجروا الى الهضبة الإثيوبية واختلطوا بسكانها الأصليين من الكوشيين والزنوج، وكونهم أكثر تحضراً من السكان الأصليين باستعمالهم أدوات الزراعة والبناء والسلاح وغيرها، فقد تسيدوا تلك الأقوام وحكموها...
أما متى كان ذلك؟ فيعتقد من خلال فحص الحفريات أنه في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وقد عقب الهجرة الأولى هجرات متتالية وواسعة من اليمن، وكانت محطاتها الأولى في إريتيريا*3
أما لماذا سموا بالأحباش، فلأن الفوج الأول من المهاجرين كانوا من قبيلة (حبيشات) اليمنية، والذين أحضروا معهم لغتهم التي كانت سائدة ولا تزال حتى اليوم لغة (الجعيز) ومنهم من يقول أن أصل تلك اللغة يعود لقبيلة هاجرت مع (الحبيشات) هي قبيلة (الأجاعز)*4
يورد الأحباش قصتين عن حكمهم لإريتريا
الأولى: يرويها (هيلا سي لاسي) لصحفي بريطاني، أن جده (هيلاسي لاسي الأول) كان قبل المسيح عليه السلام ب (4530) سنة! وأن أعداد الأباطرة الذين حكموا الحبشة (312) إمبراطور، زوّد الصحفي بأسمائهم! *5
والرواية الثانية: أن بلقيس ملكة سبأ كانت عاصمة مملكتها تقع في أكسوم/ إريتريا،، فلما جاءت الى بيت المقدس، أفرد لها سليمان جناحا لتنام في قصره، شرط أن لا تلمس شيئا إلا بإذنه، فدس لها البهارات في طعامها، فقامت لتشرب فلمست (القلة)، فخالفت الشرط فأصابها فحملت منه ولداً,,, أصبح فيما بعد ملكاً لإريتريا، فنهب تابوت موسى وهرب به برفقته 40ألف من اليهود الذين أصبحوا فيما بعد (يهود الفلاشا)*6
عندما جاء الإسلام، حاول الرومان الاستعانة بالمحاربين الإريتيريين لكنهم منوا بالهزيمة فكانت بلادهم أول بلاد تدخل الإسلام من الحبشة وأكسوم
وفي إريتريا تياران تيار، لا يريد التقرب من العرب ويعتنق المسيحية، ويتزعمه (أسياس أفورقي) وتيار عروبي تم تشريد مناضليه، وتيار (أسياس أفورقي) يدعمه الكيان الصهيوني ويستأجر معظم جزر إريتريا في البحر الأحمر والبالغة 127 جزيرة*7
خاتمة:
لم ندرج إريتريا مع حلقة (القرن الإفريقي) لأهميتها .
..
المراجع:
*1ــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المجلد الأول صفحة 123
*2ــ تاريخ إريتريا المعاصر ــ أرضاً وشعباً/ محمد عثمان أبو بكر/ القاهرة/1994/صفحة14
*3ــ الأحباش بين مأرب وأكسوم/ ممتاز عارف/ بغداد 1975
*4ــ اليمن عبر التاريخ/ أحمد حسين شرف الدين/ مطبعة السنة المحمدية / القاهرة 1964 صفحة 70
*5ــ الأحباش بين مأرب وأكسوم/ صفحة 40
*6ــ المصدر السابق ص43
*7ـــ جذور الخلافات الإرتيرية وطرق معالجتها/ عثمان صالح سبي/ المكتبة الإرتيرية