الزملاء والزميلات الاكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ونحن نتواصل على المحبة والخير فاني استميحكم عذرا في تأخري بعض الشيء في الإجابة على أسئلتكم بسبب ظروف شرحتها للأستاذة الفاضلة ريمة ولا باس من طرحها عليكم للعلم وهي سفري خارج مدينتي إلى جامعات أخرى لإلقاء محاضرات وإجراء مناقشات علمية قد تأخذ من وقتي عشرة أيام وربما اقل أو أكثر حسب الظروف ..
ومع ذلك فاني سأستغل كل فرصة مناسبة للإجابة على جانب من الاسلئة وهاانا أجيب على احد أسئلة ومشوقا ومفيدا ومهما ولكل الاتجاهات ففي اعتقادي هناك أمور سأتطرق إليها ربما لأول مرة في حياتي .. والله من وراء القصد
مع محبتي واعتزازي بالجميع وأقول لهم صبرا علي وحلمكم أوسع واكبر بعون الله
وساتواصل مع اسئلة الاستاذة ريمة ..
العزيزة ريمة .. حياك الله ورعاك وسابدا بإجابتي على سؤالك حول رسالتي الحياتية والثقافية فأقول بعد الاتكال على الله ..
إن لكل إنسان في الوجود رسالة مقدر عليه أداؤها وهي تكليف رباني استنادا إلى قوله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وهنا لا يفهم أن العبادة هي الجانب الديني فقط بل كل ما يقوم به الإنسان هو نوع من أنواع العبادة ، فالعمل عبادة والعلم واكتساب المعرفة والتعليم والمرابطة في سبيل الله والوطن عبادة ، وكل مسعى خير في أمور الدين والدنيا والحياة هو عبادة ورسالة إنسانية شاملة .. وليست مقتصرة على نوع من البشر دون الآخر فالكل مكلف والكل له رسالة .. وهنا يبرز جانب التفاعل الإنساني الذي اعتبره ضروريا في أداء هذه الرسالة كي يتحقق التكامل في تبادل الرأي والمعرفة والبناء الفكري والثقافي والعلمي الإنساني وكل في إطار مسؤوليته الفردية والمجتمعية .. هكذا تؤسس مبادئ الحياة وتتطور وتنمو وتزدهر .. وهنا أشير إلى خصوصيتنا كعرب ومسلمين .. فأمامنا مهمات جسيمة يتطلب أداؤها كي تتحقق دورة الحياة العربية وتتطور إلى جانب الرسالة العالمية في كافة المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والحضارية كي لا نبقى متخلفين ونسابق الزمن للحاق بركب الحضارة العالمية التي سبقتنا سنين طويلة بعد أن كنا سادة العالم في العلوم والمعرفة والحضارة وطبعا لهذا التأخر والتخلف أسباب لسنا بصدد مناقشتها هنا ، إلى جانب توسيع دائرة المعرفة لإنساننا العربي كي يتحصن ويواجه التيارات الغربية والشرقية التي تحاول الهيمنة على الساحة الثقافية والعلمية والعالمية ومنها الساحة العربية والإسلامية وقد تؤثر على فئات مهمة من أبناء شعبنا العربي مما يتسبب في السقوط في الكمائن التي تنصبها هذه الثقافات المشبوهة والمسمومة لتحقيق أهدافها في نشر ثقافة الوجودية والإلحادية والإباحية مما يشكل خطرا كبيرا على شبابنا خاصة وعلى ثقافتنا العربية عامة وبالتالي إبعاد هؤلاء الشباب عن وسطهم وحضارتهم للإيمان بالفكر الغربي وبهرجته ومن ثم إضعاف الأمة ومحاولة تقطيع أوصالها ووحدتها في مجالات الفكر والثقافة والحضارة أكثر مما هي عليه الآن مع الآسف ، وهذا من الأهداف الإستراتيجية للأفكار الهدامة وهي الإيغال في إضعاف قيم شبابنا وزعزعة إيمانهم بها وإبعادهم عن دينهم وثقافتهم وتربيتهم العربية الصحيحة وما نشــــئوا وتربوا عليه من منهج تربوي وفكري سليم ، معنى ذلك أن الإنسان العربي بمقدار تحصنه الفكري والثقافي وتماسكه الاجتماعي ضد التيارات الفكرية الغربية والشرقية والصهيونية والماسونية وغيرها من الأفكار والنظريات والأيديولوجيات الهدامة وما تحمله من إغراءات مادية جذابة كالجنس والمخدرات ، بمقدار ما ينعكس هذا إيجابا على مجتمعنا العربي ، ويكون عنصرا فاعلا في رفد القوة الحضارية العربية بدماء جديدة محصنة مثقفة مؤمنة بمنهجها ولا يمكن اختراقها تحت مختلف المؤثرات مما سيساعد كثيرا على تقليص فجوة التخلف والانحسار عن ميدان الحضارة العالمية بقوة فكرية وثقافية وعلمية مضافة ، وبالطبع فان العكس صحيح ..
هذه هي المعاني الحقيقية والأهداف الإستراتيجية لرسالة الإنسان العربي وثقافته المتعددة الأوجه والمعرفة والمؤطرة بالفكر الإسلامي وهي بالتأكيد تحمل معاني الخير والمحبة والبناء السليم للإنسان والمجتمع العربي وهي في المحصلة من عناصر التقريب والتضامن العربي في محاولة لاستعادة العرب والمسلمين وحدتهم وحضارتهم ودورهم في الإنسانية ..
هذا هو أستاذتي ريمة ما افهمه من رسالة الإنسان العربي في هذه الحياة وهو ما ينطبق على كل منا بالتأكيد ..
وأنا وأنت والآخرون من أصحاب هذه الرسالة بالتأكيد ونسعى لأداء مهماتنا الفكرية والثقافية عبر مختلف وسائل التعبير والتثقيف والمعرفة سواء أكانت مسموعة أم مقروءة أو مرئية .. أما عن الشطر الثاني من سؤالك وهو حجم ما أنجزته من هذه الرسالة ، فأقول إن المدى الذي تحتله هذه الرسالة واسع جدا ولا ينتهي فهو مفتوح لان المعضلات كثيرة والتحديات التي تواجه امتنا خطيرة وكبيرة والصراع الفكري والحضاري ، الذي ارتضته بعض التيارات والاتجاهات الغربية والصهيونية والماسونية وما يتفرع عنهما من اتجاهات أخرى تحت مختلف المسميات والشعارات البراقة ، فهو اخذ بالتصاعد والتنوع واستحداث أساليب تحدٍ مبتكرة تجعل رسالة الإنسان العربي مفتوحة الصفحات تبعا لهذا التحدي ، وأنا العبد لله وان كنت قد أنجزت الشيء الكثير في هذا المجال والحمد لله لكنني ما زلت أتواصل في أداء المهمة تبعا لهذا التطور من الصراع ، رغم أني أؤمن بحوار الحضارات والأديان وأسعى قدر ما استطيع إلى تفعيل الكلمة والرأي في هذا الاتجاه شرط أن يتحقق التقارب والتوحد الفكري والثقافي والحضاري عند العرب والمسلمين وان يصلوا إلى قواسم مشتركة قوية وسليمة تجعلهم قادرين على مواجهة كل التحديات بقوة وصلابة ســـواء في مرحلة الصراع أم في مرحلة الحوار ..
أما لو أردت الاطلاع على نسبة الانجاز الذي حققته في حياتي من هذه الرسالة الحضارية وما أسعى لإكماله بعون الله فيمكن الرجوع إلى السيرة الذاتية التي أعدها الأستاذ الباحث إبراهيم خليل إبراهيم رعاه الله وحفظه وأكرمه ، وهي منشورة وفيها جانب من هذه النسبة ويمكن معرفة اتجاهات الانجاز ومدياته التي شملت مختلف الجوانب في السياسة والاجتماع والاقتصاد والأدب والثقافة والشؤون العسكرية تأليفا أو ترجمة عن اللغة العبرية التي قمت بترجمة ما لا يقل عن ستين كتابا من هذه اللغة إلى العربية ، عدا الكتب التي الفتها ونشرتها في حينه داخل العراق ولكن مع الأسف لم يتسن نشرها خارج العراق بسبب ظروف الحصار الظالم الذي كان مفروضا على العراق طيلة أكثر من 13 عاما والذي عاني منه العراقيون منه الكثير من الآلام والأحزان والماسي ..