السلام عليككم ورحمة الله وبركاته أخي ناجي (جريح فلسطين)
أسرانا النسيون لا لسنا ننساهم ومَنْ ينسى ضميره فأسرانا هم ضمير الأمة الأحياء المنسيون، هم وجعنا الأكثر ألماً لعجزنا عن فعل شيء لهم وهم يعانون أشد أنواع العذاب من عدو الله الأول وعدو الأمة المركزي ...
استجابة لدعوتك لي للمشاركة هنا أشارك بهذ المقدمة التي كتبتها لبحث عنهم بعنوان "المنسيون" منذ سنوات نشر في مجلة محكمة، وهي مشاركة متواضعة مني للتذكير بمعاناتهم التي نسأل الله تعالى لهم أن تنتهي:
المنسيون
مصطفى إنشاصي
ما أكثر المنسيون في هذه الأمة وفي الوطن الإسلامي الكبير، الذين يزداد عددهم ما ازدياد أزمات الأمة وهموم المواطنين، والأمة تعيش أزمة ازدياد وتصاعد في أزماتها كل يوم، ويكاد المنسيون في فلسطين وسجون الاختلال الصهيوني يكونوا الأكثر نسياناً على صعيد المنسيين في الأمة كلها، وإن كانت مفاوضات الإفراج عن الجندي الصهيوني الأسير عند بعض الفصائل الفلسطينية (جلعاد شاليط)، قد جدد الأمل عند بعضهم في أنه سيرى النور قريباً، وستتاح له فرصة تنسم فجر الحرية من جديد، إلا أنه سيبقى العدد الأكبر منهم ينتظر أسر جنود صهاينة جدد حتى يتمكن من والانعتاق من سجون البربرية الصهيونية، والتي سجلت الرقم الأسوأ في سوء معاملة السجناء في تاريخ العالم، وهي صاحبة الرقم الأول في مخالفتها لقوانين حقوق الإنسان في معظم منظمات حقوق الإنسان العالمية.
من لأسرى فلسطين؟
صحيح أن الجماهير الفلسطينية في الأراضي المحتلة كلها تعيش في سجن كبير يحرسه جنود العدو الصهيوني المدججين بالسلاح، بدء من بوابات الدخول والخروج (المعابر الحدودية) إلى/ من الأراضي المحتلة والعالم الخارجي، مروراً بمئات حواجز الفصل التي تعزل بين القرى والمدن الفلسطينية وبعضها البعض، انتهاء بالأسلاك الشائكة التي كان يضربها الاحتلال الصهيوني في مرحلة من مراحله حول أحياء سكنية فلسطينية داخل نفس المدينة ليفصل ويعزل تلك الأحياء عن بقية أحياء المدينة نفسها، وعن بعضها البعض. العالم أجمع يرى ويسمع عن معاناة الجماهير الفلسطينية في سجنها الكبير، وما تتلقاه من ألوان الظلم والبطش والهمجية والوحشية وسوء معاملة سلطات الاحتلال لها ولا يحرك ساكناً، ولكن أسرى وجناء ومعتقلي فلسطين سواء الذين يقبعون داخل السجون ذات الجدران الإسمنتية السميكة والعالية داخل المدن المحتلة عام 1948، أو أولئك الذين يحشدون داخل المعسكرات المحاطة بالأسلاك الشائكة، والنائية في الصحراء الملتهبة الحرارة بالنهار صيفاً، شديدة البرودة بالليل شتاء، لا يحميهم من حر الصيف ولا برد الشتاء فيها إلا سقف خيمة بالية، وكلاهما محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية، وفي الوقت نفسه لا هم مصنفون أسرى حرب ولا سجناء جنائيين؛ حتى يحصلون على حقوق هؤلاء أو أولئك، ويتمتعون بما يتمتع به أي سجين منهم. أولئك المعتقلون هم المنسيون الذين لا يسأل عنهم أحد، لا مؤسسات حقوق الإنسان ولا الصليب الأحمر ولا الجامعة العربية ولا حتى السلطة الفلسطينية في كثير من الأحيان على الرغم من أنهم جزء من مسيرة الثورة والنضال الفلسطيني، بمعنى أنهم هم جزء من القضية فها، وموضوع أساسي من موضوعات التفاوض مع سلطات الاحتلال، ومعلوم أنه لا يمكن أن يتم أي حل دون خروجهم من السجون والمعتقلات الصهيونية. هؤلاء المنسيون يعدون بالآلاف في سجون ومعتقلات سلطات الاحتلال، نحو إحدى عشر ألف أسير ومعتقل، من جميع فئات وشرائح وطبقات المجتمع الفلسطيني، منهم الصبية صغار السن، والشباب والرجال والشيوخ، ومنهم الفتيات القصر دون سن العشرين، والنساء الراشدات متزوجات وغير متزوجات، أرامل ومطلقات، ومع بعضهن أطفالهن الذين ولدنهم في السجون، منهم المدرس والطالب والموظف والعامل، منهم الأصحاء ومنهم المرضى، ومن المرضى من يعاني من الأمراض المزمنة والمستعصية على العلاج، وغالباً ما يحرمون من الحصول على الدواء المسكن للآلام والمهدئ للحالة الذي يمكنه أن يساعد على استمرار الحد الأدنى من الحياة بشكل طبيعي، ومنهم المصاب والجريح الذي يحتاج إلى استكمال العلاج وممنوع عليه ذلك.أضف إلى ذلك المعاملة اليومية لجميع المعتقلين من سوء المعاملة، والتعذيب والتنكيل والحرمان من أبسط الحقوق، وقلة الطعام بنوعيته وكميته مما يتسبب ف كثير من أمراض سوء التغذية، وكذلك نص كميات المياه الصالحة للشرب أو السماح لهم بالاغتسال والذهاب إلى دورات المياه لقاء الحاجة، وقلة الأغطية والمراتب للنوم، أو الخروج للتريض والتعرض للشمس استنشاق الهواء والحركة في الساحة، ومنع الزيارات عنهم وحرمانهم من رؤية أهلهم وأبنائهم، وعدم السماح لهم بإدخال ما يأتيهم من أطعمة وملابس من أهلهم لتعوضهم بعض الشيء عما ينقصهم، إلى الضغط والتكدس الهائل في عدد المسجونين سواء في الزنازين أو الغرف والخيام ...إلخ من صنوف وأشكال العذاب والتنكيل اليومي الذي تماره سلطات الاحتلال وإدارات السجون ضد المنسيين الذين لا يذكرهم ما رحم ربي. ناهيك عن عذاب ومعاناة أهلهم الذين لا يمح لهم بزياراتهم، ولا الاطمئنان عليهم، ولا إرسال أي شي لهم، فأيضاً أهلهم لا يقلون عنهم معاناة وحرمان ونسيان. إن كان البعض يرى عذراً لبعض الأنظمة العربية والإسلامية لأن تنسى معتقليها وأسراها في معتقل غوانتانامو الأمريكي في الجزر الكوبية، خوفاً من الاتهام بـ(الإرهاب) وإثارة نقمة السيد الأمريكي ضدها، أو لأنها ترى فيها فرصة لها للتخلص منهم لأنهم في نظرها يشكلون خطراً على استقرار أنظمتها، أو تريد أن تجعل منهم عبرة لكل من يفكر من مواطنيها أن يسير على نهجهم، إن كان يرى البعض لهم عذراً في أو بعض العذر في ذلكن فإن الأمر بالنسبة لأسرى ومعتقلي فلسطين يختلف، ولا عذر لهم في تقصيرهم أو إهمالهم لأن هؤلاء لا يختلف على حقهم في المقاومة والدفاع عن وطنهم وشرف الأمة اثنان، ولأن العدو الذي يسجنهم هو عدو الأمة جمعاء وليس عدوهم وحدهم، وعلى الأمة تقع مسئولية الشعور بهم والبحث عن سبل الإفراج عنهم وإطلاق سراحهم، وأضعف الإيمان توفير سبل الراحة والعلاج والمعاملة الحسنة واستيفاء حقوقهم كأسرى حرب إلى أن يتم الإفراج عنهم. وإن كان البعض من الأنظمة وبعض المؤسسات الحقوقية الغربية والجمعيات الخيرية يواسي نفسه ويقنعها بعدم التقصير، تجاه الجماهير الفلسطينية بما يقدمونه لهم من بعض الإمدادات الغذائية والأدوية والمساعدات الطبية وغيرها ذراً للرماد في العيون، ويعتبرونها مساعدات وتبرعات وليست جزء من الحقوق التي تقع على الأمة تاه الجماهير الفلسطينية، المدافعة عن أقصى الأمة وقدس أقداسها، أو قد يكتفي البعض بالشجب والاستنكار ضد ممارسات وسياسات سلطات الاحتلال من فترة لأخرى، نقول له إن ذلك لا يكفِ وأنه ليس معذوراً في تقصيره تجاه مأساة أهله في فلسطين، وخاصة أسراهم ومعتقليهم في سجون ومعتقلات سلطات الاحتلال، التي يلاقون فيها يومياً أبشع صور وأشكال الاضطهاد والتعذيب والإهانة والمس بالكرامة الإنسانية من جنود وسجاني الاحتلال. ذلك لأنه لو اعتبر العالم أجمع أن هؤلاء المناضلين الشرفاء الذين يمثلون خيرة شباب الأمة (إرهابيين)، فعلى الأنظمة والمؤسسات المعنية في وطننا ألا تعتبرهم كذلك، ولا تخشى من الدفاع عنهم وتقديم يد العون لهم، لأنهم مناضلين ومجاهدين في سبيل الحصول على حقوق الأمة، ودفاعاً عن أهلهم في فلسطين وفي سائر الوطن. فما بال هذه الأنظمة والعالم أجمع يعترف بهؤلاء الأسرى والمعتقلين أسرى حرب ومناضلين ومدافعين عن حقوق مشروعة، وتنطبق علهم جميع اتفاقيات جنيف الخاصة بأسرى الحرب، وجميع مؤسسات حقوق الإنسان أيضاً. وهذه بعض المعلومات عن أسرى وأسيرات فلسطين.