ما آلم العشّاق؟



"بين أركان الليل الرهيب - يذوب العشاق ألماً
وحسرة ،واحتراقاً ،ليس من أحد سواهم يحسّ بذلك
الضياع والفراغ والوحدة،ولا تزال الطبيعة بحسنها
المهرب إليها؛يرون فيها قداسة الحب،و الألم فيبثونها
شكواهم ،ونجواهم،و تبثهم شكواها،ونجواها" ...


ما آلمَ العُشّــــاقْ في نَشْـوةِ الأَحْـدَاقْ؟

النّاسُ قد هجَعــوا إلا ّصـدى أَشْــواقْ
***

والنّجـــم أدمــاه صَــدٌّ من البَـدرِ

والبدرُ كَـــمْ يُغري بالنّــور،و البِشْـرِ
***

ما زال يُســــليني ما أســـعدَ القلـبا

مَرْآهُ يُشْـــجِيني كالـدُّرّة الشّــــهبا
***

قد جـاءَ يرعَـاني مِنْ فَيـضِ أَلحَــاني

أتُراه يهـــواني؟ فاللّيـلُ أشْقَــــاني
***

َأقْبلْ إلى رحْـــبٍ فـي مَجْلسي وَحْـدي

نَتَجـاذَبُ الذّكْــرى قُضُــبَاً من الـوَردِ
***
نســتلهم الآتــي هل يمـنحُ السّـلوى؟

نَسْــتَنزِفُ النّجـوى جُرْحـاً من الشّكوى
***

في البـدرِ أسْــرارٌ لمّـا دَنَــا مِنـّي

والخـدّ أعمـــارٌ مَـرّت عـلى ظَنـّي
***

قد ضعتُ بين النّاسْ إنّي سَئِمتُ النّــاسْ

كَمْ أَعْرضُوا عنـّي يا وارفَ الإحسـاسْ!
***

إنّي مهَـدتُ لهـم شُــطْآنَ من نُـوري

عَزَفـتْ على رَمْلي ألحـانَ مكسُــورِ
***

سأغيبُ عن دُنيـا ،الظّلمُ يكسُـــوها

وأَســيرُ في سٌبـُلٍ لا النّـاسُ تخطُوها
***

في جنّةِ المجهــولْ أحيَــا عـلى أُفْق ِ

كالبُلبــلِ المَسْـحُورْ يخــتالُ في رِفْق ِ
***

لا تشـتكي بَعْــدي يـا ظلّيَ المذعـورْ

إنْ ضجّـتِ النّجـوى بالحـالمِ المَأْسُـورْ
***

قد راحتِ الأزمـانْ بالنّــورِ إذ خَــفَقا

واستخلب اليقظــانْ شـبحٌ طـوى الأُفْقا
***

لم يرتوي سـعدي في عـالم البُـؤْسِ

يا قلبُ،هل يُنسـى نفْــحٌ من الأُنْــسِ؟
***

مسْــتحكمٌ هَولي في غــضِّ أجـفاني

فالليــلُ أَعْمــاني ،واللّيـــلُ أبكاني
***

حتّى إذا راحــتْ تســتصبرُ الصّـبرا

رِِيعَــتْ مدامعُها بالنّـورِ مُنْتشِـــرا
***

فنزعتُ شُــباكي ،وأطرتُ أحـــدَاقي

بُشْــراكَ يا قلبـي ،قد حـنّ مُشــتاقي
***

يا شَـاعري،عـوداً أســتعذبُ الأجراسْ

والدّهْــرُ قد يأسـو بينـي،وبين النّــاسْ
***

منحــاً لأنفــاسٍ مـا جـفّ من آهاتْ

يا واهبـاً شِــعْراً ،يسـتَسْكِبُ العَبَراتْ
***

لا عشــتُ مُنْطَـفئاً ،والنــّورُ أعصابي

سأطــوفُ مُلتـهِـبَاً ،والعــزمُ أثوابــي
***

لن تمحــقَ الأيـّامْ قِدمــي ،وآثَـاري

وجـلالَةً للنّـــورْ ،وحَنيــنَ أوتَـاري


مجدي يوسف