منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 50

العرض المتطور

  1. #1
    الخيـــــــوط
    (إلى محمد جبريل)

    شعر: حسين علي محمد
    ..............................

    (1)
    كان ترامُ مدينتنا يمشي في الليلِ بطيئاً يتثاقلُ كالسيدةِ الحاملِ، وجباهُ الخلقِ تغوصُ ببحرِ العرقِ اللزجِ، وأجسادُ النسوةِ تلتصقُ، وتختلِطُ روائحُها: رائحةُ الإبِطِ، وكولونيا باريسَ، وعطرُ المرأةِ، وأنا ..
    ألصقُ صدري في صدرِ امرأةٍ، فتُعنِّفني عينا رجلٍ ممصوصٍ، ويبسمل، ويحوقلُ، وعلى السلمِ رجلٌ يُرقصُ قرْدتَهُ، ويُغني ـ واللحنُ ذبيحٌ في الحلْقِ ـ
    :"أتعرفُ من نحنُ ؟ لقد كنا في يومٍ ساداتِ العالمِ، كنا في يومٍ من فجرِ البشريةِ نعبرُ هذا البحرَ الأحمرَ، نبني الأهراماتِ ونحمي الأديانَ، نُقيمُ الصلواتِ، وكم أعطينا ! .. من أورثني هذا الفقرَ .. وهذا الذلَّ .. فسالَ دمي .. وبدون ثمنْ!"

    "في طُرقاتِ الأحجارِ الصلدةِ أمشي
    وتفيضُ الأرضُ جفافاً
    جوعاً
    قهراً
    خوفاً
    وتفيضُ الأرضُ وتمنحُ مغتصبيها
    قمحاً
    ونبيذاً
    وجسوماً غضَّهْ
    وعطوراً باريسيَّهْ
    ونهوداً من مرمرْ
    منْ يمسحُ عنِّي قهري؟
    منْ يمنحني لحظةَ دفءٍ وسعادهْ؟
    والدميةُ تلهو في صدري، وتُحدِّثني ..
    عاشتْ عمراً بالطولِ وبالعرضِ،
    وفاضتْ لحظاتي
    قهراً
    خوفاً
    جُبناً
    أبعدْتُ الوجْهَ (فهذا وجْهٌ منْ صلصالٍ
    يختلطُ الشعرُ / الموجُ بصدرِ الرجلِ الأصلعِ
    يبسمُ منتَشِياً، فتتمتِمُ
    "وجدوني وقتَ بزوغِ الفجرْ
    لما مزَّقَ ضوءُ القمرِ الشاحبِ أرديةَ الظُّلمهْ
    في ذيلِ الشهرِ)، مفاجأةٌ تحتَ الحائطِ
    (وجدوني حيا أتكلَّمُ،
    وعروسٌ من صلصالٍ في حضنيَّ)
    كنا نفترشُ الرملَ، ونضحكُ
    والعينانِ تروغانْ
    والوجهُ الأبيضُ مصبوغٌ بالحمرةِ
    والنهدُ المكسورُ يُحاورُني
    (من جعلَ الأرضَ الخصبةَ لا تُعطي غيرَ الأطفالِ الجوفْ؟)

    (2)
    وَمَضَ البرقُ الليلةَ
    فابتلَعَ الضوْءُ تُرامَ مدينتِنا الأملسَ
    وتعرَّى جسدي المنخورُ
    وكانتْ ساقي المبتورةُ تتدحرجُ قُدَّامي
    والنسوةُ يجرينَ ويهبطْنَ، ويبسمْنَ
    وساقي مبتورهْ
    أرفعُ رأسي للنورِ، وأضحكُ
    أصنعُ منْ نغمي قُدْساً
    (كيفَ سألحقُ بالفاتنةِ) وأرقُصُ
    يتشرنقُ هذا الجمعُ
    وقُدامي تمثالٌ آخرُ من صلصالٍ
    ينحسرُ الثوبْ

    حرسُ الجامعةِ الليلةَ
    أخرجَ أسلحةً ما كانتْ تخرجُ
    فتدفَّقَ نهدا "سلوى" باللبنِ
    وشرِبَ الجمعُ
    انكبَّ الشرطيُّ على النهدِ المتكلِّمِ
    أخرسهُ بالسونكيِّ،
    وظلَّ يُطاردُ "سلوى"
    برصاصاتٍ في الجِيدِ
    وسونْكيٍّ في الصَّدْرْ

    (3)
    اختفتِ الفرحةُ منْ وجهي
    بعد ثَوانٍ منحوني ديناراتٍ نفطيَّهْ
    عُدتُ أُغنِّي للشرطيِّ بصوتٍ يتسربلُ في الفرْحِ اللونيِّ،
    ويملؤ هذي الحافلةَ المكتنزةَ باللحمِ البشريِّ

    وكان رصاصٌ أرعنُ ..
    يقتُلُ هذا الفرحَ المرسومَ على الأوجهِ
    فتراني أصرخُ في صوتٍ يتلوَّنُ بالوطنيَّةِ:
    كُفُّوا
    حتى يستمتعَ كلٌّ منكمْ بِغنائي!!

    ديرب نجم 9/5/1978

    </i>

  2. #2
    روائي بالبراشوت!

    بقلم: محمد جبريل
    .....................

    في زمن تتصور فيه الماعز أن لها صوتاً مطرباً. ولا يحاول من يعاني لحمية الأنف أن يعالج نفسه قبل أن يكتسب صفة المغني. ويتحول البهلوان إلي نجم سينمائي تدين له أدوار البطولة. ويتصدي لقضايا الدنيا والآخرة صاحب المعرفة الدينية التي لا تزيد عن قصار السور..
    في هذا الزمن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل. والصحيح بالزائف. لا يبدو مستغرباً أن يهبط علينا بالبراشوت من لا نعرفه. فيقدم نفسه باعتباره روائياً يستحق المكانة الأهم بين المبدعين الحقيقيين!
    أين كان؟ لا أحد يدري! أما لماذا فاجأنا بظهوره. فالسر كما تري في ظاهرة السداح مداح التي نواجه أسوأ سلبياتها.
    طالعتنا المجلة الثقافية العربية بحوار مطول مع هذا "الروائي" وأضع الصفة بين مزدوجتين فزكي نفسه بما يرفضه احتراماً للنفس أديباً في مكانة الشاروني أو بهاء طاهر والشيخ ومطر وشوشة وصنع الله وأبوسنة وفياض وغيرهم من رموزنا المبدعة.
    ظني أن "الروائي" هو الذي كتب الأسئلة والأجوبة مع تقديري لمن وضع اسمه في نهاية الحوار فأجري تقييماً للأجيال المختلفة. وأطلق الأحكام الغريبة والمتعسفة. ثم وضع نفسه في موضع الصدارة!
    سألت عدداً كبيراً من الأصدقاء إن كانوا يعرفون هذا الروائي المفاجأة. فأجابوا بالنفي. وأنهم لم يقرءوا شيئاً من إبداعات الروائي الهابط بالبراشوت. حتي الصفة الموازية التي قدم بها نفسه. وهي الأستاذية في الجامعة. لم نتعرف إليه فيها. من خلال متابعات للحياة الأكاديمية. ولحياتنا الثقافية والإبداعية بعامة.
    إنه روائي مهم من اللحظة التي قرر فيها أن يهب نفسه هذه الصفة. وهي لحظة تجاوز فيها بلا مبرر موضوعي مئات المبدعين الذين يمتلكون الموهبة. ويعانون التعبير والتوصيل.
    اختار كاتب الحوار أن يبدأ من حيث انتهي الآخرون. أو من حيث آخر محاولاتهم. ودس نفسه بين مبدعين حقيقيين من حقهم بإبداعات قرأناها لهم أن يطمئنوا إلي مكانتهم في إبداعنا العربي.
    ذكرني الحوار الذي اختار صاحبه لنشره مجلة عربية محترمة. بحكاية أشعب والأولاد حين ضايقوه بمعاكساتهم. فحدثهم عن حفل قريب. وبعد أن جري الأولاد ناحية موضع الحفل. قال أشعب لنفسه: ربما هناك حفل بالفعل. ومضي وراء الأولاد!
    لكن حياتنا الثقافية المصرية رغم كل سلبياتها تحفل بالمبدعين والنقاد والقراء المتابعين الذين يجيدون التعرف إلي تكوينات الصورة. وما عرفته بإلحاح السؤال أن أديبنا المجهول لا مكان له حتي خارج إطار الصورة.
    ...............................
    *المساء ـ في 9/8/2008م.

  3. #3
    الرواية مرآة المجتمع

    بقلم: محمد جبريل
    .......................

    العمل الفني -في تقدير كورييه- وثيقة اجتماعية. والرواية- كما يصفها بيرسي لوبوك "صورة للحياة" وهي في تقدير ارنست بيكر "تفسير للحياة الإنسانية من خلال سرد قصصي نثري" وهي -كما يقول ستاندال- "مرآة تسير في الشوارع".
    وهي -في بعض التعريفات- انعكاس مدرك وواع للواقع الموضوعي والروائي -في وصف الأرجنتيني ارنستو ساياتو" رجل سياسة فهو يعكس الوجدان العام وهذه هي السياسة" ويقول جراهام هو: "إن أي نقد للرواية يهمل روابطها بالواقع التاريخي هو نقد يزيف القيم الحقيقية للرواية. هو نقد يفرغ ما يجب أن يكون ملآن" بل إن ميشيل بوتور- وهو من رواد الرواية الجديدة- يري أن "الرواية هي أداة بحث". وهو رأي -كما تري- إلى جانب اجتماعية الرواية. وليس ضدها ومع أن ماريو فارجاس يوسا معجب بالإبداعات المحلقة في الفانتازيا لبورخيس فإنه لم يجد في عالم بورخيس انفصالا عن الحياة أو عن السلوكيات اليومية ويؤكد يوسا أنه ما من عمل قصصي أدار ظهره إلي الحياة. أو كان عاجزا عن إلقاء الضوء علي الحياة قد حقق البقاء مطلقا بل إن التجديد في التقنية والأسلوب لا يعني إهمال البعد الاجتماعي في الفن حتي الواقعية السحرية التي تزخر بالغرائبية. ليس فيها سطر واحد ـ علي حد تعبير جارثيا ماركيث ـ غير قائم علي أساس من الواقع إن إبداعات ماركيث ويوسا واراجيدس وفوينتيس وبورخيس وغيرهم تعري الواقع السياسي والاجتماعي الذي تحياه بلادهم بالإضافة إلي الأزمات التي يعانيها العالم جميعا أما القول بأن البعد الاجتماعي للأدب قد أصبح في ضوء النظريات النقدية الحديثة -علي هامش الفكر النقدي. وأن الرواية الاجتماعية الواقعية ـ تحديدا ـ فقدت ملامحها بسبب تيار الحداثة. ففقد الأدب قراءه بالتالي. فهو يحتاج إلي مراجعة وإذا كانت الرواية ـ في تقدير الكثير من المبدعين والنقاد المحدثين ـ بناء اختلاقيا. إبداعا. وليس مجرد مرآة تعكس صورة الواقع فإن ذلك لا يلغي أن الفترات- منذ ظهور الرواية كنوع أدبي. والقصة القصيرة كنوع آخر تال للرواية ـ ينطبق عليها- إلي حد بعيد- مقولة "الرواية مرآة المجتمع". نحن نجد تطبيقا لذلك في أعمال الواقعيين الطبيعيين. وكتاب الواقعية باختلاف مراحلها. والأمثلة لا تعوزنا وبتعبير محدد فإن القول بأن البناء الروائي ليس مجرد مرآة تعكس صورة الواقع لا ينسحب علي تاريخ الرواية في إطلاقه لا ينسحب علي تاريخ الرواية جميعا بل إنه علي الرغم من أن التيارات الأدبية والنقدية الحديثة تري أن غرض الرواية ليس وصف المجتمع فإن الأدب- كما تذهب تلك التيارات- "أصبح في بعض الحالات. التعبير الحقيقي الوحيد فعلا. إن لم يكن المباشر عن مشكلات المجتمع الملحة".
    .....................................
    *المساء ـ في 16/8/2008م.

    </i>

  4. #4
    مولد نجيب محفوظ

    بقلم: محمد جبريل
    .....................

    في كتابي "نجيب محفوظ.. صداقة جيلين" أشرت إلي خطأ فرضته النقلية في حياتنا عن الرواية الأولي لمحفوظ في مرحلة الواقعية الطبيعية الاجتهادات النقلية هل تستحق صفة الاجتهادات؟! تري أن "القاهرة الجديدة" هي الرواية الأولي. ثم تأتي "خان الخليلي" وبقية الروايات والحقيقة أن "القاهرة الجديدة" هي الأسبق في روايات الواقعية الطبيعية لمحفوظ تلت رواياته الثلاث التي وظفت التاريخ الفرعوني.
    كان فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل إشارة البدء ليكتب عنه كل من جعل الكتابة حرفته أو هوايته قرأنا ما نعرف وما لا نعرف عن أدب محفوظ وحياته ما ينتسب إلي الحقيقة وما اخترعه خيال الكاتب ثمة من قرأوا لنجيب محفوظ أعماله الأولي وأعجبوا بها وعرفوا مدى خطورة الفنان وثمة من أقدموا علي الكتابة لمجرد المشاركة في "المولد"!
    طالعتنا كتابات تتحدث عن "القاهرة القديمة" باعتبارها الرواية الأولي لمحفوظ في مرحلة توظيف التاريخ الفرعوني و"القاهرة القديمة" كما تعلم ترجمة لدراسة قصيرة عن مصر الفرعونية وتحدث كاتب عن إعجابه برواية محفوظ "نور الصباح" ولم تصدر للرجل رواية بهذا الاسم وخلط البعض بين "أولاد حارتنا" و"حكايات حارتنا". ولأن بعض دور النشر الأجنبية ترجمت رواية "أولاد حارتنا" باسم "أولاد الجبلاوي" فقد كتب غالبية المترجمين الصحفيين اسم الرواية الأجنبي. وغاب عنهم الاسم العربي الصحيح للرواية..
    والأمثلة كثيرة..
    مناسبة هذه الكلمات ما قرأته هذا الأسبوع في زميله صباحية عن "القاهرة الجديدة". وأن الاسم الذي اختاره لها الفنان عند كتابتها هو "فضيحة في القاهرة". ولأسباب رقابية كما قال كاتب المقال استبدل بالاسم "القاهرة الجديدة". والواقع أن العكس هو الصحيح. فلا أسباب رقابية ولا يحزنون. إنما هي أسباب تخص يوسف السباعي المشرف علي الكتاب الذهبي آنذاك والذي وجد أن اسم "فضيحة في القاهرة" قد يكون أكثر تشويقاً!
    وإذا كان تحويل صلاح أبوسيف اسم رواية محفوظ إلي "القاهرة 30" شأناً يخص أبوسيف باعتبار أن العمل الأدبي وحده هو مسئولية الروائي. فإن تحويل الاسم في الكتاب إلي "فضيحة في القاهرة" خطأ شارك فيه محفوظ بالموافقة. لأن عنوان العمل الأدبي شأن المؤلف وليس شأن الناشر. ولم يكن محفوظ في حاجة إلي التغاضي، أو صمت المجاملة. لأن مكانته الروائية كانت قد ترسخت بصدور الثلاثية. ثم بالانتشار الكاسح لزقاق المدق في طبعة الكتاب الذهبي.
    سئل نجيب محفوظ في حوار صحفي: ما السؤال الذي لم يوجه إليك. قال محفوظ: هذا السؤال!.
    والحق أن الصحف نشرت للرجل قبل نوبل وبعدها آلاف الحوارات وكتبت عنه آلاف الدراسات والمقالات. وصدرت مئات الكتب. مع ذلك فإن النقلية مرض يكاد يكون متوطناً في حياتنا الثقافية. وغالباً فإن المعلومة غير الصحيحة. تجد من يعتمد عليها. لمجرد الاستسهال. ودون تدبر لما قد ينطوي عليه هذا التصرف من نتائج سلبية!
    ..............................
    *المساء ـ في 30/8/2008م.


    </i>

  5. #5
    مبدعون نقاد

    بقلم: محمد جبريل
    .........................

    حدثني الصديق الدكتور عبدالمجيد زراقط رئيس قسم الأدب العربي بالجامعة اللبنانية عن المؤتمر الذي تعد له الجامعة بعنوان "مبدعون نقاد". وهو عن المبدعين الذين يحاولون الكتابة النقدية. وبالطبع فإن العكس صحيح. بمعني أن العديد من النقاد حاولوا الكتابة الإبداعية: لويس عوض. وأحمد شمس الدين الحجاجي. وماهر شفيق فريد وصلاح الدين بوجاه وغالي شكري. وحسين علي محمد ومحمد قطب وجمال التلاوي وصبري حافظ وحامد أبوأحمد. وسمير عبدالسلام. وصبري قنديل وأمجد ريان وغيرهم.
    رأيي أن المبدع لابد أن يماهي الناقد في اكتمال العملية الإبداعية. فهو -فور أن يضع نقطة الختام لعمل ما. قصة أو رواية أو مسرحية أو أية كتابة إبداعية- يلجأ إلي الناقد في داخله. يفيد من ثقافته وخبراته وفهمه لخصائص العمل الفني. يضيف. ويحذف. ويبدل. ويحور. بما يمتلكه الناقد من قدرات جمالية وعلمية وموضوعية. خطوة تالية لما تمليه عفوية الإبداع.
    أعرف أصدقاء يعيدون كتابة العمل الإبداعي مرات. ربما تبلغ العشر. في كل إعادة يقرأ الكاتب بعيني الناقد. لا ينقل الكلمات كما هي. لكنه يجري ما تحتاج إليه من "رتوش" -هذا هو التعبير الذي يحضرني- بهدف إثراء جماليات العمل الإبداعي.
    وكان همنجواي بترك -آخر الليل- ما كتبه علي الآلة الكاتبة "لم يكن الكمبيوتر قد ظهر في حياة الأدباء بعد" ويعود إلي قراءته في الصباح. ليست الفقرات الأخيرة وحدها. وإنما كل ما كتبه منذ الحرف الأول. والكلمة الأولي. والجملة الأولي. يطمئن إلي خلو السرد من أية نتوءات أو فجوات.
    وأكد بلزاك أنه كان يعيد قراءة العمل بعد أن يتمه. ربما صادف في اليوم الثالث زيادة حرف واو العطف. ثم يعيده عقب الأيام الثلاثة التالية. قول لا يخلو من مبالغة. وإن كان المعني ضرورة المراجعة والتقويم والغربلة. والحرص علي جماليات العمل في ترامي آفاقه.
    الأمثلة كثيرة. لكن السؤال الذي أتصور أنه سيفرض نفسه علي جلسات المؤتمر المرتقب: ما مدي إفادة الناقد من دراسته للعملية الإبداعية. مقابلاً لإفادة المبدع من فهمه لنظريات النقد.
    حصلت علي جائزة الدولة في النقد. وكتب عبدالعال الحمامصي عن الروائي الذي فاز بجائزة النقد. لكنني أعتبر المجال الحقيقي للكاتب هو ما تطمئن إليه موهبته. قد يتطرق إلي مجالات أخري. وربما أجاد التعبير فيها. لكنه يظل حريصاً علي السير في اتجاه تأكيد المعني الذي أهلته له موهبته وقدراته.
    لعلي أشير إلي صلاح عبدالصبور: كتب القصيدة المفردة والمسرحية الشعرية. والترجمة والسيرة الذاتية وغيرها من مجالات الأدب. لكن المسرحية الشعرية هي الملمح الذي يبين عن نفسه دوماً. فهي الإبداع الذي اختار له عبدالصبور الأولوية في مشروعه الأدبي.
    ...........................................
    *المساء ـ في 7/3/2009م.

  6. #6
    محمد جبريل: مصر التي في خاطره

    بقلم: د.ماهر شفيق فريد
    ..............................

    "محمد جبريل: مصر التى فى خاطره" (سلسلة أصوات معاصرة 2002) لمؤلفه الصحفى الشاعر حسن حامد؛ من أحدث الدراسات التى تضاف إلى المكتبة العربية عن روائى وقاص وناقد وصحفى أصبحت أعماله الإبداعية –مثل "إمام آخر الزمان"، و"من أوراق أبى الطيب المتنبى" و"رباعية بحرى" و"قلعة الجبل"، من كلاسيكيات الرواية العربية فى مصر، كما تميزت مجموعات قصصه القصيرة باتساع رقعة خبراتها الحياتية وتنوع تجاريبها الشكلية، وشكلت دراساته النقدية والأدبية "مصر فى قصص كتابها المعاصرين"، وكتبه عن محفوظ والسحار وآباء الستينيات، لوحة بانورامية لقطاع ليس بالصغير من تطور فن القص –رواية وقصصا قصيرة- فى بلادنا، كما مثل حضوره الصحفى الأسبوعى، مشرفا على صفحة "قضايا أدبية" بجريدة المساء، قدوة أخلاقية وإبداعية فى الصحافة الأدبية الراقية، ونزاهة الضمير، والترفع عن الصغائر، والترحيب بالأجيال الجديدة من الكتاب، والتوجيه القائم على تجربة أدبية عميقة ودراية بفنون القص ومتابعة دؤوب للجديد فى الأدب العربى والأجنبى.
    كتب حسن حامد هذا الكتاب عن محمد جبريل من منطلق التقدير لإنجازه الأدبى والمحبة لشمائله الإنسانية، فليست هذه دراسة نقدية فحسب (ولو أنها تتضمن بعض نظرات نقدية صائبة وتحليلا تقنيا بارعا لبعض أقاصيص جبريل: "انعكاسات الأيام العصيبة"، "المستحيل" إلخ..) وإنما هى أيضا صورة لإنسان تتخذ محورا لها حب جبيرل لوطنه، وترى فى عشقه لمصر –بأناسها وتاريخها ومدنها وقراها وصحاريها وبحارها وجمالها وعيوبها أيضا- الجذر الإبداعى الذى تصدر عنه كل كتاباته.
    ولد جبريل فى 1938 وهو عام شهد أحداثا كان لها أثرها فى حياة الوطن: ففى ذلك العام –يقول حسن حامد- انتقلت القوات البريطانية من القاهرة والإسكندرية إلى القناة، وتخرج جمال عبد الناصر وأغلب زملائه من الضباط الأحرار فى الكلية الحربية، واستعدت مصر لمواجهة الحرب العالمية التى بدت نذرها فى الأفق، وخرجت إلى الشوارع مظاهرات تهتف بحياة زعيم الوفد وتتهم محمد محمود بمحاولة اغتياله، وأعلن عن تأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال المملكة المصرية، وارتفع فيضان النيل إلى حد الخطر، وأصدر طه حسين كتابه العلامة "مستقبل الثقافة فى مصر" وأذاع عدد من الفنانين والكتاب الطليعيين المصريين –متأثرين بسريالية أندريه بريتون- مانفستو "يحيا الفن المنحط". كانت فترة غليان سياسى وجيشان اجتماعى واختمارات فكرية وإبداعية.
    فى هذا الجو ولد محمد جبريل فى الإسكندرية وتشرب خصائص بيئته وتلاقت مؤثرات الوراثة والطبقة والنشأة والتربية والتعليم لتصنع منه هذا الروائى الذى يعده حسن حامد بحق روائى الإسكندرية الأكبر. ويوضح حامد كيف تشكلت ذائقته عبر السنين من جراء التفاعل مع البيئة، ومع التراث الشعبى، ومع الإطلاع على آداب الغرب وفنونه وعلومه، ومع الأدب العربى من امرئ القيس إلى يومنا هذا، ومع الموروث الدينى والصوفى، فضلا عن تجاربه الشخصية فى العمل والعلاقات الخاصة والكتابة والصحافة.
    ويوضح حسن حامد كيف أن ثالوث الحق والخير والجمال كان بمثابة النجم الهادى والبوصلة الموجهة لمسار جبريل منذ أصدر كتابه الأول المطبوع وهو فتى يافع فى الخامسة عشرة أو نحو ذلك. وقد ظلت هذه الأقانيم تقع من ضميره ووجدانه موقع المركز فيما أعقب ذلك من أعوام، وتدعمت بالقدوات الأخلاقية التى التقى بها واحترمها وأحبها (محفوظ، حقى، إلخ..) فالسلوك الإنسانى لا ينفصل عند جبريل عن النزاهة الفنية، إذ أن الكاتب مواطن وإنسان قبل أن يكون مشتغلا بمهنة الكتابة.
    ويرى حسن حامد فى تردد كلمة مصر فى عناوين كتب جبريل ("مصر من يريدها بسوء"، "مصر المكان"، "مصر فى قصص كتابها المعاصرين"، "قراءة فى شخصيات مصرية") مؤشرا إلى هذا التعلق العميق بالوطن، هذه النواة الثابتة فى قلب المتغيرات، ومن ثم كان بروز بعد المقاومة فى أدب جبريل إزاء القهر الداخلى والخارجى على السواء، ورفضه العنيد لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وتحذيره –المرة تلو المرة- من الأخطار المحدقة، فعل ذلك كله –فى رواياته وأقاصيصه- بلغة الرمز والمجاز –لغة الفن- لا بلغة الخطابة والدعاوة.
    ويفيد حسن حامد، عبر فصول الكتاب العشرة، من أعمال جبريل المنشورة (وبعض مخطوطات غير منشورة أيضا) ومن مقابلات شخصية وأحاديث أجراها معه صحفيون وأدباء، ومن النقاد الذين كتبوا عن أدبه، ولأن المؤلف شاعر فإنه يكتب بوجدان محب وأنفاس حارة من المودة والتعاطف. وتتناثر فى تضاعيف كتابه مقتطفات من شعراء آخرين: "الجنوبى" لأمل دنقل، "المنزل الغريب" لمريد البرغوثى، "نشيد الخبز والورد" لجوزيف حرب الذى غناه مارسيل خليفة، "مقامات الرحيل" و"يالثارات الحسين" لمحمد أبو دومة، فضلا عن إشاراته إلى كثير من النقاد والأدباء، عرب وغربيين.
    وإذ يسجل حسن حامد، فى مطلع كتابه" أن الأستاذ الجامعى والناقد الدكتور الطاهر مكى كان أول من وجه نظره (وهو طالب جامعى) إلى إبداع جبريل، فإنه يصور كيف تطورت علاقته به كاتبا وإنسانا. ويحلل بنية العمل القصصى عنده ومكوناته من راو وحدث وشخصية ومكان وزمان وسرد وحوار ولغة، كما يرصد ميل جبريل إلى النهايات المفتوحة بما يعبر عن تفاؤله الذاتى الدائم ببداية جديدة تتلافى عثرات الماضى.
    إن كتاب حسن حامد عن جبريل، مثل كتاب آخر صدر حديثا لعلى عبد اللطيف وليلى البدوى عن الرائد محمود البدوى، يجمع بين التحليل النقدى الموضوعى والانطباع الذاتى والذكريات الشخصية على نحو ينقل لنا صورة الأديب المدروس وهو يمارس حياته اليومية أبا وزوجا وموظفا، كما ينقل لنا لمحات من ذهنه الإبداعى وصنعته الكتابية، وأسلوبه فى القص، وذلك على نحو يتسم بالمعايشة الطويلة للموضوع، وجاذبية العرض، والحرص على إفادة القارئ وإمتاعه.

  7. #7
    التماثيل المكسورة

    بقلم: محمد جبريل
    .........................

    لصديقي الناقد الراحل رجاء النقاش عبارة تقول: نحن نحب التماثيل المكسورة. الجملة في سياق الحديث عن الشخصيات التي تبلغ مكانة - تستحقها - فيصر البعض علي الاساءة إليها بملاحظات يراها هو وحده دون الآخرين وتسيء إلي ابداعات وانجازات اسهم بها مصريون حقيقيون.
    نحن نجد التعبير عن مصر المعاصرة في رموز تبدأ بحسن العطار والطهطاوي وتتواصل في عرابي والنديم وقاسم أمين وسعد زغلول وطلعت حرب وطه حسين والعقاد ومشرفة ومحمود سعيد ونجيب محفوظ وسيد درويش وجمال عبدالناصر ويوسف ادريس وجمال حمدان وأم كلثوم ومحمد رفعت وعبدالوهاب وعشرات غيرهم اضافوا إلي بلادنا فاستحقوا أن يكونوا تعبيرا عن مصر رموزا لها انهم التجسيد لتاريخنا المعاصر ولأن الرمز هنا بشر فلعله من الخطأ ان انشد فيه الكمال السوبرمان الذي يقتصر علي الفعل الايجابي ولايخطيء.
    لكي أوضح رأيي فثمة اتهام للطهطاوي بأنه كان ينتمي إلي الأرستقراطية المصرية بامتلاكه مساحات هائلة من الأراضي الزراعية مقابلاً لمؤلفاته التي تدعو إلي الاستنارة والتقدم وحرية المرأة وبالطبع فإن وضع الطهطاوي الاجتماعي لم يحل دون ان يضيف إلي فكرنا القومي والاجتماعي معالم ايجابية مهمة.
    أما صلة أحمد شوقي بقصر الخديو فهي لا تلغي أهميته كأهم شعراء عصره وأنه قد اضاف إلي الثقافة المصرية والعربية باختياره أميرا للشعراء العرب والأمثلة كثيرة.
    الرمز. المعلم. الرائد والموجه هو الذي تتسق كلماته وتصرفاته لكننا - في الوقت نفسه - لابد ان نقدر الضعف الانساني الذي قد يهبط بالخط البياني دون ان يخل بتصاعده النهائي نحن نعتبر المتنبي أهم الشعراء العرب رغم الاتهامات التي ملأت كتابا في مئات الصفحات عنوانه "الإبانة عن سرقات المتنبي"!
    ونحن نعجب بأعمال جان جينيه. نعزلها عن حياته الخاصة ولعلنا نذكر رد جينيه علي تشبيه سارتر له بالقديس بأنه ليس ذلك القديس إنما هو انسان محمل بالخطايا!
    يحقق الرمز مكانة ممتازة يستحقها لكن البعض يأبي إلا ان ينال من هذه المكانة بنقائص يخترعها خيال مريض ونأسف للإساءة - بلا سبب - إلي الرموز المهمة في حياتنا عدا الرغبة في رؤية التماثيل المكسورة!
    نتحدث عن قيمة مهمة في حياتنا نبدي تقديرنا لاسهاماته يطالعنا من يثني علي أحاديثنا لكنه يضيف كلمة "ولكن" ويتبعها بما يكسر التمثال ويجعل من معني "الرمز" أمنية مستحيلة!
    .................................................. ...........
    *المساء ـ في 22/11/2008م.

  8. #8
    إسكندرية في إبداعاتي

    بقلم: محمد جبريل
    .................
    استفزني السؤال ما الفرق بين اسنكدريتك وبين اسكندرية ادوار الخراط وابراهيم عبدالمجيد؟
    قلت: لماذا الخراط وعبدالمجيد؟ لماذا ليس مصطفي نصر ومحمد الصاوي وسعيد بكر ورجب سعد السيد وعبدالفتاح مرسي وسعيد سالم ومحمود عوض عبدالعال ومحمد حافظ رجب واحمد محمد حميدة ومنير عتيبة وعشرات غيرهم عنوا في ابداعاتهم بالمكان السكندري واختلف تناول كل منهم عن الآخرين بما يصعب اغفاله.
    بالاضافة إلي ذلك. فإن هذا السؤال قد يجد فيه الناقد مجالا لتقديم وجهات نظر تستند إلي موازنات منهجية. أما المبدع فهو لن يجد في السؤال إلا مجالا للحرج وهو مجال لابد ان يصطدم بالتعالي - أو في المقابل - بادعاء التواضع. ما استطيع ان اقوله باختصار ان علاقتي بالاسكندرية علاقة حنين .
    ربما لو أني لم اترك الاسكندرية ما كتبت عنها هذا الكم من الروايات والقصص القصيرة. أثق ان الدافع الأول هو الحنين ومع انتصاري للمخيلة فإن المكان الذي وجدتني أتناوله - في الأغلب - هو حي بحري ذلك الحي المتسم بخصوصية بالغة. مفرداتها البحر واليابسة والصيادون وعمال الميناء والبحارة والجوامع وأضرحة أولياء الله وانعكاس ذلك كله علي مظاهر الحياة اليومية. وعلي سبيل المثال فإن العلاقة بين البحر واليابسة بعد مهم جدا في كل الأعمال التي كتبت فيها عن بحري ذلك الجزء من الاسكندرية بمساحته المحددة والمحدودة والزمان بعامة هو فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت طفولتي وصباي وشبابي الباكر. كتبت عن فترات سابقة وكتبت عن زماننا الحالي وهو ما يبين - مثلا ثانيا - في روايتي "أهل البحر" التي تجاوزت صفحاتها التسعمائة تعبيرا عن الحياة في بحري عبر قرن من خلال شخصيات حقيقية مثل محمود سعيد وسلامة حجازي وسعيد العدوي وشخصيات تراثية مثل أبوالعباس والخضر والبوصيري وشخصيات تنتمي إلي الموروث الشعبي وشخصيات مخترعة مثلت مع بقية الشخصيات بانوراما متكاملة لتلك العلاقة المميزة بين حي بحري والبحر الذي يحيط به من ثلاثة جوانب .
    مناسبة هذه الكلمات ذلك الذي طالعنا علي شاشة التليفزيون يعيب علي مبدعي الاسكندرية انهم يكتفون بالكتابة عن المدينة عن الأرض والميادين والشوارع والحواري والأزقة دون ان تلامس أعمالهم البحر فتكتب عنه وتكتب بالتالي عن الصلة بين البحر واليابسة. هل تقافزه المتواصل بين القنوات الأرضية والفضائية. حال بينه وبين المتابعة الجادة فضمن كلماته ما ألفناه في اطلالاته التليفزيونية من معلومات تستند إلي المخيلة.. والفبركة!
    ............................
    *المساء ـ في 13/9/2008م.


    </i>

  9. #9
    محمد جبريل يكتب عن جابر عصفور

    بقلم: محمد جبريل
    .......................

    من حق جابر عصفور أن نثمن دوره في حياتنا الثقافية.
    علي الرغم من اختلافنا أحيانا في أداء المجلس الأعلي للثقافة. فان الحقيقة التي لا يختلف فيها حتي الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب. حتي من يلحون في طلب العيب. أن المجلس الأعلي للثقافة في الأعوام الأخيرة هو التمثيل الايجابي لأنشطة وزارة الثقافة. هو التلخيص الذكي لهيئات الوزارة المتعددة.
    علي سبيل المثال. فان مهمة هيئة الكتاب هي اصدار الكتب والدوريات والمجلات. بما يتيح لصناعة النشر أن تؤدي دورا مطلوبا في خدمة الثقافة العربية.. لكن اصدارات مجلس الثقافة فاقت بصورة لافتة كل اصدارات هيئة الكتاب. سواء علي مستوي الكم أم الكيف. أذكرك بمشروع الترجمة الذي جعل من مشروع الألف كتاب بهيئة الكتاب خطأ ينبغي التخلص منه!
    الطريف أن فاروق حسني أراد أن يهب هيئة الكتاب نشاطا متميزا في معرض القاهرة الدولي الأخير فلجأ الي مطبوعات المجلس الأعلي للثقافة. واجهة لنشاط الهيئة في مجال تخصصها!
    ومع تعدد المؤتمرات والمهرجانات والندوات التي تنظمها هيئات وزارة الثقافة. فان ما ينظمه المجلس الأعلي للثقافة من أنشطة. هو الأكثر حضورا. والأشد تأثيرا.. والأمثلة لا تعوزنا.
    والمتابعة الواعية للأحداث الثقافية المحلية والعربية والعالمية مهمة يحرص المجلس علي التصدي لها. ومناقشتها. وتحليلها. واتخاذ توصيات وقرارات تضعها في دائرة الضوء أمام المتخصص والمواطن العادي.
    حتي المسابقات التي ينظمها المجلس: تيمور. وحقي. ومحفوظ وغيرها. هي الأكثر جدوي وجدية.
    والنظرة المتأملة لأنشطة لجان المجلس. تجد أنها تقدم المقابل للركود الذي تعانيه هيئات أخري تابعة لوزارة الثقافة.
    أثبت جابر عصفور أن مسئولا واعيا. مدركا لمسئولياته. ويجيد الادارة. يستطيع أن يحقق في الموقع الذي يتولي قيادته ما قد تعجز عنه هيئات. تخصصها المستقل فرع محدد من مجمل حياتنا الثقافية.
    قلوبنا مع جابر عصفور.
    هامش:
    سألت مصطفي علوي رئيس هيئة قصور الثقافة: ما ردك علي الحملة التي تتهم قيادة الهيئة بايقاف مشروع النشر؟
    قال: هل تتصور أن مسئولا يتخلي عن واجهة مهمة لأنشطته؟.. النشر كما تعلم من أهم مشروعات الهيئة. وجدواه معلنة. لكن تقلص الموارد المالية. أو غيابها. مشكلة لا حيلة لنا فيها. ميزانية النشر تعاني عجزا من قبل أن أتولي المسئولية. ولاشك ان اصدار الكتب لن يتحقق بالنيات الطيبة. خاصة اذا كنا نطبع في قطاع خاص لغته الربح والخسارة!
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
    عن صحيفة "المساء الأسبوعية" ـ في 8/4/2005م

  10. #10
    الأســــــــــــــــوار
    (إلى محمد جبريل)

    شعر: حسين علي محمد
    ...............................

    ينطلقُ السهمُ إلى القلبِ،
    ويغضبُ مني صحبي إذْ أصرخُ
    تُفزعُهمْ خطواتي في دربِ الفجرِ
    وأنتِ تمورينَ،
    وتبتعدينَ،
    وترتعدينَ
    … وخلفَ الفارسِ نتلو آياتِ الذِّكْرِ،
    فقد فرَّ من الميدانِ صباحا
    علَّقَ نيشانَ الصبرِ، وأنتِ تموتينَ
    وهذا الفارسُ يُطلِقُ في الميْدانِ النارَ
    على الجمهورِ
    فتملؤ أشجارُ الحزنِ بوادينا
    مدَّ الظفرَ المجنونَ إلى جسدِ الوردةِ،
    والأطفالُ يمرونَ على الأسلاكِ ..
    وورْدِ "الديناميتِ"
    وزَبَدِ الموتِ
    (الشيخُ يُقامِرُ في المسرحِ ..
    ويُعربِدُ مع سيدةٍ في حضنِ الدلتا
    والصوتُ الجبليُّ يُطرِّزُ أوجهَنا
    بالرغبةِ في الصبحِ الآتي)
    والنظرةُ من سيدةِ المقهى ..
    تُشعِلُ في جنبيْنا النارَ،
    وخادمنا "آمونَ" المُرهَقُ ..
    يسألُ عن "هامانَ" ويذكرُ أهوالَ الحراسِ
    توقَّفَ هذا الزمنُ الأفعى عنْ نسجِ الثوبِ ـ الرغبةِ
    واشتعلتْ في القلبِ النارُ
    (وقفتُ أُراقبُ هذا العربيدَ
    أُيغرينا بالمسكِ ..
    ويغرسُ في أعيُننا شجرَ الوهْمِ،
    ويرقصُ فوقَ هشيمِ القشِّ ..
    و ..
    ـ روما .. كيف احترقتْ ؟
    ـ هل تذكرُها ؟
    ـ بونابرتُ يُعانقُ حلماً سرِّيا
    هذي الأهراماتُ تُحدِّثُكمْ منْ آلافٍ خمسٍ
    فاستمعوا يا فتيةَ شمسِ الغربِ مليا
    لأحاديثِ الفرعونِ)
    وأنتِ هناكَ تروغينَ
    فهلُ يُغرسُ في دمِنا شجرُ الخوفِ
    هلْ تجرينَ إلى طُرُقِ الوهْمِ
    وتنبُتُ أزهارُ الصبارِ
    على شرفةِ قصرِ الشيطانِ، تُخوِّفُنا ؟
    والمهرُ الأشهبُ يصرخُ في قاعِ النارِ:
    لماذا الخوفُ يُقرِّبُني حيناً ..
    ويُباعدُني أحيانا ؟
    ـ ماذا أُبصِرُ ؟
    ـ ماذا يقدرُ أن ينطقَ عاشقٌكِ الأخرسُ
    لوْ صرختْ كلُّ حناجرهمْ
    وارتفعَ الخنجرُ في الوجهِ،
    وفوقَ الظَّهْرِ الأسوارُ،
    وهذا العبدُ الأسحمُ
    .. يرقصٌ قدامَ تماسيحِ النيلِ،
    ويُغريهم بالخصبِ الآتي في زمنِ الجدبِ
    وصوتُكِ يملؤ عينيَّ برعدٍ يُمطرُني في الزمنِ القفْرِ،
    وتبتسمينَ وتبزُغُ شمسُكِ
    قُرصاً منطفئاً
    في بحرِ الدمْ !!

    ديرب نجم 19/12/1978

صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حوار مع الروائي محمد العشري
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-27-2011, 07:42 AM
  2. خمس قصص قصيرة جدا، للقاص الكبير محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-31-2009, 04:41 AM
  3. أغنيات / نصوص سردية قصيرة / للروائي محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 72
    آخر مشاركة: 03-03-2009, 09:00 AM
  4. من أروع ما كتب محمد جبريل .. هذه القصة القصيرة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-24-2008, 12:12 PM
  5. الروائي/ طاهر أحمد الزهراني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-18-2008, 02:11 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •