منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 11 من 17 الأولىالأولى ... 910111213 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 110 من 162
  1. #101

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    وجوب تقديم المبتدأ


    الأصل في المبتدأ أن يَتقدَّمَ. والأصل في الخبر أن يتأخّرَ. وقد يتقدَّمُ أحدهما
    وجوباً، فيتأخرُ الآخرُ وجوباً.

    ويجبُ تقديم المبتدأ في ستة مواضعَ:

    الأول: أن يكون من الأسماء التي لها صدرُ الكلامِ، كأسماء الشرطِ، نحو: (من يَتّقِ اللهَ يُفلحْ)، وأسماء الاستفهام، نحو: (من جاءَ؟)، (وما) التعجُّبيّةِ، نحو: (ما أحسنَ الفضيلةَ!) وكم الخبريةِ نحو: (كم كتاب عندي!).

    الثاني: أن يكون مُشبّهاً باسم الشرط، نحو: (الذي يجتهد فله جائزةٌ) و (كلُّ تلميذٍ يجتهدُ فهو على هدىً).


    (فالمبتدأ هنا أشبه اسم الشرط في عمومه، واستقبال الفعل بعده وكونه سبباً لما بعده، فهو في قوة أن تقول: (من يجتهد فله جائزة) و (أي تلميذ يجتهد فهو على هدى). ولهذا دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في جواب الشرط).


    الثالثُ: أن يضافَ الى اسمٍ له صدرُ الكلام، نحو: (غلامُ مَن مجتهدٌ؟) و (زمامُ كم أمر في يدك). [كم: هنا خبرية بمعنى كثير. وأمر مضاف إليها. فإن جعلتها استفهامية نصبت ما بعدها تمييزاً].


    الرابعُ: أن يكون مقترناً بلام التأكيد (وهي التي يسمونها لامَ الابتداء)، نحو: (لعبدٌ مؤْمنٌ خيرٌ من مشركٍ).


    الخامسُ: أن يكون كُل من المبتدأ والخبر معرفةً أو نكرةً، وليس هناك قرينةٌ تعين أحدهما، فيتقدَّم المبتدأ خشيةَ التباس المسنَدِ بالمسنَدِ إليه، نحو: (أخوك علي)، إن أردتَ الإخبارَ عن الأخ، و (عليٌّ أخوكَ)، إن أردتَ الإخبارَ عن علي، ونحو: (أسَنُّ منك أسَنُّ مني) إن قصدتَ الإخبار عمَّن هو أسنُّ من مخاطبك (وأسَنُّ مني أسن منكَ)، إن أردتَ الإخبارَ عمّن هو أسنُّ منكَ نفسِكَ.


    (فان كان هناك قرينة تميز المبتدأ والخبر، جاز التقديم والتأخير نحو: (رجل صالح حاضر، وحاضر رجل صالح) ونحو (بنو أبنائنا بنونا)، بتقديم المبتدأ، و (بنونا بنو أبنائنا)، بتقديم الخبر. لأنه سواء أتقدم أحدهما أم تأخر، فالمعنى على كل حال أن بنى أبنائنا هم بنونا).


    السادس: أن يكون المبتدأ محصوراً في الخبر، وذلك بأن يقترنَ الخبرُ بإلا لفظاً نحو: {وما محمدٌ إلا رسولٌ} أو معنًى، نحو: {إنما أنت نذيرٌ}.


    (إذ المعنى ما أنت إلا نذير. ومعنى الحصر هنا أن المبتدأ (وهو محمد، في المثال الأول) منحصر في صفة الرسالة، فلو قيل: (ما رسول إلا محمد). بتقديم الخبر، فسد المعنى، لأن المعنى يكون حينئذ: أن صفة الرسالة منحصرة في محمد مع أنها ليست منحصرة فيه. بل هي شاملة له ولغيره من الرسل، صلوات الله عليهم. وهكذا الشأن في المثال الثاني).

    وجوب تقديم الخبر


    يجبُ تقديم الخبرِ على المبتدأ في أربعة مواضعَ:

    الأول: إذا كان المبتدأ نكرة غير مفيدةٍ، مخَبراً عنها بظرفٍ أو جار ومجرور، نحو: "في الدارِ رجلٌ" و (عندكَ ضيفٌ) ومنه قوله تعالى: {ولدينا مزيدٌ} و {على أبصارهم غشاوةٌ}.


    (وإنما وجب تقديم الخبر هنا لأن تأخيره يوهم أنه صفة وأن الخبر منتظر. فإن كانت النكرة مفيدة لم يجب تقديم خبرها، كقوله تعالى: {وأجل مسمى عنده} لأن النكرة وصفت بمسمى، فكان الظاهر في الظرف أنه خبر لا صفة).


    الثاني: إذا كان الخبر اسمَ استفهامٍ، أو مضافاً الى اسم استفهامٍ، فالأول، نحو: (كيف حالُكَ؟)، [ كيف: اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم، وحالك مبتدأ مؤخر]. والثاني نحو: (ابنُ مَن أنت؟)،[ ابن: خبر مقدم، وهو مضاف الى (من) الاستفهامية. وأنت: مبتدأ مؤخر في محل رفع.] و (صبيحة أيْ يوم سفرُكَ؟)، [صبيحة ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم: وهو مضاف لأي الاستفهامية وسفرك مبتدأ مؤخر].


    (وإنما وجب تقديم الخبر هنا لأن لاسم الاستفهام أو ما يضاف اليه صدر الكلام).


    الثالثُ: إذا اتصلَ بالمبتدأ ضميرٌ يعود الى شيء من الخبر نحو: (في الدار صاحبها) ومنه قوله تعالى: {أم على قلوبٍ أقفالُها}. وقولُ نُصَيب:


    أهابُكِ إِجلالاً، وما بكِ قدرةٌ

    عليَّ، ولكن ملءُ عينٍ حبيبُها

    (وإنما وجب تقديم الخبر هنا، لأنه لو تأخر لاستلزم عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، وذلك ضعيف قبيح منكر (راجع الكلام على عود الضمير) في الجزء الأول من هذا الكتاب).


    الرابعُ: أن يكون الخبرُ محصوراً في المبتدأ. وذلك بأن يقترن المبتدأ بإلاّ لفظاً، نحو: (ما خالقٌ إلا اللهُ)، أو معنًى، نحو: (إنما محمودٌ من يجتهدُ).

    (إذ المعنى: (ما محمود إلا من يجتهد). ومعنى الحصر هنا أن الخبر (وهو خالق، في المثال) منحصر في الله. فليست صفة الخلق إلا له سبحانه، فلو قيل: (وما الله إلا خالق) بتقديم المبتدأ. فسد المعنى، لأنه يقتضي أن لا صفة لله إلا الخلق، وهو ظاهر الفساد. وهكذا الحال في المثال الثاني).

  2. #102

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    المبتدأُ الصِّفَة

    قد يُرفعُ الوصفُ بالابتداءِ، إن لم يطابق موصوفَةُ تثنيةً أو جمعاً، فلا يحتاجُ الى خبر، بل يكتفي بالفاعل أو نائبه، فيكون مرفوعاً به، ساداً مَسَدَّ الخبر، بشرط أن يتقدَّمَ الوصفَ نفيٌ أو استفهامٌ. وتكونُ الصفةُ حينئذٍ بمنزلة الفعل، ولذلك لا تُثنى ولا تُجمَعُ ولا تُوصفُ ولا تُصغّرُ ولا تُعرَّفُ. ولم يشترط الأخفش والكوفيون ذلك، فأجازوا أن يُقال: (ناجحٌ ولداكَ، وممدوحٌ أبناؤك).


    ولا فرقَ بينَ أن يكونَ الوصفُ مشتقّاً، نحو: (ما ناجحٌ الكسولان) [ما: نافية،وناجح: مبتدأ، والكسولان: فاعل ناجح أغنى عن الخبر] و (هل محبوبٌ المجتهدون) [هل: حرف استفهام، ومحبوب: مبتدأ، والمجتهدون: نائب فاعل لمحبوب أغنى عن الخبر]، أو اسماً جامداً فيه معنى الصفة، نحو: (هل صَخْرٌ هذانِ المُعاندان؟) [صخر: مبتدأ، وهو اسمٌ جامد بمعنى الوصف، لأنه بمعنى صلب، وهذان: فاعل لصخر أغنى عن الخبر] و (ما وحشيٌّ أخلاقُكَ) [وحشي: مبتدأ، وهو اسم جامد فيه معنى الصفة، لأنه اسم منسوب، فهو بمعنى اسم المفعول، وأخلاقك: نائب فاعل له أغنى عن الخبر].


    ولا فرقَ أيضاً بينَ أن يكونَ النفيُ والاستفهام بالحرف، كما مُثلَ، او بغيره، نحو: (ليسَ كسولٌ ولداكِ) و (غيرُ كسولٍ أبناؤكَ) و (كيف سائرٌ أخواكَ)، غير أنهُ معَ (ليسَ) يكونُ الوصفُ اسماً لها، والمرفوعُ بعدَهُ مرفوعاً به سادّاً مسَدَّ خبرها، ومع (غيرٍ) ينتقلْ الابتداءُ إليها، ويُجر الوصفُ بالإضافة إليها، ويكونُ ما بعدَ الوصفِ مرفوعاً به سادّاً مسدَّ الخبر.

    وقد يكونُ النفيُ في المعنى نحو: (إنما مجتهدٌ ولداكَ)، إذ التأويلُ: (ما مجتهدٌ إلاّ ولداكَ).


    فان لم يقع الوصفُ بعد نفيٍ أو استفهامٍ، فلا يجوز فيه هذا الاستعمالُ، فلا يقالُ: (مجتهد غلاماكَ)، بل تجبُ المطابقةُ، نحو: (مجتهدانِ غلاماك). وحينئذٍ يكونُ خبراً لما بعده مُقدَّماً عليه. وقد يجوزُ على ضعفٍ، ومنه الشاعر:

    خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ، فَلا تَكُ مُلْغِياً
    مَقالةَ لِهْبيٍّ، إِذا الطَّيْرُ مَرَّتِ
    [بنو لِهْب، بكسر اللام وسكون الهاء، حي من الأزد مشهورون بزجر للطير وعيافتها، وذلك أن يستسعدوا ويتشاءموا بأصواتها ومساقطها. واللهب في الأصل: هو الصدع في الجبل أو المهواة بين جبلين. وجمعه ألهاب ولهوب ولهاب ولهابة]


    والصفةُ التي تقعُ مبتدأ، إنما ترفعُ الظاهرَ، كقول الشاعر:
    أَقاطِنٌ قَوْمُ سَلْمَى، أمْ نَوَوْا ظَعَنا؟

    إِنْ يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ ومَنْ قَطَنا
    [قاطن: مقيم. والظعن: الرحيل]

    او الضميرَ المنفصلَ، كقول الآخر:


    خَليليَّ، ما وافٍ بِعَهْدِيَ أنتُما

    إذا لم تكونا لي على مَنْ أُقاطِعُ

    فان رفعتِ الصفةُ الضميرَ المستترَ، نحو: (زُهيرٌ لا كسولٌ ولا بَطيءٌ) لم تكن من هذا الباب، فهي هنا خبرٌ عمّا قبلَها. وكذا إن كانت تكتفي بمرفوعها، نحو: (ما كسولٌ أخواهُ زُهيرٌ)، فهي هنا خبر مقدَّمٌ، وزهيرٌ: مبتدأ مؤخر، وأخواهُ: فاعلُ كسول.


    واعلم أن الصفةَ، التي يُبتدأُ بها، فتكتفي بمرفوعها عن الخبر، إنما هي الصفةُ التي تُخالفُ ما بعدها تثنيةً أو جمعاً، كما مَرَّ. فان طابقتهُ في تثنيتهِ أو جمعه، كانت خبراً مُقدَّماً، وكان ما بعدها مبتدأ مؤخراً، نحو: (ما مُسافرانِ أخوايَ، فهل مسافرونَ إخوتُكَ؟). أمَّا إن طابقته في إفراده، نحو: (هل مسافرٌ أخوكَ؟)، جاز جعل الوصفِ مبتدأً، فيكونُ ما بعدَه مرفوعاً به، وقد أغنى عن الخبر، وجاز جعلُهُ خبراً مُقدماً وما بعدهُ مبتدأً مؤخراً.




  3. #103

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    الفعل الناقص

    الفعل الناقصُ: هو ما يدخل على المبتدأ والخبر، فيرفعُ الأول تشبيهاً له بالفاعل، وينصبُ الآخرَ تشبيهاً له بالمفعول به، نحو: "كان عُمرُ عادلاً".

    ويُسمّى المبتدأُ بعد دخوله اسماً له، والخبرُ خبراً له.


    (وسميت هذه الافعال ناقصة، لأنها لا يتم بها مع مرفوعها كلام تام، بل لا بد من ذكر المنصوب ليتم الكلام. فمنصوبها ليس فضلة، بل هو عمدة، لأنه في الأصل خبر للمبتدأ، وإنما نصب تشبيهاً له بالفضلة، بخلاف غيرها من الافعال التامة، فان الكلام ينعقد معها بذكر المرفوع، ومنصوبها فضلة خارجة عن نفس التركيب).

    والفعلُ الناقصُ على قسمينِ: كانَ وأخواتُها. وكاد وأخواتها. (وهي التي تُسمى أفعالَ المُقارَبة).


    كان وأَخواتها

    كانَ وأَخواتُها هي: (كان وأمسى وأصبحَ وأضحى وظلَّ وباتَ وصارَ وليسَ وما زالَ وما انفكَّ وما فَتيءَ وما بَرِحَ وما دامَ).


    وقد تكونُ (آض ورجَعَ واستحال وعادَ وحارَ وارتدَّ وتَحوَّل وغدا وراحَ وانقلبَ وتَبدَّل)، بمعنى (صارَ)، فان أتت بمعناها فلها حُكمُها.
    ويتعلّقُ بكانَ وأخواتها ثمانيةُ مباحثَ:


    (1) مَعاني كانَ وأَخواتِها


    معنى (كان): اتصافُ المُسنَدِ في الماضي. وقد يكون اتصافهُ به على وده الدَّوام، إن كان هناك قرينةٌ، كما في قوله تعالى: {وكانَ اللهُ عليماً حكيماً}، أي: إنه كان ولم يَزلْ عليماً حكيماً.


    ومعنى (أمسى): اتصافُه به في المساء.


    ومعنى (أصبحَ): اتصافُهُ به في الصباح.


    ومعنى (أضحى): اتصافه به في الضحا.


    ومعنى (ظلَّ): اتصافه به وقتَ الظلِّ، وذلك يكون نهاراً.


    ومعنى (بات): اتصافُهُ به وقتَ المَبيت، وذلك يكون ليلاً.


    ومعنى (صار): التَّحوُّل، وكذلك ما بمعناها.


    ومعنى (ليس): النفي في الحال، فهي مختصةٌ بنفي الحال، إلا إذا قُيّدت بما يُفيدُ المُضيّ أو الاستقبال، فتكون لِما قُيّدتْ به، نحو: (ليس عليٌّ مُسافراً أمسِ أو غداً).


    و (ليس): فعلٌ ماضٍ للنفي، مختصٌّ بالأسماءِ: وهي فعلٌ يُشبهُ الحرفَ. ولولا قَبولها علامةَ الفعلِ، نحو: (ليستْ وليسا وليسوا ولسنا ولسن)، لحكمنا بحرفيّتها.

    ومعنى (ما زال وما انفكَّ وما فتيءَ وما برحَ): مُلازمة المُسنَد للمسنَد إليه، فإذا قلتَ (ما زالَ خليلٌ واقفاً) فالمعنى أنه ملازمٌ للوقوف في الماضي.

    ومعنى (ما دام) استمرارُ اتصافِ المُسندِ إليه بالمُسندِ. فمعنى قولهِ تعالى: {وأوصاني بالصلاة والزكاةِ ما دُمتُ حياً}: أوصاني بهما مدةَ حياتي.


    وقد تكون (كان وأمسى وأصبح وأضحى وظلَّ وبات) بمعنى(صار)، إن كان هناك قرينةٌ تدلُّ على أنه ليسَ المرادُ اتصافَ المسنَد إليه بالمسنَد في وقت مخصوص، مما تدلُّ عليه هذه الأفعال، ومنه قوله تعالى: {فكان من المُغرَقينَ} أي: صار، وقوله: {فأصبحتم بنعمتهِ إخواناً}، أي: صرتم، وقوله: {فظلتْ أعناقُهم لها خاضعين}، أي: صارت، وقوله: {ظلَّ وجهُهُ مسوداً}، أي: صار.

  4. #104

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    شُروط بعضِ أَخواتِ (كان)

    يُشترَطُ في (زالَ وانفكَّ وفتيءَ وبرحَ) أن يتقدَّمَها نفيٌ، نحو: {لا يزالونَ مختلفينَ} و {لن نبرحَ عليه عاكفين}، أو نهيٌ، كقول الشاعر:


    صاحِ شَمِّرْ، ولا تَزَلْ ذاكِرَ الْمَوْ

    تِ فَنسْيانُهُ ضَلالٌ مُبِينُ

    أو دُعاءٌ، نحو: (لا زِلتَ بخيرٍ).


    وقد جاء حذفُ النهي منها بعد القسم، والفعلُ مضارعٌ منفيٌّ بلاَ وذلك جائزٌ مُستملَحٌ، ومنه قولهُ تعالى: {تاللهِ تَفتأُ تذكُرُ يوسفَ}، والتقديرُ: (لا تفتأُ) وقولُ امرئ القيس:


    فقُلْتُ: يَمينُ اللهِ أَبرحُ قاعداً

    ولَوْ قَطَعُوا رأْسي لَدَيْكِ وأَوصالي

    والتقديرُ: (لا أبرح قاعداً).


    ولا يُشترطُ في النفي أن يكون بالحرف، فهو يكونُ به، كما مرَّ، ويكونُ بالفعل، نحو: (لستَ تبرحُ مجتهداً)، وبالاسم، نحو: (زُهيرٌ غيرُ مُنفكٍّ قائماً بالواجب).


    وقد تأتي "وَنَى يني، ورامَ يَريمُ" بمعنى (زالَ) الناقصة، فيَعملانِ عمَلها. ويُشترطُ فيهما ما يُشترطُ فيها، ومنه قولُ الشاعر:


    فأَرحامُ شِعْرٍ يَتَّصِلْنَ ببابهِ

    وأرحامُ مالٍ لا تَني تَتَقَطَّعُ

    أي: لا تزالُ تتقطّعُ، وقول الآخر:

    إذا رُمتَ، مِمَّنْ لا يَريمُ مُتَيَّماً،
    سُلُوّاً فَقَدْ أَبعَدْتَ في رَوْمِكَ المَرْمَى،

    أي: (لا يزالُ، أو لا يبرحُ مُتَيَّماً).


    وأصل معنى الونى: الفتور والضعف، وأصل معنى الريم: البراح. فإن قلت: (ما ونى فلان في عمله) و (ما رمت الدار) فهما تامتان. وإن قلت: (ما ونى فلانٌ مجتهداُ، وما رمت عاملاً)، فهما ناقصتان. بمعنى ما زال وما برح. وكل فعل تام تضمن معنى فعل ناقص عمل عمله.

    ويشترطُ في (دامَ) أن تتقدَّمها (ما) المصدريَّةُ الظرفيّةُ، كقوله تعالى:{وأوصاني بالصلاة والزَّكاةِ وما دُمتُ حَيًّا}.


    (ومعنى كونها مصدرية أنها تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. ومعنى كونها ظرفية أنها نائبة عن الظرف وهو المدة، لأن التقدير: (مدة دوامي حياً)).

    (تنبيه)- زال الناقصة مضارعها (يزال). وأما (زال الشيء يزول) بمعنى (ذهب) و (زال فلان هذا عن هذا)، بمعنى (مازه عنه يميزه، فهما فعلان تامان. ومن الأول قوله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}.


    وقد يُضَمرُ اسمُ "كانَ" وأخواتها، ويُحذفُ خبرُها، عند وجودِ قرينةٍ دالةٍ على ذلك، يُقالُ: (هل أصبح الرَّكبُ مسافراً؟) فتقولُ: (أصبح)، والتقديرُ: (أصبحَ هو مسافراً).

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #105

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    مجهود كبير أستاذنا عبد الغفور الخطيب
    تشكر عليه كثيرا، فباركك الله وسددخطاك
    لا يـخـدعـنّك مــن عــدوّ دمـعـةً *** وارحـم شـبابـك مـن عدوٍ تُرحَمِ
    ومن البليّة عذل من لا يرعوي*** عن جهلِهِ , وخـطاب من لايفهمِ
    ومـن العـداوة ما يـنالك نـفـعُـهُ *** ومـن الصـداقـة ما يـضر ويؤلمُ
    والذل يـظـهـر فـي الذلـيل مودةً *** وأود مـنـه لـمـن يــود الأرقـــم

  6. #106

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    أشكركم أستاذنا الكريم علواش
    على مروركم وتزكيتكم تلك المساهمة

    احترامي و تقديري

  7. #107

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    أَقسامُ كان وأَخَواتها

    تنقسمُ (كان وأخواتُها)إلى ثلاثة أقسام:

    الأول: ما لا يتصرفُ بحالٍ؛ وهو: (ليسَ ودام) فلا يأتي منهما المضارعُ ولا الأمرُ.


    الثاني: ما يتصرَّفُ تَصرُّفاً تاماً، بمعنى أنه تأتي منه الأفعال الثلاثةُ، وهو: (كان وأصبَحَ وأمسى وأضحى وظَلَّ وباتَ وصارَ).


    الثالث: ما يتصرَّفُ تصرُّفاً ناقصاً، بمعنى أنهُ يأتي منه الماضي والمضارع لا غيرُ، وهو: (ما زالَ وما انفكَّ وما فتيءَ وما بَرِحَ).


    واعلم أن ما تصرَّفَ من هذه الأفعال يعملُ عملَها، فيرفع الاسم وينصبُ الخبرَ، فعلاً كان أو صفةً، أو مصدراً، نحو: يمسي المجتهدُ مسروراً، وأمسِ أديباً، وكونُكَ مجتهداً خيرٌ لك، قال تعالى: {قُلْ كونوا حجارةً أو حديداً}، وقال الشاعر:

    وما كُلُّ مَنْ يُبْدِي البَشاشةَ كائناً

    أَخاكَ، إذا لم تُلْفِهِ لَكَ مُنْجِدا

    غيرَ أنَّ المصدرَ كثيراً ما يُضافُ الى الاسم، نحو: (كونُ الرجلِ تقيّاً خيرٌ لهُ).


    (فالرجل: مجرور لفظاً، لأنه مضاف إليه، مرفوع محلاً، لأنه اسم المصدر الناقص).

    وإن أُضيفَ المصدرُ الناقصُ الى الضمير أو الى غيرهِ من المبنيّات، كان له محلاّنِ من الإعراب: محلٌّ قريبٌ وهو الجرُّ بالإضافة، ومحلٌّ بعيدٌ، وهو الرفع، لأنه اسمٌ للمصدر الناقص، قال الشاعر:


    بِبَذْلٍ وحِلْمٍ سادَ في قَوْمِهِ الْفَتَى

    وكونُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسيرُ

    تَمامُ "كانَ" وأَخواتِها


    قد تكونُ هذه الأفعال تامَّةً، فتكتفي برفع المُسنَدِ إليه على أنهُ فاعلٌ لها، ولا تحتاجُ الى الخبر، إلاّ ثلاثةَ أفعالٍ منها قد لَزِمَتْ النّقصَ، فلم تَرِد تامَّةً، وهي: (ما فتيءَ وما زال وليس)


    فإذا كانت (كان) بمعنى: حصل، و (أمسى) بمعنى: دخل في المساء، و (أصبح) بمعنى: دخل في الصباح، و (أضحى) بمعنى: دخل في الضحى، و (ظل) بمعنى: دام واستمر، و (بات) بمعنى نزل ليلاً، أو أدركه الليل، أو دخل مبيته، و (صار) بمعنى انتقل، أو ضم وأمال أو صوت، أو قطع وفصل، و (دام) بمعنى :بقي واستمر، (وانفك) بمعنى: انفصل أو انحل، و (برح) بمعنى: ذهب، أو فارق، كانت تامة تكتفي بمرفوع هو فاعلها).


    ومن تمام هذه الأفعال قولهُ تعالى: {إنما أمرُهُ إذا أراد شيئاً أن يقولَ له كُن فيكونُ}، وقوله: {وإن كان ذو عُسرةٍ فنَظرةٌ الى ميسَرةٍ}، وقولهُ: {فسبحانَ الله حينَ تُمسونَ وحين تُصبحون}، وقولهُ: {خالدينَ فيهما ما دامت السمواتُ والأرضُ} وقوله: {فخُذْ أربعةً من الطَّير فَصُرْهُنَّ إليك}، قُريءَ بضم الصاد، من صارَهُ يَصورُهُ، وبكسرها، من صارهُ يَصرُهُ، وقول الشاعر:


    َتطاوَلَ لَيْلُكَ بالإثْمِدِ
    وباتَ الخَليُّ، ولم تَرْقُدِ

  8. #108

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    أَحكامُ اسم (كانَ) وخَبَرُها

    كل ما تَقدَّمَ من أحكامِ الفاعلِ وأقسامه، يَعطى لاسم (كانَ) وأخواتها لأن لهُ حُكمَهُ.وكلُّ ما سبقَ لخبر المبتدأ من الأحكامِ والأقسامِ، يُعطى لخبر (كان) وأخواتها، لأنَّ لهُ حُكمَهُ، غيرَ أنه يجبُ نصبُهُ، لأنهُ شبيهٌ بالمفعول به.

    وإذا وقع خبرُ (كانَ) وأخواتها جملةً فعليةً، فالأكثرُ أن يكونَ فعلُها مضارعاً، وقد يجيءُ ماضياً، بعد (كانَ وأمسى وأضحى وظلَّ وبات وصارَ). والأكثرُ فيه، إن كانَ ماضياً، أن يقترن بِقدْ، كقول الشاعر:


    فأَصبَحُوا قَدْ أَعادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ

    إذْ هُمْ قُرَيْشٌ، وإِذْ ما مِثْلُهُمْ أَحدُ

    وقد وقعَ مجرَّداً منها، وكثر ذلكَ في الواقعِ خبراً عن فعلِ شرطٍ، ومنه قولهُ تعالى: {وإن كانَ كبُرَ عليكم مَقامي}، وقوله: "إن كانَ كبُرَ عليكَ إِعراضُهم" وقولهُ: {إن كنتُ قُلْتَهُ فَقدْ علِمتَهُ} وقلَّ في غيره، كقول الشاعر:


    أَضْحَتْ خَلاءَ، وأَضْحَى أَهلُها احتَمَلوا

    أَخنى عَلَيها الذي أَخنى على لُبَدِ

    وقولِ الآخر:


    وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ

    فَلا هُوَ أَبداها، ولم يَتَقَدَّمِ

    أَحكامُ اسمِها وخَبَرِها في التَّقديم والتأخير

    الأصلُ في الاسمِ أن يَليَ الفعلَ الناقصَ، ثمَّ يجيء بعدَه الخبرُ. وقد يُعكَسُ الأمرُ، فيُقدَّمُ الخبرُ على الاسمِ، كقوله تعالى: {وكانَ حقاً علينا نَصرُ المؤْمنين}، وقولِ الشاعر::

    لا طِيبَ لِلعَيشِ ما دامتْ مُنَغَّصَةً
    لذَّاتُهُ بادِّكارِ الشَّيْبِ والهَرَم

    وقول الآخر:


    سَلي، إن جَهِلْتِ الناسَ عَنَّا وعنهُمُ

    فَلَيْسَ سَواءَ عالمٌ وجَهولٌ.

    ويجوزُ أن يتقدَّمَ الخبرُ عليها وعلى اسمها معاً، إلا (ليسَ) وما كان في أوَّلهِ (ما) النافيةُ أو (ما) المصدريَّةُ، فيجوزُ أن يُقالَ (مُصحِية، كانتِ السماءُ) و(غزيراً أمسى المطرُ)، ويَمتنعُ أن يُقالَ: (جاهلاً ليس سعيدٌ)، و (كسولاً ما زال سليمٌ) و (أقفُ، واقفاً ما دام خالدٌ). وأجازه بعضُ العلماءِ في غير (ما دام).


    أمّا تقدُّمُ معمولِ خبرِها عليها فجائزٌ أيضاً، كما يجوزُ تقدُّمُ الخبر، قال تعالى: {وأنفسَهم كانوا يَظلمون}، وقال: "أهؤلاءِ إياكم كانوا يعبُدون}.

    واعلَمْ أن أحكامَ اسمِ هذه الأفعال، وخبرها في التقديم والتأخير، كحكم المبتدأ وخبره، لأنهما في الاصل مبتدأٌ وخبرٌ.

  9. #109

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    خَصائِصُ (كانَ)

    تختصُّ (كان) من بينِ سائرِ أخواتها بستَّةِ أشياءَ:


    1ـ أنها قد تُزادُ بشرطينِ: أحدهما أن تكونَ بلفظ الماضي، نحو: ((ما (كان) أصحَّ عِلمَ من تقدَّمَ؟)). وشذت زيادتها بلفظ المضارع في قول أُم عَقيل ابن أبي طالب:


    أَنتَ (تَكُونُ) ماجِدٌ نَبِيلٌ

    إذا تَهبُّ شَمْأَلٌ بَليلُ

    والآخر أن تكون بينَ شيئينِ مَتلازمينِ، ليسا جاراً ومجروراً. وشذَّت زيادتُها بينهما في قول الشاعر:


    جِيادُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسَامَى

    على (كانَ) المُسَوَّمَةِ العِرابِ

    وأكثرُ ما تزادُ بينَ (ما) وفعلِ التَّعجُّبِ، نحو
    ((ما (كان) أعدلَ عُمرَ!)) . وقد تُزادُ بينَ غيرهما ومنه قولُ الشاعر: (وقد زادّها بينَ "نِعْمَ" وفاعلها).

    ولَبِسْتُ سِرْبالَ الشبابِ أَزورُها

    وَلَنِعْمَ (كانَ) شَبيبَةُ المُحتالِ

    وقولُ بعضِ العرَبِ: (وقد زادّها بين الفعل ونائب الفاعل) وَلَدتْ فاطمةُ - بنتُ الخُرْشُبِ الكَمَلةَ من بني عَبْس، لم يُوجَدْ (كانَ) مِثلُهُم، وقول الشاعر: (وقد زادَها بينَ المعطوف عليه والمعطوف):


    في لُجَّةٍ غَمَرَتْ أَباكَ بُحُورُها

    في الجاهِلِيَّة (كانَ) والإِسلامِ
    [فاطمة بنت الخُررشب: هي فاطمة الأنمارية، ولدت لزياد العبسي. والكَمَلَة: (جمع كامل) وهم ربيع الكامل، وقيس الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقد قيل لها أي بنيكِ أحب إليكِ؟ فقالت: ربيع، بل عمارة، بل قيس، بل أنس، ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟ والخُرشب: الغليظ الجافي، والطويل السمين].

    وقول الآخر: (وقد زادَها بينَ الصفة والموصوف):


    في غُرَفِ الجَنَّةِ العُلْيا التي وَجَبَتْ

    لَهم هُناكَ بِسَعْيٍ (كان) مَشكور
    (واعلم أن (كان) الزائدة معناها التأكيد، وهي تدل على الزمان الماضي. وليس المراد من تسميتها بالزائدة أنها لا تدل على معنى ولا زمان، بل المراد أنها لا تعمل شيئاً، ولا تكون حاملة للضمير، بل تكون بلفظ المفرد المذكر في جميع أَحوالها. ويرى سيبويه أنها قد يلحقها الضمير، مستدلاً بقول الفرزدق):

    فكيف إذا مررت بدار قوم

    وجيران لنا (كانوا) كرام

    2ـ أنها تُحذَفُ هي واسمها ويبقى خبرُها، وكثرَ ذلك بعدَ (أنْ ولو) الشرطيَّتينِ. فمثالُ (إنْ) : (سِرْ مُسرعاً، إن راكباً، وإن ماشياً)، وقولهم (لناسُ مَجزِيُّونَ بأعمالهم، إنْ خيراً فخيرٌ، وإن شرّاً فَشرٌّ)، وقولُ الشاعر:


    لا تَقْرَبَنَّ الدَّهرَ آلَ مُطَرِّفٍ

    إنْ ظالماً أَبداً، وإِنْ مَظْلوما

    وقولُ الآخر:


    حَدَبَتْ عَلَيَّ بُطونُ ضَبَّةَ كُلُّها

    إنْ ظالماً فيهم، وإنْ مَظلوماً
    [ والتقدير: إن كنت ظالماً، وإن كنت مظلوماً]

    وقول غيرهِ:


    قَدْ قيلَ ما قِيلَ، إِنْ صِدْقاً، وإِنْ كَذِباً

    فَما اعتِذارُكَ من قَولٍ إذا قيلا؟!


    ومثالُ (لو) حديثُ: (التَمِسْ ولو خاتماً من حديد). وقولهم (الإطعامَ ولو تمراً)، وقول الشاعر:


    لا يأْمَنِ الدَّهرَ ذو بغْيٍ، وَلَوْ مَلِكاً

    جُنُودُهُ ضاقَ عنها السَّهْلُ والجَبَلُ

    3ـ أنها قد تُحذفُ وحدَها، ويبقى اسمُها، وخبرُها، ويعوَّضُ منها "ما" الزائدةُ، وذلك بعدَ "أن" المصدريَّةِ، نحو: "أمّا أنتَ ذا مال تَفتخرُ!"، والأصلُ: (لأنْ كنتَ ذا مالٍ تَفتخرُ!).


    (فحذفت لام التعليل، ثم حذفت (كان) وعوض منها (ما) الزائدة وبعد حذفها انفصل الضمير بعد اتصاله، فصارت (أن ما أنت)، فقلبت النون ميماً للإدغام، وأدغمت في ميم (ما) فصارت (أما).


    ومن ذلك قول الشاعر:


    أَبا خُراشةَ، أَمَّا أَنتَ ذا نَفَر!

    فإنَّ قَوْمِيَ لَمْ تأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
    [والتقدير: لأن كنت ذا نفر افتخرت علي أو هددتني، لا تفتخر علي، فإن قومي لم تأكلهم الضبع. وأراد بالضبع السنة المجدبة مجازاً، أو الضبع حقيقة، فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه، لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع]

    4ـ أنها قد تُحذَف هي واسمها وخبرُها معاً، ويَعوَّضُ من الجميع (ما) الزائدةُ، وذلك بعد (إن) الشرطيةِ، في مثل قولهم: (افعل هذا إِما لا).

    ((والأصل (افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره). فحذفت (كان) مع اسمها وخبرها وبقيت (لا) النافية الداخلة على الخبر، ثم زيدت (ما) بعد (أن) لتكون عوضاً، فصارت (إن ما)، فأدغمت النون في الميم، بعد قلبها ميماً، فصارت (إما) )).

    5ـ أنها قد تُحذَفُ هي واسمها وخبرُها بلا عِوَضٍ، تقولُ: (لا تعاشر فلاناً، فانه فاسدُ الاخلاقِ)، فيقولُ الجاهلُ: (أني أُعاشرُهُ وإن)، أي: وإن كان فاسدَها، ومنه:


    قالَتْ بَناتُ الْعَمِّ: يا سَلْمَى، وإنْ

    كان فَقيراً مُعْدِماً؟! قالَتْ: وإنْ

    تُريدُ: إني أَتزَوَّجهُ وإن كان فقيراً مُعدِماً.


    6ـ أنها يجوزُ حذفُ نونِ المضارع منها بشرط أن يكون مجزوماً بالسكون، وأن لا يكونَ بعده ساكنٌ، ولا ضميرٌ متصلٌ. ومثال ما اجتمعت فيه الشروطُ قولهُ تعالى: {لم أكُ بَغِيّاً}، وقول الشاعر:


    ألَمْ أَكُ جارَكُمْ ويَكونَ بَيْني

    وبَيْنَكُمُ الْمَودَّةُ والإِخاءُ

    والأصلُ: (ألمْ أكنْ). وأما قولُ الشاعر:


    فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدَت وسَامَةً

    فَقَدْ أَبدَت المِرآة جَبْهَةَ ضَيغَم
    [ الضيغم: الأسد، وأصله يعض، من ضغمه ضغماً، إذا عضه]

    وقول الآخر:
    إذا لَمْ تَكُ الحاجاتُ مِنْ هِمَّة الْفَتَى

    فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْكَ عقْدُ الرَّتائِم
    [الرتائم: جمع رتيمة، وهو خيط رفيع يعقد في الإصبع للتذكير]

    فقالوا: انه ضرورة. وقال بعضُ العلماءِ: لا بأسَ بحذفها إن التقت بساكن بعدَها. وما قوله ببعيدٍ من الصواب. وقد قُريءَ شُذوذاً: {لم يَكُ الذينَ كفروا}.



    خصوصيَّةُ (كانَ ولَيْسَ).

    تختصُّ (ليسَ وكانَ) بجوازِ زيادةِ الباء في خبريهما، ومنهُ قولهُ تعالى: {أليسَ اللهُ بأحكمِ الحاكمين}. أما (كان) فلا تزادُ الباءُ في خبرها إلاّ إذا سبقها نفيٌ أو نهيٌ نحو: (ما كنتُ بحاضرٍ) و (لا تكنْ بغائب)، وكقول الشاعر:


    وإن مُدَّتِ الأَيدي إلى الزَّادة، لَمَّ أَكُنُ

    بأَعْجَلهمْ، إِذْ أَجْشَعُ الْقَوْمِ أَعجَلُ

    على أنَّ زيادةَ الباء في خبرها قليلةٌ، بخلافِ (ليس)، فهي كثيرة شائعة.

  10. #110

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    كاد وأخواتها

    أو أفعالُ المقارَبةِ

    (كادَ وأخواتُها) تعملُ عملَ (كان)، فترفعُ المبتدأ، ويُسمّى اسمها، وتنصبُ الخبرَ، ويُسمّى خبرها. وتُسمّى: أفعالُ المقاربة.

    (وليست كلها تفيد المقاربة، وقد سمي مجموعها بذلك تغليباً لنوع من أنواع هذا الباب على غيره. لشهرته وكثرة استعماله).

    وفي هذا المبحث ستةُ مباحثَ:

    1ـ أقسامُ (كادَ) وأَخواتِها

    (كادَ وأخواتها) على ثلاثة أقسام:

    أ ـ أفعال المقارَبة، وهيَ ما تَدُل على قُرب وقوع الخبر. وهي ثلاثةٌ: (كادَ وأوشكَ وكرَبَ)، تقولُ: (كادَ المطرُ يَهطِلُ) و (أوشكَ الوقتُ أن ينتهي) و (كرَبَ الصبحُ أن يَنبلج).

    ب ـ أفعال الرَّجاءِ، وهي ما تَدُل على رجاءِ وقُوع الخبر. وهي ثلاثةٌ أيضا: (عَسى وحرَى واخلولقَ)، نحو: (عسى الله أن يأتيَ بالفتح)، وقول الشاعر:

    عَسَى الْكرْبُ الْذي أمسَيْتُ فيه
    يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قريبُ

    ونحو: (حَرَى المريضُ ان يشفى) و (اخلولقَ الكسلانُ أن يجتهدَ).
    [خَلِقَ واخلولق: استوى واملاس، اخلولقت الغيمة أي املست واستوت وأصبحت جاهزة للمطر: من ابن منظور ـ لسان العرب]

    ج ـ أفعال الشروع، وهي ما تدل على الشروعُ في العمل، وهي كثيرةٌ، منها: (أنشأ وعَلِقَ وطَفِقَ وأخذَ وهَبَّ وبَدأَ وابتدأ وجعلَ وقامَ وانبرى).

    ومثلُها كلُّ فعلٍ يَدُلُّ على الابتداء بالعمل ولا يكتفي بمرفوعه، تقولُ: (أنشأ خليلٌ يكتُبُ، عَلِقوا ينصرفون، وأخذُوا يَقرءُونَ، وهَبَّ القومُ يتسابقونَ، وبَدَءُوا يَتبارَونَ، وابتدءُوا يتقدَّمونَ، وجعلوا يَستيقظونَ، وقاموا يتنبَّهونَ، وانبَروْا يسترشدونَ).

    وكلُّ ما تقدَّمَ للفاعل ونائبهِ واسم (كانَ)، من الأحكام والأقسام، يُعطَى لاسمِ (كادَ) وأخواتها.

    2ـ شُروطُ خَبَرِها

    يُشترَطُ في خبر (كاد وأخواتها) ثلاثةُ شروطٍ:
    أ ـ أن يكون فعلاً مضارعاً مُسنَداً الى ضميرٍ يعودُ الى اسمها، سواءٌ أكان مُقترناً بِـ (أنْ)، نحو: (أوشك النهارُ أن ينقضيَ)، أم مُجرَّداً منها، نحو: (كادَ الليلُ ينقضي)، ومن ذلك قولُه تعالى: {لا يكادونَ يفقهونَ حديثاً}، وقولهُ: {وطفِقا يخصِفانِ عليهما من وَرَقِ الجنَّةِ}.

    ويجوزُ بعدَ (عسى) خاصَّة أن يُسنَدَ الى اسمٍ ظاهرٍ، مُشتملٍ على ضميرٍ يعودُ الى اسمها، نحو: (عسى العاملُ أن ينجحَ عملُه) ومنه قولُ الشاعر:
    ومَاذا عَسى الحَجَّاجُ يَبْلُغُ جُهْدُهُ

    إِذا نحنُ جاوَزْنا حَفِيرَ زِيادِ

    ولا يجوزُ أن يقَعَ خبرُها جملةً ماضيةً، ولا اسميةً، كما لا يجوزُ أن يكون اسماً. وما وَرَدَ من ذلكَ، فشاذٌّ لا يُلتفتُ إليه. وأما قولهُ تعالى: {فطَفِقَ مَسحاً بالسوق والأعناقِ}، فمسحاً ليس هو الخبرَ، وإنما هو مفعولٌ مطلقٌ لفعلٍ محذوفٍ هو الخبرُ، والتقديرُ: (يمسح مسحاً).

    ب ـ أن يكون متأخراً عنها. ويجوزُ أن يتوسَّطَ بينها وبينَ اسمها، نحو: (يكادُ ينقضي الوقتُ). ونحو (طَفِقَ ينصرفون الناسُ).

    ويجوزُ حذفُ الخبرِ إذا عُلِمَ، ومنهُ قولهُ تعالى، الذي سبق ذكرهُ: {فطفقَ مسحاً بالسُّوقِ والأعناقِ}، ومنه الحديثُ: (من تأنّى أصاب أو كادَ، ومن عَجلَ اخطأ أو كادَ)، أي: كادَ يُصيبُ، وكادَ يخطئ، ومنه قولُ الشاعر:


    ما كانَ ذَنْبيَ في جارٍ جَعَلْتُ لهُ
    عَيْشاً، وقدْ ذاقَ طَعْمَ المَوْتِ أو كَرَبا
    أي: كربَ يَذوقُهُ، وتقولُ: (ما فعلَ، ولكنهُ كادَ)، أي: كادَ يفعلُ.


    ج ـ يُشترطُ في خبر(حَرَى واخلولقَ) أن يقترنَ بِـ (أن).

صفحة 11 من 17 الأولىالأولى ... 910111213 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة اللغة العربية واللسانيات
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2015, 08:06 PM
  2. الدروس المستفادة من الثورات العربية الحالية
    بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-23-2013, 06:14 PM
  3. موسوعة من الخطوط العربية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-18-2011, 01:17 AM
  4. موسوعة شهداء الأمة العربية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2011, 09:33 AM
  5. موقع التعليم الإلكتروني باللغة العربية يقدم كافة الدروس مجانا
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2008, 09:56 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •