فضح المراقب نفسه
لكل شعب طريقة في الكلام تظهرها لهجته المحلية وتجعله أسيراً للون يتلون به الشعب كله، ولكل شخص أسلوب يميزه عن الآخرين، فتراه يدس بعض الإشارات أو الألفاظ حتى تصبح لديه عادة، فيتعرف عليه أهله وأصحابه حتى من خلال الهاتف.
منهم: من يستخدم عبارة (فهمت كيف؟) و (فهمت شلون؟) فبين كل ما يعادل سطرين أو ثلاثة من الكلام.. يتوقف ليسأل من يحدثه (هل فهمت الكلام؟). ومنهم ما يتوقف بعد قليل من الكلام ليقول: (ما سألتني ليش؟). وكأن هذا النوع من الناس يريد أن يضمن عدم سهو من يتكلم إليه، فيربطه بتلك الأسئلة!
هناك أشخاص بل نوع كامل من الناس (يشخر) بعد كل جملتين أو ثلاثة، فيسرد أقصوصة أو واقعة حدثت له وينتهي باستنتاج: (يريد أن يضحك علي!) ويشخر (خخخخخخخخ).
كان أحد القضاة، التابعين لهيئة القضاء العالي الإنجليزي في البلدان العربية التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني، يشخر عندما لا يعجبه كلام أو إفادة أحد المتخاصمين لديه. ولما كانت تلك العادة غير لائقة بين القضاة، كتب به أحد المخبرين كتاباً يشكو فيه من عادة القاضي السيئة، فبعث مجلس القضاء العالي أحد المراقبين العرب ليتحقق من ذلك.
والمراقب جالس، حضر متخاصمان، أحدهما يشتكي من الآخر بأنه أقرضه مائة ليرة ذهب، ولم يسددها حتى الآن..
فسأله القاضي: هل هذا صحيح؟
أجابه: نعم..
ـ ولماذا لم تسدده له؟
ـ سيدي ليس باستطاعتي تسديد المبلغ دفعة واحدة!
التفت القاضي الى خصمه وسأله: هل توكلني أن أقسط المبلغ الى أقساط كل قسطٍ بعشر ليرات؟
ـ المشتكي: تحت أمرك سيدي إني أفوضك بذلك..
التفت القاضي الى المدين: وأنت.. هل تقسطه عشرة أقساط؟
ـ لا أستطيع ذلك سيدي.
التفت الى المشتكي: هل تفوضني أن نجعل القسط خمس ليرات؟
ـ أفوضك سيدي
ـ وأنت؟
ـ لا أستطيع دفع خمس ليرات شهريا..
التفت الى المشتكي: هل تفوضني أن نجعل القسط ليرة واحدة شهريا؟
ـ أفوضك سيدي
التفت الى المدين: وأنت؟
ـ لا أستطيع دفع ليرة واحدة شهريا
التفت الى المشتكي: هل تقبل نصيحتي وتسامحه بالمبلغ وتحتسبه عند الله؟
المشتكي: مثلما تأمر سيدي .. أنا تحت أمرك.
التفت الى المدين وطلب منه أن يُقبل رأس المشتكي ويشكره..
المدين: لن أُقبل رأسه أبداً
تدخل المراقب متوجها للقاضي: هل تشخر له أم أشخر أنا؟؟؟