قصة شهيد الأسرى الأمميين في ذاكرة الثوار
شهيد الحركة الأسيرة الفلسطينية المناضل اليوناني ميخائيل بابا لازارو
بقلم الناطق الإعلامي لكتائب نسور فلسطين الأخ أبو علم
قد يكون من العار علينا أن لا نستذكر أولئك الأبطال الذين امنوا بالقضية الفلسطينية وبإنسانيتها فأعطوها جل حياتهم وكثيرون هم أولئك المناضلون الأمميون الذين انخرطوا في صفوف الثورة الفلسطينية منطلقين من المقولة الجيفارية الثورية " أينما وجد الظلم فذاك موطني "
واليوم فان الوفاء لهؤلاء المناضلين الاقحاح يفرض علينا أن نستحضرهم في الذاكرة وهم سيبقون في ذاكرة التاريخ نجوما تضيء الدرب لكل الزاحفين صوب بوابات الحرية والإنسانية

نعم لم يكن مصادفة بتقديرنا أن تتزين كوكبة الشهداء داخل الأسر بالشهيد البطل ميخائيل بابا لازارو بل هي حتمية نضالية تاريخية وحتمية فكرية لما تحمله القضية الفلسطينية من مضامين إنسانية وحضارية في مواجهة سطوة الامبرياليين والصهاينة حتمية تفتح أمام الأجيال القادمة آفاق الحرية والإنسانية المتحضرة فميخائيل بابا لازارو هو رسول مهد الحرية وأقدم ديمقراطية عرفها التاريخ إلى فلسطين الثورة فلسطين النضال فلسطين التي تحمل على كاهلها وزر البشرية ويمتد نضالها على امتداد ما ينيف على القرن من الزمن
ولد الشهيد البطل في اليونان في عام 1933وللحقيقة وللتاريخ فكل ما نعلمه عنه وقبل انتمائه للثورة الفلسطينية انه في أوائل سبعينيات القرن الماضي كان يمتلك سفينتين بحريتين وكان يعمل في نقل البضائع وشحنها على سفينتيه من ميناء لآخر
وبفعل مقارعته وصداقته مع البحر اكتسب أخلاق البحارة بكل ما تحمله من مضامين ركوب الأهوال والتعاون وهو من الرجال الذين تسري في عروقهم مبادئ ومثل فلاسفة اليونان القديمة
وبفعل حركته بين موانئ قبرص وتركيا وبيروت سمع بالقضية الفلسطينية وبما يمارس ضد الشعب الفلسطيني من وحشية على أيدي الصهيونية الفاشية فحمل بداخله لفلسطين حبا إنسانيا اكبر من إقليمية الانتماء
عرض عليه الإخوة في حركة فتح مساعدتهم وحينما شرعوا بالحديث معه عن القضية الفلسطينية وعدالتها انتفضت بداخله الحمية الإنسانية ولم يراوده أي تفكير بل صرخت بداخله صرخة حملها وحملت كل المضامين الإنسانية لفرسان ونبلاء اليونان القديمة وقال : أنا وما املك فداءا لنداء الواجب لفلسطين ودع زوجته وابنه وانطلق بسفينتيه إلى لبنان
انتقل إلى لبنان والتحقت سفينتاه بسلاح البحرية التابع لحركة فتح وتزوج من فلسطينية تعيش في مدينة طرابلس اللبنانية وأنجب منها ثلاثة أطفال وبقي يعمل في سلاح البحرية وتنفيذ مهمات نقل وتهريب السلاح من اليونان وقبرص وتركيا إلى لبنان

في عام 1979 خرج الشهيد البطل ميخائيل بسفينته في مهمة عسكرية كانت تستهدف شواطئ دولة الكيان ومعه مجموعة عسكرية بحرية تابعة لحركة فتح وقبل الوصول إلى الهدف المحدد حوصرت السفينة بالطائرات المروحية والبوارج وتم اسر كل من على ظهر السفينة

أثناء التحقيق معه تعرض لأبشع أساليب التعذيب وقدم نموذجا رائعا في الصمود ورفض الإدلاء بأي معلومات وبقي مصرا أمام الجلادين على موقفه المؤيد للنضال الفلسطيني وعدم ندمه على ما فعله بل تحداهم بإعلان جاهزيته للشهادة من اجل القضية الفلسطينية

وفي قاعة المحكمة العسكرية وقف الشهيد البطل بكل شموخ مؤكدا على عدالة القضية الفلسطينية وعلى فاشية الدولة العبرية وحتمية زوالها وحكمت عليه المحكمة العسكرية الصهيونية لمدة احد عشر عاما
عاش معظم فترة اعتقاله في سجن بئر السبع وحاز على حب واحترام جميع الأسرى وكان موضع ثقة الجميع كان يتحدث اللغة العربية بلكنة أجنبية حببته إلى كل من كان يتحدث معه

كان يعاني من مرض السل ورغم خطورة وضعه الصحي رفض استثناءه من خوض الإضرابات وبقي مصرا على المشاركة ولم يرضخ لقرارات لجان الإضراب والتي كانت تطالبه وذلك خوفا على حياته بعدم المشاركة

في بداية عام 1983 تفاقمت حالته الصحية وبعد ضغط متواصل من قبل الأسرى على إدارة السجون تم نقله إلى مستشفي سجن الرملة وهناك زاره القنصل اليوناني بعد أن رفضت الحكومة الصهيونية إطلاق سراحه وإعادته إلي اليونان وأثناء زيارة القنصل اليوناني له استطاع أن يقنع القنصل بعدالة القضية التي من اجلها ناضل واعتقل وهذا ما دفع القنصل اليوناني بتكرار الزيارة له في مستشفى السجن

وعل الرغم من تردي حالته الصحية أعادته مديرية السجون الصهيونية إلى سجن بئر السبع وواصل مرحه وبشاشته وتفاعله مع الجميع وكان حريصا علي إثارة المرح بين زملائه الأسري علي الرغم من معاناته من الآلام الفظيعة التي كانت تنتابه حيث أن مرض السرطان بدأ يغزو رئتيه وأمام ضغط الأسري في سجن بئر السبع تم نقلة مرة أخري إلي مستشفي سجن الرملة وذهب القنصل اليوناني لزيارته مرة أخري وقال له في زيارته الأخيرة لا تجزع يا ميخائيل أنت مناضل من اجل حرية شعب له قضية عادلة

أدرك ميخائيل أن دم نبلاء اليونان القديمة انبعث في شرايين القنصل فطلب منه عمل تأشيرة دخول لابنة إلي دولة الاحتلال ولم يتوانى القنصل وقام بعمل تأشيرة لابنة من المرأة اليونانية وبعد أن وصل ابنة إلي الدولة العبرية طلب من والدته الإسهام معه ماليا لتغطية مصاريف السفر والإقامة فرفضت ذلك

كان لقاءا مؤثرا للغاية بين الابن وأبيه وحين قاربت زيارته علي الانتهاء قال له :ولدي أوعدني أن تحضر يوما لزيارتي ويوما آخر تتجول في هذه البلاد الجميلة كي تعرف معالمها إنها بلد تستحق المعرفة وتعرف علي أهلها الكرام الذين يستحقون التضحية من اجلهم

وبوفاء الولد البار عمل بوصيه والده وقبل أن يأتي لزيارة والده في اليوم الثالث اتصل علي والدته اليونانية من احد البيوت في رام الله وقال لها علي الهاتف : يكفيني فخرا أني تعرفت علي الشعب العظيم الذي ناضل والدي من اجله ولست بحاجة لأموالك فقد وفروا لي كل احتياجاتي

بعد أسبوعين من قدوم الابن وأثناء معاودته لأبيه في مستشفي سجن الرملة أبلغته إدارة السجن أن والده قد فارق الحياة
وقف الابن للحظات طويلة ينظر إلي السجان وفي أعماقه كانت تتردد هالة من الكلمات النورانية " من مات من اجل قضية عادلة لم يمت ويبقى خالدا بخلود العدالة ذاتها
"
استشهد البطل الاممي ميخائيل بابا لازارو في شهر آذار عام 1983 ونقل جثمانه الطاهر إلى مسقط رأسه في اليونان ليسجل على ضريحه ميخائيل بابا لازارو مناضلا يونانيا قدم حياته قربانا للدفاع عن قضية إنسانية عادلة هي قضية الشعب الفلسطيني

باسمي واسم كل المقاتلين في كتائب نسور فلسطين وفي هذا اليوم يوم الأسير الفلسطيني ندعو الأخوة في فضائيتي تلفزيون فلسطين والأقصى بعمل بريشور وباللغتين اليونانية والانجليزية يذكر بهذا المناضل اليوناني الذي استشهد داخل سجون الاحتلال وهذا أقل ما يمكن أن يقدم وفاءا له ولكل الشهداء
http://knspal.net/arabic/index.php?act=Show&id=8106


--
chebachar1970@hotmail.com
--