دلال المغربيفي الحادي عشر من آذار عام 1978 كانت مجموعة فدائية مكونة من احد عشر مقاتلاً تتقدمهم دلال المغربي في رحلة العودة الى الوطن دون انكسار بأسلحتهم وبنادقهم وكبرائهم الثوري واشتياقهم العميق لأرض هجروا منها قسراً وقهراً ، وكانت حيفا بشاطئها الجميل تستقبلهم بهدوء وتحتضنهم بفرحة وتمد لهم اكفها المشتاقة لعناقهم منذ زمن ، كانت حيفا تفتح ذراعيها لهم وتتجرد من كل الأسماء المزيفة ، وتخلع عنها ثوب الهزيمة بفرحة اللقاء الذي انتظرته فكانت مبتسمة لدلال وإخوتها طلائع المحررين ، أول العائدين وأول المبشرين وأول المؤسسيين لدولة فلسطين وكانت حيفا نقطة البداية ، كانت حيفا تخلع ثوب الانكسار وتلبس ثوبها الوطني المزركش بزخارف الفلسطينيين القدماء وتظهر بأسمائها المغيبة بفعل الاحتلال وتبعث برائحة الليمون والبرتقال كما كانت تفعل دون تردد لأنها اليوم عادت مع عودة دلال المغربي وإخوانها الذين أعادوا إليها دورة الزمان المفقود واقتربوا منها فابتسمت لهم واحتضنتهم.بقلم بهاء رحال
احد عشر كوكباً في طريقهم الى فلسطين قادمون من المنفى والشتات ، ركبوا البحر وأبحروا حتى حطت مراكبهم على شاطئ حيفا وهجاً وبريق أمل وهم يعودون من منفاهم، ليس عودة مؤقتة كما نفعل نحن أو عودةً تنتظر تأشيرة دخول وأذن بالبقاء المؤقت كما يفعل الزائرون بل هي عودة دائمة الى وطن اعتقد الكثيرون أنهم بعيدون عنه فكانوا الأقرب منه وهم يقطعون المسافات في عمق البحر ومراكبهم تقترب من فلسطين وفلسطين تقترب من مراكبهم فهي تنتظرهم منذ زمن مثلما انتظروها طويلاً طويلاً حتى أتت لحظة العناق الأبدي التي ظن الكثيرون أنها لن تأتي وأن مجرد التفكير بها هي حالة هستيريا يعيشها الفلسطيني دون أن يقترب من ملامسة الحقيقة حتى جاءت دلال المغربي وإخوانها الذين أعادوا لحيفا الأسماء كلها وقد لامسوا الحقيقة بأجمل حالاتها وعانقوا فلسطين وعانقتهم .
احد عشر مناضلاً في فلسطين ، عائدون من منفاهم المؤقت عودة دائمة الى الوطن ، اجتمعوا بأحلامهم وأمنياتهم واقتربوا من فلسطين حتى لامسوها ووطئت أقدامهم ثراها ، فلسطين التي انتظرتهم واحتضنتهم واقتربت منهم وكشفت لهم كل الأشياء المخبئة فيها وتجردت أمامهم بتاريخها الذي يعرفونه ويعشقونه .
في الحادي عشر من آذار كانت فلسطين تبتسم بعدما أعادت لها دلال المغربي وإخوانها العائدين الى الوطن حروفها العربية التي حاولوا اقتلاعها وتزويرها بالبدع والخرافات ، أعادوا إليها الأمل وهم يتقدمون طلائع العائدين من منفاهم ، المتعلقين بالوطن والمتعطشين للحظة لقائه المنتظر ، فأين نحن الآن منك يا دلال وقد ضللنا الطريق بعدك ، وسافرنا باتجاهات معاكسة ومختلفة ، التقينا خلسة وهربنا تِباعاً وتباعدنا ثم تعانقنا ثم افترقنا وتكسرت بنا سبل اللقاء ثم عدنا بصمت وتعانقنا، وانطلقنا وانتفضنا واتحدنا وانقسمنا وانفصلنا وأطلقنا الرصاصات بغير اتجاه حتى صارت طريق العودة أطول ولم تعد قريبة لأننا لم نكن تمتلك الشجاعة الكافية مثلك .
لقد عرفت دلال المغربي اقصر الطرق الى فلسطين وقد أرشدتنا إليها لكننا غيرنا الاتجاه وبدلناه من اقصر الطرق الى أطولها وأصعبها وأبعدها