أسئلة مقابلة منتديات فرسان الثقافة
-- 1- هل كنت تعتقدين وكنت على يقين انك ستدخلين غزة؟
الجواب الأول:
طبعاً لا! قال لنا جورج غلوي: كونوا جاهزين لكل الإحتمالات، من الممكن أن الحكومة المصرية لاتسمح لنا بالدخول إلى غزة وبالتالي لا ندخل أبداً! وممكن أثناء مرورنا من خليج النويبع أن نتعرض لقصف إسرائيلي، لأنه على بعد بضع مئات من الأمتار من المستوطنات الإسرائيلية! كنا على علم بكل هذا قبل تحركنا من إنكلترا، كان جورج صريح إلى آخر حدود مع أفراد القافلة... ومع ذلك كان لابد إلا أن نذهب؛ وذلك لنشد على أيدي إخواننا في غزة، وحتى لو بقي هذا الشد معنوياً، في حال لم نستطع إدخال المساعدات الإنسانية لهم!
وبالفعل تعرضت غزة ونحن فيها لقصف إسرائيلي، وصل إلى بعد ميل ونصف فقط من مكان إقامتنا، لقد كان المبنى الذي كنت أقيم فيه يهتز بشدة. والغريب أننا لم نشعر بالخوف أبدأ. كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً حين بدأ القصف، وكنت أنام عند عائلة في غزة، كان كل أهل البيت في أسِرَّتِهم على وشك النوم، فلما بدأ القصف فجأة رأيت باب الغرفة التي كنت أنام فيها يُفتح، وبدأت إناث وأطفال العائلة كلها تتجمع حول السرير الذي كنت أنام عليه، وبدأوا يمطرونني بالأسئلة: ماذا تنوين أن تفعلي؟ قلت: بماذا؟ قالوا: ألاتسمعين القصف؟ فأجبتهم: نعم أسمعه وشويعني؟ راح حط رأسي على وسادتي وأنام وأنا أردد الشهادة، فإن كُتِبَ لنا أن نستشهد في القصف، فلن يفيدنا الهرب والأفضل لنا أن نموت ونحن مرتاحين فنتمكن من ذكر شهادة لاإله إلا الله بسهولة وبكثرة!َ نظر الجميع لبعضهم البعض وأفلتت منهم ضحكة عالية، وقالت إحدى بناتهم لباقي أفراد العائلة وهي تضحك: كأنها واحدة من أهل غزة! فهمت وقتها أن السكون والطمأنينة التي يُنزلها الله عليهم هي سر صمودهم، فلقد أحسست بهما بنفسي!!! والله ماشعرت بنفس ذلك الهدوء النفسي والسلام والسكينة والطمأنينة إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة حين ذهبت للحج! والغريب أن غير المسلمين أيضاً من أفراد القافلة ذكروا لي أنهم أحسوا بنفس المشاعر، هذا ماقلته لي ماري الإنكليزية التي كانت معنا، ولفتت نظري أيضاً إلى أصوات العصافير الجميلة، قالت:" أتسمعين هذه الأصوات الكثيرة والعالية، أنا لم أسمع صوت عصافير طوال الرحلة منذ غادرت لندن إلى غزة براً عن طريق أوروبا".
2- وهل كنت راضية عن التحضيرات لها؟ وما ملاحظاتك بشكل عام؟
الجواب الثاني:
الإنسان عندما يقوم بعمل ما، يتمنى دائماً لو كان قام به بشكل أحسن مما عمله، ويعلم الله أن المخلصين في القافلة عملوا كل جهدهم ولكن الإمكانيات كانت محدودة. ملاحظاتي بشكل عام أن الإنسان يتعلم كل يوم ويزداد خبرة مع التكرار، فهذه القوافل حدث تاريخي جديد لم يألفه الناس. ولابد لكل عمل جديد من أن يكون له ثغرات، لايعلم بها القائمون عليه إلا من خلال الممارسة المهم أن تعالج بعد إكتشافها.
3- وهل ترين أنه بات أمر ميسر ترتيب قوافل أخرى؟ وماهي المتاعب التي واجهتكم؟
الجواب الثالث:
بالعكس تماماً! فإن ترتيب القوافل يزداد صعوبة بعد كل قافلة! لأن العدو لم يكن مستعداً لمواجهة هذه القوافل، الآن هو درس أوضاعها ودس رجاله بين أفرادها لنشر الشائعات أثناء رحلتنا الأخيرة لغزة، لإثارة الشكوك في القيادة!! ولكن جورج بحنكته السياسية تغلب عليها بذكاء لماع ماشاء الله... وإن شاء الله في القوافل القادمة سنكون أكثر تحضيراً لمواجهتهم. وأيضاً الحصار الذي تضربه الحكومة المصرية لتصعيب الأمورعلى القوافل كان متعباً جداً، وخصوصاً حينما استعملت الحكومة المصرية العنف مع المتظاهرين، الذين كانوا يطالبون سلمياً بالسماح لهم بالدخول إلى غزة. لقد حبسونا في ميناء العريش بلا طعام، ولامكان للنوم، وكان البرد شديد، ومكان المراحيض قذر بشكل جعلنا نشعر بالخجل أمام الأوربيين! ولكن موظفي مرفأ العريش كانوا طيبين جداً، وكانوا يساعدوننا بالسماح لنا باستعمال مراحيض مكاتبهم النظيفة والحديثة، كنا نتوضأ وننزل إلى الجامع الصغير الموجود داخل مبنى الميناء فنصلي. ولم يجد أفراد القافلة غير الجامع ليناموا فيه، فنمنا رجالاً ونساءاً، الرجال في جهة والنساء في الجهة الأخرى.
الآن منعت الحكومة المصرية كل قوافل كسر الحصار على غزة من الدخول لمدة ثلاثة أشهر بشكل عام، ومنعت جورج غلوي بشكل خاص من الدخول إلى غزة من الأراضي المصرية نهائياً، وأهانوه وبلَّغوه أنه شخص غير مرغوب فيه في مصر!!! لذلك قرر جورج الآن أن يركب متن البحرعلى بواخر تركية، للوصول لغزة، ولايخفى عليك أن تلك المسألة خطرة جداً؛ لأنه حتى تدخل القوافل غزة مباشرة، هذا يعني أنها ستدخل المياه الإقليمية لغزة عن طريق البحر، مع العلم ان البوارج الإسرائيلية -التي رأيتها بعيني- تقف على بعد ميل من ميناء غزة. وكلنا نعلم ما تفعل إسرائيل بسفن كسر الحصار القادمة من البحر مباشرة إلى غزة. الله أكبر عليهم، توكلنا على الله فهذا إمتحان ليس بالسهل أبداً، نسأل الله بقدرته أن يمرره بسلام على تلك القوافل التاريخية بقيادة النائب البريطاني جورج غلوي يارب. على فكرة الإنتخابات الآن على الأبواب إدعوا له أن ينجح فيها كنائب في البرلمان البريطاني؛ فهو الصوت الداعم للمسلمين ولنصرة المظلومين المضطهدين في كل مكان في العالم، صوت قوي مسموع في أوروبا والأمريكيتين وكل دول العالم.
4- ماهي الأمور التي يمكن تلافيها في المشاريع اللاحقة؟ ولم تعجبك؟
الجواب الرابع:
الأمورالتي لم تعجبني، في الواقع لا أريد الكلام عنها لأني أعتبرها كالأمن القومي للقافلة، إن شاء الله سيكون هناك إجتماع لبحث هذه الأمور وطيقة معالجتها مع جورج غلوي قريباً، لأنه شخصياً ليس على إطلاع بتفاصيل ماحدث من أشخاص مشبوهين كانوا مدسوسين بيننا. فقد كان مشغولاً جداً وغارقاً حتى أذنيه كما يقال؛ في محاولات الحصول على دعم الجهات الدبلوماسية التركية وغيرها؛ للضغط على مصر لتسمح لنا بالدخول إلى غزة، لذلك تحاشينا أن نُبَلِّغهُ بكل التفاصيل وحاولت المجموعة المخلصة أن تواجه المشاكل بنفسها قدرالإمكان. والحمد لله نجحت إلى حد ما، ودخلنا غزة بفضل الله ثم بحكمة جورج المعروفة بإدارة الأمور الصعبة. أسأل الله أن تستطيع هذه القوافل أن تتغلب على كل الأمور التي ستواجهها في المستقبل.
5- كيف تقيمين التجاوب الجماهري لهذا المشروع؟
الجواب الخامس:
الحمد لله عدد المؤيدين كبير، ولكن ليس كل مؤيد يستطع الإشتراك في هذه الرحلات، وحتى لوأن أحدهم اشترك فممكن أن لايتمم الرحلة! والسبب أن معظم المتعاطفين المؤيدين يعملون، واشتراكهم بالقافلة يعني حاجتهم لإجازات من عملهم، القافلة التي كنت فيها رجع منها تقريباً 100 مشارك! وذلك بعد أن رفضت الحكومة المصرية السماح للقافلة بالدخول إلى غزة عن طريق ميناء النويبع في العقبة. لأن معنى عودتهم مع القافلة إلى سوريا ثم اللاذقية ثم إلى العريش، أنهم سيحتاجون 10 أيام أخرى، وبالنسبة لهم كانوا قد استنفذوا إجازاتهم وهذا يجعلهم معرضين لفقدان عملهم إن استمروا في البقاء مع القافلة، لذلك كان عليهم قطع الرحلة والرجوع لبلادهم للإلتحاق بعملهم... كانت معي سيدة نكليزية يهودية الديانة إسمها ليَّه، لما سمعت بالرفض صارت تبكي لأنها لن تتمكن من مرافقتنا لكسر الحصار على غزة. بعد أن كانت طوال الطريق تتحفنا بأغانيها التي تطالب بكلماتها الرائعة الشعب الأوروبي أن يساعد غزة عن طريق مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي تباع في أوروبا، وذلك لإرغام إسرائيل على رفع الحصار عن غزة!
أما عن التجاوب الجماهيري فحدث ولاحرج!!! فكلما دخلت القافلة بلداً، فاجأنا هجوم جماهيري حاشد ، يتخاطفنا أفراده ليستضيفونا في بيوتهم، وأصحاب الفنادق أيضاً استضافونا مجاناً، فنادق من الدرجة الأولى والثانية، كفندق صحارى في دمشق وفندق الشام عمان وفندق الشويكي في العقبة.كانت مناسف الطعام تفرش أمامنا ومن كثرتها ترفع وكأننا لم نأكل شيئاً، الفواكه والحلويات والأشربة المتنوعة. كان شيئاً لايصدق كالأحلام؛ شحذ همتنا ورفع معنوياتنا بعد رفض السلطات المصرية أن تُدخلنا من العقبة عن طريق ميناء النويبع... ثم أهل اللاذقية وطرطوس، يالله كم أكرمونا، والله أحبهم كلهم في الله ونشكر لهم كل مافعلوه للقافلة، لأنه فعلاً رفع معنوياتنا ورؤوسنا عالياً أمام الذين يرافقوننا من الأجانب في القافلة.
قالت لي واحدة من الأوروبيات القادمات من بلجيكا، فأنا لم أرافقهم من لندن بالسيارات، جئت بالطائرة لدمشق ومنها انضممت للقافلة، قالت لي وهي تخنقها العبرات هل تصدقي يامنى أننا حين مررنا من تركيا، كنا نمر في طريق السفر السريع الموتور وي، كانت الساعة الثالثة صباحاً وكان الثلج يهطل بشدة، والجو كان شديد البرودة، وفجأة وجدنا على الطريق حشود ضخمة تقف في إنتظارنا لتلوح لنا بالأعلام الفلسطينية، تحية وتشجيعاً لنا! وكذلك جرى أشياءاً مشابهة في اليونان وفي فرنسا وإيطاليا. وأيضاً في إنكلترا خرج الكثيرون ليودعوا القافلة.. الحمد لله شيء وكأنه الأحلام.
6- ماهو انطباعك بشكل عام وكيف تلخصين تجربتك هذه؟
الجواب السادس:
أنا سعيدة، سعيدة جداً.... أحياناً وأنا أجلس لوحدي أبكي!! فأنا لا أصدق أنني قد ذهبت إلى غزة، أتذكر وأتواصل مع أهل غزة بالهاتف معهم. لقد زرت خنساء غزة أم نضال فرحات، لم أتمالك نفسي من البكاء أمام هيبة عظمة تقديمها لأربع أبناء من أولادها شهداءاً فداءً لفلسطين، قبلت يداها وقبلت وجهها،والله وجهها كله نور، حبيبتي أم نضال، والله إني أحبها في الله هي وأمثالها لأن في غزة مثلها كثيرات سمعت عنهم ولكن لم أتمكن من مقابلتهن، أكلمها على الهاتف من لندن، وأقول لها نحن معكم ونحبكم ياأهل غزة العزة، رفعتم رأس المسلمين عالياً، جددتم الأمل فينا بالنصر بصمودكم .. أنا أعلم أن ذهابي إلى غزة لايقاس بعظمة مايفعله أهل غزة... ولكن الله يعلم أنه جهد المقل، وأنا قد قدمت عذري إلى الله، أن هذا أقصى ماأستطيع فعله كسيدة في الثالثة والستين من عمرها. إنها تجربة رائعة رائعة رائعة بكل معنى الكلمة أنك تحسين أنك قد ساهمت ولو بالقليل، نعم إنه سهم صغير جداً في الجهاد، أسأل الله أن يتقبله مني خالصاً لوجهه الكريم.
وهذا مقطع من قصيدة غزة لنورا كريدي نَشَرَتْها منتديات فرسان الثقافة؛ فأحببتها وتفاعلت معها كثيراُ... لذلك أحب أن أذكرهذا المقطع من هذه القصيدة. بعد أذن أسرة منتديات فرسان الثقافة.
من منتديات فرسان الثقافة
غزّة
يا بحر الدم في غزّة
يسبح فيك من بقوا أحياءْ
غداً .. سيكونون مدداً لكْ
وحقّاً عليّ ...
سأكون في أوّل الرّكب الرّاحل نحوكمْ
سأجعل من فجر الحريّة فستان عرس ألبسه لكم
ومن جدائلي طوقاً يلتمع في رقابكم
ومن روحي هديّة نصر ويا ليتها تليق بكم
يا فخر أمّتنا وأسودها الشّجعان كلّكم .
نورا كريدي
هذه صورة لي مع النائب البريطاني السيد جورج غلوي خلال حفل التكريم الذي أقيم في لندن
أنا موجودة في آخر الصف الأول والسيد جورج غلوي هو الشخص السابع في الصف من على يمين الظاهرين في الصورة
صور لبعض أفراد قافلة شريان الحياة التي دخلت قطاع غزة الشهر الماضي أثناء حفل تكريمهم في لندن وتقليدهم وشاح الشجاعة من قبل المنتدى الفلسطيني في بريطانيا وكل من الرابطة الإسلامية ومنتدى الوحدة الإسلامي وبدعم من مؤسسات بريطانية مختلفة مساء يوم الثلاثاء 23 شباط 2010 وذلك في قاعة كونوي بالعاصمة لندن.
أنا موجودة على المنصة في الصف الخلفي مع النساء ثالث إمرأة على اليمين.
إذا أردت إستخدام هذه الصور الثلاث أو إحداهن في المقال فلك الخيار
الصور في المرفق