المبحث السادس
-------------
المتغيرات السياسية على الساحة الاسرائيلية
مقدمة:-
لقد انتهي عقد الثمانيات والمشاكل السياسية علي اسرائيل والعالم العربي تتزايد حدتها ولكن انهيار النظام العربي شجع النظام السياسي الاسرائيلي علي توطيد اركانه وتثبيت كيانه مما رفعه الي التعامل مع عرب 1948م كجزء من المعادلة الاقليمية التي سيكون في نهاية المطاف هو القائد لها – وبالتالي يحتاج الي مواطنية هذه الاقلية بصورة او باخري وهذا ما سوف نلمسه في المتغيرات السياسية علي الساحة الاسرائيلية.
اولا / هجرة اليهود الروس وتهجير عرب فلسطين :-
1- اليهود الروس فى اسرائيل:-
خلال السنوات الاربع (1990 – 1993) هاجر اكثر من نصف مليون مواطن من الاتحاد السوفيتى سابقاً الى اسرائيل الامر الذى ادى الى ازدياد عدد سكانها بنسبة 10% ، وكانت اكثرية المهاجرين الراشدين من خريجى الجامعات السوفيتية او المعاهد التكنولوجية .
كما كانت الفئة الاكبر بين هؤلاء مهندسين ومهندسين معماريين ومن المفترض نموذجيا الا يكون القادمون الجدد زيادة رقمية فى عدد سكان اليهود فى اسرائيل فحسب ، بل ان يوفر ايضا (لجيل واحد على الاقل) المواهب والكفاءت التى تحتاج اليها اسرائيل لتوسيع الانتاج فى الاقتصاد الموجه نحو التصدير والقائم على تكثيف العمل والتكنولوجيا المتطورة . لكن العدد انخفض بصورة دراماتيكية ، ليستقر على 6000 مهاجر شهريا فى سنة 1993 كما تراجع بصورة ملحوظة مستوى مؤهلات المهاجرين وكفاءاتهم وبدلا من الاكثرية الساحقة من خريجى العلوم والفنون ، كان العدد الاكبر من القادمين ، خلال سنة 1994 من الفنيين و الحرفيين
لذا يدور هناك جدال علنى بشأن ما اذا كان عبء استيعاب المهاجرين ليس اكبر من الفوائد الكامنة فى اعدادهم ومهارتهم وتشير الاستطلاعات الدورية للاراء ، منذ عام 1989 الى انه فى حين يؤيد معظم الاسرائيلين القدامى لفظيا مبدا الهجرة فان اغلبيتهم وخصوصا اولئك الذين ينتمون الى الشرائح الاجتماعية الاقتصادية والاقل تحصيلا علميا تعتقد ان القادمين الجدد يتعاملون بمعاملة تفضيلية على حسابهم وهم غير مستعدين للقيام بدور ناشط من اجل استيعابهم ، اما الاقلية العربية فى اسرائيل التى يتدنى مستوى الكثير من الخدمات فى قراها ومدنها الى ما دون المعدل ، فهى ممتعضة بصورة خاصة من القادمين الجدد
ان الدور الذى تقوم به الحكومة الاسرائيلية والمؤسسات شبه الحكومية تاريخيا وتقليديا ، حيوى فيما يسمى "استيعاب المهاجرين" فالمهاجرون الجدد كلهم تقريبا ينقلون الى اسرائيل على حساب الوكالة اليهودية . وهى منظمة صهيونيه شبه حكومية يديرها جزئيا يهود الشتات والدائرة الحكومية المعنية ، اى وزارة الاستيعاب ، فبموجب قانون العودة الزمت اسرائيل نفسها عقب قيام دولتها بان تستقبل اى يهودى او اى فرد فى اسرة يهودية يطلب المواطنية الاسرائيلية ومن الصعب تصوران تقدم اية دولة اخرى بحجم اسرائيل اقل تكريسا لمبدا الهجرة كوسيلة انقاذ على استقبال مثل هذه الاعداد الضخمة من المهاجرين ، الذين لم يحملوا معهم شيئا سوى مهارتهم خلال مثل هذه الفترة القصيرة . وفى اية حال اتيح لاسرائيل فى الاعوام التى سبقت البريسترويكا فرصة كافية لدراسة المشكلات والصعوبات بالنسبة الى الدمج الاجتماعى لليهود الذين ترعرعوا فى ظل الحكم السوفيتى فقد استطاع الوصول الى اسرائيل منذ السبعينيات وما بعدها نحو 150.000 يهودى من الاتحاد السوفيتى ومع ان الكثيرين من هؤلاء واجهوا الصعوبات نفسها التى يواجهها المهاجرون اليوم فان اندماجهم فى المجتمع كان ناجحا
ان نجاح اسرائيل فى استيعاب المهاجرين الروس الاوائل بصرف النظر عن كونهم اقل عدد بكثير يعود جزئيا على الاقل الى ان الوضع الاقتصادى الاسرائيلى فى السبعينيات ، وخصوصا بعد حرب "يوم الغفران" سنة 1973 كان راكداً وصناعتها غير متطورة نسبيا والمهارات التى حملها المهاجرون معهم كانت مطلوبة اكثر ومع التحديث المتدرج للاقتصاد واقترابه اكثر الى المستويات الغربية ازداد انتشار البطالة حتى تراوحت نسبتها سنة 1989 ، ما بين 4% و7% وهى اليوم اكثر من 10% وبوصول المهاجرين من اتحاد الجمهوريات المستقلة ، ازدادت القوى العاملة بنسبة 8% خلال ثلاث اعوام اى اكثر مما يمكن للاقتصاد الاخذ فى التغير ان يستوعبه ، ومن اجل تلبية الحاجات السكنية التى تضاعفت اربع مرات بسبب وصول المهاجرين فى سنتي 1991 و1992 ، عكست الحكومة توجها عمره عشرون عاما نحو خصخصة سوق الاسكان ( من 28% فى ميزانية تطوير المشاريع الانشائية سنة 1975 الى 2% سنة 1989 ) .
وهكذا قفزت مشاريع البناء من معدل قدرة 1000 وحدة سكنية سنة 1989 الى 120.000 وحدة خلال السنتين الاوليين من الهجرة من اتحاد الجمهوريات المستقلة وبالتزامن مع ذلك عادت الحكومة الى اتباع الساسية الرامية الى توزيع السكان فى المناطق الواقعة فى الاطراف : الجليل والنقب و القدس اى المناطق التى تقع على الحد الفاصل بين اسرائيل والاراضى المحتلة . ويعود تاريخ هذه السياسة الى قيام الدولة نفسها فالجهود المبذولة لبناء مدن تطوير " فى منطقة الجليل ذات الاغلبية العربية وفى مناطق النقب الخالية ، كانت فى البداية تدبيرا امنيا اما اليوم فانها تقوم على تبريرات اقتصادية . وقد وفر ازدهار سوق البناء فرص عمل للاسرائيليين القدامى وللمهاجرين على السواء . كما ساهم فى تطوير بقى متاخرا فى مجال التكنولوجيا بسبب استخدام العمالة العربية الرخيصة من الاراضى المحتلة .
ويعانى جميع المهاجرين صدمة ثقافية فالهجرة من مجتمع ديكتاتورى واقتصاد مقنن الى ديمقراطية راسمالية حديثة ، ومن وضع اقلية اثنية الى العيش فى دولة يهودية هى نقلة قاسية بصورة خاصة ذات انعكاسات سلبية وايجابية على الاندماج فى المجتمع الجديد فبالاضافة الى المشكلات الاساسية المتمثلة فى ايجاد المسكن والعمل واجه المهاجرون مشكلة اخرى بشان هويتهم اليهودية و جهلهم النسبى للتقاليد والعادات اليهودية وبغض النظر عن السؤال عما اذا كان يمكن للدولة اليهودية ان تصبح تعددية بالمفهوم الاوسع هناك من المشكلات التطبيقية التى تبدا مع تسجيل مثل هؤلاء المهاجرين باعتبارهم روساً لا يهوداً والزوج الروسى ليهودية او الزوجة الروسية ليهودى يمكن ان يصبحا مواطنين تلقائيا ( وذلك لا ينطبق على الاقرباء البالغين للشريك غير اليهودى ) ، مثل هؤلاء المواطنين لا يمكنه ان يتزوج اسرائيلية يهودية فى اسرائيل (حيث لا تزال الزيجات خاضعة للسلطات الدينية ) ، كما لا يستطيع العمل فى صناعة متصلة بالامن ، وهذه امور تزعج اولئك المهاجرين الذين اعتبروا انفسهم دائما يهوداً، ومع ذلك فانهم بداوا يساهمون لا فى المجال العلمى بل ايضا فى الفنون والحياة الرياضية . لقد رفع المهاجرون الموسيقيون مستوى الفرق الموسيقية الاسرائيلية ، وسيرفع المهاجرون الرياضيون كذلك مستويات التدريب الجسمانى فى بلد لم يعرف رياضة سوى مشاهدة مباريات كرة القدم على شاشة التلفاز والمراهنة عليها
ان الموسيقين والممثلين يمثلون تقليدا عريقا من الانجاز الرفيع يعود الى عمق التاريخ الروسى الامر الذى جعلهم اعضاء فى نخبة مميزة فى ظل الشيوعية . اما الرياضيون وعلماء الرياضة شانهم شان رواد الفضاء ، فقد تمتعوا بالدعم المالى لانهم عززوا انجازات روسيا على الصعيد الدولى ومن السهل على الموهوبين فى الموسيقى والرياضة الانتقال الى حيث يشاؤون . اما بالنسبة الى الثقافة الادبية فقد شكل المهاجرون نوعا من الجيب المعزول داخل اسرائيل ، فالثقافة الروسية الضخمة (إذاعة ، وتلفاز ، وعشرات الصحف والمجلات ) ، جعلت من الممكن للمهاجرين ان يعيشوا حياة موازية لحياة الاسرائيليين الناطقين بالعبرية لكنها منفصلة عنها بالمعنى الثقافى ، فالروس الذين يميلون الى العيش معا يعملون معا فى الغالب وينتمون الى مجموعات ادبية وثقافية تعتمد اللغة الروسية وهم فى الغالب لا يجدون حاجة او حافز على دراسة اكثر من العبرية الاساسية . ويمكن ابراز دليل مؤسساتى واضح على نمو الجيب الثقافى الروسى فى اسرائيل فى الاندية الثقافية والصحافة الروسية ، وفى المركز الثقافى لليهود من اتحاد الجمهوريات المستقلة ينظم هذا المركز محاضرات متنوعة عن التاريخ اليهودى والاسرائيلى ، وعن الاحداث الجارية فى المجتمع الاسرائيلى فضلا عن الموضوعات الثقافية والفن الاسرائيلى , وتلقى تلك المحاضرات باللغة الروسية او باللغة الييديشية . وتجدر الاشارة الى ان اعضاء النخبة الفكرية الروسية فى القدس لا يزورون المركز الانادرا ، فهو يخدم المهاجرين الروس المحبين للثقافة والذين لا يندرجون تحت العنوان الحصرى "النخبة الفكرية" ويقوم بتمويل المركز بلدية القدس ، والمنتدى الصهيونى ومؤسسة crb وجمعية المسيحيين من اجل اسرائيل
و النوع الثانى منظمات ذات رغبة متعمدة فى ان تبقى منفصلة ثقافيا . وتعمل هذه المنظمات منفصلة على العموم ، لكن بالتعاون فيما بينها، فعلى سبيل المثال هناك نشاط مستمر يجرى تنفيذه منفصلا بين النخبة الفكرية فى موسكو ومنظمة سانت بيتر سبرغ ، وهذه المنظمة التى تضم اكثر من 500 عضو فى القدس وحدها هى احدى اكثر المنظمات نشاطا ، وقد ترافق تكوين هذه الاطر التعليمية مع انتقادات قاسية لنوع المدارس الاسرائيلية من حيث الفلسفة التربوية العامة والطرائق التعليمية .وهناك منتدى ثقافى اخر هو المكتبة الروسية وهو ليس مجرد مكتبة فقط بل هو ايضا مركز للانشطة الثقافية يحظى بتغطية واسعة فى الصحافة الروسية اليومية والاسبوعية . و فى اسرائيل اليوم نحو 50 صحيفة ومجلة روسية وهذا العدد يشمل اربع صحف يومية كبرى مع 14 ملحقا لها و 10 صحف اسبوعية ، وعشر صحف محلية فضلا عن مجلات شهرية او كل شهرين ومنشورات غير منتظمة الامر الذى يجعل افراد هذه النخبة يتوجهون الى قنوات اخرى للتعبير كالاندية
ويعتبر ( يسرائيل بعلياه) نفسة كحزب وسط حزبا للمهاجرين الروس وقد ايد مواصلة عملية السلام اسوة بما فعله الحزبين الكبيرين (العمل والليكود) لكنه لم يؤيد اى تنازلات كبرى عن الارض مثلما فعل حزب العمل كما لم يؤيد سياسة عدم التنازل التى تبناها حزب الليكود وعارض هذا الحزب قيام دولة فلسطينية مستقلة مثلما فعل حزب الليكود وحزب الطريق الثالث فضلا عن عدد كبير من اعضاء حزب العمل .
وبعكس حزب "الطريق الثالث" الذى انسجمت قيادته وناخبوه عقائديا مع الموقف الوسطى للحزب بالنسبة الى السياسة الخارجية وعملية السلام فان موقف "يسرائيل بعلياه" فى الوسط شكل القاسم المشترك الاصغر المقبول لدى ناخبية وفى محاولة منه لكسب الدعم الاوسع من المجتمع قلل الحزب اهمية الاختلافات العقائدية ، وركز على الاتحاد بشان المسائل المحلية . وفى المسائل المتصلة بالدين والدولة سار حزب "يسرائيل بعلياه" فى الوسط بحذر . وكان هناك عدة موضوعات تهم المهاجرين السوفيات اثارها الحزب اذ عارض معارضة تامة اى تغيير فى قانون العودة قد يودى الى الحد من حق الاقرباء غير اليهود فى المجئ الى اسرائيل وفقا لبنود ذلك القانون وبصفة عامة فالحزبان الممثلان للمهاجرين الروس هما / تحديدا "يسرائيل بعلياه" بزعامة ناتان شرانسكى ، ثم "يسرائيل بيتنو"او" اسرائيل بيتنا" الذى اسسه عام 1999 افيغدور ليبرمان ، المدير السابق لمكتب مدير الحكومة بنيامين نيتياهو
و فى انتخابات سنة 1988 صوت اغلبية المهاجرين الروس لحزب الليكود وفى انتخابات سنة 1992 لحزب العمل وفى سنة 1996 لـ" يسرائيل بعلياه " فى الكنيست ولبنيامين نيتياهو فى رئاسة الحكومة ، وكان تصويت سنة 1992 عاملا رئيسا فى انتصار حزب العمل انذاك وتصويت سنة 1996عاملا مهما فى انتصار بنيامين نتنياهو على منافسه شمعون بيرس ، ويترقب المحللون السياسيون فى اسرائيل الانتخابات لمعرفة اتجاه هبوب الرياح فى هذه الكتلة السكانية الضخمة ، التى يتفق الجميع على اهمية تاثيرها ودورها لا فى الانتخابات النيابية فحسب بل ايضا فى جميع نواحى الحياة العامة فى اسرائيل
2-سياسة التهجير لعرب فلسطين:-
فى مواجهة الهجرة اليهودية الجديدة الى ارض فلسطين يجد فلسطينوا الداخل انفسهم بين مطرقة الهجرة وسندان البطالة وفى وضع ماساوى يتجدد وجودهم وتطورهم معا ويخطف لقمة العيش من افواههم فهذا الغزو البشرى الواسع سيرافقه تصعيد لسياسة القهر القومى والتمييز العنصرى وتهويد ما تبقى من ارض عربية . وفى ظل موجات القادمين اليهودسيزداد الوضع الاقتصادى والمعيشى لجماهير فلسطينيى الداخل سوءا . فاستيعاب هولاء المتدفقين لا يضع علامة استفهام كبيرة حول مصير ما تبقى من ارض عربية فحسب , بل ان العربى هو اول الضحايا .. وفى الافق يلوح خطر تفعيل مبدا الممارسة الصهيونية " احتلال العمل " او "العمل العبرى" بصورة لم يسبق لها مثيل
ان من شان هذه الهجرة مفاقمة الوضع المتفاقم اصلاً ، وهو ما توكده المعطيات التالية :
- البطالة : تبلغ البطالة فى الوسط اليهودى 8%- 9% ، بينما وصلت فى الوسط العربى الى 20% وفي التعليم : يعانى الوسط العربى نقصا مستمرا فى غرف التدريس قدره 1200 غرفة وخمس الغرف المستعملة غير صالحه للتعليم . وفي الخدمات البلدية : تفتقر 26 بلدة عربية من مجموع 38 بلدة فيها سلطات محلية معترف بها الى شبكات المجارى .
وبالنسبة لخط الفقر : يعيش فى اسرائيل قرابة نصف مليون (بحسب الاحصاءات الرسمية ) تحت خط الفقر ، نسبة العرب منهم 50% ، علما بان نسبة العرب فى اسرائيل هى نحو 17% ، وفى الوقت الراهن هناك مخططات لابتلاع الاراضى العربية المتبقية والتى لم تعد تسد رمق اصحابها ، وتلجا اسرائيل الى ذلك اما بالمصادرة واما بحرمانهم من الرى واما بعرقلة تسويق منتوجاتهم وفرض ضرائب باهظة على اصحابها .
وتوكد الدلائل كلها ان السلطات الاسرائيلية تتعامل مع الجماهير الفلسطينية فى الداخل على انها "البطن الرخو" الذى تستطيع من خلاله فتح منافذ لاماكن عمل وسكن جديدة للمهاجرين الجدد ولعل فى مشاعر التململ التى بدات بالظهور فى اوساط العمال والاكاديميين العرب بعد ان تلقوا اخطارات بقرب الاستغناء عن خدماتهم ، ما يوكد ان اخطار هذه الهجرة على فلسطينى الداخل اشد كثيرا مما اعتقده البعض
و الهستدروت هو الاخر يساهم فى تعزيز الفصل العنصرى ضد العرب ، وقد رفض طلبا للقائمة المشتركة فى المؤتمر الهستدروتى للبحث فى قضية استفحال البطالة . وفسرت القائمة المشتركة على لسان النقابى سهيل دياب عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الهستدروت ذلك :-
بانه تهرب صريح من مواجهة الازمة على خلفية الحماس للهجرة واهمال العرب والعاطلين عن العمل ، فبدلا من ان تقوم هذه المؤسسة بدورها العمالى عينت مسؤولا فى كل لجنة عمالية للاهتمام بالعمال المهاجرين الذين يرغبون فى الاندماج فى اماكن عمل معينة. وفى الوقت الذى تعد اسرائيل قسائم الاراضى لتشييد المبانى وتوفير المساكن للمهاجرين فى شتى انحاء اسرئيل وفلسطين المحتلة ايضا فانها فى المقابل تواصل عمليات هدم البيوت العربية وتضييق الخناق على القرى والمدن والوجود العربى فى المدن المختلفة وتاتى مصادرة الاراضى العربية تحت ستار ما يسمى " المنفعة العامة" او "منفعة الجمهور " والتى ليست سوى وسيلة اخرى لمصادرة الاراضى العربية ; اذ دابت السلطات فى الماضى على تنفيذ مخططاتها تحت اقنعة من هذا النوع لمصلحة المستعمرات وفى الوقت الذى تجرد اسرائيل العرب من اراضيهم ، يعلن اكثر من وزير واكثر من مصدر توفير الاراضى والتشجيع المادى للمهجرين
وقد نشرت صحيفة "الاتحاد" (20/2/1990 )بيانا لوفد من الحزب الشيوعى الاسرائيلى يندد فيه بتوطين المواطنين الجدد من الاتحاد السوفيتى كما اعلن عضو الكنيست محمد ميعارى رئيس الحركة التقدمية للسلام ان هذه الهجرة ليست بريئة وهى مرفوضة من اى انسان يؤيد حق الشعوب فى العيش على اراضيها . وقال عبد الوهاب دراوشة رئيس الحزب العربى الديمقراطى :-
ان اى هجرة تمس حقوقنا كمواطنين هى مرفوضة واعلنت الحركة الاسلامية من جهتها انها ستطرح الامر على اجتماع لروساء السلطات المحلية العربية وستقترح ارسال وفد الى الاتحاد السوفيتى للمطالبة بوقف الهجرة الى اسرائيل واعلن الشيخ رائد صلاح رئيس بلدية ام الفحم / انه يجب منع هجرة اليهود السوفيت بكل الوسائل واعلن توفيق زياد رئيس بلدية الناصرة / انه لا يعارض الهجرة بشرط ان لا تضر العرب فى مصادر معيشتهم
وفى اواسط يولية عام 1990 افاق العرب فى يافا على مشروع هدفه النهائى ترحيلهم عن يافا وهو المشروع الذى يقضى بتهويد المدينة العربية ولا تخفى السلطات المسؤولة على لسان رئيس بلدية تل ابيب نيتها فى تفريغ يافا من سكانها العرب حين قال بان دولة اسرائيل يهودية ويافا مثلها مثل اى مدينة اخرى يشملها هذا التكوين . والملاحظ ان سكان يافا من عرب فلسطين الذى كان بعد الهجرة عام 1948 3000 نسمة قد بلغ بحسب تقديرات اسرائيلية 12.000 نسمة عام 1990 يعيشون فى مناطق محاصرة بالجرافات ومهددة باعلان تهويدها وطرد سكانها العرب منها الى المجهول