وإنْ عَصَرُوا لكَ السّحُبَا



أَتسأَلُني عنِ الشّهداءِ ياولدي ؟
براءةُ قمحِنا في وجهِكَ ارْتسمتْ
أَتبْحثُ عنْ نهاياتٍ لهذا الملحِ في البلدِ ؟
أمِ الموتَى رموزٌ في فؤادٍ يرسمُ اللّعِبا ؟
أَتدْري منْ همُ الشّهدا ؟
شُموعُ حطَّ مَرساها بعيداً عن دَنايانا
على نجمٍ وقد رحلوا إلى اللهِ
فراشاتٌ منَ الأشواكِ تقطفُ آخرَ الْحُبِّ
أَيا ولدي
سؤالٌ ذاكَ أم تُرْسٌ إلى الشّكوَى ؟
لأَنْتَ هُنا على مرْأَى من الثّكلَى
فأنتَ تَرى
عن الألعابِ لم تُفْطمْ
فِراخُ العُشِّ في هُدْبيكَ لم تُرسمْ
ولم أَرقبْ لكَ الزّغَبا
فَدعْ ما قلتَ وانْظرْ منْ جبالٍ تسترُ الشّمسَا
واغْرفْ من مَنابِعِها
أَلا والْثِمْ ثُغورَ الأرضِ وامْخُرْ في مناكبِها
فغُصْنُ البانِ لا يحمي لها سَرَبا
أإنْ جنحَتْ بكَ الأهْواءُ
هل يرجِعنَ ما ذهَبا ؟
فإنْ بركَتْ لكَ الأيّامُ خُذْ سَيفاً ولا تحنثْ
أَتسألُني عنِ الشهداءِ ياولدي ؟
بَلِ اسْألْ عنْ مخابِزِنا التي سَكتتْ
أيَكْفيكَ الفُتاتُ وكِسرةٌ تََرِبَتْ ؟
فلا تسألْ عنِ الخُطبِ التي صالتْ
وَسَلْ عنْ بسمةٍ للحتفِ قد سِيقتْ
فلا تعجلْ على اللهِ
وإنْ عَصَرُوا لكَ السّحُبَا
وإنْ كَحَلُوا لكَ العينينِ والأَمَلا
أيا ولدي
أتَترُكُنا وهذي الأمُّ في أكفانِهم تشْقَى
نسيمُ الريحِ منْ مِشكاتِنا سُلِبَا
فعِشْ يوماً ولا تُذْعنْ
فإنْ تخشَ المنافِيَ أوْ تُحابِيهم
يَجُوبُوا في فؤادِكَ كيْ تُفادِيهم
أيا ولدي
أُوارِي عنهُمُ الوَهَنا
فلا تتركْ لهم رَسَنا
فإن ساقُوا الدّوالِيَ نَندُبِ الوَطَنا
وتسألُني عنِ الضَّوءِ الذي حُجِبَا
فما عندي جَوابٌ يُشعِلُ السَّكَنا
وتسألُني عن الفَرَحِ الذي سُرِقا
فتلكَ مُصيبةٌ لم تَجْرِ في مرعَى خَواطِرنِا
وننعَى أنَّ ربَّ البيتِ قد كَتَبا
فهذا قَولُنا الآتي
وهذا سَمْتُ منْ سَبَقا
وتسألُني عن العمِّ الذي هَرَبا
فلمْ يألفْ دُموعاً مُرّةً تجري على الخَدِّ
ولم يعلمْ بِلونِ الطّعنِ في القَدِّ
وتسألُني عنِ القُربَى
وكيفَ أَتَوْا وقدْ لَوَّوْا لَنا العُنُقَا
ولم نكتُمْ لهم طلَبا
فهلْ نحنُ العِدَى أمْ أعيُنُ الأحبابِ قدْ رمدَتْ
فهلْ تأْسَى على عَيشٍ أتَى الرَّمَقا
فما ضَرَّ الكليمَ إذا تخَلّى عن مذارِفِهِ
فلا تنظُرْ إلى القيدِ الذي جُلِبَا
وتلكَ هيَ المفازاتُ التي تَنْأَى بِصاحِبِها
ولن تُطْوَى دفاتِرُنا ولو عَجلُوا
فإنَّ العُمرَ قد كُتِبا
فلا تَجْزعْ
فقدْ نَبَتَتْ مواجِعُنا
وشمسُ اللهِ طَلَّتْ من خَباياها
ولا تُرْدَفْ على نارِ القَرابِينِ
فَخَيلُ الصّبحِ ماضِيَةٌ
وكُنْ رمحاً على نجمٍ من القَدَرِ
وإنْ حَاكُوا لكَ الشُّهُبَا