حين نرفع شعار الموت أو الانتصار ننتصر
فلننظر سويا لهذا التسلسل منذ نكبة سنة 1948 .. فرض الاستعمار شوكته في قلب العالم العربي بعد معركة كادت الجيوش العربية أن تنتصر في بدايتها سنة 1948 , ولم تكن تلك المعركة هزيمة عسكرية بقدر ما كانت علامة على الفساد المستشري في قمة الحكم العربي آنذاك , ذلك الفساد الذي سمح للاستعمار باستغلاله لإقامة الكيان الصهيوني المزعوم في مؤامرة دولية نجح فيها في السنة نفسها .
المثقفون العرب انتبهوا للفساد , وشعروا انه السبب في هزيمتهم , فنظموا صفوفهم وبدأت الطلائع تنتصر على حكامها الفاسدين منذ ثورة 23 يوليو سنة 1952 , التي شعرت بان القضاء على الفساد لن يكون كافيا ان لم يتبعه طرد المستعمرين من المنطقة العربية كلها حتى يكون الاستقرار فعالا , فكانت معارك الثورة المصرية للجلاء ومن ثم لتأميم قناة السويس , وتسليح الجيش وبناء السد العالي وما اتبعه من التقاء في المصالح بين الآمال العربية في مصر , والأهداف الروسية في كسر الستار عليها .
ونضال الأربع سنين أنجب إرادة قوية وتلك الإرادة القوية هي التي أوقفت العدوان الثلاثي سنة 1956 عند حده المعروف , وبالرغم ان الجانب العربي كان هو الأضعف عددا وعده إلا انه هو الذي انتصر فحقق المقاتل الفلسطيني سطورا خالدة فيه التضحية والفداء رغم المجازر الصهيونية في خان يونس وغزة , وحقق الفدائي المصري في بورسعيد والقناة سطورا مماثلة في التضحية والفداء رغم الأساطيل البحرية وغنى العالم العربي أغاني النصر الذي تحقق بالإرادة العربية , وبالقلب العربي , بوحدة الصف ..
وأصبح الإنسان العربي أغنية تتردد في دول العالم الثالث , وكان عبد الناصر مطمح كل المناضلين في الشرق والغرب , بما أظهره من إرادة عربية بوقوفه في وجه المستعمر , وبدأت الطلائع العربية تتحرك نحو الوحدة ونحو التغيير إلى الأحسن , لقد أنجبت النكبة سنة 1948 , انتصارات مذهلة حققتها إرادة صادقة وظلت هذه الإرادة مشتعلة حتى سنة 1962 , عندما انشق الصف العربي وانشغل ببعضه البعض وبدأت الأفكار المغرورة تدخل إلى العقل العربي , ومعها الأفكار المخذولة ترافقها , وعندما يحل الغرور والتخاذل , تضيع الإرادة وعندما تضيع الإرادة يضيع الإيمان بالوحدة والتضامن .. وكانت هذه هي الحال التي وصلنا إليها سنة 1967 ضاعت الإرادة وضاع التضامن وأصبح كل منا يفكر بوحي من كبريائه وغروره , وبالغرور وقفنا ثلاثة جيوش أمام جيش واحد , فكانت النكسة 1967 .
عجبي وألف عجبي .. في سنة 1956 , وقف المقاتلون والفدائيون الفلسطينيون والمصريون ومعهم الإرادة .. الإرادة العربية .. إرادة الموت أو الحياة لتحقيق الهدف العربي وطرد الاستعمار .. وحقق المقاتلون والفدائيون بإرادتهم العربية انتصارا صفق له العالم اجمع من أقصاه إلى أدناه .. وفى سنة 1967 تقف جيوش ثلاثة جرارة بالالف الدبابات ومئات الطائرات وعشرات السفن الحربية , فتنهزم , عجبي ..
ومليون عجبي .. فماذا حدث .. ماذا أصاب أولئك الذين انتصروا سنة 1956 على جيوش ثلاثة من اقوي جيوش العالم , لينهزموا أمام جيوش من المرتزقة , وهم الجيوش الثلاثة ..
لنفهم لماذا ؟ الجواب بسيط : في سنة 1956 كانت هناك عوامل الإرادة والإيمان , والإيمان بالله والإيمان بالعزوبة .
وفي سنة 1979 توفر لدينا الإيمان بالذاتية , ففتحت الأنانية أبوابها , فلم تنجب سوى النكسة , واستيقظ كل العرب على النكسة فهبوا مرة
أخرى .. وكما حدث بعد سنة 1948 , فقد كان المثقفون العرب في فلسطين قد نظموا أنفسهم لمعارك الفداء وانطلقوا بإرادة قوية على مقاومة الاحتلال , فكانت الانتصارات تلو الانتصارات ..
بالإرادة وعزيمة الرجال , وبطولة الفداء وكان انتصاره الكرامة , ثم كان الانتصار بديمومة العاصفة داخل الأرض المحتلة , لقد كانت مدن وقرى فلسطينية مثل غزة وخانيونس والنصيرات ودير البلح , ونابلس , شبه محررة رغم الاحتلال الصهيوني لها بعد سنة 1967 .. وعادت الإرادة إلى القلب العربي , فاستعاد الإنسان العربي قوته ورباطة جأشه, ونظم صفوفه , ليقف في معركة ثالثة أو رابعة , لا يهم الرقم , فمسلسل المعارك يجب أن يستمر , حتى النصر , فالذي تم في اكتوبر سنة 1973 , يجب أن يتم في كل وقت وآن , ونحن نرى تاريخ المعارك رغم النكسات , كنا نعد أنفسنا وننظم صفوفنا بالإرادة ونحقق النصر بعد كل نكسة تصيبنا , نرد عليها بنصر استراتيجي ونقول أيضا إن الذي جعلنا ننتصر رغم نكسة 1967 التي ألغت كل الجيوش العربية بلا استثناء , فانه قادر على أن يجعلنا ننتصر الآن
فقط نحن في حاجة للإرادة عن طريق الإيمان , الإيمان بالله , الإيمان بالعروبة , الإيمان بوحدة الدم والهدف والمصير , والإيمان بصمود الفلسطينيين .
------------------------
الاستاذ الكريم
الغالي ابوفراس القدير
احترامي وكل التقدير لمرورك في صفحة من اوراقي القديمه وهذه المره كانت عودة الى العدوان الثلاثي عام 1956م
دمت سالما
دمت غانما منعما مكرما