صحة الفم والاسنان ( الجزء الثاني)
إن الفم الذي يعتبر بوابة الإتصال بين داخل جسم الإنسان وبين العالم الخارجي، والمحطة الأولى والطبيعية لدخول أي مادة غذائية ...هو بالتالي بيئة جيدة لتراكم الجراثيم والكائنات الحية الدقيقة الممرضة، أن الكثير من هذه الكائنات الحية تعيش داخل افم وأفضل مكان لها بين الأسنان, لكنها لا تحدث الأمراض إلا إذا حدث خلل في مناعة جسم الإنسان, فتنشط وتصبح ممرضة مؤذية, تفسخ الطعام وتخمره فتنطلق الروائح الكريهة, وتحدث الإلتهابات في اللثة وفي الغدد الموجودة في الفم, وتؤدي في النهاية إلى تلف الأسنان,وقد تؤدى إلى سقوطها أو تشوهها فيترافق المرض في أجزاء الفم, مع سوء المظهر.
وكان من الطبيعي أن يسعى الإنسان لتنظيف فمه وأسنانه, فأنتشرت عادات غريبة لتنظيف الفم والأسنان, منها المضمضة بالبول عند الرومان وكانوا يفضلون البول الإسباني،وان تعذر فيكتفون ببول الثيران, أو مضغ قلب الثعبان أو الفار مرة شهريا من أجل نقاء الأسنان ونظافتها.
ويأتي الإسلام ويبين أهمية الفم لأنه محل دخول الطعام وبوابة لداخل الجسم وهو مظهر للكلمة الطيبة التي يدعو إليها الإسلام.
ومن الطبيعي أن الكلام المؤثر, ذاك الذي يترافق مع الرائحة الطيبة، فالكلام الطيب إن خرج من فم طيب مع رائحة طيبة إستقبلها طيب الفكر إستقبالاً طيباً وظهر مفعولها الطيب وأي خلل في ذلك يحدث خللا في المعادلة.
لقد حث الإسلام على نظافة الفم بكل محتوياته .
منها نظافة اللسان..( الكلمة الطيبة صدقة) ..( تبسمك في وجه أخيك صدقة)...
ونظافة الأدوات المستخدمة والتي تصل للفم, فنجد ان الاسلام دعى إلى تنظيف السبيلين باليد اليسرى وترك اليمنى للطعام ، ونهى الإسلام عن النفخ في الشراب ، وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس غطى وجهه بيدية أو بثوبه.
أما الأسنان هذا الجزء الهام والضروري للجسم لابد ان يكون له أمر خاص وعناية مميزة,ولعل إعجاز الخلق في أن تبدأ الأسنان اللبنية بالظهور , لتواجه التغيرات الأولية والنمو المتزايد في فم الطفل, ثم يبدأ ظهور الأسنان الدائمة, ذات اللون الجميل والمنظر المميز الذي يعطي للوجه حيويته ونشاطه وشبابه .
إن في ترتيب الأسنان الذي نعرفه آية إعجازية من قواطع إلى أنياب إلى أضراس ولكل وظيفة تتناسب مع موقعها في الفم .. حتى إن بعض العلماء حاول عند صنع الأسنان الصناعية أن يخرجوا بنظام توزيع أسنان جديد, ولكنهم مع كل محاولاتهم وتبديلهم وجدوا أنفسهم أمام آية في جمال وكمال الخلق, حيث لا يصلح إلا ذلك الترتيب الذي خلقه الله تعالى .. فسبحان الله أحسن الخالقين.
هذا الطاقم الؤلؤي الجميل,الذى قلده البشر فصنعوا للباحثات عن الجمال عقودا لؤ لؤيةتلتف حول الاعناق,وليس ببعيد عن العقد الرباني,هذا العقد يحتاج لعناية ومراقبة للحفاظ عليه, من اجل أداء وظيفته الجمالية الكلامية الغذائية ...
قال رسولالله صلى الله عليه وسلم (إن فضل الطعام الذي يبقى في الأسنان يوهن الأضراس) كذلك نجده صلى الله عليه وسلم يأمر بالتخلل بعد الطعام بين الأسنان لتكون بداية إستعمال الخيط الطبي الحديث ، يقول صلى الله عليه وسلم ( تخللوا على أثر الطعام وتمضمضوا فإنه مصحة للناب والنواجذ).
أما التعامل اليومي مع الأسنان وتنظيفها فنجد المضمضة الثلاثية في الوضوء لكل صلاة هو الغسول الأولي للفم .. ثم يأتي السواك ليتربع على عرش نظافة الأسنان قبل أن يعرف الأسنان الفرشاة والمعجون بقرون وقرون.
فمـــا هــــو الســــواك والمســـواك ؟؟؟
أن الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم كان أول من أوصى بالسواك قال عليه الصلاة والسلام ( لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )
عرف الإستياك لغة بأنه إستخدام أي شيء خشن لإزالة بقايا الطعام ولإزالة الصفرة عن الأسنان والتخلص من الرائحة الكريهة المتوالدة من بقايا الطعام بين الأسنان, فمن الممكن الإستياك بقطعة ثوب خشن أو بأغصان النخل أو الزيتون ، وعليه فإن إستعمال الفرشاة والمعجون حالياً يعتبر نوعاً من أنواع الإستياك.
أما لفظ المسواك أو السواك فقد جرى ليطلق على الفرشاة النباتية الطبيعية من شجر الأراك.. والسواك حسب السنة الشريفة مستحب في كل الأوقات , عند كل وضوء, وعند كل صلاة, وعند دخول المنزل, وقبل الطعام, وبعد الطعام, وعند النوم, وعندما يقوم المرء من نومه, وعند قراءة القرآن .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن).
يقول د. يحيى حسيب في مقاله له :
" إن ما تعلمناه سابقاً من ضرورة غسل الأسنان بالفرشاة مرتين أو ثلاثة في اليوم,أمر غير صحيح نسبياً, لأنه لا بد من غسل الأسنان بعد تناول أي طعام حتى ,ولو كان قليل وفي خلال سبع دقائق فقط ,حتى لا تصاب الأسنان بالتلوث, وبالطبع فإنه يصعب على أي إنسان فعل ذلك ولكن مع السواك فالأمر سهل ويسير".
إستخدم البابليون السواك بصورة تنظيفاولى قبل (7000) سنة ثم إستخدمها الإغريقيون والرومانيون واليهود والمصريون. وفي غرب إفريقيا يستخدمون أعواد شجرة الليمون والبرتقال, وفي أمريكا إستخدموا جذور شجرة السنا, وعند المسلمون تطور الامر ليصبح سنة يدعوا اليها الرسول عليه السلام,و إستخدم الآراك كشجرة يستخلصون من جذورها المسواك وهي التي تعرف حالياً بهذا الإسم.
__________________
الدكتور صلاح الدين محمد ابوالرب
طبيب-كاتب وباحث
عضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
http://drsalah.maktoobblog.com/