منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    السينما الصامته

    فلاش باك
    مع السينما الصامتة

    كل الاختراعات الحديثة في عالم الفنون , لها تاريخ , وهي متصلة ببعضها البعض – فميلاد الاسطورة او الحكاية – احيا لدى الناس الناس القدرة على التخيل , وبالتالي صنع لديهم حاسة تمثل هذه الاساطير وتلك الحكايات , فكان المسرح , ابو الفنون التمثيلية , هو البداية في التفكير بصناعة سينمائية اعتمدت على تسجيل هذه المواقف التمثيلية , ليسهل على اكبر عدد من الناس مشاهدتها والاستمتاع بالمواقف الطريفة التى يمثها عدد من الممثلين ..
    وهكذا بدات السينما الصامتة فى اوائل القرن العشرين , لتصوير بعض المواقف المثيرة او الكوميدية الضاحكة , التى تعبر عن نفسها بنفسها حيث يسهل على المشاهد لهذه المواقف ان يفهمها دون الحاجة الى صوت ينقل الحوار , وغالبا ما كانت مثل هذه المواقف التمثيلية الصامتة لا تعتمد على أي حوار , فان مطاردة نشال من شارع الى شارع ومن بيت الى بيت لا يحتاج الى حوار بقدر حاجته الى الموسيقى التصويرية ومغلزلة امرأة بغباء وجهل يؤدي الى عراك ومشادات بالأيدي وملاحقات هنا وهناك , لايحتاج الى حوار , فهو يعبر عن نفسة بالحركة , ويكون اكثر صدقا من استخدام الكلمات .
    - وهذا يجعلنا نفهم مدى الأهمية التى يمكن للسيناريو ان ينطلق من خلالها بالنجاح لأي فيلم ..!
    فحين نشاهد امرأة يقتادها رجل ليقيدها على خط السكة الحديدية بشكل تمثيلي , تعيش معه صدقا اكثر بكثير , من أي اداء انفعالي نسمع منه صوت المرأة وهي تستغيث وهي تبكي وتتوسل .. ويذكرنا هذا الفيلم
    "باب الحديد " ليوسف شاهين , الذي استمد لقطة وضع المرأة على خط السكة الحديدية من سيناريو احد الافلام الهوليوودية الصامتة , وكان ان يفوز بجائزة عالمية عن هذه اللقطة .. وروعة اخراج الفيلم الصامت , تتمثل في القدرة على خلق مواقف متتابعة ومثيرة , تشد انتباه المشاهد , وتجعله متشوقا الى اللقطة التالية , بما تحملة من اثارة , في حل معضلة مؤقتة يواجهها بطل الفيلم الصامت , فنشاهد في احد الافلام الصامتة اعتماد المخرج على " كلب " لانقاذ فتاة مقيدة على خط السكة الحديدية , ويشدنا المخرج الى المحاولات التى يبذلها الكلب حتى ينقذ الفتاة .
    - ان الفيلم الصامت , مثل قصة قصيرة محكمة في بنائها الفني , يستطيع ان يضع امامك عالما متكاملا دون الحاجة الى المد والتطويل بالكلام الكثير , بل ان الفيلم الناجح اساسا الآن , هو الذي يعتمد على اللقطة المعبرة والقليل من الحوار .
    وفى مهرجان برلين السينمائي الذي افتتح اعماله في الخمس عشر من فبراير الحالى وينتهى هذه الليلة السادس والعشرين من فبراير عادوا للافلام الصامتة العظيمة , ضمن ايامه العالمية حيث قدمت دراسة مرئية عن صناعة السينما من خلال افضل الافلام التى صنعت تاريخ السينما العالمية ومجدها , واغلبها صامتة لكنها تنطق بالتعبير السينمائي افضل بكثير من افلام ناطقة ملونة .
    ومن بين هذه الافلام الصامتة , عرض المهرجان فيلم عيادة الدكتور كاليجاري لروبرت واين الذي انتج 1919 , يتحدث عن قصة معقدة داخل مستشفى للأمراض العقلية – وصاحبت الفيلم اثناء عرضه موسيقى تعزفها فرقة الاوركسترا السيمفونية الالمانية ضمن مجموعة اخرى مختلفة من الافلام القديمة اهمها الفليم الموسيقي – كوين كيلي – اخراج اريك فون ستروهيم وبطولة جلوديا سواتسون , والفيلم يعيد الى الاذان امجاد موسيقي الجاز القديمة التى تعتبر البطل الحقيقى للفيلم .
    واضا قدم المهرجان – من سينما الماضي فيلم " الرجل الخفي " اخراج الفريد هيتشكوك مخرج الروائع البوليسية العالمية الشهير .
    وهكذا وقف مهرجان برلين السينمائي في دورته الخامسة والثلاثين , موقف المتأمل والفاحص لسينما الماضي , ولم يكتف بذكرها في عبارات متأثرة هنا وهناك , بل انه يفرضها على الحضور الذين بلغ عددهم اكثر من ألفى شخص يعملون في مختلف النشاطات السينمائية بخلاف الجمهور العادي الذي قدر بمائتى ألف شخص هؤلاء كلهم أسعدهم بالتأكيد تلك العودة مع الافلام القديمة الصامتة , او الافلام القديمة باللون الأبيض والاسود , التى قال عنها اورسون ويلز مخرج الافلام العظيمة " المواطن كين , والرجل الثالث وماكيت " قال عنها :
    انها سينما بلونها الخيال افضل من الألوان الطبيعية .

  2. #2
    تابع السينما الصامته
    ----------------------
    ان هذه العودة التاريخية لافلام الماضي , تأصيل لحركة السينما العالمية , وتأكيد على اهمية الفيلم الصامت , الذي بني عليه امجاد السينما العالمية والتى يمكن لكل مهتم بالسينما ان يستفيد منها اضعاف المرات , اذا ما اتيحت له فرصة مشاهدتها ونوادى السينما , قادرة على اتاحة هذه الفرصة , لفهم اعمق وأشمل للتعبير السينمائي الراقي , الذي يمكن متابعته من خلال الفيلم الصامت بخيال أوسع .
    وعودة الى هذه الامجاد السينمائية القديمة قد يتيح لكل المهتمين بدور السينما في حياتنا الثقافية والاجتماعية , فهما أعمق للعملية السينمائية من الناحية التقنية .
    وقد حاول البعض انتاج الفيلم الصامت , بعد ان نطقت السينما ..
    ففى تاريخ السينما العالمية عرض فيلم صامت سنة 1952 اسمه
    " اللص " لم ينتشر , وفي عام 1974 اخرج ميل بروكس فيلما صامتا اخر , ولكن النتائج لم تكن مشجعة فقد انتهى العهد الذي يمكن للناس فيه ان يذهبوا لمشاهدة فيلم سينمائي صامت , بعد كل هذه التقنيات الحديثة في صناعة الفيلم السينمائي منذ 1902 . بداية عهد العالم بصناعة السينما وحتى الآن .
    وطوال هذه الحقبة من التاريخ الحافل اعترضت التقنية السينمائية صعوبات مهمة في كيفية التعامل مع شريط الصوت . وكيف يمكن التوفيق بين الصوت والصورة ؟ سؤال يوجهه كل مخرج متمكن وموهوب لنفسة في كل مشهد يريد تنفيذه , فالمشكلة ليست حذف مقاطع من الحوار بل في كيفية خلق تآلف طبيعي بين الصوت والصورة ينقل للمتفرج التعبير والمضمون دون اسفاف او استسهال .
    وضمن هذه التقنية تقع الاخطاء في الفيلم .
    خاصة اذا ما كان الحوار في المشهد مملا ومكررا بطريقة سخيفة , كما ترى في الفيلم العربي مثلا حين نجد امامنا بطلة الفيلم بجانب التليفون الذي يرن , فترفع سماعتها , وتركز الكاميرا عليها وهي تقول : مين ممدوح ؟ انت تأخرت ليه ..؟ مش حتيجى ..؟ ليه ؟ السيارة اتعطلت ..؟ مالها ..؟ الموتور ..؟ ... الخ .
    وكان كافيا ان نفهم من السرد السابق في الفيلم ان ممدوحا لن يحضر وقد اعتذر بالتليفون بشكل مبسط تعتمد على الصورة , ويقلل من هذا الحوار الذي يمكن متابعته في عشرات الافلام العربية ..!!
    ان السينما الصامتة التى عاشت لربع قرن من الزمان( 1902– 1927)
    وكانت قادرة بالايحاء والتعبير على جذب المشاهد لها , بل انها تعد من التحف الفنية بالنسبة للمشاهدين في هذا الزمان وقد مضى اكثر من سبعة وخمسين عاما على بداية الفيلم الناطق الآن بحيث اصبحت السينما صناعة مؤثرة في حياة كل منا , ثقافيا واجتماعيا وسياسيا .. الخ .
    كما قدر للسينما ان تكون الحياة التى تحلم بها احيانا , والتى نخافها احيانا اخرى , والتى نعيشها احيانا ثالثة ..!!
    والعودة الى القديم نفيد في مجال الفهم الكامل للعملية السينمائية بالذات مع المتابعة الحية والدقيقة لمشاهدة أي فيلم صامت .
    فالسينما الصامتة التى عاشت مطلقة حتى 1927 حين ظهر أول فيلم ناطق في هوليود هي أساس العمل السينمائي الناجح والكثير من عيوبنا في اخراج الفيلم العربي , يعود الى ان اغلب مخرجينا الأوائل انتقلوا الى الفيلم الناطق الملئ بالاحاديث والحوارات , ولم يعتمدوا اللقطة السينمائية المعبرة في افلامها .. ولكنهم لو حاولوا , التعبير عن افكارهم من خلال الفيلم الصامت بداية , ربما تحقق التجويد العالمي في الفيلم العربي ..!!
    لان المخرج هو السيد الموقف في الفيلم الصامت ..!! بل هو كل شئ مع السيناريو الذي يتكلم عوضا عن أي حوار .. ويعتبر المخرج الامريكي " سيسيل دي ميل " عرابا كبيرا في السينما الهوليوودية الصامتة ..
    وشارلى شابلن عرابا آخر في ميدان الفيلم الصامت بأدائة التمثيلي الرائع الذي اضحك ملايين الناس دوم ان ينطق بحرف واحد ..وهناك في السينما العربية فيلم " دائرة الشك " من بطولة نور الشريف وليلى فوزي , عشنا دورا صامتا ورائعا وعظيما للممثلة القديرة "ليلى فوزي" لقد عبرت عن موقفها بالحركة والتصرف دون ان تنطق حرفا واحدا طوال مدة الفيلم , فكانت سابقة مشرفة وناجحه لليلى فوزي وللسينما العربية , اعتمادا على افكار السينما الصامتة , وهذا يؤكد مدى النجاح الذي يمكن ان يتحقق باعتماد اللقطة المعبرة , والتخفيف من حدة الحوار السينمائي .
    ولو دققنا في فيلم " خرج ولم يعد " للمخرج محمد خان , نجد أقوى المشاهد تلك التى اعتمدت على اللقطة المعبرة , واستغنت عن الحوار , بكيفية فنية معبرة , حتى في شكل البطلة للفيلم , وفي المباني المتداعية , وفي الأرشيف المهترئ , والماعز على السلالم , وفي البساطة الأخضر من أرض القرية , فالسينما الصامتة قالت عن النجاح السينمائي جملة واحدة وهي : تكلم قليلا , وعبر كثيرا ..!!
    وكلما حاول الفيلم ان يعبر قليلا , ويتكلم كثيرا , كلما أخذ المشاهد معه الى بحر من التكرارية والملل , وقديما قالوا : اذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب ..
    وهذا لا يعنى العودة الى السينما الصامتة , بقدر ما يعني العودة الى التعبير السينمائي , بالاستغناء قدر الامكان عن التعبير الحواري ..

المواضيع المتشابهه

  1. حكم الإسلام فى السينما
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-29-2013, 05:00 PM
  2. فن السينما غراف
    بواسطة محمد زعل السلوم في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-29-2011, 01:38 PM
  3. السينما والحرب
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 11-01-2009, 02:00 AM
  4. السينما وفلسطين
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-31-2009, 09:14 PM
  5. السينما والتاريخ
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-11-2009, 03:01 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •